كتاب الحج (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمنا الله وإياه والمسلمين أجمعين-: "بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا:

قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ".

بابُ المريضُ ما تجيء.

طالب: بابُ المريضُ.

المريضُ تجيء؟

طالب: لا.

الاثنين قرأتهم الباب والمريض كلهم غلط.

بابٌ المريضُ أو بابُ المريضِ، إما أن تُضيف وإما أن تقطع عن الإضافة.

"بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا:

قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّرَ.

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بْنَت أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ»، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ، وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا"، وأورد فيه طواف النبي –عليه الصلاة والسلام- على البعير، وكأنه يُشير إلى صحة ما جاء في سُنن أبي داود أنه كان شاكيًا وإلا فالذي في الصحيح ليس فيه إشارة إلى المرض، وإنما لعللٍ أخرى، والبخاري في هذه الترجمة كأنه يُشير إلى قوة ما جاء في السُّنن من أنه كان شاكيًا.

وعلى كل حال المريض لا إشكال في كونه يركب، والخلاف في الصحيح هل يصح طوافه بالركوب أو لا بُد من المشي وكذلك السعي؟

الأحاديث المطلقة في الصحيح وغيره ليس فيها إشارة إلى أنه كان شاكيًا، وإشارته على أم سلمة وأمره لأم سلمة لما اشتكت أنها شاكية أمرها أن تطوف راكبة، ولا إشكال في المريض أن يركب، لكن هل للصحيح أن يطوف راكبًا؟ العلل المتوافرة التي حملته –عليه الصلاة والسلام- أن يركب مما أبداه أهل العلم غير الشكوى والمرض أنه حطمه الناس اجتمعوا عليه، وتعب من ذلك، وركب؛ أو أنه ركِب ليُرى ويُقتدى به –عليه الصلاة والسلام-، إلى غير ذلك مما ذُكِر في هذه المسألة.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ" وهو الطحان "عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ" مولى ابن عباس.

"عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ" إذا قيدنا الخبر بالترجمة، قلنا: إنه كان شاكيًا يعني مريضًا، وهو الذي حمله على ذلك، والبخاري أحيانًا يُقيد النص المطلق بالترجمة تبعًا لما جاء في رواياتٍ أخرى، وقلنا: إنه في سُنن أبي داود "وكان شاكيًا".

"وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ" الحجر الأسود "أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّرَ"، وسبق أنه كان –عليه الصلاة والسلام- يستلم الحجر بمحجن.

قال –رحمه الله-: "قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ" وهو القعنبي، من الأئمة الحُفاظ، حُفاظ الحديث، وذُكِر في ترجمته أنه كان لا يُحدِّث يحفظ ويجمع الحديث ولا يُحدِّث، مثل هذا ما الفائدة منه؟ فرأى في النوم أن القيامة قد قامت، وقيل لأهل العلم: قوموا، فقاموا، قال: فقُمت معهم، فقيل لي: اجلس، قلت: لماذا، قال: إنهم نشروا ولم تنشر.

هذه فائدة العلم -أنهم نشروا ولم تنشر- ومن تلك اللحظة اجتهد في نشر الحديث، اجتهد في نشر العلم، حُق له ذلك، يعني يقول: اجلس بين الناس صعب، الآن لو يجلسون على أكل ويقومون ويُقال لك: اجلس، ليست بالسهلة هذه، هذا الأمر سهل؟ ليس بسهل على طعام، فكيف أن يُقال له من بين أهل العلم أن يُقال لهم: قوموا، يعني إلى ما أُعِد لكم من النُّزُل في دار الجنة ودار القرار.

طالب: ............

لا لا، يستطيع نشر وملأ الدنيا علمًا، قدرات كل ما يستطيع في أول الأمر يستطيع في آخره، هل كل الذين علَّموا برعوا من أول الأمر؟

المسألة مسألة اختبار وامتحان من الله –جلَّ وعلا- لصبر العالم على شدائد التحصيل أولًا، ثم شدائد التعليم ثانيًا، واختبار الإخلاص عنده.

يُقال لبعضهم وهو ممن شاب في العلم، لِم لا تُعلِّم العلم؟ يقول: والله بدأنا الدرس –هذا كلام قيل لي- بدأت بالدرس فحضر عشرة، وجاء رمضان وتوقفنا، وبعد العيد ما حضر إلا نصفهم خمسة، ثم جاء الحج وبعد الحج ما حضر إلا اثنان، ثم ترك، يُريد الجموع أن تُقبل عليه من أول الأمر، ما هو بصحيح، هذا الكلام ليس بصحيح، حضرنا كبار المشايخ في أول الأمر ما عندهم إلا اثنان، ثلاثة، الشيخ ابن باز أول ما جاء من المدينة خمسة الذين عنده سنة خمس وتسعين، وما كثر  الناس إلا بعد الأربعمائة، والشيخ ابن جبرين ما عنده إلا طالب واحد وليس بسعودي، وما مات إلا وأمة الثقلين عنده.

