تعليق على تفسير سورة آل عمران (18)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} [آل عمران:104-109].

يَقُولُ تَعَالَى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ مُنْتَصِبَةٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قَالَ الضَّحَّاكُ: هُمْ خَاصَّةُ الصَّحَابَةِ وَخَاصَّةُ الرُّوَاةِ، يَعْنِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْعُلَمَاءَ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران:104] ثُمَّ قَالَ: «الْخَيْرُ اتِّبَاعُ الْقُرْآنِ وَسُنَّتِي» رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

في هذه الآيات وما يليها من آيات بيان منزلة هذه الأمة، وبيان مقام خيارها، وأن هذه الأمة خير الأمم، والسبب في ذلك {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران:110] وهنا الأمر بأن يُوجد في هذه الأمة في كل عصر وكل مصر من يقوم بهذه الشعيرة، من يدعو إلى الله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر.

في الكلام الأول كلام الضحاك {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104] والفلاح هو: الجمع بين سعادتي الدنيا الآخرة.

يقول الضحاك: "هُمْ خَاصَّةُ الصَّحَابَةِ وَخَاصَّةُ الرُّوَاةِ" يعني تفسير بالمثال، فالصحابة لا شك في أن منزلتهم في هذه الأمة أنه لا يأتي أحدٌ بعدهم خيرٌ منهم، وهم خير هذه الأمة على الإطلاق، وشرف الصحبة لا يناله من جاء بعدهم ولو فعل ما فعل، والرواة هم العلماء حَملة العلم، حَملة الدين، يقول: "يَعْنِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْعُلَمَاءَ" يعني هذا تفسير بالمثال.

وجاء عن السلف في آياتٍ كثيرة التفسير بالمثال، ولا يكون حصرًا على من ذُكِر، وإنما هو مثالٌ يندرج في معنى الآية، ويشاركهم فيها غيرهم من طوائف هذه الأمة الذين هم على ما جاء عنه –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أتباع سُنته كما سيأتي في الخبر الآتي: "وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران:104] ثُمَّ قَالَ: «الْخَيْرُ اتِّبَاعُ الْقُرْآنِ وَسُنَّتِي»" يدعون إلى هذا إلى اتباع القرآن، والخير كله في اتباع القرآن وسُنَّة النبي –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والله المستعان.

طالب: فرض عين أم فرض كفاية؟

فرض كفاية، هذه الأمور من فروض الكفايات إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وصار في حقهم سُنَّة، ولو كان فرض عين لكان القدر الزائد على الكفاية لا قيمة له، وإن قطعوا من أمورٍ تلزمهم وتلزم الأمة معهم؛ لتوجهوا إلى شيءٍ واحد صار فرض عين على الأمة كلها، تعطلت المنافع والأسباب، والأعمال الصالحة وأمور الدنيا.       

"وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، أن تكون فرقة من هذه الْأُمَّةِ مُتَصَدِّيَةٌ لِهَذَا الشَّأْنِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ بِحَسْبِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ»".

في قوله: "كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ" في الحديث «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا» يعني على كل فردٍ ممن رآه ليس على كل فردٍ من هذه الأمة، ممن رأى هذا المنكر ولم يقم غيره بتغييره؛ فيعود الأمر إلى أن المسألة فرض كفاية.

والرؤية هنا «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا» أعم من أن تكون بصرية، وإلا فالأعمى يخرج من المسئولية أصلًا ما عليه أمر ولا نهي ولو عَلِم أن ثَمَّ منكر.

وفي قوله –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- جوابًا لمن قالت: هل على المرأة من غُسلٍ إذا هي احتلمت؟ قال: «نَعَمْ، إِذَا هي رَأَتِ الْمَاءَ» لو قلنا: الرؤية بصرية يعني لو كانت عمياء ما يلزمها غُسل، ولو كانت في ظلام ما ترى شيئًا ما يلزمها غُسل، لكن الرؤية هنا أعم من أن تكون علمية، يعني ثبت عندك بما يُفيدك العلم أن ثَمَّ منكر تجب إزالته، ويجب إنكاره ولو لم تره بنفسك، يُقال هذا الكلام في ظل ظروفٍ يُقال فيها الذي ما يرى المنكر لا يُغيره، ولا يتصل، ولا يُكلِّم، ولا يكتب؛ لأنه ما رأى المنكر، والله المستعان.

