تعليق على تفسير سورة التوبة من أضواء البيان (03)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.

 اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبيك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلْ يُضَمُّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ بَعْضُهُمَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ أَوْ لَا؟

 لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا صَرِيحًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَالْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- عَنْ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَجَمَاعَةٍ، وَقَطَعَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا. وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَا يُضَمُّ بَعْضُهُمَا إِلَى بَعْضٍ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَشَرِيكٌ، قَالَ ابْنَ قُدَامَةَ فِي "الْمُغْنِي": وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ).

القول بأنه لا يُضم بعضهما إلى بعض؛ لأن كل واحد منهما رأس بنفسه، كما لا تُضم الغنم إلى الأبل لا يُضم الذهب إلى الفضة. والقول الثاني، وسيأتي ذكره: إذا ضُمت العروض عروض التجارة إلى الذهب والفضة فالمؤدى واحد؛ لأن كلها أثمان وأقيام ومثمنات.

نعم.

طالب: (وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ يُضَمُّ بَعْضُهُمَا إِلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ: مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ.

 قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي رُجْحَانُهُ بِالدَّلِيلِ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ، كَمَا في رواية مُسْلِمٍ فِي "صَحِيحِهِ " عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» الْحَدِيثَ. فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ الَّذِي هُوَ: الْفِضَّةُ، وَمَا يُكْمِلُ النِّصَابَ مِنَ الذَّهَبِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ بِدَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ خَمْسُ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ. وَقَدْ صَرَّحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا صَدَقَةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ، وَظَاهِرُ نَصِّ الْحَدِيثِ عَلَى اسْمِ الْوَرِقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ: لَا زَكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ ذَهَبٌ كَثِيرٌ، وَلَا دَلِيلَ مِنَ النُّصُوصِ يَصْرِفُ عَنْ هَذَا الظَّاهِرِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى).

هذا الفهم لهذا النص فيه شوب ظاهرية، وإلا إذا كان عنده أربع أواقٍ من الفضة وعنده عشرة مثاقيل من الذهب صار عنده مال كثير يؤمر من ملك دونه أن يزكي، يعني لو صار عنده نصاب إلا ربعًا من الذهب، ونصاب إلا ربعًا من الفضة وقلنا: لا تزكي وعندك في حقيقة الأمر نصاب شرعي ونصف يقول لك: لا تزكي! إذا كان عندك عروض تجارة عندك ثياب تكمل النصاب من الذهب والفضة أو الدراهم الورقية تزكي أم ما تزكي؟

طالب: تجب الزكاة.

بلا شك تجب الزكاة، نعم.

طالب: (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي زَكَاةِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِمَا، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَائِشَةُ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةُ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الْحُلِيَّ الْمُبَاحَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ: أَبُو حَنِيفَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَدَاوُدُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَابْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، وَالزُّهْرِيِّ. وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حُجَجَ الْفَرِيقَيْنِ، وَمُنَاقَشَةَ أَدِلَّتِهِمَا عَلَى الطُّرُقِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْأُصُولِ، وَعِلْمِ الْحَدِيثِ؛ لِيَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ الرَّاجِحُ مِنَ الْخِلَافِ.

اعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْحُلِيَّ الْمُبَاحَ لَا زَكَاةَ فِيهِ، تَنْحَصِرُ حُجَّتُهُ فِي أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ: حَدِيثٌ جَاءَ بِذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. الثَّانِي: آثَارٌ صَحِيحَةٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ يَعْتَضِدُ بِهَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ. الثَّالِثُ: الْقِيَاسُ. الرَّابِعُ: وَضْعُ اللُّغَةِ.

أَمَّا الْحَدِيثُ: فَهُوَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ مِنْ طَرِيقِ عَافِيَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ». قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا أَصْلَ لَهُ، إِنَّمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ غَيْر مَرْفُوعٍ، وَالَّذِي يُرْوَى عَنْ عَافِيَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا لَا أَصْلَ لَهُ، وَعَافِيَةُ بْنُ أَيُّوبَ مَجْهُولٌ: فَمَنِ احْتَجَّ بِهِ مَرْفُوعًا، كَانَ مُغَرّرًا بِدِينِهِ، دَاخِلاً فِيمَا نَعِيبُ بِهِ الْمُخَالِفِينَ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ الْكَذَّابِينَ، وَاللَّهُ يَعْصِمُنَا مِنْ أَمْثَالِ هَذَا).

