كتاب الصلاة (37)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الخَوْخَةِ وَالمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ»، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ العَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ».

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الخَوْخَةِ وَالمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ" الخوخة: الباب الصغير أو النافذة تكون في الجدار وهي هنا بابٌ صغير ينفذ منه الصحابة أبواب لكلٍّ باب، أو من أراد أن يضع خوخةً ينفذ منها يدخل ويخرج، لكن في النهاية جاء الأمر بسد جميع هذه الخوخات إلا خوخة أبي بكر- رضي الله عنه وأرضاه-.

والممر أيضًا اتخذوا ممرًّا للمسجد، وما زال معمولًا به يكون على جانبٍ منه؛ لئلا يشوش على المصلين المار ما يُشوش على المصلين من بين أيديهم، أو يتخطى رقابهم، مثل ما يضعون الآن في جوانب المسجد غير مفروش يُريدونه ممرًّا، ولكن -مع كل أسف- أنت تجد الزحام على هذه الممرات أكثر من وسط المسجد، زحام على هذه الممرات ويُعاني منها المصلون، حتى الذين يصلون فيها تتأثر صلواتهم، وإلا لو هي للصلاة فُرِشَت مثل غيرها.

طالب: ..............

لا صف أول ولا شيء، ما دام وُضِع هكذا فلهم أن يمروا به.

طالب: .............

هذه عبادة، لكن الذي يدخل كيف يدخل؟ كيف يتعبد؟ يتعبد بالخارج ما يدخل؟ هذا مما تتم به العبادة، ومما تُحفَظ به العبادة.

طالب: ..............

نعم، من الاعتداء في المسجد، والاعتداء على صاحب المسجد والمصلين فيه أن يُوضَع أكثر من الحاجة، يعني بدل ما يمر واحد يمر مجموعة، خلي الأمور يكفي بقدر الحاجة.

"بَابُ الخَوْخَةِ وَالمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ" قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ" في كثيرٍ من الروايات لا يُوجَد ذِكرٌ لبُسر بن سعيد، وإنما هو عن عُبيد بن حُنين عن أبي سعيدٍ الخدري مباشرة، وهو يروي عن هذا وهذا، ولا يمتنع أن يكون رواه مرةً عن بُسر، ومرةً رواه عن أبي سعيد مباشرة.

"عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ –رضي الله تعالى عنه- قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ»"، «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا»، وأن يُمَد في عمره، ويُنسأ في أجله أو يختار ما عند الله والدار الآخر، «فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ»، وهذا هو المتوقع منه –عليه الصلاة والسلام- من إيثاره لما عند الله، في السياق يقول: «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى» عليه الصلاة والسلام.  

"«فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ»، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-" انتبه أبو بكر للمقصود، ولم ينتبه غيره؛ وذلك لشدة ملازمته للنبي –عليه الصلاة والسلام- ومعرفة جميع أموره العامة والخاصة- رضي الله تعالى عنه وأرضاه-.

"فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟" أبو بكر زاد على الستين عمره في وقت المقالة؛ لأنه أصغر من النبي –عليه الصلاة والسلام- بسنتين، والرسول– عليه الصلاة والسلام- توفي عن ثلاثٍ وستين، فإذا كان هذا في آخر عمره؛ فيكون عمر أبي بكر إحدى وستين سنة.

"مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ" ليست المسألة مجرد خبر يسوقه النبي –عليه الصلاة والسلام- على أنه خبر مثل ما نقرأه الآن ليس الأمر كذلك، أنت إذا قرأت هذا الخبر فماذا يجول بخاطرك؟ مفاده أن الرسول اختاره الله –جلَّ وعلا-؛ لأننا عرفنا، فاختار ما عنده، وانتقل إلى الرفيق الأعلى، لكن في الوقت نفسه الذي فيه يُخيِّر النبي –عليه الصلاة والسلام- بين الحياة والوفاة الأمر يختلف، ولا ينتبه لذلك إلا خاص الخاص مثل الصديق -رضي الله عنه وأرضاه-.

"فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ العَبْدَ" يعني: المُخيَّر "وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا" هو أعلم الصحابة على الإطلاق وأخشاهم وأتقاهم، وأقواهم إيمانًا، وأرسخهم اعتقادًا، أبو بكر ما سبق الناس بكثرة صلاةٍ ولا صيام، إنما سبقهم برسوخ إيمانه وبما رسخ في قلبه.

"قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ»"، مثلما بكت فاطمة لما أخبرها النبي –عليه الصلاة والسلام- بكت، فلما أخبرها بأنها أول من يلحق به –عليه الصلاة والسلام- ضحكت.

هذه التصرفات تُنبئ عن قِلة الرغبة في الدنيا، وعدم التمسك بها، وأن الأمر أعظم من ذلك، وأن الدنيا لا تساوي شيئًا، وجاء في الحديث أنها لا تزن عند الله جناح بعوضة، وبعض الناس إذا أُخبِر بطروء مرضٍ فيه فكأن القيامة قامت، كأنها قامت، يعني ما بقي في الدنيا خير إطلاقًا، فضلًا عن أنه يُخبَر أنه يموت أو يموت له أحد أو شيء من ذلك برؤيا أو بغيرها.

طيب مات أشرف الخلق.

 اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد.  

«لاَ تَبْكِ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ»، لا شك أن ما قدمه أبو بكر للرسول– عليه الصلاة والسلام- ولرسالته ودينه لم يفعله أحدٌ أو يفعل قريبًا منه، ولا شك أن مثل هذا الفعل يقتضي المنَّة، والأصل أن المنَّة لله ورسوله، {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ} [الحجرات:17]، لكن العمل يترتب عليه مِنَّة، والمعروف يترتب عليه مِنَّة، لكن هل الذي يمن صاحب العمل أو يُعتَرف له بالمنَّة ولو لم يمن؟ يُعتَرف له بالمنَّة، وإلا فالمَن يُحبِط العمل يُفسده أو يُقلله على حسب كثرة هذا المَن وقلته.    

«إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ» يعني: خليلًا، «وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ»، وفي حديث ثانٍ «ولكنَّ صاحِبَكم خليلُ الله» والخُلة: نهاية المحبة التي لا يحتمل القلب معها غيرها، فلو اتخذ خليلًا من أمته؛ لنازعت هذه الخُلة خُلة الله –جلَّ وعلا- ومحبته التامة التي لم تُبقِ في القلب محلًا لأحد.

الحب في الله والبغض في الله وما أشبه ذلك هذه موجودة، المحبة والمودة بين المسلمين والمؤمنين، «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلُ الْجَسَدِ الواحد»، لكن الخُلة التي هي نهاية المحبة وخالص المحبة هذه لم يكن في قلبه –عليه الصلاة والسلام- إلا ما كان لله- جلَّ وعلا-.

«وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ» في روايةٍ: «ولكن خوة الإسلام»، والمراد بها هي الإخوة.

«وَمَوَدَّتُهُ» بين المسلمين؛ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10].  

«لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ» هذا من باب المكافئة لهذا الرجل الكبير المحسن.

«بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ» -رضي الله عنه-.

يعني لو أن شخصًا بنى مسجدًا، واحتاج في آخر عمره إلى مرفق يأوي إليه ويرتاح فيه أو احتاج إلى تسهيل دخول وخروج يستحق.

ثم قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ" المسندي.

"قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي" هو جرير بن حازم.

"قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ"، وما زال أثر العَصب للرأس يُخفف الألم، والناس معتادون عليه إلى يومنا هذا إذا وُجِد صداع أو شيء مما يؤذي في الرأس فالعصابة.

"عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَر" وثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «وَأَنَا وَارَأْسَاهُ» عليه الصلاة والسلام.

"فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَر، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ" كعادته في الخُطب، لكنه الآن قعد، ما خطب قائمًا، هل جميع الخُطب يلزم لها القيام؟ لا، هذه خطبة؛ لوجود ظرفٍ طارئ أو شيء يحتاج إلى تنبيه، ولو لم يخطب، ونبَّه عليها وهو جالس ما كان فيه إشكال.

"فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ»" من يُجاري أبا بكر، ومن يُدانيه، ومن يُقاربه؟! وتبارى هو وعمر –رضي الله عنه- في النفقة، فجاء عمر بنصف ماله، فجاء أبو بكرٍ بماله كله، أبو بكر معروف من الأثرياء.

«إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ»، أبو قحافة اسمه عثمان، وأبو بكر: عبد الله.

«وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، ولكن صاحبكم خليل الله كما أن إبراهيم –عليه السلام- خليل الله».

 الجعد بن درهم قال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يُكلم موسى تكليمًا، ما التأويل؟ له تأويل؟

طالب: ............

هو قصده التنزيه، وأن الخُلة...

طالب: ...............