الشيخ ابن عثيمين يقول: إنه دخل المسجد فوجد كتابًا موضوعًا في موضع الدرس ما وجد طالبًا، ثم جلس الشيخ يقرأ ينتظر هذا الطالب يأتي صاحب الكتاب، الطالب جاء ورأى الشيخ يقرأ أخذ الكتاب ومشى، هؤلاء الثلاثة أبرز من علَّم العلم في عصرنا، وأكثر الناس جموعًا من طلاب العلم.

ما يتوقع الإنسان أنه في أول الأمر يأتيه الناس، لا بُد من مرحلة اختبار وصبر وإخلاص، ثم بعد ذلك يُقبِل الناس عليه، فالذي ينتظر كثرة الناس وازدحامهم عليه فهذا لا هو مُعلِّم ولا متعلم، هذا لا يلبث أن يعود عاميًّا.

هذا الشيخ الذي قال لي لما حججنا: ما جاء إلا اثنان وتركت، قلت له: أنت بحاجة إلى أن تزداد من العلم، وغيرك يستأجر من يقرأ عليه بالأجرة يأتي بواحد يقرأ عليه بالأجرة.

المقصود أن عبد الله بن مَسلمة القعنبي من كبار الآخذين عن الإمام مالك ومن حُفاظ الحديث هذه القصة رُويت عنه، رُويت عنه وذُكِرت في ترجمته، ففيها حث لطالب العلم الذي تعلم شيئًا أن يُعلِّمه.       

"قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بْنَت أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَشْتَكِي" يعني ذكرت لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- أني مريضة.

"فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ»، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ" يعني صلاة الصبح، "وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ".

في حديث جابر عند مسلم أن النبي –صلى الله عليه وسلم- طاف راكبًا؛ ليراه الناس وليسألوه، فيحتمل أن يكون فعل ذلك للأمرين.

يقول ابن حجر: وحينئذٍ لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبًا لغير عذر.

وبالمناسبة تعويد النفس على الترف من أضر الأمور على الإنسان، وحملها على العزيمة هو الأصل، يطوف راكبًا، يكسل، ثم يطوف راكبًا، ثم يلبث أن يستمر على ذلك يُريد أن يرجع إلى المشي فلا يُعان أو يصلي جالسًا ويقول: النفل تصح من جلوس، ثم يُريد أن يصلي قائمًا فيصعب عليه جدًّا، فالمسألة الله –جلَّ وعلا- يقول: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:63]، التراخي وحمل النفس على الترف والدعة إذا أراد أن يعود الإنسان إلى ما كان عليه صعب عليه، والله المستعان.

يقول: "وحينئذ لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبًا لغير عذرٍ، وكلام الفقهاء يقتضي الجواز، إلا أن المشي أولى، والركوب مكروهٌ تنزيهًا" بناءً على الروايات المطلقة التي ليس فيها قيد للشكوى.

يقول ابن حجر: "والذي يترجح المنع؛ لأن طوافه -صلى الله عليه وسلم- وكذا أم سلمة كان قبل أن يُحوَّط المسجد –يعني قبل أن يُبنى عليه سور-، ووقع في حديث أم سلمة «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ»، وهذا يقتضي منع الطواف في المطاف، وإذا حُوِّط المسجد امتنع داخله؛ إذ لا يؤمن التلويث، فلا يجوز بعد التحويط"، طيب العربات الموجودة ما فيها تلويث، إذا كان المنع من أجل التلويث فلا تلويث حينئذٍ.

"فلا يجوز بعد التحويط بخلاف ما قبله فإنه كان لا يحرم التلويث كما في السعي، وعلى هذا فلا فرق في الركوب -إذا ساغ- بين البعير والفرس والحمار، وأما طواف النبي -صلى الله عليه وسلم- راكبًا فللحاجة إلى أخذ المناسك عنه؛ ولذلك عدَّه بعض من جمع خصائصه فيها، ويحتمل أن تكون راحلته عُصِمت من التلويث حينئذٍ؛ كرامةً له، فلا يقاس غيره عليه، وأبعد من استدل به على طهارة بول البعير وبعره، وقد تقدم حديث ابن عباس قبل أبواب، وزاد أبو داود في آخر حديثه: فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين".

يقول: "وأبعد من استدل به على طهارة بول البعير وبعره"، هذا الحديث لا يستقل بالحكم أوضح منه أمره –عليه الصلاة والسلام- العُرنيين بشرب أبوال الإبل، قالوا: للحاجة والضرورة، «تَدَاوَوْا عباد الله وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ»، فالمتجه طهارة بول ما يؤكل لحمه، والشافعية يقولون بنجاسته، ومنهم ابن حجر، وابن حجر في الغالب أو في كثيرٍ من الأحوال يخرج عن مذهبه إذا قوي الدليل، والدليل في هذه المسألة قوي، فيُتعجَّب أن يقول مثل هذا الكلام.

نعم.

"بَابُ سِقَايَةِ الْحَاجِّ:

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى؛ مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ.

قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا فَضْلُ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَالَ: «اسْقِنِي» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَالَ: «اسْقِنِي»، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ: «اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ»، ثُمَّ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ» يَعْنِي عَاتِقَهُ، وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ".