طالب: شيخ .......

لا بد أن يصرح، ابن الزبير مدلس إلا ما جاء في الصحيح.

طالب: .......

نعم عند مسلم، إلا ما جاء في الصحيح.

طالب: صرح .......

وصرح في بعض المواضع، مسلم في الأصل الغالب أنه لا يصرح، يقول: عن جابر، عن أبي الزبير. لكن ما جاء من عنعنات المدلسين في الصحيحين هذه كلها لا يتكلم فيها، محمولة على الاتصال.

طالب: .......

قول الصحابي، أحاديث وآثار، يعني الموقوفات تسمى آثارًا، أقوال الصحابة.

طالب: .......

يعني يعتضد نعم، يعتضد.

طالب: .......

على كل حال الكلام القوي الذي ذكره البيهقي عن عافية بن أيوب وجواز الرواية عنه وعدم جوازها، وأن من يروي عنه مغرر برواية الكذابين، وشدد في هذا، وعافية إن جهله البيهقي فقد عرفه أبو زرعة وهو إمام من أئمة النقد والحديث.

طالب: .......

رواية الليث عن أبي الزبير قوية، لكن الأصل أن أبا الزبير مدلس تدليسه شديد، وأنه لا يقبل منه إلا ما صرح فيه حاشا ما في الصحيح.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

على كل حال هذه قاعدة عند أهل العلم، كونه يفصل فيها يحتاج إلى وقت.

طالب: (قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: مَا قَالَهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ بِرِوَايَةِ عَافِيَةَ الْمَذْكُورِ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا مِنْ جِنْسِ الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ الْكَذَّابِينَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَافِيَةَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَحَدٌ إِنَّهُ كَذَّابٌ، وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ ظَنَّ أَنَّهُ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَوْنِهِ ثِقَةً).

لأن الجهالة إن كان اللفظ قدحًا في الراوي يُقدح به فهذا شيء، وإن كانت عدم علم بحاله فهذا شيء آخر، وأهل العلم يجعلون الجهالة -لا أقول كلهم- من ألفاظ الجرح، ومنهم من يجعلها عدم علم بحال الراوي، والذي يقول: مجهول مجرد ما تعرف حاله من قبل غيره لا يلتفت إليه، ومنهم من يجعلها قسيمًا للتعديل والتجريح، يعني ليست بتعديل ولا تجريح.

على كل حال ابن حجر في النخبة قال: ومن المهم معرفة أحوال الرواة جرحًا أو تعديلاً أو جهالة، مع أنه وضع لفظ مجهول في ألفاظ الجرح في التقريب، جعله في ألفاظ الجرح في التقريب، لكن مع ذلك الذي يتجه من تصرف الأئمة الكبار أن الجهالة عدم علم بحال الراوي، بدليل أن أبا حاتم قال في أكثر من ألف وخمسمائة راو: مجهول، وفي كثير منهم يقول: مجهول أي لا أعرفه، فبمجرد ما يعرفه غيره يرتفع هذا الوصف.

طالب: (وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ ظَنَّ أَنَّهُ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَوْنِهِ ثِقَةً وَقَدِ اطَّلَعَ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ ثِقَةٌ فَوَثَّقَهُ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ تَوْثِيقَهُ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي "التَّلْخِيصِ": عَافِيَةُ بْنُ أَيُّوبَ، قِيلَ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَا نَعْلَمُ فِيهِ جَرْحًا، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَجْهُولٌ، وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ تَوْثِيقَهُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَجْهُولٌ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثِقَةٌ؛ لِأَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مُدَّعِي أَنَّهُ مَجْهُولٌ).

يعني مجهول عنده، لم يعرف حاله، مثل ما قال أبو حاتم في رواة كثر، فلان بن فلان مجهول أي لا أعرفه، واكتفى بقوله في كثير منهم مجهول، وفي بعضهم قال: فلان لا أعرفه.

طالب: (وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، وَالتَّجْرِيحُ لَا يُقْبَلُ مَعَ الْإِجْمَالِ).

