كتاب البيوع من عمدة الفقه - 03

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

قال المؤلف- رحمه الله تعالى-:

باب الربا: عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، فإذا كان..»."

إذا كان.. إذا كان..

"«إذا كان يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى». ولا يجوز بيع مطعوم مكيل أو موزون بجنسه إلا مثلاً بمثل، ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بشيء من جنسه وزنًا ولا موزون كيلاً، وإن اختلف الجنسان جاز بيعه كيف شاء يدًا بيد، ولم يجز النسأ فيه ولا التفرق قبل القبض إلا في الثمن بالمثمَّن."

ماذا؟ ولم يجز النسأ فيه ولا التفرق قبل القبض إلا ..

إلا في الثمن...

إلا ماذا عندكم؟

طالب: .........

إلا في الثمن بالمثْمَن أو إلا الثمن بالمثْمَن.. إلا الثمن..

طالب: .........

أين؟

طالب: .........

عندك ماذا؟

طالب: .........

نعم.. الثمن الذي هو القيمة والمثمن هو السلعة.

"إلا في الثمن بالمثْمَن، وكل شيئين جمعهما اسم خاص فهما جنس واحد إلا أن يكونا من أصلين مختلفين، فإن فروع الأجناس أجناس وإن اتفقت أسماؤها كالأدقة والأدهان.

ولا يجوز بيع رطب منها بيابس من جنسه، ولا خالصة بمشوبة، ولا نيئة بمطبوخة.

وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة، وهو شراء التمر بالتمر في رؤوس النخل، ورخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبًا."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف- رحمه الله تعالى-: "باب الربا" الربا في اللغة الزيادة {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [سورة الحـج:5] يعني زادت، وهو في الاصطلاح الشرعي زيادة في شيء مخصوص مما نُصَّ عليه أو قيس على منصوص مما تجمعه فيه العلة الواحدة، والربا حرام بالإجماع وإذا قيل بالإجماع فالإجماع لا بد له من مستند، فهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [سورة البقرة:275] {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ} [سورة البقرة:275] ماذا؟ {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [سورة البقرة:275] حتى قال بعض المفسرين: إن المرابين يبعثون يوم القيامة مجانين، نسأل الله العافية، ولعن النبي -عليه الصلاة والسلام- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وعده من الموبقات، السبع الموبقات المهلكات، ولو كان شيئًا يسيرًا.

 فالربا أمره عظيم وشأنه خطير، وتداوله بين الناس من غير نكير مؤذن بعقوبة عامة، نسأل الله السلامة والعافية، فالمرابي محارب لله ورسوله محارب، لا يجوز بحال أن يعمد شخص ويقدم على ربا ولو كانت نسبته ضئيلة، ولو كان الداعي إليه حاجة مُلِحَّة مهما كانت الحاجة الداعية إليه، هناك- ولله الحمد- البدائل التي تحفظ الضرورات من غير ارتكاب مثل هذه المحظورات الشنيعة، البدائل الشرعية. على كل حال كونه موجودًا ومتداولًا بين الناس لا يقلل من شأنه، ولا يخفف من أمره ،فأمره خطير جدًّا، نسأل الله السلامة والعافية، مهما ضؤلت نسبته وذلك في الإقدام عليه، وهذا يختلف عما لو كانت المعاملات سليمة، ثم دخل فيها شيء غير مقصود، على أنه يجب التخلص من،ه ولو لم يكن مقصودًا.

ففرق بين الإقدام على العقد المحرم وبين كون هذا الحرام يرد على الشخص من غير قصد ثم يتخلص منه. لا يجوز للإنسان أن يقدم على عقد محرم يقول: أتخلص منه فيما بعد، لا، فالإقدام عليه محرم شديد التحريم، أما إذا دخلت في المعاملة من غير قصد، ثم تخلص منه الإنسان فإنه تبرأ عهدته من ذلك، المرابي ليس له إلا رأس المال إذا تاب، رأس المال إذا تاب {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [سورة البقرة:279]، لكن هل المراد رأس المال في بداية التجارة، أو رأس المال عند التوبة؟

شخص عنده مبلغ مائة ألف أودعه في البنوك يتعاملون فيه بالربا، وبعد عشر سنوات صار مليونًا، تاب الرجل، هل نقول: ليس لك من هذه الأموال إلا مائة ألف، رأس مالك عند الدخول في هذه المراباة، أو لك ما بيدك، ولا يجوز لك أن تأخذ بعد التوبة ما زاد على ذلك، لك ما بيدك ولو كان تسعمائة ألف، والمائة الألف الباقية أرباح لم تستوف بعد، هل نقول: لك رأس مالك عند بداية التجارة أو رأس مالك عند التوبة؟ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [سورة البقرة:279].

 شخص مشهور من كبار المؤسسين للبنوك بدأ التجارة بعشرين ريـالًا قبل سبعين سنة وتاب عن مليارات فهل نقول له: ليس لك من أموالك إلا العشرين ريـالًا التي بدأت بها التجارة، أو نقول: لك ما بيدك وقت التوبة وما في ذمم الناس من زيادات وربويات لا يجوز لك أن تأخذها؟

طالب: .........

كيف؟

طالب: .........

في البداية ما له إلا عشرين ريـالًا، وأمواله التي اكتسبها بيوته ومزارعه واستراحاته ونساؤه وذراريه وأكله وشربه الذي أكله من هذه السحوت؟ الآن نفترض أن شخصًا دخل التجارة وهو.. قصة واقعة بعشرين ريـالًا تاب بعد نصف قرن وهو يملك المليارات، عشرات المليارات منها ما بيده، ومنها ما بذمم الناس باقية، نفترض أن بيده الآن عشرة مليارات ومليار أو أكثر بيد الناس في ذممهم، وقد تاب هل نقول: لك العشرة التي بيدك رأس مالك وقت التوبة، وما زاد على ذلك لا يجوز أن تستوفي منه شيئًا، أو نقول: رأس مالك الذي دخلت به التجارة عشرون ريـالًا، والباقي كله تخلص منه {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [سورة البقرة:279]؟

 قول الأكثر وهو المتبادر قول الأكثر أنه ليس له إلا رأس ماله الذي دخل فيه التجارة، لكن هناك قول ثانٍ وهو معتبَر في المسألة، وهو أنه له رأس ماله وقت التوبة، والتوبة تهدم ما كان قبلها كما جاء في الحديث الصحيح، ويظهر رجحانه؛ لأنه يعين على التوبة؛ لأنك إذا قلت: ما لك إلا عشرون ريـالًا، هذا احتمال ألا يتوب، يرجع عن توبته، والله سبحانه وتعالى أفرح بتوبة عبده كما جاء في الحديث: أشد فرحًا يفرح بتوبة عبده، والقول بأنه ليس له إلا رأس ماله في بداية التجارة يحول دونه ودون التوبة ويصده عن التوبة.

 ومن تعبيرات شيخ الإسلام- رحمه الله تعالى- كثيرًا ما يقال ومن المحال في العقل والدين أن يكون كذا فيمكن أن يقال: من المحال في العقل والدين أن الله يحث على التوبة، بل يوجبها على عباده، ثم يصدهم عنها، والكافر إذا أسلم عن سبعين سنة وقد لزمه صلاة وعبادات خمس وخمسين سنة هل يؤمر بقضائها أو لا يؤمر؟ الأصل أنه يؤمر؛ لأنه مطالَب بها حال كفره، لكنه لا يؤمر بها؛ ترغيبًا له في الإسلام؛ لأنه لو طولب بعبادات خمس وخمسين سنة قال: لن أسلم، قضينا، أهل العلم قالوا: إنه لا يؤمر بها حال كفره؛ لتخلف الشرط، ولا يؤمر بقضائها إذا أسلم؛ ترغيبًا له في الإسلام.

