شرح العقيدة الطحاوية (43)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
"بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين.
قال الشارح رحمه الله تعالى:
هذه الأمور من أركان الإيمان قال تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [سورة البقرة:285] الآيات وقال تعالى {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [سورة البقرة:177] الآية."
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
تقدم الكلام في الركن الأول من أركان الإيمان وهو الإيمان بالله ثم بعد ذلك ذكر المؤلف رحمه الله تعالى الإيمان بالملائكة ثم النبيين والكتب هذه أربعة أركان، ويبقى الخامس والسادس ويأتي الكلام فيها مفصلاً إن شاء الله تعالى.
"فجعل الله سبحانه وتعالى الإيمان هو الإيمان بهذه الجملة وسمى من آمن بهذه الجملة مؤمنين كما جعل الكافرين من كفر بهذه الجملة بقوله {وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} [سورة النساء:136] وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق على صحته حديث جبريل وسؤاله للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان فقال «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» فهذه الأصول التي اتفقت عليها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا أتباع الرسل وأما أعداؤهم ومن سلك سبيله من الفلاسفة وأهل البدع فهم متفاوتون في جحدها وإنكارها وأعظم الناس لها إنكارا الفلاسفة الذين يسمون عند من يعظمهم بالحكماء فإن من علم حقيقة قولهم علم أنهم لم يؤمنوا بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الآخر فإن مذهبهم أن الله سبحانه وجود مجرد لا ماهية ولا حقيقة فلا يعلم الجزئيات في أعيانها وكل موجود في الخارج فهو جزئي ولا يفعل عندهم بقدرته ومشيئته وإنما العالَم عندهم لازم له أزلاً وأبدًا وإن سموه مفعولاً له فمصانعةَ.."
مصانعةٌ.
"فمصانعةٌ ومصالحة للمسلمين في اللفظ.."
يعني مداهنة ومداراة للمسلمين لا يستطيعون أن يصرّحوا بالنفي، فتوصلوا إلى نفيهم بهذه الأوهام التي أبدوها وعلومهم كلها مبنية على أوهام لا حقيقة لها في الواقع، ومن قرأ كتبهم علم حقيقة مذهبهم، ومما يمثَّل به لعامة الناس في حقيقة الفلسفة ما ذكرناه قبل عدة دروس أن الذي زعم أنه حصل على الدكتوراه في الفلسفة وقال لأبيه أنا صرت دكتورا فقال له أبوه، كبير في السن ولا يعرف هذه الاصطلاحات ولا يعرف إلا الدكتور الذي يعالج الناس الطبيب، ففرح الوالد فقال: تعالجنا وتعالج إخوانك وأخواتك تريحنا من المستشفيات قال لا، الأمر أعظم من ذلك قال كيف؟ قال أجل دكتور في الفلسفة!! هذا كلام منطبق تمام الانطباق على كلامهم في كتبهم، كلها أوهام وخيالات لا حقيقة لها في الواقع، كيف دكتور؟ قال في الفلسفة، قال ما معنى الفلسفة؟ كانوا جالسين على الغداء، صحن عليه رز ودجاجة واحدة قال يا والدي أنا أستطيع أن أقنعك أن الذي على الصحن دجاجتان ليست واحدة، قال جيد إذن بدل ما نشري كرتونين نشري كرتونا واحدا يصير اثنين، قال أقنعك على أن الذي على الصحن دجاجتان؟ قال لا تقنعني ولا أقنعك، هذه الدجاجة لي والثانية التي تريد أن تقنعني بها لك، لا حقيقة ولا رصيد لكلامهم في الواقع مطلقًا وهو مثل هذه الدجاجة يقنعون الناس بكلام لا يثبت منه شيء، انظر مجرد لامهية ولاحقيقية ولا جزئيات، وكل موجود في الخارج فهو جزئي فهمتم شيئا؟! يوجد شيء ثبت في الذهن يمكن أن يلجأ إليه وقت الحاجة؟! لا يوجد شيء، هم في حقيقة مذهبهم النفي المطلق، لكن يريدون أن يعيشوا بين المسلمين ويضحكوا على السذج من الناس، ومع الأسف أنه فتن بهم بعض من عنده شيء من العلم.
"وليس عنده بمفعول ولا مخلوق ولا مقدور عليه ولا ينفهون عنه.."