نعم، من مقتضاها كما في البشر؛ لأنهم شبَّهوا قبل ومثَّلوا وجعلوا الله مثل خلقِه، فلما تصوروا الخُلة والمحبة التي في البشر نقلوها إلى الخالق؛ فنفوها عنه، وركبوا أبواب التأويل الذي سيأتي الكلام فيه مُفصَّلًا في درس النونية، إن شاء الله تعالى.

خالد بن عبد الله القسري في يوم عيد الأضحى جاء بالجعد فذبحه في المصلى، قال: ضحوا تقبَّل الله ضحاياكم، فإني مُضحٍ بالجعد بن درهم، لماذا؟ لأنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يُكلم موسى تكليمًا، نسأل الله العافية.

يُوجد من بعض الكتبة في العصور المتأخرة أن الجعد قتله فلان -يعني خالد القسري- لأمورٍ وظروفٍ سياسية، معارضات، هو ما يتصور إلا مثل هذا، ما يتصور أن الدين رأس المال، وهو الذي يُوالى عليه ويُعادى عليه.      

«وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ»، يعني سد الخوخات خاص بمسجده –عليه الصلاة والسلام-، بمعنى أنه لو وُجِد في مساجد غير المسجد النبوي أنها تبقى، كل من أراد أن يفتح خوخة ويستطرقها تُتاح له الفرصة؟

طالب: ...............

هو لا شك أن المسجد إنما بُني لعموم الناس ولمصالحهم العامة التي منها الصلاة والذِّكر وغيرها، فإذا كانت هذه الخوخات التي تُفتَح والأبواب تؤثِّر على المقصود الأصلي من بناء المسجد تُمنَع، وإلا كانت المساجد مفتوحة.

وجاء في الحديث الصحيح "كانت الكلاب تغدو وتروح"، في روايةٍ: "وتبول".

طالب: في مسجد رسول الله؟

في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ولا شك أن العناية بنظافة المساجد، والاهتمام بمحتوياتها والأموال التي تُنفَق عليها فهذا أمرٌ ضروري لا بُد منه، إذا وُجِدت، أما إذا كانت على الطريقة الأولى الأبواب مفتوحة، ولا رُكِّب أبواب ولا غلق، ومفروش بالرمل، فالأمر أيسر، ولذلك تقدم في النخامة تكون في المسجد كفارتها دفنها، «سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ».

نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قَوْلُهُ: بَابُ الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِي الْمَسْجِدِ. الْخَوْخَةُ: بَابٌ صَغِيرٌ قَدْ يَكُونُ بِمِصْرَاعٍ وَقَدْ لَا يَكُونُ".

"قَدْ يَكُونُ بِمِصْرَاعٍ وَقَدْ لَا يَكُونُ" ما معناه؟

طالب: ............

هي باب، بابٌ صغير.

طالب: ............

لا لا، المصراع يكون الباب مكوَّنًا من قسمين هذا مصاريع ومصراع، وما زالت مستعملة عندنا إلى الآن، "وَقَدْ لَا يَكُونُ" يعني: بباب واحد.  

"الْخَوْخَةُ: بَابٌ صَغِيرٌ قَدْ يَكُونُ بِمِصْرَاعٍ وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا فَتْحٌ فِي حَائِطٍ، قَالَهُ ابن قُرْقُولٍ".

تعرف ابن قرقول يا أبا عبد الرحمن؟

طالب: مشارق الأنوار.

كم مرة مرَّ علينا؟ كم من ألف مرة، ما هي مرة؟ تعرفه؟

طالب: مشارق الأنوار.

أبو قرقول.

طالب: ............

قضينا من المصراع، يقول: "قَالَهُ ابن قُرْقُولٍ" هذا الذي نسأل عنه.

طالب: مشارق الأنوار.

ماذا؟

طالب: المطالع مأخوذ منها المشارق.

العكس.

المشارق هو الأصل للقاضي عياض، والمطالع لابن قرقول فرعٌ منه، ونُقُول الشُّراح من المختصر أكثر من نُقولهم من كتاب المشارق، مع أن المشارق أشاد به العلماء.

مشارق أنوارٍ تبدت بسبتةٍ
 

 

ومن عجبٍ كون المشارق بالغرب
 

نور المشارق.

طالب: ............

أقول: المشارق لمن؟ أنت لو وجدت نصًّا ووجدت فيه اضطرابًا وخللًا وترجع إلى الكتاب، وأنت ما تعرفه ولا تعرف مؤلفه؟ ما يصلح.   

طالب: ............