 قد يقول قائل: إن مثل هذا القول يخفف من قيمة الربا، ويجعل الناس يرابون، وإذا بقي شيء يسير من حياته أو شعر بشيء تاب، أقول: من يستصحب هذه النية لا يوفق للتوبة، هذا من جهة الأمر أنه يستوي في هذا جميع الذنوب حتى الزاني، حتى شارب الخمر، حتى السارق يقول يؤجل ويسوف هذا شأنه في هذا شأن جميع الذنوب والمعاصي، لا شك أن القول الذي ذكرناه أولاً هو قول الأكثر، والثاني قول معتبَر يؤيده النظر ويحتمله النص، يعني ما هو بعيد عن فهم النص، الآية محتملة، ويؤيده النظر.

 على كل حال الربا شأنه عظيم، وهو كغيره من الذنوب والمعاصي إذا أراد الإنسان أن يؤجل التوبة منه ففي الغالب لا يوفَّق للتوبة، وإذا وُفِّق وجاء بالتوبة على وجهها بشروطها أنه كغيره من الذنوب والمعاصي ليس بأعظم من الشرك الذي تجبه التوبة.

طالب: .........

لا، إذا عرف صاحبه إذا عُرف، التوبة تجب ما قبلها، لكن إذا كان شخص أخذ مالًا معروفًا صاحبه، أخذ منه من غير رضاه، لو افترضنا أن بغيًّا تابت وقد أخضت من أموال الناس لو شخص زنا بامرأة بمقابل، امرأة عفيفة فجاء إليها شخص وقال لها: بمليون وهو مبيِّت الخبيث أن كسب البغي خبيث، فلما أغراها بذلك، كانت لا توافق، لكن الإغراء قال: بمليون فوافقت لما انتهى قال: كسب البغي خبيث، وأنا لا أعين على الكسب الخبيث، ماذا نقول؟ تدفع أو لا تدفع؟ يدفع فيؤخذ منه؛ لأنه هو الخبيث الأول فيؤخذ منه معاملة له بنقيض قصده من جهة وتُمنع منه؛ لأنه خبيث، فمثل هذا المال يتخلص منه، مثله الأموال، المكاسب التي دخلت من وجوه محرمة على غير وجهها غصوب وسرقات لا بد أن تُرَد إلى أصحابها إذا كانت من غير غصوب فمثل هذه يتصدق منها حتى يغلب على الظن أنه كفَّر عما ارتكبه مع التوبة. إذا كانت شبهات ليست محرمات صريحة مثل هذه أمرها أخف، وإن كان الخلاص منها هو الأورع والأكمل، وإن كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: إن الديون تقضى من مثل هذه المكاسب وإن لم تكن نظيفة.

 ومثل ما ذكرنا لو أن شخصًا يتعامل بالمحرم ثم تاب، ورأينا أن تخلصه.. الأصل أن يتخلص من هذه الأموال، لكن إذا رأينا أن أمره بهذا التخلص يصده عن التوبة فنقول: احتفظ منه بما يعينك على حياتك.. الآن الناس بنوا بيوتًا وتزوجوا النساء وولدوا الأولاد وبنوا أجسامهم على هذه السحوت، لكن إذا تاب توبة نصوحة جبت ما سبق، بقيت الأموال التي باليد، الشرع لا يكلِّف ما لا يطاق، الشرع لا يكلف ما لا يطاق، فما يطيقه الإنسان ويطيق إخراجه يخرجه، وما لا يطيقه فإنه حينئذٍ لا يؤمر بإخراجه إلا من باب الحرص على إبراء الذمة، وإلا فالتوبة تهدم ما كان قبلها.

 يقول- رحمه الله-: "عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواءً بسواء»" ستة المنصوص عليها من الربويات الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح هذه لا يجوز بيع بعضها ببعض إلا مع التساوي والتقابض مثلاً بمثل سواء بسواء، وهل يلحق بها غيرها مما يشاركها في العلل، أو يقتصر على هذه الستة؟ أهل الظاهر يقولو:ن الربا خاص بالمنصوص عليه، وما عدا ذلك فلا ربا فيه، وهذا لائق بما قعدوه من عدم النظر إلى المعاني والأقيسة، لكن جمهور أهل العلم على أن هذه الربويات أصول يقاس عليها من الفروع ما يشاركها في العلل، فيشارك الذهب والفضة النقود من أي مادة كانت من ذهب من فضة من حديد من صفر من نحاس من ورق من جلود، كل ما يشاركها في النقدية يجري فيه الربا، ما يكال ويدخر من المطعومات يشارك البر والشعير والتمر.

 بعضهم ينظر إلى هذه المنصوصات من زوايا أخرى، ويختلفون في علل التحريم أو العلل الجامعة بين هذه الأصول وما يقال عليها، على كل حال كلام أهل العلم في هذا طويل، وقول جمهور أهل العلم أنه يلحق بها ما يشاركها في العلل، والعلل فيما ذُكر الذهب والفضة النقدية، فالربا يجري في جميع النقود من أي مادة كانت، وبقية ما ذكر الكيل والوزن مع الطعم والادخار على خلاف بين أهل العلم في العلل، وكل على مذهبه مثل هذه إذا بيع الجنس بجنسه بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة وهكذا بقية الأصناف، لا بد من تحقق التماثل مع التقابض مثلاً بمثل سواءً بسواء يدًا بيد، لا يجوز الزيادة، ولا يجوز النسأ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، من زاد بدل الزيادة أو استزاد يعني طلب الزيادة فقد أربى، يعني وقع في الربا، نسأل الله العافية.

 إذا اختلفت هذه الأصناف ذهب بفضة، بر بشعير، شعير بتمر، ملح بتمر، جازت الزيادة، تجوز الزيادة صاع تمر بصاعي شعير باثنين من الشعير يجوز، لكن لا بد أن يكون يدًا بيد، التمر كله جنس واحد لو قال: أنا أشتري صاع خلاص بصاعين من النوع الأقل؛ لأن الخلاص جنس، والصفري أو الخضري جنس آخر نقول: لا، التمر كله جنس واحد، ما كان منه الكيلو بخمسة وما كان بمائة جنس واحد لا تجوز الزيادة، لا بد من التساوي والتقابض، لكن تمر بشعير، تمر بملح تمر، ببر، تجوز الزيادة، لكن يحرم النسأ إلا يدًا بيد، «فإذا اختلفت هذه الأصناف» بأن كان بر بشعير، شعير بتمر «فبيعوا كيف شئتم» من الزيادة والنقص «إذا كان يدًا بيد» لا بد من التقابض، «فمن زاد» أعطى هذه الزيادة «أو استزاد» طلب وأخذ هذه الزيادة «فقد أربى» يعني دخل في الربا، كما يقال: أنجد يعني دخل في نجد، أتهم دخل في تهامة، أظلم دخل في الظلام، وهكذا.

طالب: .........

الرطب؟ يأتي هذا في المزابنة.

يقول: ولا يجوز بيع مطعوم بمكيل أو موزون أو مكيل، بيع مطعوم مكيل أو موزون بدون باء.

ماذا عندكم؟

طالب: .........

"ولا يجوز بيع مطعوم مكيل" بدون باء مكيل "أو موزون"؛ لأن عندنا باءً "أو موزون بجنسه إلا مثلاً بمثل".