عليه الصلاة والسلام.

قال –رحمه الله تعالى-:"بَابُ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ" عم النبي -صلى الله عليه وسلم-.

"رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى" ليلة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر.

"مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ" استأذنه أن يبيت بمكة، ويترك المبيت بمنى، ليالي منى؛ "مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ"، وهذا مما يُستدل به على وجوب المبيت، إذ لو كان ركنًا لما أُذِن له، ولو كان مندوبًا لما احتاج إلى استئذان، لو كان سُنَّة أو ندب ما احتاج إلى استئذان، ولو كان ركنًا ما أُذِن له.

طالب: .............

الذي لا يجد لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها.

"قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-" فالأول هو الطحان، والثاني هو الحذَّاء.

"عَنْ عِكْرِمَةَ" مولى ابن عباس.

"عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى" السقاية كانت للعباس قبل الإسلام، ورثها من أبيه، وأقره –عليه الصلاة والسلام- عليها بعد الإسلام، فصار أولى بها من غيره، ثم صارت في ولده كما يقول أهل العلم.

"جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى"، هم يستخرجون الماء من زمزم، ويجعلونه في حياض؛ للتيسير على الحجاج، وقد يزيدون على ذلك فيضعون في هذا الماء من زمزم شيئًا من الزبيب يُنبذ؛ فيشربه الحجاج حلوًا، وقالوا: إن هناك من يضع حياضًا للبن، ومعه العسل؛ إكرامًا للحجيج ولضيوف الرحمن، واعتناءً بهم.

المقصود أن النبي –عليه الصلاة والسلام- "جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى" يعني طلب السُّقيا.

"فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا فَضْلُ اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا" بشرابٍ يكون محفوظًا أنظف من هذا الذي في الحياض، وقد يكون مضافًا إليه شيء، يكون قد أُضيف إليه شيءٌ من زبيبٍ ونحوه، فيكون حلوًا، وهذا مما يُختص به رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أراد تخصيص الرسول –عليه الصلاة والسلام- بهذا.

"فَقَالَ: «اسْقِنِي» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ"، يعني اسقني من هذه الحياض أو انزع لي من داخل البئر المهم طلب منه السُّقيا، فقال: "إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ" في رواية الطبراني من طريق يزيد بن أبي زياد عن عكرمة في هذا الحديث أن العباس قال له: إن هذا قد مرث أفلا أسقيك من بيوتنا؟ قال: «لَا، وَلَكِنِ اسْقِنِي مِمَّا يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ»، عليه الصلاة والسلام.

"إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ" هذا أمر مستساغ، ولا يُنكَر فيما مضى من الزمان، والناس يجتمعون على الإناء الواحد، ويشرب منه الفئام، ولا يقذرونه.

الآن لو أن واحدًا فتح إناء الماء، قارورة الماء وشرب منه مرةً واحدة، وترك الباقي، فما مصير هذا الماء؟ يُراق، فيه اقتراح من بعض المسئولين أنه يُصَب على الزرع.

النبي –عليه الصلاة والسلام- شرب من اللبن من الإناء الذي شرب منه أهل الصُّفة كلهم وكان آخرهم –عليه الصلاة والسلام-، وإلى وقتٍ قريب والناس يشربون في إناءٍ واحد.

يقول الكاتب المعروف أحمد أمين: إنه ذهب إلى المُقرئ؛ ليحفظ عنده القرآن، ووصف من حال الدار التي فيها هذا الإقراء والتحفيظ ما يحكم بعض المعاصرين -قد يحكم- بتحريم دخولها، غرفةٌ قذرة، والتراب ينهال عليها من كل جانب، والحشرات موجودة، والطلاب هذا يعطس، وهذا يكح، وهذا يتمخط، والماء في زير –تعرفون الزير؟- والكأس مربوط بحبل، وفي آخره ينزل الكأس، والطالب يُدخِل يده إلى الإبط؛ ليستخرج الكأس ويشرب، ثم يأتي الذي بعده مثله، يقول أحمد أمين: هذه حالته، وهذا عيشنا.

هذا موجود عندهم وعند غيرهم، يعني في الزمن السابق إلى قُرب خمسين أو ستين سنة هذا موجود عند المقرئين في دورهم دور الإقراء، هذا وصفها كلها، وفرش المحل من الرمل، والذين أصابوا شيئًا من النعيم يجعلون بساطًا على هذا الرمل.

المقصود أنه ذكر مما يُقزز ويُبعِد ويُنفِّر من الالتحاق بمثل هذه الدار، ومع ذلك كانوا صابرين، وكل واحد يأتي بشيء من أهله، واحد بإناء فول، وواحد بإناء ما أدري أيش، ويجتمعون ويأكلونه، وهذا مثل ما قلت: هذا يعطس، وهذا يكح، يقول: فحفظنا القرآن، وجاء الولد، وذهب به إلى المقرأة، يقول: فاستقبلتني سيدة –هذا الجيل الثاني- سيدة في فناءٍ مزروع، وفيه من وسائل الترفيه ما فيه، وإذا كح الطالب حُرِم من دخول المدرسة أسبوعًا حتى يأتي بتقرير، والطعام يأتي مُغلَّفًا، ويأتي كذا وكذا، وصف أشياء على النقيض مما سبق، قال: وفي النهاية ما الذي حصل؟ يقول: حفظت القرآن، ولم يحفظ ابني شيئًا.

