كتاب الصلاة (32)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجَمَعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"بَابُ: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا:

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى عَمْرٌو، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ، أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِى الْجَنَّةِ»".

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ ورسولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابِهِ أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"بَابُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا".

والبناء يشمل المباشرة والأمر، والأمر به، الأمر بالبناء.

"مَسْجِدًا".

نكرة في سياق الشرط فتعمَّ المسجد صغر أو كبر، مادام بني لما يزاول في المسجد من الصلاة وإقامة ذكر الله، إلى غير ذلك من وظائف المسجد، بناه لله سواءً باشر البناء أو أمر به، وسواءٌ ابتدأه أو أعاد بناءه؛ لأن بعض الناس الذين يبنون المساجد ثم تحتاج إلى إعادة بناء، وليست لديهم القدرة في بنائه مرة ثانية يضيقون بذلك ذرعًا، ويظنون أن أجرهم توقف، وليس الأمر كذلك، فضل الله واسع، يشمل من بناه أولًا، ومن بناه ثانيًا، ويشمل من أوقف الأرض، ومن شيَّد البناية على هذه الأرض.

"مَنْ بَنَى مَسْجِدًا".

جوابه فله من الفضل كذا وكذا، على ما ذُكِرَ في الحديث، جوابه في الحديث: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ».

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ".

وهو عبد الله بن وهب، الإمام الجليل.

"قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو".

وهو ابن الحارث، لقبه.

طالب: ......

الشيخ: نعم، الغُوَّاص، درَّةُ الغُوَّاص، لماذا لقِّبَ بهذا؟ لماذا؟

طالب: ....

يعني مما يحرص على الأخذ منه كما يحرص الناس على الغوص من أجل الدرر.

وهناك كتاب اسمه درة الغُوَّاص أو الغَوَّاص كما ضبطه بعضهم سواءً كان مفردًا أو جمعًا، لِمَنْ؟ الحريري، هذا الكتاب في أوهام الخواص، مِنْ أوْلى ما يقرأه طالب العلم في اللغة، وله شرحٌ لنفس المؤلف أوهام يسيرة جدًّا في الكتاب، لكن يبقى أنه يُعنى به طالب العلم؛ لأنه في ذكر الأوهام التي يهم فيها خواص الناس، فضلًا عن عوامهم، شرحه مؤلفه، وشرحه مطبوع في مطبعة الجوائب، الجوائب أين هي؟

طالب: ......

الشيخ: يا أبا عبد الله، الجوائب؟ لا تطلع من الجهاز! ما لك منه، أين مطبعة الجوائب؟ مستحيل ما يوجود ولا واحد!

طالب: ....

ماذا؟

طالب: نادرة.

الشيخ: لا ليست بنادرة، لها مطبوعاتها، من أنفس المطبوعات، وقديمة، ومطبوعاتها متداولة إلى الآن.

طالب: .....

الشيخ: لا لا، تركيا، ومؤسسها أحمد فارس الشدياق، ومطبوعاتها بالفعل نادرة ونفيسة، وإن كانت على كثرة ارتفاع الأقيام جعلت الكتب تخرج من أيدي أربابها، ارتفعت أسعارها، فأخرج الناس كنوزهم.

شرح الدرة أيضًا الألوسي، ما اسمه شرحه؟ الشرح ما اسمه؟ مسائل الجواب.

" أَخْبَرَنِى عَمْرٌو".

طالب: ....

ماذا؟

طالب: ....

والله إني عندي منه نُسخ كثيرة، هو مطبوع قديم جدًّا، أكثر من مائة سنة، يمكن من مائة وعشرين، من طبعات بيروت القديمة، يجيء الآن.

"أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ".

وهو ابن عبد الله بن الأشج.

"أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ".

ابن قتادة ابن؛ شو؟ ماذا عندك؟

طالب: ....

هذا في المتن، ما عندك شيء؟

"حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ".

طالب: ....

كشف الدرة في شرح الدرة، من حفظك أم من الجهاز؟

طالب: الجهاز.

الشيخ: نعم؛ لأنه يقل في طلاب العلم من يعتني بهذه الأمور، وهي من أهم المهمات.

طالب: .......

الشيخ: خلاص.

"أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ".

طالب: ....

ماذا؟ أيِّ كتاب؟

طالب: ....

لا لا، فيه العين غير واضحة، وبيَّنتها بالقلم.

"يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

"حِينَ بَنَى" الأصل في الماضي أن يكون للفراغ من الفعل، وهو مناسب أنه لما بناه، ونقشه وغيَّره عمَّا كان عليه في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر وعمر أكثر الناس عليه، قالوا: ليك تركته على ما كان عليه، وهنا يقولون حينما بنى مسجد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حينما أراد، أراد أن يبني، كيف يلومه الناس على شيء ما بعد حصل؟!

طالب: إذا حصل ما عاد فيه لوم.

الشيخ: إذا حصل بنى وانتهى؟! هو الذي فيه اللوم، أراك تنقش، وأراك تحط، لكن قبل ما يبدأ ماذا يدريهم؟

طالب: ......

الشيخ: يعني ما يجددون ولا يوسعون ولا شيء، على كل حال.

"يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ".

طالب: ....

زمن عمر كان وسَّع أكثر هو.

"عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: - يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ»".

هذا الشرط لابد منه في جميع العبادات؛ ليترتب عليها الثواب.

"«بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِى الْجَنَّةِ»".

عثمان -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد استدل بعموم الحديث على خصوص ما فعل، إن كان اللوم بعد الفراغ منه، وهذا هو الذي يظهر، أما قولهم من بنى، أراد أن يبني، نعم الفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة، «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُم الخَلَاء»، في رواية «إذَا أَرَاد أَنْ يَدْخُل»، والأصل فيه أنه للفراغ من الفعل، ولذلك يقال: إنه ماضي، وقد يطلق ويراد به الشروع في الفعل، لا الإرادة، ولا الفراغ، وإذا ركع فاركعوا، هل يراد به إرادة الركوع؟ لا، أو الفراغ من الركوع؟ لا.

"«بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِى الْجَنَّةِ»".

المثلية هذه.

طالب: شيخ هنا إذا ركع فاركعوا، شروع؟

الشيخ: إيْ.

الطالب: ....

الشيخ: مباشرة، إيْ، وليس إذا فرغ من الركوع اركعوا، أو إذا أراد، المهم أنه شرع بدأ فيه.

"«بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِى الْجَنَّةِ»".

المثلية هذه فيها إشكال كبير عند الشراح، وأنه كيف يستقيم مع فضل الله -جَلَّ وعلا- وقوله: إن الحسنة بعشر أمثالها، {..مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا..}[الأنعام:160]، مقتضى ذلك أن يُبنى له عشرة بيوت.

وعلى كل حال كلام أهل العلم كثير، وسيأتي في الشرح شيء منه، ومنهم من يقول: إن المثلية في كونه بنى له في مقابله وإلا فالدنيا كلها لا تعادل هذا البناء لهذا الشخص في مقابل هذا العمل، فالمثلية من وجه، بنى مسجدًا يبنى له بيت.

اقرأ.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قَوْله "بَاب من بني مَسْجِدًا" أَي: مَاله من الْفضل.

قَوْله "أَخْبرنِي عَمْرو" هُوَ بن الْحَارِث، "وَبُكَيْر" بِالتَّصْغِيرِ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، "وَعُبَيْدُ اللَّهِ" هُوَ بن الْأَسْوَدِ.

وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ بُكَيْرٌ وَعَاصِمٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ مِصْرِيُّونَ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ آخِرِهِ مَدَنِيُّونَ، وَفِي وَسَطِهِ مَدَنِيُّ سَكَنَ مِصْرَ وَهُوَ بُكَيْرٌ".

يعني في وسطه مدني سكن مصر يعني يتجاذبه الأمران، من يذكر نظيرًا لهذا في القرآن؟ ليس تنظيرًا من كل وجه، لكن فيه وجه شبه، ثَلَاثَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ مِصْرِيُّونَ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ آخِرِهِ مَدَنِيُّونَ، وَفِي وَسَطِهِ مَدَنِيُّ سَكَنَ مِصْرَ.

طالب: من الأنبياء؟

الشيخ: لا، ماذا تقول؟ الأنبياء.

الطالب: أنت تقول في القرآن!

الشيخ: هو في القرآن، طيب والخامس والسادس والسابع وأيش هو؟ لا لا.

قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، الفاتحة سبع، ثلاث لله، والأخيرة الثلاث للعبد، والوسط بيني وبينه.

الطالب: نحن نتكلم يا شيخ عن الأسماء.