فالعلة هنا الطعم مع الكيل والوزن الطعم، ولا يجوز بيع مطعوم مع الكيل أو الوزن لكن مطعوم لا يكال ولا يوزن يدخله الربا؟ مطعوم لا يكال ولا يوزن هذا لا يدخله الربا قد يقول قائل الآن التمر لا يكال ولا يوزن وهو مطعوم انتفت علة الربا فيه؟ لم تنتف علة الربا؛ لأن أصله مكيل أو موزون بجنسه إلا مثلاً بمثل بيع مطعوم مكيل مثل التمر لا يجوز بيعه إلا مثلاً بمثل بجنسه "بالتمر، ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بشيء من جنسه وزنًا" يعني قال: أنا أشتري عشرة كيلوات تمر بعشرة كيلوات تمر يجوز أم ما يجوز؟

 "ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بشيء من جنسه وزنًا ولا موزون كيلاً" والمكيل لا بد أن يباع بجنسه كيلًا، والموزون لا يجوز أن يباع بجنسه، لا يجوز إلا وزن الأصل، الآن لو جئت بصاع من التمر ووزنته، قل يأتي ثلاثة كيلوات مثلاً ثم جئت بنوع آخر من التمر صاع ووزنته يمكن يكون كيلوين ونصفًا أو ثلاثة كيلوات ونصفًا، فإذا بعت ثلاثة كيلوات من التمر الأول بثلاثة كيلوات من التمر الثاني تحققت المماثلة أو ما تحققت؟ ما تحققت؛ لأن التمر مكيل، وكون الناس يتعاملون به على الوزن لا يخرجه عن كونه مكيلًا يقول: الآن يبيعونه وزنًا يجوز أم ما يجوز؟

طالب: .........

لماذا؟ لأنه ما بيع بجنسه الآن المحظور هنا إذا بيع بجنسه، أما إذا بيع بغير جنسه فبع كيف شئت، تشتري بالكيلو، بالسطل، بالجزاف، بالقلة، اشتر بما شئت بالكيس إذا اشتريت بدراهم أو اشتريت بغير جنسه؛ لأن المماثلة غير مشترطة، لكن إذا اشتريت تمرًا بتمر فلا بد أن يستوفى كيلاً، لا بد أن يستوفى كيلاً، ولا يكفي الوزن تقول: والله أنا عندي تمر خلاص كيس هذا خمسة وأربعون كيلو بكيس ثانٍ سكري خمسة وأربعين كيلو نقول: لا، لا يجوز بيع تمر بتمر إلا كيلًا؛ لأن الوزن ما تتحقق فيه المماثلة، لا تتحقق فيه المساواة، ظاهر أم ليس بظاهر يا إخوان؟

 "ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بشيء من جنسه وزنًا ولا موزون كيلاً"؛ لأن المعيار الشرعي معتبَر، ومخالفة هذا المعيار الشرعي لا تتحقق فيه المماثلة، وحينئذٍ يفضي إلى التفاضل بين المبيعين والجهل بالتساوي عندهم كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، ولذا لا تباع خرصًا، كم يجيء هذا؟ يجيء عشرة آصع، وذا كم يجيء بعشرة بع هذا، لا، لا بد من العلم بالتماثل كيلاً بكيل.

 "وإن اختلف الجنسان جاز بيعه كيف شاء يدًا بيد" يجوز أن تبيع صاع تمر بعشرة آصع شعير، لكن لا بد أن يكون يدًا بيد، خذ وهات، لا بد أن يكون يدًا بيد.

 "ولم يجز فيه النسأ" تقول له: هات لي صاع تمر، أنا محتاج الآن، وإذا حصدنا إن شاء الله نعطيك عشرة آصع بر، يجوز أم لا؟ لا يجوز لا بد أن يكون يدًا بيد. "لم يجز فيه النسأ ولا التفرق قبل القبض" ولا التفرق قبل القبض، يتساهل الناس في هذا كثيرًا في باب بيع الذهب والفضة، وفي باب الصرف صرف العملات يتساهلون، يأخذ الذهب يقول: والله أنا الآن ما معي شيء أجيء بها العصر، نقول: يا أخي اتركه هنا حتى تحضر القيمة، قال: يا أخي الذهب كغيره من السلع، أنا أشتري السيارات بعشرات الألوف ونذهب ونجيء بها بعد، ماذا يصير؟

 نقول: لا، هذا ذهب، هذا نقد، والصياغة لا تخرجه عن كونه نقدًا كونه مصرورًا يباع ويشترى لا يعني أنه انتقل من كونه ذهبًا، هو ذهب، وإن كان شيخ الإسلام- رحمه الله- يرى أن الصياغة تخرجه عن كونه ذهبًا إلى أن يكون كغيره من العروض، وهذا قول وإن قال به شيخ الإسلام -رحمه الله- وقبله معاوية -رضي الله عنه- إلا أنه قول مرجوح، قول ضعيف، عامة أهل العلم على خلافه، فالصياغة لا تخرج الذهب أو الفضة عن كونها ذهبًا ولا فضة عن كونها نقدًا إلى كونها عروضًا، لا يخرج عنه ذلك، ولذا يجب فصل ما خالطها من فصوص ومواد غير الذهب والفضة تبقى ربوية، ولا تنتقل إلى كونها عرضًا من عروض التجارة كغيرها، لا.

 "لم يجز فيه النسأ ولا التفرق قبل القبض" يحصل بين النساء كثيرًا، والله الخاتم الذي معك طيب وأنتِ معك كذا آخذه، يتبايعون وتجيء القروش بعد، ما يصلح هذا، أو يتبايعون ذهبًا بذهب مع أن هذا أكبر أو أصغر، يحصل هذا بين النساء كثيرًا، ويتسامح أهل المحلات ويخرجون الناس على أن تأتي الأقيام فيما بعد، نقول: لا يجوز ذلك، لا بد أن تكون يدًا بيد، فالدراهم سواء كانت ورقية أو معدنية هي في حكم الذهب والفضة، لا يجوز فيها النسأ ولا التفرق، لكن كونها اختلفت من جنس إلى آخر يجوز فيها التفاضل، يجوز فيها التفاضل.

 "إلا الثمن بالمثْمَن" هذه يجوز فيها النسأ والتفاضل، ما معنى هذا؟ تقول: التمر ربوي نقول: نعم التمر ربوي، الذهب ربوي، نقول: نعم الذهب ربوي، هل تجب مماثلة بين الذهب والتمر؟ لا تجب، هل يجوز التفرق قبل القبض؟ يجوز التفرق قبل القبض إذا قلنا: الذهب ثمن، وفي حكمه الدراهم، الدراهم الورقية يجوز التفرق قبل القبض أم ما يجوز؟

طالب: .........

"إلا الثمن بالمثمن" الثمن لا يُنظَر فيه إلى شيء ما لم يكن من جنس الثمن ذهبًا أو فضة؛ لأن الدراهم مع الذهب والفضة جنس واحد، كلها أقيام، كلها نقود يجوز فيها التفاضل، لكن لا يجوز فيها التفرق، إذا جئنا إلى الثمن تشتري التمر، تشتري الشعير، تشتري السيارات، تشتري غيرها بأقيام يجوز التفاضل، ويجوز التفرق؛ لأنها أقيام ظاهر أم ما هو بظاهر؟ يعني الأقيام لا ينظر فيها إلى شيء مادام أقيام وإلا تعطلت المصالح، يعني لو قلنا: إنه لا يجوز بيع التمر بالدراهم إلا يدًا بيد عطلنا الدين المشروع بالإجماع، وعطلنا السلَم جائز بالاتفاق ظاهر أم ما هو بظاهر؟ فالأقيام لا ينظر فيها إلى تماثل ولا تقابض.

 "وكل شيئين جمعهما اسم خاص فهما جنس واحد" والجنس والنوع والصنف والضرب والقسم ألفاظ متقاربة، يعني لو قلت مثلاً: ينقسم هذا الأمر إلى أربعة أقسام، أو يتنوع إلى ثلاثة أنواع، أو قسموه على ثلاثة أضرب أو أصناف يختلف هذا؟

 يختلف؟

 لا يختلف، لكن بينها فروق دقيقة جدًّا، من أراد التمييز بينها بدقة يرجع إلى الفروق كتاب اسمه الفروق لأبي هلال العسكري، لكن الذي يهمنا في هذا الباب أنهم جعلوا الجنس الأعم، والنوع الأخص، النوع والصنف واحد عندهم، فالجنس التمر، التمر أنواع وأصناف ما يشمله الجنس الواحد، كل شيئين جمعهما اسم خاص فهما جنس واحد، التمر أنواع، لكن هل التمر أجناس؟ لا، جنس واحد وإن كان أنواعًا وأصنافًا وأضرب لكنه جنس واحد، فلا بد من بيع بعضه ببعض لا بد في ذلك من التماثل والتقابض، وكل شيئين جمعهما اسم خاص فهما جنس واحد، التمر جنس، البر جنس، الملح جنس، الشعير جنس.

 "وهكذا إلا أن يكونا من أصلين مختلفين" جمعهما اسم واحد، تمر جنس واحد إلا أن يكونا من أصلين مختلفين هذا كيس دقيق وهذا كيس دقيق جمعهما اسم واحد، لكن هذا دقيق بر وهذا دقيق شعير، جنس واحد أم جنسان؟ جنسان تبعًا للأصل، تبعًا لأصولهما، وإن جمعهما اسم واحد هذا كيس دقيق، وهذا كيس دقيق، لكن هذا دقيق بر، وهذا دقيق شعير جمعهما اسم واحد، ومع ذلكم ليسا بجنس واحد تبعًا لأصليهما.

 "فإن فروع الأجناس أجناس وإن اتفقت أسماؤها" وإن اتفقت أسماؤها، فالمعتبر الأصل، الآن عندنا خبز بر وخبز شعير جنس واحد أم جنسان؟ جنسان، لكن قد يقول واحد: إن الخبز لا هو مكيل ولا موزون ولا.. الدقيق مكيل، طيب عندنا دقيق بر مع حب بر يدخل بينهما الربا؟ جنس واحد، لكن كيف يباع دقيق حب؟ يعني نأتي بالمكيال ونكيل صاعًا من الطحين من الدقيق بصاع من البر تحقق التماثل؟ نعم لا يمكن.

طالب: ...........

كيف؟

طالب: ...........

أيهم أكثر؟

طالب: ...........

أنت لو أتيت بصاع من الدقيق وصاع من البر، هذا صاع، وهذا صاع، لكن لو وزنت صاع الدقيق مع صاع البر أو الوزن غير معتبَر على ما قررنا سابقا؟ الآن إذا البر الحب إذا طحن ينتفش أم ينهضم؟ الآن الأمور المكيلة إذا كان حجمها أكبر لا شك أنها تكون أقل في المكيل، لكن إذا كان كل ما يصغر حجمها تكون في الكيل أكثر، بمعنى أن الفجوات بين الحبة والحبة في الصاع أكبر من الفجوات بين حبات الدقيق إذًا الصاع من الحب إذا طُحِن ينزل ما هو يزيد؛ لأن الفجوات التي بين هذه الحبات تلاشت انتهت، أين أهل الخبرة؟ فيه أحد عنده خبرة؟ فيه أهل خبرة أم ما فيه؟

طالب: ...........

ولذا إذا كان هذا الكلام مقرَّرًا عند أهل الصنعة لا يجوز بيع الحب بالدقيق؛ لأنه إما أن يزيد على كلامك أو ينقص على كلامك، فإذا كان عرضة للزيادة والنقصان لم تتحقق المماثلة.

يقول: "إلا أن يكون من أصلين مختلفين" يعني وإن شملهما اسم واحد "فإن فروع الأجناس أجناس وإن اتفقت أسماؤها كالأدقة والأدهان" يعني زيت شيرج بزيت ذرة يجوز بيع هذا بهذا الشيرج، زيت السمسم يسمونه شيرج، حتى في كتب الفقه بزيت الذرة، الذرة تتبع زيت الذرة يتبع أصله، وزيت السمسم يتبع أصله، وإن شملهما مسمى الزيت كالأدقة والأدهان.

 ولا يجوز بيع رطب بيابس "ولا يجوز بيع رطب منها بيابس من جنسه" رطب جديد بتمر حويل، رطب جديد بتمر من تمر العام الماضي، يجوز أم ما يجوز؟ يقول: "ولا يجوز بيع رطب بيابس" لماذا لا يجوز بيع الرطب باليابس؟ لماذا؟

طالب: ...........

نعم، «أينقص الرطب إذا جف» قالوا: نعم قال: «فلا إذًا» ينقص، فلا يجوز بيعه بالرطْب، لا يجوز بيعه برطْب؛ لأن الرطْب إذا جف نقص، فيحصل التفاضل، والتفاضل ربا.

"ولا خالصه بمشوبه" لا يجوز بيع الخالص بالمشوب، حب مصفى منقى من البر، بحب من البر مشوب، يعني ما نُقِّي ما يخالطه من قشر، هذا مصفى خالص، وهذا مشوب، أو جعل في مكان غير محفوظ فألقت فيه الرياح بعض الأشياء التي ليست منه، فيصير مشوبًا، فلا يجوز بيع هذا بهذا، لماذا؟ لأنها لا تحصل المماثلة، لا تحصل المماثلة، ولو كان المشوب صاعًا والخالص صاعًا؛ لأننا إذا نقينا هذا المشوب نقص، فنكون بعنا صاعًا بأقل من صاع.

 "ولا خالصه بمشوبه ولا نيِّئه بمطبوخه" ولا نيِّئه بمطبوخه، الخبز جئت بصاع من البر فطبخته، فلو جعلت هذا الصاع "قرصان مثلاً أو جريش"، هو صاع في الأصل يجوز أن تبيعه بصاع نيِّئ، ولذا يقول: ولا نيئه بمطبوخه؛ لأن النار لا شك أن لها دورًا في اختلاف أو نقص المادة، تنقص من المادة فلا تتحقق المماثلة.

هذا سؤال من الإنترنت:

يقول: ما حكم شراء الذهب ببطاقة الصراف في نفس الوقت من المحل في نفس الوقت والمحل؟

الآن بطاقة الصراف إذا وضعتها هل ينتقل المبلغ من حساب إلى حساب مباشرة أو ينتظر فيه؟ أو هم يحسمون على مَن حسمت منه ولا يدخل في مال الآخر إلا بعد مدة؟

طالب: ...........

الكلام مسألة خبرة حيث يترتب عليه فتوى.

طالب: ...........

على كل حال إذا كانت تنقله من ماله إلى مال فهي في حكم التقابض إذا كانت تنقله فورًا، الآن كأنه أخذ وأعطى قد يقول قائل: الشيك المصدق هل يقوم مقام الدراهم؟ نقول: لا، لا يقوم مقام الدراهم ولو كان مصدقًا؛ لأنه يحتاج إلى أن يصرف، وقد يقال: اليوم والله انتهى، الصرف غدًا، الآلة متعطلة، كذا، أما بطاقة الصراف هذه لأنها إذا تعطلت الآلة ما تمت العملية، لكن إذا تمت العملية وانتقل المال من حساب إلى حساب بحيث يتمكن صاحب الحساب الثاني أن يصرف منه فورًا انتقل فهذا يدًا بيد.

"وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة" وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة، المزابنة شراء "التمر بالتمر في رؤوس النخل"، المزابنة عندك تمر في الأرض قد جذ بتمر على رؤوس النخل، هذا منهي عنه، لماذا؟ لأن المماثلة لم تتحقق، هذه مزابنة، وهي مأخوذة من الزبن، والزبن: الدفع، كل واحد يدفع الآخر، فلا يجوز بيع ما على الأرض بما على رؤوس النخل؛ لعدم تحقق المماثلة، فالتمر بالتمر لا يجوز بيعه إلا كيلاً، ولا يجوز بيع رطبه بيابسه؛ لعدم تحقق المماثلة، ولا كيلاً؛ لأنه حتى بالكيل لا تتحقق المماثلة.

طالب: ...........

الرطب باليابس تمر العام الماضي جاف وتمر السنة هذه رطب لا يجوز بيع هذا بهذا ولا كيلًا فضلاً عن أن يكون أحدهما على الأرض والثاني على رؤوس النخل، فلا بد من تحقق المماثلة، ورخص في بيع العرايا.

طالب: ...........

نعم، يختلف، ولذا لا يجوز بيعه به مطلقًا بع هذا واشتر هذا، بع هذا بالدراهم واشتر هذا بالدراهم؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق المماثلة بين الرطب والجاف، فلا يجوز بيع بعضه ببعض إلا في العرايا، شخص عنده تمر بقي عنده من تمر العام الماضي شيء، ولو راح به للسوق ما اشتراه الناس، وأراد أن يأكل تمرًا رطبًا مع الناس هو وأولاده يأكلون مع الناس تمرًا طريًّا، هؤلاء رُخِّص لهم فيما يسمى بالعرايا.

 "ورخص في بيع العرايا" ورخص في بيع العرايا "فيما دون خمسة أوسق أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رَطْبا" أو رُطَبًا صورتها أن يأتي الشخص الذي لا نخل عنده وقد بقي عنده من تمر العام الماضي شيء جاف، هل يجوز أن يبيع برطب؟ لا يجوز هذا في الأصل، رُخص في العرايا قال: لو ذهبت به إلى السوق فليس له قيمة، أروح أبدله من واحد، تسمى عرايا، أبيعه بتمر على رؤوس النخل شريطة ألا يبلغ خمسة "فيما دون خمسة أوسق" والخمسة مختلف فيها، لكن ما دون خمسة أوسق متفق عليها، هذه مستثناة؛ نظرًا لحاجة الفقير، نظرًا لحاجة هذا المحتاج، هذا تفسير العرايا، يكون عنده بقية من تمر العام الماضي، فيريد أن يشتري به تمرًا رطبًا.

 أقول: كميات تجارية لا تجوز، لكن كميات حاجية بمعنى أنه يحتاج إليه هذا هو وأولاده ليأكلوا مع الناس تمرًا رطبًا، لوحظت هذه الحاجة من قبل الشارع فأجيزت العرايا، رُخص في العرايا.

 "ورُخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أن تباع بخرصها" كم يكون هذا التمر؟ مائة صاع؟ كم تجيء خمس نخلات؟ هذه مائة صاع، خذ هذه وأعطنا هذه، هذه عرايا الأصل لو كانت للتجارة يجوز أم ما يجوز؟ لا يجوز، لكنها لما كانت للحاجة فالشارع يلاحظ حاجة المحتاج، منهم من يفسر العرايا بتفسير آخر.

 يأتي صاحب المزرعة إلى شخص ما من الناس يراه بحاجة هو وأولاده يريدون أن يتفكهوا مع الناس ويأكلوا التمر الرطب مع الناس ويخرفونه كل يوم بيومه بحاجتهم هذا محسِن فيقول: يا أخي شف الخمس النخلات التي هناك أنت وعيالك تقيضهن هذه السنة هذا محسِن، لكن المحسَن إليه فيه لؤم ماذا يفعل؟ ينظر الوقت الذي يطلع هذا هو وأسرته للبستان فيطرق عليهم: السلام عليكم، نريد أن نخرف، يا أخي طالعين، اليوم خميس، ما عندنا، لا نريد أن نخرف يا أخي، يتضايق صاحب البستان المحسِن فيقول: يا أخي من هذه الخمسة النخلات خذ خمسة أكياس واتركنا.

 هذا تفسير لبعض أهل العلم للعرايا، وهو مجرد قلب، فالملاحَظ في العرايا في الصورة المذكورة السابقة حاجة المحتاج، والملاحَظ في الصورة اللاحقة الثانية حاجة المحسِن الغني؛ لأن بعض الناس ما يحسِن، بعض الناس يحسَن إليه، لكنه يسيئ إلى من أحسن إليه، ينظر أفضل وقت يجلسون بعد صلاة العصر يتناول القهوة مع أولاده، ويطرق عليهم، يريد أن يخرف؟!

يحصل هذا من بعض الناس، فبعضهم فسَّر العرايا بهذا، والأكثر هو القول الأول تفسير العرايا بالتفسير الأول معروف، الفرق بين التفسيرين معروف أم ما هو معروف؟ على كل حال قيل بهذا وقيل بذاك، ولكل وجهه، وحينئذٍ يكون الملاحَظ في الصورة الأولى، والملاحظ في الصورة الثانية حاجة المحسن الغني، والشرع لا يهمل حاجة هذا على حساب هذا، أو هذا على حساب ذاك، وما أبيح لحاجة كونه يطرأ عليه فيما بعد أن يبيعه هذا شيء، لكن كونه يبيت البيع يدل على أنه ليس بمحتاج.

طالب: ............

انظر يا أخي إنما رخص في العرايا على خلاف الأصل، وما جاء على خلاف الأصل يقتصر فيه على مورد النص، هو الأصل الملزم، لكن إذا استغنى عنه رخص له في العرايا فاستقرت في ملكه وبدل وانتهى، ثم بعد ذلك جاءه من جهة أخرى تمر يقول: والله أنا ما أنا بحاجة لهذا وهو ملكه.

يقول: إذا كان رجل قاطع لصلاته توفي هل يجوز لأبنائه أن يحجوا عنه ويعتمروا؟

ما دخل هذه في هذه؟! كيف يكون قاطعًا لصلاته؟! يعني يصلي ويترك أم ما معنى قاطع لصلاته؟ إذا كان لا يصلي فلا يجوز لأهله أن يحجوا عنه ولا أن يعتمروا عنه إذا كان لا يصلي بالكلية، وهو محكوم بكفره عند أهل التحقيق، لا يجوز أن يحجوا عنه ولا أن يعتمروا عنه ولا يتصدقوا عنه ولا يدعوا له ولا يصلوا عليه ولا.. نسأل الله السلامة والعافية.

"وكذلك بيع الشجر إذا كان ثمره باديًا، فإن باع الأرض وفيها زرع لا يحصد إلا مرة فهو للبائع ما لم يشترطه المبتاع، وإن كان يجز مرة بعد مرة أخرى فالأصول للمشتري، والجزة الظاهرة عند البيع للبائع.

 فصل نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، ولو باع الثمرة بعد بدو صلاحها على الترك إلى الجذاذ جاز، فإن أصابتها جائحة رجع بها على البائع؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بمَ تأخذ مال أخيك بغير حق؟» وصلاح ثمر النخل أن يحمر أو يصفر، والعنب أن يتموه، وسائر الثمر أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله."

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب بيع الأصول والثمار" الأصول جمع أصل، وهو ما يتفرع عنه غيره، الأصول المراد بذلك الأرض المزروعة أو الشجر الذي عليه ثمر وفروعها ما عليها من زراعة وثمار، والثمار جمع ثمرة يقول: "روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع»" الحديث رواه مَن؟ ما خُرِّج؟

طالب: ...............

