تعليق على تفسير سورة يونس من أضواء البيان (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. سُورَةُ يُونُسَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ} [يونس: 4] الْآيَةَ.

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشُرْبِ الْحَمِيمِ، وَبِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَالْحَمِيمُ: الْمَاءُ الْحَارُّ، وَذَكَرَ أَوْصَافَ هَذَا الْحَمِيمِ فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقوله: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44]، وَقوله: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15]، وَقوله: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج: 19، 20]، وَقوله: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29] الْآيَةَ، وَقوله: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 54، 55]. وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يُسْقَوْنَ صَدِيدٌ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 16، 17] الْآيَةَ. وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُمْ يُسْقَوْنَ مَعَ الْحَمِيمِ الْغَسَّاقَ، كَقوله: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 57، 58]، وَقوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ: 24، 25]، وَالْغَسَّاقُ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ -أَعَاذَنَا اللَّهُ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْهَا- وَأَصْلُهُ مِنْ غَسَقَتِ الْعَيْنُ: سَالَ دَمْعُهَا، وَقِيلَ: هُوَ لُغَةً: الْبَارِدُ الْمُنْتِنُ، وَالْحَمِيمُ الْآنِي: الْمَاءُ الْبَالِغُ غَايَةَ الْحَرَارَةِ، وَالْمُهْلُ: دُرْدَرِيُّ الزَّيْتِ، أَوِ الْمُذَابُ مِنَ النُّحَاسِ، وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ الْمُبَيِّنَةُ لِأَنْوَاعِ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ كَثِيرَةٌ جِدًّا).

نسأل الله العافية.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} [يونس: 10]. ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ سَلَامٌ، أَيْ يُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِذَلِكَ، وَيُسَلِّمُونَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَتُسَلِّمُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى هَذَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقوله: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب: 44] الْآيَةَ، وَقوله: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 23، 24] الْآيَةَ، وَقوله: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم: 62] الْآيَةَ، وَقوله: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: 25، 26]، وَقوله: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَمَعْنَى السَّلَامِ: الدُّعَاءُ بِالسَّلَامَةِ مِنَ الْآفَاتِ).

السلام الذي هو تحية أهل الإسلام وتحية أهل الجنة يراد به الدعاء بالسلامة من الآفات، والسلام من أسمائه -جل وعلا-، فيُطلب اسم السلام الذي يحصل به الأمن والسلامة من جميع الآفات، وهو السلام على الحقيقة سالم من كل ما عيب ولا نقصان، فإذا طُلب اسم السلام الذي هو الله -جل وعلا- كما يُطلب اسم الله عليه ويسمى عليه يُلقى إليه اسم الله -جل وعلا- الذي هو السلام، ومفاد ذلك بالنسبة لدعوات البشر بعضهم لبعض أنهم يطلبون السلامة بعضهم لبعض، وكذلك أهل الجنة والملائكة يسلمون على المؤمنين في الجنة، وحصل السلام على بعض أهل الدنيا من جبريل- عليه السلام-، ومن الله -جل وعلا- بواسطة جبريل: «أقرئ أمتك مني السلام».......

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

هذا إبراهيم: «أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان». وجبريل سلم على خديجة، وحصلت وقائع للمصطفين من خيار الأمة.

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

ورب العزة على عائشة.

المقصود أن مثل هذا كرامات لهؤلاء ومناقب، والله المستعان. إذا قيل لك أو قيل: إن فلانًا يسلم عليك من أصحاب الشأن، من أرباب الملك، أو أرباب التجارات أو غير ذلك، قيل: يسلم على فلان، طار بها فرحًا، ولو قيل لشخص: إن فلانًا يذكرك ذكرك البارحة، يمكن ما يقر له قرار، وما علم هذا المسكين أن الله -جل وعلا- يقول: «من ذكرني في نفسي ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه»، فأين ذكر فلان المسكين الذي هو بأمسّ الحاجة إلى من يعينه على أمور دينه وأمور دنياه وهو أحوج إلى الله -جل وعلا- ومعونته من كل حاجة؟ فعلى الإنسان أن يسعى بما يصلح أن يسعى إلى الأنفع له، لا يُمنع الانتفاع من أمور الدنيا والفرح بها، لكن {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

طالب: (ومعنى السلام الدعاء بالسلامة من الآفات، وَالتَّحِيَّةُ: مَصْدَرُ حَيَّاكَ اللَّهُ، بِمَعْنَى أَطَالَ حَيَاتَكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} [يونس: 12]).

