تعليق على تفسير سورة آل عمران (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

هذه فائدة ذكرها أحد الإخوة مبنيةً على درسٍ سابق قبل سنين.

يقول: في أحد دروس تفسير ابن كثير قبل نحو أربع سنوات عند تفسير الآية السابعة والتسعين من سورة البقرة، يقول: ذكرتم أن ترقيم الآيات في طبعة المنار -وهي طبعة الشيخ/ محمد رشيد رضا لتفسير ابن كثير ومعه تفسير البغوي- ذكرتم أن ترقيم الآيات في طبعة المنار يُخالف ترقيم المصحف، وأن الأرقام وُضِعت قبل الآيات، فقد جرت طبعة تفسير المنار الطبعة الأولى سنة ألف وثلاثمائة وست وأربعين، والطبعة الثانية سنة ألف وثلاثمائة وست وستين أيضًا على وضع الأرقام قبل الآيات، لكن أرقام هذه الآيات فيها موافقٌ للمصحف اليوم، وترقيم طبعة المنار لتفسير ابن كثير لهذه الآية الخامسة والتسعين لا يُوافق شيئًا من الأعداد المعروفة، فهي الآية السابعة والتسعين في العدد الكوفي، والآية رقم ست وتسعين في العدد المدني والمكي والشامي والبصري.

يقول الباحث: وقد بحثت عن تاريخ وضع أرقام الآيات في المصحف فوجدت أنه متأخرٌ جدًّا، ففي موقع مُجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف نماذج لعشرات المخطوطات لمصاحف نُسِخت ما بين القرن الخامس إلى القرن الرابع عشر لم أرَ في شيءٍ منها أرقامًا للآيات، وإنما كانوا يذكرون عدد آيات كل سورة ويفصلون بين الآيات بنقاطٍ أو بدائرة.

يقول: وقد روى القاسم بن سلام في فضائل القرآن عن يحيى بن أبي كثير، قال: ما كانوا يعرفون شيئًا مما أُحدِث في هذه المصاحف إلا هذه النقط الثلاث على رؤوس الآيات، وفي بعض المخطوطات علامات عند نهاية كل خمس آيات أو عشر آيات، وتُسمى التخميس والتعشير، وقد كرهها بعض السلف كما في مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة، وفضائل القرآن لابن الضريس، وكتاب (المصاحف) لابن أبي داود.

 فمنها ما رواه ابن أبي شيبة وأبو عبيدٍ في فضائل القرآن عن ابن سيرين أنه كان يكره الفواتح والعواشر التي فيها قاف وكاف، وروى أبو عمرٍو الداني في (المُحكَم في نقط المصاحف) عن قتادة أنه قال: بدأوا فنقطوا، ثم خمَّسوا، ثم عشَّروا، ثم قال أبو عمرٍو: هذا يدل على أن الصحابة وأكابر التابعين –رضوان الله عليهم- هم المبتدؤون بالنقط ورسم الخموس والعشور، وقوله: بدأوا... إلى آخره دليلٌ على أن ذلك كان عن اتفاقٍ من جماعتهم، وما اتفقوا عليه أو أكثرهم فلا شك في صحته، ولا حرجٌ من استعماله. انتهى.

يقول: أما وضع رقمٍ لكل آيةٍ في المصحف فأول ما وجدته في طبعات المستشرقين الأولى طبعة هامبورج، وكلاهما في أوائل القرن الثاني عشر، والأرقام فيها تسبق الآيات جريًا منهم على عادتهم في ترقيم آيات كتابهم المقدس عندهم، أما الطبعة الأولى على الإطلاق للمصحف في البندقية في القرن العاشر الهجري، فقد اطلعت على صورة صفحتين منها ليست مرقمة الآيات.

أما طبعات المسلمين، فطبعة المخللاتي في مصر سنة ألف وثلاثمائة وثمانية غير مرقمة، وأول طبعةٍ وجدت فيها أرقامًا للآيات هي طبعةٌ هندية سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة عشر لمصحفٍ في حاشيته تفسير، والأرقام فيها تتلو الآيات، ثم طُبِع المصحف الأميري سنة ألف وثلاثمائة واثنين وأربعين على الطريقة المعهودة اليوم.

