تعليق على تفسير سورة آل عمران (29)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثيرٍ -رحمه الله تعالى-: "{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ * وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ  * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }[آل عمران:144-148].

لَمَّا انْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، نَادَى الشَّيْطَانُ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، وَرَجَعَ ابْنُ قَمِيئَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: قَتَلْتُ مُحَمَّدًا، وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ ضَرَبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ من الناس، واعتقدوا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ قُتِلَ، وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا قَدْ قَصَّ اللَّهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السلام- فحصل ضعف ووهن وَتَأَخُّرٌ عَنِ الْقِتَالِ، فَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}[آل عمران:144] أَيْ لَهُ أُسْوَةٌ بِهِمْ فِي الرسالة وفي جواز القتل عليه".

الحمد لله رحمه الله بالعالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول الله -جلَّ وعلا-: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}[آل عمران:144] الحصر هنا المتمثِّل في صيغته (ما وإلا) وقد يكون بــ(إنما) والحصر موصوف على صفة مع أن له صفاتٍ أخرى غير الرسالة، لكن أعظم هذه الصفات الرسالة.

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ} سبقت {مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} الذين قصَّ الله علينا من أمورهم ما قص، ومنها القتل، وذكر -جلَّ وعلا- عن كثيرٍ منهم أنهم قُتِلوا، وذكر عن بني إسرائيل أنهم يقتلون الأنبياء.

فمعرفة الناس بهذا الأمر الجائز مع الإشاعة التي بدأها الشيطان، ثمّ من أساء إلى النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- فشجَّه، والنفوس كثيرٌ منها لا يتردد في قبول الإشاعات، كما حصل في قصة الإفك، ودخل عمر بن الخطاب من ضَيعته إلى المدينة وبدأ بالمسجد، فوجد الناس حول المنبر يقولون: إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طلَّق نساؤه، وقَبِل هذه الإشاعة كثير من الناس، ومما جعل لها شيئًا من القبول أنّ النبيَّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في وقتها آلى من نسائه شهرًا، حلف- عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ألا يدخل على نسائه شهرًا، واعتزل في المشرُبة، النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- مُعتَزِل، والناس يُروجون هذه الإشاعة، تُلاقي أو تجد قبولًا من كثير من الناس في مثل هذه الصورة.

استأذن عمر على النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-؛ بسبب أن الأمر يعنيه، يعني المسلمين كلهم، لكن عمر بالذات وأبو بكر ومَن له بنتٌ تحته -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لا شكَّ أنَّه يعنيه ويحز في نفسه.

استأذن على النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- فلما أُذِن له قال: أطلَّقت نساءك؟ فسكت، فردَّها عليه مرتين أو ثلاثًا، فقال: «لا» هذا أبطل هذه الإشاعة، فالجواب من صاحب الشأن.

وقال ابن حجر في فتح الباري حول هذه القصة: الأخبار التي تُشاع وإن كثر ناقلوها؛ فإنها لا تُفيد العلم ما لم تستند إلى الحس.

تسمع صاحب الشأن يتكلم هو أو يكون العدد يُفيد العلم، أما أخبار تُشاع بدون أن تُسمَع أو تُرى، ولا ترجع إلى الحس، ولا ينقلها العدد الذي يكمل به التواتر؛ فإنها لا تُفيد العلم.

شواهد الأحوال في عصرنا انظر ما يُشاع وما يُقال في وسائل التواصل، يعني الخبر في دقيقة يصل إلى الملايين، ويتناقلونه، لكن يُفيد عِلمًا؟ ما يُفيد عِلمًا؛ لأنه صدر من واحد أو أفراد، ما يُفيد العلم حتى يُسمَع صاحب الشأن المنسوب إليه الخبر أو يُرى أو ينقله عددٌ يحصل به العلم.

الجمع الغفير الملتفّون حول منبر النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- انقدح في أذهانهم بالقرائن أنَّ النبيَّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- طلَّق نساءه، لكن هل هذا هو الواقع؟ لا، في البداية يُشيعه واحد، ويستند إلى اعتزاله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- نساءه، ويُصدِّقه مجموعة، ثم يتناقلونه حتى يستقر في النفوس، وإن كان لا أصل له، ولا أساس له من الصحة.

