كتاب الصلاة (33)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يقول: مرَّ في الدرس الماضي قول الشارح: "فَفِي كِتَابِ السير عَنِ الْحَارِث بن مِسْكين عَن بن وَهْبٍ، كَعْبَ الْأَحْبَارِ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ بُنْيَانِ عُثْمَانَ الْمَسْجِدَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يُنْجَزُ"، هكذا وقع في طبعة بولاق، والسلفية، ودار طيبة، وجاء في طبعة دار الرسالة: "فَفِي كِتَابِ السُّنن" بدل السير.

هذا يقول: وقد رجعت إلى صور سبع نسخٍ خطيَّة من الجزء الأول من فتح الباري في موقع موسوعة مغانم للسنة النبوية، فوجدت في نسختين منها كتاب السِّر، وفي سائرها كتاب السير، وفي درسٍ سابق في (باب إذا دخل المسجد) الطبعة السلفية جاء في المطبوعات قوله: "عن أبي قَتَادة" بفتحتين، ولم تجرِ العادة بضبط مثل هذا، قتادة لا يحتاج إلى ضبط! القاف مفتوحة بلا شك، والتاء مفتوحة ضرورة؛ لأن بعدها ألف، فلا يحتاج إلى ضبط.

ولم ترد هذه العبارة هكذا بشيءٍ من المخطوطات؛ لأنها خطأ، قتادة ما يُضبط، قال: ما يضبط؛ لأن الذي يُشكل عند أهل العلم المُشْكِل، وإلا فمن يغلط بكلمة "قال" لتضبط له!     

في بعض المخطوطات عن أبي قتادة السَّلَمي بفتحتين؛ لأنه من الأنصار، هذا الذي يحتاج إلى ضبط، أنه سَلَمي أو سُلَمي؟ سَلَمي؛ لأنه من بني سَلِمة، وكُلُّ مكسور الثاني في النسبة يُفتح، بالنسبة إلى النَّمِرْ نمري، ابن عبد البر النَّمري، والنسبة إلى مَلِك مَلَكي، وهنا إلى بني سَلِمة سَلَمي بفتحتين.

ومصور النسخ الخطية، سبع نسخ.

بل وأكثر، عشر نسخ يمكن يكون.

 في هذه بخط عبد العزيز السنباطي من تلاميذ ابن حجر، ومقابلة على نسخة مقرؤة على المصنف، يقول: "كان بناء عثمان للمسجد النبوي سنة ستٍّ وثلاثين على المشهور"، أين ستة وثلاثين؟ ممسوحة ستة، كأنه ثلاثين، "على المشهور وقيل: في آخر سنةٍ من خلافته، ففي كتاب السِّر عن الحارث بن مسكين".

طالب: ستة وثلاثين؟

الشيخ: ممسوحة الستة، وإلا فواضحة هي؟

طالب: سنة ثلاثين.

الشيخ: لا، ست، سنة ستٍّ وثلاثين، قبل وفاته، مكتوبة هنا وواضحة.

طالب: ....

 لا، عليه خطّه، و، خفيف، ماذا؟

طالب: ....

أنا أقرأ من مطبوع أم من مخطوط؟!

"كان بناء عثمان للمسجد النبوي سنة ثلاثين على المشهور، وقيل: في آخر سنةٍ من خلافته ففي كتاب السِّر عن الحارث بن مسكين"، قال: "كان بناء عثمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- للمسجد النبوي سنة ثلاثين على المشهور، وقيل: في آخر سنةٍ من خلافته، ففي كتاب السِّير عن الحارث بن مسكين" هذا مخطوط.

 "سنة ثلاثين على المشهور"نسخة دار الكتب المصرية، " وقيل في آخر سنةٍ من خلافته، ففي كتاب السِّير"، وهنا السير، "ففي كتاب السِّير".

الكاتب وفقه الله قال: قد رجعت إلى سبع صور نسخ خطيَّة من الجزء الأول، ففي فتح الباري في كذا فوجدت في نسختين منها كتاب السِّر، وفي سائرها كتاب السير، يعني والوصول إلى الصواب ليس بمستحيل، ليس بمستحيل، فيطلب الترجيح.

طالب: ..........في الماضي.

الشيخ: وأنت تجيء من رأسك أم مراجع؟ خمس نسخ، وتصير عشرين نسخة، ثلاثين نسخة وكلهم غلط، كل واحد ينقل من الثاني!

هذه النسخة الأولى بخط عبد العزيز السنباطي من تلاميذ ابن حجر، ومقابلة على نسخةٍ مقروءةٍ على المصنف، هذه النسخة، يقول لك: والثانية نسخة دار الكتب المصرية، وفيها كتاب السر، السير هذه نسخة ابن الأخصاصي، وهذه نسخة تركية، نسخة مكتبة شهيد علي تركيا، وواضح من خطها أن كاتبها ليس من أهل العلم.

طالب:.......

الشيخ: معروف خطوط أهل العلم معروفة، يعني ما يلزم أن يكون جميلًا، لا، لكن يعرف أنه نفس عالم، ليس بنفس طفل يكتب أيًّا كان، حتى في المعاصرين نعرف.

طالب: حسب السرعة.

الشيخ: لا لا، السرعة، التعليق معروف عند أهل العلم، شيخ الإسلام ما يرفع القلم، السخاوي لو تشوفوه قلت: جر الدجاج، لا لا، واضح، واضح، كتابات أهل العلم واضحة.

طالب: ......

الشيخ: يعني ما اقتنعت؟

طالب: ....

نعم.

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجَمَعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"بَابٌ: يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي المَسْجِدِ:"

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرٍو: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا»؟".