في دعوات الناس المتداولة اليوم بعضهم يقول: الله يحييك، ما معنى هذا؟

طالب: ....... دعاء.

ماذا؟

طالب: يدعو له.

يدعو له بماذا؟ هو حي.

طالب: الحياة الطيبة.

نعم، لو قال له: يحييك حياة طيبة، لكن قول الكثيرين: الله يحييك، ما معناه؟

طالب: .......

لا، الدعاء بالموجود معناه الدوام عليه والاستمرار عليه؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا} [النساء: 136].

طالب: من التحية يا شيخ وليس الحياة.

ماذا؟

طالب: الله يُحيِّيك يختلف عن الله يُحيِيك.

لأنه أطال حياتك.

طالب: ....... من التحية.

والتحية مصدر حياك الله، حياك الله من أي شيء؟

طالب: من التحية.

بمعنى أطال حياتك، هذا كلام الشيخ عندنا.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} [يونس: 12]).

طالب: أحسن الله إليك.

نعم.

طالب: .......

لا غيرها، التحية غير الإحياء.

طالب: .......

التي يعبر عنها بالسلام، أو بما يقوم مقامها مثل مرحبًا وغيرها مثلما جاء في النصوص.

طالب: ({فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يونس: 12].

 ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ فِي وَقْتِ الْكَرْبِ يَبْتَهِلُ إِلَى رَبِّهِ بِالدُّعَاءِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، فَإِذَا فَرَّجَ اللَّهُ كَرْبَهُ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ، وَنَسِيَ مَا كَانَ فِيهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَطُّ. وَبَيَّنَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقوله: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} [الزمر: 8] الْآيَةَ، وَقوله: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [الزمر: 49] الْآيَةَ، وَقوله: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} [فصلت: 51]، وَالْآيَاتُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ).

ما ذكره المؤلف -رحمه الله- من هذا التضرع والدعاء والالتجاء إلى الله -جل وعلا- في حال الضيق، وإذا انكشف الضيق وجاءت السعة رجعوا إلى ما كانوا عليه، هذا معروف في الجاهلية قبل الإسلام، ولا يقال: إنه انتهى، كثير من المسلمين يسلكون هذا المسلك، إذا مرض أو افتقر أو جاع دعا، وإذا شبع نسي، أو صح من المرض، وما أشبه ذلك، وكثير من المسلمين مع الأسف فيهم شبه من المشركين، ومشركو المعاصرين كما قرر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في القاعدة الرابعة من القواعد الأربع في مشركي زمانه قال: إن مشركي زماننا أشد شركًا من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء، ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة، تجدهم في أحلك الظروف وأضيقها يقول: يا علي، يا حسين، يا بدوي، يا فلان، يا علان، يشرك حتى في هذه الظروف، ووجد من يُدهس في زحامات الحج ويقول: يا علي، يا حسين، طيب أنت ميت الآن من الذي ينقذك؟ نسأل الله العافية، وهذا مصداق كلام الشيخ -رحمه الله-: ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة، نسأل الله العافية.

طالب: .......

يزيد تضرعه، نعم.

طالب: (إِلَّا أَنَّ اللَّهَ اسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ هُودٍ: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 10، 11]، وَقَدْ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ، إِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِينِ»).

«للمؤمن»، نعم، ماذا يقول؟

طالب: في بداية الفقرة إلا أن الله استثنى من هذه.......

عباده المؤمنين إي.......

طالب: «إلا للمؤمنين» أم «للمؤمن»؟

ماذا؟

طالب: عندنا «إلا للمؤمنين»، «وليس ذلك...».

«إلا للمؤمن» كما في الحديث؛ لأنه في بدايته: «عجبًا للمؤمن».

طالب: .......

أين؟

طالب: الأول....... أصابته، هذه الرواية....... لا يقضي الله له قضاءً.......

