شرح العقيدة الطحاوية (49)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
"بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الدمشقي رحمه الله تعالى:
وأما زيادة الإيمان من جهة الإجمال والتفصيل فمعلوم أنه لا يجب في أول الأمر ما وجب بعد نزول القرآن كله ولا يجب على كل أحد من الإيمان المفصّل مما أخبر به الرسول مما يجب على من بلغه خبره كما في حق النجاشي وأمثاله وأما الزيادة بالعمل والتصديق المستلزم لعمل القلب والجوارح فهو أكمل من التصديق الذي لا يستلزمه فالعلم الذي يعمل به صاحبه أكمل.. أكمل من العلم الذي الذي لا يعمل به فإذا لم يحصل اللازم دل على ضعف الملزوم ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «ليس المخبَر كالمعايِن» وموسى عليه السلام لما أُخبر أن قومه عبدوا العجل لم يُلْقِ الألواح فلما رآهم قد عبدوه ألقاها وليس ذلك لشك موسى في خبر الله لكن المخبَر وإن جزم بصدقه المخبِر فقد لا يتصوَّر المخبرُ به.."
المخبَر المخبَر به.
"فقد لا يتصور المخبَر به في نفسه كما يتصوره إذا عاينه كما قال إبراهيم الخليل صلوات الله عليه {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [سورة البقرة:260]."
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الشارح رحمه الله وأما زيادة الإيمان من جهة الإجمال والتفصيل الإيمان كما تقدم عند أهل السنة والجماعة قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية يقول وأما زيادة الإيمان من جهة الإجمال والتفصيل من جهة الإجمال والتفصيل من جهة الإجمال كما ذكر أن المسلم والإسلام في أول الأمر قبل نزول الشرائع والمسلم في أول أمره إذا دخل في الإسلام فإنه يجب عليه الإيمان مجملاً ثم يجب عليه الإيمان بما يبلغه تفصيلاً كما أنه يجب عليه الإيمان بالرسل إجمالاً وما بلغه منهم في كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- يجب الإيمان به تفصيلاً وقل مثل هذا في الكتب وقل مثل هذا في الشرائع فالذي مات قبل أن تفرض الصلاة ليس كمن مات بعد فرضها والذي مات قبل أن تفرض الزكاة والصيام ليس إيمانه تفصيلاً بشرائع الإسلام مثل من مات قبل ذلك وهكذا فالشرائع مازالت يزاد فيها ويشرع أمور وأحكام لم تكن شرعت من قبل ويحرم أمور لم تكن حرمت من قبل وهكذا حتى نزل قوله جل وعلا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [سورة المائدة:3] فما تزال الزيادة إلى أن نزلت الآية فكل بحسبه من أدرك شيئا من هذه الشرائع وجب عليه الإيمان به تفصيلا ومن لم يدرك شيئا من ذلك ومات في أول الإسلام بعد النطق بالشهادتين والإقرار بما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- إجمالا هذا يكفي وكذا من وُجد بعد الشرائع في مكان أو في بلد لا يبلغه شيء من هذه الشرائع فعليه الإيمان بما بلغه كالنجاشي مثلاً صلى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- نعى النجاشي يوم موته وخرج بالناس وصلى عليه مع أنه ما بلغه شيء من الشرائع إلا الإيمان بالله ورسوله وما بلغه من مجملات الإيمان أما التفاصيل فلا يطالب بها لأنها لم تبلغه {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [سورة الإسراء:15] {لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [سورة الأنعام:19] هذا من حيث الإجمال التفاصيل زيادة الإيمان تفصيلاً لا شك أن هذا يجده كل شخص من نفسه يوم يكون الإيمان عنده مرتفع لأنه عمل بشرائع الإسلام كما ينبغي ولم يرتكب شيئًا من المحرمات فهذا يزداد عنده الإيمان بخلاف من فرّط بشيء من الواجبات أو ارتكب شيئًا من المحرمات لا شك أن الإيمان يضعف عنده حتى جاء مثل قوله -عليه الصلاة والسلام- «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن» إلى آخره في حديث ليس المخبَر كالمعايَن عندنا خبر قطعي وخبر ظني وعندنا عِيَان فعندنا يقين وعندنا حق اليقين وعندنا عين اليقين هذه متفاوتة الخبر الظني الذي يحتمل النقيض ولا يُجزَم به وإن كان سنده صحيحًا عند أهل العلم ليس كالخبر المقطوع به المجزوم به كخبر ما جاء كما جاء في القرآن وفي متواتر السنة هذا أمر مقطوع به لا يُتردد فيه ونتيجته كالمعايَن ولذا يعبَّر عن بعض الأخبار التي بلغت بطريق التواتر بالرؤية لأنها مثلها في القطعية {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [سورة الفيل:1] الرسول رأى والا ما رأى؟ ما رأى لكن بلغه بطريق التواتر هو ما بلغه بالقرآن إنما بلغه ممن عاصرهم ووجد فيهم كلهم أخبروه أن خبر الفيل وأصحاب الفيل كلهم تواطئوا على هذا الخبر ونقلوه بطريق مُلزِم فعُبِّر عنه بالرؤية خبر الفيل يعني هو في العام الذي ولد فيه -عليه الصلاة والسلام- تقول قريب هذا وممكن ألا ينسى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [سورة الفجر:6] عُبر عنه بالقطعية بالرؤية لأنه تواتر تواترًا قطعيا يشبه الرؤية لكن مهما بلغ الخبر لن يكون كالمعاينة ليس المخبَر كالمعايِن والدليل على ذلك أنه في سياق هذا الحديث أن موسى -عليه الصلاة والسلام- لما أُخبِر أن قومه عبدوا العجل ألقى الألواح؟ لا، لكن لما رآهم نعم يعني فرق بين أن يقال للشخص مات ولدك يتلقى هذا الخبر بحزن وإن كان على حد على قدر صبره وجلده ويقينه لكن إذا رآه بنفسه هل كون الإنسان يخبر عن ولده أنه دهسته سيارة مثل أن يرى هذا الحادث؟ ما أحد يقول مثله.
