الصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، فالصلاة في المسجد النبوي بهذا الفضل العظيم والمضاعفات الكثيرة، ومنهم من يخصها بالفريضة؛ لأن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة، وعلى هذا لو صلى النافلة في المسجد النبوي ما حصلت له هذه المضاعفة، ومنهم من يقول إن المضاعفة تحصل في المدينة بالنسبة للفرائض في المسجد، و حتى النوافل في البيوت، وفضل الله واسع. وفي الحديث: «صلاة في مسجدي هذا» [البخاري: 1190] وهي نكرة في سياق الامتنان، والنكرة في سياق الامتنان تفيد العموم عند أهل العلم فتشمل جميع الصلوات، الصلوات المتاحة تضاعف، والصلوات الممنوعة أو المرغب في ما سواها كصلاة الرجل بالنسبة للنافلة أو صلاة المرأة في بيتها كلهم يريد هذه المضاعفة، لكن النص دل على أن صلاته في بيته أفضل من صلاته في المسجد إذا قلنا بعموم لفظ (الصلاة)، فصلاة المرء في بيته في المدينة مضاعفة إلى هذا العدد عند جمع من أهل العلم، لأن النص شامل للفرائض والنوافل. وكذلك الصلاة في مكة مضاعفة، لكن مكة جاء فيها ما يدل على أن حدود الحرم كلها مسجد، والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام فإنها بمائة ألف صلاة. قد يقول قائل: إن مكة والمدينة مستثنيات بالنسبة للنوافل، فصلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة في ما عدا المسجدين، ولذا نجد من يحرص على أداء السنن في المسجد الحرام رجاء لهذه المضاعفات. نقول: ليس فيه ما يخص المسجدين، والنص لما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- قاله في المسجد النبوي، فدل على أن النافلة أفضل مطلقًا في البيوت. وقد يعرض للمفوق المفضول ما يجعله فائقًا فاضلًا، فكون الشخص ممن يقتدى به فيصلي في المسجد ليراه الناس، ويرى الناس كيف يصلي، ويصحح بعض الناس صلاته من خلال النظر إليه، وكذلك قد يتهم الإنسان بأنه مفرِّط ولا يصلي النوافل، فيصلي أحيانًا في المسجد. المقصود أن مثل هذه الأمور مراعاة.