نعم، ولذلك ما عزاه.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: 15] الآية. أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ مَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قوله: {مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَدِّلُ مِنْهُ مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ. وَصَرَّحَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101] الْآيَةَ، وَقوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] الْآيَةَ، وَقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} [الأعلى: 6، 7]).

لكن جاء قوله -جل وعلا-: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29]، {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ}، وقال: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 29].

طالب: .......

الذي هو النسخ.

طالب: لا، القول: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ}، هذه أل هنا للعهد وليس....... {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً} هذه متعلقة بالآيات الشرعية التي أنزلها الله.

التي يدخلها النسخ.

طالب: .......

التي يدخلها النسخ، وأما ما لا يدخله النسخ فما يُبدل، وجاء أيضًا في سياق تقرير الصلاة.

طالب: أو الحكم عليهم بالنار.

لا، تقرير الصلاة: «هي خمسون، ما يُبدل القول لدي»، في مقابل التبديل الذي حصل، والنسخ قبل التمكن من الفعل.

طالب: ....... يعود على أنها للعهد لشيء معين.

على كل حال لا تناقض ولا تضاد.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [يونس: 16]. فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى كُفَّارِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُبْعَثْ إِلَيْهِمْ رَسُولاً حَتَّى لَبِثَ فِيهِمْ عُمُرًا مِنَ الزَّمَنِ، وَقَدْرُ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ سَنَةً، فَعَرَفُوا صِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَدْلَهُ، وَأَنَّهُ بَعِيدٌ كُلَّ الْبُعْدِ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَهُ الْأَمِينَ، وَقَدْ أَلْقَمَهُمُ اللَّهُ حَجَرًا بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَهُوَ قوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [المؤمنون: 69]؛ وَلِذَا لَمَّا سَأَلَ هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّومِ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ عَنْ صِفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ هِرَقْلُ لِأَبِي سُفْيَانَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: لَا، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ زَعِيمَ الْكُفَّارِ وَرَأْسَ الْمُشْرِكِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ، وَالْحَقُّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ. فَقَالَ لَهُ هِرَقْلُ: فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ يَذْهَب فَيَكْذِب عَلَى اللَّهِ. اهـ.

وَلِذَلِكَ وَبَّخَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ هُنَا: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}).

ولما وجد أبو سفيان الفرصة سانحة لئن يدس في كلامه ما لا يعتقده بحيث لا يؤثر عليه ولا ينقل عنه، لما سأله أبو سفيان قال: فهل يغدر؟ قال: لا، ولكن نحن منه في مدة.

نعم.

طالب: .......

في هدنة لا ندري ما هو صانع فيها، فقال: هذه هي الفرصة التي يمكن أن أدخل منها، ما فيه فرصة غير هذه.

طالب: .......

يتوقّع، مثلما قال الله -جل وعلا-: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14].

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} [يونس: 24]، إِلَى قوله: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].

ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْمَثَلَ لِلدُّنْيَا بِالنَّبَاتِ النَّاعِمِ الْمُخْتَلِطِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَعَمَّا قَلِيلٍ يَيْبَسُ، وَيَكُونُ حَصِيدًا يَابِسًا كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ، وَضَرَبَ لَهَا أَيْضًا الْمَثَلَ الْمَذْكُورَ فِي "الْكَهْفِ" فِي قوله: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} [الكهف: 45] إِلَى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45]، وَأَشَارَ لِهَذَا الْمَثَلِ بِقَوْلِهِ فِي "الزُّمَرِ": {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [الزمر: 21]، وَقَوْلِهِ فِي "الْحَدِيدِ": {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [الحديد: 20] الْآيَةَ.

تَنْبِيهٌ: التَّشْبِيهُ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ الْبَلَاغِيِّينَ مِنَ التَّشْبِيهِ الْمُرَكَّبِ).

يعني ليس بتشبيه فرد بفرد، كلمة بكلمة، إنما هو تشبيه جملة مشتملة على عدد من أنواع من وجوه الشبه.

طالب: ....... لها اسم في البلاغة؟

لا لا.