وجاءت هذه الوسائل التي ابتُلينا بها، فكثُرت الإشاعات، وكثُر الترويج للكذب والباطل، وتناقله الناس؛ لأنه ليس كل الناس أهل تحرٍّ، ويقول: إنه مسئول عن هذا الخبر إذا روَّجه، وهو لم يقتنع به، وتطمئن إليه نفسه، وقد وصِله بطريقٍ يفيد العلم، الناس يفرحون بمثل هذه الإشاعات، يفرحون بها، ويقصدون السَّبق إذا سَمِع يُريد أن يُبلِّغ الناس كلَّهم حتى يقولوا: سبق، سمعنا من فلان.

ما يدري المسكين إذا تكشَّفت الأمور، وظهر كذب هذا الخبر أن مردوده سيئ عليه، ما معني سبق؟ تسبق إلى الحق، تسبق إلى باطل؟

وكثيرًا ما يُذكَر أخبار بالوسائل، ثم تُنفى، ويُذكر أنه لا أساس له من الصحة أصلًا، وقد يستفيد بعض الناس من الإشاعات في تقرير ما يُريد أو الحكم على الناس.

شخص نشر أزيز طائرة في مطار، وروَّج على الناس أن هذا صوتٌ يُسمَع من قبر، فصدَّقة كثيرٌ من الناس، هذا حصل، يُسمع عذاب من قبر وهو صوت طائرة، فالناس يقبلون مثل هذه الأمور، ويتناقلها الناس ويتداولونها، وكثُر القيل والقال بسببها.

من الناس من لم يقتنع بنصوص الكتاب والسُّنَّة المُثبِتة لعذاب بالقبر، واقتنع بمثل هذا.

فطالب العلم على وجه الخصوص المسلم عمومًا، وطالب العلم على وجه الخصوص عليه أن يتثبَّت، وأكثر ما تأتي هذه الإشاعات من فُسَّاق الذين أُمِرنا بالتثبُّت في قبول أقوالهم؛ {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات:6] في القراءة الأخرى (تثبَّتوا).

فالشيطان رافع الراية راية الباطل، قال: محمد قُتِل، فصدَّقه من صدَّقه، وابن قميئة قال: أنا قتلت محمدًا، وحصل منه الشجُّ في رأسه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، لكن ما حصل القتل له -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، ولو قُتِل وذلك أمرٌ جائز بالنسبة لوفاته -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ}[آل عمران:144]، الدين ما هو مربوط بالأشخاص، مات -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وتردَّد الناس في قبول الخبر حتى عمر بن الخطاب ممن تردَّد، وثبَّت الله أبا بكر، وتلا الآية {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[الزمر:30] فاقتنع الناس، تداولوا هذه الآية وردَّدوها كأنهم لم يسمعوها قبل هذا اليوم.

فعلى المسلم وأخصُّ بذلك طلاب العلم ألا يتعجلوا في قبول الأخبار، وأن يتريَّثوا، وأن يتثبَّتوا ويتبينوا.

إمام مسجد وعلى قارعة طريق جاءه من يقول له: الشيخ فلان مات وسيُصلى عليه غدًا في المكان الفلاني، قام هذا الإمام الغِر، وأعلن الخبر بعد صلاة المغرب المسجد ممتلئ وعلى قارعة طريق، الذي صلى هذا الوقت ما يأتي مرة أخرى، فكيف يبلغهم؟ التصحيح أحيانًا يصعب أو يستحيل ومات الشيخ وخلاص وانتهى، والشيخ حيٌّ يُرزَق.

قبول الإشاعات من غير تثبُّت سبب لكثيرٍ من المشاكل.

وعلى كل حال الناس أجناس ولهم طِباع تتفاوت؛ منهم المتريث، ومنهم المتعجِّل، ومنهم كذا، لكن العجلة عمومًا من الشيطان، العجلة من الشيطان.

نعم.

"قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ أَشَعَرْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنْ كان محمد قَدْ قُتِلَ فَقَدْ بَلَّغَ، فَقَاتِلُوا عَنْ دِينِكُمْ".

هذا المنهج الشرعي الدين ما يُربَط بأشخاص، الدين مربوط بكتاب وسُنَّة، والكتاب والسُّنَّة موجودان محفوظان، وإذا قُتِل هذا الشخص الذي قام بالدين بدأً من محمد -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلى ورثته من أهل العلم يقوم به غيره.  

"فَنَزَلَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}[آل عمران:144] رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ.             

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}[آل عمران:144] أَيْ: رَجَعْتُمُ الْقَهْقَرَى {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:144] أَيِ: الَّذِينَ قَامُوا بِطَاعَتِهِ وَقَاتَلُوا عَنْ دِينِهِ، وَاتَّبَعُوا رَسُولَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ وَالسُّنَنِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتْبِ الْإِسْلَامِ مَنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي مُسْنَدِيِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَقْبَلُ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسَّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

يعني قصده قصد رسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.

"فَتَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُغَشَّى بِثَوْبٍ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكُبَّ عَلَيْهِ وَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فقد متّها".

طالب: ...........

هو مُفرِّغ الكُتب في كتابه الكبير، وقد صنَّفه على المسانيد، وهو مطبوع، منها مُسند أبي بكر وعمر، جامع المسانيد له في أربعين مجلدًا.

"وقال الزهري: حدثني أَبُو سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُحَدِّثُ النَّاسَ".

يُحدِّث أم يُكلِّم؟

طالب: عندي يُحدِّث.

نعم.

 "وَعُمَرُ يُحَدِّثُ النَّاسَ فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ".

يعني إلى أبي بكر.

"وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ".

هول المصيبة يجعل بعض الناس الذي لا يحتمل يُنكِر وجودها، تُحدِّثني امرأةٌ كبيرةٌ في السِّن أنّه مات لها ولد في حادث، أكبر أولادها بعد أشهر تقول: إلى الآن ما صدَّقت إنّي أنظر الباب متى يدخل، من هول المصيبة، وأي مصيبةٍ أعظم من مصاب الأمة في نبيها -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-؟!

"قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}[آل عمران:144] إلى قوله: {الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:144].

قال: فوالله لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هذه الآية حتى تلاها عليهم أبو بكر، فتلاها منه الناس كُلُّهُمْ فَمَا سَمِعَهَا بَشَرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا يتلوها، وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَعَقَرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وَحَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ".

يعني أيقن بصحّة الخبر.

"وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، قال: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم-: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}[آل عمران:144] وَاللَّهِ لَا نَنْقَلِبُ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ، وَاللَّهُ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لأقاتلن عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخُوهُ وَوَلِيُّهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَوَارِثُهُ، فَمَنْ أحق به مني؟".

الخبر ضعيف، فيه سِماك بن حرب، وعلى بن عبد العزيز من هو، البغوي؟

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

ابحثوا.

طالب: ............

انظر طلع عندك أم لا؟

طالب: ............

بحثته؟

طالب: ............

سِماك معروف.

طالب: ............

معروف هذا قضينا منه، لكن علي بن عبد العزيز؟

طالب: ............

"وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا}[آل عمران:145] أَيْ: لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّهِ وَحَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُدَّةَ الَّتِي ضَرَبَهَا اللَّهُ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ كِتابًا مُؤَجَّلًا كَقَوْلِهِ: {وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ}[فَاطِرِ:11] وَكَقَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}[الْأَنْعَامِ:2] وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَشْجِيعٌ لِلْجُبَنَاءِ، وَتَرْغِيبٌ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ، فَإِنَّ الْإِقْدَامَ وَالْإِحْجَامَ لَا يَنْقُصُ مِنَ الْعُمُرِ وَلَا يَزِيدُ فِيهِ".

«لنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَكْمِلَ» يعني ما كُتِب لها من العُمر والرزق.

طالب: «فاتّقُوا الله وأجْمِلُوا فِي الطَّلبِ».

وأجملوا، أجمِلوا في الطلب.

" كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ"

تشجيع للجبناء الذين تفيد فيهم النصوص، وإلا الجبان جبان إلا ما قَل، إذا رأى بارقة السيف! نعم.

"حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صُهْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ: مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَعْبُرُوا إِلَى هَؤُلَاءِ الْعَدُوِّ هَذِهِ النُّطْفَةُ -يَعْنِي دِجْلَةَ- {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا}[آل عمران:145] ثُمَّ أَقْحَمَ فَرَسَهُ دِجْلَةَ، فَلَمَّا أَقْحَمَ، أَقْحَمَ النَّاسُ، فَلَمَّا رَآهُمُ العدو قالوا: ديوان، فَهَرَبُوا".

الإقدام في مثل هذه الحالة واقتحام البحر كما صنع موسى بوحي الله إليه، من شخصٍ غير معصوم مهما بلغ عنده التوكل واليقين هو نظير صنيع خالد حينما حثا السُّم من قوة إيمانه ويقينه أقدم على هذا، وتكون حينئذٍ هذه كرامة، ولا معجزة بعد الأنبياء، كرامة له.

