شرح العقيدة الطحاوية (13)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الخط ليس بواضح.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين، قال الطحاوي رحمه الله تعالى:

له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق.

قال الشارح رحمه الله تعالى:

يعني أن الله تعالى موصوف بأنه الرب قبل أن يوجد مربوب، وموصوف بأنه خالق قبل أن يوجد مخلوق.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

المصنِّف رحمه الله تعالى يريد أن يقرر في هذه الجمل أن الصفات المضافة إلى الرب المثبتة له التي أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله -عليه الصلاة والسلام- قديمة أزلية غير متجددة، وأنه موصوف بالربوبية قبل أن يوجد الخلق، وموصوف بالخالق قبل أن يخلقوا، فكما أنه المحيي الباعث قبل أن يوجد البعث فكذلك هو الرب قبل أن يوجد المربوب، وهو الخالق قبل أن يوجد المخلوق، وهذا كما يقول أهل العلم في غير المحال، فالله جل وعلا له القدرة التامة على أن يخلق وعلى أن يربي خلقه قبل أن يوجدوا، كذلك وصف نفسه بأنه يبعث من في القبور، هو الباعث من أسمائه الباعث والبعث ما حصل إلى الآن وهو مستحق لهذا الوصف في الأزل والقدم، فلا ارتباط للصفة بالمفعولات بخلاف المخلوق الذي لا يصح أن يوصف قبل أن يوجد الفعل الذي من أجله يوصف بهذا الوصف، وأما الله جل وعلا فهو مستحق لهذا الوصف، وصف به نفسه ووصفه به رسوله -عليه الصلاة والسلام- وأثبت ذلك له فنحن نثبته كما أثبته، يقول يعني أن الله تعالى موصوف بأنه الرب قبل أن يوجد المربوب، وموصوف بأنه خالق قبل أن يوجد المخلوق؛ لأن صفات الله جل وعلا قديمة أزلية لم ينفك عنها جل وعلا، وإذا قلنا أنها قديمة فليس معنى أنها غيرها بل هي معه.

قال بعض المشايخ الشارحين وإنما قال له معنى الربوبية ومعنى الخالق دون الخالقية لأن الخالق هو المخرج للشيء من العدم إلى الوجود لا غير، والرب يقتضي معاني كثيرة وهي الملك والحفظ والتدبير والتربية وهي تبليغ الشيء كما له بالتدريج فلا جرم أتى بلفظ يشمل هذه المعاني وهو الربوبية انتهى، وفيه نظر؛ لأن الخلق يكون بمعنى التقدير أيضًا قوله..

ما معنى كلام بعض الشارحين؟ يقول وإنما قال له معنى الربوبية ومعنى الخالق كأنه يقول: له المعنى دون الفعل الذي لم يحصل بعد، الوصف ثابت أثبته الله جل وعلا لنفسه وأثبته له رسوله ولا مندوحة لمن يؤمن بالله وما يتبع ذلك من أركان ألا يقر ويعترف بما اعترف الله به لنفسه يقول دون الخالقية لماذا؟ لأن الخالقية لم توجد ما الفرق بينهما؟ أليس الخالق اسم فاعل مأخوذ من المصدر الذي هو الخلق، وكل المشتقات الخالق مأخوذ من الخلق، المخلوق مأخوذ من الخلق، وهكذا سائر المشتقات كلها مأخوذة من المصدر فإذا أثبتنا له المصدر الذي هو الأصل لا محالة أن نثبت له ما تفرع عنه.

قوله وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا استحق هذا الاسم قبل إحيائهم كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم، يعني أنه سبحانه وتعالى موصوف بأنه محيي الموتى قبل إحيائهم فكذلك يوصف بأنه خالق قبل خلقهم إلزامًا للمعتزلة ومن قال بقولهم كما حكينا عنهم فيما تقدم، وتقدم تقرير أنه تعالى لم يزل يفعل ما يشاء.

إلزامًا للمعتزلة ومن قال بقولهم ممن يمنع التسلسل سواء كان في الماضي أو في المستقبل، الآن من باب التقريب يعني لا يمكن أن نمثّل الخالق بخلقه لكن من باب تقريب المسألة الآن قد يوصف الإنسان بأنه فقيه قبل أن يوجد الفقه؟

طالب: ................

يسمونه ماذا؟ فقيه بالقوة القريبة من الفعل، يعني عندنا فقيه بالفعل المسائل حاضرة في ذهنه بأدلتها هذا فقيه بالفعل، فقيه بالقوة القريبة من الفعل يسمونه فقيها، يوصف بالفقه وإن كانت المسائل ليست حاضرة في ذهنه وإنما لديه القدرة على استخراج المسائل وتحرير المسائل ومناقشة المسائل بأدلتها والخروج بالنتائج الصحيحة من خلال القواعد المتبعة عند أهل العلم هذا يسمونه قوة قريبة بالفعل، فقيه بالقوة القريبة من الفعل فإذا صح مثل هذا في المخلوق الذي قد يكون فقيهًا فيما بعد وقد لا يكون فكيف بالخالق القادر على كل شيء؟ العالم بكل شيء بما كان وما يكون.