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ ورسولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابِهِ أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"بَابٌ يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي المَسْجِدِ".

"بَابٌ يَأْخُذُ" ما قال: باب الأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد، فيه فرق أم ما فيه فرق؟ العادة يوضع فيه المصدر، باب فعل كذا، باب الأخذ بكذا، هي إضافة إلى الجملة.

طالب: ........

الشيخ: لا، التجدد، تجدد الفعل، "بَابٌ يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي المَسْجِدِ"، والمعنى واحد لا يختلف.

"يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ" النبال: السهام العربية، فيأخذ بنصولها؛ لئلا تجرح أحدًا.

وبعض الناس يدخل المسجد بأشياء قد تكون مؤذية فيؤذي بها المصلين أو الجالسين، بعضهم وقد رأيناه يأخذ كرسيًّا من آخر المسجد، ويمر به من عند الناس، ولا يحتاط، يضرب هذا! ويأخذ هذا! ولا لهم حرمة، المسلم محترم، لا يجوز أذاه بأي حال من الأحوال، فعلى الإنسان أن يحتاط لذلك، فكيف بالنبال التي تجرح؟! بل قد تقتل، لكنها إذا كان مجرد مرور على الجسم تجرح، لكن القتل إذا قُذفت من بعيد.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرٍو".

عمرو مَنْ؟

طالب: ابن دينار.

الشيخ: عمرو بن دينار، معروف.

"أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ" ابن عمرو بن حرام، الصحابي الجليل.

"أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا»؟".

لأنه من المفترض أن يقول عمرو لسفيان نعم؛ لأنه قال: "أَسَمِعْتَ جَابِرَ" الجواب أن يقول: نعم، والعلماء يختلفون في الرواية بالعرض، ليس في أصل الرواية، لكن هل يلزم أن يقول: نعم أم ما يلزم؟ قال: حدثك زيدٌ عن فلان عن فلان هل يلزم أن تقول: نعم، أم تستمر الرواية والأصل الثبوت؟

هذا معروف في كتب المصطلح، مبحوث، وأكثرهم يقول: لا يلزم.

طالب: السكوت؟

الشيخ: السكوت علامة، تقرير، وهو حديث خرَّج في الصحيحين من هذا النوع، ولكن الذي يقرأ يقول هذا السؤال ليس له جواب، وجوابه أن يكون إن كان قد سمع بالفعل يقول: نعم، وإن لم يكن سمع يقول: لا.

"أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا»؟".

يعني من أجل أن لا تؤذي أحدًا.

اقرأ.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

طالب: أصل السهم أم أصل النصل؟

الشيخ: يمسك برأس السهم، هو ماسك في أصله، حتى ما يؤذي، ولا هو بقادر أن يمسكه مع رأسه دون أصله؟ هو آخذ بأصله، أما هذه السهام فهو ماسكها هكذا، ورأسه هذا الذي هو النصل إن تركه آذى به الناس، وإن أمسك به، وترك الأصل آذى نفسه، فلا بد أن يأخذ بأصله ورأسه، طالب: ....

نعم.

طالب: ....

إذا كان في جراب أُمِنت العلَّة.

في كل مكان فيه ناس، حتى في بيته، إذا خشي أن يؤذي زوجته وأولاده، ولا يتركه عند الأولاد يلعبون فيه، ويؤذي بعضهم بعضًا، وكم من مصيبة، وكم من كارثة أنه يوجد سلاح في بعض البيوت ويتركونها، يفرِّطون فيها، وبعضهم يأخذ معه في درج السيارة مسدسًا للأسفار، ويحصل منها كوارث؛ لأنه أحيانًا يظن أن ما فيها طلقة، ويكون الواقع أنه فيها، فيعبأ بعض الأطفال ويقتل بعضهم بعضًا، فالسلاح خطير.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قوله: "بابٌ يأخذ" أي الشخص، "بنصول" جمع نصل، ويجمع أيضًا على نصال كما سيأتي في حديث الباب الذي بعده، و"النبل" بفتح النون، وسكون الموحدة وبعدها لامٌ: السهام العربية، وهي مؤنثة، ولا واحد لها من لفظها، وجواب الشرط في قوله: "إذا مرَّ" محذوفٌ، ويفسره قوله: "يأخذ"، والتقدير يستحب لمن بيده نبل أنه يأخذ إلخ.

وسفيان المذكور في الإسناد هو بن عيينة، وعمرو هو بن دينار، ولم يذكر قتيبة في هذا السياق".

الشيخ: لماذا ترجح أنه ابن عيينة؟

طالب: بينه وبين المصنف راوٍ واحد.

الشيخ: نعم؛ لأنه بينه وبين المصنف راوٍ واحد، نعم.

طالب:........

الشيخ: نعم، سيأتي.

طالب: ....

ليأخذ على نصالها.

موجود.

طالب: .....

الشيخ: ماذا؟

الطالب: .... اللفظة.

الشيخ: جاءت اللفظة: وليأخذ بنصالها، أمسك بنصالها، نعم، ما الفرق؟

طالب: الترجمة ما الفرق؟

الشيخ: نصول، الترجمة نصول، في هذا الباب بنصالها، لماذا قال: سيأتي هذا اللفظ على نصال كما سيأتي في حديث الباب الذي يليه؛ بعده؟ ما قال في هذا الحديث، في حديث الباب الذي بعده، وفي حديث هذا الباب والذي بعده.

طالب: كأنه من باب التأكيد، كما سيأتي، كأنه ........

الشيخ: لا لا، لو قال كما في الحديث في البابين انتهى الإشكال، أنا كتبت كما سيأتي في حديث البابِ والذي بعده.

طالب: كما في.