طالب: (لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ صُورَةٌ مُنْتَزَعَةٌ مِنْ أَشْيَاءَ، وَهُوَ كَوْنُ كُلٍّ مِنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ يَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَهُوَ فِي إِقْبَالٍ وَكَمَالٍ، ثُمَّ عَمَّا قَلِيلٍ يَضْمَحِلُّ وَيَزُولُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى).

يعني تشبيه صورة متكاملة بصورة متكاملة.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 28] الْآيَةَ.

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجْمَعُ النَّاسَ جَمِيعًا، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. وَصَرَّحَ فِي "الْكَهْفِ" بِأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ مِنْهُمْ أَحَدًا، بِقوله: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 47]. قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: 30] الْآيَةَ. صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، بِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَبْلُو، أَيْ: تُخْبَرُ وَتَعْلَمُ مَا أَسْلَفَتْ، أَيْ قَدَّمَتْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، كَقوله: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: 13]، وَقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]، وَقوله: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 13، 14]، وَقوله: {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [الكهف: 49] الْآيَةَ).

يعني كما قال قائلهم: ستعلم إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار، إذا تكشفت الأمور، وعرفت ما أنت عليه، في الدنيا تستطيع أن تحيد يمينًا وشمالًا وتضحك على الناس، وتمشي أمورك، لكن غدًا هل تستطيع شيئًا من ذلك أمام من يعلم السر وأخفى؟

طالب: (وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ "تَتْلُو" بِتَاءَيْنِ فَفِي مَعْنَى الْآيَةِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَتْلُو بِمَعْنَى تَقْرَأُ فِي كِتَابِ).

يعني بدل تبلو {هُنَالِكَ تَبْلُو}، في قراءة: تتلو.

طالب: (أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَتْلُو بِمَعْنَى تَقْرَأُ فِي كِتَابِ أَعْمَالِهَا جَمِيعَ مَا قَدَّمَتْ، فَيَرْجِعُ إِلَى الْأُولَى. وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ عَمَلَهَا؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَتَتْبَع كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُهُ فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ» الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [يونس: 31]).

يعني كما يتلو القمر الشمس: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 2] يعني جاء بعدها وتبعها.

طالب: (إِلَى قوله: {فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31]. صَرَّحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّ الْكَفَّارَ يُقِرُّونَ بِأَنَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- هُوَ رَبُّهُمُ الرَّزَّاقُ الْمُدَبِّرُ لِلْأُمُورِ الْمُتَصَرِّفُ فِي مُلْكِهِ بِمَا يَشَاءُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اعْتِرَافِهِمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَمَعَ هَذَا أَشْرَكُوا بِهِ -جَلَّ وَعَلَا-. وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مُقِرُّونَ بِرُبُوبِيَّتِهِ -جَلَّ وَعَلَا- وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ؛ لِإِشْرَاكِهِمْ مَعَهُ غَيْرَهُ فِي حُقُوقِهِ -جَلَّ وَعَلَا- كَثِيرَةٌ، كَقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87]، وَقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9]، وَقوله: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون: 84، 85]، إِلَى قوله: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ؛ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]).

في قوله -جل وعلا-: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: 16] ما الجواب؟

طالب: سيقولون الله.

طالب: لله.

{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون: 85]، سمعت؟

ما الجواب عن هذا؟

طالب: الله.

في القراءة الثانية: {اللَّه}، لكن على هذه القراءة التوجيه أنهم يسألون عن الربوبية، فقل: إن الربوبية لله.

طالب: ....... الرب هنا بمعنى الملك؟

ماذا؟

طالب: الرب بمعنى الصاحب.

الربوبية لله المأخوذة من رب السماوات والأرض.

طالب: (وَالْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الِاعْتِرَافَ بِرُبُوبِيَّتِهِ -جَلَّ وَعَلَا- لَا يَكْفِي فِي الدُّخُولِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَّا بِتَحْقِيقِ مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي سُورَةِ "الْفَاتِحَةِ" فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]. أَمَّا تَجَاهُلُ فِرْعَوْنَ -لَعَنَهُ اللَّهُ- لِرُبُوبِيَّتِهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِي قوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 23]، فَإِنَّهُ تَجَاهُلُ عَارِفٍ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: 102] الْآيَةَ، وَقوله: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ} [يونس: 34]، إِلَى قوله: {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [يونس: 34]).