قوله ذلك بأنه على كل شيء قدير، وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، لا يحتاج إلى شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ذلك إشارة إلى ثبوت صفاته في الأزل قبل خلقه، والكلام على كل وشمولها وشمول كل في كل مقام بحسب ما يحتف به من القرائن.

وش فيه؟

وشمول كل في كل مقام بحسب ما يحتف به من القرائن.

هذه معروف أنها من صيغ العموم والشمول، لكنها قد تكون مخصصة وقد يكون أريد بها الخصوص لا يراد بها العموم وقد تخصص بالعقل {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}[الأحقاف:25] دمرت السموات والأرض؟ {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ}[النمل:23]هل أوتيت مما أوتي سليمان؟ هذا بالنسبة للمخلوق، لكنها بالنسبة للخالق على كل شيء قدير، قيده المبتدعة على كل شيء قدير بما يقدر عليه أو بما يشائه أو ما أشبه ذلك، وسيأتي كلام الشارح رحمه الله.

يأتي في مسألة الكلام إن شاء الله تعالى وقد حرفت المعتزلة المعنى المفهوم من قوله تعالى{وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[آل عمران:189] فقالوا إنه قادر على كل ما هو مقدور له وأما نفس..

مفهومه أنه عاجز عن كل ما لا يستطيعه تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا

وأما نفس أفعال العباد فلا يقدر عليها عندهم وتنازعوا هل يقدر على مثلها أم لا؟ ولو كان..

أفعال العباد من خلقهم عند المعتزلة وليست من فعل الله- جل وعلا- وخلقه لئلا يثبتوا على حد زعمهم.

طالب: الظلم.

الظلم نعم لأنها إذا كانت من خلقه وألزمهم بها فقد ظلمهم كما تقول الجبرية، ويقرر ذلك الرازي في مئات المواضع من تفسيره وتنازعوا هل يقدر على مثلها أم لا، لأن هذا الفعل الذي صدر من هذا الفاعل انتهى ما يحتاج إلى إيجاد، وهذا الفاعل الذي هو مخلوق مستقل بإيجاده عندهم- عند المعتزلة- استقل بإيجاده يعني لو وجدت صنعة مثلاً سيارة أو قلم أو شيء صنعه فلان هل تستطيع أن تصنع هذا القلم نفسه؟ يعني من شرط إيجاد الفعل ألا يكون موجودًا، وهذا الفعل وجد عند المخلوق وعند المعتزلة الخالق لا يستطيع أن يفعل وليس من فعله لكن هل يستطيع أن يفعل مثله؟ تعالى الله عما يقولون علوًا كبير {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون}[الصافات:96] خالق العبد وخالق فعله ولا يلزم من ذلك إثبات خالقين وهم أثبتوا خالقين، العبد يخلق والرب يخلق ولذلك سُموا مجوس هذه الأمة.

أحسن الله إليك.

ولو كان المعنى على ما قالوا لكان هذا بمنزلة أن يقال هو عالم بكل ما يعلمه..

معناه أنه لا يعلم ما لا يعلمه وهذا تناقض.

وخالق لكل ما يخلقه ونحو ذلك من العبارات التي لا فائدة فيها فسلبوا صفة كمال قدرته على كل شيء.

نفوا العموم المطلق إلا في أربعة مواضع أو خمسة على خلاف بينهم، في النصوص في القرآن على سبيل المثال وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى أثبت في ورقة ونصف الفاتحة وورقة من البقرة عمومات كثيرة جدًا باقية على عمومها ما دخلها تخصيص، ولا أريد بها خصوص باقية على عمومها كل هذا رد عليهم.

وأما أهل السنة فعندهم أن الله على كل شيء قدير وكل ممكن فهو مندرج في هذا وأما المحال لذاته مثل كون الشيء الواحد موجودًا معدومًا في حال واحدة فهذا لا حقيقة له ولا يتصور وجوده ولا يسمى شيئًا باتفاق العقلاء، ومن هذا الباب خلق مثل نفسه وإعدام نفسه وأمثال ذلك من المحال.