"وأيضًا فمن وجب عليه الحج والزكاة مثلاً يجب.."
في قوله جل وعلا على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن} [سورة البقرة:260] هل هذا شك في إيمان إبراهيم أو أن إبراهيم شك في إيمانه؟ لا، {قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [سورة البقرة:260] ليس الخبر كالمعاين الله جل وعلا أخبره أنه يحيي الموتى لكن هل هذا في وقوعه في النفس والقلب مثل إذا رأى ذلك ولذا جاء في الحديث الصحيح نحن أحق بالشك من إبراهيم لينفي عنه الشك نحن أحق في البخاري ومسلم «نحن أحق بالشك من إبراهيم ويرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي».
"وأيضًا فمن وجب عليه الحج والزكاة مثلاً يجب عليه من الإيمان أن يعلم ما أُمر به ويؤمن بأن الله أوجبه ما لا.."
الفقير هل يلزمه أن يتعلم من أحكام الزكاة ما يلزم الغني الذي تجب عليه الزكاة؟
الآن الذي الفقير الذي يأخذ الزكاة هل يلزمه أن يتعلم من أحكام الزكاة ما يلزم الغني الذي تجب عليه الزكاة؟ وقل مثل هذا في بقية الشرائع وكل يهتم بما يخصه كل يهتم بما يخصه لما قال أبو هريرة رضي الله عنه في حديث «من اقتنى كلبًا نقص من أجره كل يوم قيراط إلا كلب صيد أو ماشية» قال أبو هريرة «أو زرع» قال ابن عمر وكان أبو هريرة صاحب زرع استغل بعض المغرضين هذه العبارة فقالوا إن أبا هريرة زاد هذه الجملة أو هذه الكلمة لأنه يستفيد منها صاحب زرع يحتاج إلى أن.. هو أبو هريرة مرخص لنفسه؟! أو لكونه صاحب زرع احتاج أن يضبط هذه الكلمة؟! الآن لو أن طبيبًا ألقى محاضرة عن مرض من الأمراض على ألف شخص ولنفرض أنه مرض السكري مثلاً الذي أصيب به كثير من الناس على ألف شخص منهم مائة مصاب بهذا المرض إذا انتهت المحاضرة وتفرقوا هل يفقه التسعمائة من أعراض هذا المرض وما يعالَج به هذا المرض وما يخفف هذا المرض وما يسبب هذا المرض مثل المائة الذين أصيبوا به؟ لا، أبدا فكل من احتاج شيئًا لزمه أن يتعلم ما يعينه على تحقيقه والمكلَّف تلزمه الصلوات فعليه أن يتعلم من واجباتها وشروطها وأركانها ما يصحح هذا الواجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
"يجب عليه من الإيمان أن يعلم ما أُمر به ويؤمن بأن الله أوجبه ما لا يجب على غيره إلا مجملاً وهذا يجب عليه في الإيمان.."
فيه..
فيه؟ أحسن الله إليك.
"وهذا ما يجب عليه فيه الإيمان المفصَّل.."
لكن ما يقول قائل أن هذا الكلام يدل على أن طلاب العلم الذين يحضرون الدروس ويؤهلون أنفسهم ليقودوا الأمة بالعلم أن يقول خلاص أنا مادام أنا فقير ليش أدرس كتاب الزكاة ومادام أنا أعرج والا أعمى ليش أدرس كتاب الجهاد لا، هذا شيء ثاني هذا لك ولغيرك أنت ما تتعلم لنفسك فقط تتعلم لتنير الطريق لنفسك أولاً ولغيرك ثانيًا.