لا شك أن الإقرار بتوحيد الربوبية لا يكفي عن الاعتراف بتوحيد الألوهية والإذعان لله -جل وعلا- وصرف جميع أنواع التوحيد له، الكفار يُطلب منهم أنهم أو يُسألون عن الرب والرازق والخالق وجميع ما يتعلق بالربوبية يقرون ويعترفون. لكن لما قيل لهم: قولوا لا إله إلا الله، أنكروا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: 5]، لم يعترفوا بتوحيده؛ ولذلك لم ينفعهم توحيد الربوبية بشيء ما داموا منكرين لتوحيد الألوهية غير منقادين له. والشيخ محمد بن عبد الوهاب في مصنفاته ومنها ومن أجلها كتاب التوحيد قرر هذا المعنى، وأبدع فيه وأعاد.

طالب: (أَلْقَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ حَجَرًا، بِأَنَّ الشُّرَكَاءَ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ هُوَ وَحْدَهُ -جَلَّ وَعَلَا- الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ بِالْإِحْيَاءِ مَرَّةً أُخْرَى، وَأَنَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ. وَصَرَّحَ بِمِثْلِ هَذَا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ؛ كَقوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الروم: 40]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: 3]، وَقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [فاطر: 3] الْآيَةَ، وَقوله: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: 17] الْآيَةَ. وَقوله: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ} [الرعد: 16] وَقوله: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} [الزمر: 38] الْآيَةَ، وَقوله: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} [الملك: 21] الْآيَةَ، وَقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} [العنكبوت: 17] الْآيَةَ. وَالْآيَاتُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ).

هؤلاء الآلهة لا يملكون ولا يجلبون لأنفسهم أدنى نفع ولا يدفعون عنها أدنى ضر، إذا كان الإله على حد زعمهم يأتي الثعلبان ويبول برأسه، فما أكثر من هذه الإهانة؟! فكيف يُدعى لكشف الشدائد ويرجى منها النفع ودفع الضر؟! لكنها العقول نسأل الله العافية، إذا قُضي عليها في أيام المحنة انتهت، نسأل الله العافية.

طالب: (وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَسْوِيَةَ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مَعَ مَنْ بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ).

يعني مقارنة مع من بيده الخير.

طالب: (الْمُتَصَرِّفِ بِكُلِّ مَا شَاءَ؛ لَا تَصْدُرُ إِلَّا مِمَّنْ لَا عَقْلَ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ ذَلِكَ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10].

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 37].

 صَرَّحَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَا يَكُونُ مُفْتَرًى مِنْ دُونِ اللَّهِ مَكْذُوبًا بِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ- جَلَّ وَعَلَا-، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ تَصْدِيقَهُ لِلْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ، وَتَفْصِيلَهُ لِلْعَقَائِدِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا-، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُفْتَرًى، وَأَنَّهُ لَا رَيْبَ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَبَيَّنَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ).

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]؛ ولذلك استدلوا على بطلان القول بتناقضه، وكلام الله -جل وعلا- واحد، لا يختلف ولا يتناقض، بل يشهد بعضه لبعض، ويؤيد بعضه بعضًا.

طالب: (كَقوله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون} [يوسف: 111]، وَقوله: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: 210، 211]، وَقوله: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105]، وَالْآيَاتُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا صَرَّحَ هُنَا بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَا كَانَ أَنْ يُفْتَرَى عَلَى اللَّهِ، أَقَامَ الْبُرْهَانَ الْقَاطِعَ عَلَى أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ، فَتَحَدَّى جَمِيعَ الْخَلْقِ بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ الْخَلْقِ لَقَدَرَ الْخَلْقُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ، فَلَمَّا عَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ كُلُّهُمْ حَصَلَ الْيَقِينُ وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا-).

وهذا العجز مع توافر الآلة عند العرب في فصاحتهم وبلاغتهم وفهمهم لهذا الكلام عجزوا، وليس كما يقول المعتزلة وغيرهم أنهم صُرفوا، هم لديهم القدرة، ولو تُركوا لأجادوا مثله، ولكنهم صُرفوا عن معاربته، ومن كتب المعري الفصول والغايات هم طبعوه باسم: من مواعظ البريات الفصول والغايات من مواعظ البريات، في كتب التراجم القديمة يقولون: إن المعري يعارض بهذا الكتاب القرآن، ويقولون إن اسمه: الفصول والغايات في معارضة الآيات، والمعري معروف زيغه وضلاله، لكن هل هذه قدرة؟ هذا المنع من مجرد المعارضة أو المعارضة التي تستحق أن تسمى معارضة وإلا فمسيلمة الكذاب جاء بقرآن.

طالب: .......

جاء بشيء مضحك يضحك عليه السفهاء والصبيان. تعرف كتاب الفصول والغايات؟ فيه أحد يعرفه؟

طالب: .......

هو مطبوع أكثر من مرة، قالوا في مواعظ البريات، والمتقدمون- والله أعلم ما نجزم بهذا- ذكروا في ترجمته، منهم من ذكر أن الأصل في الكتاب: في معارضة الآيات.

طالب: .......

ماذا؟

وهل نجد نسخة بخط المؤلف؟

طالب: ....... ما رأيكم في هذه الطبعة؟

والله كرهتها، نعم.

طالب: (قَالَ -جَلَّ وَعَلَا- فِي هَذِهِ السُّورَةِ: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38]، وَتَحَدَّاهُمْ أَيْضًا فِي سُورَةِ "الْبَقَرَةِ" بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، بِقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] الْآيَةَ، وَتَحَدَّاهُمْ فِي "هُودٍ" بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، بِقوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود: 13] الْآيَةَ، وَتَحَدَّاهُمْ فِي "الطُّورِ" بِهِ كُلِّهِ بِقوله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور: 34]).

لا شك أنه حصل التحدي بالقرآن كله، وحصل بعشر سور، وحصل بسورة، لكنه لم يحصل بآية، لماذا؟

طالب: .......

لأن الآية قد تكون في مقدور البشر، هذا بشر ما يعجز أن يقول: {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21]، نعم، لكن آية بقدر سورة معجزة يعجز عنها البشر.

الذي عندنا هنا: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور: 34].

طالب: .......

{بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] إما القرآن كله أو الذي قُرئ في تلك المناسبة، يعني: وائتونا بمثل هذا القرآن الذي قُرئ عليكم. وعلى كل حال هذه مجملة تفسرها الآيات الأخرى.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

قبل ماذا؟

طالب: .......

الموجود منه وما يتلى على المشركين منه يُتحدون به، لكن أشار بعضهم وما أدري عن اطراده يقول في سورة البقرة: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ} [البقرة: 23]، {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس: 38]، قالوا: {بِسُورَةٍ}؛ لأن البقرة لم يتقدمها إلا سورة، وقال في هود {بِعَشْرِ} [هود: 13] لأنه تقدمها عشر سور، لكنه مطرد، لكنه قيل، إذا حسبت وجدته صحيحًا.

طالب: .......

نعم، لكن {بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88].

طالب: .......

لأنه قال: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود: 13]، {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور: 34]، في الإسراء: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88]، ما يمكن، مستحيل، {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ} [الإسراء: 88] لو اجتمعوا اجتمع الجن والإنس كلهم ما استطاعوا ذلك.

طالب: والخطاب لمن بعدهم يا شيخ؟

لهم ولغيرهم، لكل من يتأتى منه الخطاب، لكل من يقرأ، لكل من يسمع.

طالب: .......

على كل حال أنا قلت: هذه مجملة تفسرها الآيات الأخرى، والمجموع ما يحصل فيه أي لبس ولا أدنى إشكال، أن التحدي حصل على وجوه.......

طالب: .......

يعني كونهم تُحدوا ببعضه، بسورة، بعشر، بشيء منه هذا يدل من باب أولى أن يعجزوا عن القرآن كاملاً.

طالب: (وَصَرَّحَ فِي سُورَةِ "بَنِي إِسْرَائِيلَ" بِعَجْزِ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ بِقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88]، كَمَا قَدَّمْنَا، وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ أَيْضًا بِقوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24] الْآيَةَ.

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] الآية. التَّحْقِيقُ أَنَّ تَأْوِيلَهُ هُنَا، هُوَ حَقِيقَةُ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ "آلِ عِمْرَانَ").