نعم قالوا في قوله جل وعلا{وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[آل عمران:189] قالوا قدير على ما يقدر عليه وقالوا قدير على ما يشاؤه، مفهومه أن الذي لا يقدر عليه ليس عليه بقدير والذي لا يشاؤه ليس عليه بقدير، وأوردوا تحت هذا ما ذكره المؤلف من المحال؛ لأن القدرة لا بد من تخصيصها بما لا يقدر عليه، وأوردوا على ذلك بأمثلة هي غاية في سوء الأدب مع الله جل وعلا وأسئلة حتى قال قائلهم هل يستطيع أن يخلق صخرة لا يستطيع تفتيتها؟ هذا المحال، هذان النقيضان فالمحال غير داخل؛ لأنه ليس بشيء أصلاً لأنه ليس بشيء في الواقع ولن يوجد في المستقبل فلا يمكن أن يورد، ولا شك أن هذه من إيرادات الشيطان على أتباعه وأما المؤمن المسلِم المسلِّم يسلم بهذه العمومات ولا يرى شيئا أعظم من الله جل وعلا ولا أقدر، ولا أحد يمكن أن يوصف بشيء من هذه الصفات غيره جل وعلا.

طالب: ..................

إيه فيه محظور..

طالب: ..................

لحظة أولاً من حيث المعنى مفاده أن الذي لا يشاؤه..

طالب: لا يقدر عليه.

لا يقدر عليه في تفسير الطبري أوردناه مرارًا في تفسير سورة الملك: والله على ما يشاء قدير رد عليه أهل العلم في ذلك ويبقى الحديث المخرج في صحيح مسلم فإني على ما أشاء قادر هذا وصف كاشف لا مفهوم له عند أهل العلم اتفاقًا هذا جاء في النص ما يمكن أن يقوله أي شخص على أنه وصف كاشف أو يقدره في نص لم يثبت فيه على أنه وصف كاشف وله مفهوم؟ لا يمكن هو في هذا النص في الحديث في الصحيح فإني على ما أشاء قادر، هذا وصف كما قال أهل العلم كاشف لا مفهوم له وإلا لو قلنا له مفهوم أن الذي لا يشاؤه ولا يقدر ما تركه إلا عجزًا عنه، وهذا ليس بصحيح، هذا ما يقول به أحد من أهل العلم اتفاقًا، وقالوا في هذا النص بالذات أنه وصف كاشف لا مفهوم له ويقدر مثل هذا الكلام في هذا النص الذي ورد ولا يقدر في موضع لم يرد فيه، المبتدعة طردوه حتى في آية البقرة{إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[البقرة:20] قالوا على ما يشاء، الجلالين وغيره وكثير من المفسير قالوا بهذا لكن ما لازمه؟ لازم هذا القول الذي لا يشاؤه لا يقدر عليه عاجز عنه تعالى عما يقولون فكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو أعلم الناس بربه يقول مثل هذا الكلام وهو يعرف مما نزل عليه على كل شيء قدير بالإطلاق والمقطوع به والمجزوم به أنه لا يعجزه شيء ولا يكرثه ولا يؤوده كما في آية الكرسي فلا بد أن يحمل النص على هذا وغيره مما لم يرد فيه لا يجوز أن يتأول فيه مثل هذا.

طالب: ...............

الله- جل وعلا- يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ}[الأنعام:28] نقول هذا معدوم ما يدري عنه؟! الله- جل وعلا- أخبر عنهم أنهم لو ردوا لعادوا، قد يقول قائل أنه بناء على مقدمات سابقة هذا طبعهم هذا عنادهم وأما ما لم يحصل معدوم لا يحكم عليه بشيء لكن نحن أمة نصوص نتبع ما جاءت به النصوص.

طالب: ...............

أين؟ مثل هذا الكلام.

طالب: ...............

كل ما يتعلق بهذا الباب لأن عندهم يدخلون أشياء من الممتنعات عليه جل وعلا وهي صحيحة غير صحيحة جاءت بها النصوص.

طالب: ...............

الوصف الكاشف {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً}[آل عمران:130] ..

طالب: ...............

أنا أقول فيه له  مفهوم {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ}[التوبة:80] له مفهوم يعني لو استغفرت واحدا وسبعين، ولو أكل الربا ضعفا وضعفين وليس ثلاثة أضعاف، أسلوب من أساليب لغة العرب، موجود نعم ما يستدرك عليه.

وهذا هو الأصل من الإيمان بربوبيته العامة التامة فإنه لا يؤمن بأنه رب كل شيء إلا من آمن أنه قادر على تلك الأشياء ولا يؤمن بتمام ربوبيته وكمالها إلا من آمن بأنه على كل شيء قدير.

يعني إذا نازعنا في القدرة التامة لله جل وعلا والعلم الكامل، إذا نازعنا ما تخف منزلته عندنا وقيمته؟ يعني نقصناه مما أثبته لنفسه وبخسناه مما وصفه به نبيه -عليه الصلاة والسلام- يعني هذا في حق المخلوق ظاهر، كونك ترى شخصا من أهل المرتبة العليا من العلم والعمل والدين والتقوى ثم بعد ذلك تنزل منزلته عندك، وجدته في باب من الأبواب أقل هذا بالنسبة للمخلوق تعالى الله على أن يقاس أن بأحد من خلقه أو يقاس أحد من خلقه به تنزل قيمته، فما بالك بالخالق الذي له الكمال المطلق في كل وصف أثبته لنفسه ثم ينقصون منه، يخرجون منه أشياء لأن التخصيص تقليل للأفراد التي يشملها اللفظ العام فإذا أخرجت من هذا العموم بعض الأفراد عند أهل العلم العموم إذا دخله الخصوص يضعف..يرجح عليه غيره من العمومات التي لم تخصص، فإذا قلنا أنه على كل شيء قدير أخرجنا منه أشياء ما يضعف؟ يضعف هذا مقتضى النظر والأثر أيضًا.