"وكذلك الرجل أول ما يسلم إنما يجب عليه الإقرار المجمل ثم إذا جاء وقت الصلاة كان عليه أن يؤمن بوجوبها ويؤديْها.."
يؤديَها.
"ويؤديَها فلم يتساوى الناس فيما أمروا به من الإيمان ولا شك أن من أن من قام في قلبه التصديق الجازم الذي لا يقوى على معارضته شهوة ولا شبهة لا تقع معه معصية ولولا ما حصل له من الشهوة والشبهة أو إحداهما لما عصى بل يشتغل قلبه ذلك الوقت بما يواقعه من المعصية فيغيب عنه التصديق والوعيد فيعصي ولهذا والله أعلم قال -صلى الله عليه وسلم- «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث فهو حين يزني يغيب عنه تصديقه بحرمة الزنى وإن بقي أصل التصديق في قلبه ثم يعاوده فإن المتقين كما وصفهم الله تعالى بقوله {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [سورة الأعراف:201] قال ليث عن مجاهد هو الرجل يهمّ بالذنب فيذكر الله فيدعه والشهوة والغضب مبدأ السيئات فإذا أبصر رجع ثم قال تعالى {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} [سورة الأعراف:202] أي وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي ثم لا يقصرون قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا الإنس تقصر عن السيئات ولا الشيطان ولا الشياطين تمسك عنهم فإذا لم يُبصِر يبقى قلبه في عمى والشيطان يمده في غيه وإن كان التصديق في قلبه لم يكذِّب."
يعني أصل التصديق موجود لأنه ما خرج من الإيمان بالكلية أصل التصديق موجود لكن ضعف هذا التصديق وهذا اليقين وهذا الإيمان فحصل منه ما حصل بسبب ذلك الضعف.
"فذلك النور والإبصار وتلك الخشية والخوف تخرج من قلبه وهذا كما أن الإنسان يغمض عينيه فلا يرى وإن لم يكن أعمى فكذلك القلب بما يغشاه من رين القلوب لا يبصر الحق وإن لم يكن أعمى كعمى الكافر وجاء هذا المعنى مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «إذا زنى العبد نزع منه الإيمان فإن تاب أعيد إليه» وإذا كان.."
المبصِر إذا أغمض عينيه صار لا يبصر وإن لم يكن أعمى بمعنى أنه إذا فتح عينيه أبصر وكذلك العاصي إذا رانت الذنوب على قلبه غطته وإن لم يكن كقلب الكافر مطبوع عليه لكنه إذا زال عنه هذا الرَّين بالتوبة النصوح وبالإكثار من السيئات من الحسنات فإنه يرجع إليه إبصاره ونور لا إله إلا الله يحرق ما في هذا القلب من الشبهات والشهوات.
"وإذا كان النزاع في هذه المسألة بين أهل السنة نزاعا لفظيا فلا محذور فيه سوى ما يحصل من عدوان إحدى الطائفتين على الأخرى والافتراق بسبب ذلك وأن يصير ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام المذموم من أهل الإرجاء ونحوهم وإلى ظهور الفسق والمعاصي بأن يقول أنا مؤمن مسلم حقًا كامل الإيمان والإسلام ولي من أولياء الله فلا يبالي بما يكون منهم من المعاصي وبهذا المعنى قالت المرجئة لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله وهذا باطل قطعًا."