من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع، يعني الحديث متفق عليه والمؤلف -رحمه الله تعالى- يقول: "روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" هذا جارٍ جرى عليه الفقهاء جل الفقهاء على هذا لا يفرقون بين الصيغ، فيأتون بصيغة التمريض وصيغة التضعيف يصدرون بها حديثًا صحيحًا كهذا، ويجزمون بأحاديث بصيغ: قال روى قال النبي -عليه الصلاة والسلام- روى أبو هريرة بصدد أحاديث قد تكون ضعيفة، وقد يكون بعضها شديد الضعف، هذا مما يؤخذ على الفقهاء، وإلا فالأصل أنك إذا جزمت بصحة الخبر اجزم بنسبته إلى النبي- عليه الصلاة والسلام- فقل: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو روى فلان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأتي به بصيغة الجزم، أما إذا شككت به، شككت بصحته أو تبينت من ضعفه فلا بد أن تأتي بصيغة تمريض تدل على أنك غير جازم بنسبته للنبي -عليه الصلاة والسلام-.

 وقد نبه على هذا أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم على طالب العلم أن يميز بين الصيغ، يأتي بصيغة التمريض لحديث صحيح؟! ويأتي بصيغة الجزم بحديث غير صحيح؟! نبهوا على هذا قد يقول قائل: البخاري حينما يعلق بعض الأحاديث قد يعلق بعض الأحاديث بمعنى أنه يحذف إسناده، هل يفرق بين هذه الصيغ؟ يفرِّق؟ ألا يمكن أن يأتي بحديث صحيح يرويه معلَّقًا بصيغة التمريض، يعني المعلقات في صحيح البخاري على قسمين منها ما يصدِّره بصيغة الجزم، وهذا مجزوم بصحة نسبته إلى من نسبه إليه، وقد يعلق الحديث ويصدره بصيغة التمريض، وحينئذٍ يقال: ضعيف أم ما فيه ضعف؟

محتمل، بل صدر بعض الأحاديث بصيغة التمريض، وقد علقها وهي مخرجة عنده أصول معتمد عليها، لكن لمجرد كونه حذف الإسناد لم يجزم بالنسبة، وفي الغالب أنه لا يصدِّر بصيغة التمريض إلا لشيء ولو يسير في إسناده، أو لكونه تصرف في لفظه، المقصود أن البخاري له مقاصد ومغازٍ خفية وبعضها جلي، فلا يستدل بصنيعه هذا على الاطراد على أنه يسوغ لكل من سمع خبرًا يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن حدَّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبِين أو الكاذبَين». فلا تجزم بالإضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا بما تجزم بصحته وثبوته ثبوت نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والعكس بالعكس.

 "روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «من باع نخلاً بعد أن تؤبر»" باع نخلاً بعد أن تؤبر، ما معنى تؤبر؟ تؤبر تلقح، والتلقيح أخذ شيء من طلع الذكر ذكر النخل وخلطه ومزجه بطلع الأنثى، وأهل المهن أهل الصنعة أهل النخيل يعرفون، وإن كان بعضها تلقحه الريح {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ} [سورة الحجر:22] ماذا؟ {لَوَاقِحَ} [سورة الحجر:22] بعضها فيه شيء من قوة النفاذ تنقله الريح من الذكر إلى الأنثى، المقصود أن مثل هذا معروف ما يحتاج إلى شرح، «من باع نخلاً بعد أن تؤبر» يعني تلقح «فثمرتها للبائع»؛ لأنه تعب عليها، مفهومه أنها إذا لم تلقح الثمرة قبل التأبير لمن؟ للمشتري، بعد التأبير للبائع إذًا قبل التأبير للمشتري.

 قد يقول قائل: هل يجوز بيع التمر قبل بدو صلاحه وقبل التأبير فضلاً عن الصلاح يأتي في الفصل الذي يلي هذا نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، لكنها هنا بيعت تبعًا للنخل، ما بيعت استقلالاً، هي ما بيعت استقلالاً، وإنما بيعت تبعًا للنخل، وعرفنا أنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً، فهناك فرق بين ما قبل التأبير وما بعده، فإذا كان البيع حصل بعد التأبير، فالثمرة للبائع، وإن كان قبل التأبير فالثمرة للمشتري إذا كان بعد التأبير واشترط المشتري الثمرة فتكون له تبعًا للأصول؛ لأنه قال في الحديث: «إلا أن يشترطها المبتاع» وهو المشتري.

يقول: "وكذلك سائر الشجر إذا كان ثمره باديًا" يعني ظاهرًا يرى "إذا كان ثمره باديًا" إذا كان ثمره باديًا يعني تشقق عنه طلعه فهو لمَن؟ للبائع إذا لم يكن باديًا ظاهرًا فهو للمشتري فهنا فيما يلقَّح جعل الحد الفاصل التلقيح وفيما لا يلقَّح الحد الفاصل بدو الثمرة وظهورها، فإن كان بيعها بعد بدوها وظهورها وتشققها فهي للبائع، وإن كان قبل ذلك فهي للمشتري. "وإن باع الأرض وفيها زرع لا يحصد إلا مرة فهو للبائع" فيها زرع، فيها حب لا يحصد إلا مرة في السنة، فالثمرة الحصدة هذه للبائع "إلا أن يشترطها المبتاع" كالتمر بعد التلقيح إذا اشترطه المبتاع فهو له.

 "وإن كان يجز مرة بعد مرة فالأصول للمشتري" الجذور للمشتري "والجزة الظاهرة عند البيع للبائع" يعني وما بعدها من الجزات لمَن؟ للمشتري الذي يجز مثلاً مثل ماذا؟ الخضار تجز هذه الثمرة الأولى الظاهرة البادية على وجه الأرض للبائع وما بعدها من الجزات المتتابعة بعد ذلك تكون للمشتري مما يُجَزّ يعني يقطع وتترك جذوره في الأرض، البرسيم مثلاً البرسيم يجز، شعر الحيوان الذي يجز إذا بيع الحيوان وقلنا: إن الشعر نموه وحياته مثل حياة النبات، وقرر أهل العلم أن الشعر والظفر في حكم المنفصل، هل نقول: إن الجزة الأولى للبائع إلا أن يشترطها المبتاع مثل البرسيم أو نقول: هو تبع لأصله للمشتري دون اشتراط إلا أن يشترطه البائع، ما هو قرر أهل العلم أن حياة الشعر مثل حياة النبات؟ يعني الشعر ينجس بالموت أو لا ينجس؟ ينجس أو لا ينجس؟

 لا ينجس، وهو تحله الحياة والموت بدليل أنه ينمو ويقف على النمو، إذًا فيه حياة، قالوا: حياته حياة نبات، ما هي حياة ذوات الأرواح؛ لأنه لا يُحس به إذا جز، وإن كان ينمو فهل نقول: إنه مادامت حياته حياة نبات وهو يجز ولا يحس به هل حكمه حكم ما يجز مرارًا أو نقول حكمه .. حكم سابقه كالبرسيم والخضروات التي تجز مرة بعد مرة نقول الجزة الأولى للبائع وما عداها للمشتري إلا أن يشترط أو هذا؟ ما الفرق بين البرسيم وشعر الحيوان؟

طالب: ...........

كيف؟

طالب: ...........

كيف نبات؟

طالب: ...........

نحن قلنا: إن شعر الحيوان حياته حياة نبات، ويجز ولا يضر الحيوان، مثل البرسيم يحصد، ما الفرق بين هذا؟ نقول: هذا ما يحتاج أن يشترط شعر الحيوان لو باع عليك خروفًا مثلاً وقال: الجزة الأولى لي.. إذا بعنا عليك بستانًا فيه برسيم أنا أحصده وتأخذ أنت الباقي؟ أنتم معي يا إخوان؟ دعونا ننظر المسائل حتى يتضح المقصود بالبيع الحيوان أو الشعر؟ المقصود بالبيع إذا اشتريت خروفًا تشري الشعر أو الحيوان؟

طالب: ...........