لكن هل في مثل هذه الحالة يسوغ الإقدام على مثل هذه الأمور، والغالب في سُنن الله الكونية الهلاك في مثل هذا؟ أم موسى وضعت موسى في صندوق وألقته في البحر، يجوز لإنسانٍ أن يصنع مثل هذا الصنيع بولده، ولو أحدق به الخطر من كل جانب؟

طالب: ............

أين؟

طالب: ............

أمّ موسى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى}[القصص:7] هذا بوحي، لكن عاديّ الناس الذي ما يُوحى إليهم، وخشي على ولده أو على ماله، ثم صنع به ما صنع، والإسرائيلي الذي اقترض ألف دينار، فنشر خشبةً، ووضع الدراهم فيها أو الدنانير، وألقاها في البحر ووصِلت إلى صاحبها، كم نِسبة وصولها إلى صاحبها؟ يعني أنت لو تريد أن تفعل ذلك فكم تُعطيه نسبة؟

طالب: واحد.

الظاهر ما فيه ولا واحد.

طالب: ..........

مسألة اليقين والتوكل إذا بلغ غايته لا شك أن الله لن يُخيب، لكن أنت مأمور بنصوص تأمرك بالمحافظة على نفسك، وعلى مالك، وعلى ولدك، نعم إذا غلب على الظنِّ أنَّ هذه المفسدة أخفّ مما سيقع، كأن خشي على دينه أن يُفتَن في دينه.

في بعض الجهات استفتوا قبل خمس سنوات، قال: هل يجوز لنا أن نقتل بناتنا؛ خشية الوقوع في الفاحشة؟ الوقوع في الفاحشة مُتيقَّن، وأمامهم يفعلونها، لكن القتل أعظم من الزنى، نسأل الله العافية.

ما معنى "ديوان"؟   

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: شيطان.

شيطان هذا الذي اقتحم البحر على غير ما أجراه الله -جلَّ وعلا- من العادات معناه أنه شيطان، هذا في تصور العدو ما يعرفون ما جاء من نظائر لهذه القصة في النصوص الصحيحة ما يدرون.

"وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا}[آل عمران:145] أي: من كان عمله للدنيا فقط نَالَ مِنْهَا مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ لَهُ، وَلَمْ يكن له في الآخرة نَصِيبٍ، وَمَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ الدَّارَ الْآخِرَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْهَا مَعَ مَا قَسَّمَ لَهُ فِي الدنيا، كما قال تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}[الشورى:20]، وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[الإسراء:18-19]".

والمعوَّل على هذه الإرادة التي هي النية، فلا عمل إلا بنية «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ» من كان ينوي بعمله الدنيا ليس له في الآخرة من نصيب، ومن كان ينوي بعمله وإرادته الآخرة يُوفَّى إليه عمله، هو في الدنيا لا ينقصه شيء مما كُتِب له.

"ولهذا قَالَ هَاهُنَا: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:145] أَيْ: سَنُعْطِيهِمْ مِنْ فَضْلِنَا وَرَحْمَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِحَسْبِ شُكْرِهِمْ وعملهم.

ثم قال تعالى مسليًّا للمؤمنين عَمَّا كَانَ وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ يَوْمَ أُحُدٍ: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}[آل عمران:146] قِيلَ: مَعْنَاهُ كَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ وَقُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَثِيرٌ".

أولًا ابن كثير اعتمد على قراءة مَن؟ نافع أبو عمرو، وهي تختلف عمَّا أُثبِت {قَاتَلَ}[آل عمران:146] هذه قراءة؟

طالب: ...........

لكن {قَاتَلَ}[آل عمران:146] الذي عندك؟

طالب: عن حفص.

قال: ومن قرأ {قَاتَلَ} ثم اختار قراءة من قرأ (قُتِل معه ربيون كثير) تذكرون لما مر علينا الموضع في أضواء البيان، أنه أطال في هذا، وذكر فيها حوالي عشر صفحات، وذكر فيها القراءات والمعاني، واستوفى ذلك، فليُرجَع إليه.

لكن الإشكال فيما إذا اعتمد المُفسِّر قراءة أو الشارح لكتابٍ من كُتب السُّنَّة رواية، ثم جاء الطابع وتصرَّف وأثبت القراءة التي ألِفها أو الرواية التي درج عليها، هذا خطأ؛ لأنه يُوجد التنافر والتناقض بين الشرح والمشروح كما هو حاصل في فتح الباري الذي طُبِع معه البخاري مع أنَّ ابن حجر لم يُدخِل المتن، ما أدخل البخاريَّ مع فتح الباري، تصرَّفوا وأدخلوه، وأدخلوا الرواية التي ما اعتمدها ابن حجر، فحصل التنافر.

