الكتب المنزَّلة على الأنبياء فيها حماية من الاختلاف المذموم

الكتب المنزلة على أنبياء الله ورسله هداية من الضلال، وحماية من التفرق والاختلاف المذموم، قال تعالى: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213] وقال -جل وعلا- عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 213]، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64]، وقال تعالى عن نبيه عيسى: {قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [الزخرف: 63]؛ لأنه لو بيَّن جميع ما يختلف فيه لارتفع الاجتهاد، الذي هو من نعم الله -جل وعلا- على المؤمنين.

فالذين آمنوا يوجد بينهم شيء من الاختلاف، لكنه خلاف يؤول إلى هداية ورحمة وتوافق ووئام، وغيرهم يوجد بينهم خلاف، لكنه مع خصام ونزاع وجدال يفضي إلى الخذلان -نسأل الله العافية-؛ لأنه مبني على بغيٍ ومماراة ومكايدة، ليس المراد منه الوصول إلى الحق. فالاختلاف بين الناس في الأقوال قد يفضي إلى التنازع والمجادلة والمخاصمة والفرقة إذا كان منشأه هوى وبغيًا، لا بحثًا عن الحق، فإنّ من يبحث عن الحق لن يحصل منه تعدٍّ أو بغي على غيره؛ لأنّ مطلبه الحق أنى جاءه أخذه، فيوفق ويسدد سواء أصاب الحق بنفسه، أو بغيره.