تشتري الحيوان كما لو اشتريت بستانًا لو اشتريت بستانًا كاملًا الجزة الأولى لك أم لصاحب البستان؟

طالب: ...........

الجزة الأولى ما هي تبع البستان مثل الخروف؟

طالب: ...........

فرق بين أن تشتري النبات فالبائع له الجزة الأولى، ولك ما بعدها من الحصدات، لكن إذا اشتريت الأرض افترض البستان بكامله يقول: لي النبات ما لك نبات مثل الخروف مثل الذي معنا، مثله أيضًا لو أنت تشتري شعر هذا الخروف ما تشتري الخروف نفسه، لو اشتريت الشعر قلنا: الجزة الأولى مثل البرسيم لصاحب الأرض، وهذا لصاحب الخروف، وما عداها من الجزات لك. التنظير يصير مطابقًا يا إخوان، وإن كان يجز مرة بعد مرة فالأصول للمشتري والجزة الظاهرة عند البيع للبائع، أنت اشتريت البرسيم ما اشتريت الأرض، لكن لو اشتريت الأرض فما يتبعها أنها تبع ما يتبعها عادة، ما يتبعها عادة أما ما لا يتبعها في العادة اشتريت بيتًا وفي البيت رحى تبعك الرحى أم تبع البائع؟

 هل تعرفون يا إخوان أن واحدًا باع عفشًا بشنطة سيارة فالمشتري نزل الاستبن وكل ما في الشنطة يقول: أنا والله اشتريت ما بشنطة السيارة، المسألة عرفية، هل نستطيع أن نقول: إن نصف الرحى للبائع ونصفه للمشتري؛ لأن الأسفل ثابت مثل البلاط والأعلى متحرك مثل غيره من المتاع قيل بهذا يا إخوان، لكن يتبع المبيع ما جرت العادة بأنه يتبعه، يعني طالب العلم باع بيته نقول: المكتبة تبع البيت؟ لا، إلا أن يشترطها المبتاع، والله أنا أشتري بيتًا لكن المكتبة مهمة عندي وهكذا، فالعادة لها مدخل في مثل هذا وإلا فما بينهم اتفاق ولا اشتراط من يشتري الذي بشنطة السيارة، من يشتري عشرة، عشرين، مائة، مائتين.. كل ما تحتويه شنطة السيارة، لكن ما جرت العادة أن الإنسان يبيع مع أثاثه مثل استبن السيارة وما يتبعها؛ لأنها مستثناة عرفًا، هذا استثناء عرفي ما يحتاج إلى أن يستثنى.

ثم قال -رحمه الله-: فصل: الفصل الأول في بيع الأصول، والفصل الثاني في بيع الثمار؛ لأن الباب في بيع الأصول والثمار. "فصل نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها" حتى يبدو صلاحها بمعنى أنها تأمن العاهة، وذلكم بطلوع نجم الثريا حتى يبدو صلاحها، يظهر صلاحها في النخل مثلاً كما سيأتي في آخر الفصل صلاح ثمر النخل بأن يحمر أو يصفر، وجاء المد يحمار أو يصفار في العنب أن يتموَّه حلوًا يعني ما يصير حصرمًا حامضًا يبدأ فيه الحلاوة، وسائر الثمر أن يبدو فيه النضج، ويطيب أكله، يبدو فيه النضج في الحب أن يشتد الحب، ما معنى يشتد؟

 يصلب؟

 يصْلب. ماذا يقول أهل هذه البلاد في الحب المشتد؟

طالب: ...........

هو يستوي، يشتد، يصلب، كله بمعنى واحد، لكن ما لكم إطلاق خاص؟

طالب: ...........

أظن ما عندنا مزارعين!

طالب: ...........

هذا بالتعبير بالمعنى، أنت تتصور أن المزارع يقول: نجح الحب.. كان السنبلة ... يمكن بعضكم يكون أدرك يؤتى بها ثم يتقلب على النار ثم بشوكة أو ... تطلع.. ما جربتوه؟ ما فيه كبار سن عندنا! الذي ما يشتد ما يطلع بالشوك ولو شويته في جهاتنا في القصيم وما والاها يقولون: دجن، هذا حب مدجن يعني مشتد مستوٍ، أما إذا لم يدجن، ما استوى، ولا اشتد ما تطلعه الشوكة ولا الإبرة ولا الكالوب ولا شيء، هذا قدر زائد على المطلوب، وإلا فالمعنى مفهوم وواضح.

"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها" بحيث تأمن العاهة ويطلع النجم ويكون المشتري في مأمن من أن تفسد البضاعة، "وإن باع الثمرة بعد بدو صلاحها على الترك إلى الجذاذ جاز" وإن باع الثمرة بعد بدو صلاحها على الترك إلى الجذاذ جاز، الآن إذا بدا صلاحها فيجوز بيعها إذا بدا صلاحها، اشتريت تمرًا احمار أو اصفار مع أنه لا يشترط أن يحمر كله، إنما يبدو فيه الحمرة أو الصفرة، هل معنى هذا أن صاحبه يلزمك بقطعه أو أنه شرط عرفي أن تبقى إلى الجذاذ؟ يعني مجرد ما يخرج اللون في التمر تشتريه يصير يجوز تشتري، لكن قبل ذلك لا يجوز إذا اشتريته بعد بدو صلاحه وقال: ارفع تمرك أو من الشرط مما يشترط عرفًا أنه يبقى إلى الجذاذ، وإذا اشتريته قبل بدو صلاحه بشرط القطع أنت إذا اشتريته بعد بدو صلاحه معروف أنك اشتريته تريده تمرًا، لكن إذا اشتريته قبل بدو صلاحه بشرط القطع أنا أريده أخضر قبل بدو صلاحه للمواشي، لا أريده للأكل، لكن لا يجوز بيعه قبل بدو صلاحه بشرط التبقية أن يبقى إلى الجذاذ لا، يجوز بيعه قبل بدو صلاحه بشرط القطع، ويكون المشترى هذه السلعة غير معرضة للتلف؛ لأن سبب النهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها كونها عرضة للتلف.

 أما إذا كانت بشرط القطع لتكون علفًا للدواب مثلاً فهذا ما فيه عرضة للخطر قال: وإن باع الثمرة بعد بدو صلاحها على الترك إلى الجذاذ جاز ومثل هذا لا يحتاج إلى تنصيص، أليس هو القائل له اقطع تمرك وهو بعض اللون فيه يسير، ما استوى بعد، وهو يريده للأكل، لكن إن قطعه باختياره فلا بأس، ثم بعد ذلك إذا بقي فمؤونته على مَن؟ سقيه على مَن؟ أجرة المزراع على مَن؟ قد يأتي شيء من ذلك إن شاء الله تعالى.

 "وإن أصابتها جائحة" جائحة آفة سماوية لا دخل فيها لآدمي، إن أصابتها هذه الجائحة "رجع بها على البائع"، وهذا بعد بدو الصلاح أو قبل بدو الصلاح؟ رجع بها على البائع "لقوله-عليه الصلاة والسلام-: «لو بعت»" بعت يعني اشتريت «من أخيك تمرًا تمرًا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بمَ تأخذ مال أخيك بغير حق؟!».

