كتاب الطهارة من المنتقى - (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فمر بنا في الدرس قبل الماضي حكم الوضوء واستعمال ا، وذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- حينما توضأ الصحابة -رضوان الله عليهم- من الماء الذي نبع بين أصابعه -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن هذا الماء مبارك، وتوضئوا منه وتزودا منه، وذكر تبعًا لذلك الماء المبارك الذي هو ماء زمزم، وتكلمنا على هذا الموضوع، ومما تجدر الإشارة إليه مما فاتنا في ذلك اليوم الأنهار المنسوبة للجنة: «أربعة من أنهار الجنة: النيل والفرات وسيحان وجيحان»، هل تأخذ مثل هذا الوصف أم ماذا يراد بنسبتها إلى الجنة؟ هل لها مزية ولها خصيصة أم ماذا؟ وهل المراد بالأنهار الأربعة المشار إليها المذكورة الأنهار الموجودة في الدنيا فتكون لها تلك المزية أو أنها ليس في الجنة كما قال ابن عباس مما في الدنيا إلا الأسماء، وحينئذٍ تكون لا خصيصة لها ولا مزية لها، هل إضافتها إلى الجنة تقتضي التشريف؟ لا شك أن إضافة الأعيان إلى الله إضافة تشريف، كما يقال: بيت الله وناقة الله، هذه أضيفت إلى الجنة هل لها خصيصة أو أنها جاء النص بها هكذا وتُمر كما هي وتختلف عن الروضة روضة من رياض الجنة: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» هل نقول مجرد إضافة إلى الجنة لا تقتضي شيئًا تقتضي عمل؟ أو نقول إنها تقتضي عمل وتقتضي تشريف وتقتضي مزيد في الأجر لأنها فرد من أفراد حديث: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا»، بخلاف الأنهار ما مر ما جاء حديث إذا مررتم بأنهار الجنة فاغتسلوا أو فتوضئوا أو فاشربوا، ما جاء شيء من هذا. جاء تفسير رياض الجنة بأنها حلق الذكر، لكن هذا لا يقتضي التخصيص لأن حلق الذكر فرد من أفراد العام لا يقتضي تخصيص العام به لأنه ذُكر بحكم موافق لأحكام النصوص الأخرى التي جاءت في معناه، فلا يقتضي تخصيص. المقصود أن هذه الأمور تحتاج إلى مزيد تحرير، وإلا الناس عاشوا في البلدان التي فيها الأنهار الأربعة وهم ما رأوا مزية في مائها ولا في ما يتعلق بها. أحد عنده شيء جديد في الموضوع؟ فيه جديد في الموضوع؟ هاه؟

ثم قال -رحمه الله تعالى- بعد ذلك في باب بيان زوال تطهير الماء: (عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم»).

الراكد الساكن.

(«وهو جنب»، فقالوا: يا أبا هريرة).

تقدم في الدرس الماضي.

(فقالوا: يا أبا هريرة كيف يفعل؟).

إذا مر بماء ساكن راكد وقد أصابته جنابة كيف يصنع؟

(قال أبو هريرة: يتناوله تناولاً).

وإذا كان ليس لديه إناء يتناول به من هذا الماء الكثير يتناوله تناولاً، ماذا يصنع؟ يتيمم هاه؟ اليد ماذا تصنع ....... التناول أعم من أن يكون باليد أو بالإناء، فالمقصود أنه يتناوله ولا ينغمس فيه للنهي عن ذلك. بعضهم قال يتحايل عليه بأن يلقي فيه حصاة أو خشبة أو شيء، وهذا تقدم كله.

(رواه مسلم وابن ماجه).

وسيأتي تعليق المؤلف -رحمه الله تعالى- على الحديث.

قال: (ولأحمد وأبي داود: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة»).