الشيخ: كما سيأتي في حديث الباب أو هو تكلم عن الترجمة؟! سيأتي في حديث الباب والذي بعده؟

طالب: كما سبق.

الشيخ: كيف سبق؟

طالب: يكون قبل الشرح.

الشيخ: ما سبق! ما سبق، الأصل أن الفتح ما فيه أحاديث أصلًا، ما فيه أحاديث.

طالب: .....

الشيخ: ماذا؟

نعم، كما سيأتي في حديث الباب والذي بعده، والحديث الذي بعده.

"وسفيان المذكور في الإسناد".

الشيخ: أنت تستحضر ما قيل في أول الكتاب؟ أن ابن حجر جرَّد الكتاب من الأحاديث؛ لئلا يثقل حجمه.

طالب: لما شرع في شرح الحديث قال: .... الحديث.

الشيخ: نعم، الحديث يستحضره، وقد يحفظه، ماذا يقول هنا؟ يقول في أول الكتاب رقم اثنين من الحاشية: وكنت عزمت على أن أسوق حديث الباب بلفظه قبل شرحه، وليته فعل، لماذا؟ لئلا يترك مجالًا للاجتهاد، كل من طبع الكتاب أدخل النسخة التي بين يديه، وقد يكون فيها اختلاف عن النسخة التي شرح عليها ابن حجر، ونحن عانينا من النسخة التي أدخلوها في الطبعة السلفية.  

في أول المقدمة أيش؟ مما يطول به الكتاب جدًّا، وعلَّق الطابع قال: ونحن قد حققنا ذلك في هذه الطبعة، فسقنا حديث الباب بلفظه قبل شرحه؛ ليكون ذلك أعون على فهم الشرح، والإلمام بمراميه، وأشرنا بالأرقام إلى أطراف كُلِّ حديث، وهي أجزاءٌ متفرقة في مواضع أخرى من صحيح البخاري، وليته لم يفعل، وليته لما فعل. هو فعل خلاف مراد الشارح، فالذي فعله خلاف مراد الشارح.

وليته لما فعل بحث عن النسخة أو الرواية التي اعتمدها الشارح؛ لئلا يقع الخلاف بين المتن وبين الشرح.

"ولم يذكر قتيبة في هذا السياق جواب عمرو عن استفهام سفيان، كذا في أكثر الروايات، وحُكِي عن رواية الأصيلي أنه ذكره في آخره فقال: نعم، ولم أره فيها، وقد ذكره غير قتيبة أخرجه المصنف في الفتن عن علي بن عبد الله عن سفيان مثله، وقال في آخره فقال: نعم، ورواه مسلم من وجه آخر عن سفيان عن عمرو بغير سؤال ولا جواب، لكنَّ سياق المصنف يفيد تحقق الاتصال فيه، وقد أخرجه الشيخان من غير طريق سفيانٍ أيضًا".

الشيخ: سفيانَ.

الطالب: "من غير طريق سفيانَ أيضًا أخرجاه من طريق حمَّادٍ؛ من طريق حمَّادَ بن زيد عن عمرو".

الشيخ: حمَّاد؛ مصروف هذا.

الطالب: "من طريق حمَّادَ بن زيد عن عمرو".

الشيخ: مصروف، مصروف.

الطالب: "من طريق حمَّادِ بن زيد عن عمرو".

الشيخ: نحن لما منعنا سفيان، تريد أن تفعل في حماد مثله؟

الطالب: لا لا، الألف والنون.

الشيخ: الألف والنون، نعم، ممنوع من الصرف.

من باب الطرائف قال: ما فعل فلانٌ بحمارهُ؟ قال: يا أخي الباء تجر؟ قال: باعهِ! قال: قل: باعَهُ، قال: باؤك تجر، وبائي ما تجر!؟ هذا الكلام ما يخطر على بال، الذي جاء في القصة ما يقوله ولا العامة؛ حتى الجاهل ما أظن يقوله.

"ولفظه أن رجلاً مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصولها فأُمِرَ أن يأخذ بنصولها؛ كي لا تخدش مسلمًا وليس في سياق المصنف كي.

وأفادت رواية سفيان تعيين الآمر المبهم في رواية حماد، وأفادت رواية حماد بيان علة الأمر بذلك، ولمسلم أيضًا من طريق أبي الزبير عن جابر أن المار المذكور كان يتصدق بالنبل في المسجد، ولم أقف على اسمه إلى الآن".

الشيخ: يتصدق بالنبل في المسجد.

يستفاد منه في الجهاد، نعم.

"فائدة قال ابن بطال: حديث جابر لا يظهر فيه الإسناد؛ لأن سفيان لم يقل: إن عمرًا قال له نعم، قال: ولكن ذكره البخاري في غير كتاب الصلاة، وزاد في آخره فقال نعم، فبان بقوله نعم إسناد الحديث، قلت: هذا مبني على المذهب المرجوح في اشتراط قول الشيخ: نعم إذا قال له القارئ مثلًا: أحدثك فلان.

والمذهب الراجح والذي عليه أكثر المحققين، ومنهم البخاري أن ذلك لا يشترط، بل يُكتفى بسكوت الشيخ إذا كان متيقظًا، وعلى هذا فالإسناد في حديث جابر ظاهرٌ، والله أعلم".

الشيخ: إذا كان متيقظًا، لكن إذا كان الشيخ مثلًا ينعس مثلًا فلا بد أن يقر بنعم، أما إذا كان متيقظًا فلا يحتاجه.

"وفي الحديث إشارة إلى تعظيم قليل الدم وكثيره، وتأكيد حرمة المسلم، وجواز إدخال السلاح المسجد.

وفي الأوسط للطبراني من حديث أبي سعيد قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تقليب السلاح في المسجد، والمعنى فيه ما تقدم".