 عندنا الأمر بوضع الجوائح، المنع من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها يدل على جواز البيع بعد بدو صلاحها، الآن إذا أصابته جائحة هذا في المبيع قبل بدو الصلاح أو بعده؟

 يا أخي أنت مأذون لك أن تبيع هذا الثمر، مأذون لك أن تبيع هذه الثمرة؛ لأنه بدا صلاحها، مأذون لك بالتصرف، ثم بعد هذا الإذن أصابته جائحة، فما ذنبك أنت؟ أنت والمشتري على حد سواء مادامت الجائحة سماوية، الآفة سماوية، فما لكم دخل بخلاف ما إذا كان التلف بفعل آدمي، إذا كان التلف بفعل آدمي، والتفريط من البائع مثلاً، فالبائع حينئذٍ مخيَّر بين الفسخ والإمضاء ومطالَبة المتلِف بقيمة ما أتلفه؛ لأنه بفعل آدمي، لكن المسألة هنا الجائحة إذا كانت بآفة سماوية لا مدخل فيها للآدمي، فأنت بعت كما أمرت بعد بدو الصلاح فأصابته جائحة، هذه صورة.

 الصورة الثانية خالفت وبعت قبل بدو الصلاح وأصابته الجائحة، إذا خالفت وبعت قبل بدو الصلاح فلا شيء عليك «بمَ يأخذ أحدكم مال أخيه؟!»، لكن إذا بعت بعد بدو الصلاح وقد أذن لك في البيع، وقد تكون محتاجًا إلى قيمة هذا الثمر وصرفتها فيما أنت محتاج إليه، بعت لحاجة مثلاً، أصابته جائحة لا يد لك بها، فهل هذا على سبيل الإلزام أو على سبيل التبرع؟ على سبيل الاستحباب مقتضى قوله: «فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا» أولاً قوله: «لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة» هو محتمل لأن يكون البيع قبل بدو الصلاح  أو بعده لا شك أنه قبل بدو الصلاح مع المخالفة أنك لا تستحق شيئًا، بمَ تأخذ مال أخيك؟ لكن بعد الإذن بالبيع وبعد بدو الصلاح هل نقول: إنك لا تستحق شيئًا باعتبار أن أخاك ما قبض السلعة؟ أو نقول: قبْض مثل هذه الثمرة بالتخلية، وقبض كل شيء بحسبه؟

طالب: ...........

نعم، لكن أنا بعد ما ذنبي؟ أنا انتظرت حتى أذن لي شرعًا بالبيع وبعت، انتظرت حتى أذن لي شرعًا، والمعروف من القاعدة المطردة للشريعة أنها لا تنفع شخصًا على حساب غيره، جاءت بالتوازن، نعم إذا خالف وباع الثمرة قبل بدو صلاحها فلا يستحق شيئًا، أما إذا انتظر إلى أن يؤذن له فكثير من أهل العلم حملوا مثل هذا الحديث، حديث الأمر بوضع الجوائح على الاستحباب، أن يكون هذا من باب التعاون والتبادل بين الإخوان الذين هم في الحقيقة كالجسد الواحد، ومنهم من يقول: أبدًا لا فرق بين يبدو صلاحها وما يبدو، لا بد من وضع الجوائح، لا يستحق، لا يحل له أن يأخذ شيئًا، مع أن الجائحة هذه آفة سماوية، ما نقول: فرط، كيف يفرط؟ نزلت نار من السماء فأتلفته، ماذا يفعل بها؟

 هل فرط في هذا؟

 ما فرط.

 "وصلاح ثمر النخل أن يحمر أو يصفر" مثل ما قلنا، وهل يكفي نخلة واحدة في البستان، أو نخلة من كل نوع، أو جميع نخل البستان، أو لا بد من كل حبة حبة أن تحمر أو تصفر؟ احتمالات، صلاح ثمر النخل أن يحمر أو يصفر، هل المطلوب أن يحمر أو يصفر جميع الثمر، بحيث لو وجد واحدة خضراء قلنا: ما صلح؟ هذا احتمال، الاحتمال الثاني أن يصلح من كل نخلة شيء ولو حبة واحدة. الاحتمال الثالث أن يصلح من كل نوع؛ لأن الأنواع تتفاوت في سرعة الصلاح وعدمه وبطئه، بعض النخل يحمر ويصفر بسرعة، يلون بسرعة، وبعضها يتأخر، فهل يشترط أن تحمر أو تصفر في كل نوع ولو واحدة؟ أو نقول: يكفي في البستان كله نخلة واحدة أو حبة واحدة؟ يعني إذا بدأ، هذه كلها احتمالات.

طالب: ...........

أيهم؟

طالب: ...........

الحكم للغالب لكن كلمة «حتى يبدو» ظهور الصلاح الآن مجرد الشروع في الصلاح، يعني بداية الصلاح، نعم إذا وجد تفاوت كبير بين أنواع النخل، وأن هذا قبل هذا بشهرين أو ما أشبه ذلك، هذا يوجد فيحكم على النوع الواحد من هذا الجنس بأنه بدا صلاحه؛ لأنه في الغالب أن يكون صلاحه متقاربًا جدًّا، بخلاف ما إذا اختلفت الأنواع فإنها قد يكون بين أنواعها تفاوت كبير في بدو الصلاح، فإذا بدا الصلاح في النوع كفى والنوع الثاني، فلا يباع حتى يبدو صلاحه، ولا يلزم أن يكون الصلاح في كل حبة حبة، أو في كل نخلة نخلة؛ لأن لفظ يبدو مشعر بذلك.

 "أن يحمر أو يصفر، والعنب أن يتموه" حلوًا، أن يتموَّه حلوًا، وعلى هذا الحامض الحصرم لا يجوز بيعه حتى يتموَّه حلوًا، وهل يشترط في جميعه أو في بعضه كما قيل في النخل أنه يبدو "وسائر الثمر أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله".

طالب: ...........

يأخذونه بشرط القطع، لا بأس بشرط القطع، أما بشرط التبقية فلا، أما أن يأخذوا بشرط القطع فلا بأس.

"باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما، فإن تفرقا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع إلا أن يشترط الخيار لهما أو لأحدهما مدة معلومة، فيكونان على شرطهما وإن طالت المدة إلا أن يقطعاه.

وإن وجد أحدهما بما اشتراه عيبًا لم يكن علمه فله رده أو أخذ أرش العيب، وما كسبه المبيع أو حدث فيه من نماء منفصل قبل علمه بالعيب فهو له؛ لأن الخراج بالضمان.

وإن تلفت السلعة، أو عتق العبد، أو تعذر رده، فله أرش العيب، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها، وصاعًا من تمر» فإن علم بتصريتها قبل حلبها ردها ولا شيء معها، وكذلك كل مدلَّس لا يعلم تدليسه فله رده كجارية حمَّر وجهها أو سود شعرها أو جعده، أو رحى ضم الماء وأرسله عليها."

حبس الماء أو رحى حبس الماء وأرسله عليها.

"أو رحى حبس الماء وأرسله عليها عند عرضها على المشتري، وكذلك لو وصف المبيع بصفة يزيد بها ثمنه فلم يجدها فيه؛ كصناعة في العبد أو كتابة، أو أن الدابة هملاجة، والفهد صيود أو معلَّم، أو أن الطائر مصوت ونحوه، ولو أخبره بثمن المبيع فزاد عليه رجع عليه بالزيادة وحظها من الربح إن كانت مرابحة، وإن بان أنه غلط على نفسه خير المشتري بين رده أو إعطائه ما غلط به، وإن بان أنه مؤجَّل ولم يخبره بتأجيله فله الخيار بين رده وإمساكه، وإن اختلف البيعان في قدر الثمن تحالفا، ولكل واحد منهما الفسخ إلا أن يرضى صاحبه."