تعليق على تفسير سورة التوبة من أضواء البيان (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. مر في الدرس الماضي قول المؤلف -رحمه الله-: فيصلح مجموعها للاحتجاج ولا سيما أن منها ما صححه بعض العلماء كالطريق التي صححها الحاكم وتضعيفها بعبد الله بن جعفر المدني فيه أنه من رجال مسلم، وأخرج له البخاري تعليقًا، وقال فيه ابن حجر بالتقريب: ليس به بأس.

 يقول: والطريق المشار إليها رواها الحاكم في مستدركه من طريق زكريا بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حمار فلقيه رجل فقال: يا رسول الله رجل ترك عمته وخالته لا وارث له غيرهما، قال: فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم رجل ترك عمته وخالته لا وارث له غيرهما، ثم قال: أين السائل؟ قال: ها أنا ذا، قال: لا ميراث لهما». وما ذكره الشيخ، يعني الشنقيطي، مبني على أن عبد الله بن جعفر هو ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة المخرمي المدني، وهو إن كان من هذه الطبقة فهو لم يذكر عنه أنه روى عن عبد الله بن دينار، ولا أنه روى عنه زكريا بن يحيى الملقب بزحمويه، وإنما الذي ذُكر عنه ذلك هو عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني، وقد بيَّن الحاكم ذلك في مستدركه فقال إثر الحديث المذكور: هذا حديث صحيح الإسناد، فإن عبد الله بن جعفر المديني، وإن شهد عليه ابنه علي بسوء الحفظ فليس ممن يُترك حديثه وله شاهد، وتعقَّبه الذهبي في مختصره بقوله: قلت: ولا أحتج به، وكذا قال ابن الملقن في التوضيح قال: ولا أعلم أحدًا احتج بعبد الله هذا، وقال فيه ابن حجر في التقريب: ضعيف، قال تغير حفظه بأخرة، ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وابن ماجه.

فالمؤلف -رحمه الله- على ضوء هذا الكلام التبس عليه عبد الله بن جعفر، التبس عليه المراد بعبد الله بن جعفر الوارد في إسناد الحاكم، مع أنه مع تعقيب الحاكم يُستغرب أن الشيخ يلتبس عليه هذا مع قوله: هذا حديث صحيح الإسناد فإن عبد الله بن جعفر المديني وإن شهد عليه ابنه علي. يصير والد علي بن المديني، وهذا أمر مجزوم به بسوء الحفظ، فليس يترك حديثه وله شاهد.

عبد الله بن جعفر الذي يضاهيه في الاسم واسم الأب والطبقة هو ابن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة، هو من طبقة عبد الله بن جعفر المديني والد علي، وقال فيه ابن حجر ما قال، قال فيه ابن حجر في التقريب: ليس به بأس. لكن عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني قال فيه ابن حجر: ضعيف، وبعضهم شدَّد في أمره، وممن ضعفه ولده الإمام علي بن المديني. فكأن الشيخ ما راجع المستدرك، نقل بواسطة وما نقل كلام صاحب المستدرك، ولو وقف على كلامه ما التبس عليه الأمر.

نعم.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.

 اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبيك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: (سُورَةُ التَّوْبَةِ.

اعْلَمْ أَوَّلاً أَنَّ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- لَمْ يَكْتُبُوا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي سُورَةِ "بَرَاءَةٌ"، هَذِهِ فِي الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ سُقُوطِ الْبَسْمَلَةِ مِنْهَا عَلَى أَقْوَالٍ).

الذين اختلفوا في البسملة، وأنها آية أو ليست بآية اتفقوا على أنها ليست بآية من سورة التوبة، أجمعوا على أنها ليست بآية من سورة التوبة، وأنها آية أو بعض آية في سورة النمل، وأما ما عدا ذلك في أوائل السور فمحل خلاف بين أهل العلم معروف ومقرر في موضعه.

طالب: (مِنْهَا: أَنَّ الْبَسْمَلَةَ رَحْمَةٌ وَأَمَانٌ، وَ"بَرَاءَةٌ" نَزَلَتْ بِالسَّيْفِ، فَلَيْسَ فِيهَا أَمَانٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.

وَمِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ إِذَا كَتَبُوا كِتَابًا فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَسْقَطُوا مِنْهُ الْبَسْمَلَةَ، فَلَمَّا أَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِيَقْرَأَهَا عَلَيْهِمْ فِي الْمَوْسِمِ، قَرَأَهَا، وَلَمْ يُبَسْمِلْ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي شَأْنِ نَقْضِ الْعَهْدِ، نَقَلَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا اخْتَلَفُوا: هَلْ "بَرَاءَةٌ" وَ"الْأَنْفَالُ" سُورَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ سُورَتَانِ، تَرَكُوا بَيْنَهُمَا فرْجَةً؛ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمَا سُورَتَانِ، وَتَرَكُوا الْبَسْمَلَةَ؛ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: هُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ، فَرَضِيَ الْفَرِيقَانِ وَثَبَتَتْ حُجَّتَاهُمَا فِي الْمُصْحَفِ).

وهذا أضعف، نعم.

طالب: لماذا قال في القول .......

من حيث المعنى، من عادة العرب أنهم إذا كتبوا كتابًا فيه نقض عهد أسقطوا منه البسملة، هو مثل الذي قبله، مثل الكلام المنقول عن علي -رضي الله عنه-، هو مثله. لكن مثل هذا يرجح فيه بالقرآن المقطوع بجميع ما فيه وجودًا وعدمًا ويحكم عليه بعادة العرب لا شك أن هذا ضعيف. نعم.

طالب: .......

التفسير؟

طالب: .......

هو موجود بسم الله الرحمن الرحيم، هو موجود على كل حال بسم الله الرحمن الرحيم لكلامه هو وليس للسورة، يعني افتتح بها كلامه -رحمه الله-.

طالب: (وَمِنْهَا: أَنَّ سُورَةَ "بَرَاءَةٌ" نُسِخَ أَوَّلُهَا فَسَقَطَتْ مَعَهُ الْبَسْمَلَةُ، وَهَذَا الْقَوْلُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ مَالِكٍ، كَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ. وَعَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تَعْدِلُ سُورَةَ "الْبَقَرَةِ".

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ لَمْ يَنْزِلْ بِهَا فِيهَا. قَالَهُ الْقُشَيْرِيُّ. اهـ).

يعني كلام شيخ الإسلام وغيره أن البسملة آية واحدة في القرآن نزل بها جبريل مع السورة للفصل بينها وبين السورة التي قبلها، وحينئذٍ لا تكون من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، بل هي آية في جميع سور القرآن واحدة، نعم.

طالب: (قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ سَبَبَ سُقُوطِ الْبَسْمَلَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، هُوَ مَا قَالَهُ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِابْنِ عَبَّاسٍ. فَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وهي مِنَ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنَ الْمِائِينَ فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهُمَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ، فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ عِنْدَهُ، فَيَقُولُ: "ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي فِيهَا كَذَا وَكَذَا"، وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فَيَقُولُ: "ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا"، وَكَانَتِ "الْأَنْفَالُ" مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَ"بَرَاءَةٌ" مِنْ آخِرِ مَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ. اهـ.

تَنْبِيهَانِ؛ الْأَوَّلُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ تَرْتِيبَ آيَاتِ الْقُرْآنِ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

لا عن اجتهاد، بتوقيف؛ لأنه إذا نزلت عليه الآية أو الآيات قال: ضعوها في مكان كذا وكذا من السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، لكن يبقى أن دلالته ظاهرة على أن ترتيب السور اجتهاد من عثمان وافقه عليه الصحابة؛ لأنه يقول: ووضعتها في السبع الطول.

طالب: (وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا شَكٍّ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا: أَنَّ تَرْتِيبَ سُوَرِهِ بِتَوْقِيفٍ أَيْضًا، فِيمَا عَدَا سُورَةِ "بَرَاءَةٌ"، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَدَلَالَةُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ.