هذا فرع عما تقدم من الشارح رحمه الله أن النزاع بين الحنفية الذين الكتاب أُسِّس على مذهبهم وجمهور الأئمة قالوا النزاع لفظي صوري فسواء قلنا أن الأعمال من أصل الإيمان ومن أركانه وأجزائه أو قلنا أنها خارجة عنه لكنه لا بد منها ويترتب عليها ما رتب عليها من العقوبات فعلاً للسيئات أو تركا للواجبات العلماء يقولون النزاع حقيقي وليس بلفظي ولا صوري فرق بين أن تكون الأعمال جزء من الإيمان وبين أن تكون خارجة عنه لكنه متوعَّد عليها وهناك فرق بين المرجئة الغلاة الذين يقولون لا دخل لهذه الأعمال بالإيمان ولا تضر معه كما أنه لا تضر الحسنات والصالحات مع الكفر ولا تنفع لا تنفع الأعمال الصالحة مع الكفر فكذلك لا تضر السيئات مع الإيمان فرق بين هذا وهذا وتارك الأعمال عند المرجئة كامل الإيمان ولذا يقول قائلهم إيمانه كإيمان جبريل وإيمان محمد وهو من أفجر الناس وأكثرهم معاصي لأنه يقول أصل الإيمان موجود وهذه لا علاقة لها بالإيمان مرجئة الفقهاء الذين منهم الحنفية هؤلاء يقولون المعاصي تضر ورُتِّب عليها عقوبات في الدنيا والآخرة ويستحقها مرتكب هذه المعاصي إن لم يعفَ عنه على كل حال الخلاف واضح وبيِّن وهو جوهري وحقيقي والله المستعان وليسوا كالمرجئة الغلاة أبدًا وإن كان كلام العلماء في أول الأمر في أبي حنيفة شديد بسبب هذا شديد جدًا لكن لماذا شدَّد الأئمة من أئمة السلف على أبي حنيفة ونظرائه ممن يقول بهذا القول؟ لأنه في أول الأمر ينبغي أن يشدد لتجتث المسألة من جذورها لكن إذا استمرت واستمراها الناس ومشوا عليه يعني تكفير الطوائف عند السلف يطلقون الكفر من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر من قال كذا فهو كافر ليش؟ علشان البدع توها ناشئة وأنا أقول وأُنَظِّر أن إنكارنا للاختلاط في التعليم يختلف عن إنكارنا للاختلاط في الصحة الصحة من ستين سنة والأطباء والطبيبات ولا نجيز هذا لكن هل الإنكار في التعليم الذي يخشى أن تبدأ مظاهره مثل إنكارنا في الصحة؟ يعني يختلف هذا أمر طبيعي جبلي الذي فُرض وفرض نفسه ويرجى أن يزول ويحارب ويقاوم بقدر الإمكان لكن ما هو مثل اللي ما بدأ إلى الآن ولذلك إنكار الأئمة على أبي حنيفة قبل في وقته وبعيد وقته إنكارهم عليه شديد وأطلق بعضهم فيه ألفاظ كبيرة وشنيعة من أجل هذا من أجل أن المسألة توها ناشئة فتجتث من أصولها وكلام أهل العلم في الاختلاط في التعليم وغيره من المرافق التي هي في المبادئ لا بد أن يشدد فيها لتجتث من أصولها لأن الاختلاط بلاء ووباء وذريعة إلى كوارث والله المستعان وهذا لمجرد التنظير لا لإقرار الذي في الصحة ولا في غيرها.
"فالإمام أبو حنيفة رضي الله عنه نظر إلى حقيقة الإيمان لغة مع أدلة من كلام الشارع وبقية الأئمة رحمهم الله نظروا إلى حقيقته في عرف الشارع فإن الشارع ضم إلى التصديق أوصافًا وشرائط كما في الصلاة والصوم والحج ونحو ذلك."
وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان وهو أن الحقائق الشرعية هي الحقائق اللغوية لكن الشرع زاد عليها قيود الأصل في الحقائق الشرعية أنها هي الحقائق اللغوية لكن زيدت قيود من الشارع.
"فمن الأدلة الأصحاب لأبي حنيفة رحمه الله أن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق قال تعالى خبرًا عن إخوة يوسف {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا} [سورة يوسف:17] أي مصدق لنا ومنهم من ادعى إجماع أهل اللغة على ذلك ثم هذا المعنى اللغوي وهو التصديق بالقلب هو الواجب على العبد حقًا لله وهو أن يصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما جاء به من عند الله.."
ما معنى الإيمان بالرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ أولاً تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر تصديق وطاعة في الأمر والنهي بفعل الأوامر واجتناب النواهي والا فما معنى أن تصدق أن تؤمن بالرسول وتدعي محبته وأنت تصدق بلسانك ولا تعمل بما أمرك به ولا تنزجر ولا تنتهي عما نهاك عنه.
"فمن صدّق الرسول فيما جاء به من عند الله فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى والإقرار شرط إجراء أحكام الإسلام في الدنيا هذا على أحد القولين كما تقدَّم ولأنه ضد الكفر وهو التكذيب والجحود وهما يكونان بالقلب فكذا ما يضادهما وقوله {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [سورة النحل:106] يدل على أن القلب هو موضع الإيمان لا اللسان ولأنه لو كان مركبًا من قول وعمل لزال كله بزوال جزئه ولأن العلم قد عطف على الإيمان والعطف يقتضي المغايرة قال تعالى {آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} [سورة البقرة:25] في مواضع من القرآن وقد اعترض على استدلالهم بأن الإيمان.."
قوله ولأنه لو كان مركبًا من قول وعمل لزال كله بزوال جزئه يعني الذي لا ينطق بالشهادتين وهو القول أو لا يعتقد ما تضمنته الشهادتان أو لا يعمل بما تقتضيه هاتان الشهادتان هذه أركان وأجزاء ولا شك أنها مطلوبة وباجتماعها يتم الإيمان فلا إيمان إلا لمن نطق كما تقدم ولا إيمان إلا لمن اعتقد ولا إيمان إلا لمن نطق واعتقد وعمل هذا مقتضى الإيمان عند جمهور أهل السنة والجماعة.
"وقد اعترض على استدلالهم بأن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق بمنع الترادف بين التصديق والإيمان وهب أن.."
يعني لو أخبرك بخبِر وهو ثقة عندك وهو ثقة عندك فبدلاً أن تقول صدَقْت آمنت يصل والا ما يصلح؟ في حديث جبريل لما أخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- بما سأله عنه ويصدِّقه النبي -صلى الله عليه وسلم- لو قال آمنت بمعنى أن هل الإيمان والتصديق مترادفان هل هما مترادفان؟ أولاً مسألة الترادف في اللغة مسألة مختلف فيها فمنهم من يقول بوجود الترادف ومنهم من يقول لا وجود له وأنه لا بد من اختلاف ولو يسير مثل قعد وجلس مثلاً هل قعد وجلس مترادفان؟ الذين يطلقون الترادف يقولون مترادفان ما فيه فرق لكن «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» إذا كان مضطجع ثم جلس هذا يقال قعد وإذا كان قائم ثم جلس هذا يقال جلس والمسألة مبحوثة ومن أراد الفروق الدقيقة بين الكلمات التي ادعي ترادفها فعليه بالفروق اللغوية لأبي هلال العسكرية أوجد فروق بين كلمات ما يخطر على بالك أن بينها فرق وهذا جارٍ على قول من يمنع الترادف ومن أهل العلم من يرى أن فيه كلمات مترادفة يغني بعضها عن بعض وهذا توسعة من الله جل وعلا لعباده قد يضيق المقام بكلمة يُلجَأ إلى غيرها تؤدي معناها وإن لم تكن مطابقة من كل وجه.
"وهب أن الأمر يصح في موضع فلمَ قولتم إنه يوجب الترادف مطلقًا وكذلك اعترض على دعوى الترادف بين الإسلام والإيمان ومما يدل على عدم الترادف أنه يقال للمخبِر إذا صدَق صدَّقه ولا يقال آمنه ولا آمن به بل يقال آمن له كما قال تعالى {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [سورة العنكبوت:26] وقال تعالى {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ} [سورة يونس:83] وقال تعالى {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [سورة التوبة:61] ففرَّق بين المعدى بالباء والمعدى باللام فالأول يقال للمخبَر به والثاني للمخبِر ولا يرد كونه يجوز أن يقال ما أنت بمصدق لنا لأن دخول اللام لتقوية العامل كما إذا تقدم.."
هل يقال للمؤمن آمن بالله أو آمن لله؟ آمن لله «قل آمنت بالله ثم استقم».
"ولا يرد كونه يجوز أن يقال ما أنت بمصدق لنا لأن دخول اللام لتقوية العامل كما إذا تقدم المعمول أو كان العامل اسم فاعل أو مصدرًا على ما عُرِفَ في موضعه فالحاصل أنه لا يقال قط آمنت ولا صدقت له وإنما يقال آمنت له كما يقال أقررت له فكان تفسيره بأقررت أقرب من تفسيره بصدّقت مع الفرق بينهما ولأن الفرق بينهما ثابت في المعنى فإن كل مخبِر عن مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة صدقت كما يقال له كذبت فمن قال السماء فوقنا قيل له صدقت وأما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن الغائب فيقال لمن قال طلعت الشمس صدقناه ولا يقال آمنا له فإن فيه أصل معنى الأمن والائتمان إنما يكون في الخبر عن الغائب فالأمر الغائب هو الذي يؤتمن عليه المخبِر ولهذا لم يأت في القرآن وغيره لفظ آمن له إلا في هذا النوع ولأنه لم يقابَل لفظ الإيمان قط بالتكذيب كما يقابَل لفظ التصديق."
المقصود أن الإيمان يكون في الغيبيات والتصديق في المحسوسات ويكون أيضًا في الغيبيات لكن الإيمان غالبًا هو في الغيبيات ولذلكم أركان الإيمان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر أشياء غير محسوسة مرئية لأن الإيمان بالمصحف مثلاً الإيمان بكتبه ومنها القرآن وهو أعظمها وأجلها ليس المقصود أنك تكون آمنت وصدقت بهذا الموجود أنه موجوده هذا ما ينكره أحد ما فيه أحد يبين ينكر وجود المصحف الذي بيدي لكن الإيمان بما اشتمل عليه هذا القرآن أولاً الإقرار والاعتراف بأنه كلام الله والإذعان واليقين كلام الله جل وعلا كما يقرر ذلك أهل السنة منه بدأ وإليه يعود وتؤمن وتصدق وتعمل بما فيه من أحكام.
"وإنما يقابَل بالكفر والكفر لا يختص بالتكذيب بل لو قال أنا أعلم أنك صادق ولكن لا أتبعك بل أعاديك وأبغضك وأخالفك لكان كفره أعظم."