وأن التأويل على ثلاثة أضرب: ما يؤول إليه الأمر وينكشف فيما بعد كما حصل ليوسف مع أبويه وإخوته، ومنه ما هو التفسير والكشف والبيان وهذا الذي يعتمده المفسرون كالطبري وغيره القول في تأويل قوله -جل وعلا- يعني تفسيره، وأما ما ينحو إليه المبتدعة بأنه حمل اللفظ على الاحتمال المرجوح لمقاصد ومآرب يؤيدون بها بدعهم فهذا لا يُلتفت إليه.

طالب: (وَيَدُلُّ لِصِحَّةِ هَذَا قَوْلُهُ فِي "الْأَعْرَافِ": {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ} [الأعراف: 53] الآية. وَنَظِيرُ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: 8].

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [يونس: 41]. أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنْ يُظْهِرَ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ الْقَبِيحَةِ إِنْكَارًا لَهَا، وَإِظْهَارًا لِوُجُوبِ التَّبَاعُدِ عَنْهَا، وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي قوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، إِلَى قوله: {وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَأَتْبَاعِهِ لِقَوْمِهِ: إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الْآيَةَ. وَبَيَّنَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ اعْتِزَالَ الْكُفَّارِ، وَالْأَوْثَانِ، وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ مِنْ فَوَائِدِهِ تَفَضُّلُ اللَّهِ تَعَالَى بِالذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ الصَّالِحَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي "مَرْيَمَ": {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [مريم: 49]، إِلَى قوله: {عَلِيًّا} [مريم: 50]).

يعني وهو قوله في سورة مريم، في مريم يعني في سورة مريم، وإلا فالقول في إبراهيم - عليه السلام-، نعم.

طالب: .......

الذي لا يستطاع تغييره يُعتزل كله.

طالب: .......

نعم ما المانع؟

طالب: (وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: إِنَّ آيَةَ {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي} [يونس: 41] الْآيَةَ، مَنْسُوخَةٌ بِآيَاتِ السَّيْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهَا مُحْكَمٌ).

يعني حملهم وأطرهم على الحق لا شك أن هذا هو الأصل، لكن قد لا يكون ممكنًا في جميع الأوقات، فإذا لم يمكن هذا فالاعتزال.

طالب: (لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَمَلِ السُّوءِ لَا شَكَّ فِي بَقَاءِ مَشْرُوعِيَّتِهَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ} [يونس: 45] الْآيَةَ. بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا حُشِرُوا اسْتَقَلُّوا مُدَّةَ مُكْثِهِمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا، حَتَّى كَأَنَّهَا قَدْرُ سَاعَةٍ عِنْدَهُمْ، وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ فِي آخِرِ "الْأَحْقَافِ": {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35] الآية، وَقَوْلِهِ فِي آخِرِ "النَّازِعَاتِ": {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ فِي آخِرِ "الرُّومِ": {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55] الْآيَةَ. وَقَدْ بَيَّنَّا بِإِيضَاحٍ فِي كِتَابِنَا "دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ" وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ أَنَّ الدُّنْيَا عِنْدَهُمْ كَسَاعَةٍ وَبَيْنَ الْآيَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ أَنَّهَا عِنْدَهُمْ كَأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103]، وَقوله: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 113]، ما نظره فيه فِي سُورَةِ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] فِي الْكَلَامِ).

فانظره في سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1].

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

لا، فانظره في سورة، أو فيه يعني في الكتاب؛ لأن الكلام عليه في سورة المؤمنون.

طالب: .......

نعم، فيه يعني في الكتاب دفع إيهام الاضطراب.

طالب: (فانظره فيه في سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] في الكلام عَلَى قوله: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 113]).

هذا كلام الشيخ في دفع إيهام الاضطراب.

طالب: ....... أيضًا أحال على دفع إيهام الاضطراب يصير.......

موضعين.

طالب: .......

إذا جاء الموضع الثاني طلعناه.

طالب: ما هو.......

ما أدري والله.

طالب: لأنه كله في المؤمنون.