التَّنْبِيهُ الثَّانِي: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ أَصْلٌ فِي الدِّينِ: أَلَا تَرَى إِلَى عُثْمَانَ وَأَعْيَانِ الصَّحَابَةِ كَيْفَ لَجَئُوا إِلَى قِيَاسِ الشَّبَهِ عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ، وَرَأَوْا أَنَّ قِصَّةَ "بَرَاءَةٌ" شَبِيهَةٌ بِقِصَّةِ "الْأَنْفَالِ" فَأَلْحَقُوهَا بِهَا، فَإِذَا كَانَ الْقِيَاسُ يَدْخُلُ فِي تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، فَمَا ظَنُّكَ بِسَائِرِ الْأَحْكَامِ).

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

نقول ما عدا براءة، الحديث يدل على أن براءة اجتهاد.

طالب: .......

ما يدل على أنه كله توقيف ما عدا براءة، هذا مسكوت عنه، يعني القول الصواب في هذه المسألة أنها لم تذكر المسألة؛ لأنها لم ينزل بها جبريل مع أول السورة كما نزل بغيرها مع السور، وهو ينزل بالبسملة، وهي آية واحدة في القرآن تنزل للفصل بين السور.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} [التوبة: 1]، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2]. ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْعُمُومُ فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ الْمُعَاهَدِينَ، وَأَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَشْهُرِ الْإِمْهَالِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ: {فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2]، لَا عَهْدَ لِكَافِرٍ. وَفِي هَذَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَالَّذِي يُبَيِّنُهُ الْقُرْآنُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ، هُوَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي أَصْحَابِ الْعُهُودِ الْمُطْلَقَةِ غَيْرِ الْمُوَقَّتَةِ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَنْ كَانَتْ مُدَّةُ عَهْدِهِ الْمُوَقَّتِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَتَكْمُلُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، أَمَّا أَصْحَابُ الْعُهُودِ الْمُوَقَّتَةِ الْبَاقِي مِنْ مُدَّتِهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهُمْ إِتْمَامُ مُدَّتِهِمْ).

لقوله -جل وعلا-: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4].

طالب: .......

نعم.

طالب: قول ابن العربي .......

دليل على القياس، دليل على إثبات القياس؛ لأن عثمان -رضي الله عنه- قاس هذه السورة على هذه السورة لما بينهما من المشابهة في المقاصد والمطالب.

طالب: .......

مفارقات كثيرة، لكن مع ذلك فيهما وجه شبه، من أجل وجه الشبه هذا ألحقها بها، هذا كلامه.

طالب: .......

يعني إذا وجد نوع شبه فليست مطابقة، وإنما مشابهة في بعض الوجوه.

طالب: .......

القياس له أدلة أخرى.

طالب: .......

هذا كلامه.

طالب: .......

ترتيب السور؟

طالب: لا .......

في هذا الموضع.

طالب: هو الآن يقول .......

هو كاتب ويأمر بالكتابة وهو الذي كتب المصاحف -رضي الله عنه وأرضاه-.

طالب: ....... بسم الله الرحمن الرحيم اجعلها آية ....... المصحف، يقول: لأن الصحابة لا ....... الآن لما يأتي عثمان ويقول .......

لا، لم يكتب؛ لأنه لم يجد ما يستند إليه.

طالب: بس الآن يا شيخ ....... وتوقفت الآن .......

توقف لأنه لم يجد سندًا يستند إليه.

طالب: عمل .......

فتركها؛ لأنه لم يجد شيئًا يستند إليه في إثباتها.

طالب: .......

لا لا، الذي وجد فيه مستند لا يتصرف فيه.

طالب: .......

هو الذي أمر بكتابة المصحف، بجمعه وكتابته على الصفة والهيئة الموجودة الآن، وكتب المصحف الإمام، ووزع أربعة مصاحف على الأمصار، والمسألة عليها العمل إلى يومنا هذا باتفاق من الصحابة كلهم مع عثمان -رضي الله عنه وأرضاه-.

طالب: (وَدَلِيلُهُ الْمُبَيِّنُ لَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4]، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَرُوِيَ عَنِ الْكَلْبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَعَثَهُ حِينَ أُنْزِلَتْ "بَرَاءَةٌ" بِأَرْبَعٍ: أَلَّا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَقْرَبَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ، وَلَا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] الآية، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَانَ ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ بِالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شَوَّالٍ، وَآخِرُهُ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ).

بناءً على أنها هي الأشهر الحرم وابتدأ التوقيت في ابتدائها، لكن الإعلان في يوم الحج الأكبر ما يترك فرصة للمعلن له أن يمكث أربعة أشهر، إلى سلخ المحرم يعني خمسين يوم شهر وعشرين يوم من يوم الحج الأكبر، لو قرنت بالأشهر الحرم والإعلان بدأ من يوم النحر على القول بأنه يوم الحج الأكبر أو من يوم عرفة على الخلاف في ذلك، لكنها لا تكون جملتها أربعة أشهر، وإنما أقل من شهرين بعشرة أيام أو تسعة.

طالب: (قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَانَ ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ بِالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شَوَّالٍ، وَآخِرُهُ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ).

وهي الأشهر الحرم، نعم.

طالب: (وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، أَوْ يَوْمُ عَرَفَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: 3]).

يوم الحج الأكبر هو يوم النحر؛ لأن أكثر أعمال النحر تكون فيه، وأما قول من قال بأنه يوم عرفة لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «الحج عرفة»، ولكلٍّ وجهٌ.

طالب: (وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِعْلَامِ الْمَذْكُورِ مِنْ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَلَا يَخْفَى انْتِهَاؤُهَا فِي الْعَشْرِ مِنْ رَبِيعٍ الثَّانِي).

إذا قيل: أربعة أشهر من يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر انتهت في يوم العاشر من ربيع الثاني، أربعة أشهر، تنتهي بتمام أربعة أشهر، ولا تنتهي بنهاية المحرم؛ لأنها لا تحقق المدة المذكورة، نعم.

طالب: (قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ مِنْ شَوَّالٍ، وَآخِرُهُ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ غَرِيبٌ، وَكَيْفَ يُحَاسَبُونَ بِمُدَّةٍ لَمْ يَبْلُغْهُمْ حُكْمُهَا، وَإِنَّمَا ظَهَرَ لَهُمْ أَمْرُهَا يَوْمَ النَّحْرِ، حِينَ نَادَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: 3].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4]. يُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ مُخَالَفَةِ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ جَازَ قِتَالُهُمْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7]، وَهَذَا الْمَفْهُومُ فِي الْآيَتَيْنِ صَرَّحَ بِهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة: 12].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] الْآيَةَ. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]، قَالَه أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ).

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر، وجعفر ولده الملقب بالصادق.

طالب: (وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: آخِرُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي حَقِّهِمُ الْمُحَرَّمُ).

وهو الذي سبق نقله عن الزهري وتضعيفه.

طالب: (وَحَكَى نَحْوَ قَوْلِهِ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الضَّحَّاكُ. وَلَكِنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَشْهُرُ الْإِمْهَالِ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2]. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ السِّيَاقُ، مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي رِوَايَةِ الْعَوْفِيِّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2]، ثُمَّ قَالَ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5]، أَيْ: إِذَا انْقَضَتِ الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي حَرَّمْنَا عَلَيْكُمْ قِتَالَهُمْ فِيهَا، وَأَجَّلْنَاهُمْ فِيهَا، فَحَيْثُمَا وَجَدْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ لِأَنَّ عَوْدَ الْعَهْدِ عَلَى مَذْكُورٍ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّرٍ، مَعَ أَنَّ الْأَشْهُرَ الْأَرْبَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ سَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهَا فِي آيَةٍ أُخْرَى اهـ).

ولا يختلف في أن المراد بالأشهر الحرم كذا على الإطلاق أنها الأربعة: شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، هذه الأشهر الحرم بالاتفاق.

طالب: رجب .......

رجب نعم، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، ثلاثة سرد وواحد فرد رجب.

طالب: .......

لا، هي من أشهر الحج لكن ليست من الأشهر الحرم، والأربعة الأشهر الحرم التي حصل فيها الإمهال تبدأ من تبليغهم بهذا الإمهال، من يوم النحر يوم الحج الأكبر.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

حينما بلغهم الحكم.

طالب: ....... العام .......

نعم، نعم.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} [التوبة: 13] الآية. ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ هَمُّوا بِإِخْرَاجِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ، وَصَرَّحَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ بِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ بِالْفِعْلِ، كَقَوْلِهِ: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} [الممتحنة: 1] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: 13]، وَقَوْلِهِ: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 40] الْآيَةَ، وَذَكَرَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ: مُحَاوَلَتَهُمْ لِإِخْرَاجِهِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوهُ، كَقَوْلِهِ: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال: 30]، وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} [الإسراء: 76] الآية).

وهذه الآيات تتفق مع الآية المذكورة هنا: {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} [التوبة: 13]، أما وقد أخرجوه بالفعل يكون هذا الهم مرحلة قبل الإخراج الفعلي؛ لأن الهم قبل التنفيذ، والهم كما قيل من مراتب القصد التي هي الهاجس والخاطر وحديث النفس ثم الهم ثم العزم، ويلي بعد هذه المراتب الفعل أو العجز عن الفعل.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ} [التوبة: 23] الْآيَةَ. نَهَى اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ، وَلَوْ كَانُوا قُرَبَاءَ، وَصَرَّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: بِأَنَّ الِاتِّصَافَ بِوَصْفِ الْإِيمَانِ مَانِعٌ مِنْ مُوَادَّةِ الْكُفَّارِ وَلَوْ كَانُوا قُرَبَاءَ، وَهُوَ قوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22] الْآيَةَ).

ماذا؟ {لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ}؟

طالب: .......

{لَا تَجِدُ قَوْمًا}، هذا الأخيرة خبر يراد به النهي، وهو أبلغ في النهي.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].

ذَكَرَ تَعَالَى مَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَذَكَرَ مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ بِقوله: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153]، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ تَابَ عَلَى مَنْ تَوَلَّى يَوْمَ أُحُدٍ بِقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]، وَأَشَارَ هُنَا إِلَى تَوْبَتِهِ عَلَى مَنْ تَوَلَّى يَوْمَ حُنَيْنٍ بِقوله: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 27]، كَمَا أَشَارَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَيْهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] الآية، أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَقْرَبُهَا لِلصَّوَابِ فِي مَعْنَى: {يَكْنِزُونَ} فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّ الْمُرَادَ بِكَنْزِهِمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَعَدَمِ إِنْفَاقِهِمْ لَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَنَّهُمْ لَا يُؤَدُّونَ زَكَاتَهُمَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَأَمَّا الْكَنْزُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ).

يعني كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز ولو كان على وجه الأرض، وكل مال تؤدى زكاته فليس بكنز ولو كان في جوف الأرض، وهذا هو الذي استقر عليه الأمر ومتفق عليه، وهو في الأصل قول عامة أهل العلم ما خالف في ذلك إلا ما ينسب لأبي ذر -رضي الله تعالى عنه-، وجاء في الحديث عند عائشة: «ليس في المال حق سوى الزكاة»، وجاء في حديث آخر: «إن في المال لحقًّا سوى الزكاة»، يعني فيه حق مندوب وليس بواجب سوى الزكاة، والأول أن في ليس به حق يعني واجب، وتمسك بعض المفتونين بما نسب إلى أبي ذر -رضي الله عنه وأرضاه- من تشريع لما يسمى بالاشتراكية، وأن الناس شركاء في الأموال، ولا يجوز لأحد أن يدخر أكثر من حاجته انطلاقًا من هذا القول، ولكن الذي استقر عليه الأمر واتفقت عليه الأمة أن إخراج الزكاة كافية، وهي الواجب وما عداها ندب.

طالب: (قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَأَمَّا الْكَنْزُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ. وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعِ أَرْضِينَ، وَمَا كَانَ ظَاهِرًا لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَحْوَهُ: أَيُّمَا مَالٍ أُدِّيَتْ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَإِنْ كَانَ مَدْفُونًا فِي الْأَرْضِ، وَأَيُّمَا مَالٍ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ يُكْوَى بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ اهـ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ عِكْرِمَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَصْوَبُ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَدَّى الْحَقَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَالِ الَّذِي هُوَ الزَّكَاةُ لَا يُكْوَى بِالْبَاقِي إِذَا أَمْسَكَهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تُطَهِّرُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، وَلِأَنَّ الْمَوَارِيثَ مَا جُعِلَتْ إِلَّا فِي أَمْوَالٍ تَبْقَى بَعْدَ مَالِكِيهَا).

نعم، لو لم يبقَ مال بعد وفاة صاحبه ما كان هناك مواريث، ولذا لما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يورث لم يبق عنده شيء، تأتيه الأموال العظيمة فيفرقها في مكانه: «لا يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهبًا تأتي علي ثالثة وعندي منه درهم، إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا» عن يمينه وشماله من أمامه ومن خلفه حتى ينتهي، وقال لسعد: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»، ما معنى هذا؟

أنك لا تنفق مالك كله. نعم.

طالب: (وَمِنْ أَصْرَحِ الْأَدِلَّةِ فِي ذَلِكَ، حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ أَخِي بَنِي سَعْدٍ، مِنْ هَوَازِنَ، وَهُوَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ لَمَّا أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بِأَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ، وَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219]، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي "الْبَقَرَةِ" تَحْقِيقًا أَنَّهُ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا.

 وَقوله: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» الْحَدِيثَ؛ لِأَنَّ صَدَقَةً نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَهِيَ تَعُمُّ نَفْيَ كُلِّ صَدَقَةٍ. وَفِي الْآيَةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ؛ مِنْهَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَاتِ الزَّكَاةِ كَقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] الْآيَةَ. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْقَوْلَ بِالنَّسْخِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ. اهـ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَمَا دُونَهَا نَفَقَةٌ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَنْزٌ، وَمَذْهَبُ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَدَّخِرَ شَيْئًا فَاضِلاً عَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ ادِّخَارَ مَا أُدِّيَتَ حُقُوقُهُ الْوَاجِبَةُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ كَالضَّرُورِيِّ عِنْدَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ.

 فَإِنْ قِيلَ: مَا الْجَوَابُ عَمَّا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَتَرَكَ دِينَارَيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَيَّتَانِ، صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» اهـ. وَمَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، صُدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَيَّةٌ»، ثُمَّ تُوُفِّيَ آخَرُ فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَيَّتَانِ»، وَمَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «تَبًّا لِلذَّهَبِ، تَبًّا لِلْفِضَّةِ» يَقُولُهَا ثَلَاثًا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالُوا: فَأَيَّ مَالٍ نَتَّخِذُ؟ فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابَكَ قَدْ شقَّ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: فَأَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ؟ فَقَالَ: «لِسَانًا ذَاكِرًا وَقَلْبًا شَاكِرًا وَزَوْجَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى دِينِهِ». وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ).

ما جاء في هذا الباب هو مبالغة في الحث على الصدقة، ولا مفهوم له، كما في حديث أن النبي- عليه الصلاة والسلام- خرج من الجوع فلقيه أبو بكر وعمر وأخبراه أنه لم يخرجهما إلا ما أخرجه: الجوع، ثم ضيفوا على سخل، ماذا عليه؟

طالب: .......

هو أضيف على شيء مشوي، عناق مشوية سخلة. المقصود أنهم لما أكلوا قال لهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ثم لتسألن عن النعيم»، هذا النعيم الذي أنتم فيه لتسألن عنه، يعني مبالغة في التقلل من الدنيا، وإلا من الذي يقول: إن الجائع ما يأكل.

طالب: .......

ولو كان من أفخر أنواع الطعام، لكن المبالغة تدعو إلى مثل هذا في التقلل من الدنيا، والمبالغة في الحث على الإنفاق تدعو إلى مثل ما جاء هنا.

طالب: .......

مبالغة.

طالب: .......

زكاة الدينار؟

طالب: .......