المشارق للقاضي عياض، والمطالع لابن قرقول الذي معنا على وزن عصفور.

طالب: ............

صاحب مطالع الأنوار وطُبِع أخيرًا، ما طُبِع إلا من سنتين أو ثلاث.

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

ما هو مكتوب ابحث؟ ابحث.

طالب: ............

أنت ارجع له ما دام تقول: أنا أبحث، ابحث.

أنا أردت أن استرسل معك في الموضوع، لكنك قطعت عليّ الطريق، تقول: أنا أبحث، ابحث.

طالب: ............

لا لا، ابحث.

طالب: ............

المشارق للقاضي.

طالب: ............

ابحث عن المطالع أيضًا لابن قرقول.

في شرح النووي على مسلم لا يكاد يمر ورقتان أو ثلاث إلا قال ابن قرقول في (المطالع)، وحكى صاحب (المطالع) ويقول أحيانًا: قال صاحب (التحرير) مَن صاحب التحرير؟

طالب: ............

أقول: كثيرًا ما يقول النووي: قال صاحب (التحرير)، ينقل عنه كثيرًا، الإخوان من سنين وأنتم تطلبون العلم ما يصلح، أخونا هذا يبحث ما علينا منه، الله يوفقه.

التحرير في شرح صحيح مسلم لا تبحثوا، وما تضبط اسمه إلا أن تقرنه بالبخاري، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل الأصفهاني.

طالب: ............

لا، غير التيمي.

طالب: ............

لأبي عبد الله محمد، مطابقة البخاري، من الذي يقول هذا؟

طالب: ............

ما هو بصحيح، سبحان الله! من الذي يقوله عندك؟

طالب: ............

ولا عليك منه، الله يعينهم.

طالب: هذا ناقل ويصير عَجِلًا ويخلط.

نعم.

طالب: ............

لكن النووي يُكثِر من (التحرير) في شرح مسلم، ويُكثِر من المطالع لابن قرقول، وطالب العلم ما يليق به...

طالب: ............

ما هو؟

طالب: ............

لا لا.

طالب: ............

صح؟

طالب: ............

أينا أصح؟

طالب: ............

ماذا يقول عندك؟

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ..............

ما برمجتها أنت إلى الآن، ما تدري ماذا أقول. تدرى أن هذا الذي أذكره له قبل أن تُولَد، أم بعد وأنت تصبغ فأكون تورطت؟

طالب: ............

لا لا انتبهوا يا إخوان، العلم ما فيه من فراغ، ولا فيه أفضل من قراءة الشروح، هي التي تُثبِّت المعلومات، يعني لو تمسك (كشف الظنون في أسامي الكُتب والفنون) وتسرده كم سيصفو برأسك؟ أو تمسك التقريب وتقرأه على حسب قوة حافظتك، لكن في الغالب أنك ما تمسك شيئًا يُذكَر؛ لأنه مجرد سرد، لكن إذا قرأت شرحًا ومرَّت عليك هذه العلوم، وتكررت، وقارنت في السابق، وتعبت عليها قليلًا خلاص ما تنساه.

طالب: ............

كل شيءٍ يحتاجه، العلم لا يُستطاع براحة الجسم.

"قَوْلُهُ: عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَسَقَطَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ ذِكْرُ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، فَصَارَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لَكِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ كَالَّذِي وَقَعَ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ، فَقَدْ نَقَلَ ابن السَّكَنِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ وَهُوَ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ يَعْنِي بِوَاوِ الْعَطْفِ".

يعني عنهما معًا.

"فَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَبُو النَّضْرِ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخَيْنِ حَدَّثَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ كَذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدٍ وَبُسْرٍ جَمِيعًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَتَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٌ عَنْ فُلَيْحٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرٍ وَحْدَهُ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ".

أبو عمرو العقدي ما اسمه؟

طالب: ...........

أنت أنت.

طالب: ...........

لا لا، ما هو بصحيح، ما يُثبِّت العلم إلا الإثارة ويحرِّك العلم، هذا الذي يُثبِّته، ماذا صار عندك أنت؟

طالب: ...........

طيب عندك أبو عمرو العقدي، أتيت بجديد؟ من يذكر اسمه، ها يا أبا محمد؟

طالب: ...........

عبد الملك بن عمرو.

أنت تأكدت من اسم صاحب التحرير؟ 

طالب: ...........

والذي قال كذا عقب كلامك.

طالب: ...........

مَن؟

طالب: ...........