وإنما تنازعوا في المعدوم الممكن هل هو شيء أم لا؟ والتحقيق أن المعدوم ليس بشيء في الخارج ولكن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون ويكتبه. وقد يذكره ويخبر به كقوله تعالى:{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم}[الحج:1] فيكون شيئًا من العلم..

الساعة ما وقعت بعد، وقت التنزيل إلى وقتنا هذا إلى ما يشاء الله جل وعلا هذا الوصف شيء عظيم ما تحقق ولا ظهر في الواقع لكن الله يعلمه ولا نقول إنه يعلمه من وقت نزول الآية لا، بلا بداية علمه أزلي.

فيكون شيئًا في العلم والذكر والكتاب لا في الخارج كما قال تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون}[يس:82].

وهذا أيضًا في بالنسبة للمخلوق وإن كان على حد أو على قدر.

أقول المخلوق لا يمكن أن يشير إلى شيء غير موجود في العيان، ما يقول هذا يشير إليه لا بد أن يكون موجودًا في الأعيان ولا يشار إلى ما هو موجود في الأذهان لكن إذا كان قريبا من وجوده في الأعيان والمشير يجزم ويغلب على ظنه تحققه في الأعيان جاز ذلك وفعله أهل العلم، لأنهم يكتبون مقدمات الكتب أحيانًا قبل التأليف وأحيانًا بعد التأليف ويقول في مقدمته أما بعد فهذا كتاب، إن كانت إشارته بعد نهاية الكتاب من التأليف إشارة لما في الأعيان وجاري على مقتضى العادة ومقتضى اللغة، وإن كان التأليف وقع بعد كتابة المقدمة فهذا إشارة إلى ما في الذهن مما هو قريب من وجوده في الأعيان، لكن شخص يقول هذا كتاب قبل أن يكتبه وكتاب فيه شرح للكتب الستة مثلاً أو شرح أو تفسير مطول للقرآن الكريم يقول مثل هذا الكلام هو يملك؟ ما يقدر ولا يستطيع أن يشير إلى ما في الذهن لأن هذا الذي يغلب على الظن، عدم وجوده، ما يغلب على الظن وجوده لكن مثل الورقات للجويني ثلاث أو أربع ورقات بجلسة يكتبها لا إشكال يشير إليها؛ لأنها قريبة والعمر في الغالب أنه يتجاوز هذه المدة، وشيخ الإسلام يكتب الرسالة بجلسة، الحموية بين الظهر والعصر، والواسطية كذا والكيلانية وصاحبها مستوفز يريدها ما رفع قلمه إلا منتهية، لكن أهل التسويف ممَّن يجلس يكتب ثم ينقطع مدة عن التأليف ثم يعود إليه ثم كذا وهو يؤلف في كتاب كبير هذا ما يغلب على الظن أنه يوجد فلا تصح الإشارة إليه حتى يوجد في الأعيان فيكون شيئًا في العلم والذكر والكتاب لا في الخارج {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون}[يس:82] ما يحتاج إلى مدة ولا يحتاج إلى.. وليس له أمد مضروب ينتهي جل وعلا مثل المخلوق {قَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}[مريم:9] يعني في السابق في الخارج لست بموجود.

وقال تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}[مريم:9] أي لم تكن شيئًا في الخارج وإن كان شيئًا في علمه تعالى وقال تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا}[الإنسان:1] وقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:11] رد على المشبهة وقوله..

الذين يشبهون المخولق بالخالق أو الخالق بالمخلوق كما تقدم، يشبهون المخلوق بالخالق وهذا فعل المشبهة في هذه الأمة وغيرها يشبهون المخلوق بالخالق كما فعلت النصارى والغلاة من كل أمة كما قال قائلهم:

فإن من جودك الدنيا وضرتها

 

ومن علومك علم اللوح والقلم

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به

 

.......................................

شبهوا الخالق بالمخلوق، المخلوق بالخالق شبهوه وصرفوا له ما لا يقدر عليه إلا الله.

وقوله تعالى:{وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}[الشورى:11] رد على المعطلة فهو..

الذين يقولون لا سمع ولا بصر لا يسمع ولا يبصر وليس له سمع ولا بصر.

فهو سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال وليس له فيها شبيه فالمخلوق وإن كان يوصف بأنه سميع بصير فليس سمعه وبصره كسمع الرب وبصره ولا..