وينفون.
"وينفون عنه سمعه وبصره وسائر صفاته فهذا إيمانهم بالله، وأما كتبه عندهم فإنهم لا يصفونه بالكلام فلا تكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعال على قلب بشر زاكي النفس طاهر متميز عن النوع الإنساني.."
فاض معناه انتقل من مكان إلى مكان بدون حروف ولا أصوات ما تكلم ولا يتكلم كيف انتقل؟ هذا من هذيانهم.
طالب: ..........
نفس الشيء.
طالب: ..........
هو منهم، في حقيقته منهم.
طالب: ..........
العقل الفعّال يكنون به عن الله- جل وعلا-.
طالب: ..........
جبريل عندهم لكنه الله-جل وعلا- عنده عقل يعني فعال يعني فاعل مؤثر.
"متميز عن النوع الإنساني بثلاث خصائص قوة الإدراك وسرعته لينال العلم أعظم مما يناله غيره وقوة لنفس ليؤثر بها في هَيْوَلِيّ.."
لا، هُيُوْلَى.. رددتها عليك قبل بضع دروس، وما علّق عليها تحت؟ الهُيُوْلَى مادة الشيء التي يُصنَع منها كالخشب للكرسي والحديد للمسمار والقطن للملابس القطنية.
"وقوة النفس ليؤثر بها في هيُوْلَى العالم بقلب صورة إلى صورة وقوة التخييل ليخيل بها القوى العقلية في أشكال محسوسة وهي الملائكة عندهم، وليست في الخارج ذات منفصلة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء وترى وتخاطب الرسول وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجود لها في الأعيان، وأما اليوم الآخر فهم أشد الناس تكذيبًا به وإنكارًا له في الأعيان وعندهم أن هذا العالم لا يخرب ولا تنشق السموات ولا تنفطر ولا تنكدر النجوم ولا تكور الشمس والقمر ولا يقوم الناس من قبورهم ويبعثون إلى جنة ونار، كل هذا عندهم أمثال مضروبة لتفهيم العوام لا حقيقة لها في الخارج كما يفهم منها أتباع الرسل فهذا إيمان هذه الطائفة الذليلة الحقيرة بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وهذه هي أصول الدين الخمسة."
يعني عندهم.
طالب: ..........
إيه سيأتي الكلام عن المعتزلة بينهم فروق طفيفة..
طالب: ..........
الفلاسفة حكماء..
طالب: ..........
يعني ينظرون مثلاً ابن سينا والفارابي.
طالب: ..........
إيه وغيرهم كثير.
طالب: ..........
لا فرق لأن ما يقرره الفارابي نفس الشيء وما يقرره ابن سينا نفس الشيء لا فرق، قد يقرب منه بعضهم من الإسلام باعتبار أنه في بيئة يخاف فيها على نفسه ثم يتقرب بشيء من القرب وإلا أصولهم واحدة، الفارابي في آخر عمره تَنَسَّك وجاور بمكة صار صوَّاما قوَّاما بمكة لكن يصوم عمّا أحل الله له ويفطر على الخمر المعتَّق وأفئدة الحُمْلان، مثل هؤلاء لو أراد من سبقت عليه الشقوة والشقاوة لا حيلة فيه والله المستعان.
طالب: ..........
لا، هو عنده علم من الشرع ويوافقهم في كثير من الأمور ولما رد الغزالي على الفلاسفة بالتهافت رد عليه بتهافت التهافت.
"وقد أبدلتها المعتزلة بأصولهم الخمسة التي هدموا بها كثيرًا من الدين فإنهم بنوا أصل دينهم على الجسم والعرَض الذي هو الموصوف والصفة عندهم، واحتجوا بالصفات التي هي الأعراض على حدوث الموصوف الذي هو الجسم، وتكلموا في التوحيد على هذا الأصل فنفوا عن الله كل صفة تشبيهًا بالصفات الموجودة في الموصوفات التي هي الأجسام.."
التوحيد عندهم نفي الصفات، نفي الأسماء والصفات هو التوحيد عند المعتزلة؛ لأن معنى التوحيد عدم التعدد وإثبات الصفات تعدد فالتوحيد عندهم نفي الصفات نعوذ بالله.