يقول: وفي مجلة المنار سنة ألف وثلاثمائة وأربع وعشرين مقالٌ عنوانه: (البرهان القويم في الحاجة إلى عد آي القرآن الكريم) لأحمد أمين الديك، ذكر فيه أن المصاحف والتفاسير المتداولة لم تكن معدودة الآيات، وأن أغلب مصاحف المسلمين غير معدودة، ودعا إلى عد آيات المصاحف والتفاسير بالعد الذي يُقره عليه الرأي، ويُشار إليه بالاختيار -كذا قال- طلبًا لتوحيده، ومنعًا من تعدد العدود رغبةً في إفراد طريقة الاستهداء بآيات القرآن الكريم في مشارق الأرض ومغاربها.

ثم قال: وأخيرًا قامت من احتياجات المفكرين داعية الرجوع إلى الاستهداء من الكتاب العزيز بما يُشبه أساليب السلف في ذلك، فعُدَّت آيات السور في أواخر القرن الثالث عشر من الهجرة الموافق للقرن التاسع عشر الميلادي في مصحفين أحدهما طُبِع في الأستانة سنة ألف ومائتين وثمان تسعين هجريًّا، ويُعرَف بالمصحف العثماني، والثاني عدَّه بأوروبا مستشرقٌ ألماني اسمه فلوجر وطُبِع بألمانيا، وعمِل عليه فلوجر نفسه مؤلَّفًا سمَّاه (نجوم الفرقان في أطراف الفرقان) جمع فيه ألفاظ الكتاب العزيز كلمةً كلمة، وأشار إلى جميع مواضع كل كلمة في جميع السور بالأرقام التي وضعها على رؤوس الآي في المصحف المذكور.

وبذلك استفاد من قرآننا الكريم مهرةٌ غربيين في البحث والتنقيب عن المعارف العربية ما لم يحصل عليه أكثر المتعلمين من أبنائنا أو من أبناء اللغة العربية من أتباع ذلك الكتاب العزيز.

وبالتأمل في عد المصحفين المذكورين وجدتهما يتفقان في عدد أربع وثلاثين سورة، ويختلفان في عدّ الباقي، وبإحصاء الآيات في كل منهما تبيَّنت أن جملة آيات المصحف العثماني ستة آلاف وثلاثمائة وأربع وأربعون، وجملة آيات المصحف الألماني ستة آلاف ومائتان وثمان وثلاثون، ولم يُطابق أحد العددين المذكورين واحدًا من الأعداد المنقولة عن السلف، ولأجل استكشاف ما به نتج هذا الخلاف أخذت أتحقق أولًا من صحة كل قولٍ مما نُقِل عن السلف في جملة آيات القرآن، وجملة آيات كل سورةٍ من سوره، وبعد الفراغ من ذلك راجعت ما وثقت به على كلٍّ من المصحفين؛ فوجدت أغلاطًا لكلٍّ منهما، فأحصيتها مشيرًا بالصواب أمام كل غلطةٍ مؤمِّلًا نجاحي في تصحيحها، وفي توحيد عدد آيات المصاحف والتفاسير؛ لتقريب وتوحيد وسيلة الاستهداء من ذلك الكتاب، والله المعين.

وقد علَّق محمد رشيد رضا على المقال بقوله: إن علماء السلف قد عدّوا آي القرآن وكلماته وحروفه، وكتبوا في ذلك المصنفات، ونظموا فيه المنظومات، كما بيَّنوا في مواضع الوقف في أثناء الآيات، وفي الأحاديث والآثار كثيرٌ من ذِكر الآيات بعددها، وقد أشار إلى ذلك أحمد أفندي، وتقدم في التفسير من هذا الجزء شاهدٌ منه، وفى الإتقان أن سبب اختلاف السلف في عَدّ الآي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقف على رؤوس الآي للتوقيف، فإذا عُلِم محلها وصل للتمام فيحسب السامع أنها حينئذٍ ليست فاصلة، والخلاف مع هذا قليل، وليس بضارنا شيئًا، وأي عدد من الأعداد اعتمدنا وضبطناه بالأرقام حصل المقصود الذي نحتاج إليه في هذا العصر؛ لسهولة المراجعة، ولم يكن علماء السلف يحسون بهذه الحاجة؛ لحسن حفظهم للقرآن، واستحضارهم للآي عند إرادتها، وإني لأراجع الآية بـ (مفتاح كنوز القرآن) في دقيقةٍ واحدة أو فيما هو أقل من دقيقة؛ فأستخرجها من المصحف المبيَّن عدد آياته بالأرقام.