طالب: المحقق قال الشيخ/ أحمد شاكر –رحمه الله-: وهِم الحافظ ابن كثير وهمًا شديدًا فحديث «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا» هو من حديث أبي موسى.

طالب: أبي سعيد.

يقول: لم نقف عليه من حديث أبي هريرة.

طالب: ............

لأن المصنِّف –رحمه الله- قال: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" المحقق يقول: لم نقف عليه من حديث أبي هريرة، وقد أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان كتاب... إلى آخره، وأبو داود في كتاب الصلاة، والترمذي في سُننه، والنسائي، وأحمد في مسنده كلهم من حديث أبي سعيدٍ الخدري، وقال الشيخ/ أحمد شاكر في (عمدة التفسير): وهِم الحافظ ابن كثير هنا وهمًا شديدًا فحديث «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا...» إلى آخره هو من حديث أبي سعيدٍ الخدري كما أثبتنا، ولكن الذي قاله ابن كثير هنا: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" خطأٌ على اليقين.

ماذا عندك؟

طالب: أبي موسى.

أبي سعيد، هو المشهور حديث أبي سعيد، وجاء من حديث أبي موسى، هو معروف حديث أبي سعيد.

طالب: قال وهِم.

وهِم الموهِّم.

طالب: ............

لا، عن أبي سعيد. 

طالب: ............

وهِم الموهِّم.

"وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْهَاشِمِيُّ، قال: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشْهَلِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ»، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ، مَعَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ، كما سيأتي تفسيرها في أماكنها.                 

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105] ينهى -تبارك وتعالى- هذه الأمة أن يكونوا كالأمم الماضين في افتراقهم وَاخْتِلَافِهِمْ وَتَرْكِهِمُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، مَعَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قال: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، قال: حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَوْزَنِيُّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قام حين صلى الظُّهْرِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْكَتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هذه الأمة ستفترق على ثلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً- يَعْنِي الْأَهْوَاءَ- كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةٌ- وَهِيَ الْجَمَاعَةُ- وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تُجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ»، وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، لَئِنْ لَمْ تَقُومُوا بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَغَيْرُكُمْ مِنَ الناس أحرى أن لا يَقُومَ بِهِ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الحجاج الشامي بِهِ، وَقَدْ روي هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ".

يقول: "وقد ورد" والمعنى واحد "هذا الحديث من طُرق".

"وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حِينَ تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالْفُرْقَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-. {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران:106] قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران:106] وَهَذَا الْوَصْفُ يَعُمُّ كُلَّ كَافِرٍ".

يعني سواءً كان كافرًا أو منافقًا، كان مؤمنًا ثُم ارتد أو كان كافرًا من الأصل، يشمل الجميع. 

{فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} [آل عمران:106] يعني يُقال لهم: أكفرتم؟ وحذف القول كثير في مثل هذا السياق.

طالب: .............

هذا من باب الإهابة بالعرب، وإثارة حميتهم وغيرتهم على دينهم، وهم أحرى الناس بنصرته، لكن إن لم يحصل فالدين منصور على كل حال.

طالب: ضابط سقوط الأمر عن الناس بلاغه لفاعل المنكر أو إشاعته أو إذاعته للناس بحيث يعرفون أنه مُنكِر أو متى يسقط عنه؟

لا شك أن الاستجابة والإقلاع عن المنكر ليس بشرطٍ للقيام بهذا الواجب، وإنما إنكاره باليد عند الاستطاعة أو باللسان إن لم يستطع باليد واستطاع التغيير باللسان أو بالقلب «فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ»، «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» ما بقي شيء، فالذي لا يستطيع التغيير باليد وهذا خاصٌّ بولي الأمر أو الأب في بيته وفي أهل بيته إن لم يستطع ذلك فباللسان، الذي لا يستطيع أن يُغيِّر لا يجوز له أن يُغيِّر إذا ترتب على تغييره بيده مفسدة أعظم من هذا المنكر، لا يجوز بحال إذا لم يستطع أن يُغيِّر بيده، فيُغيِّر بلسانه؛ يُبين الحُكم من غير تشديد بالرفق واللين؛ لأنه أدعى للقبول، فإن خشي على نفسه أو خشي من مفسدةٍ أعظم فإنه ينتقل حينئذٍ إلى التغيير بالقلب؛ بأن يكره هذا المنكر، ويتحين الفُرص في بيان هذا الإنكار.

طالب: حبة خردل معناه أنه طلع من الإيمان بالكلية أم بقي أصل الإيمان؟

يعني إذا لم يُغير وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان، يعني الشخص الذي لا يُنكر المنكر بأي درجةٍ من درجاته؛ لأن الشيء لم يبقَ منه شيء، الشيء إذا لم يبقَ منه شيء، يعني هل فيه دون حبة الخردل؟ إذا فتحت النافذة في الشمس ترى فيه أشياء تتحرك. تستطيع أن تُمسك منها شيئًا؟ لا، هباء، فمثل هذا إذا لم يبقَ منه شيء، فقد انتهى بالكلية «وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ» كل شيءٍ ذهب آخره لم يبقَ منه شيء.

وعل كل حال أقوال العلماء معروفة هل يخرج بالكلية أو يبقى أصل الإيمان؟ إن افترضنا أنه فيخ أصل موجود في هذه الحالة.

طالب: عدم التغيير يشمل غلبة الظن بعدم استجابته؟

ولو غلب على ظني أنه لا يستجيب هو مأمورٌ بالتغيير على كل حال، فإن استجاب وإلا فالأمر لله، الأنبياء دعوا سنين طويلة، ونوح ألف سنة إلا خمسين عامًا وزوجته وابنه ما استجابا، فالنتائج بيد الله –جلَّ وعلا-، وهذا مما يُثلِج قلوب المؤمنين أنك تُغيِّر، ولا عليك، أجرك مضمون إن استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فالأمر يومئذٍ لله، الله يقول –جلَّ وعلا- لنبيه –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:56] كرر وأعاد وأبدى بأسلوبٍ لطيف جدًّا، وفي الأخير قال: هو على ملة عبد المطلب. نسأل الله العافية.  

"{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:107] يَعْنِي الْجَنَّةَ مَاكِثُونَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا، وَقَدْ قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ربيع وهو ابن صُبَيْحٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، قال: رأى أبو أمامة رؤوسًا منصوبةً على درج مسجد دِمَشْقَ، فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: كِلَابُ النَّارِ شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ خَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلُوهُ، ثُمَّ قَرَأَ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قُلْتُ لِأَبِي أُمَامَةَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا -حَتَّى عَدَّ سَبْعًا- مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ بِنَحْوِهِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثًا مُطَوَّلًا غَرِيبًا عَجِيبًا جِدًّا.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ} [آل عمران:108] أَيْ هَذِهِ آيَاتُ اللَّهِ وَحُجَجُهُ وَبَيِّنَاتُهُ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ {بِالْحَقِّ} [آل عمران:108] أَيْ: نَكْشِفُ مَا الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ} [آل عمران:108] أَيْ: لَيْسَ بِظَالِمٍ لَهُمْ بَلْ هُوَ الْحَكَمُ، الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ؛ لِأَنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يظلم أحدًا من خلقه، ولهذا قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [آل عمران:109] أَيِ: الْجَمِيعُ مِلْكٌ لَهُ وَعَبِيدٌ لَهُ {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} [آل عمران:109] أَيْ: هُوَ المتصرف في الدنيا والآخرة، الحاكم في الدنيا والآخرة".

طالب: ما الدافع لكثير من المفسرين في الآيات التي يُخاطب فيها رب العزة –جلَّ وعلا- نبيه– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقولون: يا محمد هكذا بالاسم، مع أن رب العزة –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لم يُناده باسمه؟

يعني في توجيه الأمر للنبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-؟

طالب: نعم.

لأنه مُخاطب به ابتداءً.

طالب: أقصد تعبيرهم لماذا لا يقولون: يا أيها النبي، يا أيها الرسول، لماذا يقولون: يا محمد؟

في سياق التفسير الممزوج وإلا بإمكانهم أن يقولوا: يأمر الله –جلَّ وعلا- نبيه –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أن يقول كذا، لكن في سياق التفسير الممزوج (قُل) يأتون بما يُناسبها بالاختصار، والرسول –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مأمور وهو بالنسبة للآمر محمد.

وعلى كل حال هو الرسول، وهو النبي ما يختلف الأمر.

الحديث حديث أبي ذر المطوَّل الذي أشار إليه من رواية ابن مردويه، نقدر نطلعه؟ يقول: "حَدِيثًا مُطَوَّلًا غَرِيبًا عَجِيبًا جِدًّا".

بالجوالات.

تفسير ابن مردويه ما هو موجود.

طالب: ............

يعني ما نجده بالجوال؟

طالب: ..........

الموسوعات.

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

فيه برامج تأتي به من حيث المعنى بمعناه، وقد يكون أخرجه غير ابن مردويه.

طالب: ............

لكن في الغالب إذا ما وُجِد في (الدر المنثور) أنه شبه ميؤوس منه، يُبحَث عنه.

طالب: ............

"قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران:110-112].

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِأَنَّهُمْ خير الأمم، فقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  رَضِيَ الله عنه {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110]  قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَهَكَذَا قَالَ ابن عباس ومجاهد وعطية العوفي وعكرمة وعطاء والربيع بن أنس كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَعْنِي خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَنْفَعُ النَّاسِ لِلنَّاسِ، وَلِهَذَا قَالَ: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]".

من هذه الخيرية للناس أن تأمر وتنهى، تأمره بالمعروف ليفعل الخير، وتنهاه عن المنكر ليكف عن الشر.

والنفع في ذلك أولًا وآخرًا للمأمور المنهي وللآمر الناهي نصيبه من ذلك، لكن إذا تصورنا أن شخصًا مرتكبًا لمعصية أو فاعلًا لجريمة، ثم يأتي من يأمره بالكف عنها أو ينهاه عن فعلها فهذا خيرٌ له ممن يراه ويسكت، ولو تصور بعض الناس أن الأمر والنهي تَدخُّل في شئون الناس وتغيير لمزاجهم، فهذا كلامٌ باطل، ولذا جاء في الحديث «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» قال: أنصره مظلومًا، فكيف أنصره ظالم؟! قال: «تَكُفُّهُ عَنِ الظُّلْمِ، فَهذا نَصْرٌ له»، والله المستعان. 

طالب: ....... لعله يقصد حديث أبي ذر في عدد الأنبياء والرسل، هذا الذي يقصده.. ذكره ابن كثير في تفسير سورة النساء.

لكن ما علاقته؟

طالب: قال: أخرج ابن مردويه حديثًا طويلًا عجيبًا غريبًا عن أبي ذر ثم ساقه.

لكن هل الموضوع هو الموضوع؟

طالب: مختلف.

إذا اختلف ما يصير هو؛ لأن الأئمة رووا في دواوينهم عن أبي ذر أحاديث كثيرة، وفيها المطوَّل، وفيها العجيب والغريب، لكنها في موضوعاتٍ مختلفة.

طالب: أشاروا إليه في موسوعة التفسير، قالوا: عن أبي ذر: لما نزلت هذه الآية: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}  قال -صلى الله عليه وسلم-: «تحشر أمتي يوم القيامة على خمس رايات فأسألهم: ماذا فعلتم... »، لكنه لم يتم الحديث، وعزاه لابن عدي في الكامل ...

طالب: نفس الحديث.

ماذا؟

طالب: نفس الحديث الذي أشار إليه. نفسه مذكور أم لا؟

طالب: ......

لا لا موضوع عدد الأنبياء، وعدد الرسل...

طالب: يبدو أنه كله حديث واحد، لكن في تفسير سورة النساء............

طالب: ......

ابحثوا.

طالب: ............

على كل حال ابحث عنه.

طالب: إنكار المنكر في المجالس الخاصة؟

لكن هل يترتب عليه تغيير؟

طالب: لا.

بيان أنه منكر؛ لأنه قد يُلبَّس على الناس فيُظهَر المنكر بمظهر المعروف، فمثل هذا لا بُد أن يُبيَّن أنه منكر.

" قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرَةَ، عَنْ زَوْجِ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ، عَنْ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ قَالَتْ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الناس خير؟ قال «خَيْرُ النَّاسِ أَقْرَؤُهُمْ وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ، وَآمَرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ».

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] قَالَ: هُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمَّةِ كُلُّ قَرْنٍ بِحَسْبِهِ، وَخَيْرُ قُرُونِهِمُ الَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة:143] أي: خيارًا {لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143].

وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنْتُمْ تُوفُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وأكرمها على اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ معاذ بن جبل وأبي سعيد نَحْوَهُ".

الأكثر على التخفيف «تُوفُون» يعني: تُكملون.

"«أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وأكرمها على اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ معاذ بن جبل وأبي سعيد نَحْوَهُ.