"ثم تكلموا بعد ذلك في أفعاله التي هي.."
أثبتوا أسماء لا حقيقة لها في الواقع سميع بغير سمع، بصير بغير بصر، فهم في الحقيقة مآلهم إلى نفي الجميع.
"ثم تكلمّوا بعد ذلك في أفعاله التي هي القدر وسموا ذلك العدل ثم تكلموا في النبوة والشرائع والأمر والنهي والوعد والوعيد."
ومذهبهم في القدر إثبات خالق غير الله- جل وعلا- إثبات أن العبد يخلق فعله.
طالب: ..........
مابهم؟
طالب: ..........
السلف كفروا من قال بخلق القرآن، لكن أعيانهم مثل ما يقول الزمخشري مثلاً أنه كافر والا ما هو بكافر هنا يرد التفصيل.
"وهي مسائل الأسماء والأحكام التي هي المنزلة بين المنزلتين ومسألة إنفاذ.."
يعني في الحكم عليه في الدنيا في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر، وأما بالنسبة للآخرة مسألة إنفاذ الوعيد وأنهم خالدون مخلدون في النار- نسأل الله العافية-.
"ومسألة إنفاذ الوعيد ثم تكلموا في إلزام غير ذلك الذي هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضمنوه جواز الخروج على الأئمة بالقتال فهذه أصولهم الخمسة التي وضعوها بإزاء أصول الدين الخمسة التي بعث بها الرسول والرافضة المتأخرون جعلوا الأصول أربعة التوحيد والعدل والنبوة والإمامة وأصول أهل السنة تابعة.."
الرافضة هم معتزلة في الأسماء والصفات والقدر، في هذا الباب معتزلة يزيدون عليه في مسألة الصحابة والإمامة.
"وأصل الدين.."
أصول.. ماذا؟
عندنا وأصل..
وأصول أهل السنة..
قرأتها يا شيخ..
"وأصول أهل السنة تابعة لما جاء به الرسول وأصل الدين الإيمان بما جاء به الرسول كما تقدم بيان ذلك، ولهذا كانت الآيتان من آخر سورة البقرة لما تضمنتا هذا الأصل لهما شأن عظيم ليس لغيرهما ففي الصحيحين عن أبي مسعود عقبة بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه»."
إيه على خلاف بين أهل العلم في المراد بكفتاه هل تكفيانه من قيام الليل أو تكفيانه الشرور والآفات في هذه الليلة، والله المستعان.
طالب: ..........
هي ستة، بالنسبة لأركان الإسلام ستة.
"وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما.."
لكن باعتبار ما يذكرون في أصولهم الخمسة الإيمان بالله هي في مقابل الباقي بعد الإيمان بالله فتكون خمسة.
طالب: ..........
إيه نعم.
طالب: ..........
وين؟
طالب: ..........
عندهم الإيمان بالقدر، أصل الإيمان بالقدر عند المعتزلة الذي هو العدل.
"وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينا جبريل قاعد عند النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع نقيضًا من فوقه فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملَك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخاتم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما إلا أوتيته" وقال أبو طالب المكي أركان الإيمان سبعة يعني هذه الخمسة والإيمان بالقدر، والإيمان بالجنة والنار، وهذا حق والأدلة عليه ثابتة محكمة قطعية، وقد تقدمت الإشارة إلى دليل التوحيد والرسالة."
أبو طالب المكي صوفي له كتاب قوت القلوب الذي اعتمد عليه الغزالي في إحياء علوم الدين وصوفي وشوب البدعة ظاهر وهو من فرقة السالِمِية أتباع ابن سالم البصري والله المستعان.
طالب: ..........
أوتي أعطيت إياه.
طالب: ..........
وش هو؟
طالب: ..........
هي أدعية تعطاه تجاب يعني قد فعلت قد فعلت.
طالب: ..........
ما هو السابع عندكم؟
طالب: ..........
هذا السادس، هذا البعث بعد الموت.
طالب: ..........
البعث بعد الموت هو اليوم الآخر.
طالب: ..........
الجنة والنار على ما قال أبو طالب، الإيمان بالجنة والنار من الإيمان باليوم الآخر داخل في الإيمان باليوم الآخر.
طالب: ..........