والسبب في عناية أحمد أفندي أمين بتحرير الخلاف في العدد، والعمل بما يظهر أنه أقرب للصواب هو استعداده الفطري للأمور التحسينية، وإن كان في أمة لم تتقن الأمور الضرورية والحاجية؛ ولذلك رأيناه أول من ألّف في عصرنا في الموسيقى العربية والإفرنجية، وأول من اجتهد في مراجعة عدّ الآي وضبطها، وعد أحاديث البخاري، وعمل جدولٍ لأبوابه، ولا غرو فقد كان والده ميالًا لمثل ذلك؛ إذ كان هو الساعي بطبع (لسان العرب)، فكان خير خلف له، فلا زال مُوَفَّقًا.

من يقول هذا الكلام؟ يؤلف الموسيقى العربية والإفرنجية وكان موفَّقًا! 

المقصود أن مثل هذا الكلام ينبغي، بل يجب، ويتعين تحريره بدقة؛ لأنه يتعلق بكتاب الله –جلَّ وعلا- الذي صانه وحفظه من الزيادة والنقصان، تكفَّل الله بحفظه، وليس فيه زيادة ولا نقصان، ومثل هذا الخلاف قد يظنه الجاهل زيادة في آيات بعض المصاحف، ونقص في مصاحف أخرى، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن العد يختلفون فيه كما قالوا في الفاتحة وهي سبع آيات وإن شذَّ من قال: إنها ثمان أو ست بناءً على أن {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } [الفاتحة:7] آية {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:7] أو هما آيتان.

على كل حال المسألة متقنة ومضبوطة، والقرآن مصون ليس في زيادة حرف ولا نقص حرف، أما وضع الأرقام التي يستفيد منها الطالب إذا أراد أن يرجع إلى آية أو إلى تفسير آية، وأنه وقف على آية كذا، أو أنه شرع في آية كذا، هذه أمور تكميلية، ولا ضرر في وجودها في المصاحف؛ لأنها مُعينة للحافظ، ومُعينة للمراجع.

فالإشكال في الاختلاف في العد عند المتقدمين أو عند المتأخرين غير مؤثر؛ لأن القرآن تكفَّل الله بحفظه، ولا تجد في مصحف في الشرق أو في الغرب يزيد على آخر بحرفٍ أو ينقص عنه حرفًا.

وأما الآيات فليست من العدد بدقة هذا، ليس من اهتمام سلف الأمة وأئمتها، وإنما حدث أخيرًا؛ ولذلك قالوا عن مسند الإمام أحمد منهم من قال: أربعون ألفًا، ومنهم من قال: ثلاثون، صحيح مسلم قال ابن سلمة: اثنا عشر ألف حديث، وغيره يقول: ثمانية آلاف، وعدُّه بالتحرير أقل من ذلك بيسير.

المقصود أن مثل هذه الأمور لا تعنيهم، وبدلًا من أن يمسك المصحف ويعد آياته، أو يمسك صحيح البخاري أو مسند أحمد ويعد أحاديثه، يحفظ مئات الأحاديث الذي هو جُل اهتمامهم، والاستنباط منها وفهمها، هذه الغاية القصوى من ذلك.

وعلى كل حال أخونا هذا جزاه الله خيرًا، والشيخ محمد رشيد رضا في أول سورة آل عمران ذكر تعليقه، وأنه اعتمد في طباعة المصحف على المصحف الذي طبعته الحكومة المصرية في عهد فاروق، ويقول: إنه أضبط وأتقن الطبعات، وهو موجود ومتداول، وما زال يُصوَّر إلى الآن، ولكن جزؤه بدل من كون الجزء عشرين صفحة، عشر ورقات، نجد جزأه أكثر، اثنتي عشرة ورقة؛ ولذلك صفحاته أكثر.