الاشتراك في اللفظ لا يقتضي الاشتراك في المعنى، والتشبيه لا يقتضي التشبيه من كل وجه ذكرنا مرارًا أن الإنسان له وجه والجمل له وجه والقرد له وجه والنملة والجرادة لها وجه، أثبتنا الوجوه لهذه المخلوقات وهي تشترك جميعها في كونها مخلوقات ومع ذلك لا تتشابه مع ما بينها من النسبة، فكيف يشبه الخالق بالمخلوق هذا أبعد ولا نسبة بين الخالق والمخلوق إلا في اللفظ، وإذا كانت المخلوقات مما يستمتع به في الدنيا مما له نظير في الجنة، أنواع الفواكه ورد ذكرها في الكتاب والسنة وأنها في الجنة وهي أشياء محسوسة ونراها بين أيدينا في الدنيا يقول ابن عباس ليس في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء.

ولا يلزم من إثبات الصفة تشبيه إذ صفات المخلوق كما يليق به وصفات الخالق كما يليق به ولا تنف عن الله ما وصف به نفسه وما وصفه به أعرف الخلق بربه وما يجب وما يمتنع عليه وأنصحهم لأمته وأفصحهم..

أعرف الخلق بالله الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأنصحهم للأمة يمكن أن يخفي عليهم شيء مما أمر بتبليغه؟ يعني إذا وجد بين الناس شيء من الإخفاء والكتمان لئلا يكون مثله في هذا الشيء، يعني تاجر يخفي سر المهنة عن غيره لئلا يصل إلى درجته هذا ليس من النصيحة، صاحب مطعم يخفي سر الخلطة عن غيرها ويمتاز بها عن غيره لئلا يقلدونه هذا كله هذا ليس من النصيحة، طالب علم وهذا وجدناه في الكليات يكون عنده تعليق على كتابه من شيخ من الشيوخ ما يطلع عليه زملاءه يخشى أن يحفظوه ويجيبون عنه في الامتحان ويأخذون درجات مثله، هذا من النصيحة أو من الغش؟ هذا ليس من النصيحة، أنصح الخلق للخلق الرسول -عليه الصلاة والسلام- فلا يتصور أنه كتم عنهم شيئًا أو زادهم شيئًا مما لم يؤمر بتبليغه وأنصحهم لأمته وأفصحهم، بعض الناس مثل ما تسمعون يريد أن يبلِّغ فائدة أو فكرة أو يوضح شيء تخونه العبارة قد يؤاخذ على ما نطق به ولو لا يريده، خانته العبارة لكن من أفصح الخلق؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأفصحهم ما يقال والله خانته العبارة مثل فلان لا لا هذا ليس  متصورا وأفصحهم وأقدرهم على البيان وأقدرهم على البيان، فإنك إن نفيت شيئًا من ذلك كنت كافرًا بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- يعني مسألة التكفير ومسألة التأويل وما التأويل والمعاندة هذه ليست بداخلة معنا الآن سيأتي بحثها، لكن ليحذر كل الحذر من ينفي الصفات ولو متأولاً من موقف متى؟ إذا جاء الرب لفصل القضاء وعرفوه بصفاته سجدوا له كيف يعرفونه بصفاته وهم ما أثبتوها؟ لأنه يأتيهم في أول الأمر على غير الصفات التي يعرفونها فلا يسجدون له ويقولون لست بربنا ثم يأتي على الصفات التي عرفوها فيسجدون له، بالله قولوا ما الذي سيصنعه من لا يثبت الصفات؟! ينكر الصفات خطر عظيم، المسألة ليست بسهلة، مسألة التكفير وغيره مسألة ثانية، يعني تتعلق بالتأويل السائغ والمقبول والذي له أصل في لغة العرب، والذي لديه شبهة والذي خفي عليه كذا أو ما بلغه النص كذا، هذه مسائل تدرأ هذه الأمور عمن أول فعل شيء من ذلك لكن يبقى أن المسألة خطيرة وليست بالسهلة.

وأنصحهم لأمته وأفصحهم وأقدرهم على البيان فإنك إن نفيت شيئًا من ذلك كنت كافرًا بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- وإذا وصفته بما وصف به نفسه فلا تشبهه بخلقه فليس كمثله شيء فإذا شبهته بخلقه كنت كافرًا به.

يقولون المشبه يعبد صنما والمعطل يعبد عدمًا، عدم يعني لا شيء ليس موجودا، معطل يمكن أن تثبت شيئا ليس له صفات؟ لا يمكن.

قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس ما وصف الله به نفسه ولا ما وصفه به رسوله تشبيهًا، وسيأتي في كلام الشيخ الطحاوي رحمه الله ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه وقد وصف الله تعالى نفسه بأن له المثل الأعلى..