هين، هذا تكرار لي موقعي أنا ما ينفع.

طالب: ...........

معروف يا ابن الحلال.

طالب: ...........

العلم في الصغر لو أنا أمس مراجعه نسيته، فوصيتي أن تهتموا، الذي يمر عليكم، الذي يثبت مباشرةً بها ونعمت، والذي ما يثبت يُتعَب عليه.

طالب: ...........

ماذا يقول؟

طالب: ..............

لا ما نُريده.

"فَكَأَنَّ فُلَيْحًا كَانَ يَجْمَعُهُمَا مَرَّةً، وَيَقْتَصِرُ مَرَّةً عَلَى أَحَدِهِمَا، وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدٍ وَحْدَهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي (الْهِجْرَةِ)، وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ أَبِي النَّضْرِ عَنْ شَيْخَيْنِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ أَخْطَأَ فِي حَذْفِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْخَطَأُ مِنْ فُلَيْحٍ حَالَ تَحْدِيثِهِ لَهُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَنَّ الْمُعَافى بْنَ سُلَيْمَانَ الْحَرَّانِيَّ رَوَاهُ عَنْ فُلَيْحٍ كَرِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، وَقَدْ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ خَطَأٌ، فَلَمْ يَبْقَ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، والله الموفق.

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَبِيدٍ، عَنْ بُسْرٍ، غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ.

قَوْلُهُ: «إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا» كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ: «إِنْ يَكُنْ لِلَّهِ عَبْدٌ خَيْرٌ»، وَالْهَمْزَةُ فِي إِنْ مَكْسُورَةٌ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ، وَجَوَّزَ ابن التِّينِ فَتْحَهَا عَلَى أَنَّهَا تَعْلِيلِيَّةٌ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

قَوْلُهُ: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ» قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ أَكْثَرُهُمْ جُودًا لَنَا بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْمَنِّ الَّذِي هُوَ الِاعْتِدَادُ بِالصَّنِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمِنَّةَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي قَبُولِ ذَلِكَ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ مِنَ الِامْتِنَانِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَهُ مِنَ الْحُقُوقِ مَا لَو كَانَ لغيره نظيرها لَامتن بهَا، يُؤَيّدهُ قَوْله فِي رِوَايَة ابن عَبَّاسٍ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيّ»، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: «وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ» كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْأَصِيلِيِّ: «وَلَكِنْ خُوَّةُ الْإِسْلَامِ» بِحَذْفِ الْأَلِفِ، كَأَنَّهُ نَقَلَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ إِلَى النُّونِ وَحَذَفَ الْهَمْزَةَ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ضَمُّ نُونِ لَكِنْ، كَمَا قَالَهُ ابن مَالِكٍ وَخَبَرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَفْضَلُ كَمَا وَقع فِي حَدِيث ابن عَبَّاسٍ الَّذِي بَعْدَهُ «وَلَكِنْ فِيهِ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ»"

"فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ضَمُّ نُونِ لَكِنْ" يعني من باب الإتبَاع.

"وَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِشْكَالِ وَبَيَانُهُ فِي كِتَابِ (الْمَنَاقِبِ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَبَيَّن حَدِيث ابن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَذَلِكَ لمَّا أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ؛ فَلِذَلِكَ اسْتَثْنَى خَوْخَتَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِشَارَاتِ إِلَى اسْتِخْلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا

قَوْلُهُ: «غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ» كَذَا للْأَكْثَر وللكشميهني «إلا» بدل غير".

طالب: ...........

يعني عن عُبيد بن حُنين عن أبي سعيد، هو الإشكال عن عُبيد بن حُنين عن بُسر، الأصل عن عُبيد بن حُنين وبُسر بن سعيد.

طالب: ...........

عن عُبيد وبُسر كليهما، ولا يمنع أن يكونا من طبقةٍ واحدة، ويرويان حديثًا واحدًا، ويروي عنهما شخصٌ واحد، ويروي أحدهما عن الآخر، يعني كل الوجوه محتملة.

طالب: ...........

هذا كلام يقول: غير محفوظ، يقوله الدارقطني.

طالب: ...........