لأنه قد يذكر إذا استُفصل واستُفسر الجرح قد يذكر ما ليس بجارح، قيل لشعبة: لم تركت حديث فلان؟ قال: رأيته يركب على برذون. طيب وبعد، ماذا يصير إذا ركب على برذون؟

طالب: من خوارم المروءة عنده.

ليس من خوارم المروءة، راكب على خيل ويقضي بشيء لازم راكض على رجليه!

طالب: ....... على إطلاقه؟

لا، الجرح لا بد أن يفسر، ولا يقبل على الإبهام إلا من عرف عنه سعة الاطلاع مع التوسط في الحكم، والتعديل يقبل ممن قال به ما لم يُعرف بتساهل أو ما أشبه ذلك.

طالب: (والتجريح لا يُقبل مع الإجمال، فَعَافِيَةُ هَذَا وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالتَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ يَكْفِي فِيهِمَا وَاحِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرِّوَايَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ).

الشهادة لا بد من اثنين، التزكية لا بد فيها من اثنين بالنسبة للشهادة، أما الرواية فيكفي واحد، وإن قال بعضهم: إنها كالشهادة، لا بد من اثنين، والحافظ العراقي ذكر هذا، يقول:

وصحح اكتفاؤهم بالواحد                جرحًا وتعديلاً خلاف الشاهد

 وصححوا استغناء ذي الشهرة عن           تزكية كمالك نجم السنن

طالب: .......

حسب الثقة.

طالب: .......

وعندي: وصححوا، لكن على حسب الثقة، إن كنت واثقًا بحفظي صححه وإلا فأرجئ.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

وصُحِّح اكتفاؤهم بالواحد            جرحًا وتعديلاً خلاف الشاهد

وصححوا استغناء ذي الشهرة عن       تزكية كمالك نجم السنن

طالب: (قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي أَلْفِيَّتِهِ:

وَصَحَّحُوا اكْتِفَاءَهُمْ بِالْوَاحِدِ... جَرْحًا وَتَعْدِيلاً خِلَافَ الشَّاهِدِ

التَّعْدِيلُ يُقْبَلُ مُجْمَلاً بِخِلَافِ الْجَرْحِ؛ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَسْبَابِهِ).

لأن الذي يجرح قد يجرح بجرحٍ السامع والقارئ لو عرفه ما جرح به؛ لأن هذا السبب ليس بسبب عنده، كما ثبت عن شعبة وغيره جرحوا بغير جارح، ذُكر فلان عند شعبة فامتخط، طيب وبعد؟ هل نرد روايته؟

المنهال بن عمرو ضعَّفه شعبة؛ لأنه سمع صوت الطنبور من بيته، وما يدرى هل هو الذي يستعمل هذا الصوت أو لا أو أحد في بيته مثلما يحصل في بيوت الناس اليوم، الموسيقى باستمرار من النساء والأطفال بالجوالات، هل يكون أبوهم مسؤولاً عنهم وقال: يسمع الغناء أبوهم؟ الغريب في الأمر أن ابن حزم ضعَّف المنهال بناءً على تضعيف شعبة، ابن حزم ماذا يرى في الغناء؟

طالب: .......

ما يرى فيه بأسًا، وهو مضعف المنهال، وضعفه شعبة، طيب ضعفه بماذا؟ توافقه إذا ضعفه بسماع الغناء على افتراض أنه سمع!

طالب: (قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي أَلْفِيَّتِهِ: وَصَحَّحُوا قَبُولَ تَعْدِيلٍ بِلَا... ذِكْرٍ لِأَسْبَابٍ لَهُ أَنْ تَنْقُلَا).

تثقلا تثقلا؛ لأن أسبابه كثيرة، التجريح أسبابه كثيرة؛ لأنه يحتاج إلى أن يقول، التعديل لا يحتاج ذكر أسبابه لماذا؟ لأنه إذا قال: فلان ثقة، تقول له: لماذا؟ يقول: لأنه يصلي ويصوم ويزكي ويحج ويبر بوالديه ويفعل ويفعل ويترك ويترك من المحرمات، يحتاج إلى كل هذا وإلا ما صار ثقة. والجرح يكفي فيه شيء واحد، ضعيف، لماذا؟ لأنه يشرب الخمر مثلاً ويكفيه، ما يحتاج أن تقول: لأنه عاق بوالديه، ولأنه يتخلف عن بعض الصلاة، ولأنه كذا وكذا ما يحتاج؛ لأن الجرح يثبت بواحد، وأما التعديل فأسبابه كثيرة جدًّا.

 وصححوا قبول تعديل بلا               ذكر لأسباب له أن تثقلا

 يعني خشية أن تثقل بذكرها مفصلة، هل تصحح أم أنت مصحح بعد؟

طالب: .......

نعم.

طالب: (وَلَمْ يَرَوْا قَبُولَ جَرْحٍ أُبْهِمَا... لِلْخُلْفِ فِي أَسْبَابِهِ وَرُبَّمَا
اسْتُفْسِرَ الْجَرْحُ فَلَمْ يَقْدَحْ كَمَا... فَسَّرَهُ شُعْبَةُ بِالرَّكْضِ فَمَا)
.

يعني ثم ماذا يعني، إذا صار يركب على برذون؟ هو راكب على البرذون لعله يقضي حاجة، لعله مستعجل عليها لا يتمشى.

طالب: (فما، هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْأَثَرْ... كَشَيْخَيِ الصَّحِيحِ مَعْ أَهْلِ النَّظَرْ، إِلَخْ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، فَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ الْبَيْهَقِيِّ فِي عَافِيَةَ: إِنَّهُ مَجْهُولٌ أَوْلَى مِنْهُ بِالتَّقْدِيمِ قَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ: إِنَّهُ ثِقَةٌ).

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

من الذي يقوله؟

طالب: .......

قاله أبو زرعة؟

طالب: قاله أبو زرعة .......

وماذا تعدل عند أبي زرعة أو عند أبي حاتم؟

طالب: .......

جدًّا، ما سمحت له نفسه للبخاري ليقول صدوق.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

هي عندهم توثيق، هم من أشد الناس في التعديل، وأبو حاتم أشدهما.

 فما في باب المنكر يقول فماذا وليس في هذا الباب.

والمنكر الفرد كذا البرديجي           أطلق والصواب في التخريج

إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر          فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر

نحو كلوا البلح بالتمر الخبر         ومالك سمى ابن عثمان عمر

قلت فماذا، ماذا يصير؟ وهنا يقول: فما.

قلت فماذا بل حديث نزعه        خاتمه عند الخلا ووضعه

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

لا لا تصحح فماذا، لا؛ لأنه فيه كما.

 أحيانًا يقدم التمر الرطب الحديث مع القديم قد يكون في صحن واحد، وبعض الناس يختار هذا، وبعضهم يختار هذا، وبعضهم يخلط من هذا ومن هذا؛ لأنه في حديث أبي زكير: «كلوا البلح بالتمر، فإنه إذا أكله ابن آدم غضب الشيطان وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق»، قال: وهذا حديث منكر، وذكير فيه كلام، والأمر الثاني المعنى ماذا يصير إذا أكل الجديد بالخلق؟ الشيطان ما يغيظه أن يطول عمر ابن آدم، ما يهمه، وده يطول لكن على معاصٍ وسيئات ومنكرات، الذي يغيظه أن يعيش المسلم على طاعة الله -جل وعلا- ولو قصر عمره. هذا الذي يغيظه.

طالب: (لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، وَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، فَهُوَ نَصٌّ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ. وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَوْثِيقِ عَافِيَةَ الْمَذْكُورِ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ مَعَ سَعَةِ اطِّلَاعِهِ، وَشِدَّةِ بَحْثِهِ عَنِ الرِّجَالِ، قَالَ: إِنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهِ جَرْحًا. وَأَمَّا الْآثَارُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ: فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ").

بعض العلماء يستروح إلى تضعيف الخبر إذا كان لفظه موافقًا لأحكام الفقهاء.

طالب: .......

ماذا أنا أقول أنا؟

يستروح إلى التضعيف؛ لأنه من ألفاظ الفقهاء، ما لا نفس له سائلة فهو طاهر، يروونه حديثًا، لكنه في حقيقته من كلام الفقهاء، هنا: «لا زكاة في الحلي» قد يقول قائل: إنه من ألفاظ الفقهاء، لكن إذا صح الحديث وخُرِّج في دواوين الإسلام؛ لأنه أحيانًا السند يكون صحيحًا، لكن تفتش عنه في دواوين الإسلام ولا تجده، وإن نقل بسند صحيح، فيكون النقل خطأً.

طالب: ....... نجعل الرواية بالمعنى ولَّا نجعل .......

أصلاً إذا فُتش في الدواوين المعتبرة من دواوين الإسلام هذه من علامات وضعه ولا يوجد، ولو وُجد بسند كالشمس، حتى السند مركب.

طالب: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ تَلِي بَنَاتِ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيَّ، فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ"، وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَنْ عَائِشَةَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، كَمَا تَرَى. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتهِ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ كَمَا تَرَى. وَمَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الزَّكَاةِ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَالُ يَتِيمَةٍ، وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الصَّبِيِّ، كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، مَرْدُودٌ بِأَنَّ عَائِشَةَ تَرَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، فَالْمَانِعُ مِنْ إِخْرَاجِهَا الزَّكَاةَ كَوْنُهُ حُلِيًّا مُبَاحًا عَلَى التَّحْقِيقِ، لَا كَوْنُهُ مَالَ يَتِيمَةٍ، وَكَذَلِكَ دَعْوَى أَنَّ الْمَانِعَ لِابْنِ عُمَرَ مِنْ زَكَاةِ الْحُلِيِّ أَنَّهُ لِجَوَارٍ مَمْلُوكَاتٍ، وَأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، مَرْدُودٌ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَانَ لَا يُزَكِّي حُلِيَّ بَنَاتِهِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُزَوِّجُ الْبِنْتَ لَهُ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ يُحَلِّيهَا مِنْهَا بِأَرْبَعِمِائَةٍ، وَلَا يُزَكِّي ذَلِكَ الْحُلِيَّ، وَتَرْكُهُ لِزَكَاتِهِ لِكَوْنِهِ حُلِيًّا مُبَاحًا عَلَى التَّحْقِيقِ).

معروف أن رأي جمهور أهل العلم أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون، وأبو حنيفة يقول: لا تجب؛ لأنهم غير مكلفين، والجمهور يقولون: ليس هذا من باب الحكم التكليفي، وإنما هو من باب الحكم الوضعي، من ربط الأسباب بالمسببات كأروش الجنايات وغيرها، عمد الصبي والمجنون خطأ، لماذا تعفيه من العمد؛ لأنه صبي غير مكلف، ولا تعفيه من قتل الخطأ وهو صبي غير مكلف؟ هذا مربوط بالأسباب، والأسباب والمسببات كلها من الأحكام الوضعية.

طالب: (وَمِنَ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، أنبأنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ).

أخبرنا، قال: أخبرنا سفيان.

طالب: (قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحُلِيِّ، فَقَالَ: "زَكَاتُهُ عَارِيَتُهُ"، ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الْكُبْرَى"، وَابْنُ حَجَرٍ فِي "التَّلْخِيصِ"، وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ جَابِرٌ: كَثِيرٌ. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْحُلِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُحَلِّي بَنَاتِهَا الذَّهَبَ وَلَا تُزَكِّيهِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا).

قد يقال: إن البيهقي -رحمه الله- ساق هذه الآثار والنصوص وطوَّل فيها؛ لأنه على مذهب الشافعي وهو لا يرى الزكاة، كلامه في عافية الذي يروي الخبر المرفوع يرد هذا الكلام، لو يقوي قوى المرفوع، لكن هدم المرفوع من أصله وقال: إن الرواية عن عافية كالرواية عن الكذابين هذا مغرر لدينه. فهمت قصدي؟

طالب: هذا يدل على إنصافه.

إنصاف.

طالب: جعل الاعتماد آثار الصحابة .......

نعم.

طالب: شيخ أحسن الله إليكم .......

الألباني، والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وشيوخ.

طالب: لما ذكر هذا الحديث .......

عافية.

طالب: ثم قال: والجواب لا؛ لأن في ....... في الضعفاء ونقل عن ....... وقال أبو حاتم: لا أعرفه، فهذه هي علة الحديث، وإن الباحث المدقق ....... وانصرافه ....... ليس بعلة قادحة، وذلك كله مصداقًا لقول القائل: كم ترك الأول للآخر، وللحديث علة أخرى، وهي الوقف.

لا، الذين يبحثون في الحديث رأوا أن كلام البيهقي في غاية القوة، وأنه إن صح كلام البيهقي إن هدم الحديث من أساسه فتشبثوا به صار بعضهم يؤيد، وبعضهم يدافع، ونسوا أو وغفلوا عن العلة الأخرى باعتبار أن عافية في نقد البيهقي أشد ضعفًا من الراوي عنه، ولا يلزم الناقد أن يذكر جميع العلل، يذكر أقواها ويكتفي بها، هذا هو السبب.

طالب: ....... قال ابن أبي شيبة ....... عن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر قال: «لا زكاة في الحلي»، قلت ....... وذكر سماع أبي الزبير في هذه الرواية الموقوفة، وخرج يا شيخ طويلة قليلاً، قلت: فتبين مما تقدم أن ....... وأن الصواب وقفه ....... فهو وإن كان قولًا بآثار الصحابة، لكن الإشكال ....... وفي المجلد الثالث 295.

295؟

 والله أنا بغض النظر عما قيل من تضعيف عافية وتقويته أنا موجس خيفة من اللفظ، ولا أنا أدافع عن رأي، أنا لا أرى الزكاة عن الحلي، يعني أنا ما أدافع عن رأي مثلما قلنا عن البيهقي.

طالب: .......

نعم: ليس في الحلي زكاة، نفس الشيء.

طالب: (وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ؛ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْحُلِيَّ لَمَّا كَانَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِعْمَالِ).

يعني القاعدة فيما يقتنى ويستعمل قاعدة الشريعة أنه ليس فيه زكاة ولو كثر، ولذلك لو بنى شخص بيتًا كلَّفه المبلغ الطائل الكبير فما يقال تزكي، وكذلك لو اشترى سيارة أو اشترى دابة أو شيئًا من هذا ما يقال: إنك تستعمل بقدر حاجتك، وما زاد على ذلك فإن فيه الزكاة؛ لأنه بالنسبة لك إسراف وتبذير فهو محرم فتجب فيه الزكاة.

طالب: .......

من هو الذي يقوله؟

طالب: .......

الله يهديك.

طالب: .......

اكتب عن أهل العلم فقط، يكفيك أن تكتب عن أهل العلم.

طالب: (أَنَّ الْحُلِيَّ لَمَّا كَانَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِعْمَالِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَالتَّنْمِيَةِ).

مرة دخلت علينا أخت لي عجوز كبيرة في السن بعد صلاة الجمعة، وكان فيه برنامج لواحد من المشايخ يفتي، وسئل عن الحلي وقال: ما فيه زكاة، فدخلت مسرورة مبسوطة قالت: شفت الشيخ فلان جزاه الله خيرًا يقول: الذهب ما فيه زكاة، قلت: أنا أقول ما فيه زكاة، لكن ضعيني أنا وإياه بكفة، وابن باز وابن عثيمين بكفة؛ لأن المسألة دين، إن صرت مقلدة مقلدة، وفرضك التقليد، ليس الدين تشهيًّا ما هو على الهوى، الذي يعجبك تأخذه والذي ما يعجبك ما تأخذه.

طالب: (أُلْحِقَ بِغَيْرِهِ مِنَ الْأَحْجَارِ النَّفِيسَةِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُعَدٌّ لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِلتَّنْمِيَةِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْإِلْحَاقِ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي "الْمُوَطَّأِ" بِقوله: فَأَمَّا التِّبْرُ وَالْحُلِيُّ الْمَكْسُورُ الَّذِي يُرِيدُ أَهْلَهُ إِصْلَاحَهُ وَلُبْسَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَلَيْسَ عَلَى أَهْلِهِ فِيهِ زَكَاةٌ. قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤِ، وَلَا فِي الْمِسْكِ، وَالْعَنْبَرِ زَكَاةٌ.

الثَّانِي مِنْ وَجْهَيِ الْقِيَاسِ: هُوَ النَّوْعُ الْمَعْرُوفُ بِقِيَاسِ الْعَكْسِ، وَأَشَارَ لَهُ فِي "مَرَاقِي السُّعُودِ" بِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِدْلَالِ: مِنْهُ قِيَاسُ الْمَنْطِقِيِّ وَالْعَكْسْ... وَمِنْهُ فَقْدُ الشَّرْطِ دُونَ لَبْسْ، وَخَالَفَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي قَبُولِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْقِيَاسِ، وَضَابِطُهُ: هُوَ إِثْبَاتُ عَكْسِ حُكْمِ شَيْءٍ لِشَيْءٍ آخَرَ؛ لِتَعَاكُسِهِمَا فِي الْعِلَّةِ، وَمِثَالُهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟».. الْحَدِيثَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَثْبَتَ فِي الْجِمَاعِ الْمُبَاحِ أَجْرًا، وَهُوَ حُكْم عَكْس حُكْمِ الْجِمَاعِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْوِزْرَ؛ لِتَعَاكُسِهِمَا فِي الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْأَجْرِ فِي الْأَوَّلِ إِعْفَافُ امْرَأَتِهِ وَنَفْسِهِ، وَعِلَّةَ الْوِزْرِ فِي الثَّانِي كَوْنُهُ زِنًى).

في الحديث الصحيح: «أجركِ على قدر نصبكِ»، هل يقال: إن من قياس العكس في هذا أن يقال: نصبك على قدر أجرك؟ جهة توظِّف أو تاجر يوظِّف فيعطي بعض الموظفين أجورًا عالية، وبعضهم أجورًا منخفضة، ولا فرق بينهم في المؤهلات ولا في القدرة، هل إذا أعطى واحدًا أقل من غيره يقول: لن أشتغل إلا بقدر الذي يعطيني، نصبي على قدر أجري، من باب قياس العكس، أو ما يصلح مثالًا؟

طالب: .......

لماذا؟

 لا، ما نبحث عن الحكم، نبحث عن التنظير، وإن ما أعجبه الشغل فالمسألة اتفاق، واحد جاء له شخص ينقل له رملًا، فقال له: بكم تدخل هذا الرمل البيت؟ قال: بعشرة، قال: لا بريال، هذا الكلام قديم جدًّا، فقال: سهلة والله، راح صاحب البيت، وبدأ هذا ينقل فنقل محفرًا واحدًا قال: خلاص هذا حق ريال. هو ليس بمعقول بريال، هو لو اتفق معه على سبع، ثمانٍ، خمس، ست، لزم الأمر، لكن يتفق معه على شيء لا يطاق وهو قبل هذا من أجل أنه يسكت الرجل، ويخليه يروح، هو قاصد، ناوٍ نيته التي يريدها. فهمت؟

 فنصبك على قدر أجرك إن قلنا بقياس العكس عكس نصبك على قدر أجرك فيتجه.

طالب: .......

لا، عكس ليس بمشترك.

طالب: .......

واحد في الصورة.

طالب: فيه قدر مشترك .......

واحد في الصورة.

طالب: .......

وهذا فيه قدر مشترك وهو العمل، لكن العكس فيما ذكرنا الأجر والنصب متعاكسان.

طالب: .......

هذا في العبادات، لكن في المعاملات لا، مقصود.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

أنا؟

طالب: .......

ما يلزم في الأمثلة التي تذكر في الدروس أنها فتوى، لا، مثال أشوفه قريبًا.

طالب: يعني نصبك على قدر أجرك .......

أراه قريبًا، يعني عكس هذا، وحكمه عكس هذا.

طالب: .......

مفهوم المخالفة دلالة اللفظ لا في محل النطق، بخلاف مفهوم الموافقة الذي هو دلالة اللفظ في محل النطق.

طالب: (وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْقِيَاسِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: احْتِجَاجُهُمْ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ مِنْ كَثِيرِ الْقَيْءِ، بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ مِنْ قَلِيلِهِ لَمْ يَجِبْ مِنْ كَثِيرِهِ عَكْسَ الْبَوْلِ لَمَّا وَجَبَ مِنْ قَلِيلِهِ وَجَبَ مِنْ كَثِيرِهِ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلُهُمْ: لَمَّا لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ مِنْ صَغِيرِ الْمُثَقَّلِ، لَمْ يَجِبْ مِنْ كَبِيرِهِ عَكْسَ الْمُحَدَّدِ لَمَّا وَجَبَ مِنْ صَغِيرِهِ وَجَبَ مِنْ كَبِيرِهِ. وَوَجْهُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْقِيَاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا، هُوَ أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تَجِبُ فِي عَيْنِهَا الزَّكَاةُ).

طالب: .......

طيب عندهم اليسير من النجاسة معفو عنه، قدر الدرهم البغلي معفو عنه.

طالب: .......

أهل العلم قاطبة لا تستثني أحدًا، أنه لا بد أن يغفل في وقت من الأوقات ويقول خلاف ما قرره في الجملة.

طالب: .......

لا لا لا، حتى القياس.

طالب: .......

نعم، أكيد، لكن الذي معوله القياس لن تثبت له قدم، الذي ما هو قائده وسائقه النص وإن قيل في بعض النصوص أنها خلاف القياس، ونفي هذا من قبل شيخ الإسلام وابن القيم، وأنها هي الأصل، وينبغي أن يخضع لها القياس، هذا معروف مقرر.

طالب: (وَوَجْهُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْقِيَاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا، هُوَ أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تَجِبُ فِي عَيْنِهَا الزَّكَاةُ، فَإِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ وَالنَّمَاءِ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ عَكْسَ الْعَيْنِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي عَيْنِهَا، فَإِذَا صِيغَتْ حُلِيًّا مُبَاحًا لِلِاسْتِعْمَالِ، وَانْقَطَعَ عَنْهَا قَصْدُ التَّنْمِيَةِ بِالتِّجَارَةِ، صَارَتْ لَا زَكَاةَ فِيهَا، فَتَعَاكَسَتْ أَحْكَامُهَما؛ لِتَعَاكُسِهِمَا فِي الْعِلَّةِ، وَمَنَعَ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْقِيَاسِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: إِنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيَاسَ يَعْتَضِدُ بِهِ مَا سَبَقَ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، وَالْآثَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ مُوَافَقَةَ النَّصِّ لِلْقِيَاسِ مِنَ الْمُرَجِّحَاتِ، وَأَمَّا وَضْعُ اللُّغَةِ، فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: الْأَلْفَاظُ الْوَارِدَةُ فِي الصَّحِيحِ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ لَا تَشْمَلُ الْحُلِيَّ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الرِّقَّةُ عِنْدَ الْعَرَبِ: الْوَرِقُ الْمَنْقُوشَةُ ذَاتُ السَّكَّةِ السَّائِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا تُطْلِقُهَا الْعَرَبُ عَلَى الْمَصُوغِ، وَكَذَلِكَ قِيلَ فِي الْأُوقِيَّةِ.

 قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي "صِحَاحِهِ": الْوَرِقُ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ، وَكَذَلِكَ الرِّقَّةُ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنِ الْوَاوِ، وَفِي "الْقَامُوسِ": الْوَرِقُ -مُثَلَّثَةٌ- وَكَكَتِفٍ: الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ، وَجَمْعُهُ أَوْرَاقٌ وَوراقٌ كَالرِّقَّةِ. هَذَا هُوَ حَاصِلُ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ).

طالب: .......

أين؟ الورق؟

طالب: .......

لا لا.

طالب: قد تكون .......

طالب: الراء .......

الراء الراء، نعم، وَرُق.

طالب: وَرُق.

نعم.

طالب: (وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الِاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فِيهِ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ، وَالْحُجَّةُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ كمَالِكٍ إِنَّمَا هِيَ فِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَمْرٍ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ، لَا إِنِ اخْتَلَفُوا، أَوْ كَانَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي "مَرَاقِي السُّعُودِ"، بِقوله: وَأَوْجِبَنْ حُجَيَّةً لِلْمَدَنِي فِيمَا... عَلَى التَّوْقِيفِ أَمْرُهُ بُنِي، وَقِيلَ: مُطْلَقًا... إِلَخْ. لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَدَنِيِّ: الْإِجْمَاعُ الْمَدَنِيُّ الْوَاقِعُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ، لَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَيَّدَهُ بِمَا بُنِيَ عَلَى التَّوْقِيفِ دُونَ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ فِي الْقَوْلِ الصَّحِيحِ. وَأَمَّا حُجَّةُ الْقَائِلِينَ).

هذا طويل جدًّا.......