هو داخل في الإيمان باليوم الآخر مثل ما يقول بعض أهل السنة الجهاد ركن سادس من أركان الإسلام، لكن المتفق عليه ما جاءت به النصوص أنها ستة ولو فصلت وفرعت شعب الإيمان كثيرة.
"وأما الملائكة فهم الموكَّلون بالسموات والأرض فكل حركة في العالم فهي ناشئة عن الملائكة كما قال تعالى {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} [سورة النازعات:5] وقال تعالى {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً} [سورة الذاريات:4] وهم الملائكة عند أهل الإيمان وأتباع الرسل وأما المكذبون بالرسل المنكرون للصانع فيقولون: هي النجوم وقد دل الكتاب والسنة على أصناف الملائكة وأنها موكلة بأصناف المخلوقات وأنه سبحانه وكل بالجبال ملائكة ووكل بالسحاب والمطر ملائكة ووكل بالرحم ملائكة تدبر أمر النطفة حتى يتم خلقها ثم وكل بالعبد ملائكة لحفظ ما يعمله وإحصائه وكتابته ووكل بالموت ملائكة ووكل بالسؤال في القبر ووكل بالأفلاك ملائكة يحركونها ووكل بالشمس والقمر ملائكة ووكل بالنار وإيقادها وتعذيب أهلها وعمارتها ملائكة ووكل بالجنة وعمارتها وغراسها وعمل آلاتها ملائكة فالملائكة أعظم جنود الله ومنهم المرسلاتُ عرفًا والناشراتُ نشرًا.."
نعم لأنها لا على سبيل القراءة والحكاية هذا موقعها من الإعراب بالرفع.
"والفارقاتُ فرقا والملقياتُ ذكرا ومنهم النازعاتُ غرقًا والناشطاتُ نشطًا والسابحاتُ سبحًا فالسابقاتِ سبقًا.."
كلها مرفوعة من حيث الموقع الإعرابي وإن قرأتها على الحكاية جررتها.
"فالسابقاتُ سبقا ومنهم الصفاتُ صفا فالزاجراتُ زجرًا.."
الملائكة أعظم جنود الله يعني جبريل عليه السلام له ستمائة جناح، قلب قرى قوم لوط بجناح واحد فكيف لو استعمل الستمائة والله المستعان، جاء في أوصاف بعضهم شيء لا تدركه العقول والأفهام فضلاً عن الأوهام.
"ومنهم الصافاتُ صفًا فالزاجراتُ زجرا فالتالياتُ ذكرًا ومعنى جمع التأنيث في ذلك كله الفرق والطوائف والجماعات التي مفردها فرقة وطائفة وجماعة."
يعني أنكر الله- جل وعلا- وبشدة وبقوة على من وصف الملائكة بأنهم بنات الله وأنهم إناث وجاء وصفهم وتسميتهم كلها بجموع الإناث لماذا؟ الصافات الناشرات النازعات أجاب المؤلف عن ذلك: ومعنى جمع التأنيث في ذلك الفرق والطوائف والجماعات التي مفردها فرقة وطائفة وجماعة، الرجال جمع مذكر لكن تحدثت عنه وأسندت إليه جاز التأنيث قامت الرجال وجاءت الرجال إلى آخره.
"ومنهم ملائكة الرحمة وملائكة العذاب وملائكة قد وكلوا بحمل العرش وملائكة قد وكلوا بعمارة السماوات بالصلاة والتسبيح والتقديس إلى غير ذلك من أصناف الملائكة التي لا يحصيها إلا الله تعالى ولفظ الملك يشعر بأنه رسول منفذ لأمر مرسله فليس لهم من الأمر شيء بل الأمر كله للواحد القهار وهم ينفذون أمره قال تعالى {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } [سورة الأنبياء:27-28] وقال تعالى {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [سورة النحل:50] فهم عباد له مكرمون منهم الصافون ومنهم المسبحون ليس منهم إلا له مقام معلوم لا يتخطاه وهو على عمل وقد أمر به لا يقصر عنه ولا يتعداه وأعلاهم الذين عنده {وَلَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ } [سورة الأنبياء:19-20]."
الآية كاملة عندك؟ الآية الأولى كاملة؟ عندنا لا يستكبرون عن عبادته عندك كاملة؟
طالب: ........
نعم.