الرواية الأولى نهي عن الاغتسال وحده، وجاء في الرواية الثانية: «لا يبولن» و«لا يغتسل»، وهذه الرواية تحتمل أن يكون البول وحده والاغتسال وحده، كما أنها تشمل الجمع بينهما من باب أولى. جاء بعض الروايات: «ثم يغتسل فيه»، «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه»، ويغتسل فعل مضارع جملة فعل وفاعل، نعم، خبر لمبتدأ محذوف ثم هو يغتسل فيه، وعلى كل حال هذه الأمور كلها سواء كان الاغتسال وحده أو البول وحده أو الجمع بينهما من باب أولى كلها منهي عنها.

يقول المؤلف: (وهذا النهي عن الغسل فيه يدل على أنه لا يصح ولا يجزي).

ولذا قال في الترجمة: (باب زوال تطهيره)، انتقل وصفه من كونه طهورًا مطهر غيره إلى كونه لا يُطهر، والانتقال الجمهور على أنه أو الأكثر يقولون إنه ينتقل من طهور إلى طاهر، يعني يمكن استعماله في غير رفع الحدث، وقول عند الحنفية أنه يكون نجسًا، يكون نجسًا، لماذا؟ لأنه جاء النهي عن البول وجاء النهي عن الاغتسال، ودلالة الاقتران عند أهل العلم؛ لأنه قُرن بينهما، دلالة الاقتران تدل على أن الحكم واحد عندهم، وجمهور أهل العلم على أن دلالة الاقتران ضعيفة، ولذلك القول بنجاسته لا وجه له.

(وهذا النهي عن الغسل فيه يدل على أنه لا يصح ولا يجزي).

ما الفرق بين لا يصح ولا يجزي؟ قد يجزئ وهو غير صحيح؟ لا، العكس، قد يصح ولا يجزي لأمر آخر. على كل حال على أنه لا يصح ولا يجزئ، والقول بالترادف في مثل هذه الحال ما فيه ما يمنع منه.

(وما ذاك).

وأيش السبب أنه لا يصح ولا يجزي؟

(وما ذاك إلا لصيرورته مستعملاً بأول جزء يلاقيه من المغتسل فيه).

يقول: (وهذا محمول على الذي لا يحمل النجاسة).

يعني الذي لم يبلغ القلتين: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»، فإذا زاد على القلتين لا يتأثر إلا بالتغير، وإذا لم يكن...

(محمول على الذي لا يحمل النجاسة).

يعني فيما دون القلتين.

فـ(أما ما يحملها).

يحملها يعني يدفعها عن نفسه.

(فالغسل فيه مجزئ، فالحدث لا يتعدى إليه حكمه من طريق الأَولى).

هذا كلام المؤلف، وهذا من فقه المؤلف -رحمه الله- الذي ينصر فيه مذهبه؛ لأنه هذا القول عند الحنابلة وعند الشافعية، لكن عند المالكية وهو الذي يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وكثير من أهل التحقيق أن الماء لا يتأثر، ويكون النهي عن الاغتسال فيه حينئذٍ لا لنجاسته ولا لانتقاله وكونه غير مطهر، وإنما لتقذيره. لو جاء واحد يبي يشرب وشافك تسبح، يشرب وهو يستحضر ما في بدنك من العرق وغيره وما يتعلق بالعورة والآباط وأيش بعد ذلك، بيتقذر ويتركه ولو كان مضطرًّا إليه في بعض الحالات. فمن أجل هذا جاء النهي عن الاغتسال فيه، والبول فيه من باب أولى، وإلا فإنه لا يتأثر إذا لم يتغير بالنجاسة.

قال -رحمه الله تعالى-: (وعن سفيان الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، قال).

عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وسفيان الثوري الإمام المشهور العلم، وأما عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب هذا صدوق عند أهل العلم، وجعلوا حديثه من قبيل الحسن، وفيه كلام من جهة حفظه لا من جهة ديانته وعدالته؛ ولذلك إذا لم يحصل منه مخالفة لمن هو أوثق منه فيقبل خبره ويكون من قبيل الحسن، ويرتقي حديثه إذا جاء من طريق آخر نحوه من الطرق إلى أن يصير صحيحًا يعني لغيره: والحسن المعروف بالعدالة والصدق راويه إذا أتى له طرق أخرى نحوها من الطرق صححته كمتن لولا أن أشق، حديث مثل هذا. الكلام فيه من جهة حفظه يدل على أن له للخلل الحاصل في حفظه أن له أوهام في رواياته، فإذا خلت الرواية من وهمه ومخالفته لمن هو أوثق منه فالأصل القبول وإن لم يكن في أعلى درجات الصحيح.

(قال: حدثتني الرُّبيع بنت معوذ ابن عفراء).

رضي الله عليها،

(فذكر حديث).

الربيع في.

(وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم-).

واختصره ولم يورده كاملاً، إنما قال:

(وفيه: «ومسح رأسه بما بقي من وَضوئه في يده مرتين، بدأ بمؤخره، ثم رده إلى ناصيته»).

هذه الجملة هي التي فيها الكلام: «ومسح رأسه بما بقي من وَضوئه»، وما بقي من الوضوء في اليد بعد غسل اليدين ومسح به رأسه هذا ما في عرف أهل العلم يسمى مستعمل، ويكون من قبيل الطهور ولَّا الطاهر؟ الطاهر، «ومسح رأسه بما بقي من وَضوئه»، والروايات الأصح والأثبت تقول: «ومسح رأسه بماء غير فضل يديه» وهي أرجح وهي مرجحة على هذه، ويحمل فيها الخلل على الضعف الموجود في عبد الله بن عقيل فيرجح عليه غيره لأنا قلنا إنه ليس في أعلى درجات الصحيح على أقوى الأحوال وعنده أوهام فإن سلم من هذه الأوهام فيكون حديثه مقبولاً لكن في الدرجة الدنيا من الصحيح، فإذا خالف غيره رُجح غيره عليه، يعني لا يصل إلى درجة الضعيف لأن وجود الأخطاء لا يسلم منه أحد، ومن يعرى من الخطأ والنسيان كما يقول الإمام أحمد، لكن قد يوجد الخطأ ويغتفر إذا كان قليلاً ولا يُقل في الضبط والحفظ لأنه لا يوجد من يسلم منه، وقد يكثر قليلاً فيؤثر مثل ابن عقيل، وقد يكثر ويزيد في روايات الراوي فيتخلف شرط الضبط فيه، ومن يوافق غالبًا للضبط فضابط أو نادرًا فمخطي، يعني المرد في ذلك إلى الكثرة في الرواية والقلة من غير تحديد نسبة معينة وإن كان بعضهم يرى أن السبع كثير إذا كان الراوي عنده من الروايات ألف رواية وأخطأ في ثلاثمائة مثلاً في المائة والخمسين نعم كثيرة جدًّا، بخلاف من ينسب الخطأ إلى الصواب، من ينسب الخطأ إلى الصواب إذا زاد الصواب على الخطأ قبله وهذا ليس بصحيح، ما فيه أحد من الأئمة يقول بأن من يروي ألف أو يخطئ في ستمائة نرده أو إن أخطأ في أربعمائة نقبله ما هو بصحيح، وإنما هي أمور نسبية بحسب ما يرويه الراوي، كلما زادت الرواية يحتمل الخطأ أكثر لكن ليس بالنسبة أن يكون مقاربًا للصواب، وابن عقيل صوابه أكثر بلا شك ولا نسبة بينهما لكن الخطأ موجود في رواياته وحينئذٍ تُتقى هذه الروايات التي أخطأ فيها ويقبل ما عداها؛ لأن العلل إنما تتبين في الروايات والأحاديث بالخلاف والتفرد: تُعرف يعني العلة بالخلاف والتفرد وبقرائن بها يهتدي إليها يهتدي جهبذها، الإمام الجهبذ بم يعرف العلل؟ بالخلاف إذا خالف الناس وبالتفرد إذا تفرد دونهم ولو لم يخالفهم.