النفاة معولهم وشبهتهم التنزيه، تنزيه تشبيه الخالق بالمخلوق فتوصلوا بذلك إلى النفي والتشبيه، والمشبهة فروا مما وقع فيه المعطلة؛ ولذلك قال: من لم يتوق النفي والتشبيه، من لم يتوق النفي والتشبيه امتثالاً لقوله جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}[الشورى:11] زل ولم يصب التنزيه لأنه إذا لم يتوق النفي والتشبيه إما وقع في النفي أو وقع في التشبيه، هل حصل له التنزيه؟ لا، مثل ما قيل إما أن يعبد عدما وإما أن يعبد صنما، وليس هذا هو التنزيه.

وقد وصف الله تعالى نفسه بأن له المثل الأعلى فقال تعالى:{لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ}[النحل:60] وقال تعالى {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[الروم:27] فجعل سبحانه مثل السوء المتضمن للعيوب والنقائص وسلب الكمال لأعدائه المشركين وأوثانهم وأخبر أن المثل الأعلى المتضمن لإثبات الكمال كله لله وحده فمن سلب صفات الكمال عن الله تعالى فقد جعل له مثل السوء ونفى عنه ما وصف به نفسه من المثل الأعلى وهو الكمال المطلق المتضمن للأمور الوجودية والمعاني الثبوتية التي كلما كانت أكثر في الموصوف وأكمل كان بها أكمل وأعلى من غيره ولما كانت صفات الرب تعالى أكثر وأكمل كان له المثل الأعلى وكان أحق به من كل ما سواه بل يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى المطلق اثنان لأنهما إن تكافئا من كل وجه لم يكن أحدهما أعلى من الآخر وإن لم يتكافئا فالموصوف به أحدهما وحده فيستحيل أن يكون لمن له المثل الأعلى مثل أو نظير واختلفت عبارات المفسرين في المثل الأعلى ووفق.. ووفَّق بين أقوالهم بعض من وفقه الله وهداه فقال المثل الأعلى يتضمن الصفة العليا وعلم العالمين بها ووجودها العملي..

العلمي..

أحسن الله إليك.

ووجودها العلمي والخبر عنها وذكرها وعبادة الرب تعالى بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه.

يوجد كتاب لبعض المتأخرين في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- سماه محمد المثل الأعلى ولله المثل الأعلى فهل مثل هذه التسمية تجوز في المخلوق؟

طالب: .............

المثل الأعلى تعني الكمال، فإن أريد به الكمال المطلق هذا لله- عز وجل- وإن أريد به الكمال النسبي يعني فيما يتعلق بالبشر فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل الخلق، ومع ذلك ينبغي ألا تطلق في حق أحد من المخلوقين، وإذا وُجدت تؤولت على هذا النحو والأولى ألا تطلق.

فهاهنا أمور أربعة الأول ثبوت الصفات العليا لله سبحانه سواء علمها العباد أو لا، وهذا معنى قول من فسرها بالصفة الثاني وجودها في العلم والشعور وهذا معنى..

لأن لله جل وعلا أسماء استأثر الله بها في علم الغيب، وهذه الأسماء متضمنة لصفات، ومادام الله جل وعلا استأثر بها في علم الغيب عنده فإننا لا نطلع عليها، نؤمن بها إجمالاً ولا نؤمن تفصيلاً إلا بما وصلنا منها، قال: سواء علمها العباد أو لا، الصفات العليا ثابتة لله جل وعلا فنؤمن بما بلغنا منها تفصيلا وما بلغنا منها إجمالا كما في هذا الخبر؛ لأن الاسم مشتق منه صفة ولا عكس كما أننا نؤمن بالرسل المذكورين لنا في القرآن على سبيل التفصيل ونؤمن من سيَرهم بما بلغنا في الكتاب والسنة على سبيل التفصيل وما عدا ذلك {وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}[غافر:78] هؤلاء نؤمن بهم إجمالاً.

وجودها في العلم والشعور وهذا معنى معنى قول من قال من السلف والخلف إنه ما في قلوب عابديه وذاكريه من معرفته وذكره ومحبته وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه والتوكل عليه والإنابة إليه.

نعم وهذا متفاوت جدًا في قلوب العباد، من العباد من في قلبه من هذه الأمور ما يكاد يطير به من قوته من معرفته وذكره ومحبته وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه، وبعض الناس ولذلك ترون التأثير إذا سمعوا مثل هذا الكلام أو سمعوا من القرآن ما يسمعون تجد التأثير، تجد القلوب وجلة، وتكاد مثل الطير في القفص تتحرك، وللصدر أزيز كأزيز المرجل، وبعض الناس عنده أقل من هذا فيه نوع تحرك إذا ذكر الله- جل وعلا- وبعض الناس ميت وما لجرح بميت إيلام، لو تقرأ القرآن الليل والنهار ما تحرك قلبه.

وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشركه فيه غيره أصلاً بل يختص به في قلوبهم كما اختص به في ذاته، وهذا معنى قول من قال من المفسرين إن معناه أهل السموات يعظمونه ويحبونه ويعبدونه وأهل الأرض كذلك وإن أشرك به من أشرك وعصاه من عصاه وجحد صفاته من جحدها، فأهل الأرض معظمون له مجلون خاضعون لعظمته مستكينون لعزته وجبروته قال تعالى {وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُون}[الروم:26] الثالث ذكر صفاته والخبر عنها وتنزيهها من العيوب والنقائص..

تنزيهُها وتنزيهُها.

وتنزيهُها من العيوب والنقائص والتمثيل، الرابع: محبة الموصوف بها وتوحيده والإخلاص له والتوكل عليه والإنابة إليه وكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان هذا الحب والإخلاص أقوى.

فإذا وجد الحب والتعظيم نتج عن ذلك الإخلاص وترتبت الآثار وظهرت الآثار على البدن.

فعبارات السلف كلها تدور على هذه على هذه المعاني الأربعة فمن أضل ممن يعارض بين قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى}[الروم:27] وبين قوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:11].

في جهة يعني من جهة والجهة الثانية التي يعارضون بها {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}[الشورى:11].

ويستدل بقوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:11] على نفي الصفات ويعمى عن تمام الآية، وهو قوله {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}[الشورى:11].

القلوب غطت عليها الشبه فصارت لا ترى إلا ما تريد، وحبك الشيء يعمي ويصم، اثنان من كبار أهل العلم ظهرت لهم صور وهما متجاوران في جريدة واحدة، جاء شخص بالجريدة يقول انظر الشيخ فلان يصور، قيل له هذا الشيخ الثاني بجنبه لأنه محب له ومعظم له، قال: هذا أعمى ما يدري، طيب الثاني نفس الشيء أعمى كلهم عميان؟! يعني إذا عذرت هذا أنه ما رأى المصور فكيف تلوم هذا؟ لكن هو من باب الحب الذي يغطي على القلب، هنا هذه الشبه غطت على القلب فصاروا لا يقرؤون وهو السميع البصير، بل زاد الأمر على ذلك فطلب ابن أبي دؤاد على ما سيأتي في كلام المؤلف أن يكتب بدلها وهو العزيز الحكيم.

حتى أفضى هذا الضلال ببعضهم وهو أحمد بن أبي داود..

دؤاد دؤاد.

وهو أحمد بن أبي دؤاد القاضي..

الذي امتحن الناس، امتحن أهل العلم في القول بخلق القرآن مع المأمون نسأل الله العافية.

إلى أن أشار على الخليفة المأمون أن يكتب على ستر الكعبة ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم، حرف كلام الله لينفي وصفه تعالى لأنه السميع البصير كما قال..

الآن في بعض الجهات بعض الآيات التي تثير بعض الأعداء يطالب بعض الناس بألا تقرأ في الصلاة، ولا تقرأ على الناس، بل بعضهم طالب بما هو أعظم من ذلك من إزالته من المصحف نسأل الله العافية، ويذكر عن الحجاج والله أعلم بصحته ذكره الحافظ ابن كثير وغيره في البداية والنهاية، قال: وددت أن أمحو قراءة ابن أم عبد حتى بهذا اللفظ الذي جاء به اللفظ النبوي أن أمحو قراءة ابن أم عبد من المصحف بضلع خنزير -نسأل الله العافية- ويطالب بعض المفتونين الآن ببعض الأمور التي يرضى بها الأعداء، يعني إذا كانت المداهنة في أحكام يسيرة محرمة {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُون}[القلم:9] نعم المداراة مطلوبة ودفع الشر والضرر بقدر الإمكان لا على حساب ديننا وإقرار المحرمات لكن هي الفتنة نسأل الله العافية، وإيثار الدنيا على الآخرة.

كما قال الضال الآخر جهم بن صفوان وددت أني أحك من المصحف قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف:54] فنسأل الله العظيم السميع البصير أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة بمنه وكرمه..

من أسوأ ما نُقل عن أئمتهم- أعني المبتدعة- ما نقل عن بشر المريسي أنه سُمع وهو يقول في سجوده: سبحان ربي الأسفل، معارضًا بذلك الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة، والسبب في هذا كله الاستدراج، الإنسان في أول الأمر يقول كلمة لا يحسب لها حسابا ولا يتراجع عنها ولا يندم عليها ولها لوازم يناقش عنها ويصر ويعاند فتذكر له اللوازم فيلتزم بها ثم شيئًا فشيئًا يعاقب بما هو أشد منها إلى أن يجد نفسه في هذا الموقف، يعني نسمع الآن في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة كلاما من أناس كنا نعدهم أخيارا، علماء من أهل العلم والعمل والدعوة ثم تساهلوا شيئًا فشيئًا إلى أن صاروا يقولون كلاما لا يمكن قبوله ولا تأويله، طالب العلم يجب أن يجعل له سياجا واحتياطا، شيء يمنعه من أن ينزج في أمور لا يحسب لها حسابا، إذا كان في الأمور العملية السلف يتركون تسعة أعشار الحلال خشية أن يقعوا في الحرام فما بالك بالعقائد التي هي المصححة للأعمال والله المستعان.