الشيخ: لأن هذا السند ثلاثة مصريون، وثلاثة مدنيون، والوسط الذي يتجاذبه هذا وهذا، ثَلَاثَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ مِصْرِيُّونَ، يقول: فيه ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ، يروي بعضهم عن بعض، بُكَيْرٌ وَعَاصِمٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، ما فيه أكثر أربعة يرون بعضهم عن بعض من التابعين؟ خمسة يروي بعضهم عن بعض، ستة ولا فيه أكثر، ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في حديثٍ يتعلق بسورة الإخلاص، مخَرَّجٌ عند النَّسائي وغيره، وقال بعده: وهذا أطول إسناد في الدنيا؛ لأنه في طبقة واحدة ستة، وأفرد له الخطيب البغدادي جزءًا لهذا الحديث؛ لأنه ما له نظير، ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض!

وبمثل هذا يُستدل على ضعف المراسيل، افترض أنه حذف خمسة من التابعين ويجيء من التابعين يجيء واحد، وقال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! يعني ليس مضمونًا في المرسل أن المحذوف صحابي، ولذلك قالوا في قول البيقوني: "ومرسلٌ منه الصحابيُّ سقطْ"، هذا ليس بصحيح، لو ضمنا أنه صحابي انتهى الإشكال.

طالب: ......

الشيخ: سقط من الإسناد، على كل حال قاله، وانتهى.

ولذا يقول الحافظ العراقي:

 مَرْفُوعُ تَابعٍ عَلى المَشهُوْرِ   

 

مُرْسَلٌ أو قَيِّدْهُ بِالكَبِيْرِ

والخلاف في قبول المراسيل لأهل العلم.

وَاحتَجَّ (مَاِلِكٌ) كَذا (النُّعْمَانُ)

 

وَتَابِعُوْهُمَا بِهِ وَدَانُوْا

تعرف هذا؟

وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ

 

لِلجَهْلِ بِالسَّاقِطِ في الإسْنَادِ

طالب: ......

الشيخ: ماذا أدخلني بالسيوطي أنا! ......ما حضرت الدروس؟

الطالب: ......

الشيخ: عشرات المرات.

وَصَاحِبُ التَّمهيدِ عَنهُمْ نَقَلَهْ

 

وَ(مُسْلِمٌ) صَدْرَ الكِتَابِ أصَّلَهْ

ألفية العراقي، قرة العين..

"فَانْقَسَمَ الْإِسْنَادُ إِلَى مِصْرِيٍّ وَمَدَنِيِّ.

قَوْلُهُ: "عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ" وَقْعَ بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ مُسْلِمٍ؛ حَيْثُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ، قَالَ لَمَّا أَرَادَ عُثْمَانُ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ".

لَمَّا أَرَادَ، نعم.

"لَمَّا أَرَادَ عُثْمَانُ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ كَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَدَعُوهُ عَلَى هَيْئَتِهِ، أَيْ: فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ حِينَ بَنَى أَيْ: حِينِ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: لَعَلَّ الَّذِي كَرِهَ الصَّحَابَةُ مِنْ عُثْمَانَ بِنَاؤُهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ، لَا مُجَرَّدُ تَوْسِيعِهِ، انْتَهَى.

وَلَمْ يَبْنِ عُثْمَانُ الْمَسْجِدَ إِنْشَاءً، وَإِنَّمَا وَسَّعَهُ وَشَيَّدَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ إِطْلَاقُ الْبِنَاءِ فِي حَقِّ مَنْ جَدَّدَ، كَمَا يُطْلَقُ فِي حَقِّ مَنْ أَنْشَأَ".

هذه في غاية الأهمية فَيُؤْخَذُ مِنْهُ إِطْلَاقُ الْبِنَاءِ فِي حَقِّ مَنْ جَدَّدَ، كَمَا يُطْلَقُ فِي حَقِّ مَنْ أَنْشَأَ، فضل الله واسع.

"أَوِ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ هُنَا بَعْضُ الْمَسْجِدِ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ، قَوْلُهُ: "مَسْجِدُ الرَّسُولِ" كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْحَمَوِيِّ، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ: مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَوْلُهُ: "إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ" حُذِفَ الْمَفْعُولُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَالْمُرَادُ الْكَلَامُ بِالْإِنْكَارِ وَنَحْوُهُ".

طالب: ..........

الشيخ: لا سيجيئك متى بدأ، ومتى انتهى.

الطالب: ........الرواية الموجودة لكنها طويلة....

الشيخ: إن احتجنا.

طالب: ...... اتفق الصحابة.

الشيخ: لا بد، اتفقوا خلاص، أمرٌ واقع، يستمرون يناقشون؟!