وعلى كل حال هذه أمور لا تمسّ إلى المضمون بصلة، وإنما أمور شكلية، بعضهم يُرجِّح هذه الطبعة؛ لأنه اعتادها وأدام النظر فيها، وبعضهم يُقدم الطبعة المصرية يُقال عليها: الشمرلي، ويحفظون عليها، ويقولون: هي أضبط للحفظ؛ لأن كل صفحةٍ لا تنتهي بآية، ويقول: إن المصاحف التي تنتهي بآية هذه قد يغفل الإنسان، ويترك صفحة كاملة؛ لأنها انتهت بآية، لكن لما يكون الكلام مرتبطًا في آخر الصفحة هذه بأول الصفحة الثانية يكون الوهم أقل.

على كل حال الأمر سهل، كلٌّ على ما تعوَّد، والمصاحف كلها متقنة ومضبوطة، والحمد لله أول ما يرد -مع أنه مُنِع استيراد المصاحف بعد المُجمَّع- المضبوط المتقن الذي في أول طبعةٍ من طبعاتها، يقول: وجدوا في المراجعة مائة وأربعين للمصحف، في المراجعة رقم مائة وأربعين وجدوا اختلافًا يسيرًا لا يرجع إلى الآيات ولا إلى الحروف ولا إلى النقط ولا كذا، وإنما هم يعتمدون في التنوين أحيانًا التنوين مثلًا بالواو واحدة فوق واحدة، وأحيانًا يجعلونها واوًا ويعكفون الثانية عليها؛ لاختلاف التجويد فيها.

على كل حال الأمر سهل، وإلا بحمد الله المصحف مضبوط ومتقن ولا إشكال فيما بين يدينا، وإن كان بعض الناس يتلقَّط مثل هذه الزلات؛ ليزعم إن كانوا غير مسلمين، ولكن بعض المسلمين يقلده، حتى قال بعض الأدباء المصريين: ما سلِم من قلمي هذا الأحمر ولا المصحف، نقول: خِبت وخسرت، وماذا حصَّلت؟ والله المستعان.

طالب: ................

لا لا، ما له أصل، ولا يطَّرد.

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ هِيَ مَدَنِيَّةٌ"

ما عندك واو؟

طالب: لا.

عندنا: وهي مدنية، وقال: إن الواو سقطت من زاي، زاي: الأزهرية.

"وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّ صَدْرَهَا إِلَى ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ آيَةً مِنْهَا نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ، وَكَانَ قُدُومُهُمْ فِي سَنَةِ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ، عِنْدَ تَفْسِيرِ آيَةِ الْمُبَاهَلَةِ مِنْهَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا وَرَدَ فِي فَضْلِهَا مَعَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ.

بسم الله الرحمن الرحيم {الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزلَ التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنزلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران:1-4].

وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي أَنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255]، وَ{الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران:1-2] عِنْدَ تَفْسِيرِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: {الم} [البقرة:1] فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ".

جاء في بعض الأخبار أن اسم الله الأعظم في ثلاث آيات: في آية الكرسي، وفاتحة آل عمران، وفي طه {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه:111]، فأخذ منه أهل العلم أن الاسم الأعظم الحي القيوم.

"وقد َتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: {الم} [البقرة:1] فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا يُغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255] فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {نزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [آل عمران:3] يَعْنِي: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ يَا مُحَمَّدُ {بِالْحَقِّ} أَيْ: لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا رَيْبَ، بَلْ هُوَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْزَلَهُ بِعَلَمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا".

لا شك فيه، ولا ريب، كما قال –جلَّ وعلا- في أول سورة البقرة: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:2].