طالب: في أولاد الشيخ أثبتوا (قُتِل) على قراءة ابن كثير وغير صحيح.

(وكأين من نبيٍّ قُتِل معه ربيون).

طالب: قاتل.

نعم على القراءة المعروفة.  

"قِيلَ: مَعْنَاهُ كَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ وَقُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَثِيرٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَؤُوا قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّمَا عَنَى بِالْقَتْلِ النَّبِيَّ وَبَعْضَ مِنْ مَعَهُ مِنَ الرِّبِّيِّينَ دُونَ جَمِيعِهِمْ، وَإِنَّمَا نَفَى الْوَهَنَ وَالضَّعْفَ عَمَّنْ بَقِيَ مِنَ الرِّبِّيِّينَ مِمَّنْ لَمْ يُقْتَلْ، قَالَ: وَمَنْ قَرَأَ قَاتَلَ فَإِنَّهُ اخْتَارَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَوْ قُتِلُوا لَمْ يكن؛ لقول الله {فَمَا وَهَنُوا}[آل عمران:146] وجه معروف؛ لأنه يَسْتَحِيلُ أَنْ يُوصَفُوا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَهِنُوا وَلَمْ يَضْعُفُوا بَعْدَمَا قُتِلُوا، ثُمَّ اخْتَارَ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ (قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) لِأَنَّ الله عَاتَبَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَالَّتِي قَبْلَهَا مَنِ انْهَزَمَ يوم أحد وتركوا القتال لما سمعوا الصائح يصيح بأن مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَعَذَلَهُمُ اللَّهُ عَلَى فِرَارِهِمْ وَتَرْكِهِمُ الْقِتَالَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ارْتَدَدْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ وانْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ.

وَقِيلَ: وَكَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ، وَكَلَامُ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ يَقْتَضِي قَوْلًا آخَرَ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَأَيْنٍ مِنْ نَبِيٍّ أَصَابَهُ الْقَتْلُ وَمَعَهُ رِبِّيُّونَ أَيْ جَمَاعَاتٌ، فَمَا وَهَنُوا بَعْدَ نَبِيِّهِمْ، وَمَا ضَعُفُوا عَنْ عَدُوِّهِمْ، وَمَا اسْتَكَانُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي الْجِهَادِ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ دِينِهِمْ، وَذَلِكَ الصَّبْرُ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ.

فَجَعَلَ قَوْلَهُ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ حَالًا، وَقَدْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ السُّهَيْلِيُّ وَبَالَغَ فِيهِ، وَلَهُ اتِّجَاهٌ؛ لِقَوْلِهِ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ}[آل عمران:146] الآية، وكذا حَكَاهُ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بن إبراهيم ولم يحك غَيْرُهُ".

ولم يقل.

طالب: عندنا ولم يحكِ.

الموجودة نُسخة الشَّعب؟

طالب: أولاد الشيخ: ولا يحكِ.

لا.

طالب: ...........

"ولم يقل غيره" ولم يحكِ ولم يقل ما فيه إشكال المعنى واحد، لكن الفرق بين كلام ابن إسحاق وما قبله وما بعده "وَكَلَامُ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ يَقْتَضِي قَوْلًا آخَرَ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَأَيْنٍ مِنْ نَبِيٍّ أَصَابَهُ الْقَتْلُ"؛ لأن بعضهم قال: ما قُتِل النبي إنما قُتِل معه، مع أنه ما يُمنَع شرعًا أن يُقتَل أو يموت.

"وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}[آل عمران:146] قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}[آل عمران:146] أَيْ: أُلُوفٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيِّ: الرِّبِّيُّونَ الْجُمُوعُ الْكَثِيرَةُ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ أَيْ: عُلَمَاءُ كثير".

يعني أصلها: ربانيون، فحُذِفَت الألف أو أن الأصل: ربيون، وزِيدت الألف ربانيون كما يُقال: صنعانيون، أصلها: صنعاء.

طالب: ...........

نسبةً إلى الرَّب.

"علماء كثير، وعنه أيضًا" عن الحسن "علماءٌ صُبر" يعني أهل صبر، صُبُر جمع صابر أي: أبرارٌ أتقياء.

على كل حال المعاني متقاربة.