نعم هذا صدق لو كان الإيمان هو التصديق قلنا يكفي هذا.
"فعُلم أن الإيمان ليس هو التصديق فقط ولا الكفر هو التكذيب فقط بل إذا كان الكفر يكون تكذيبًا ويكون مخالفة ومعاداة بلا تكذيب فكذلك الإيمان يكون تصديقًا وموافقة وموالاة وانقيادًا ولا يكفي مجرد التصديق فيكون الإسلام جزء مسمى الإيمان."
لأن الإسلام إذا قرن مع الإيمان أطلق على الأعمال الظاهرة والعمل جزء من الإيمان لأن الإيمان مركّب من القول والاعتقاد والعمل.
"ولو سُلِّم الترادف فالتصديق يكون بالأفعال أيضًا كما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «العينان تزنيان وزناهما النظر والأذن تزني وزناها السمع إلى أن قال والفرج يصدق ذلك ويكذبه» وقال الحسن البصري رحمه الله: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكنه ما وقر في الصدر وصدقته الأعمال ولو كان تصديقًا فهو تصديق مخصوص كما في الصلاة ونحوها كما قد تقدم وليس هذا نقلاً للفظ ولا تغييرًا له فإن الله لم يأمرنا بإيمان مطلق.."
يعني ما نقل اللفظ من حقيقته اللغوية إلى حقيقة الشرعية نقلاً تامًا وإنما هو باق على أصله وزيدت عليه القيود الشرعية فصارت حقيقة شرعية.
"وليس هذا نقلاً للفظ ولا تغييرًا له فإن الله لم يأمرنا بإيمان مطلق بل بإيمان خاص وصفه وبيَّنه فالتصديق الذي هو الإيمان أدنى أحواله أن يكون نوعًا من التصديق العام فلا يكون مطابقًا له في العموم والخصوص من غير تغيير للبيان ولا قبله بل يكون الإيمان بل يكون الإيمان في كلام الشارع مؤلفًا من العام والخاص كالإنسان الموصوف بأنه بأنه.."
إيش؟ فلا يكون مطابقا له..
"فلا يكون مطابق له في العموم والخصوص من غير تغيير للبيان.."
ولا قلبه.
ولا قبله؟
قلبه.
أحسن الله إليك.
"من تغيير للبيان ولا قلبه بل يكون الإيمان في كلام الشارع مؤلفًا من العام والخاص كالإنسان الموصوف بأنه حيوان ناطق أو لأن التصديق.."
يعني لو قلت بأن الإنسان حيوان بمعنى أن فيه حياة لكن لا بد أن تضيف إليه أوصاف تميزه عمن عداه من الحيوانات.
"أو أن التصديق التام القائم بما وجب من أعمال القلب والجوارح فإن هذه لوازم الإيمان التام وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم ونقول إن هذه اللوازم تدخل في مسمى اللفظ تارة وتخرج عنه أخرى أو إن اللفظ باقٍ على معناه في اللغة ولكن الشارع زاد فيه أحكامًا أو أن يكون الشارع استعمله في معناه المجازي فهو حقيقة شرعية مجازة لَغوي.."
لُغوي.
أحسن الله إليك.
"مجاز لُغوي أو أن يكون قد نقله الشارع هذه أقوال لمن سلك هذه الطريق وقالوا إن الرسول قد وقفنا على معاني الإيمان وعلمنا.."