الشيخ: اللهم صلِّ على البشير النذير.

طالب: .......

الشيخ: فيه تدليس؟!

الطالب: ........ سالم.....

الشيخ: نعم، هو الخلاف بينهم في الأقوى من السماع والعرض الجمهور على أن السماع أقوى، ورجَّح بعضهم العرض؛ لأنه إذا عرض الطالب على الشيخ فلن يتردد الشيخ على الرد عليه إذا أخطأ، وإذا أخطأ الشيخ في تحديثه للطالب فقد لا يدرك الخطأ الطالب، وقد يدرك ويستحي من الشيخ، هؤلاء قالوا: العرض أقوى من السماع، وأما الجمهور فالعكس.

الأمر الثاني: أن سالمًا أجلّ من نافع، سالم أجلّ من نافع عند الجمهور، عند الناس، أجلّ منه يعني في الرواية.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ المُرُورِ فِي المَسْجِدِ.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ، فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لاَ يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا»".

يقول -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ المُرُورِ فِي المَسْجِدِ" يعني جواز ذلك، والمرور المذكور في الترجمة مطلق، والمرور المذكور في الحديث مقيَّد بمن معه نبْلٌ، فيُأخذ الجواز في الترجمة من الحديث من باب الأوْلى، يعني إذا جاز له أن يدخل ومعه نصال جاز له أن يدخل بدونها من باب أوْلى.

قال:

"حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ" هو من؟

طالب: التبوذكي.

الشيخ: التبوذكي، ما معنى التبوذكي؟

طالب: .......

الشيخ: كم قلته من مرة؟! بالدروس، ماذا يبيع؟

طالب: أيْ نعم، قوانص الدجاج.

الشيخ: قوانس الدجاج، والقوانس هي ما حواه البطن من كبد ومصران، هذا القوانص، وتسمى إلى الآن كذا بهذا الاسم.

طالب: .......

لا لا، راجع.

"حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ" ابن زياد أم مَنْ هو؟

طالب: ....

بعد.

طالب: ......

الشيخ: ماذا؟

لا، مَنْ يحفظ خطأ لابن زياد هذا؟ ليس بالذي تفرَّد بحديث الأمر بالاضطجاع بعد ركعتي الصبح؟ ذكروا أنه أخطأ، مع أنه ثقة، لكن مَنْ يُعرى من الخطأ والنسيان؟!

قال: "حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ" هانئ بن نيار.

"عَنْ أَبِيهِ" أبو موسى.

قال: "سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ" أليس أبو بردة هانئ بن نيار؟

طيب.

"عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ»"

لازم القسطلاني، الآن معكم؟

طالب: عامر.

عامر.

طالب: عن أبي موسى.

الشيخ: عن أبيه أبي موسى، وهو أبو بردة أيضًا عامر بن أبي موسى، ليس هو هانئ، هانئ بن نيار صحابي؛ الذي ضحى بجزعة.

طالب: بعناق

بعناق، أليس هو الذي ضحى بعناق؟ قال: ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك.

"عَنْ أَبِيهِ" يعني أبا موسى.

"عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ، فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لاَ يَعْقِرْ»، يعني يجرح «بِكَفِّهِ مُسْلِمًا»".

طالب: ....

بريد بن أبي بردة.

"«لاَ يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا»" لكن ما نستغني عن إرشاد الساري، ولا يستغني عنه أي طالب علم يحتاج البخاري، وهو رغم جلالة ابن حجر، وشرح العيني، لكنهما لا يغنيان بحال عنه، عندكم الشروح الأربعة، أولها الكرماني، وهذا أيضًا يحتاجه طالب العلم، وإن كان ليس فيه من دقائق العلم التي لو فاتت تضرر بها الطالب؛ لكن منشط، منشط، يعني تقرأ وأنت مرتاح، وتقرأ الصفحات الكثيرة ما تمل ولا شيء؛ لأنه يذكر عن كُلِّ راوٍ في كُلِّ موضع، ما يقول مرَّ وانتهينا، مر في آخر الوقت، يذكر عنه أطرف ما قيل في ترجمته، والقارئ ينبسط. ما تستأنس إذا سمعت؟

يقول: عن القعنبي في ترجمته أنه كان لا يُحدِّث، يخزن ولا يحدِّث، يجمع الحديث، فرأى في النوم من يقول: ليقم أهل العلم، هو يروي الحديث، فقاموا كلهم، لما قاموا قال: اجلس، قال: لماذا هؤلاء زملاؤنا في الطلب، وكنا نطلب العلم ونروي أحاديث؟ قال: لا، هم نشروا وأنت ما نشرت، فصار ينشر، ويستغل كل لحظة من لحظات حياته في النشر، الله المستعان.

طالب: ............

الشيخ: ماذا؟

طالب: ....

لا، الكرماني يعني شيء مزهل، يعني يجعلك تقرأ الكتاب في أقصر مدة وجيزة، يعني بشهرين كافية لقراءته، وهو خمسة وعشرون جزءًا، بينما العيني يعني طبعته يعني مرصوصة كثيرًا، وفيه مباحث متعبة جدًّا ما تمشي فيه، لكن فوائده أكثر.

اتفضل.

طالب: باقي الأربعة شروح.

الشيخ: أربعة شروح هذا هو أولهم الكرماني، يليه ابن حجر، والعيني، والقسطلاني، إذا جمعت هذه الشروح الأربعة ما أنت بحاجة إلى غيرها، يبقى ابن رجب، ابن رجب يشرح الأحاديث بنفس السلف، وبأقوال السلف، خاليًا من تعقيدات الكلاميين وغيرهم.

طالب: .....

الشيخ: هو ما كمله، إلى الجنائز، لكن الخروم الموجودة في أثناءه هذه خروم في النسخ وإلا في الأصل هو مشروح، وما وجد منه إلا كراسة من الشرح، وشرح العلل كامل.

طالب:......

الشيخ: هكذا يقال أنهم وجدوا ملزمة من آخره.

طالب:.............

الشيخ: أحسن طبعته الأولى البهية في مصر حرف تطرب إذا رأيته.

هو طبع طبعات كثيرة، وصور وما أدري أيش، لكن الذي يحرص على الأصل يجده.

"«لاَ يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا»" بكفه: جار ومجرور متعلق؟

طالب: ....

فليأخذ، فليأخذ بكفه على نصالها، أو لا يعقر مسلمًا بكفه؟

طالب: ....

ماذا؟

طالب: ....

لا، المرجح فليأخذ بكفه على نصالها.

نعم.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قوله: "باب المرور في المسجد" أي جوازه، وهو مستنبط من حديث الباب من جهة الأولوية، فإن قيل: ما وجه تخصيص حديث أبي موسى بترجمة المرور، وحديث جابر بترجمة الأخذ بالنصال؛ مع أن كُلًّا من الحديثين يدل على كل من الترجمتين.

الشيخ: يعني لو رفعت هذا الحديث ووضعته للترجمة الثانية، ولو رفعت الحديث الثاني ووضعته للترجمة الأولى، يُلاحَظ شيء؟

طالب: ....

 كُلٌّ من الحديثين يصلح لكلٍّ من الترجمتين، لكن مما يبديه بعضهم أن البخاري لم يحدث شيئًا في تراجم الكتاب، بمعنى أن شيخه قتيبة ابن سعيد ذاكره في حديث الباب في هذه المسألة بالترجمة المذكورة، يبغى أن يتبع شيوخه في تراجمهم على ما يرونه، وأخذ عن موسى بن إسماعيل مسألة المرور بالمسجد، واستدلَّ لها بما رواه من طريقه، وهذا الكلام ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه لا يجعل للبخاري أي تصرف في التراجم، وإنما تلقاها من شيوخه، وهذا شبه المستحيل، يعني في كل حديث يسمع الترجمة ممن رواه منه؟!

والمعروف عن الإمام البخاري دقته في التعبير، ويعني تميزه في تراجمه، حتى قالوا: إن فقه الإمام البخاري في تراجمه.

"أجيب باحتمال أن يكون ذلك بالنظر إلى لفظ المتن، فإن حديث جابر ليس فيه ذكر المرور من لفظ الشارع، بخلاف حديث أبي موسى، فإن فيه لفظ المرور مقصودًا، حيث جعل شرطًا ورُتب عليه الحكم، وهذا بالنظر إلى اللفظ الذي وقع للمصنف على شرطه، وإلا فقد رواه النسائي من طريق بن جريج عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: «إذا مر أحدكم» الحديث".

الشيخ: يعني في الحديث الأول، «إذا مر أحدكم» من لفظه- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كما في الحديث الثاني.

طالب: المعلق يقول: لم نقف عليه في المطبوع من المجتبى والسنن الكبرى للنسائي، ولم يذكره الحافظ المزي في تحفة الأشراف، وهو من هذا الطريق وبهذا اللفظ عند أبي عوانة في البر والصلة من صحيحه فيما ذكره الحافظ نفسه في اتحاف المهرة.

الشيخ: يقول: رواه النسائي؟

الطالب: نعم، يقول: ولم نقف عليه في المطبوع من المجتبى، والسنن الكبرى للنسائي.

الشيخ: لعله له في غيره من كتبه.

"وعبد الواحد المذكور في الإسناد هو بن زياد، وأبو بردة بن عبد الله اسمه بريد، وشيخه هو جده أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وقد أخرجه المصنف في الفتن من طريق أبي أسامة عن بريد نحوه، وكذا أخرجه مسلم من طريقه.

قوله: "أو أسواقنا" هو تنويع من الشارع وليس شكًّا من الراوي، والباء في قوله: "بنبل" للمصاحبة، قوله: "على نصالها" ضُمِّن الأخذ معنى الاستعلاء للمبالغة أو على بمعنى الباء كما تقدم في طريق حماد عن عمرو، وسيأتي من طريق ثابت عن أبي بردة.

قوله: "لا يعقر" أي لا يجرح، وهو مجزوم؛ نظرًا إلى أنه جواب الأمر، ويجوز الرفع. قوله: "بكفه" متعلق بقوله: "فليأخذ"، وكذا رواية الأصيلي: «لا يعقر مسلمًا بكفه»، ليس قوله: "بكفه" متعلقًا بيعقر، والتقدير فليأخذ بكفه على نصالها لا يعقر مسلمًا، ويؤيده رواية أبي أسامة فليمسك على نصالها بكفه أن يصيب أحدًا من المسلمين".

الشيخ: يعني خشية أن يصيب أحدًا.

"لفظ مسلم، وله من طريق ثابت عن أبي بردة: فليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها".

الشيخ: للتأكيد.

طالب: ...........

الشيخ: هو الأصل، لكن ما بينها تنافر، ليس بينها تنافر.

طالب: الشك من الراوي.

الشيخ: الشك من الراوي؛ لأنها لا يمكن الجمع بينهما، ما يمكن، ما المانع؟ مساجدنا أو أسواقنا، كل حديث له ظروفه.

طالب:......

الشيخ: المقصود أن مثل هذه لا يتطرق فيها الشك، مساجدنا أو أسواقنا أيش المانع؟

طالب:.........

الشيخ: الأسلحة الآن ما تدخل المساجد، في أغمدتها.

على كل حال هي تحتاج إلى معاناة من أجل أنها ما هي بجاهزة للإطلاق إلا عند الحاجة.

نعم.

الطالب:

قال البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ: الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ:

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ، يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ»؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ".

يقول -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ: الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ".

المساجد الهدف من بنائها إقامة الصلاة، وإقامة ذكر الله، إنما بنيت لإقامة الصلاة وذكر الله- عَزَّ وَجَلَّ-، والشعر جاء ذمه في القرآن {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}[الشعراء:224]، فهل يجوز هذا الكلام المذموم في القرآن؛ لأن الشعراء لما ذُمُّوا من أجل شعرهم، فتحول الذمُّ إلى الشعر، وقائل الشعر، فهل هذا الكلام المذموم يجوز في المسجد الذي إنما هو بني لذكر الله، وإقامة الصلاة؟

يختلفون؛ منهم من يمنع مطلقًا، والقول الوسط، حتى قال بعضهم: إنه لا يكتب فيه بسم الله الرحمن الرحيم، في الشعر، وتوسَّط بعضهم وهو الحق، أن الشعر كلام، حسنه حسن، وقبيحه قبيح، وعلى هذا إذا كان الأمر كذلك فما كان من حسنه فهو مثل حسن النثر يُقال في المسجد وغيره.

اختلفوا هل يُقال في الخطب التي لم يرد فيها شيءٌ عن النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- شعرًا؟ أجاز بعضهم البيت والبيتين الشيء اليسير بحيث لا يطغى على الخطبة، أظن أن المالكية يمنعون مطلقًا الشعر في الخطبة.

طالب: ....

ما تدري؟ أنت ما مالكي الأصل؟

طالب: ....

تحنبلت؟

طالب: ....

لا، لكن أعطيت المالكية أمر مسح خلاص؟

طالب: ....

غيره؟ معروف عن المالكية أن الخطبة تبطل، تبطل، والله الشباب الآن توسعوا، يذكرون معلقات، ويذكرون أشياء.

طالب: ....

ما ينفتح الباب للناس، ما ينفتح الباب، والله المستعان.

على كل حال الشعر نفع الله به نفعًا عظيمًا، ونُظِمت العلوم، وحُفظت؛ لأنها نُظِمت، وحفظ النظم أبقى في الذهن أكثر من النثر، فعلى هذا يكون حينئذٍ ممدوحًا، ويُتلى في المسجد وغيره، لكن هناك أشعار ساقطة، ويُحتاج إليها في العلم؛ لكونها شواهد على قواعد عربية وغيرها، شواهد على معاني لبعض ألفاظ القرآن، استدلَّ بها الصحابة، لكن هل يُقال مثلها في المسجد؟ الرفث في كلام ابن عباس، وأنه هو المخصوص في مواجهة النساء، لا ما يُقال بين الرجال، وأنشد ابن عباس شيئًا لا أستطيع أن أقوله في المسجد؛ لأنه لما تقولون ما لا تفعلون، كلام قبيح جدًّا، أئمة اللغة مطبقون، كلهم ينسبونه لابن عباس، والحافظ ابن كثير وغيره، والمفسرون يذكرون قال: ابن عباس..

وعلى كل حال النكارة فيه ظاهرة؛ لأن فيه إن تصدق الطير..

طالب: طيرة.

الشيخ: طيرة، فيه طيرة، هو لا يليق بابن عباس، واللفظ الثاني أخس الذي استدلَّ به على جواز الرفث بين الرجال.

على كل حال مثل هذه الأمور أمثلة يُحتاج إليها في العربية وفي التفسير، تفسير بعض الكلمات القريبة فهل تُقال في المسجد أم ما تُقال؟

طالب: ابن كثير ذكره في المسجد.

ذكره في التفسير، لكن وهو بالمسجد، هو يفسر القرآن في المسجد، ابن كثير، وللفائدة الحافظ ابن كثير ما كان يكتب ولا يُكتب عنه التفسير، حتى وصل إلى سورة الأنعام، فصار يكتب، ثم لما انتهى عاد إلى ما تقدم.

طالب: في المسجد يا شيخ؟

نعم، في المسجد، فسر في المسجد، وشيخ الإسلام ابن تيمية فسر القرآن في المسجد بعد صلاة الجمعة.

طالب: يمرون بأبيات.

والله مر بنا أبيات في القرطبي الله يعفو ويسامح، وبعضها أنا أذكر موقفًا، كلام لأصبغ ما تقدر أن تقرأه، أنت كنت حاضرًا؟ في أيْ سورة؟

طالب: ما كنت حاضر للقرطبي أكثر، لكن حضرت .....

لا تقرأ كلام أصبغ.

طالب: فيه أشد يا شيخ؟

لا، ما فيه أشد من ذا، لا لا، هي رغم صعوبتها وكونها في حق الله- جلَّ وعلا- لكن هذا سفه، إسفاف، تدرون، يتتبعونه.

طالب: قرأت في حاشية الصبان، قرأتها، ما العمل؟

الشيخ: الصبان أنت قرأته في المسجد؟

الطالب: نعم.

كل كتب النحو فيها.

الطالب: ما العمل؟

والله المسجد ينبغي أن يُنزَّه، لكن إذا مر شيء ضروري لا يمكن الاستغناء عنه بحال فالشكوى إلى الله، صار بحسب الداعي إليه.

طالب: قول .......

ماذا قال؟ نفسه، في حديث ماعز يقرره لا بد أن يأخذ بالصراحة؛ لأن المجال مجال درء حد.

طالب:........

بالمسجد، لكن مسألة التقرير للإقرار بما يوجب الحد لا بد من الاستقصاء.