"ورؤساؤهم الأملاك الثلاثة: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل الموكلون بالحياة فجبريل موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب.."
الذي به ماذا عندك؟ الذي به حياة القلوب والأرواح.
"فجبريل موكَّل بالوحي الذي به حياة القلوب والأرواح وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم فهم رسل الله في خلقه وأمره وسفراؤه بينه وبين عباده ينزلون بالأمر من عنده في أقطار العالم ويصعدون إليه بالأمر قد أَطَّت السموات بهم وحق لها أن تئِطّ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك قائم أو راكع أو ساجد لله."
وهذا معروف بحديث الأطيط والعلماء مختلفون في ثبوته وعدمه، ولا شك أن أسانيده فيها مقال لكن بطرقه يرتقي إلى درجة القبول إلى الحسن وإلا مفرداته ضعيفة، ومن أغرب ما سمعت من الاستنباط وهو استنباط قد لا يكون لأحد من أهل العلم، وإنما يكون تداولا ومطارحة في مجلس أو شيء قالوا إنه يجوز أن يكون المصلي وجاره أربعة أصابع في الحديث «ألا تصفون كما تصف الملائكة؟» وهنا ما فيها موضع أربع أصابع يعني وجه الاستنباط ظاهر أو خفي؟ «ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم» يعني أقل من أربعة أصابع فيه يعني بالمفهوم، وتحدث أهل العلم ومنهم الشاطبي وأطال في الدلالة الأصلية والدلالة التبعية الفرعية، الدلالة الأصلية التي سيق الحديث من أجلها هذه معتبرة عند أهل العلم قاطبة، لكن الدلالة الفرعية التبعية هذه لم يُسَق الحديث من أجلها والذي قرره الشاطبي أنها ليست بحجة وعلى ذلك أمثلة.
طالب: ........
لا، ليست بصغيرة كلام..
طالب: ........
لا لا، لا يوجد فراغ أربعة أصابع ..
طالب: ........
نعم، بينهم.
من الدلالات الفرعية التي استدل بها بعض أهل العلم حديث «إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيرًا إلى منتصف النهار بدينار ثم استأجر أجيرًا إلى وقت العصر بدينار ثم استأجر أجيرا من وقت العصر إلى غروب الشمس بدينارين فاحتج أهل الكتاب وقالوا نحن أكثر عملاً وأقل أجرًا» فاليهود عملوا إلى نصف النهار إلى وقت إلى دخول وقت صلاة الظهر، والنصارى عملوا إلى دخول وقت صلاة العصر، والمسلمون كمن عمل إلى غروب الشمس «فقال اليهود والنصارى نحن أكثر عملاً وأقل أجرًا» استدلوا بذلك على أن وقت الظهر أقل من وقت صلاة العصر ولا يتم ذلك إلا إذا قلنا أن وقت صلاة الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثليه هل الحديث سيق لهذا؟ ليقول ينتهي وقت صلاة الظهر لمصير ظل كل شيء مثليه ووقت صلاة العصر يبدأ من مصير ظل كل شيء مثليه، وهذا ما يقوله الحنفية يستدلون بهذا الحديث في مقابل حديث عبد الله بن عمرو في الصحيح «ووقت صلاة الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله ووقت صلاة العصر من مصير ظل كل شيء مثله» إلى غروب الشمس، إلى أنت تغرب الشمس في مقابل هذا الحديث الذي سيق لبيان الأوقات وهو مفسَّر ومبيَّن، وعلى سبيل التنزل وقت صلاة الظهر حتى على القول بأنه ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله أطول من وقت صلاة العصر والتقويم شاهد بذلك، صحيح أن بعض الأقاليم وبعض الأقطار قد يطول فيها وقت على آخر لكن العبرة بالبلدان المستوية لا في أقصى الشمال ولا في أقصى الجنوب هذه يختلف وضعها، لكن وقت صلاة الظهر أطول من وقت صلاة العصر حتى على القول بأن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله، فكيف نترك النصوص التي سيقت لبيان المواقيت إلى مثل هذا الخبر الذي سيق لأمر آخر؟ هذه دلالة تبعية بل فرعية لا يلتفت إليها عند أهل العلم، منهم من قال في حديث عائشة «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» قال الحائض تقرأ القرآن لأنه ما استثنى إلا الطواف، هل الحديث سيق لهذا أو سيق لبيان المناسك؟ نقول مثل هذا الاستدلال أنه يسوغ أن يكون بينك وبين جارك أربعة أصابع فما دون نقول هذا لا يتم الاستدلال به لأنه ما سيق لذلك وليس فيه دلالة واضحة على هذا.