وَإِنَّمَا حَازَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَصَبَ السَّبْقِ إلى الخيرات بنبيها محمد -صلوات الله وسلامه عليه-، فإنه أشرف خلق الله، وأكرم الرُّسُلِ عَلَى اللَّهِ، وَبَعَثَهُ اللَّهُ بِشَرْعٍ كَامِلٍ عظيم لم يعطه نبي قبله ولا رسول مِنَ الرُّسُلِ، فَالْعَمَلُ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَسَبِيلِهِ يَقُومُ الْقَلِيلُ مِنْهُ مَا لَا يَقُومُ الْعَمَلُ الْكَثِيرُ مِنْ أَعْمَالِ غَيْرِهِمْ مَقَامَهُ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ زُهَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُوَ؟ قَالَ «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ".

يؤيده حديث الخصائص المتفق عليه، وهو في معناه، والجملة الزائدة مؤيَّدة بالقرآن.

طالب: في السند حدثنا عبد الرحمن، حدثنا ابن زهير.

زهير بن حرب ماذا فيه؟

طالب: ..........

من هو؟

طالب: الشيخ قال: ابن زهير.

قال: "حَدَّثَنَا ابْنُ زُهَيْرٍ" مكتوب ابن زهير عندنا.

طالب: ..........

عبد الله بن محمد بن عقيل، معروف ليس بالضابط، لكنه عدل.

طالب: زهير بن محمد التميمي، اللي عندنا.

الذي عندنا ابن زهير، ويمكن من المسند...

طالب: .............

ماذا عندك؟

طالب: مسند زهير.

زهير.

طالب: زهير بن محمد...

"وَقَالَ الإمام أحمد أيضا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا ليث عن معاوية، عن أبي حلبس يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- تَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا سَمِعْتُهُ يُكَنِّيهِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا عِيسَى إِنِّي بَاعِثٌ بَعْدَكَ أُمَّةً إِنْ أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا وَشَكَرُوا، وَإِنْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبَرُوا، وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ هَذَا لَهُمْ وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ؟ قَالَ: أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْمِي وَعِلْمِي»".

طالب: ..........

الحديث...

طالب: لليث.

لليث بن سعد ماذا فيه؟ فيه "حدَّثنا ليث".

طالب: هو ليث بن أبي سُليم أو الليث بن سعد؟

طالب: ...........

عندك؟

طالب: ...........

مسألة ليث والليث ما بينهما، ترى إذا كان القصد (أل) مثل: حسن والحسن.

طالب: لكنهم تعارفوا على هذا ليث والليث، إذا قيل: الليث؛ فالليث بن سعد، ليث...

ما يلزم، مثل الليث وليث واحد، مثل ما يُقال: وليد والوليد، وحسن والحسن و(أل) هذه لا تُفيد تعريفًا، وحذفها لا يُفيد تنكيرًا، وإنما هي للمح الأصل، وعباس والعباس ما بينهما فرق، لكن الكلام على تحديد الطبقة والرواة والآخذين والشيوخ، ووروده مسمًى يعني بدل ما هو مُبهم مُهمل يَرد في طرقٍ أخرى مُعينًا، هذا هو الطريق عند أهل العلم.

على كل حال الخبر ضعيف.

طالب: ...........

يعني أنه لا سيما في آخر الزمان تضعف الأحلام، ويقِل العلم، ولكنهم مؤيدون من الله –جلَّ وعلا- ما لم ينصرفوا عن دينه، ويتبعوا أهواءهم.

طالب: هذا يا شيخ الليث بن سعد.

لا، ما أدري إذا كان يقول: هذا وارد بالسند أنه ليث بن أبي سُليم، والليث بن أبي سُليم مُضعَّف، يُقال له: الليث بن أبي سُليم.

طالب: ...........

امرأة أبي الدرداء هُجيمة، ما اسمها؟

طالب: ...........

أم الدرداء الصغرى يا أبا عبد الله أليست هُجيمة؟

طالب: بلى.

طالب: رضي الله عنها.

هي ليست صحابية، الصغرى ليست صحابية.

طالب: ...........

وليس ابن أبي سُليم من شيوخه؟

طالب: ...........

سمعت يا أبا عبد الله، يقول: الليث بن سعد من الآخذين عنه الحسن بن سوَّار بخلاف الليث بن أبي سُليم.

طالب: ...........

هو يُقال: (أل) هذه ما لا قيمة لها، تقول: عبد الله بن العباس أو تقول: عبد الله بن عباس؟ تقول: عبد الله بن عباس، وأبوه العباس بن عبد المطلب، تقول: هذه للمح الأصل، للمح الصفة الأصلية إذا أردت أن تلمح سبب التسمية تقول: العباس من العبوس، وإذا أردت مجرد العَلمية تقول: عباس.