"وَقَوْلُهُ: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران:3] أَيْ: مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الْأَنْبِيَاءِ، فَهِيَ تُصَدِّقُهُ بِمَا أَخْبَرَتْ بِهِ وَبَشَّرَتْ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، وَهُوَ يُصَدِّقُهَا؛ لِأَنَّهُ طَابَقَ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ وَبَشَّرَتْ، مِنَ الْوَعْدِ مِنَ اللَّهِ بِإِرْسَالِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْزَالِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ: {وَأَنزلَ التَّوْرَاةَ} [آل عمران:3] أَيْ: عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ {وَالإنْجِيلَ} [آل عمران:3] أَيْ: عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

{مِنْ قَبْلُ} [آل عمران:4] أَيْ: مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ. {هُدًى لِلنَّاسِ} [آل عمران:4] أَيْ: فِي زَمَانِهِمَا {وَأَنزلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران:4] وَهُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، بِمَا يَذْكُرُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ، وَالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَاتِ، وَالْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَاتِ، وَيُبَيِّنُهُ وَيُوَضِّحُهُ وَيُفَسِّرُهُ وَيُقَرِّرُهُ، وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ".

التوراة والإنجيل في زمانهما وقبل نسخهما لا شك أنهما هدًى للناس أنزلهما الله على موسى وعيسى؛ لهداية الناس قبل أن تُحرَّف، وقبل أن تُنسَخ بالقرآن الكريم، قبل أن يُحرِّفها التابعون لها وليسوا بمتبعين، الأصل أنهم يحفظونها، واستحفظوا عليها لكنهم ما حفظوها، بل حرَّفوها ومسخوها وقدَّموا وأخَّروا وحذفوا -نسأل الله العافية- وذلك لأن الله –جلَّ وعلا- وكَل إليهم حفظها بخلاف القرآن الذي تكفل الله بحفظه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] ويقول بالنسبة لهم: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا} [المائدة:44] استُحفِظوا ولم يحفظوا.

والتفضيل في وقته لا شك أن التوراة والإنجيل كما قال الله –جلَّ وعلا-: {هُدًى لِلنَّاسِ} [آل عمران:4] يعني في وقتهما في زمانهما، والله –جلَّ وعلا- فضَّل بني إسرائيل على العالمين في زمانهما، وإلا فأمة محمد –عليه الصلاة والسلام- لا شك أنهم أفضل منهم.

"وَقَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: الْفُرْقَانُ هَاهُنَا الْقُرْآنُ، وَاخْتَارَ ابْنُ جرير أنه مصدرٌ هاهنا؛ لتقدم ذكر الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ".

وأنه لا يُقصَد به كتاب معين {وَأَنزلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران:4] يعني ما يَفرِق بين الحق والباطل، وأنه لا يختص بالقرآن، وأما قوله –جلَّ وعلا-: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان:1] لا شك أنه يُشير إلى أن المراد بالفرقان هو القرآن، لكن في هذا الموضع واختيار ابن جرير أنه مصدر ولا يُقصَد به كتاب بعينه؛ لأن القرآن تقدم ذِكره، وحينئذٍ يكون إذا أُريد به القرآن فهو تكرار. 

"لتقدم ذكر الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {نزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران:4] وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا بِالْفُرْقَانِ: التَّوْرَاةُ فَضَعِيفٌ أَيْضًا؛ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ التَّوْرَاةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} [آل عمران:4] أَيْ: جَحَدُوا بِهَا وَأَنْكَرُوهَا، وَرَدُّوهَا بِالْبَاطِلِ {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [آل عمران:4] أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} [آل عمران:4] أَيْ: مَنِيعُ الْجَنَابِ عَظِيمُ السُّلْطَانِ، {ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران:4] أَيْ: مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ وَخَالَفَ رُسُلَهُ الْكِرَامَ، وَأَنْبِيَاءَهُ الْعِظَامَ.                 

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:5-6]".

سبحانه وتعالى.

"يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران:6] أَيْ: يَخْلُقُكُمْ كَمَا يَشَاءُ فِي الْأَرْحَامِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَحَسَنٍ وَقَبِيحٍ، وَشَقِيٍّ وَسَعِيدٍ، {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:6] أَيْ: هُوَ الَّذِي خَلَقَ، وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْإِلَهِيَّةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَهُ الْعِزَّةُ الَّتِي لَا تُرَامُ، وَالْحِكْمَةُ وَالْأَحْكَامُ.

وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَعْرِيضٌ، بَلْ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ مَخْلُوقٌ، كَمَا خَلَقَ اللَّهُ سَائِرَ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ صَوَّرَهُ فِي الرَّحِمِ وَخَلَقَهُ، كَمَا يَشَاءُ، فَكَيْفَ يَكُونُ إِلَهًا كَمَا زَعَمَتْهُ النَّصَارَى -عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ- وَقَدْ تَقَلَّبَ فِي الْأَحْشَاءِ، وَتَنَقَّلَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزُّمَرِ:6]؟".

يعني عيسى –عليه السلام- تقلَّب في رحِم مريم على ضوء ما تقدم من الخلق من آدم فما دونه إلى يوم القيامة، {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران:59]، فلا فرق بينه وبين سائر الناس.

"{هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}[آل عمران:7-9].

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ، أَيْ: بَيِّنَاتٌ وَاضِحَاتُ الدَّلَالَةِ، لَا الْتِبَاسَ فِيهَا عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَمِنْهُ آيَاتٌ أُخَرُ فِيهَا اشْتِبَاهٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ، فَمَنْ رَدَّ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى الْوَاضِحِ مِنْهُ، وَحَكَّمَ مُحْكَمَهُ عَلَى مُتَشَابِهِهِ عِنْدَهُ، فَقَدِ اهْتَدَى. وَمَنْ عَكَسَ انْعَكَسَ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران:7] أَيْ: أصله الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ".

والناس عمومًا يتفاوتون في قدر المتشابه بحسب أفهامهم وما أوتوا من العلم على ما رزقهم الله من ذلك، وإن كان هناك قدر يشترك فيه الناس كلهم بما فيهم الراسخون في العلم، وأنهم لا يعلمونه على ما سيأتي من الخلاف في الراسخين هل يعلمون المتشابه أو لا يعلمونه؟ وسيعرض له المؤلف، إن شاء الله تعالى.

"{وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران:7] أَيْ: تَحْتَمِلُ دَلَالَتُهَا مُوَافَقَةَ الْمُحْكَمِ، وَقَدْ تَحْتَمِلُ شَيْئًا آخَرَ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ وَالتَّرْكِيبِ، لَا مِنْ حَيْثُ الْمُرَادِ.

وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، فَرُوِيَ عَنِ السَّلَفِ عِبَارَاتٌ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما-: الْمُحْكَمَاتُ نَاسِخُهُ، وَحَلَالُهُ وَحَرَامُهُ، وأحكامه وَحُدُودُهُ وَفَرَائِضُهُ، وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ وَيُعْمَلُ بِهِ.

وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ، ومُقاتل بْنِ حَيّان، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، والسُّدِّي أَنَّهُمْ قَالُوا: الْمُحْكَمُ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ".

يُعمَل به لماذا؟ لأنه واضح، ويُمكن فهمه والعمل به، بخلاف المتشابه الذي لا يُعمَل به؛ لخفاء معناه والمراد منه، وإن لم يُعمَل به فإنه حينئذٍ يجب الإيمان به، كما يقول الراسخون.

"وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: الْمُحْكَمَاتُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الْأَنْعَامِ:151]، وَالْآيَتَانِ بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الْإِسْرَاءِ:23] إِلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ بَعْدَهَا".

هذا تفسير بالمثال، وليس بتفسيرٍ بالمطابقة، وإنما هو مجرد مثال، أمثلة للمحكمات.

"ورَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَحَكَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْد أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمَر وَأَبَا فَاخِتَةَ تَرَاجَعَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وهي: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران:7] فَقَالَ أَبُو فَاخِتَةَ: فَوَاتِحُ السُّوَرِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَر: الْفَرَائِضُ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ".

يُريد أن فواتح السور من الحروف المقطعة من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، وهي أمثلة لذلك؛ ولذا أكثر العلماء في تفسيرها والمراد بها على أقوالٍ كثيرة جدًّا.

والخلاصة: أن الله –جلَّ وعلا- أعلم بمراده بها، وإن كان بعضهم يستروِح إلى أنها دليلٌ لإعجاز القرآن، وأن القرآن مؤلَّفٌ من هذه الحروف، فأتوا بمثله، ما جاء بشيءٍ جديد على العرب خارج عن لغتهم، هو من لغة العرب ومن حروفهم التي منها ألِف، ومنها لام، ومنها ميم، فأتوا بمثله؛ ولذا يُذكَر بعدها القرآن.

طالب: ...............

نعم هذا على أنها معلومة، فواتح السور على أنها معلومة، ومن أهل العلم من أوَّلها وفسَّرها.

"وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَة، عَنْ عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران:7] يَقُولُ: أَصْلُ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُنَّ أُمَّ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَكْتُوبَاتٌ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ".  

فيكون المراد بالكتاب الجنس، فيشمل الكُتب.

"وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ أَهْلِ دِينٍ إِلَّا يَرْضَى بِهِنَّ.

وقال فِي الْمُتَشَابِهَاتِ: إِنَّهُنَّ الْمَنْسُوخَةُ، وَالْمُقَدَّمُ مِنْهُ وَالْمُؤَخَّرُ، وَالْأَمْثَالُ فِيهِ وَالْأَقْسَامُ، وَمَا يُؤْمَنُ بِهِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ. رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقِيلَ: هِيَ الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، قَالَهُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ.

وَعَنْ مُجَاهِدٍ: الْمُتَشَابِهَاتُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُن بَعْضًا".

تفسير مجاهد للمتشابهات: التي يُصدِّق بعضهن بعضًا. لأنه يرى أن الراسخين في العلم يعلمون المتشابه، كما سيأتي في قوله في الخلاف في الوقف عند قوله: {إِلا اللَّهُ} [آل عمران:7] فهل الوقف لازم هنا، {وَالرَّاسِخُونَ} [آل عمران:7] استئناف، أو أنه معطوفٌ عليه، وأن الراسخون يعلمون المتشابهات؟ كما سيأتي تفصيله.  

"وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزُّمَرِ:23] هُنَاكَ ذَكَرُوا: أَنَّ الْمُتَشَابِهَ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يَكُونُ فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ، وَالْمَثَانِي هُوَ الْكَلَامُ فِي شَيْئَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ كَصِفَةِ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ النَّارِ، وَذِكْرِ حَالِ الْأَبْرَارِ ثُمَّ حَالِ الْفُجَّارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ".

وهذه فائدة يجب الاهتمام بها والعناية، وهو أنه إذا ورد تفسير لفظ من القرآن أو من السُّنَّة أو من أي كلام يعني في كلام العرب وغيرهم أنه يُفهَم في إطار سياقه، هذا اللفظ وتفسيره والمراد به في إطار سياقه.

ثم لما قال: "الْمُتَشَابِهَاتُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُن بَعْضًا" ليس في سياق السورة هذه؛ لأنها لا يعلم معناها إلا الله، وإنما هو كما قال المؤلف: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزُّمَرِ:23] المتشابه معروف: الذي يُشبه بعضه بعضًا، ويشهد بعضه لبعض، بخلاف المراد بالمتشابهات في هذه السورة.

"فَأَمَّا هَاهُنَا فَالْمُتَشَابِهُ هُوَ الَّذِي يُقَابِلُ الْمُحْكَمَ.

وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ- حَيْثُ قَالَ: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران:7] فَهُنَّ حُجَّةُ الرَّبِّ، وَعِصْمَةُ الْعِبَادِ، وَدَفْعُ الْخُصُومِ وَالْبَاطِلِ، لَيْسَ لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَلَا تَحْرِيفٌ عَمَّا وُضِعْنَ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَالْمُتَشَابِهَاتُ فِي الصِّدْقِ، لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَتَحْرِيفٌ وَتَأْوِيلٌ، ابْتَلَى اللَّهُ فِيهِنَّ الْعِبَادَ، كَمَا ابْتَلَاهُمْ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ أَلَّا يَصْرِفْنَ إلى الباطل، ويحرفن عن الحق؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران:7] أَيْ: ضَلَالٌ وَخُرُوجٌ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران:7]".

لأنهم لا يقصدون من النظر في هذه الآيات المتشابهة العمل، إنما يقصدون الحِجاج واللجاج، ولو قصدوا العمل لما أخذوا بالمتشابه وتركوا المُحكَم. 