طالب: .......نعترض على .....

لكن هل كلام ابن عباس فيه ضرورة أن يُقال؟ أما هذا فرجل سوف يُرجم بالحجارة، ولو لم يذكر مثل هذا الكلام لدُرئ عنه الحد، لو قال: لا، والشيخ حسن موجود؟

طالب: ....

ماذا؟

لا ليس أنت، حسن الأثيوبي، هو الذي يحفظ هذه الأبيات، جاء الأسبوع الماضي، تلقاه وراء أحد هذه العمد.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ" واسمه "الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ" وهو ابن أبي حمزة "عَنِ الزُّهْرِيِّ" محمد بن مسلم بن شهاب "قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ" كثير من أهل العلم يقول: اسمه كنيته، وقيل: عبد الله، أقوال كثيرة، وهذا ديدن من يُعرف بكنيته، يضيع اسمه، ولا من أشهر الصحابة؟ أبو هريرة، يختلف في اسمه واسم أبيه على ثلاثين قولًا لماذا؟ لأنه ما يعرف إلا راح أبو هريرة، جاء أبو هريرة.

"أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ" شاعر الرسول- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-.

"يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ" فسر يستشهد بقوله: "أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»" والسبب في ذلك أن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- رأى حسان ينشد في المسجد، فكأنه أنكر عليه فقال: أنشدت، وفيه من هو خير منك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم استشهد أبا هريرة.

"أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»" وفي بعض الأحاديث «اهجهم، وروح القدس تؤيدك».

"«أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»" يعني أجب قريشًا الذين سبُّوا رسول الله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، "«اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ»؟" دعا له بأن يؤيَّد بروح القدس الذي هو جبريل- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، "قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ" أدى الشهادة لحسان.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قوله: "باب الشعر في المسجد" أي: ما حكمه، قوله: "عن الزهري، قال" أخبرني أبو سلمة" كذا رواه شعيب، وتابعه إسحاق بن راشد عن الزهري، أخرجه النسائي، ورواه سفيان بن عيينة عن الزهري، فقال: عن سعيد بن المسيب بدل أبي سلمة، خرَّجه المؤلف في بدء الخلق، وتابعه معمر عند مسلم، وإبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن أمية عند النسائي، وهذا من الاختلاف الذي لا يضر؛ لأن الزهري من أصحاب الحديث، فالراجح أنه عنده عنهما معًا، فكان يحدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا، وهذا من جنس الأحاديث التي يتعقّبها الدارقطني على الشيخين، لكنه لم يذكره، فليستدرك عليه".

الشيخ: وهذا الاختلاف غير مؤثر، ولا يورث اضطرابًا؛ لأن..

طالب: تنوع...

الشيخ: لا هو ما يمنع أن يكون الزهري رواه عن هذا مرة، وعن هذا مرة، وحدَّث بهذا وهذا.

طالب: كان مكثر...

الشيخ: ممكن، نعم.

طالب: .........قاله ..... ما الضابط؟

الشيخ: الضابط أن يتولى ذلك من يكتفي بشم الحديث، وليس من الطلاب الذين يتطاولون على مثل هذا الاختلاف الذي لا يدركه إلا أفذاذ من أهل العلم.

 طيب، حديث «لا نكاح إلا بولي» صححه موصولًا الإمام البخاري، ورواه مرسلًا شعبة وسفيان، ومن أعظم من شعبة وسفيان، يقول الحافظ العراقي: مع كون من أرسله كالجبل، وما السبب؟ أنه قدم الوصل على الإرسال، هل لأن من مذهبه تقديم الوصل على الإرسال؛ لأنه زيادة ثقة كما يقول المتأخرون؟ لا، أشار الترمذي إلى العلَّة التي لا يدركها كثيرٌ ممن يشتغل بتخريج الأحاديث ويحكم عليها، ماذا يقول الترمذي؟ لأن شعبة وسفيان روياه في مجلسٍ واحد فكأنهما راوٍ واحد، من يعرف مثل هذا؟ متى يصل طالب العلم إلى هذه الدرجة؟

طالب:......

الحافظ الذهبي يقول في ترجمة الإسماعيلي في تذكرة الحفَّاظ: مَنْ عرف حال هذا الرجل جزم يقينًا على أن المتأخرين على يأسٍ تامٍ من لحاق المتقدمين، الله يتوب علينا.

طالب: ....

ماذا؟

طالب: ....  

حكم بوصله، الصحيح الوصل.

طالب: ....

 لا، ما قلت رواه، ما قلته، البخاري حكم بوصله.

"وفي الإسناد نظر من وجه آخر، وهو على شرط التتبع أيضًا، وذلك أن لفظ رواية سعيد بن المسيب مرَّ عمر في المسجد، وحسان ينشد فقال: كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله الحديث، ورواية سعيد لهذه القصة عندهم مرسلة؛ لأنه لم يدرك زمن المرور، ولكن يُحْمَل على أن سعيدًا سمع ذلك من أبي هريرة بعد، أو من حسان".

الشيخ: يعني من صاحب القصة؟ ما يروي قصة لم يشهدها وإنما يرويها عن صاحبها، وإلا سعيد ما أدرك عمر مميِّزًا كبيرًا.

"ورواية سعيد لهذه القصة عندهم مرسلة؛ لأنه لم يدرك زمن المرور، ولكن يُحْمَل على أن سعيدًا سمع ذلك من أبي هريرة بعد أو من حسان، أو وقع لحسان استشهاد أبي هريرة مرة أخرى فحضر ذلك سعيد".

