الأثر المترتب على اختلاف الفقهاء فيما يُدركه المسبوق من الصلاة

السؤال
ما الأثر المترتب على خلاف الفقهاء في أن دخول المسبوق في الصلاة يُعدُّ أول صلاته، أو يعدُّ آخر صلاته؟
الجواب

ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» [البخاري: 636] هذه رواية الأكثر، وجاء أيضًا عنه –عليه الصلاة والسلام- بلفظ: «وما فاتكم فاقضوا» [أبوداود: 572]، استدل بالرواية الأولى مَن يقول: إن ما يُدركه المسبوق هو أول صلاته، وما يقضيه هو تمام صلاته، أي: ما يصليه بعد سلام الإمام هو آخر صلاته، ولا شك أن رواية الأكثر هي: «فأتموا»، والرواية الأخرى –وهي صحيحة-: «وما فاتكم فاقضوا» تمسَّك بها من يقول: إن ما يُدركه المسبوق هو آخر صلاته، وما يقضيه هو أول صلاته، ولكن رواية الأكثر –كما ذكرنا-: «فأتموا»، وعلى هذا فالمُرجَّح أن ما يُدركه المسبوق هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته.

ويترتَّب على هذا أنه على القول الأول -وهو أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته- أن تكبيرة الإحرام في موضعها، والسلام في موضعه، وتترتَّب الصلاة وتتناسق مع ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من أن الصلاة تُبدأ بتكبيرة الإحرام ثم الاستفتاح ثم الفاتحة... وتُختتم بالتسليم، لكن على القول الثاني -وهو أن ما يدركه المسبوق هو آخر صلاته- تكون تكبيرة الإحرام في غير الركعة الأولى، قد تكون في الركعة الثانية، قد تكون في الركعة الثالثة، قد تكون في الركعة الأخيرة، قد تكون في آخر صلاته قبل السلام، ثم بعد ذلك في القضاء يبدأ بالركعة الأولى، ثم الثانية، وقد يكون السلام في الركعة الأولى على هذا القول؛ لأن ما يقضيه بعد سلام الإمام هو أول صلاته، فمَن فاته ركعة واحدة: هي أول صلاته ثم يسلم بعدها! لا شك أن هذا خلل. وكذلك في صلاة المغرب إذا فاته ركعتان –مثلًا- فمَن يقول: إن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، يأتي بهذه الركعة التي أدركها مع الإمام، ثم يأتي بالثانية، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بالثالثة، ثم يتشهد ويسلِّم، وعلى قول من يقول: إن ما يدركه هو آخر صلاته، تكون الركعة التي أدركها مع الإمام هي الثالثة، ثم إذا سلَّم الإمام يأتي بالأولى والثانية من غير فصل بتشهد، ثم يسلِّم، فتكون المغرب مقلوبة. وعلى كل حال المرجَّح من أقوال أهل العلم: أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته. وعلى هذا في صلاة المغرب يجلس للتشهد الأول بعد إتيانه بالركعة الثانية.

وحتى على رواية: «فاقضوا»، يُمكن حملها على الرواية الأولى: «فأتموا»؛ لأن القضاء لا يَطَّرد في كونه ما يُفعل بعد وقته، وإنما أيضًا يأتي لما يُفعل ابتداءً، كما في قوله -جل وعلا-: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12] فالقضاء يأتي بمعنى ابتداء الفعل، كما أنه يأتي لما يُفعل بعد وقته أو بعد فعله.