الدينار فيه زكاة! ما بلغ نصاب.

طالب: .......

لا، حتى الفقير عليه أن يدخر، دينار، حد الفقر.

 طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

الذي لا يحل معه السؤال، نعم.

طالب: حديث شهر .......

ضعيف معروف، وقد باع شهر دينه بخريطة فمن يأمن القراء بعدك يا شهر، مضعف عند أهل العلم.

طالب: .......

حديث الإمام أحمد عن علي أول واحد، حديث ما رواه الإمام أحمد عن علي -رضي الله عنه- قال .......

طالب: .......

نعم، كمل.

طالب: (فَالْجَوَابُ -وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ- أَنَّ هَذَا التَّغْلِيظَ كَانَ أَوَّلاً ثُمَّ نُسِخَ بِفَرْضِ الزَّكَاةِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي "فَتْحِ الْبَارِي": قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَدَتْ عَنْ أَبِي ذَرٍّ آثَارٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَالٍ مَجْمُوعٍ يَفْضُلُ عَنِ الْقُوتِ وَسَدَادِ الْعَيْشِ، فَهُوَ كَنْزٌ يُذَمُّ فَاعِلُهُ، وَأَنَّ آيَةَ الْوَعِيدِ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ).

لما قدم أبو ذر إلى المدينة واجتمع عليه الناس؛ لأن عادة العامة أن يجتمعوا على من عنده شيء من مخالفة ولي الأمر، رضي الله عن أبي ذر، واقتضى النظر أن ينفى إلى الربذة ويتحقق فيه ما جاء من خبر أنه يعيش وحده ويموت وحده -رضي الله عنه وأرضاه-: «ما على وجه الأرض أصدق لهجة من أبي ذر» والله المستعان، يعني كل الأحاديث ضعيفة.

طالب: لكن بعضهم .......

على كل حال إن صحت فيقال فيها مثل ما قيل: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8]، ما فيه أحد يذم الجوعان إذا أكل أو يسأل عنه، لكن من باب المبالغة إلى التقلل من الدنيا والتنعم فيها أيضًا من باب المبالغة في الحث على الصدقة يمكن أن ترد مثل هذه النصوص للتشديد في هذا.

طالب: (وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَحَمَلُوا الْوَعِيدَ عَلَى مَانِعِ الزَّكَاةِ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ نُسِخَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ الشِّدَّةُ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى قَوْمِهِ، ثُمَّ يُرَخِّصُ فِيهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَا يَسْمَعُ الرُّخْصَةَ، وَيَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هِيَ فِي خُصُوصِ أَهْلِ الْكِتَابِ، بِدَلِيلِ اقْتِرَانِهَا مَعَ قوله: {إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ} [التوبة: 34] الْآيَةَ. فَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ، وَأَنَّهَا فِيمَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ فِي آيَاتِ الزَّكَاةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ، أَنَّ الْبَيَانَ بِالْقُرْآنِ إِذَا كَانَ غَيْرَ وَافٍ بِالْمَقْصُودِ نُتَمِّمُ الْبَيَانَ مِنَ السُّنَّةِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا بَيَانٌ لِلْقُرْآنِ الْمُبَيَّنِ بِهِ، وَآيَاتُ الزَّكَاةِ كَقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةَ، وَقوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وَقوله: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267]، لَا تَفِي بِالْبَيَانِ فَنُبَيِّنُهُ بِالسُّنَّةِ).

التي ورد فيها ذكر النصاب والحول وغيرهما مما يشترط لوجوب الزكاة.

طالب: (وَقَدْ قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادُ الْمَالِكِيُّ: تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ زَكَاةَ الْعَيْنِ، وَهِيَ تَجِبُ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ، حُرِّيَّةٍ، وَإِسْلَامٍ، وَحَوْلٍ، وَنِصَابٍ سَلِيمٍ مِنَ الدَّيْنِ. اهـ. وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الشُّرُوطِ خِلَافٌ. مَسَائِلُ مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ).

طالب: .......

ماذا؟

طالب: طويلة يا شيخ.

طويلة، قف عليها.

اللهم صل على محمد.