نعم، كله في سورة المؤمنون لكن هو بعده مباشرة؟ لأن فيه {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27]، وفي الآية: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 101]، متقاربة يعني قبلها أو بعدها، أنت اقرأ الموضع الأول.

طالب: (قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]، هذه الآية الكريمة تدل على أنهم لا أنساب بينهم يومئذ، وأنهم لا يتساءلون يوم القيامة).

طالب: .......

{إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103]، هذا الموضع الثاني، الشيخ، الصفحة اليسرى.

طالب: (قوله تعالى: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 113]. هذه الآية الكريمة تدل على أن الكفار يزعمون يوم القيامة أنهم ما لبثوا إلا يومًا أو بعض يوم، وقد جاءت آيات أخر يفهم منها خلاف ذلك كقوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103]، وقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55]، والجواب عن هذا بما دل عليه القرآن؛ وذلك أن بعضهم يقول: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [المؤمنون: 113]، وبعضهم يقول: لبثنا ساعة، وبعضهم يقول: لبثنا عشرًا).

يعني كلٌّ يتكلم بما يتذكره مما مضى.

طالب: يحمل على اختلاف القائلين.

نعم، اختلاف القائلين، كل يتذكر، قد يتذكر واحد ساعة قد يتذكر أقل، مثل الآن ينتبه من النوم يُسأل وما الذي حصل له ما يذكر شيئًا إلا بقدر ما يدركه من رؤيا أو شبهها وإلا إذا راح من نوم ما يدري يقتصر الوقت عليه، والموت نوم أصغر.

طالب: (ووجه دلالة القرآن على هذا أنه بين أن أقواهم إدراكًا وأرجحهم عقلاً وأمثلهم طريقة هو من يقول: إن مدة لبثهم يومًا، وذلك في قوله: {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: 104]، فدل ذلك على اختلاف أقوالهم في مدة لبثهم، والعلم عند الله تعالى).

طالب: .......

اقرأ في التفسير، الآيات.

طالب: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس: 45]. صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ أَهْلَ الْمَحْشَرِ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَيَعْرِفُ الْآبَاءُ الْأَبْنَاءَ، كَالْعَكْسِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَارَفَةَ لَا أَثَرَ لَهَا، فَلَا يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا شَيْئًا، كَقوله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ} [المعارج: 10، 11]).

كلٌّ مشغول بنفسه، الأم تنشغل عن ولدها، والولد ينشغل عن أمه، وهكذا.

طالب: (وَقوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]. وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا "دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ" أَيْضًا وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ قوله: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]، وَبَيْنَ قوله: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27]، فِي سُورَةِ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] أَيْضًا).

اقرأ كلام الشيخ.

طالب: (قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]، هذه الآية الكريمة تدل على أنهم لا أنساب بينهم يومئذ، وأنهم لا يتساءلون يوم القيامة، وقد جاءت آيات أخر تدل على ثبوت الأنساب بينهم، كقوله: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} [عبس: 34] الآية، وآيات أخرى تدل على أنهم يتساءلون كقوله تعالى).

لا شك أن الأنساب المنفية الأنساب النافعة، وقد تنفع الأنساب إذا كان المنسوب والمنتسب إليه على طريقة واحدة من الهدى والإيمان: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21].

طالب: "وآيات أخرى تدل على أنهم يتساءلون كقوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27]، والجواب عن الأول أن المراد بنفي الأنساب انقطاع فوائدها وآثارها التي كانت مترتبة عليها في الدنيا من العواطف والنفع والصلات والتفاخر بالآباء، لا نفي حقيقتها.

والجواب عن الثاني من ثلاثة أوجه: الأول: أن نفي السؤال بعد النفخة الأولى وقبل الثانية وإثباته بعدهما معًا.

الثاني: أن نفي السؤال عند اشتغالهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصراط وإثباته فيما عدا ذلك، وهو عن السدي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

الثالث: أن السؤال المنفي سؤال خاص، وهو سؤال بعضهم العفو من بعض فيما بينهم من الحقوق؛ لقنوطهم من الإعطاء ولو كان المسؤول أبًا أو ابنًا أو أمًّا أو زوجة، ذكر هذه الأوجه الثلاثة أيضًا صاحب الإتقان".

انتهى؟

طالب: .......

جزاك الله خيرًا.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.