"أَيْ: إِنَّمَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ بِالْمُتَشَابِهِ الَّذِي يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُحَرِّفُوهُ إِلَى مَقَاصِدِهِمُ الْفَاسِدَةِ، وَيُنْزِلُوهُ عَلَيْهَا؛ لِاحْتِمَالِ لَفْظِهِ لِمَا يَصْرِفُونَهُ، فَأَمَّا الْمُحْكَمُ فَلَا نَصِيبَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ دَامِغٌ لَهُمْ وَحُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ الله تعالى: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} [آل عمران:7] أَيِ: الْإِضْلَالِ لِأَتْبَاعِهِمْ، إِيهَامًا لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ عَلَى بِدْعَتِهِمْ بِالْقُرْآنِ، وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، كَمَا لَوِ احْتَجَّ النَّصَارَى بِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَطَقَ بِأَنَّ عِيسَى هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَتَرَكُوا الِاحْتِجَاجَ بِقَوْلِهِ: {إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} [الزُّخْرُفِ:59]، وَبِقَوْلِهِ: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آلِ عِمْرَانَ:59]، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُ خَلْقٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ، وَعَبْدٌ، وَرَسُولٌ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:7] أَيْ: تَحْرِيفِهِ عَلَى مَا يُرِيدُونَ، وَقَالَ مُقَاتِل بن حيان وَالسُّدِّيُّ: يَبْتَغُونَ أَنْ يَعْلَمُوا مَا يَكُونُ وَمَا عَوَاقِبُ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْقُرْآنِ".

لأن التأويل يُطلَق ويُراد به التفسير والتوضيح، ويُطلَق على ما يؤول إليه الشيء وينتهي إليه أمره، فهم يبتغون تأويله للبحث عمَّا يؤول إليه الأمر الذي لا يعلمه إلا الله؛ لأنه من الغيب.

"وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران:7] إِلَى قَوْلِهِ: {أُولُو الألْبَابِ} [آل عمران:7] فَقَالَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُون فِيهِ فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ»، هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ من طريق إسماعيل بن عُلَيَّة وَعَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْهَا.

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدني فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، بِهِ. وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر عَنْ أَيُّوبَ، وَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَيُّوبَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ، بِهِ، ورواه أبو بكر بن الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ السَّدُوسِيِّ".

لحظة يا شيخ.

"وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر" أولًا يقول: "وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى" عندنا في النسخة هذه "الْعَبْدِيُّ" عندكم "العدني".

طالب: العبدي.

ابن أبي عمر العدني معروف له مسند، وأما العبدي الله أعلم ما أدري، لكن عندنا العبدي والذي قرأه الشيخ: العدني.

"وَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَيُّوبَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ، بِهِ، ورواه أبو بكر بن الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ".

هنا فيه سقط حوالي نصف صفحة.

"ورواه أبو بكر بن الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ: عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ السَّدُوسِيِّ، وَلَقَبُهُ عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابن أبي مليكة، عن عائشة به وتابع أيوب أبو عامرٍ الخراز وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ أبي عامر الخراز، فَذَكَرَهُ".

الخراز أم الخزاز؟

طالب: أنا عندي بالراء.

طالب: في واو: الخزاز.

"وَهَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ يَحْيَى الْأَبَحِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ وَنَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِهِ".

الذي قبل "عَنْ حَمَّادِ بْنِ يَحْيَى الْأَبَحِّ" بعض النُّسخ: الأشج، والصواب هو الأبح.

"وَقَالَ نَافِعٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، فَذَكَرَهُ.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ البخاري عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ مِنْ صَحِيحِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ سُنَنِهِ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران:7] إلى قوله: {وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ} [آل عمران:7] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، عَنْ بُنْدَارٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بن إبراهيم بِهِ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَذَكَرَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيَّ تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابن أبي مليكة عن عائشة، ولم يذكر القاسم كذا قال.

وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ وحَمّاد بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران:7] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ منهُ فَأُولَئِكَ الَّذِي سَمَّى اللهُ، فَاحْذَرُوهُمْ»".

قف على هذا.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد.