شرح اختصار علوم الحديث (17)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- ولشيخنا والسامعين:
النوع الحادي والأربعون: في معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر:
النوع الحادي والأربعون: في معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر، قد يروي الكبير القدر أو السن أو هما عمن دونه في كل منهما أو فيهما.
ومن أجلِّ ما يذكر في هذا الباب ما ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته عن تميم الداري -رضي الله عنهما- مما أخبره به عن رؤية الدجال في تلك الجزيرة التي في البحر، والحديث في الصحيح.
وكذلك في صحيح البخاري رواية معاوية بن أبي سفيان عن مالك بن يخامر عن معاذ، وهم بالشام في حديث: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى...)) الحديث.
قال ابن الصلاح: وقد روى العبادلة عن كعب الأحبار، قلت: وقد حكى عنه عمر وعلي وأبو هريرة وجماعة من الصحابة، وقد روى الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك وهما من شيوخه، وكذا روى عن عمرو بن شعيب جماعة من التابعين قيل: إنهم نيف وعشرون، ويقال: بعض وسبعون، فالله أعلم، ولو سردنا جميع ما وقع من ذلك لطال الفصل جداً.
قال ابن الصلاح: وفي التنبيه على ذلك من الفائدة معرفة قدر الراوي على المرويِّ عنه، قال: وقد صح عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في النوع الحادي والأربعين: "معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر" لماذا لم يسبق هذا النوع بنوع رواية الأصاغر عن الأكابر؟ هي الجادة.
قد يروي الكبير سواءً في قدره أو في سنه عمن هو دونه سناً وقدراً، من أجلِّ.. -يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "من أجل ما يذكر في هذا الباب ما ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" النبي -عليه الصلاة والسلام- أشرف الخلق يروي عن تميم الداري قصة الجساسة، وهو مخرج في صحيح مسلم، وهي صحيحة، وإن قال بعضهم حكم عليها بعضهم بالشذوذ أو النكارة، لكن لا وجه للحكم؛ لأنه مخرج في الصحيح.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يروي عن تميم وهو أجل قدراً منه بلا إشكال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أكبر قدراً من تميم، كما أنه أكبر سناً، فهذا من أشرف ما يذكر، وأجلّ ما يذكر في هذا الباب، ولا شك أن مثل هذا مزيد فضل لتميم الداري الذي روى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا من فائدة هذا الباب الذي هو على خلاف الأصل، الأصل أن يروي الصغير عن الكبير، فإذا روى الكبير عن الصغير دلَّ على أن لهذا الصغير مزية بحيث يتحمل عنه العلم وهو صغير من قبل من هو أكبر منه.
ومن الأمثلة الظاهرة أيضاً، وهي موجودة رواية الصحابي عن التابعي، والصحابي أجلُّ قدراً، رواية التابعي الكبير عن التابعي الذي دونه في السن وهذا كثير، فصالح بن كيسان روايته عن ابن شهاب كثيرة جداً، وهو أكبر منه بكثير، لكنه العلم ليست فيه محاباة، من حمله بحقه وعمل به ساد غيره، وساد قومه وغيرهم، فينبغي أن يحمل عن أهل العلم العاملين به، وإن كانوا صغاراً في السن، وقد مثل بين يدي الإمام مالك ولما يتجاوز العشرين من عمره أئمة كبار.
يقول: "وكذلك في صحيح البخاري رواية معاوية بن أبي سفيان -وهو صحابي كما هو معروف- عن مالك بن يُخامر -وهو تابعي- عن معاذ" صحابي عن تابعي عن صحابي "وهم بالشام، في حديث: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق))"، "وقد روى العبادلة عن كعب الأحبار" وتقدم ذكرهم: ابن الزبير، ابن عمر، ابن عمرو، ابن عباس، العبادلة الأربعة: ابن الزبير، ابن عمر، عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عباس، وليس ابن مسعود منهم، وإن وهم بعضهم كصاحب الصحاح فجعله منهم، فله أوهام مثل هذا كثيرة.
"وقد حكى عنه -يعني عن كعب الأحبار- عمر" على جلالة قدره، ولتقدم سنه، وكعب تابعي حكماً، كما حكى عنه علي وأبو هريرة وجمع من الصحابة يحكون عنه، ما في كتب أهل الكتاب؛ لأنه من أحبار بني إسرائيل فلما أسلم حمل عنه الناس ما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالحديث به، وقال: ((حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)) والأخبار التي تتلقى عن أهل الكتاب إن جاء في شرعنا ما يؤيدها فهي تروى كما تروى أخبار العالم، وعِبَر الأمم الماضية، ولا يعتمد عليها؛ لأن في شرعنا ما يغني عنها، لكن في أخبارهم الأعاجيب كما جاء في رواية البزار، أما إذا جاء في شرعنا ما يخالف وينقض هذه الأخبار، وإن كانت في شرعهم فإنها لا يعتمد عليها ولا يعول عليها، ولا تتداول إلا ببيان أنها منقوضة في شرعنا، والنوع الثالث وهو الذي لا مؤيد له ولا معارض من شرعنا هذا الذي تجوز روايته ((حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)).
"وقد روى الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك وهما من شيوخه" عرفنا أن صالح بن كيسان روى عن الزهري وهو من طبقة شيوخه، وأكبر منه سناً، وإن تأخر في طلب العلم فطبقته من..، معدود من حيث الطبقة من تلاميذ الزهري، ومن حيث السن من شيوخه؛ لأن صالح بن كيسان طلب العلم وهو كبير، رجح بعضهم أن عمره تسعين سنة حينما بدأ طلب العلم، وأقل ما قيل: خمسين، وحمل عن الزهري العلم الجمّ وروى عن غيره حتى عُد من كبار الآخذين عن الزهري، وعلى هذا لا ييأس الإنسان يقول: أنا كبرت وتقدمت بي السن، وضعفت القوى لا، المقصود أن تموت وأنت طالب علم، يختم لك بخير، وأن تقصد مجالس الذكر ومجالس العلم، تدخل في حديث أبي الدرداء: ((من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).
يقول: "وكذا روى عن عمرو بن شعيب جماعة من الصحابة والتابعين" قيل: نيف وعشرون، جماعة إيش؟
طالب:.......
وكذا روى؟
طالب: كذا روى عن عمرو بن شعيب جماعة من التابعين.
إيه الصحابة ما هو بمعقول، ليس بمعقول، كذه عندكم؟
طالب:.......
لا غلط، غلط، غلط، لا يمكن أن يروي عنه أحد من الصحابة، نعم من التابعين نعم "قيل: نيف وعشرون، ويقال: بضع وسبعون، فالله أعلم، ولو سردنا جميع ما وقع من ذلك لطال الفصل جداً" لماذا يطول الفصل في سرد رواية الأكابر عن الأصاغر؟ لأن الهدف عند المتقدمين تحصيل العلم، ولا يلقون بالاً لمن يأخذوا عنه إذا كان أهلاً لأن يؤخذ عنه العلم، ويتحمل عنه العلم سواءً كبر في سنه أو صغر، ما يأنفون أن يرووا عن الصغير، الأنفة من الرواية عن الصغير هذه علامة كبر نسأل الله العافية، الصغير إذا كان عنده علم يؤخذ عنه ولو كان صغيراً، لا ينبل الرجل حتى يأخذ العلم عمن هو مثله أو فوقه أو دونه، لا يمنع لا يقول: هذا صغير، سن أولادي أو طلابي، لا، كفؤ وأهل لأن يؤخذ عنه العلم ويتحمل عنه العلم، وعنده ما ليس عند غيره، هذا يتحمل عنه العلم مهما كان سنه.
"قال ابن الصلاح: وفي التنبيه على ذلك من الفائدة معرفة قدر الراوي من المروي عنه" لا شك بهذا تبين أقدار الرجال سواءً كان الراوي والمروي عنه، المروي عنه في تقدمه في العلم، وأنه أهل لأن يأخذ عنه من هو أكبر منه، والراوي الذي روى عنه في حرصه على تحصيل العلم وتواضعه في أخذ العلم عن أهله ولو كانوا صغاراً.
قال: "وقد صح عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم" في مقدمة الصحيح، صحيح مسلم، معلق عن عائشة: "أمرنا أن ننزل الناس منازلهم" في السنن عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث عائشة: ((أنزلوا الناس منازلهم)).
طالب:.......
الحديث صحيح، نعم.
طالب:.......
إيه يدخل، يدخل، إيه أكابر كبير القدر جمعه أكابر يدخل في رواية الأكابر عن الأصاغر.
طالب:.......
إيه، لا تدخل.... لماذا؟ ويش نعرب القدر؟ الكبير: فاعل، والقدر: مضاف إليه، ويش استفاد من الإضافة وهو معرفة؟
طالب:.......
{وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} [(35) سورة الحـج] بـ(أل) التعريف.
ووصل (أل) بذا المضاف مغتفر |
|
إن وصلت بالثاني كالجعد الشعر |
يصح وإلا ما يصح؟ إيه نعم اقرأ.
طالب:.......
هو معلق في صحيح مسلم.
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
إيه، لكن ما هو بطريقه واحد؛ لأن لفظ: "أمرنا" غير: ((أنزلوا الناس منازلهم)) هذا بطريق وهذا بطريق.
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
إيه هذا معلق بالانقطاع، وتلك معلقة لكنها موصولة عند غير مسلم.
طالب:.......
أنت باحثه أنت؟ إيه ابحثه، ابحثه.
طالب:.......
لا اللي أعرفه أنه يثبت بطرقه.
طالب:.......
ما يلزم، ما يلزم.
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
ما في ما يمنع أبداً، ما في ما يمنع أن يكون الدجال، نعم؟
طالب:.......
يبقى ويش اللي يمنع؟ وكونه في جزائر البحر يعني يخرجه من كونه ((ما من نفسٍ منفوسة)) على وجه الأرض يعني، نعم.
النوع الثاني والأربعون: معرفة المدبج:
النوع الثاني والأربعون: معرفة المدبج، وهو رواية الأقران سناً وسنداً، واكتفى الحاكم بالمقارنة في السند وإن تفاوتت الأسنان، فمتى روى كلٌ منهما عن الآخر سمي مدبجاً، كأبي هريرة وعائشة, والزهري وعمر بن عبد العزيز, ومالك والأوزاعي, وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني, فما لم يروِ كل عن الآخر لا يسمى مدبجاً، والله أعلم.
مدبج، أولاً: عندنا رواية الأقران، رواية الأقران يروي الشخص عن زميله هذه رواية الأقران، صحابي عن صحابي، تابعي كبير عن تابعيٍ كبير، تابعي صغير عن تابعي صغير وهكذا، هذه رواية الأقران، فإن روى الثاني عن الأول أيضاً سُمي مدبجاً، إذا روى زيد عن عمرو وهما متقاربان في السن والطبقة والإسناد والأخذ سمي رواية الأقران، فإن روى عمروٌ عن زيدٍ سُمي مدبجاً، نعم.
النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من الرواة:
النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من الرواة، وقد صنف في ذلك جماعة منهم: علي بن المديني وأبو عبد الرحمن النسائي.
فمن أمثلة الأخوين: عبد الله بن مسعود وأخوه عتبة, عمرو بن العاص وأخوه هشام، وزيد بن ثابت وأخوه يزيد.
ومن التابعين: عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة وأخوه أرقم كلاهما من أصحاب ابن مسعود، ومن أصحابه أيضاً هزيل بن شرحبيل وأخوه أرقم، ثلاثةٌ إخوة: سهل وعباد وعثمان بنو حنيف، عمرو بن شعيب وأخواه عمر وشعيب، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وأخواه أسامة وعبد الله، أربعةٌ إخوة: سهيل بن أبي صالح وإخوته: عبد الله الذي يقال له: عباد ومحمدٌ وصالح، خمسة إخوة: سفيان بن عيينة وإخوته الأربعة: إبراهيم وآدم وعمران ومحمد.
قال الحاكم: سمعتُ الحافظ أبا علي الحسين بن علي -يعني النيسابوري- يقول: كلهم حدثوا ستةٌ إخوة: وهم محمد بن سيرين وإخوته أنس ومعبد ويحيى وحفصة وكريمة كذا ذكرهم النسائي ويحيى بن معين أيضاً، ولم يذكر الحافظ أبو عليٍ النيسابوري فيهم كريمة، فعلى هذا يكونون من القسم الذي قبله، وكان معبد أكبرهم وحفصة أصغرهم، وقد روى محمد بن سيرين عن أخيه يحيى عن أخيه أنس عن مولاهم أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لبيك حقاً حقاً، تعبداً ورقاً)).
ومثال سبعة إخوة: النعمان بن مقرن وإخوته سنان وسويد وعبد الرحمن وعقيلٌ ومعقل ولم يسمَّ السابع، هاجروا وصحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقال: إنهم شهدوا الخندق كلهم، قال ابن عبد البر وغيرُ واحد: لم يشاركهم أحدٌ في هذه المكرمة.
قلتُ: وثمَّ سبعة إخوة صحابة كلهم شهدوا بدراً لكنهم لأمٍّ وهي عفراء بنت عبيد تزوجت أولاً بالحارث بن رفاعة الأنصاري فأولدها معاذاً ومعوذاً، ثم تزوجت بعد طلاقه لها بالبكير بن عبد ياليل بن ناشب فأولدها إياساً وخالداً وعاقلاً وعامراً، ثم عادت إلى الحارث فأولدها عوفاً..
هاه؟ فأولدها؟
طالب: فأولدها عوفاً.
عوفاً وإلا عوناً؟
طالب:......
هاه؟ طيب.
فأربعةٌ منهم أشقاء وهم بنو البكير وثلاثة أشقاء وهم بنو الحارث، وسبعتهم شهدوا بدراً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعاذ ومعوذ ابنا عفراء هما اللذان أثبتا أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي، ثم احتزا رأسه وهو طريح عبد الله بن مسعود الهذلي -رضي الله تعالى عنهم أجمعين-.
هذا النوع في معرفة الإخوة والأخوات من الرواة صنفت فيه المصنفات لعلي بن المديني وأبي عبد الرحمن النسائي وأيضاً؟
أبو داود له كتاب مطبوع.
من أمثلة الأخوين عبد الله بن مسعود وأخوه عتبة بن مسعود بن غافل الهذلي، عمرو بن العاص وأخوه هشام بن العاص بن وائل، زيد بن ثابت وأخوه يزيد.
من التابعين عمرو بن شرحبيل -أبو ميسرة- وأخوه أرقم، لماذا لا يعد هزيل بن شرحبيل ثالث؟ أخوهما؟ من التابعين عمرو بن شرحبيل -أو ميسرة- وأخوه أرقم كلاهما من أصحاب ابن مسعود، ومن من أصحابه أيضاً هزيل بن شرحبيل وأخوه أرقم، إيش معنى هذا الكلام؟ لماذا لم يكونوا ثلاثة: عمرو بن شرحبيل وأرقم وهزيل؟ هاه؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
المهم أنهم إخوة، لماذا؟
طالب:.......
نعم، كيف؟
طالب:.......
هو عد اثنين عمرو بن شرحبيل وأخوه أرقم.
طالب:.......
إيه أبو ميسرة وأخوه أرقم، الثالث: هزيل، الآن ما نتفق على أنهم ثلاثة؟ أرقم كرر مرتين في عمرو وفي هزيل، لماذا لم يكونوا من النوع الذي يليه: ثلاثة إخوة؟ هاه؟
طالب:.......
لا، لا، كلهم شرحبيل، كلهم عيال شرحبيل.
طالب:.......
لا يكتب ما في حاشية هنا إلا إذا عجز معنا الإخوان، لماذا لا يكونوا من النوع الذي يليه، من المثال الذي يليه، ثلاثة إخوة؟
طالب:.......
ما يلزم..... يقول: وثالث لم يسمَّ، قد يكون ثالث.
طالب:.......
ها؟ ها يا عبد الله؟ إيش عندك؟
طالب: كلام صاحب الحاشية.
إيش يقول؟
طالب: كذا وقع أم شرحبيل اثنان، وهو وهم، والصواب أن أرقم بن شرحبيل هو واحد، واختلف هل أرقم أخو عمرو أو أخوه زيد، والظاهر أنه أخو عمرو.....
كيف؟
طالب:.......
لا، يقول: أرقم أخو لأحدهما، ما هو مكرر، ما هو أخو الاثنين، نعم، هو أخ لأحدهما، هل هو أخٌ لعمرو أو أخٌ لهزيل؟ فهما اثنان على كل تقدير، إن كان أخ لعمرو فهو ليس بأخ لهزيل.
طالب:.......
هو ليس بأخٍ له، نعم، لكن إذا شككنا في أرقم هل يمكن أن نشك في عمرو بن شرحبيل وهزيل بن شرحبيل أنهما أخوان؟
طالب:.......
نشك وإلا ما نشك؟ إذا كان أخاً لأحدهما بيقين فهل نشك؟
طالب:.......
إذا قلنا: أرقم واحد، وهو أخ لأحدهما بيقين، والثاني مشكوكٌ فيه، إذاً الأول مع الثالث مشكوكٌ فيه في إخوته له، إذا شككنا في أخوة أرقم لعمرو أو لهزيل شككنا في أخوة هزيل لعمرو.
طالب:.......
ثلاثة إخوة سهل وعباد وعثمان بنو حنيف، عمرو بن شعيب وأخوه عُمر وشعيب، عبد الرحمن بن زيد وأخواه أسامة وعبد الله زيد بن أسلم، أربعةٌ إخوة، خمسةٌ إخوة، ستة أخوة، سبعة من الصحابة كلهم صحابة، أما الستة هما أبناء سيرين، سيرين هذا معروف من سبي عين التمر، صار مولىً لأنس، أنس ومعبد ويحيى وحفصة وكريمة أربعة إخوة وأختان، سبعة أخوة..، لا شك أن هذه مزايا أن يكون الإخوة كلهم ممن يحمل الحديث، كلهم ممن صحب النبي -عليه الصلاة والسلام- مثل بنو مقرن، يندر أن يوجد مثل هذا العدد ممن يحمل العلم، يعني يوجد في البيت عشرة إخوة مثلاً تجد واحد اثنين طلاب علم والبقية لهم -أقول-: أعمال أخرى، وقد يوجد ثلاثة، وقد يوجد أربعة، لكن يوجد سبعة هذا نادر، وهو موجود، لكنه نادر، هو موجود لكنه نادر.
"قال ابن عبد البر وغير واحد: -لم يشركهم- أو لم يشاركهم أحد في هذه المكرمة، قلتُ: وثم سبعة إخوةٍ صحابة شهدوا كلهم بدراً لكنهم لأم... عفراء بنت عبيد تزوجت أولاً بالحارث بن رفاعة فأولدها معاذ ومعوذ، ثم تزوجت بعد طلاقه لها بالبكير بن عبد ياليل فأولدها إياساً وخالداً وعاقلاً وعامراً" أربعة من الثاني، ثم عادت إلى الأول فأولدها ثالثاً اسمه: عوف، فأربعةٌ منهم أشقاء أولاد البكير وثلاثة أشقاء معاذ ومعوذ وعوف بنو الحارث، مزيتهم أنهم إخوة لكنهم إخوة لأم "سبعتهم شهدوا بدراً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ ومعوذ" ابنا عفراء هما اللذان أثبتا أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي أبو جهل المعروف، ثم جاء ابن مسعود وهو طريح فرقي على صدره واحتز رأسه -رضي الله عنهم أجمعين-.
الموضوعات خفيفة ما فيها شيء، نعم.
النوع الرابع والأربعون: معرفة رواية الآباء عن الأبناء:
النوع الرابع والأربعون: معرفة رواية الآباء عن الأبناء، وقد صنف فيه الخطيب البغدادي كتاباً، وقد ذكر الشيخ أبو الفرج بن الجوزي -رحمه الله- في بعض كتبه أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- روى عن ابنته عائشة -رضي الله عنها-، وروت عنها أمها -أم رومان- أيضاً، قال: روى العباس عن ابنيه عبد الله والفضل، قال: وروى سليمان بن طرخان التيمي عن ابنه المعتمر بن سليمان، وروى أبو داود عن ابنه أبي بكر بن أبي داود.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وروى سفيان بن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أخروا الأحمال فإن اليد مغلقة، والرجل موثقة)) قال الخطيب: لا يعرف إلا من هذا الوجه.
قال: وروى أبو عمر حفص بن عمر الدُوري المقرئ عن ابنه أبي جعفر محمد ستة عشر حديثاً أو نحوها، وذلك أكثر ما وقع من رواية أب عن ابنه، ثم روى الشيخ أبو عمرو عن أبي المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عن أبيه عن ابن أبي المظفر بسنده عن أبي أمامة مرفوعاً: ((أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية)) سكت عليه الشيخ أبو عمرو، وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي في الموضوعات، وأخلق به أن يكون كذلك.
ثم قال ابن الصلاح: وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة -رضي الله تعالى عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((في الحبة السوداء شفاءٌ من كلِّ داء)) فهو غلط، إنما رواه أبو بكر بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن عائشة، قال: ولا نعرف أربعةً من الصحابة على نسق سوى هؤلاء محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة -رضي الله عنهم-، وكذا قال ابن الجوزي وغير واحد من الأئمة، قلتُ: ويلتحق بهم تقريباً عبد الله بن الزبير أمه أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة، وهو أسن وأشهر في الصحابة من محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، والله أعلم.
قال ابن الجوزي: وقد روى حمزة والعباس -رضي الله عنهما- عن ابن أخيهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وروى مصعب الزبيري عن ابن أخيه الزبير بن بكار، وإسحاق بن حنبل عن ابن أخيه أحمد بن محمد بن حنبل، وروى مالك عن ابن أخته إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس.
هذا النوع في معرفة رواية الآباء عن الأبناء، وهو داخلٌ إلا أنه أخص في رواية الأكابر عن الأصاغر، يدخل وإلا ما يدخل؟ وإلا احتمال أن يكون...؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
يدخل، لكن أفرد للعناية به، ولماذا لم يذكر رواية الأبناء عن الآباء؟
طالب:.......
لكنه ذُكر، لأنه ما هو مثل رواية الأصاغر عن الأكابر هذاك جادة، ما يحتاج إلى ذكر، والرواة كلهم على هذا، لكن رواية الأبناء عن الآباء ذكرت، بتجي؛ لأهميتها؛ لأنه وجد سلاسل فلان عن أبيه عن جده، سلاسل مهمة جداً معرفتها والتنبيه عليها، ما نقول: إنها مثل رواية الأصاغر عن الأكابر هي الجادة فلا تذكر، لكنها ذكرت، وسيأتي الحديث عنها.
صنف الخطيب في رواية الآباء عن الأبناء "وقد ذكر الشيخ أبو الفرج في بعض كتبه أن أبا بكر الصديق روى عن ابنته عائشة" وسيأتي أنه غلط "وروت عنها أمها أمُّ رومان، قال: روى العباس عن ابنيه عبد الله والفضل، وروى سليمان بن طرخان التيمي عن ابنه المعتمر بن سليمان، روى أبو داود -سليمان بن الأشعث صاحب السنن- عن ابنه أبي بكر بن أبي داود"، "قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وروى سفيان بن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أخروا الأحمال فإن اليد مغلقة، والرجل موثقة))" كأنه رأى بعيراً عليها حمل ثقيل، وقد قدم هذا الحمل فصار على اليدين، والحمل إذا كان على اليدين فقط أو الرجلين فقط فإنه يشق على الدابة، فإذا أخر قليلاً ووسط ساعدت اليدان الرجلين والعكس، فلا يشق حينئذٍ على الدابة، وعلى كل حال الحديث مخرج في المراسيل.
"قال: وروى أبو عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ عن ابنه أبي جعفر محمد ستة عشر حديثاً ونحوها، فذلك أكثر ما وقع من رواية أبٍ عن ابنه" لكن رواية الأبناء عن الآباء صحائف -على ما سيأتي- فيها أحاديث.
"ثم روى الشيخ أبو عمرو عن أبي المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عن أبيه عن ابنه أبي المظفر -المظفر السمعاني كما هو معروف- بسنده عن أبي أمامة مرفوعاً: ((أحضروا موائدكم البقل فإنها مطردةٌ للشيطان مع التسمية))" يقول: "سكت عليه الشيخ أبو عمرو" ولا ينبغي له أن يسكت؛ لأن هذا الحديث موضوع، هم يذكرون الأمثلة تحقق فيه، انطبق فيه المثال، لكن ما وراء هذا المثال؟ كون الخبر موضوع، لا ينبغي أن يعتنى به، إنما يذكر للتنبيه عليه، ولا بد من التنبيه على ذكر الخبر الموضوع، ومثله الضعيف، وقد كانوا في السابق يذكرون الإسناد ويبرأون من العهدة، لكن في العصور المتأخرة لا يكفي ذكر الإسناد، بل لا بد من التنصيص على وضعه، ولو قيل: إنه لا يكفي أن يقال: موضوع، بل لا بد أن تفسر كلمة موضوع؛ لأن كثيراً من الناس ما يفهموش معنى الموضوع، يقال: مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، زور وبهتان لم يقله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وذكرنا مراراً الحافظ العراقي سئل عن حديث فقال: لا أصل له، باطل مكذوب، فانبرأ له شخص من العجم ينتسب إلى العلم، فقال له: يا شيخ كيف تقول: مكذوب وهو مروي بالسند إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟! فأحضره من كتاب الموضوعات لابن الجوزي، فتعجب من كونه لا يعرف موضوع الموضوع، على هذا الذي يخاطب عوام الناس لا بد أن يبين له بالأسلوب الذي يفهمونه، ولا يكفي أن يقول: موضوع، يمكن يتصور العامي أن كلمة موضوع شيء عظيم فوق صحيح مثلاً، وما يدريك؟ لأن العامة ما يفهموا مثل هذه الاصطلاحات، بل لا بد أن يبين لهم أن هذا مكذوب، ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"ثم قال ابن الصلاح: وأما الحديث الذي روِّيناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في الحبة السوداء: ((شفاء من كل داء))" هذا الحديث في الصحيح، صحيح البخاري، لكن الراوي أبو بكر ليس المراد به الصديق، وإنما هو حفيد ابنه عبد الرحمن، حفيد ابنه، هو حفيد ابنه عبد الرحمن، إنما هو أبو بكر عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن عائشة، وعلى هذا يصلح مثال وإلا ما يصلح؟ لا يصلح مثال.
"قال: ولا نعرف أربعةً من الصحابة على نسقٍ سوى هؤلاء" يعني أربعة من الصحابة متوالدون على نسق "محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة -رضي الله عنهم- كذلك قال ابن الجوزي وغير واحد من الأئمة" هذا من حيث التوالد من جهة الأب، أما من جهة الأم فعبد الله ابن الزبير كذلك، بل أولى.
"قلتُ: ويلتحق بهم تقريباً عبد الله بن الزبير" هو صحابي وأمه أسماء صحابية وجده من؟
طالب:.......
لا ما توالدوا ما توالدوا، وجده أبو بكر صحابي وأبو قحافة صحابي.
يقول: "وهو أسن وأشهر في الصحابة من محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، والله أعلم".
"قال ابن الجوزي: وقد روى حمزة والعباس عن ابن أخيهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وعمُّ الرجل صنو أبيه، يعني مثل أبيه، فإذا روى العم فكأن الأب قد روى "وروى مصعب الزبيري عن ابن أخيه الزبير بن بكار" هو عمه، يصير الراوي عم المروي عنه "إسحاق بن حنبل عن ابن أخيه -الإمام- أحمد بن حنبل" هو عمه "وروى مالك عن ابن أخته إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس" ويكون خاله الإمام مالك، والجادة رواية إسماعيل عن مالك، كما هو معروف في الصحيح، كثير في الصحيح، صحيح البخاري وغيره، نعم.
النوع الخامس والأربعون: في رواية الأبناء عن الآباء:
النوع الخامس والأربعون: في رواية الأبناء عن الآباء، وذلك كثير جداً، وأما رواية الابن عن أبيه عن جده فكثيرة أيضاً، ولكنها دون الأول, وهذا كعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو عن أبيه، وهو شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص هذا هو الصواب، لا ما عداه, وقد تكلمنا على ذلك في مواضع في كتابنا: (التكميل) وفي (الأحكام) الكبير والصغير.
ومثل بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده معاوية، ومثل طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده وهو عمرو بن كعب، وقيل: كعب بن عمرو، واستقصاء ذلك يطول، وقد صنف فيه الحافظ أبو نصر الوائلي كتاباً حافلاً, وزاد عليه بعض المتأخرين أشياء مهمة نفيسة.
وقد يقع في بعض الأسانيد فلان عن أبيه عن أبيه عن أبيه، وأكثر من ذلك، ولكنه قليل، وقلما يصح منه والله أعلم.
رواية الأبناء على الآباء، وعرفنا أنها هي الجادة، وهي داخلة في رواية الأصاغر عن الأكابر، وأفردت بنوع أفردت بالذكر؛ لأن هناك سلاسل تسلسلت، ورويت فيها أحاديث كثيرة بل صحف، كعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وبهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
وقد اختلف العلماء بالاحتجاج في هاتين السلسلتين اختلافاً كبيراً، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومنشأ الاختلاف مرجع الضمير في جده، هل يعود إلى عمرو وجده محمد تابعي فيكون الخبر مرسل؟ أو يعود الضمير إلى شعيب الأب وجده عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي المعروف؟ والخلاف في سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو معروف، وقد جاء التصريح بالجد في مواضع عند النسائي وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، فصرح بالجد، وحمل عليه باقي المواضع، وجمهور أهل العلم يثبتون سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، ولذا كان القول الوسط في هذه السلسلة أنه إن ثبت وصح السند إلى عمرو يتوسط في الأمر فيقال: لا تبلغ درجة أصح الصحيح، ولا تنزل عن الحسن، فما يروى بهذه السلسلة إذا كانت الواسطة إلى عمرو ثقات، فإن أقل ما يقال فيه: إنه حسن, وبعضهم أوصله إلى درجة الصحيح، ومنهم من ضعف للاختلاف في عود الضمير، فإن كان المراد به شعيب الجد جد عمرو، فالمراد به محمد وهو تابعي فيكون الخبر مرسل، والمرسل من قسم الضعيف كما هو معروف.
إذا عرفنا هذا فالخلاف في بهز بن حكيم عن أبيه عن جده من أجل الخلاف في عود الضمير وإلا لا؟ نعم؟
طالب:.......
لماذا؟ بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة فالجد؟
طالب:.......
لا، الجد الأول بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، يعني هل المقصود الجد الأول أو الجد الثاني؟ هناك قلنا: الجد الثاني.
طالب:.......
الجد الأول قطعاً، وعلى هذا لا يكون منشأ الاختلاف الاختلاف الضمير مثل ما قلنا في عمرو بن شعيب، وإنما الاختلاف في الاحتجاج ببهزٍ نفسه هل يحتج به أو لا؟ هناك في عمرو بن شعيب الاحتمال والتردد في كون الخبر متصل أو منقطع؟ وهنا الخلاف في ثقة بهز، وحينئذٍ مثل ما قالوا هناك قالوا هنا الأولى أن يتوسط في هذه السلسلة فيقال: إنها من قبيل الحسن أيضاً.
لكن لو تعارض عندنا حديثان أحدهما مروي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والثاني من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، فأيهما المرجح؟
طالب:.......
أرجح؟ على كل حال البخاري علق لبهز بن حكيم عن أبيه عن جده علق، وصحح حديثاً مروي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من الترمذي، قال: حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، يعني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أصح ما في الباب.
فمن قال: إن تخريج البخاري في الصحيح أقوى من تصحيحه خارج الصحيح ولو معلقاً رجح رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ومن قال: التصريح بالتصحيح أقوى من التخريج لا سيما في حال التعليق رجح رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعلى كل حال هما من قبيل الحسن، لكن كأن النفس تميل إلى رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ لأن الكلام فيه خفيف جداً بخلاف الكلام في بهز بن حكيم.
يقول: "وقد صنف فيه الحافظ أبو نصر الوائلي -يعني السجزي- كتاباً حافلاً، وزاد عليه بعض المتأخرين أشياء مهمة نفيسة"، (من روى عن أبيه عن جده) كتاب مطبوع في مجلد.
طالب:.......
لمن؟
طالب:.......
(من روى عن أبيه عن جده) من هو له يا أبا عبد الله؟ مطبوع في مجلد.
طالب:.......
لا، لا، مو العلائي؟
طالب:.......
حققه باسم إيش اسمه؟
طالب:.......
"وقد يقع في بعض الأسانيد فلان عن أبيه عن أبيه عن أبيه وأكثر من ذلك" إلى ستة عشر شخصاً، فلان عن أبيه عن أبيه عن أبيه.. إلى آخره، وهذا لا شك أنه في الغالب أنه لا يصح؛ لأنه يكون في الإسناد والوسائط ممن هو غير مرضي، التميميين الحنابلة يروي بعضهم عن بعض في ستة عشر راوياً، فلان عن أبيه عن أبيه عن أبيه، وفيهم الواهي جداً، والله المستعان، نعم.
النوع السادس والأربعون: في معرفة رواية السابق واللاحق:
النوع السادس والأربعون: في معرفة رواية السابق واللاحق، وقد أفرد له الخطيب كتاباً، وهذا إنما يقع عند رواية الأكابر عن الأصاغر، ثم يروي عن المروي عنه متأخر.
كما روى الزهري عن تلميذه مالك بن أنس، وقد توفي الزهري سنة أربع وعشرين ومائة, وممن روى عن مالك زكريا بن دويد الكندي، وكانت وفاته بعد وفاة الزهري بمائة وسبع وثلاثين سنة أو أكثر، قاله ابن الصلاح.
وهكذا روى البخاري عن محمد بن إسحاق السراج, وروى عن السراج أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري, وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة, فإن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين, وتوفي الخفاف سنة أربع أو خمس وتسعين وثلاثمائة، كذا قاله ابن الصلاح.
قلت: وقد أكثر من التعرض لذلك شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي في كتابه: (التهذيب)، وهو مما يتحلى به كثير من المحدثين, وليس من المهمات فيه.
رواية السابق واللاحق يجلس الشيخ للإقراء والتحديث في حداثة سنه، فيروي عنه شخص فلا يطول عمره يموت بعد الرواية، ثم يطول عمر الشيخ ويدركه أناس بعد عقود فيأخذون عنه في أواخر حياته، ثم يعمر واحد منهم، فيكون بين وفاة هذا المعمر وبين ذلك الطالب الذي أخذ العلم عن الشيخ ومات في أول الأمر ما ذُكر بل أكثر وقد يصل إلى مائة وخمسين سنة، نعم؟
طالب:.......
ما فهمتَ؟ لو أنا مثلاً أنا جلست سنة (99) للتدريس، لو قدر أن واحد من أولئك مات سنة (99، 1399هـ) زين، مات في وقتها، اضبط وفاته سنة كم؟ (1399هـ) قدر الله لي وعمرت وجلست أقرئ الناس سبعين سنة، من (99) إلى (70) سنة (69) مثلاً، في آخر العمر جاء واحد صغير السن وطلب العلم، وعُمِّر هذا الطالب بعدي، عُمّر سبعين ثانية تو تسعين بعد احتمال؛ لأنه يأتي يطلب العلم عمره خمسة عشر عشرين، فإذا أضفت له ثمانين متى يموت؟
طالب:.......
لا الآن أضف (69) خلنا على المثال أضف لها (80) يموت عن مائة سنة مثلاً هو، (1549هـ)، (1549هـ) أضفها إلى (99) السابقة (150) سنة، الفرق (150) سنة، هذا السابق المسكين اللي ما عاش والعلم عند الله -سبحانه وتعالى-، ولا يدري وين الخيرة بعد؟ لكنه في منظور الناس أنه مات في شبابه مسكين، ويمكن أن الله -سبحانه وتعالى- صده عن كثير من الفتن والمحن، زميل باعتبار الشيخ لهذا الشخص الذي عمر بعده (150) سنة، كلهم أخذوا عن هذا الشيخ، واضح وإلا ما هو بواضح؟ الله المستعان، الله المستعان، الله المستعان.
يقول: "وقد أفرد له الخطيب كتاباً، وهذا إنما يقع عند رواية الأكابر عن الأصاغر، ثم يروي عن المروي عنه متأخر" شخص متأخر في آخر عمره روى عنه شخص صغير السن ثم عُمِّر، فيكون بين وفاة هذا المعمر الأخير مع الزميل القديم هذه المدة التي ذكروها بل أكثر، وفي مثالنا وهو متصور جداً يعني ما في واحد زاد على المائة هنا، هذا متصور، يعني لا الطالب الأول..، الطالب الأول معروف أنه مات وهو صغير، نفترض أن عمره عشرين سنة، لكن الشيخ والطالب الثاني لا يزيد عمره عن مائة في مثالنا.
"كما روى الزهري عن تلميذه مالك بن أنس، وقد توفي الزهري سنة أربعٍ وعشرين ومائة" الزهري روى عن مالك وتوفي الزهري قبل وفاة مالك بكم؟ بخمسة وخمسين سنة، مات الزهري روى عن مالك ومات قبله بخمس وخمسين سنة "وممن روى عن مالك زكرياً بن دويد الكندي" كانت..، متى توفي الكندي هذا؟
طالب:.......
(259هـ) يعني بعد مالك بكم؟ بـ(80) سنة، مطابق لمثالنا، نعم.
طالب:.......
حوالي (55) سنة.
طالب:.......
إيه (124) و (179) خمسة وخمسين سنة، هذا عُمِّر بعد مالك ثمانين سنة، إذا أضفت له الخمسة والخمسين صارت مائة وخمسة وثلاثين.
يقول: وبين وفاتيهما "وكانت وفاته بعد وفاة الزهري بمائة وسبعة وثلاثين سنة أو أكثر" سهل، يعني أنت تشوف العمر ذا مائة وسبعة وثلاثون سنة، يتصور أن عمر الشيخ مائة وسبعة وثلاثين، أو عمر الطالب الثاني مائة وسبعة وثلاثين، أو عمر الطالب الأول مائة وسبع وثلاثين، ما هو بصحيح، لا تنظر إلى هذا وذاك، أنت انظر إلى أن هذا شيخ واحد جلس للتعليم سبعين سنة، ولا هو ببعيد أن يجلس سبعين سنة، يجلس عمره خمسة وعشرين يموت خمسة وتسعين متصور، بل كثير هذا، نعم، طلب عليه العلم واحد في أول الأمر وما طال عمره مات، ثم في آخر عمره طلب العلم عنده واحد صغير طلب العلم عند هذا الشيخ بعد بلوغه خمسة وتسعين سنة، ثم عُمِّر هذا الطالب، وانظر إلى وفاة الأول والثاني اترك الشيخ، هذا سابق وذا لاحق، كم بينهما؟ العدة التي ذكرناها، احتمال مائة وخمسين سنة، ما هو بعيد.
"وهكذا روى البخاري عن محمد بن إسحاق السراج، وروى عن السراج أبو الحسن أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري، وبين وفاتيهما مائة وسبعة وثلاثون سنة، فإن البخاري توفي سنة ستٍ وخمسين ومائتين، وتوفي الخفاف سنة أربع وتسعين وثلاثمائة".
"قلتُ: وقد أكثر من التعرض إلى ذلك شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي في كتابه: (التهذيب)، وهو مما يتحلى به كثيرٌ من المحدثين" يزعم أنه عُمّر، وأنا عُمّرت، وأنا أخذت، وأنا زاملت، لكنه ليس من المهمات، العبرة بما جنيت من علمٍ وعمل، كونك تأخرت أو تقدمت الكمال الإجباري والنقص الإجباري لا مدح فيه ولا ذم، لكن الكلام على الاختياري، إيش معنى هذا الكلام؟ رجل طويل يفتخر على الناس أنه طويل؟ أو قصير يذم لأنه قصير؟ لكن الكلام على السجايا التي هي اختيارية، التي يكتسبها الإنسان، ويتطبع بها، فكون الإنسان تقدمت وفاته أو تأخرت هذا ما هو بمدح؛ لأن الأيام خزائن، أوعية، ماذا أودعت في هذه الخزائن؟ ولذا يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وهو مما يتحلى به كثيرٌ من المحدثين، وليس من المهمات"؛ لأن هذا ليس بيدك كونك تأخرت ومات زميلك قبل مائة وخمسين سنة، فيه مدح لك؟ لكن الكلام ماذا تركت من علمٍ وعمل؟ من أثر؟ والله المستعان.
النوع السابع والأربعون: معرفة من لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد من صحابي وتابعي وغيرهم:
النوع السابع والأربعون: معرفة من لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد من صحابي وتابعي وغيرهم، ولمسلم بن الحجاج وصنفوا في ذلك.
تفرد عامر الشعبي عن جماعة من الصحابة منهم عامر بن شهر, وعروة بن مضرس, ومحمد بن صفوان الأنصاري, ومحمد بن صيفي الأنصاري, وقد قيل: إنهما واحد، والصحيح أنهما اثنان, ووهب بن خنبش ويقال: هرم بن خنبش أيضاً، فالله أعلم.
وتفرد سعيد بن المسيب بن حزن بالرواية عن أبيه، وكذلك حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه، وكذلك شتير بن شَكَل بن حميد عن أبيه، وعبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، وكذلك قيس بن أبي حازم تفرد بالرواية عن أبيه, وعن دكين بن سعيد المزني, وصنابح بن الأعسر, ومرداس بن مالك الأسلمي، وكل هؤلاء صحابة.
قال ابن الصلاح: وقد ادعى الحاكم في: (الإكليل) أن البخاري ومسلماً لم يخرجا في صحيحيهما شيئاً من هذا القبيل.
قال: وقد أنكر ذلك عليه ونقض بما رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبيه, ولم يروِ عنه غيره في وفاة أبي طالب، وروى البخاري من طريق قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي حديث: ((يذهب الصالحون الأول فالأول)) وبرواية الحسن عن عمرو بن تغلب، ولم يروِ عنه غيره حديث: ((إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه)).
وروى مسلم حديث الأغر المزني: ((إنه ليغان على قلبي)) ولم يروِ عنه غير أبي بردة، وحديث رفاعة بن عمرو ولم يروه عنه غير عبد الله بن الصامت، وحديث أبي رفاعة ولم يروِ عنه غير حميد بن هلال العدوي، وغير ذلك عندهما.
ثم قال ابن الصلاح: وهذا مصير منهما إلى أنه ترتفع الجهالة عن الراوي برواية واحدٍ عنه.
قلتُ: أما رواية العدل عن شيخ فهل هي تعديل أم لا؟ في ذلك خلاف مشهور، ثالثها: إن اشترط العدالة في شيوخه كمالكٍ ونحوه فتعديلٌ وإلا فلا، وإذا لم نقل إنه تعديل فلا تضر جهالة الصحابي؛ لأنهم كلهم عدول بخلاف غيرهم، فلا يصح ما استدل به الشيخ...
استدرك، استدرك به الشيخ، وإلا الثاني محتمل، لكن هو استدراك، استدراك من الشيخ نعم، استدراك من الشيخ أبي عمرو بن الصلاح على الحاكم كما هو معروف.
فلا يصح ما استدرك به الشيخ أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله-؛ لأن جميع من تقدم ذكرهم صحابة، والله أعلم، وأما التابعون فقد تفرد حماد بن سلمة عن أبي العشراء الدارمي عن أبيه بحديث: ((أما تكون الذكاة إلا في اللبة؟ فقال: أما لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك)).
ويقال: إن الزهري تفرد عن نيف وعشرين تابعياً، وكذلك تفرد عمرو بن دينار وهشام بن عروة وأبو إسحاق السبيعي ويحيى بن سعيد الأنصاري عن جماعة من التابيعن، وقال الحاكم: وقد تفرد مالكٌ عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة لم يروِ عنهم غيره.
هذا النوع عقده ابن الصلاح وتبعه الحافظ ابن كثير -رحمهم الله- للوحدان، المنفردات والوحدان أي الرواة الذي لم يروِ عنهم إلا واحد.
تقدم في بحث المجهول أن مجهول العين من روى عنه واحد فقط، مجهول الحال من روى عنه اثنان فأكثر على أنه لا تعرف حاله من حيث العدالة والضبط أو عدمه ثقةً وضعفاً، هذا مجهول العين الذي لم يروِ عنه إلا شخصٌ واحد هم من عرفوا بالمنفردات والوحدان، وهم من يبحثهم الشيخ هنا، ولمسلم بن الحجاج مصنف مطبوع قديماً في الهند وأعيد طبعه مع تعليقات يسيرة في بيروت، المقصود أن كتاب مسلم معروف متداول.
يقول: "تفرد عامر الشعبي عن جماعة من الصحابة منهم عامر بن شهر وعروة بن مضرس ومحمد بن صفوان الأنصاري ومحمد بن صيفي الأنصاري، وقد قيل: إنهما واحد، والصحيح أنهم اثنان" وكيف نجزم بأنهما واحد أو اثنان؟ في كتب تحل الإشكالات وإلا ما في؟ نعم؟
طالب:.......
مثل إيش؟ ويش هو؟
طالب:.......
لا، لا، الخطيب؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
لا، لا، ما تنفع.
طالب:.......
(بيان خطأ البخاري في تأريخه) لابن أبي حاتم، و(موضح أوهام الجمع والتفريق) للخطيب، هذان كتابان يحلان كثير من الإشكال، على أنهما ليسا بمعصومين، البخاري -رحمه الله- كثيراً ما يعد الاثنين واحد والعكس، ثم يُستدرك عليه في التفريق بين من جعلهما واحد، (موضح أوهام الجمع والتفريق) هذا كتاب عظيم للخطيب البغدادي، وكتابه هذا مع بقية كتبه لا تدع مجالاً لمن طعن فيه، ومن قرأ مقدمة هذا الكتاب عرف قدر الرجل وعرف قدر نفسه، عرف قدر هذا الإمام وعرف قدر نفسه، وأنه ليس بشيء بالنسبة له، ويوجد من ينتسب إلى الحديث وطلبه وعلمه وتعليمه من يطعن في الخطيب، ويقول: أدخل المنطق وأدخل العلوم الدخيلة على علوم الحديث، وهو في الحقيقة إذا نسب نفسه إلى الخطيب وجد أنه لا شيء.
طالب:.......
إيه (المنفردات والأحكام) مطبوع، طُبع بالهند قديماً في أكثر من عشر ورقات، ثم طُبع محققاً في جزء لطيف.
"تفرد سعيد بن المسيب بن حزن -الإمام المشهور- بالرواية عن أبيه" وروايته عن أبيه مخرجة في الصحيح في وفاة أبي طالب، "وكذلك حكيم بن معاوية بن حيدة...، ...وشتير بن شكل، وعبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه" ابن أبي ليلة عبد الرحمن من رواة الصحيح كما هو معروف، بخلاف ابنه محمد الفقيه القاضي، الفقيه الكبير، لكنه سيء الحفظ، ولا بد من التفريق بينهما.
"كذلك قيس بن أبي حازم تفرد بالرواية عن أبيه وعن دكين بن سعد" متفرداً، "وصنابح بن الأعسر ومرداس بن مالك الأسلمي كل هؤلاء من الصحابة"، فكونه لم يروِ عن كل واحد منهم إلا واحد لا يقدح؛ لأن الصحابة كلهم عدول، ولا يقال: إن هذا صحابي مجهول جهالة عين؛ لأنه لم يروِ عنه إلا واحد؛ لأن الصحبة لا يعدلها شيء، يعني لو قدر أن شخص من التابعين روى عنه مائة هل نقول: إنه بمثابة هذا الصحابي الذي لم يروِ عنه إلا واحد؟ كلا، شرف الصحبة لا ينال.
في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم وصف بعض الصحابة بالجهالة، بل قال عن بعضهم من السابقين الأولين مجهول، ويريد بذلك قلة الرواية، لا أنه من حيث العدالة والضبط، من حيث كونه ثقة أو لا يسمى..، لا، لا يقال: مجهول من حيث الاصطلاح العام.
"قال ابن الصلاح: وقد ادعى الحاكم في الإكليل أن البخاري ومسلم لم يخرجا في صحيحهما شيء من هذا القبيل" لم يخرجا لراوٍ لم يكن له إلا راوٍ واحد، وهذا مردود عليه، وأشرنا إليه في بحث العزيز، وعرفنا أن في الصحيحين من الغرائب ما يرُد دعوى الحاكم كما هو معروف...
"قال: وقد أنكر ذلك عليه، ونقض بما رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبيه" يعني في قصة وفاة أبي طالب، مخرجة في الصحيح "وروى البخاري من طريق قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي حديث: ((يذهب الصالحون الأول فالأول)) ورواية الحسن عن عمرو بن تغلب ولم يروِ عنه غيره حديث: ((إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه)) وروى مسلم حديث الأغر المزني: ((إنه ليغان على قلبي)) لم يروه عنه غير أبي بردة" يعني ابن أبي موسى الأشعري.
"وحديثُ رفاعة بن عمروٍ ولم يروِ عنه غير عبد الله بن الصامت" وغير ذلك من أفراد الصحيح وغرائب الصحيح.
وذكرنا سابقاً أن في الصحيحين الأحاديث الغرائب، بل فيها الأفراد سواءً كانت في الأحاديث أو في الرواة، وهذه أمثلة للرواة، وهناك أحاديث تسمى غرائب الصحيح يرد بها على قول الحاكم ومن قال بقوله كالبيهقي والكرماني الشارح وابن العربي أيضاً الذي شرح البخاري زعم أن ذلك شرط البخاري وليس بصحيح، كما قال الصنعاني -رحمه الله- في نظم النخبة لما ذكر العزيز وعرفه، قال:
وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ |
|
وقد رُمي من قال بالتوهمِ |
"ثم قال ابن الصلاح: وهذا مصير منهما إلى أنه ترتفع الجهالة عن الراوي برواية واحدٍ عنه" وهذا ليس بصحيح؛ لأن هؤلاء الذين استدركوا على الحاكم كلهم صحابة، فلو قدر أن راوٍ من غير الصحابة لم يروِ عنه سوى واحد لا ترتفع عنه جهالته، لكن لا يمكن أن يوصف الصحابي بالجهالة مع ثبوت الصحبة له، ولو لم يروِ عنه سوى واحد.
"قلتُ: أما رواية العدل عن شيخ فهل هي تعديلٌ له أم لا؟" وهذا تقدم في مباحث الجرح والتعديل رواية العدل عن الراوي هل تعد تعديل له؟ لا، ولو صرح بأن جميع أشياخه ثقات، لو صرح بأنه لا يروي إلا عن ثقة ولو قال: حدثني الثقة ولم يسمه كل هذا لا يعتد به، بل لا بد أن يسميه، بل لا بد أن يسمي من روى عنه وحينئذٍ ينظر في حاله "فهل هي تعديلٌ أم لا؟ في ذلك خلافٌ مشهور ثالثها" أين الأول والثاني؟
طالب:.......
نعم هما متقابلان، كثيراً ما يساق الخلاف فيه ثلاثة أقوال ثالثها كذا، الأول: نعم والثاني: لا، متقابلان، كما قالوا في (إن) و(أن) والثالث أصلان، إيش معنى هذا؟ "إن وأن والثالث أصلان"؟
طالب:.......
نعم، هل الأصل في (إن) الكسر أو الفتح؟ أو هما أصلان؟ ثلاثة أقوال "ثالثها: إن اشترط العدالة في شيوخه كمالك" يعني إن كان ممن لا يروي إلا عن ثقة قُبل "فتعديلٌ وإلا فلا" والصواب أنه ليس بتعديل، بل لا بد أن ينص على تعديله؛ لأن من يطلق هذه القواعد العامة أنه لا يروي إلا عن ثقة قد يغفل عنها، وقد يتغير اجتهاده، وقد يوثق من ليس بثقة اغتراراً بحاله، كما فعل الإمام مالك -رحمه الله- بالنسبة لعبد الكريم بن أبي المخارق، روى عنه ولا يروي إلا عن ثقة، إذاً عبد الكريم بن أبي المخارق ثقة؟ لا، قال: غرني بكثرة جلوسه في المسجد، فاغتر بظاهر حاله.
"وإذا لم نقل أنه تعديل فلا تضر جهالة الصحابي" هذا الكلام، هؤلاء صحابة فلا تضر جهالتهم، أو نقول: إن رواية الواحد عن الصحابي أو عدم الرواية عن الصحابي ليست بجهالة، وعدم الرواية أصلاً عن الصحابي، لو ذكر صحابي ما روي عنه أصلاً نقول: مجهول؟ لا نقول: مجهول.
"فلا يصح ما استدرك به الشيخ أبو عمرو -يعني ابن الصلاح يعني على الحاكم- لأن جميع ما ذكرهم صحابة"، يقول: "أما التابعون فقد تفرد فيما نعلم حماد بن سلمة عن أبي العشراء الدارمي عن أبيه بحديث: "أما تكون الذكاة إلا في اللبة؟ قال: ((أما لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك))" هذا نعم راويه مجهول جهالة ذات وإلا عين وإلا حال؟
طالب:.......
ها يا أبو عبد الله؟ جهالة عين؛ لأنه لم يروِ عنه سوى واحد، لكن لو روى عنه اثنان ولم يوثق جهالة حال، إذا لم يعرف اسمه بل أبهم يسمى جهالة ذات.
"يقال: إن الزهري تفرد عن نيفٍ وعشرين تابعياً، كذلك تفرد عمرو بن دينار وهشام بن عروة وأبو إسحاق السبيعي ويحيى بن سعيد الأنصاري عن جماعة من التابعين" وهؤلاء كلهم في عداد المجاهيل، لكن هؤلاء المجاهيل الذين تقادم العهد بهم وهم في طبقة أوائل التابعين، وكبارهم مثل هؤلاء يتسامح في حالهم إذا لم يكن في المتن ما ينكر.
"وقال الحاكم: تفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة لم يروِ عنهم غيره" فيبقون مع ذلك مجاهيل جهالة عين، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.