"تَنْبِيهٌ:

كَانَ بِنَاءُ عُثْمَانَ لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ سَنَةَ ثَلَاثِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: فِي آخِرِ سَنَةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ، فَفِي كِتَابِ السُّنن عَنِ الْحَارِث بن مِسْكين عَن ابن وَهْبٍ".

السُّنن ولا السِّير؟

طالب: هكذا في عين، وفي سين، كتاب السير، وهذا التنبيه ليس في ألف، وهذا الإسناد يقع في الغالب للنَّسائي في سننه، إلَّا أننا لم نقف على هذا الأثر فيه، والله تعالى أعلم.

الشيخ: يعني هل عند النسائي؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ماذا يقول النَّسائي لما يروي عن الحارث؟

طالب: .....

طالب: لأنه كان يختفي عنه.

الشيخ: ماذا يقول في الصيغة؟

الطالب: أخبرنا.

الشيخ: يقول: أخبرنا؟

الطالب: قرأت أنا عليه.

الشيخ: قبله، ماذا يقول قبل الحارث بن مسكين؟

طالب: قُرئ عن الحارث بن مسكين.

الشيخ: لا، ما يقول شيئًا، الحارث بن مسكين فيما قُرئ عليه، وأنا أسمعه.

طالب: بعض ......

الشيخ: المطبوع كله فيه أخبرنا، وهو غلط.

طالب: ما وجد من طريق مالك، وإنما وجد من طريق الأعمش عن أبي صالح.

الشيخ: طيب، هل مُخَرَّج عندك؟

الطالب: نعم.

الطالب: هو يقول: إنه يوافق طريق يفعله النَّسائي، لكن ليس ....

الشيخ: ماذا؟

الطالب قارئ الشرح: وهذا الإسناد يقع في الغالب للنَّسائي في سننه؛ لأنه لم نقف على هذا الأثر فيه.

الشيخ: خلاص أليس بالنسائي، هو ما روى عن الحارث إلا النسائي؟!

طالب: لكنه موجود...

الطالب: لكن يا شيخ في النسخ يذكر أن النسخ موجودٌ فيها السنن أو ينسب سنن الفتح ما هو بالسنن نفسه.

الشيخ: ففي كتاب السنن أم السير؟

الطالب: يقول في كتاب السنن.

الشيخ: لمن؟ ما قال شيئًا، ما قال النسائي ولا غيره.

الطالب: طيب السير لمن يا شيخ؟

الشيخ: أصحاب المغازي والسير معروفون.

طالب: .....

الشيخ: ما ينحل الإشكال بهذا.

طالب: كله موجود في ..... لكن ليس ...... في إسنادين عند الأول من طريق ....عن الأعمش عن أبي صالح قال: قال كعب، عن عطاء ثم أمنتم هو محمد بن حاتم، ... عن حمَّاد عن ابن المبارك عن الأعمش عن أبي صالحٍ قال: قال كعب، ثم ذكر المتن، ومتن حتى أطول من هذا، وفيه أن كعبًا كان يدعو يقول: اللهم لا تجعل ..... يبنى إلا ..... قالوا: وكيف تقول وهو .... قال: والله لتنشبن فتنة إن بني هذا لقتل هذا.

الشيخ: نعم؛ لأنه يجد في كتبهم.

أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ.

الطالب: نعم.

"فَفِي كِتَابِ السُّنن عَنِ الْحَارِث بن مِسْكين عَن بن وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَار".

أظنهم صححوا السير إلى السنن بناءً على السند المشهور عند النَّسائي، ولا يلزم.

طالب: لكن في طريق وأن من نقل عن الحافظ بعده من الشراح .......لا ......وكتب توايخ المدينة تنقل عبارة ....

الشيخ: نعم، أنا أقول: مادام عن الحارث بن مسكين بسند النَّسائي المعتاد استروح الطابع إلى أنه السنن.

"قال: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ بُنْيَانِ عُثْمَانَ الْمَسْجِدَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يُنْجَزُ، فَإِنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ بُنْيَانِهِ، قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ مَالِكٌ فَكَانَ كَذَلِكَ قُلْتُ".

يعني في آخر حياته، كأنه في آخر حياته.

طالب: ....

الشيخ: أين؟

طالب: ....

لا، يصير في كتب له، كعب الأحبار من أهل الكتاب، ما عندنا إلا الذي قدامك.

طالب:........عن عمر ...

طالب: والغريب يا شيخ أن أنجاه الله، مات اثنين وثلاثين، .......ثلاثين، وعثمان خمسة وثلاثين.

الشيخ: نعم؛ لأنه يؤيد أنه في آخر حياته.