النظافة مطلوبة، وهي من مقاصد الشرع، والوضوء والغُسل من هذا الباب، فلا ذاك ولا هذا، لكن الترف في الغالب ما يحصل معه شيء، فكل سياقاته مساق الذم في النصوص. 

"إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ قَالَ: «اسْقِنِي» فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ" يعني السُّقيا الأولى من الحياض التي يُجمَع فيها الماء.

"ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ: «اعْمَلُوا، فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ»" خدمة الناس وخدمة الحجيج ما فيها شك، وغيرهم من المسلمين، وتيسير السُّقيا للناس بما يُوضع في المجامع من ماءٍ مُهيأ للشرب، هذا كله خيرٌ عظيم، ومن أفضل الأعمال سُقيا الماء كما جاء في الحديث.

الرسول –عليه الصلاة والسلام- شرب من هذا الماء المُعد للناس.

 ويسأل بعضهم ممن ينتسب إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- من آله هل يشربون مما يُعد للناس في المساجد مثلًا؟

هم يتأثمون؛ لأن محمدًا –عليه الصلاة والسلام- لا تحل له الصدقة -، وهذا في حكم الصدقة- ولا لآل محمد، لكن محمدًا –عليه الصلاة والسلام- شرِب، فيُقال لهؤلاء: اشربوا، هذا مُعد بغير مِنة، وقد يكون الذي أعده غير موجود، فلا تُوجد المنة أصلًا، فلا مانع من أن يشربوا مما يُوضَع في المساجد من ماءٍ أو إفطار ما لم يكن الفقر منصوصًا عليه، يعني لذوي الحاجة، قد يكون في الوصايا، موجود إفطار للصائمين للفقراء من الصوام أو لكذا وكذا، أما إذا كان بقيد الصيام فالصائم يدخل، ولو كان غنيًّا، ويأتي في الوصايا مسائل قد تكون ألفاظها قد انقرضت، ولا يعرفها أحد ممن يعيش على وجه الأرض، جاءت وصية يوصي بثلث ماله للعاية، ما اللعاية؟

طالب: .............

 أنا ذكرت سابقًا أم أنك تدري؟ 

من الذي يدري ما اللعاية؟

طالب: .............

طيب افترض أنك قاضٍ، وعُرِضت عليك هذه الوصية، ماذا تفعل؟

طالب: .............

قاموس ما القاموس.

طالب: .............

الشيخ/ العبودي ألَّف كتابًا في كلماتٍ انقضت، يعني انتهت ما توجد، لكنها خاصة في الغالب القصيم، وبعضها قد يتناوله ألفاظ موجودة في الرياض وغيرها، وكذلك في نجد، لكن مثل هذه الألفاظ أول ما طُبِع الكتاب قال الناس: عبث هذا، هذا عبث، فيُبحَث عن مثل هذه الكلمة، ويُسأل عنها كبار السن، يُسأل من أدركها، وقد تكون الوصية من مائتي سنة فلا يكون أدركها أحد.

ما عُرِضت عليك شيخ سليمان؟

طالب: .............

ولو عُرِضت ماذا تفعل؟

طالب: .............

فيه أناس غرباء يأتون إلى هذه البلاد وعلى طريقهم إلى الحج وكذا، وعندهم من الفقر والفاقة وأزوادهم تنتهي، ويجلسون كل الليل يصيحون يطلبون طعامًا، والذي يبكي يُقال في نجد: يلعي، يقال للصُياح هؤلاء: لعاية، فمثل هؤلاء من أولى الناس بأن يُتصدَّق عليهم، فهذا الموصي يبحث عن الأجر العظيم في مثل هؤلاء، لكن من يعرف هذه الكلمة؟

فمثل هذه الألفاظ التي انقضت يحتاجه القضاة وأهل العلم في تحليل ألفاظ الوصايا والأوقاف؛ لأنها يمر عليها مئات السنين، هناك أوقاف من... وقفت على وصية مكتوبة سنة سبعمائة وقليل يعني يا اثنين، ثلاثة، لا سيما الوصايا التي تُكتب من قِبل العامة، العامة ما يُكلَّف بأكثر مما يعرف. 

"فَقَالَ: «اسْقِنِي»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَالَ: «اسْقِنِي»، فَشَرِبَ مِنْهُ"، وفي الرواية السابقة عند الطبراني «وَلَكِنِ اسْقِنِي مِمَّا يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ» عليه الصلاة والسلام.

"فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ: «اعْمَلُوا»" يعني أنتم على خير «اعْمَلُوا» وهم يعملون يعني استمروا على عملكم.