"وعنه أيضًا: علماء صُبر أبرارٌ وأتقياء. وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ نُحَاةِ الْبَصْرَةِ أَنَّ الرِّبِّيِّينَ: هُمُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الرَّبَّ -عَزَّ وجل- قال: وردَّ بعضهم عليه، فقال: لو كان كذلك لقيل: رَبيون بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الرِّبِّيُّونَ الْأَتْبَاعُ والرعية، والربانيون الْوُلَاةُ.

{فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا}[آل عمران:146] قَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: وَما ضَعُفُوا بِقَتْلِ نَبِيِّهِمْ وَمَا اسْتَكانُوا، يقول: فما ارتدوا عن بصيرتهم وَلَا عَنْ دِينِهِمْ أَنْ قَاتَلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ حَتَّى لَحِقُوا بِاللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا اسْتَكانُوا تَخَشَّعُوا، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: وَمَا ذَلُّوا لِعَدُوِّهِمْ، وَقَالَ محمد بن إسحاق، والسدي، وقتادة: أَيْ مَا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ حِينَ قُتِلَ نَبِيُّهُمْ {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:146-147] أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَهُمْ هِجِّيرٌ إِلَّا ذَلِكَ".

يعني ديدن وعادة.

"{فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا}[آل عمران:148] أَيِ: النَّصْرَ وَالظَّفَرَ وَالْعَاقِبَةَ {وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ}[آل عمران:148] أَيْ: جَمَعَ لَهُمْ ذَلِكَ مَعَ هَذَا {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:148].

قوله تعالى".

طويل؟

طالب: ...........

قِف عليه لا سيما أول درس تحتاجون...

أظننا ما أُعطينا الحساب بدقة يوم أن أوقفنا الدرس، ما توقعنا أنه يصير قريبًا من شهرين، العادة أن إجازة نصف السنة شهر واحد.

طالب: .........

الله يتوب علينا.

الطيبي شارح المشكاة والمُحشِّي على تفسير الكشَّاف عنده درس التفسير من صلاة الفجر إلى أذان الظهر يوميًا.

طالب: .........

والظهر كله للبخاري.

طالب: ..........

مات -رحمه الله- وهو ينتظر صلاة الظهر بعد درس التفسير، لكن هو ما ينتظر طلبية ولا ينتظر شيئًا، الله يتوب علينا، تفريط.

طالب: ..........

ترجم له الشوكاني في (البدر الطالع) وأثنى عليه، وأثنى على حاشيته على الكشَّاف، قال: هي أفضل الحواشي على الإطلاق.

طالب: ..........

لا، حقيقة هو ردٌّ على الزمخشري في اعتزالياته وأطال فيها.

طالب: من أهل الشام هو؟

الطيبي؟

طالب: نعم.

ما أدري بالتحديد، الآن ما أدري، وذكر الشوكاني حياته من أولها إلى آخرها، وترجم لراعي المناسبات برهان الدين البقاعي، وأثنى عليه في (البدر الطالع) وذمَّ صنيعه في (فتح القدير).

طالب: ما هو الذي لا يجوز الظن أو الاعتقاد؟

الظن السوء.

طالب: يعني أني أعتقد شيء يصير مجرد الاعتقاد محرَّم وأنا ما بعد تكلمت وما عملت شيئًا؟

لا، لا بُد أن تتكلم وتعمل إلا في الحرم {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ}[الحج:25].

طالب: ما الذي يكون النهي عنه بالآية النهي عن ماذا بالضبط؟

عن الظن السيئ.

طالب: يعني الاعتقاد ولا... يعني هل أنا مُحاسب على الاعتقاد ولا لا؟

من الاعتقاد {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ}[البقرة:46] وهذا واجب وظن، فالظن له معانٍ كثيرة يصل إلى اليقين في مثل هذه الآية، ويصل إلى أن يكون أكذب الكذب، فهو مراتب ما هي مرتبة واحدة.

طالب: جزاك الله خيرًا يا شيخ.

بارك الله فيك.

طالب: أحد الناس يا شيخ نوى في قرارة نفسه أن يستقر في مكة فظل فيها ثلاث سنوات، ثم حجَّ مفردًا ولم يطف طواف الوداع؟

جلس في مكة؟

طالب: جلس في مكة.

ما عليه طواف وداع.

طالب: ظل بعدها ستة أشهر، ثم طرأ به طارئ فعاد لبلاده.

هو ما كان ينوي الانتقال من مكة بعد الحج؟

طالب: لا.

إن وادع فهو أحوط، وإلا فلا، ما عليه شيء.