الشيخ: لأن حسَّان عُمِّر إلى سنة خمسين، مع أنه عاش ستين في الجاهلية، وستين في الإسلام، وأبوه كذلك، وجدُّه كذلك، والرابع كذلك، ثم جاء عبد الرحمن بن حسان فصار يقول في المجالس: إن أباه عُمِّر مائة وعشرين، وجدُّه، وجدُّه، وجدُّه، وسبحان الله كأنه جاز من أنه يصير مثلهم، فمات لثمانٍ وأربعين سنة. ما كمل النصف.

"ويقويه سياق حديث الباب، فإن فيه أن أبا سلمة سمع حسان يستشهد أبا هريرة وأبو سلمة لم يدرك زمن مرور عمر أيضًا، فإنه أصغر من سعيد، فدلَّ على تعدد الاستشهاد، ويجوز أن يكون التفات حسان إلى أبي هريرة واستشهاده به إنما وقع متأخرًا؛ لأن ثم لا تدل على الفورية والأصل عدم التعدد".

الشيخ: يعني لا يكون استشهاد حسان لأبي هريرة في وقت إنكار عمر، لكن قاله بعد ذلك.

"والأصل عدم التعدد، وغايته أن يكون سعيد أرسل قصة المرور ثم سمع بعد ذلك استشهاد حسان لأبي هريرة، وهو المقصود؛ لأنه المرفوع، وهو موصول بلا تردد، والله أعلم.

قوله: "يستشهد" أي يطلب الشهادة، والمراد الإخبار بالحكم الشرعي، وأطلق عليه الشهادة مبالغة في تقوية الخبر.

 قوله: "أنشدك" بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة أي: سألتك الله، والنشد: بفتح النون وسكون المعجمة التذكر، قوله: "أجب عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" في رواية سعيد أجب عني، فيحتمل أن يكون الذي هنا بالمعنى، قوله: "أيده" أي قوه، و"روح القدس" المراد هنا جبريل، بدليل حديث البراء عند المصنف أيضًا بلفظ: وجبريل معك، والمراد بالإجابة الرد على الكفار الذين هجوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وفي الترمذي من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينصب لحسان منبرًا في المسجد، فيقوم عليه يهجو الكفار، وذكر المزي في الأطراف أن البخاري أخرجه تعليقًا نحوه، وأتم منه، لكني لم أره فيه.

قال ابن بطال: ليس في حديث الباب بأن حسان أنشد شعرًا في المسجد بحضرة النبي- صلى الله عليه وسلم-، لكنَّ رواية البخاري في بدء الخلق من طريق سعيدٍ تدل على أنَّ قوله- صلى الله عليه وسلم- لحسان أجب عني كان في المسجد، وأنه أنشد فيه ما أجاب به المشركين، وقال غيره: يحتمل أن البخاري أراد أن الشعر المشتمل على الحق حقٌّ، بدليل دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لحسان على شعره".

الشيخ: حسانَ أم حسانٍ؟

الطالب: لحسانَ.

الشيخ: مصروف أم غير مصروف؟

طالب: ممنوع من الصرف.

الشيخ ممنوع لماذا؟ مصروف أم غير مصروف؟

طالب: مصروف.

الشيخ: المسألة خلاف، كلكم صادقون، كلاكما صحيح، فمن قال: من الحسن قال: مصروف، ومن قال: من الحِس قال: غير مصروف، عفَّان من قال: من العفة فهو ممنوع، ومن قال، ما يقال من العفن، لا، على كل حال هكذا يقولون في حسَّان وما جاء على وزنه.

طالب:..........

الشيخ: لا، الأشعار في وقتها تصل، يتداولها الناس ويفرحون بها لاسيما المدح والهجاء والفخر، مثل هذا ما..

طالب: ........

الشيخ: لا، ما يجوز أن نقول يتناقلونها؛ لأنه لا بد أن يقبل الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام- بها؛ لئلا تترك، يترك الباطل لعبث بالناس!

طالب: ........

الشيخ: نعم.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، كيف تكون معيِّة جبريل لحسان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-؟

الشيخ: يؤيِّده، نعم.

"وإذا كان حقًّا جاز في المسجد كسائر الكلام الحق، ولا يمنع منه كما يمنع من غيره من الكلام الخبيث، واللغو الساقط. قلت: والأول أليق بتصرف البخاري، وبذلك جزم المازري، وقال: إنما اختصر البخاري القصة لاشتهارها، ولكونه ذكرها في موضع آخر انتهى.

وأما ما رواه بن خزيمة في صحيحه والترمذي، وحسنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: نهى رسول الله- صلى الله عليه- وسلم عن تناشد الأشعار في المساجد، وإسناده صحيح إلى عمرو، فمن يصحح نسخته يصححه، وفي النهي عدة أحاديث".

الشيخ: وفي المعنى، هو وفي النهي عندك؟

الطالب: وفي النهي.

الشيخ: عندنا وفي المعنى عدة أحاديث.

الطالب: لا، وفي النهي، وفي المعنى، وما أثبتاه أصح.

الشيخ: نعم.

"وفي النهي عدة أحاديث، لكن في أسانيدها مقال، فالجمع بينها وبين حديث الباب يُحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، والمأذون فيه ما سلم من ذلك، وقيل: المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبًا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه، وأبعد أبو عبد الملك البوني فأعمل أحاديث النهي، وادعى النسخ في حديث الإذن، ولم يوافق على ذلك حكاه ابن التين عنه، وذكر أيضًا أنه طرد هذه الدعوى فيما سيأتي من دخول أصحاب الحراب المسجد، وكذا دخول المشرك".

والله أعلم.

اللهم صلِّ وسلم.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، أبو هريرة بالذات؛ لكثرة روايته للحديث؟

الشيخ: لملازمته للرسول- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-.