"«فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ» ثُمَّ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ»" يعني ليسقي الناس، ويستخرج الماء من البئر، ويُيسر حصوله للناس، فلو فعله النبي –عليه الصلاة والسلام- لتزاحم الناس عليه، ولتقاتلوا عليه؛ لأنه يتضافر فيه الفعل مع القول، ومن حِكمة الله –جلَّ وعلا- أنه –عليه الصلاة والسلام- ما اعتمر في رمضان؛ لأنه لو اعتمر في رمضان مع قوله: «عُمرَةٌ في رمَضَانَ تَعدِلُ حجةً أَوْ حَجَّةً مَعِي» كانوا الناس كلهم يأتون في رمضان، لكن الذي ما يجيء يقول: الرسول ما اعتمر في رمضان، وإن كان الوعد ثابتًا، وهذا مثله.

"«لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ» يَعْنِي عَاتِقَهُ، وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ"، عليه الصلاة والسلام، فيترك بعض الأمور التي فيها الأجر العظيم؛ شفقةً على أمته، ويكون تركه حينئذٍ أفضل بالنسبة له من هذه الحيثية أفضل من فعله -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: .............

أين؟

طالب: .............

يُغلَبون على السقاية، يزدحمون ويجتمعون ويُغلبون عليها، أو تؤخذ منهم يأخذها الولاة، ومن لديه قُدرة وغلبة، المهم يُغلبون عليها بأي وجه من الوجوه، ومنها الازدحام.

نعم.

"بَابُ مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ:

وَقَالَ عَبْدَانُ: قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَام- فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ، قَالَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ»".

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ، قال: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- حَدَّثَهُ قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ، قَالَ عَاصِمٌ: فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلَّا عَلَى بَعِيرٍ".

يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ، وَقَالَ عَبْدَانُ" عبد الله بن عثمان العتكي.

"قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ" وهو ابن المبارك.

"قال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ" وهو ابن يزيد.

"عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، أبو ذر لما جاء إلى مكة قبل أن يُسلِم، ولزم البيت، فكان يقتصر على ماء زمزم، ومكث ثلاثين ما بين يومٍ وليلة يشرب من زمزم فقط، «وَهِيَ طَعَامُ طٌعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمِ»، يقول: فتكسرت عُكن بطني سَمِن من ماء زمزم فقط.

قال: "كَانَ أَبُو ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «فُرِجَ سَقْفِي»" يعني شُق سقف بيتي.

«وَأَنَا بِمَكَّةَ» قبل الهجرة، «فَنَزَلَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَام- فَفَرَجَ صَدْرِي» يعني شقَّه، «ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ»، وهو أفضل ماءٍ على وجه الأرض، والماء الذي نبع من أصابعه –عليه الصلاة والسلام- وتوضأ منه الصحابة ماءٌ لا شك أنه مبارك، وتوضؤوا منه، ويجوز الوضوء بماء زمزم، وفعله النبي –عليه الصلاة والسلام- توضأ منه.

«غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا»، «الذهب والفضة حرامٌ على ذكور أمتي حلٌّ لإناثها»، فكيف جاء جبريل بطستٍ من ذهب؟ هذا من الجنة، وهو غير مطالب بتكاليف بني آدم.

«ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا»، والحكمة والإيمان أمور معنوية، فكيف يُوصَف الطست بأنه ممتلئ من هذه الحِكمة والإيمان؟ والقدرة الإلهية صالحة لما هو أعظم من ذلك من تحويل المعاني إلى محسوسات، كما أن الأعمال تُوزن.

«فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ»، مسحه فالتئم الشق.

«ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ» يعني أنا جبريل، وفي الحديث الآخر قال: «ومَن معكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قال: أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ»، إلى آخر الحديث الطويل.

المقصود أن قلبه –عليه الصلاة والسلام- غُسِل بماء زمزم، مما يدل على فضله.

"قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ" أو سلَّام للأكثر، التشديد للأكثر سلَّام، ويُقال: سلَام، وقال به جمعٌ من أهل العلم، وقد طُبِعت رسالة للفرق بين سلَامٍ وسلَّام فيما ورد من الأسماء، وبعضهم يُطلق أنه بالتشديد إلا في والد عبد الله بن سلَام، وذكر الخلاف فيه الشيخ البخاري.

"قال: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ" عامر بن شراحيل.

"أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- حَدَّثَهُ قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ، قَالَ عَاصِمٌ: فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلَّا عَلَى بَعِيرٍ"، على بعير يعني جالسًا، يصير قائمًا وهو على بعير؟ البعير قائم، لكن هل هو قائم؟ المقصود أنهم يستدلون بهذا على جواز الشُّرب من قيام، قال بعضهم: إن المكان فيه تلويث من الماء والطين، فلا يسوغ الجلوس، فشرب قائمًا للحاجة.

وبعضهم قال: إن زمزم عليها جدار بقدر ما يقرب من صدر الرجل، فلا يستطيع الشرب إلا وهو قائم، ذكروا أشياء من هذا.

ولكن النهي ثابت، النهي عن الشرب قائمًا ثابت في الصحيح، «ومن شرب قائمًا فليقئ»، ولكن جاء في مثل هذا الحديث أنه شرب من زمزم وهو قائم، وشرِب من شننٍ معلقةٍ، وهو قائم، فيقول بعضهم: إن هذا الفعل صارف للنهي من التحريم إلى الكراهة، فيكون الأولى أن يشرب وهو جالس، وإن شرب قائمًا فلا بأس؛ لهذه الأحاديث.

طالب: ...............

على حسب الوضع إذا كان الجلوس متيسرًا فهو الأصل، وإن كان فيه ما يمنع من تلويث المكان أو الرجل لا يستطيع مثلًا من كبار السن إذا جلس ما استطاع القيام ما يثني رجله ولا شيء، إذا كان يشق عليه عمومًا فلا مانع أن يشرب قائمًا.

نعم.

"بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ:

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا»، فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ»، فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.

قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ، فَقَالَ: إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ فَيَصُدُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ فَقَالَ: قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21]، ثُمَّ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا، قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا.

قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَالَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21]، إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي، وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْحَرْ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَنَحَرَ وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ" يعني من جمع بين الحج والعمرة، ولم يُفرد أحدهما عن الآخر كما يفعل المتمتع، ولم يُفرد الحج دون العمرة.

القارن: هو الذي يجمع بين النسكين بحيث يشتركان في الأفعال، وفعل القارن لا يزيد عن فعل المُفرد، فتدخل العمرة في الحج يجمع بينهما، فيقول: لبيك عمرةً وحجًّا أو حجًّا وعمرة، ويأتي بأفعالهما واحدة، كما فعل النبي –عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه حج قارنًا، وما منعه مما أمر به أصحابه أن يحلوا ويجعلوها عمرة إلا أنه ساق الهدي؛ ولذا المرجَّح أن الأفضل لمن لم يَسُقِ الهديُ التمتعُ، ومن ساق الهدي تعيَّن في حقه القران؛ لأنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ" وهو التنيسي.

"قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ» لأنه لا يتمكن من الحِل حتى يبلغ الهدي محله.

«مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا»؛ لأن العمرة تدخل في الحج في أفعال الحج.

"فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ" أهلَّت بعمرة؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- أمر من لم يكن معه هدي أن يُهل بعمرة، وأمرهم حينما قدِموا مكة أن يفسخوا الحج إلى عمرة من لم يكن معه هدي، عائشة –رضي الله عنها- أهلَّت بعمرة وقدِمت مكة وهي حائض، دخل عليها النبي –عليه الصلاة والسلام- وهي تبكي، فقال لها: «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟» يعني: أحضتِ؟ قالت: نعم، قال: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»، وأمرها أن تُدخِل الحج على العمرة فتصير قارنة؛ لأنها لا تتمكن من أداء العمرة قبل الوقوف، ولو كان في مدة أو فرصة لأن تطهر قبل الوقوف، فتأتي بالعمرة المفردة، وتستمر متمتعة، وتحل منها، ثم تُهل بالحج استمرت على ذلك، لكن عائشة حاضت والوقت لا يُسعفها أن تُفرد العمرة.

"فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا"، الآن هي أرادت أن تعتمر عمرة مفردة كصواحبها من نساء النبي –عليه الصلاة والسلام-؛ لأنهن أُمِرن أن يحرمن بالعمرة، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب الحيض، لما قضت حجَّها أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يُعمِرها من التنعيم.

"فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذِهِ مَكَان عُمْرَتِكِ»"، هي حجَّت قارنة، والعمرة دخلت في ضمن الحج، فهي جمعت بين الحج والعمرة، وقوله: «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ» المفردة بأفعالها الكاملة التي أهلَّت بها لولا ما حصل لها من الحيض، فهي قالت: يذهب صواحبي أو صاحباتي بحجٍّ وعمرة، وأذهب بحجٍّ مفرد؟

هذا في الظاهر ظاهر الفعل أنه مثل المفرد، وهي تُريد عمرة مستقلة مثل أمهات المؤمنين، فأمر عبد الرحمن أن يُعمرها من التنعيم، وقال: «هَذِهِ مَكَان عُمْرَتِكِ» وإلا فأجر العمرة ثابت؛ لأنها دخلت في الحج والقارن حاج ومعتمر في آنٍ واحد.

طالب: ...............

لا لا، ليس بخاص؛ لأنها أنشأت هذه العمرة من مكة، ما فيه أدنى إشكال.

"«هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ» فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا"، خلاص انتهت العمرة، حلوا منها الحِل كله.

"ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا"، والمقصود بالطواف هنا...

طالب: السعي.

السعي؛ لأن بعض الروايات: "طافوا بين الصفا والمروة طوافًا واحدًا".

الحنفية يقولون: القارن يجب عليه سعيان، وشيخ الإسلام بالمقابل يقول: المتمتع يكفيه سعيٌ واحد، وبقية أهل العلم يقولون: القارن يكفيه سعيٌ واحد لحجِّه وعمرته، والمتمتع لا بُد أن يسعى مرتين، سعيٌ للعمرة المستقلة، وسعيٌ للحج المستقل. 

"قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ" يعني دابته، الدابة يُقال لها: ظهر؛ لأن ظهرها يُركَب، فتُسمى ظهرًا، تسميةً للكل باسم البعض، «مَنْ كَانَ عنده فَضْلُ ظَهرٍ فَلْيَجُد بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ».

"وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ" الدابة مُجهَّزة.

"وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ فَقَالَ" الولد لأبيه "إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ"؛ لأن الحجاج نزل بمكة وقت ابن الزبير، فيخشى على أبيه أن يكون هناك قتال، فيحصل ما يحصل.

"قِتَالٌ فَيَصُدُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ" لما كان القتال بالأيدي والسلاح، ويعرفون هذا ويقدرونه، الآن الأسلحة الحديثة ما تُفرِّق بين الرطب واليابس ليست مسألة صد عن البيت لو حصل شيء لا سمح الله.

لو الحجاج رأى عبد الله بن عمر يتعرض له في شيء؟ مع أنه أهان بعض الصحابة مثل أنس وغيره. 

"فَيَصُدُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ" يعني هذه السنة ارتح وننظر.

"فَلَوْ أَقَمْتَ، فَقَالَ: قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21]، ثُمَّ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا". الرسول –عليه الصلاة والسلام- قدِم ليعتمر، فصدوه فتحلل.

"قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا" يعني للحج والعمرة؛ لأنه كان قارنًا.

ثم قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ"، يعني من أجل قتاله.

"فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَالَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21]، إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" كما في الحديث السابق.

"إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ" عند ميقات ذي الحليفة، البيداء التي اختُلِف في إحرامه –عليه الصلاة والسلام- فقال بعضهم: إنه أحرم من البيداء، وبعضهم من المسجد، وقال بعضهم: لما ركب دابته، وكلٌّ روى ما رأى، أهلَّ لما صلى الركعتين، أهلَّ من هناك، ولما ركب دابته أهل، ولما علا على البيداء أهلَّ، فكلٌّ روى ما رأى، وقد أهلَّ من هذه الأماكن كلها يعني لبى.

 قال ابن عباس: بيداؤكم التي تكذبون فيها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. يعني الذين قالوا: إنه أهلَّ بالبيداء وفَهِم من كلامهم أنه ابتدأ الإهلال من البيداء، والأمر ليس كذلك، أهلَّ من المواضع كلها التي ذُكِرت.  

"قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ" الذي يُسيغ التحلل من العمرة يُسيغ التحلل من الحج.

"أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي" رضي الله عنه وأرضاه، "وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْحَرْ وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ".

 يعني حتى بلغ الهدي محله.

"فَنَحَرَ وَحَلَقَ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ" يعني الطواف الذي طافه.

طالب: ..............

طوافه الأول لا ما يكفي عن طواف الحج.

طالب: ..............

السعي "أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ". المقصود به السعي الذي هو القدوم الذي سعاه مع طواف القدوم، وأما طواف الحج فلا يصح إلا في وقته.

طالب: ..............

لتتفق الأحاديث، ولا فيه أحد يقول: يُكتفى بطواف القدوم، إلا إذا قيل: طوافه الأول الذي فعله بعد نزوله من عرفة؛ لأن هذا وقته.

"وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

يقول: قالوا: والمراد بقولها: "جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ" جمع متعةٍ لا جمع قرانٍ. انتهى.

الكلام طويل على هذه المسألة، نعم، وكلام أهل العلم حول هذه الروايات التي فيها نوع اختلاف كثير.

يقول ابن حجر: وحديث عائشة مُفصِّلٌ للحالتين، فإنها صرَّحت بفعل من تمتع، ثم من قرن، حيث قالت: "فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى" فهؤلاء أهل التمتع، ثم قالت: "وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا" فهؤلاء أهل القران، وهذا أبين من أن يحتاج إلى إيضاح، والله المستعان.

وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: لم يطف النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا. فالطواف المراد به السعي.

طالب: ..............

في الصحيح؟

طالب: ..............

على كل حال المُشكل والمتشابه يُرَد إلى المُحكَم، ولا قائل من أهل العلم بأن طواف القدوم يُجزئ عن طواف الحج، ما قاله أحد.

طالب: ..............

حبسني حابس؟

طالب: ..............

لأنه ما حُفِظ عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه استثنى، لكن في حديث ضباعة بنت الزبير أنها لقَّنها الاستثناء، «حُجِّي وَاشْتَرِطِي فإنَّ لك على ربِّك ما استثنيتِ».

نعم.

"بَابُ الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ:

قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: قَدْ حَجَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ عُمَرُ ر-َضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي، الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلَا يَسْأَلُونَهُ، وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَؤونَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْتَدِئَانِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا".

يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "بَابُ الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ" عبد الله بن وهب المصري الحافظ المعروف.

"قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: قَدْ حَجَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ".