فيه عندنا الحقائق ثلاث لغوية وشرعية وعرفية لغوية وشرعية وعرفية فالصلاة في اللغة حقيقتها اللغوية الدعاء وفي الشرع الألفاظ الأفعال والأقوال المعروفة بصفتها وهيئتها التي جاء بيانها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قولاً وفعلاً وهكذا بقية الألفاظ مثل الزكاة ومثل الصيام ومثل الحج وغير ذلك من الألفاظ هناك بعض الألفاظ لها أكثر من حقيقة شرعية ولها أكثر من حقيقة لغوية ولها أكثر من حقيقة عرفية مثلاً المحروم حقيقته في الشرع الذي هو فقير محتاج لكنه لا يسأل الناس فلا يُلتَفت إليه ويحرم من عطائهم لأنه متعفف حرم من عطاء الناس له وفي العرف المحروم الغني الكبير غني له أموال وأرصدة لكن محروم ما ينفق على نفسه ولا على أولاده يجوع ويجوع أولاده وأمواله في البنوك هذا يسمونه في العرف محروم لكن هل يدخل في النص {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ = 24 لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ = 25 } [سورة المعارج:24-25]؟ لا، طيب المفلس المفلس لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المفلس قال الصحابة من لا درهم له ولا متاع ما عنده شيء هل هذا الجواب صحيح والا خطأ؟ صحيح في غير هذا الموضع الذي يريده النبي -عليه الصلاة والسلام- في باب الحجر والتفليس صحيح «من وجد ماله عند رجل قد أفلس» يعني ما عنده شيء إلا هذا المال الذي باعه عليه «فهو أحق به» هذا مفلس لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال لا هناك حقيقة ثانية للمفلس وهي حقيقة شرعية وهي حقيقة شرعية من يأتي بأعمال وفي رواية كالجبال يعني من الصلاة والصيام والحج والزكاة والجهاد والبر وغيرها من الأعمال الصالحة ثم يأتي قد ضرب هذا وشتم وسفك دم هذا وأخذ مال هذا فيؤخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن لم يبق منه شيء أخذ من سيئاتهم فألقيت عليه فطرح في النار نسأل الله العافية هذا يجمع لغيره هذا يجمع لغيره فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه ولا يتعب على الأعمال الصالحة ثم يفرقها والغالب أنها تفرق وتوزع على أناس لا يحبهم الإنسان يغتاب والديه والا أولاده والا أحبابه لا، يغتاب أناس لا يحبهم هذا الغالب على كل حال هناك ألفاظ لها أكثر من حقيقة شرعية الصيام صيام النبي -عليه الصلاة والسلام- ووصاله وثبت عنه أنه يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه هذا الطعام حقيقي والا غير حقيقي؟ لو كان طعام حقيقي كالذي نستعمله حنا ما صار وصال صار ياكل لكنه ليس بالطعام الحقيقي الذي يقطع الصيام ويبطل الصيام لكنه طعام من نوع خاص له حقيقة شرعية لا يؤثر في الصيام إلى غير ذلك من الأمثلة.
"وقالوا إن الرسول قد وقفنا على معاني الإيمان وعلمنا من مراده علمًا ضروريًا أن ما قيل إنه صدق ولم يتكلم بلسانه بالإيمان مع قدرته على ذلك ولا صلى ولا صام ولا أحب الله ورسوله ولا خاف الله بل كان مبغضًا للرسول معاديًا له يقاتله أن هذا ليس بمؤمن كما علَّمَنا أنه رتّب الفوز والفلاح على التكلم بالشهادتين مع الإخلاص والعمل بمقتضاهما فقد قال -صلى الله عليه وسلم- «الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق»."
هذا الحديث يدل على التفاضل تفاضل أعمال الإيمان التي بها يتفاضل الإيمان زيادة ونقصًا.
"وقال أيضًا -صلى الله عليه وسلم- «الحياء شعبة من الإيمان» وقال أيضًا «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقًا» وقال أيضًا «البذاذة من الإيمان» فإذا كان الإيمان أصلاً له شعب.."
في صحيح البخاري رحمه الله استدل على زيادة الإيمان وأن الأعمال من الإيمان بتراجم عدة باب الصلاة من الإيمان الزكاة من الإيمان الجهاد من الإيمان إلى غير ذلك من الأبواب التي ذكرها الإمام البخاري وأنها أجزاء من الإيمان «البذاذة من الإيمان» الآن المشهور عند الناس حديث خرجه البلديات يقولون له النظافة من الإيمان ويعلنونه وينشرونه نشرًا واسعًا على أنه حديث وهذا ليس بحديث أصلاً يقابله الحديث المصحح عند جمع من أهل العلم البذاذة من الإيمان وليس معنى البذاذة ما يزدرى به الإنسان ومزاولات الأقذار والنجاسات وغير ذلك لا، الاعتدال في اللباس الاعتدال في اللباس يعني يكون المؤمن معتدل في لباسه لا يهتم به اهتمامًا زائدًا بل يترك الأمور على حسب التيسير والتوسط.
"فإذا كان الإيمان أصلاً له شعب متعددة وكل شعبة منها تسمى إيمانًا فالصلاة من الإيمان وكذلك الزكاة والصوم والحج والأعمال الباطنة كالحياء والتوكل والخشية من الله والإنابة إليه حتى تنتهي هذه الشعب إلى إماطة الأذى عن الطريق فإنه من شعب الإيمان وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها كشعبة الشهادة ومنها ما لا يزول بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق وبينهما شعب متفاوتة تفاوتًا عظيما منها ما يقرب من شعبة الشهادة ومها ما يقرب من شعبة إماطة الأذى وكما أن شعب الإيمان إيمان فكذا شعب الكفر كفر فالحكم بما أنزل الله مثلاً من شعب الإيمان والحكم بغير ما أنزل الله كفر وقد قال -صلى الله عليه وسلم- «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده»."