طالب: ........
كانوا يتراصّون في الصف، الملائكة يتراصّون في الصف كالبنيان المرصوص، ما وجه إدخال مثل هذا؟
طالب: ........
من حول العرش.
طالب: ........
كانت الصلاة حول الكعبة ما فيها استدارة أول من الأمر، فأمر ابن الزبير بالاستدارة، كان كل المصلين على جهة واحدة، كثر الناس في عهد ابن الزبير فأمرهم بالاستدارة ويصح أنه من كل جهة مستقبل القبلة.
طالب: ........
ما هو؟
طالب: ........
الكُرُبِيُّوْن.
طالب: ........
نعم، صحيح.
طالب: ........
بناء على أوصافهم وما جاء عنهم.
طالب: ........
ليست على إطلاقها ولذلك يستنبط أهل العلم من الحديث الواحد مائة مسألة منها ما يقرب ومنها ما يبعد، لكن في مسألة المعارَضة إذا عُورِض الخبر بدلالة أصلية الدلالة التبعية ملغاة بلا شك فلا كلام الشاطبي مقبول ولا الاستدلال بها مقبول بإطلاق.
"ويدخل البيت المعمور منهم كل يوم سبعون ألفًا لا يعودون إليه آخر ما عليهم والقرآن مملوء بذكر الملائكة وأصنافهم ومراتبهم فتارة يقرن الله تعالى اسمه بأسمائهم وصلاته بصلاتهم ويضيفهم إليه في مواضع التشريف وتارة يذكر حفهم بالعرش وحملهم له وبراءتهم من الذنوب وتارة يصفهم بالإكرام والكرم والتقريب والعلو والطهارة والقوة والإخلاص قال تعالى {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [سورة البقرة:285] وقال تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ} [سورة آل عمران:18] وقال تعالى {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [سورة الأحزاب:43] وقال تعالى {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ} [سورة غافر:7]."
العطف على العظيم يقتضي التعظيم والعطف على الشريف يقتضي التشريف {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ} [سورة البقرة:285] {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ} [سورة آل عمران:18] عطفهم عليه- جل وعلا- يقتضي تعظيمهم وتشريفهم كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر» لما ركب البقرة التفتت إليه وقالت ما خُلِقنا لهذا فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- «آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر» ذكر غيره من الصحابة أو ذكر دونهم من الصحابة والله المستعان.
"{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [سورة غافر:7] وقال تعالى {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [سورة الزمر:75] وقال تعالى {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [سورة الأنبياء:26] وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [سورة الأعراف:206] وقال تعالى {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [سورة فصلت:38] وقال تعالى {كِرَاماً كَاتِبِينَ} [سورة الانفطار:11] وقال تعالى {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [سورة عبس:16] وقال تعالى {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [سورة المطففين:21] وقال تعالى {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى} [سورة الصافات:8] وكذلك الأحاديث النبوية طافحة بذكرهم فلهذا كان الإيمان بالملائكة أحد الأصول الخمسة التي هي أركان الإيمان فقد تكلم الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر."
طالب: ........
لا يوجد إلا المال؟
طالب: ........
كرم الخلُق، كرم النفس، الجود ببذل المعروف، نفع الناس، نفع الخلق هذا كله كرم.
طالب: ........
الاعتقاد الجازم الذي لا يعتريه أي تردد يعني القطعي، الإيمان القطعي بهم ومعرفة من سماه الله جل وعلا منهم والإيمان ببقيتهم إجمالاً، وعلى المسلم أن يحرص على أن يعرف ما ورد عن الله وعن رسوله في هذه الأركان.
طالب: ........
قد تكلم الناس..؟ المسألة طويلة يا إخوان وتعرفون أن هذا آخر الدروس بالنسبة لهذا الفصل لأن دوامنا الأسبوع القادم- إن شاء الله في الطائف- ونقف على مسألة المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر لأن الكلام فيها طويل يحتاج إلى وقت طويل.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه...