كتاب الصلاة (41)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: (بَابُ المَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ، وَالمَوَاضِع الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ.

وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ، وَسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وَافَقَ نَافِعًا فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ.

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ المَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الحُلَيْفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوة وكَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ بَطْنَ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الوَادِي الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ المَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلَا عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا المَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ، حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ المَكَانَ، الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى حَيْثُ المَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ المَكَانَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي المَسْجِدِ تُصَلِّي، وَذَلِكَ المَسْجِدُ عَلَى حَافَّةِ الطَّرِيقِ اليُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ: كَانَ يُصَلِّي إِلَى العِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ العِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَّةِ الطَّرِيقِ دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ).

مشددة ها الفاء؟

طالب: نعم يا شيخ؟

مشددة الفاء؟

طالب: على حافَّة؟

حافَة.

طالب: نعم، (وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ: كَانَ يُصَلِّي إِلَى العِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ العِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى العِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ المَكَانَ، فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا، فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ العَرْجِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ المَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، عَلَى القُبُورِ رَضَمٌ مِنْ حِجَارَةٍ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلَمَاتِ الطَّرِيقِ بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ، كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ العَرْجِ، بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ.

وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ المَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ، وَهِيَ أَطْوَلُهُنَّ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ فِي المَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ المَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَّا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ.

 وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى، وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِي المَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ -رضي الله عنه-، حَدَّثَهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَبَلِ الطَّوِيلِ، نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَجَعَلَ المَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ المَسْجِدِ، بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الفُرْضَتَيْنِ مِنَ الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الكَعْبَةِ»).

اللهم صلِّ وسلم على عبدك، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،

فيقول الإمام البخاري: (بَابُ المَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ، وَالمَوَاضِع الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الأخبار المذكورة في هذا الباب كلها عن عبد الله بن عمر، وذلكم لعنايته بهذه الأماكن وتتبعها ومبالغتها في ذلك، مما لم يفعله من هو أفضل منه من الصحابة كأبي بكر وعمر وغيرهما من جلة الصحابة وكبارهم، فهذا منهج ورأي يراه ابن عمر فكان يكفكف دابته؛ لتقع مواطئ أقدامها على أقدام ناقته -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن هذا فعل صحابي جليل، لكن عند التحقيق يُرجَّح فعل من هو أكثر وأعظم وأجل منه، ابن عمر صحابي جليل عابد زاهد مؤتسٍ مقتدٍ، لكن لا يوافق على كل اجتهاداته، أدخل الماء في عينيه حتى عمي في الوضوء، وهذا من مبالغاته -رضي الله عنه-، ومن حرصه على الخير، من حرصه على فعل الخير، ولكن ما كل من يريد الحق يصيبه، فالعبرة بالاقتداء بما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، وبما جاء عن الخلفاء الراشدين الذين أُمِرنا بالاقتداء بهم: «اقتدوا باللذين من بعدي»، «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».

 فلا شك أن ابن عمر له المقام الرفيع والمنزلة العالية، ومثل هذه الأمور تأثيرها في قلوب العامة بالغ، ولذلك تجدهم من عوام الناس من يقتدي بابن عمر ويتتبعه، وجاء رجل من المشرق في الموسم يسأل فدُل على ابن عباس، فقال: ذاك رجل مالت به الدنيا ومال بها! يريد ابن عمر العابد الزاهد، والعامة لا شك أن ميلهم إلى العباد أكثر من ميلهم إلى العلماء؛ لأنهم يرون من فعلهم ما يقرِّبهم إلى الله -جل وعلا-، ويبالغون في ذلك، ويحرصون عليه، وأما العلماء فمنزلتهم أرفع وأعلى من العباد؛ لأثرهم البالغ في الأمة، وأما عملهم الشخصي ففي ميزان الشرع وما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

على كل حال ابن عمر رجل صحابي مقتدي، فقيل نافع في أصح الأسانيد، فقيل نافع عن مالك. فقيل نافع عن مالك، مالك.

 فقيل مالك عن نافع بما رواه الناسك

يعني ابن عمر، وهذا محل اتفاق. ما يشك أحد أن لابن عمر من التعبد والتأله القدح المعلى، لكن ليس بمعصوم -رضي الله عنه وأرضاه-. فيقول: (باب المساجد التي على طرق المدينة).

طالب: لكن يا شيخ من كلام الرجل ابن عباس .......

ماذا؟

طالب: هل ابن عباس اشتغل بدنيا؟

لكن ما هو بمثل من انقطع إلى الآخرة، أنت لو تنظر إلى الشيوخ الذين عاصرناهم، الذين اشتغلوا بالوظائف، ونفع الله بهم نفعًا عظيمًا، ولم يغفلوا عن الآخرة، ليس نصيبهم من التعبد مثل الذين انقطعوا، يختلف الأمر.

طالب: ....... ابن عباس يعني اشتغل بالمناصب.

ما هو؟

طالب: كأنه تولى.

طالب: إمارة.

طالب: تولى.

نعم البصرة، تولى إمارة البصرة. جاء شخص إلى عمر -رضي الله عنه- فقال: استخلف عبد الله فنعم الرجل، قال: كذبت يا عدو الله فوالله ما قلتها لله.

(باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-) المواضع أعم من المساجد، فالمساجد مبنية معروفة المعالم، معروفة الحدود والمعالم بخلاف المواضع فإنها أعم من ذلك.

 قال -رحمه الله-: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا) سالم بن عبد الله بن عمر وهو عند جمهور أهل العلم أجلّ من نافع، ويقول فيه ابن عمر: يلومونني في سالم وألومهم، وجلدة ما بين العين والأنف سالم. اعتراض؟ ما السبب أنه يقول: جلدة ما بين العين والأنف؟ هذه المنطقة التي يُحرص على الحفاظ عليها، ويُخشى عليها من التأثر، سالم مثلها.

طالب: محل العين.

بين العين والأنف، كلاهما من أهم، العين والأنف أخطر ما في الإنسان؛ لأنها عرضة، وأما بقية الأشياء فقد يكون لها ما يحوطها ويحميها.

طالب: لكن الرواية أكثر يا شيخ، سالم ليس بمكثر من الرواية؟

على كل حال في التقديم المقدَّم سالم.

طالب: شيخ حفظك الله، الآن كيف يميَّز ما رواه ابن عمر هل هذا من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أنه من الأفعال، مثلاً خطوات دابة النبي -صلى الله عليه وسلم- ......دابة علي.

هو واضح من السياق.

طالب: قد يكون لأجل هذا يعني تفضيل ابن عمر لسالم لأجل هذا كان الزهري يسمع الحديث من نافع ويسمعه من .......

فيه من فضَّل نافع على سالم، لكن العامة والجمهور فضلوا سالم على نافع.

(قال: رأيت سالم بن عبد الله يتحرَّى أماكن من الطريق، فيصلي فيها) كما كان أبوه -رضي الله عنه وأرضاه- يتحرى هذه الطرق؛ لأنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي فيها، فرأى أن لها مزية، والواقع أنها هكذا وقعت اتفاقًا، وليس لها مزية، ولا توجد مزية لمكان من الأماكن إلا المساجد الثلاثة، هي المفضلة على غيرها التي جاء فيها: «لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد»، وأما ما عداها فيكون هناك مرجحات خارجية، تكون للمسجد بقدمه وكثرة جماعته وفضل إمامه وما يؤدى فيه من أمور خارج الصلاة مثل أن يكون تصلى فيه الجنائز، وتكثر فيه هذه الجنائز، يُرجَّح من هذه الحيثية لا لذاته، ما فيه مسجد يُفضَّل لذاته غير المساجد الثلاثة.

طالب: والقدم يا شيخ، يذكر الفقهاء القدم؟

يذكرون القدم؛ لكونه أقدم وأكبر وأكثر جماعة وأفضل إمامًا، يذكرون مرجحات.

طالب: مسجد قِباء.

قُباء.

طالب: قُباء يا شيخ.

ما قِباء؟ ما هو القِباء؟

طالب: غطاء.

والقَباء؟

طالب: .......

القَباء ما هو؟

طالب: ما أدري والله.

خاط لي عمر قَباء       ليت عينيه سواء.

طالب: نعم.

أنت عيونك سواء؟

طالب: نعم.

الخياط هذا أعور، فخاط هذا القَباء قال: أنت عيونك سواء، فسلوا الناس أشعري مديح هذا أم هجاء. هو مدح أم هجاء؟

طالب: قابل للوجهين.

طالب: تحمل.

ما الذي يفصل في الموضوع؟

طالب: إن كان أحسن في الخياطة.

إذا أجاد خياطة القَباء فهو مبصر بالعينين، وإن كان العكس..

 (وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ) عبد الله بن عمر (يُصَلِّي فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ) الأول عن سالم، والثاني عن نافع عن ابن عمر (أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ، وَسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وَافَقَ نَافِعًا فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا) إلا في موضع واحد، (إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ)، وعلى كل حال القدوة شيخهم والد سالم ومولى نافع.

طالب: لكن يا شيخ إذا وُجد مسجد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى فيه مثل المواضع التي صلى فيها ابن عمر، لو عرفها الإنسان، أنا لا أقول: يتقصد السفر إليها، لكن إن وافقت موافقة كان قريبًا منها على طريق أو سفر فما الذي يمنع يا شيخ أنه يصلي فيها؟ هذا صحابي يا شيخ والصحابة كلهم ما أنكروا عليه.

نعم؟

طالب: ما أُنكر على ابن عمر من الصحابة.

لكن ما وافقه أحد.

طالب: سكتوا عنه، ويعرفون عنه أنه كان يتتبع المواضع.

اجتهاده.

طالب: أنا أقصد يا شيخ إذا جاءت موافقة؟

إذا جاء على طريقك، ما مِلت لا يمينًا ولا يسارًا فصلِّ: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا».

طالب: لكن سكوت الصحابة يا شيخ ما فيه دليل عليه؟

لا، لأنه لو وافقوه لفعلوا، ولا واحد نُقل عنه.

طالب: لا الفعل يا شيخ غير الرأي، الفعل غير الرأي.

لا، الفعل موافق للرأي.

طالب: أحيانًا يستطيعون أنهم يصلون، لكن ما يستطيعون أن يصلوا، لكن يؤيدونه كرأي.

لا، يؤيدون رأيًا يرى أفضلية هذا المكان ويعدلون عنه؟ ليس بصحيح.

طالب: ما تيسَّر لهم الوقوف على الأمكنة هذه؟

كلهم ما تيسر لهم؟ ما راحوا بهذه الطريق؟

قال -رحمه الله-: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ).

طالب: شجرة البيعة؟

ماذا؟

طالب: في مكة يا شيخ.

طالب: .......

التي أمر عمر بقطعها؟

طالب: هو ما قطعها تقريبًا، قُطعت من السيل.

طالب: .......

أمر عمر بقطعها.

(قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ) تحت السمرة شجرة، (فِي مَوْضِعِ المَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الحُلَيْفَةِ).

طالب: يعني كأنها دخلت في المسجد.

أيهم المتقدم؟

طالب: السمرة.

ماذا؟

طالب: المكان السمرة، ثم دخلت كانت...

ثم بُني المسجد في مكانها.

(وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ بَطْنَ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الوَادِي الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ) فيه، يعني نام في آخر الليل (حَتَّى يُصْبِحَ)؛ لأنه لو لم يعرِّس جاوز هذا المكان وهو يصلي فيه، (فعرَّس ثَم) يعني في ذلك المكان (حتى يصبح، لَيْسَ عِنْدَ المَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلَا عَلَى الأَكَمَةِ) يعني تحديد ودقة فيه، لكن هل هذه الأماكن موجودة إلى الآن؟

طالب: ليس منها شيء.

ماذا؟

طالب: أكثرها .......

ماذا؟

طالب: بعضها يهتم بها أهل المدينة.

يعرفونها، والآثار يلومون المسئولين حينما يهدمون هذه الآثار للمصالح العامة، والمسئولون جروا على المفتَى به والمعمول به عند عامة أهل العلم أنها ليس لها مزية، فإذا اقتضت المصلحة إزالتها أُزيلت، ولو خيف من أثرها العقدي وجب إزالتها، (ولا على الأكمة الَّتِي عَلَيْهَا المَسْجِدُ).

قال: (كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ) من رمال، (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ، حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ المَكَانَ، الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ) كأنه زال المكان، السيل تسبب في إزالته.

نريد أن نستعجل قليلاً حتى نقرأ الشرح، وفيه بيان لأمور يوافق عليها أو يخالف، والكلام طويل.

(وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى حَيْثُ المَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ المَكَانَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، كثير من الناس بمن في ذلك أهل العلم، ومن كتب في التواريخ كتواريخ المدينة يختلفون في بعض الأماكن وتحديدها؛ لأن اهتمامهم بها لم يصل إلى حدِّ اهتمام ابن عمر، وحدود حرم المدينة اختلفوا فيه اختلافًا كبيرًا حتى أدخل بعضهم السَّبِخة التي إذا جاء الدجّال خيَّم فيها، والدجَّال معروف أنه لا يدخل المدينة. فهذه المسائل التاريخية على حسب اهتمام الإنسان يضبط ويتقن. الآن من أهل العلم المعروفين المشهورين من يخفى عليه تحديد بعض المناسك، واحتمال أن يكون ممن يحجّ كثيرًا، لماذا؟ لأنك تقف في هذا الموضع ساعات وتمشي، ولا تعود إليه إلا بعد مدة، فيصعب عليك ضبطه وإتقانه.

وعلى كل حال الحمد لله الدين محفوظ، ولم يَضِع منه شيء على مجموع الأمة، ونعرف من أهل العلم الفقهاء المتأخِّرين الذين عاشوا بمكة من وقف على حدود المشاعر، وحدَّدها بدقة قبل الشوارع المرصوفة والمكيلة وكذا، بحبال يقيسونها، يطبِّقونها على كتب تاريخ مكة، هذا الاهتمام أورد عندهم أو أورث عندهم معرفة لكثير مما يخفى على غيرهم.

وعلى كل حال هذه مشاعر ومحفوظة، يعني لن تضيع على جميع الأمة، ولم يضع على جميع الأمة شيء من دينها، بل هي محفوظة، وقد خفيت على بعض الناس، وضبطها آخرون، والحمد لله الدين لم يضع منه شيء، والأماكن تختلف من مكان إلى آخر بحسب الحاجة إليه، فما كان من أركان الحج فهذا لا يمكن أن يُفرط فيه وما كان من واجباته فكذلك، وأما الأمور التي يختلفون فيها فلا تجد أنها من الأهمية بحيث لا تضيع على أحد.

(وقد كان عبد الله يعلم المكان الذي صلَّى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ) هناك عن يمينك (حِينَ تَقُومُ فِي المَسْجِدِ تُصَلِّي) أنت إذا صففت تصلي في المسجد يكون عن يمينك، (وَذَلِكَ المَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ اليُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، وبَيْنَهُ وَبَيْنَ المَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ نَحْو ذَلِكَ) يعني تحديد المتقدمين قد يكون فيه شيء من عدم الدقة، ليس بمثل الذين يحددون بالأكيال والأمتار، في معجم البلدان لياقوت يقول: فَيد قرية بين مكة والبصرة على طريق الحاج، انظر ماذا يقول؟ بين مكة والبصرة، لكن قالوا: إن طريق الحاج من البصرة إلى مكة ما يتغير على مر الدهور، محدّد، ولا يحيدون عنه، ويضعون فيه أماكن مصانع، يسمونها مصانع، برك كبيرة للحاج، فلذلك لا يحيدون عنها، فهي توصلك. الآن كثير من الناس ما يعرف الطرق، لكن إذا ركب هذا الأسفلت بسيارته وصل لو ما يعرف، فمثلها طريق الحاج عند المتقدمين، وقد يضل حينما تأتي الرياح وتسفو هذه الطرق وتضيعها، وهم يتفاوتون في معرفة العلامات والدلائل، وكثير منهم يصل بحفظ الله، وبعضهم قد يهلك، وقد يقتله العطش، والله المستعان.

 والأمور ولله الحمد تيسَّرت، يسَّرها الله -جل وعلا-، إلى وقت قريب، والحاج يحتاج إلى أشهر، الطريق الذي يُقطع الآن بساعة قد يحتاج إلى أشهر.

 سمعت مقابلة مع شخص تُوفِّي قبل عشر سنوات، قابلوا معه عن حجته الأولى، وهو كبير جدًّا يناهز المائة، عن حجته الأولى، وهو من أهل الأحساء، قال: حجنا عن طريق نجد ميئوس منه، لماذا؟ فيه قطاع طريق، يعني البلد قبل توحيد هذه البلاد على يد الملك عبد العزيز -رحمه الله- فيه قطاع طريق، وفيه مهالك، فيقول: نحج عن طريق البحر فنذهب إلى البحرين، ونركب مع حجاجهم. السنة التي حج فيها يقول: ذهبنا إلى البحرين قالوا: ما عندنا حجاج، هذه السنة ما يحج منها أحد، طيب ماذا نفعل؟ قالوا: روحوا للهند تحجون من بومباي من الهند، يقول: رحنا للهند، كم المدة التي قُطِعت من الأحساء إلى الهند، ثم رجعوا من الهند إلى جدة؟ أشهر. والآن بساعة أو ساعة ونصف من الأحساء إلى جدة، ومع ذلك في السابق هذه المسافات وهذا العناء والتعب والشديد القلوب مرتاحة، ما يعرف متى يصل، وما عنده مشكلة أن لا يعرف، والآن الطريق بالطائرة ساعة وربع إلى جدة أو ساعة ونصف بالكثير، ولو وقف أحد قدامه في السلم فاحتمال أن يدفعه، من أجل ماذا؟ هذا والله مشاهد. قبل ما يُفتح باب الطائرة ما وضع الناس؟ يقفون، ويتزاحمون، ويسحبون الحقائب، ويضربون فلانًا، ويزاحمون فلانًا، من أجل ماذا؟ كله مثلاً إذا زادت ربع ساعة، لكن القلوب شَقِيت مع راحة الأبدان، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. الذي أتعب أبدانهم أراح قلوبهم، والله المستعان.

 شخص أجنبي ما أدري والله أمريكي أو بريطاني كتب عن حدوث الجلطات عند الإشارات، تضيء الإشارة ولا يروح، يزعجه ويزعج الناس، ويرتفع عنده الضغط، ويمكن أن يصاب، وقد حصل، كل هذا من أجل ماذا؟ صحيح الذي أخّر الناس مخطئ، لكن المسألة ليست معضلة، يعني لو وقف واحد في المسار الأيمن وواحد يريد أن يدخل يمينًا، معروف أن الذي يدخل يمينًا ما يقف في الإشارة إلا إذا كان هناك تعارض، ماذا يفعل به الناس؟

طالب: كبسهم .......

نعم، من الطرائف أن واحدًا كبير السن مع ولده في السيارة واقفون عند الإشارة وحين أضاءت للذين عن اليمين قدامهم وليست لهم قال: اضغط على "البوري" قال: أبي ما أضاءت؟ قال ....... الله المستعان، يعني لو أن الذين قدامهم مشوا على أساس أن الناس تعودوا أنه إذا ضرب واحد البوري مشى الناس وحصل حادث بسببه.

طالب: .......

والله يحصل.

طالب: صارت يا شيخ قضايا في هذا.

وقضايا في المسألة، لكن يريد لهؤلاء أن يذهبوا؟ ما دخلك؟ أنت لن تستفيد شيئًا، لكن هي حرارة القلوب وشيء ما يخطر على البال مما يحصل بهذا السبب، والله المستعان. لكن الآن الراحة التامة ورغد العيش ولا ينقصه شيء، ومع ذلك كثرت هذه الأمور؛ بسبب شقاء القلوب، والله المستعان.

من أول التحديد بين المدينة وبصرة وبين عدن وما أدري أيش، هذا التحديد، تحديد كتب الجغرافية مثل معجم البلدان وغيره.

(وذلك المسجد على حافة الطريق اليمنى وأنت ذاهب إلى مكة، وبينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجر أو نحو ذلك) رمية الحجر كم تأتي؟ خمسمائة متر؟

طالب: بحسب قوة الإنسان يا شيخ.

لا، المتوسط، يقيسون بالمتوسط.

طالب: لا يا شيخ.

خمسمائة متر؟

طالب: لا.

ما تصل؟

طالب: ولا ثلاثمائة.

رمية بحجر.

طالب: .......

لا .......

(وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى العِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ العِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ) لماذا؟ لأنه حادث، ما صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يكن يقصده. (كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى العِرْقِ نَفْسِهِ) يعني في المكان، يتحرى المكان الذي صلى فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، (وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ المَكَانَ، فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ) يؤخِّر الصلاة عن أول وقتها؛ ليصل إلى المكان الذي يرى أنه صلى فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأيهما أفضل: تقديم المكان أو الوقت الذي جاء النص على أن أول الوقت هو أفضله؟

طالب: أحسن الله إليك، يصلي وحده؟

لا، معه جماعته.

طالب: في سفر يا شيخ؟

هذا السفر، في حج أو عمرة.

طالب: فله أن يؤخِّر، ما دام في سفر يؤخِّر.

له أن يؤخر، لكن المعارضة عندما تكون المكان أو وقت.

طالب: في غير السفر.

أين؟

طالب: في غير السفر.

حتى في السفر، التأخير والتقديم للمشقة، الأفضل للمصلي أن يفعل الأرفق به.

(وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ) كما تقدم، لو لم يعرس يعني ينام في آخر الليل مقتضى ذلك أن يذهب، ويترك المكان، نعم.

(وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ) شجرة ضخمة.

 (دُونَ الرُّوَيْثَةِ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ) يعني مقابل الطريق، (فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دون بريد.

طالب: دوين.

ماذا؟

طالب: دوين.

دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا، فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ) وكثب الكثيب مجتمع الرمل.  

(وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ العَرْجِ).