هذه الرواية التي هي: «ومسح رأسه بما بقي من وَضوئه» يعني الوضوء الماء الذي في يديه، هذه رواية مرجوحة وأرجح منها أنه أخذ ماء جديدًا ومسح رأسه بماء غير فضل يديه مرتين، الأدلة تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة وهذا هو الصحيح، قال بعضهم أنه يُمسح ثلاثًا كغيره من الأعضاء التي تغسل ثلاثًا بدليل أنه -عليه الصلاة والسلام- توضأ ثلاثًا ثلاثًا، يعني بما في ذلك غسل الرأس، وهذا ليس بصحيح لأن المسح مبناه على التخفيف فلو مسح ثلاثًا لغسله كغيره مرة واحدة أو مرتين أو ثلاثًا، لكن مبنى الرأس على التخفيف فيكون يمسح ولا يحتاج إلى تكراره لأنه لو تكرر لأشبه الغسل. يورد بعضهم أن غسل الرأس هل يجزئ ولَّا ما يجزي؟ {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] بنص القرآن والسنة، قال أهل العلم يجزئ الغسل لكنه خلاف السنة، السنة المسح؛ لأنه هو المطلوب وزيادة، لكن الزيادة على ما جاء به الشرع بدعة وتكون مجزئة في مثل هذا ولكنها لا تجوز بل بدعة، ومن أصول بعضهم أن مثل هذه البدعة مبطلة للطهارة مبطلة للعبادة: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وليس عمله -عليه الصلاة والسلام- غسل الرأس. وعلى كل حال عامة أهل العلم يرون صحة الوضوء وإن كان خلاف السنة.

(«مرتين، بدأ بمؤخره»).

يعني بمؤخرة رأسه.

(«ثم ردهما إلى ناصيته»).

والروايات الأصح المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما: «بدأ بمقدم رأسه»، فالمخالفات من جهات: الأولى المسح بما بقي من ماء اليدين، والثانية قوله «مرتين»، والثالثة «بدأ بمؤخره». وإن كان بعض الروايات الصحيحة تشير إلى أنه أدبر بهما أقبل بهما وأدبر «أقبل بهما وأدبر»، فهذه إذا حملناها على ظاهرها توافق هذه الرواية وأنها يبدأ بمؤخرة الرأس. ولكن ابن دقيق العيد قال إن الإقبال والإدبار نسبي لتتفق الروايات الصحيحة، أن الإقبال والإدبار نسبي. أيش معنى نسبي؟ أيش معنى نسبي؟ هاه؟

طالب: بالنسبة .......

الإقبال والإدبار نسبي، يعني أقبل بهما إلى جهة الخلف وأدبر بهما عنه، يعني ما يسلم من تكلف لكن يحتاج إليه عند... «ثم رده إلى ناصيته»، «بدأ بمؤخره» هذا النص مفسر يعني ما يحتمل كلام ابن دقيق العيد، لكن ابن دقيق العيد يفسر الروايات الأخرى التي تصح، وأما هذه مع المخالفات التي ذكرت رواية مرجوحة بلا شك.

(«ثم رده إلى ناصيته، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا»).

لماذا قال: «ثلاثًا ثلاثًا»، ما قال غسل رجليه ثلاثًا وانتهى، مثل مسح رأسه مرة؟ هاه؟ يعني كل رِجل ثلاثًا.

(«وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا». رواه أحمد وأبو داود مختصرًا، ولفظه: «إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه من فضل ماء كان بيديه»).

ومعلوم أن المسح في اليدين، وإذا أُفردت اليد فالمراد بها الجنس، ويندرج في هذا نصوص كثيرة: «ليس على عاتقه منه شيء» الأصل هل هو المطلوب العاتق ولَّا العاتقين؟ قال من قال العاتقين بناء على الحكم واحد وأن الإفراد لا يقتضي التنصيص على المطلوب بل يكون العاتق مراد به الجنس فيشمل العاتقين.

(قال الترمذي: عبد الله بن محمد بن عقيل صدوق).