وفي إعراب كمثله وجوه أحدها أن الكاف صلة زيدت للتأكيد قال أوس بن حجر:

ليس كمثل الفتى زهير
 

 

خلق يوازيه في الفضائل
 

وقال الآخر:

..........................

 

ما إن كمثلهم في الناس من بشر

وقال آخر: وقتلى كمثل...

الأصل ليس مثل الفتى، ما إن مثله إلى آخره ثم زيدت الكاف للتأكيد.

وقال آخر:

...............................

 

وقتلى كمثل جذوع النخيل

فيكون مثله خبر خبر ليس واسمها شيء.

نعم مثله تكون خبر ليس منصوبة بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الجر الناشئة عن الكاف.

وهذا وجه قوي حسن تعرف العرب معناه في لغتها ولا يخفى عنها إذا خوطبت به، وقد جاء عن العرب أيضا زيادة الكاف للتأكيد في قول بعضهم.

يعني إذا زيدت على مثل اللفظ يعني لا يكون في المعنى قلق مثل ما إذا زيدت الكاف على الكاف ومع ذلك رد ككما، وبعض المفسرين يتأدب مع القرآن فلا يقول بأنها زائدة؛ لأن القرآن مصون من الزيادة والنقصان فيكره اللفظ وإن كان المعنى ليس ببعيد متقارب فيقول صلة.

وقد جاء عن العرب أيضًا زيادة الكاف للتأكيد في قول بعضهم:

وصاليات ككما.......

 

........................

يؤثفين.

وصاليات ككمايؤثفين

 

........................

الصاليات هي الأثافي التي توضع وتنصب على النار ويوضع عليها القدرة فهي تصلى النار فهي صاليات.

وقول الآخر:

..............................

 

فأصبحت مثل كعصف مأكول

فزاد مثل هنا على قوله كعصف مأكول.

الوجه الثاني: أن الزائد مثل أي ليس كهو شيء وهذا القول بعيد لأن مثل اسم والقول بزيادة الحرف للتأكيد أولى من القول بزيادة الاسم، الوجه الثالث: أنه ليس ثم زيادة..

لكن المزيد الأول أو الثاني؟ عمومًا يعني..

طالب: الثاني.

الأول يبقى أصلا والثاني مزيد للتأكيد، وعمومًا تكرار اللفظ تأكيد الأول هو الأصل والثاني تأكيد له، فأصبحت مثل كعصف مأكول هذا ليس فيه إشكال، أن نقول مثل هي المزيدة ما نقول الكاف لأنه الأول وما تقدم {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:11] المزيد على مقتضى ما قررناه.

طالب: ...............

وش هو؟

طالب: ...............

مثل مثل؛ لأن الأول وقع في موقعه، والثاني زيد عليه لتأكيده، ولذلك يقررون فيما إذا كتبت لفظا واحدا مرتين خطأ كررت لفظ أيهما تمسح؟ تمسح الأول أو الثاني؟ الثاني؛ لأن الأول صحيح في موقعه والثاني هو الزائد، لكن عمومًا يعني ومن جهة أخرى أن القول بزيادة الحرف أسهل من القول بزيادة الاسم، وكونك تحكم على حرف واحد بأنه زائد أسهل من أن تحكم على أربعة حروف بأنها زائدة.

الوجه الثالث: أنه ليس ثم زيادة أصلاً بل هذا من باب قولهم مثلك لا يفعل كذا أي أنت لا تفعله، وأتى بمثل للمبالغة، وقالوا في معنى المبالغة هنا أي ليس لمثله مثل لو فرض المثل فكيف ولا مثل له وقيل غير ذلك، والأول أظهر.

الوجه الثالث: يعني إذا أردت أن تمدح شخصا فتقول: أنت لا تفعل مثل هذا، نفيت عنه هذا الفعل الذي لا يليق به، لكن اترك هذا الشخص في معزل في برج بعيد عن أن يتصور منه أن أن يفعل مثل هذا، وأتينا بشخص يوصف بأنه مثله ومعلوم أن التشبيه المشبه به أعظم من المشبه في الأصل، فأتينا إلى هذا الشخص الذي هو دونه في هذه الصفات وقلنا أنه لا يليق به أن يفعل مثل هذا لماذا؟ لأنه مثلك، يعني مشبهًا لك يعني فكيف بك هذا وجه المبالغة التي يوردها من قال بالقول والوجه الثالث.

 

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"