الطالب: في آخر سنة.

طالب: يقول بينه وبين .....في بعض الروايات.

الشيخ: والكتاب أيش؟ السر..

طالب: .....

الشيخ: نعم، هذا من مرويات أهل الكتاب.

طالب: .........

الشيخ: عندك أحال على التلخيص؟ من أين جئت به؟

الطالب: ........

نعم.

"قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ تَارِيخَ ابْتِدَائِهِ، وَالثَّانِي تَارِيخَ انْتِهَائِهِ.

قَوْلُهُ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا" التَّنْكِيرُ فِيهِ لِلشُّيُوعِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَزَادَ ابن أَبِي شَيْبَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُثْمَانَ: «وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ»، وَهَذِهِ الزِّيَادَة أَيْضا عِنْد ابن حِبَّانَ وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَعِنْدَ أبي مُسلم الْكَجِّي من حَدِيث بن عَبَّاسٍ".

الشيخ: .........

الطالب: نعم.

الشيخ: أراك حولت عن الفتح.

الطالب: أليس بالكسر؟

الشيخ: أنت تبخس.

الطالب: لا.

الشيخ: كمل كمل.

الطالب:

"وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أنس، وبن عُمَرَ وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيث أبي بكر الصّديق، وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ «كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ»".

طالب: ......ابن عباس.

الشيخ: في بداية الصحيح صرنا نحضر بالدرس، نجيء بشروح البخاري، ونطلع على هذا وهذا، ونجمع بينها، والدرس أكثر من مائة وعشرين درسًا في بدء الوحي، ثم حصل الملل، وبقينا نقتصر على ابن حجر، وهو أفضل من عدمه، وإلا الكتب ما لها نهاية.

"وَحَمَلَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي تَفْحَصُ الْقَطَاةُ عَنْهُ لِتَضَعَ فِيهِ بَيْضَهَا وَتَرْقُدَ عَلَيْهِ لَا يَكْفِي مِقْدَارُهُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ جَابِرٍ هَذِهِ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنْ يَزِيدَ فِي مَسْجِدٍ قَدْرًا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ تَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ هَذَا الْقَدْرَ، أَوْ يَشْتَرِكُ جَمَاعَةٌ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ فَتَقَعُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ مَا يَتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ مَوْضِعَ السُّجُودِ وَهُوَ مَا يَسَعُ الْجَبْهَةَ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: بَنَى يُشْعِرُ بِوُجُودِ بِنَاءٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أُمِّ حَبِيبَةَ: مَنْ بَنَى لِلَّهِ بَيْتًا أَخْرَجَهُ سَمُّوَيْهِ فِي فَوَائِدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ الله، أخرجه ابن ماجه وابن حِبَّانَ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، فَكُلُّ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ الْمَكَانُ الْمُتَّخَذُ، لَا مَوْضِعُ السُّجُودِ فَقَطْ، لَكِنْ لَا يَمْتَنِعُ إِرَادَةُ الْآخَرِ مَجَازًا، إِذْ بِنَاءُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا كَثِيرًا مِنَ الْمَسَاجِدِ فِي طُرُقِ الْمُسَافِرِينَ يُحَوِّطُونَهَا إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَهِيَ فِي غَايَةِ الصِّغَرِ، وَبَعْضُهَا لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدَرِ مَوْضِعِ السُّجُودِ".

الشيخ: بعيد هذا.

الطالب: يمكن أن يضعوا علامة للقبلة، لا يراد به موضع الصلاة.

الشيخ: الظاهر منه، كالمحراب.

الطالب: نعم، محراب، على .......

الشيخ: نعم، كالمحراب.

"وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ نَحْو حَدِيثِ عُثْمَانَ وَزَادَ. قُلْتُ: وَهَذِهِ الْمَسَاجِدُ الَّتِي فِي الطُّرُقِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلِلطَّبَرانِيِّ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِرْصَافَةَ وَإِسْنَادُهُمَا حَسَنٌ، قَوْلُهُ قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ أَيْ شَيْخَهُ عَاصِمًا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، قَوْلُهُ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ أَيْ: يَطْلُبُ بِهِ رِضَا اللَّهِ، وَالْمَعْنَى بِذَلِكَ الْإِخْلَاصُ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ لَمْ يَجْزِمْ بِهَا بُكَيْرٌ فِي الْحَدِيثِ".

لآنه قال: قال بكير: حسبت أنه قال.