وأيش معنى صدوق؟ فيها كلام كثير وإشكالات، وبعض الطلاب اللي يتمرنون على تحقيق الكتب وتصحيح الروايات وتضعيفها يقول: صدوق حديثه حسن ومشيناه، نعم، صدوق فعول صيغة مبالغة من الصدق، لكن هل تدل على الضبط أو لا تدل؟ أبو حاتم ومعه جمع من أهل التحقيق يقولون صدوق حديث ضعيف، لماذا؟ لأنها لا تُشعر بشريطة الضبط، صدوق ثم ماذا؟ وما اختاره كثير من المتأخرين وعليه عملهم أن الصدوق حديثه من قبيل الحسن، طيب وين الضبط؟ قالوا: فعول صيغة مبالغة ولا يستحقها الموصوف إلا إذا كان لديه ضبط، الآن إذا كان في يوم من الأيام المشهودة عند الناس كالعيد تصورنا رجلاً له جاه يأتي يفدون إليه الناس لتهنئته بالعيد، ثم طُرق الباب فقال لولد له افتح الباب، من فيه؟ قال: فلان، ثم طرق ثاني وثالث وعاشر ومائة وكلهم يخبر بالواقع، الآن الخبر المباشر ما يحتاج إلى ضبط، يشوف الرجال يعلمك مين هو، لكن اسأله من الغد قل له من اللي جاء أمس؟ إن أخبرك بالواقع عنهم جميعهم فهو صدوق يستحق صيغة المبالغة، وإلا مجرد الإخبار بالواقع الآن يكون صادق ما يكون صدوق. وعلى كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم، ولكن المتأخرون خصوها ربطوها بمن خف ضبطه ولم يصل إلى الدرجة التي يحتاج إليها للصحة ولم يصل إلى أن يكون ضعيف الضبط، والمتوسط.

على كل حال هذا الاصطلاح فيه إشكال كبير عند بعض الكبار، ولذا أبو حاتم لما سأله ابنه في الجرح والتعديل عن الإمام البخاري، وصفه بأنه صدوق، ومسلم كذلك، يالله سمحت نفسه للشيخين صدوق، طيب أنت ما تحتج بصدوق يعني ما تحتج بالبخاري ومسلم؟ لأنه سئل عن شخص ما تقول في فلان؟ قال: صدوق، قيل: أتحتج به؟ قال: لا. والمسألة ما هي بمسألة يسيرة بحيث يحكم أدنى طالب علم على مثل هذه العظائم بارتياح نفس وبدون روية، مسائل تحتاج إلى أئمة، وعلم الحديث أصعب العلوم ليس بالسهل، المستفيض عند طلاب العلم والدراسات وغيرها أن أصول الفقه هو الصعب، لا ما هو بصعب، الصعب علم الحديث والرجال والأحكام والعلل. البخاري -رحمه الله تعالى- حكم بحديث بصحة حديث: «لا نكاح إلا بولي»، يقول الحافظ العراقي: مع كون من أرسله كالجبل، لماذا البخاري ما حكم بترجيح الإرسال؟ لأن من أرسله كالجبل شعبة وسفيان، من يعادلهم؟ قال الترمذي: وإنما حكم البخاري بصحة الوصل لأن الإرسال من قبل شعبة وسفيان في مجلس واحد فكأنهما راو واحد. من يدرك هذه الأمور؟ من يدرك مثل هذه الأمور فيمن يتزعم ويتصدر التصحيح والتضعيف في وقتنا؟ ولا يأس، يوجد لكن العجلة والسرعة التي تخرج بها هذه الكتب من عشرات مجلدات ومحققة والحديث صحيح والحديث ضعيف بهذه السرعة من أناس ما بلغوا مبلغ أن يحكموا بالقرائن وأن يحكموا بشم الحديث، ولذا يقول الأئمة الكبار يكفي من الحديث شمه، والله المستعان.

(قال الترمذي: عبد الله بن محمد بن عقيل صدوق، ولكن تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، وقال البخاري: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه).

لِما عرف عنه من العدالة، والذين يترددون ....... يتردد هؤلاء الأئمة في حديثه الذي خالف فيه، ولا يقال إنهم يحتجون بجميع ما روى؛ لأن الأوهام محفوظة منه -رحمه الله-.

يقول المؤلف -رحمه الله-: (وعلى تقدير أن يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه بما بقي من بلل يديه، فليس يدل على طُهورية الماء المستعمل).

أليس هذا مستعمل؟ بيوجه الحديث والخبر ويحمل المستعمل على ما انفصل من العضو، والذي مُسح به الرأس منفصل ولَّا ما انفصل؟ ما زال في اليد.

(وعلى تقدير أن يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه بما بقي من بلل يديه فليس يدل على طهورية الماء المستعمل).

وإنما الماء المستعمل عند المؤلف -رحمه الله- كمذهبه الحنبلي طاهر وليس بطهور.

يقول: (لأن الماء كلما تَنقل في محال التطهير).

يعني انتقل من اليد إلى الرأس.

(من غير مفارقة).

يعني ما صار في فترة أو في وقت أو في ظرف بين هذا وهذا، إما في هذا وإما في هذا، إما في اليد وإلا في الرأس، وانتقل في محال التطهير من غير مفارقة، والماء في محل التطهير ما يُحكم عليه بالاستعمال حتى ينفصل.

(من غير مفارقة إلى غيرها فعمله وتطهيره باقٍ، ولهذا لا يَقطع عمله في هذه الحال تغيرُه بالنجاسات أو الطاهرات).

أيش معنى هذا الكلام؟ العبارة ماشية عندكم هاه؟ ما فيه تغيير ولا تصحيح ولا شيء؟ هاه؟ أيش هو؟

طالب: .......

(بالنجاسات أو الطاهرات) موجود، أيش معناه؟ فيه نسخة ثانية ولَّا الشارح وأيش قال؟ موجود كلام للشارح في هذا؟ (وتطهيره باق) هذا واضح، نعم؟

طالب: .......

يعني لو وقع عليه نجاسة وفي محل التطهير يتردد على اليد أو على الرجل ثم أصابته نجاسة أيش يصير؟

طالب: .......

يعني إذا أصابته نجاسة في يده فهو على طهارته، هاه؟

طالب: .......

الماء الوارد أو المورود؟

طالب: .......

إذا انفصل، قد يقول المتوضي ليش ....... خليه باقي، بدل ما أروح أغسل النجاسة من جديد. هاه؟

طالب: النجاسة .......

إي، هاه؟

طالب: .......

زالت النجاسة بها.

طالب: كونه يبقى على العضو لا يتأثر بالنجاسة لأنه لو تأثر .......

لأنه لا بد من مماسة النجاسة بالماء، لأنه يقال إذا زالت النجاسة بها فطاهر، أو كان آخر غسلة زالت النجاسة بها فطاهر؛ لأنه مثلما تفضل لا يمكن تطهيره، لا بد أن تزول النجاسة ثم يتنجس من جديد. هو من هذا الباب وإلا العبارة ركيكة، العبارة حينئذٍ ركيكة.

كم باقي؟ أسئلة؟

يقول: سؤالي وهو أنني وصلت، كأنه يقول عن طريق الميقات بنية الحج وإن كانت العبارة تختلف، ولم ألبي بالحج ولم أحرم، أفتونا مأجورين علمًا بأني لا أستطيع العودة إلى الميقات فما الحكم؟

كثرت هذه الأعذار بسبب التحايل على التصاريح في الحج، وكثرت المخالفات وكثرت التأويلات، والله المستعان. أنت إذا كنت جاي للحج مع الأبواب المشروعة فما عليك إلا أن تعود إلى الميقات تحرم وتدخل، أما إذا كنت جئت لتدخل بغير إحرام، والناس عندهم الإحرام لُبس الإزار والرداء عموم الناس، وما يدري لو أنه لبى ودخل بثيابه إحرامه صحيح ويبقى أنه ارتكب محظور عمدًا قد لا يكون له مبرر وحينئذٍ يأثم وقد يشك في أجره في هذا الحج، وإذا فعل دخل بثيابه محرمًا فإن عليه فدية فإن عليه الفدية. وعلى كل حال الله -جل وعلا- إنما ألزم الناس بالواجبات والأركان مع القدرة عليها، والذي لا يستطيع معذور: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97]، والله أعلم، الله أكبر الله أكبر.