الاحتمالات المستندة وليست الاحتمالات المجرَّدة معروفة عند أهل الحديث، يعني احتمالات مستندة إلى روايات عندهم يُريدونها ولو كان فيها نوع اختلاف، لكن الاحتمالات المجرَّدة صرَّح الحافظ وغيره: أن الاحتمالات العقلية المجردة لا مدخل لها في علم الحديث، ولذلك لما ذكر وقع في بقية الروايات ووقع في رواية الفربري ورواية فلان وعلان، ما يُمكن أن تُهدَر وتُهمَل، فيُذكَر هذا وهذا، وللمرجِّحٍ أن يُرجِّح، والأمر حينئذٍ فيه سعة؛ لأنهم كلهم ثقات، ولا يمنع أن يروي هذا عن هذا، ويشترك هذا مع هذا في روايةٍ عن شيخٍ واحد، ثم بعد ذلك يروي بعضهم عن بعض، ثم يلتقي بشيخه، ثم يروي عنه مباشرة، كلها احتمالات.

طالب: ...........

هو استطراق المسجد معروف، {وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء:43]، فإذا كان هذا في الجنابة عند الحاجة، والاستطراق إذا ترتب عليه امتهان، والعلماء يقولون: كونه أقرب طريق حاجة.

طالب: ..............

تكون حاجة يعني تُسوِّغ المرور في المسجد.

طالب: ...........

لو أنت في هذه الجهة وتُريد تذهب الدورة فأخسر لك أن تطلع من هنا، لكن بدل ما تطلع أو تذهب مع الشارع وأنت إذا خرجت لهذه الحاجة قضيت حاجتك وتوضأت ورجعت، هل تكون دخلت من جديد أو أنت خرجت لتدخل؟

طالب: ...........

خلاص.

نعم.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الأَبْوَابِ وَالغَلَقِ لِلْكَعْبَةِ وَالمَسَاجِدِ:

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: يَا عَبْدَ المَلِكِ، لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبْوَابَهَا.

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، وَقُتَيْبَةُ، قَالاَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ مَكَّةَ، فَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَفَتَحَ البَابَ؛ فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِلاَلٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ أَغْلَقَ البَابَ، فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجُوا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَبَدَرْتُ فَسَأَلْتُ بِلاَلًا فَقَالَ: صَلَّى فِيهِ، فَقُلْتُ: فِي أَيّ نواحيه؟ قَالَ: بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ عُمَرٍ: فَذَهَبَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى".

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الأَبْوَابِ" والأبواب معروفة جمع باب وهو ما يُدخَل ويُخرَج منه، جمعه: أبواب، وقد يُجمَع على: بيبان.

طالب: ..............

أنت ترجع إلى لهجتكم أم عندك أصل؟ 

وقد يُجمَع على بيبان، تدري؟

طالب: .............

قرأته؟

طالب: .............

من أين؟

طالب: .............

لا، ذكرناها مرارًا، وأنها في شرح العشماوي على الأجرومية، جمعها: أبواب وبيبان، تجد في الأنهار والجداول والأشياء الصغيرة ما لا يُوجد في الكبار.

طالب: .............

كونك تعرف أنها لغة أفضل.

الأبواب معروفة، "وَالغَلَقِ" الأقفال "لِلْكَعْبَةِ وَالمَسَاجِدِ" الكعبة فيها النص، والمساجد قياسًا عليها؛ للحفاظ عليها.

"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ" وهو المُصنِّف البخاري.

"وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ" المسندي الذي تقدم في الحديث السابق، وعرفنا علاقة البخاري بهذا الشيخ. ما علاقة البخاري بالمسندي هذا؟

طالب: .............

نعم جده الذي أعتق جد البخاري ما شاء الله عليك.

طالب: .............

نعم صح.

طالب: .............

من غير بحث، أنت مرجع، نحن نرجع لك، يعني نحب أن نلاطف الإخوان ونذاكرهم ونُذكِّرهم ويُذكروننا بعد، أنس بن مالك في آخر عمره، قال: سلوا الحسن فقد حفظ ونسينا. مع السِّن يحتاج الإنسان إلى تذكير.

"وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ" عبد الله بن محمد هذا من شيوخ البخاري الذي روى عنه بدون واسطة، وبصيغة التحديث، فهو من شيوخه المعروفين.

قال هنا: "وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ"، قال بعضهم: هذا تعليق، ولو رواه عنه مباشرةً لقال: حدَّثنا، في حديث المعازف: وقال هشام بن عمَّار، قالوا: هذا تعليق، ولو أراد التحديث والاتصال اتصال السند لقال: حدَّثنا كما قال في غيره.

والصواب: أن صيغة (قال) محمولةٌ على الاتصال كالعنعنة بالشرطين المعروفين عند أهل العلم وهما...

طالب: اللقي.

والبراءة من التدليس.

.......................... أمَّا الَّذِي
 

 

عَزَا لِشَيْخِهِ بـ(قالَ) فَكَذِي
 

عَنْعَنَةٍ كخَبَرِ المْعَازِفِ
 

 

لا تُصْغِ لاِبْنِ حَزْمٍ المُخَالِفِ
 

من الشراح من يقول: إن البخاري ما يقول: قال لي، في حال الرواية، وإنما إذا تحمَّل الخبر في حال المذاكرة لا في حال الرواية، وابن حجر يقول: لم أجد دليلًا يدل على تخصيصها في حال المذاكرة.

طالب: ............

لا "قال لي" أخص.

طالب: ............

لكن في حال المذاكرة يقول بعض الشراح، وإلا لو أراد التحديد قال: حدَّثنا فلان.

قال: "حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" ابن عُيينة "عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ" عبد الملك.

"قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ" عبد الله بن أبي مليكة الذي تقدم في أوائل الكتاب، يقول: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي –عليه الصلاة والسلام- كلهم يخاف النفاق على نفسه.

"قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: يَا عَبْدَ المَلِكِ" يعني ابن جريج "لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبْوَابَهَا" هل يُتصوَّر أن هذه المساجد متجاورة كما عُرِف في المساجد السبعة التي ينسبونها إلى بعض الصحابة؟ لا.

بعضهم يقول: إن صحة العبارة مساجد بني عباس، بني العباس يعني الخلفاء، ومنهم من يقول: مساجد ابن عباس في طيلة حياته، يبني مسجدًا هنا، ثم ينتقل ليبني مسجدًا في حيٍّ ثانٍ، ولما انتقل للطائف بنى مسجدًا، وكلها من هذا النوع.

قال: "حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ" ما اسمه؟

طالب: ............

فضيل؟ لما صغرته؟

ولقبه؟

طالب: السدوسي.

هذه نسبة وليس بلقب، ما أريد جوابًا من آلات، هذا ما لكم فيه فضل، لقبه: عارم، محمد بن الفضل.

"وَقُتَيْبَةُ وهو ابْنُ سَعِيدٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ وهو ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ" ابن أبي تميمة السختياني، أبو تميمة ما اسمه؟

طالب: سخبرة.

لا.

طالب: ............

أليس اسمه كيسان؟

طالب: ..............

كيسان.

طالب: ............

لا لا من أعتق، جده أسلم على يد هذا اليمان.

طالب: ............

لا غلط.

طالب: ............

نعم مولى.

"عَنْ نَافِعٍ" مولى ابن عمر.

"عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ مَكَّةَ" متى هذا عام الفتح أم ؟

طالب: الفتح.

أو في حجة الوداع؟

طالب: لا، في حجة الوداع ما دخل الكعبة.

صح.

"فَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَفَتَحَ البَابَ" عثمان بن طلحة حجبي من حُجَّاب الكعبة.

"فَفَتَحَ البَابَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِلاَلٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ"، دخل النبي –عليه الصلاة والسلام- وهؤلاء الخواص: بلال المؤذن، وله من الاختصاص بالنبي– عليه الصلاة والسلام- ما لم يكن لغيره، لا يعني أنه أخص الناس، لكنه من الخواص، وكذلك أسامة بن زيد حِب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وابن حِبِّه، وعثمان بن طلحة.

قد يقول قائل: الرسول –عليه الصلاة والسلام- ما وجد إلا المولى وأسامة بن زيد مولى وابن مولى ما وجد إلا هم؟ المقاييس عنده –عليه الصلاة والسلام- تختلف عن مقاييسنا، لما كان النظر إلى الدين فالمقياس الدين، لما انتقل النظر إلى الدنيا صارت المقاييس دنيوية.

طالب: ............

نعم.

طالب: ..............

بلا شك أفضل منهم، ومنهم من هو أقرب، لكن للقضاء على العنصريات، يعني لو ما يدخل إلا مع أبي بكر وعمر، ولا يدخل إلا مع فلان وعلان وعلي وعلية القوم.

طالب: وأدخلهم الكعبة يا شيخ، فيدل على شرف صحبة والكعبة.  

"وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ أَغْلَقَ البَابَ" وهذا الشاهد في باب وفي غَلَق، قُفل.

"ثُمَّ أَغْلَقَ البَابَ فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً" إغلاق الباب لا شك أنه منع للتشويش؛ لئلا يدخل أحد أو يخرج أحد، ولتكون جميع الجهات الأربع فيها شاخص.

طالب: إذا صار فُتِح يبقى شيء من الجهات؟

نعم.

"فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجُوا" الساعة مقدار من الزمان لا يتحدد بحد، قد يكون نصف ساعة أو أكثر من ساعة، ساعتين، أو ثلاثًا، المهم مقدار من الزمان.

طالب: ............

المقصود أنها ساعة يقولونها.

"ثُمَّ خَرَجُوا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَبَدَرْتُ" يعني: بادر أسرع لاستقبالهم.

"فَسَأَلْتُ بِلاَلًا فَقَالَ: صَلَّى فِيهِ، فَقُلْتُ: فِي أَيٍّ؟ قَالَ: بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ".

 الكعبة من ست أسطوانات؛ ثلاث من أمام، وثلاث من خلف، وجعل ثنتين عن يمينه وواحدة عن يساره.

"بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ" ابن عمر سأل عن المكان، لماذا؟ لأنه –رضي الله عنه وأرضاه- يتتبع الآثار، ونسي أن يسأل كم صلى.

"قَالَ ابْنُ عُمَرٍ: فَذَهَبَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى".

طالب: ............

هذا إذا كانت تقطع الصفوف، هي ما تقطع الصفوف وأنت لو تريد أن تتسنن بين ساريتين فما فيه شيء، لكن يأتي صف ويصف بين السواري فلا؛ لأنها تقطع الصفوف، قال بعضهم: إنها مصاف الجن، فتُترك لهم، وقال بعضهم: إنها محل النِّعال، لكن ما عليه دليل.

نعم.

"قَوْلُهُ: "بَابُ الْأَبْوَابِ وَالْغَلَقِ" بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ أَيْ: مَا يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ.

قَوْلُهُ: "قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ" هُوَ الْجُعْفِيُّ، "وَسُفْيَانُ" هُوَ ابن عُيَيْنَة، "وَعبد الْملك" هُوَ اسْم ابن جُرَيْجٍ.

وَقَوْلُهُ: "لَوْ رَأَيْت" مَحْذُوفٌ الْجَوَابَ وَتَقْدِيرُهُ لَرَأَيْتُ عَجَبًا أَوْ حَسَنًا؛ لِإِتْقَانِهَا أَوْ نَظَافَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا السِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَتْ قَدِ انْدَرَسَتْ.

قَوْلُهُ: "قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ" لَمْ يَقُلِ الْأصيلِيّ: ابن زيد، وَسَيَأْتِي الْكَلَام على حَدِيث ابن عُمَرَ هَذَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ابن بَطَّالٍ: الْحِكْمَةُ فِي غَلْقِ الْبَابِ حِينَئِذٍ؛ لِئَلَّا يَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ سُنَّةٌ، فَيَلْتَزِمُونَ ذَلِكَ، كَذَا قَالَ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَزْدَحِمُوا عَلَيْهِ؛ لِتَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى مُرَاعَاةِ أَفْعَالِهِ؛ لِيَأْخُذُوهَا عَنْهُ، أَوْ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَسْكَنَ لِقَلْبِهِ وَأَجْمَعَ لِخُشُوعِهِ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَ مَعَهُ عُثْمَانَ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهُ عُزِلَ عَنْ وِلَايَةِ الْكَعْبَةِ، وَبِلَالًا وَأُسَامَةَ؛ لِمُلَازَمَتِهِمَا خَدَمْتَهُ".

لما أخذ المفتاح من عثمان وأعاده إليه، قال: «خُذهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لا يَأْخُذُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ».

نعم.

"وَقِيلَ: فَائِدَةُ ذَلِكَ التَّمَكُّنُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ جِهَاتِهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِلَى جِهَةِ الْبَابِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ لَا تَصِحُّ".

طالب: ..............

على هواء.

طالب: ..............

يقولون: ما تصح، لا بُد أن يكون هناك شاخص أو شيء تُصلي إليه.

طالب: ..............

لا، ليس بسترة، إلى شيءٍ شاخص، الكعبة تُصلي أمامها.

طالب: ..............

تُصلي جزءًا منها يعني في الأدوار العليا.

طالب: ..............

لها حكم القرار.

طالب: ..............

طالب: ..............

لا لا، هو تصلي إلى شاخص.

طالب: ..............

اللهم صلِّ على محمد.