"وَلَمْ أَرَهَا إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ هَكَذَا، وَكَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْحَدِيثِ بِلَفْظِهَا، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ رَوَى حَدِيثَ عُثْمَانَ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ إِلَيْهِ لَفْظُهُمْ: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا، فَكَأَنَّ بُكَيْرًا نَسِيَهَا فَذَكَرَهَا بِالْمَعْنَى مُتَرَدِّدًا فِي اللَّفْظِ الَّذِي ظَنَّهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: لِلَّهِ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنى المُرَاد، وَهُوَ الْإِخْلَاص.

فَائِدَة:

قَالَ ابن الْجَوْزِيِّ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي يَبْنِيهِ كَانَ بَعِيدًا مِنَ الْإِخْلَاصِ انْتَهَى.

وَمَنْ بَنَاهُ بِالْأُجْرَةِ لَا يَحْصُلُ لَهُ هَذَا الْوَعْدُ الْمَخْصُوصُ؛ لِعَدَمِ الْإِخْلَاصِ، وَإِنْ كَانَ يُؤَجَّرُ فِي الْجُمْلَة".

إذا أخلص في عمله وإن كان أجيرًا يؤجر على هذا؛ لأنه ما عدل إلى بناء المسجد عن غيره إلا الذي معه، مثل الذي يقول له الطبيب: عليك بالمشي، وبدل ما يجول في الشوار يقول: أطوف، ما عدل عن هذا إلى هذا إلا لإرادة الثواب، ويؤجر على هذا القدر، فضل الله واسع.

"وروى أَصْحَاب السّنَن وابن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ، صَانِعَهُ الْمُحْتَسِبَ فِي صَنْعَتِهِ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَالْمُمِدَّ بِهِ»، فَقَوْلُهُ: الْمُحْتَسِبَ فِي صَنْعَتِهِ، أَيْ: مَنْ يَقْصِدُ بِذَلِكَ إِعَانَةَ الْمُجَاهِدِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَطَوِّعًا بِذَلِكَ أَوْ بِأُجْرَةٍ، لَكِنَّ الْإِخْلَاصَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا مِنَ الْمُتَطَوِّعِ".

يعني كماله تمام.

طالب: .....

الشيخ: على حسب، يعني بعضهم يكتب الاسم؛ ليفاخر به، ويباهي به، وبعضهم يكتب الاسم من أجل من رأه دعا له أو الأمور بمقاصدها، لكن في الغالب كتابة الاسم نقص، ومن الطرائف أن جماعة جمعوا لمسجد في حي، وبنوه من هذا المال المجموع، وكُتب عليه اسم واحد من أهل العلم مشهور، وأمام باب المسجد وجيه من الوجهاء شال اللوحة هذه، وكتب اسمه، وهو ما له أي دور، ما تبرع بعد مثل الجيران، ويعيدون اللوحة، وهو يعيد اسمه.

طالب: ......

الشيخ: وفيه مسجد بالمقابل بالطائف مبني من خمسين سنة، باسم واحد من الأمراء، هو الباني هو الذي بناه، جُدد المسجد قبل سنتين فقال: امسحوا اسمي، اكتبوا مسجد الصديق، جزاه الله خيرًا.

طالب: ..........

الشيخ: الحمد لله، الأمة فيها خير ولله الحمد.

"وَهَلْ يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ لِمَنْ جَعَلَ بُقْعَةً مِنَ الْأَرْضِ مَسْجِدًا بِأَنْ يَكْتَفِيَ بِتَحْوِيطِهَا مِنْ غَيْرِ بَنَاءٍ؟ وَكَذَا مَنْ عَمَدَ إِلَى بِنَاءٍ كَانَ يَمْلِكُهُ فَوَقَفَهُ مَسْجِدًا؟

إِنْ وَقَفْنَا مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَلَا، وَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى الْمَعْنَى فَنَعَمْ، وَهُوَ الْمُتَّجِهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بَنَى حَقِيقَةً فِي الْمُبَاشرَة بشرطها، لَكِنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي دُخُولَ الْآمِرِ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُنْطَبِقُ عَلَى اسْتِدْلَالِ عُثْمَانَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ".

قَوْلُهُ: بَنَى اللَّهُ، إِسْنَادُ الْبِنَاءِ إِلَى اللَّهِ مَجَازٌ، وَإِبْرَازُ الْفَاعِلِ فِيهِ لِتَعْظِيمِ ذِكْرِهِ جَلَّ اسْمُهُ، أَوْ لِئَلَّا تَتَنَافَرَ الضَّمَائِرُ أَوْ يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ عَلَى بَانِي الْمَسْجِدِ، قَوْلُهُ: مِثْلَهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ".

يعني إسناد البناء إلى الله مجاز، يعني في الآخرة ما أعدَّه الله لأوليائه من النعيم بما في ذلك البنايات وغيرها، القصور، كونه بناها الله -جَلَّ وعلا- مثل من بنى لله مسجدًا، هل نقول: إن مثل هذا مجاز؟ أو يكون من باب المباشرة أو الأمر به أو كن؟

طالب: ..........في حق الله...

الشيخ: على كل حال في هذا الباب هم عندهم خلل.

طالب: أحسن الله إليك...

الشيخ: على كل حال المسألة مسألة الآمر باني، مثل عثمان بنى يعني أمر، وحفر الأمير بئرًا، يأخذ المساحات؟ ليس بصحيح، لكن من أمر فقد فعل.

طالب: عمر بن الخطاب .....

الشيخ: ما شاء الله عليك، صح، أمر به.

"قَوْلُهُ: مِثْلَهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ بَنَى بِنَاءً مِثْلَهُ، وَلَفْظُ الْمِثْلِ لَهُ اسْتِعْمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: الْإِفْرَادُ مُطْلَقًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {..أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا..}[المؤمنون:47]".

الشيخ: فَقَالُوا، ما عندك؟

الطالب: نعم يا شيخ.

الشيخ: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا..}[المؤمنون:47].

الطالب: لا، لا.

"الْإِفْرَادُ مُطْلَقًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {..أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا..}[المؤمنون:47]، وَالْآخر: الْمُطَابقَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {..أُمَم أمثالكم..}[الأنعام:38]، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ أَبْنِيَةً مُتَعَدِّدَةً، فَيَحْصُلُ جَوَابُ مَنِ اسْتَشْكَلَ التَّقْيِيدَ بِقَوْلِهِ: مِثْلَهُ، مَعَ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَنَى اللَّهُ لَهُ عَشَرَةَ أَبْنِيَةٍ مَثْلَهُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ ثَوَابَ الْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ وَاحِدٌ بِحُكْمِ الْعَدْلِ، وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْفَضْلِ، وَأَمَّا مَنْ أَجَابَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عشر أَمْثَالهَا..}[الأنعام:160]، فَفِيهِ بُعْدٌ، وَكَذَا مَنْ أَجَابَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْوَاحِدِ لَا يَنْفِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ.

وَمِنَ الْأَجْوِبَةِ الْمَرْضِيَّةِ أَيْضًا أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ هُنَا بِحَسَبِ الْكَمِّيَّةِ، وَالزِّيَادَةَ حَاصِلَةٌ بِحَسَبِ الْكَيْفِيَّةِ، فَكَمْ مِنْ بَيْتٍ خَيْرٍ مِنْ عَشَرَةٍ، بَلْ مِنْ مِائَةٍ، أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْمِثْلِيَّةِ أَنَّ جَزَاءَ هَذِهِ الْحَسَنَةِ مِنْ جِنْسِ الْبِنَاءِ، لَا مِنْ غَيْرِهِ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ التَّفَاوُتَ حَاصِلٌ قَطْعًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ضِيقِ الدُّنْيَا وَسِعَةِ الْجَنَّةِ، إِذْ مَوْضِعُ شِبْرٍ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ".

آخر من يدخل الجنة، يخرج من النار ويدخل الجنة، يقال له: تمن، فتضيق به الأماني، ماذا يتمنى؟ توًّا طالع من النار، فتضيق به الأماني، فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك أعظم ملك في الدنيا؟ فيقول إيْ وربي، فيقال له: هو لك، ومثله ومثله، عشرة أمثاله، شيء بحساباتنا ما يدخل المزاج، لكنه بالنسبة لسعة فضل الله ورحمته، الله المستعان، الله يتوب علينا.

طالب:.........

الشيخ: في عشر أمثالها، يعني الذي يظهر أنه في الجسم.

طالب: .......هو اجتمع له في هذا في دار العمل، ليس......هل يدخل في هذا ... أم هذا..

الشيخ: لكن الأثر من جاء بالحسنة متى يدرك؟

الطالب: الآن النعيم .... في الجنة، والحسنة التي تكتب له، وتجتمع له في دار العمل شيء.

الشيخ: لا، هذا كله عند الحساب، والميزان.

طالب:.......

الشيخ: الذي يظهر؛ لأنه ما في......

طالب: ....

الشيخ: لكن أنت ماذا تقصد؟ لأني ما فهمت.

الطالب: أنا أريد أن أقصد جهة ما يعطى في الجنة نفسها، وجهة ما يجمعه العبد ...

الشيخ: أنت كم المقابل في الدنيا، كم يستحق؟ بالمقابلة عن الحسنة الواحدة.

طالب: عشرة.

طالب: الجهة الأولى .... وفي الجنة جزاء ثانٍ.

طالب: .....بواحدة.

الشيخ: هو الجزاء في الآخرة.

طالب: هو الجزاء فقط على هذا الذي ...... ترتب الشيء، فلا يلزم، يعني هذا الذي أصل أنت ... في هذا يأتي بهذا كتب السير....

الشيخ: فضل الله لا يُحد، لا يُحد، ولا أحد يحده، لكن هل كل الناس على حدٍّ سواء؟ بعضهم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.

طالب: لكن هذا ..

الشيخ: كم؟ أكثر؟ جاء في خبر ضعيف: إن الله ليعطي لبعض عباده الحسنة بألفي ألف حسنة، مليونين، لكنه ضعيف، ونحن نرجو، ما عندنا من الأمور التي تقتضي من ذلك شيئًا، لكن الله واسع المغفرة، الله يتوب علينا.

 كمل، كمل.

الطالب: لا إله إلا الله.

"وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بِلَفْظِ بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَلِلطَّبَرانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظِ: أَوْسَعَ مِنْهُ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا الْمُسَاوَاةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يَحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ فَضْلَهُ عَلَى بُيُوتِ الْجَنَّةِ كَفَضْلِ الْمَسْجِدِ عَلَى بُيُوتِ الدُّنْيَا، قَوْلُهُ فِي الْجَنَّةِ يَتَعَلَّقُ بِبَنَى، أَوْ هُوَ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ مِثْلَهُ".

هو الإشكال أن إثارة الإشكالات في مثل هذه الأمور قد تزيدها إشكالًا.

طالب: الإشكال هذا يا شيخ سيجري على كل النصوص، غرست له نخلة، بني له قصر، يلزم في كل شيء أن يبنى له عشر؟

الشيخ: يقول: حديث «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ»، شرحته عند طلبة الصف الخامس، يعني الابتدائي، وقلت: نريد فوائد الحديث، فقال أحدهم قوله: «كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ»، هذا فيه تشجيعٌ للفقراء على المشاركة في بناء المساجد، فإنه لا يوجد مسجد كمفحص قطاة، فما رأيكم بهذا؟

مثل ما مر، من ضمن ما مر من الفوائد.

طالب: ....

ماذا؟

طالب: «كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ».

الشيخ: لا، ثابت، إن شاء الله.

"وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِ فَاعِلِ ذَلِكَ الْجَنَّةَ، إِذِ الْمَقْصُودُ بِالْبِنَاءِ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهُ، وَهُوَ لَا يسكنهُ إِلَّا بعد الدُّخُول، وَالله أعلم".

نأخذ البابين أم نقف؟

طالب: باب قصير.

الشيخ: ماذا؟

الطالب: .....باب قصير.

الشيخ: لا، لكن عليه مباحث، فيه مباحث، موضوعهم واحد، وإلا فالباب الأول سهل، إن شاء الله.

طالب: الْكَجِّي يا شيخ.

الشيخ: ماذا؟

الطالب: بفتح الكاف ...

الشيخ: نعم، الأول بالفتح.

طالب: تشديد الميم.

طالب: بالكسر.

الشيخ: وفيه من أئمة الشافعية: ابن كَجّ معروف.

طالب: كِجِّ، أم كَجِّ؟

الشيخ: لا، كَجِّ.

طالب: بالفتح يا شيخ؟

الشيخ: نعم، بالفتح.

طالب: بعضهم قال بالشين، كشِّ .... وأيضًا بالجيم.

الشيخ: لا لا لا، كَجِّ غير كَشِّ، الذي ينسب إلى عبد بن حميد هي التي تقال بالمهملة والمعجمة، كش وكس، تصير نسبته بالسين مشكلة.

طالب: يقول في أبي مسلم ذكره..

الشيخ: يعني من جماعة عبد بن حميد؟ لا.

الطالب: ذكره أبو مسلم ضبطه ذكروا الشين...

الشيخ: الشين والسين، هذه التي فيها إشكال، ولذلك يعمد بعضهم إلى الشين؛ خشية مما يترتب على السين.

اللهم صلِّ على محمد.