 فالطواف لا يصح إلا عن طهارة، والطهارة شرطٌ لصحته كما في هذا الحديث وغيره، والنبي –عليه الصلاة والسلام- ما حُفِظ عنه أنه طاف مرةً وهو مُحدِث.

"أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً"، يعني ما كان هناك عمرة مفردة، يستدل بهذا من يُرجِّح القران أو الإفراد، ومعروفٌ أن الذي منع النبي –عليه الصلاة والسلام- من الاعتمار أنه ساق الهدي «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت، مَا سُقْت الْهَدْيَ، ولو أني سُقْت الْهَدْيَ لَجَعَلْتهَا عُمْرَة».

"ثُمَّ عُمَرُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِثْلُ ذَلِكَ" يعني ما اعتمر، وإنما قرن.

"ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً"، يعني كل هؤلاء ما تمتعوا، ولعل المانع لهم هو المانع لرسول الله –عليه الصلاة والسلام-، وأنهم ساقوا الهدي.

"ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ" عبد الله بن عمر اشترى الهدي من قديد.

"ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي، الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً".

 كلهم يُحب أن يقتدي به –عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه حج قارنًا، ومعروف أن الذي منعه من التمتع وجعلها عمرة أنه ساق الهدي، فكلهم يقتدون به –عليه الصلاة والسلام-، يسوقون الهدي ولم تكن عمرة، يعني مستقلة.

"ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلَا يَسْأَلُونَهُ"، يعني: أفلا يسألونه؟ اسألوه إن شككتم.

"وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَؤونَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ".

 لا يحلون بعمرةٍ مستقلة، وإنما بعمرةٍ داخلةٍ في الحج فيما يُسمى بالقران.

كل هذا يُرجِّح عند بعض أهل العلم أن الأمر والتشديد من النبي –عليه الصلاة والسلام- في قلب الإحرام بالحج إلى عمرة أنه خاصٌّ بأولئك القوم الذين كانوا معه –عليه الصلاة والسلام- لماذا؟

لأن العمرة عند العرب في الجاهلية في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأراد النبي –عليه الصلاة والسلام- أن يقضي على هذا الاعتقاد، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، لكن العلل مصرَّح بها أو العلة مصرَّح بها «لولا أني سُقْت الْهَدْيَ لَجَعَلْتهَا عُمْرَة»، فمن أراد أن يقتدي بفعله –عليه الصلاة والسلام- من غير سَوقٍ للهدي يتجه؟ ما يتجه، فالعلة منصوصة؛ «لولا أني سُقْت الْهَدْيَ لَجَعَلْتهَا عُمْرَة»، ومقتضى ما ذُكِر أن القران أفضل مطلقًا، وهذا ليس بصحيح؛ لما نُص عليه من «لولا أني سُقْت الْهَدْيَ لَجَعَلْتهَا عُمْرَة».

"وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي" أمه أسماء بنت أبي بكر، وخالته عائشة.

"حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْتَدِئَانِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ" يعني جريًا على ما ذُكِر.

"وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ" زوج أمه -ابن العوام- زوج أسماء بنت أبي بكر.

"وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ"؛ تطبيقًا لما تمناه النبي –عليه الصلاة والسلام- من التمتع.

"فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا"، يعني مسحوا الركن، طافوا بالتوابع بالسعي؛ لأنه جاء مبينًا أنه لما مسحوا الركن طافوا وسعوا، ولا يقول أحدٌ بأن الطواف يكفي للحل.

طالب: ..............

نعم.

طالب: ..............

يكون قارنًا إذا ساق الهدي، نعم، لو قرن، لكن ليس هو الأفضل. الأفضل أن يجعلها عمرة كما أمر النبي –عليه الصلاة والسلام- الصحابة.

عند من يقول: أن هذا خاص بأولئك؛ من أجل إزالة الاعتقاد الجاهلي، يُفضَّل القران؛ لأن الله –جلَّ وعلا- اختار لنبيه القران، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، لكن عرفنا من قوله وتصريحه –عليه الصلاة والسلام- أنه ما منعه من العمرة وإفراد العمرة إلا سَوق الهدي.

قد يقول قائل: إنه بالنسبة لتلك السنة أفضل، وليكن القران أفضل في غيرها من السنين ولو لم يسق الهدي. هذا الكلام لا يتجه.

طالب: ..............

نعم.

طالب: ..............

بلا شك؛ لأنه لو كان أفضل ما تمنى ذلك، لو كان القران أفضل، لو كان فعله أفضل ما تمنى.

طالب: ..............

نعم.

طالب: ..............

بحسب الإمكان وإذا أحدث أثناء الطواف فلا إشكال؛ لأنها رفعت الصبي الصغير في المهد، قالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولكِ أجر».

طالب: ..............

الأصل أن يُنظَّف.

طالب: ..............

لمن ساق الهدي، أما الذين فضلوا القران مطلقًا، قالوا: لأن حجة النبي –عليه الصلاة والسلام- قران، واختيار الله لنبيه أفضل من غيره. لكن بيَّن النبي –عليه الصلاة والسلام- سبب هذا الاختيار، ما السبب؟

لأنه ساق الهدي.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.