الحكم بغير ما أنزل الله كفر كما قال جل وعلا في سورة المائدة {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سورة المائدة:44] لكنه عند ابن عباس ومن يقولون كفر دون كفر وهذا مع الاعتقاد بأن حكم الله هو الأصل وهو الواجب وهو المفروض وهو الأكمل والأصلح هو المصلِح للناس ومن اعتقد ذلك فالحكم بغير ما أنزل الله كفر دون كفر ومن قال أن حكم غير الله أكمل وأصلح وأولى وأن حكم الله لا يصلح للناس ولا يصلحهم هذا لا شك في كفره.
طالب: .............
لا، التفصيل هذا لا بد منه التفصيل هذا لا بد منه يعني يأتي شخص إلى قاضٍ يحكم بما أنزل الله ثم يعطيه رشوة فيحكم بغير ما أنزل الله أحد يقول هذا كفر؟ لا.
"وقد قال -صلى الله عليه وسلم- «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».."
مما يدل على أن هناك مراتب أعلى وأقوى من هذه المرتبة من مراتب الإيمان.
"رواه مسلم وفي لفظ «ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» وروى الترمذي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان» ومعناه والله أعلم أن الحب والبغض أصل حركة القلب وبذل المال ومنعه هو كمال ذلك فإن المال آخر المتعلَّقات بالنفس والبدن متوسط بين القلب والمال فمن كان أول أمره وآخره كله لله كان الله إلهه في كل شيء فلم يكن فيه شيء من الشرك وهو إرادة غير الله وقصده ورجاؤه فيكون مستكمل الإيمان إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على قوة الإيمان وضعفه بحسب العمل ويأتي في كلام الشيخ رحمه الله في شأن الصحابة رضي الله عنهم وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان فسمى حب الصحابة إيمانًا وبغضهم كفرًا."
وجاء في الصحيح أن حب الأنصار من الإيمان وبغضهم من النفاق.
"وما أعجب ما أجاب به أبو المعين النسفي وغيره عن استدلالهم بحديث شعب الإيمان بحديث شعب الإيمان المذكور وهو أن الراوي قال بضع وستون أو بضع وسبعون فقد شهد الراوي بغفلة نفسه حيث شك فقال بضع وستون أو بضع وسبعون ولا يُظَن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشك في ذلك وأن هذا الحديث مخالِف للكتاب فطعن فيه بغفلة الراوي ومخالفته الكتاب فانظر إلى هذا الطعن ما أعجبه فإن تردد الراوي بين الستين والسبعين لا يلزم منه عدم ضبطه مع أن البخاري رحمه الله إنما رواه بضع وستون من غير شك."
أخذًا بالأقل المقطوع به المقطوع به الستون وما زاد على ذلك هو محل التردد ولذا يختلف العلماء في الأخذ بالأقل هل يعد إجماعًا والا لا يعد؟ ومنه لو شهد شخص بأن لزيد عند عمرو ألف ريـال وشهد آخر بأن له عنده تسعمائة ريـال هل يثبت القاضي التسعمائة ويقول شهد بها الاثنان أو يقول اختلفوا؟ والاختلاف يقتضي رد الشهادة وهذا من باب الأخذ بالأقل هل يعد إجماع واتفاق؟ يعني صاحب الألف ينفي التسعمائة؟ لا ينفي وصاحب التسعمائة مقر للتسعمائة فالتسعمائة متفق عليها بينهما.
"وأما الطعن بمخالفة الكتاب فأين في الكتاب ما يدل على خلافه وإنما فيه ما يدل على وفاقه وإنما هذا الطعن من ثمرة شؤم التقليد والتعصب وقالوا أيضًا وهنا أصل آخر وهو أن القول قسمان قول القلب وهو الاعتقاد وقول اللسان وهو التكلم بكلمة الإسلام والعمل قسمان عمل القلب وهو نيته وإخلاصه وعمل الجوارح فإذا زالت هذه الأربع زال الإيمان بكماله وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء فإن تصديق القلب شرط في اعتبارها وكونها نافعة."
خلافًا للكرامية الذين يقولون يكفي النطق باللسان وإن لم يوجد الاعتقاد بالقلب والتصديق بالقلب وهذا قول باطل تقدم ذكره وإيراد المنافقين على قولهم أنهم مؤمنون كاملو الإيمان.
"وإذا بقي تصديق القلب وزال الباقي فهذا موضع المعركة."
إذا بقي تصديق القلب بقي تصديق اللسان تقدم أن هناك من يقول أنه لا يشترط لصحة الإيمان وبقي أيضًا العمل بالجوارح وتقدم من يقول أن عمل الجوارح لا يدخل في مسمى الإيمان فهذا موضع المعركة بين أهل العلم.
طالب: .............
وراه؟
طالب: .............
وش قال لك هنا؟
طالب: .............
قول القلب وهو الاعتقاد قول القلب وهو الاعتقاد وقول اللسان التكلم.
طالب: .............
قول كل شيء بحسبه قول كل شيء بحسبه قول كل شيء بحسبه لما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- «صدق الله وكذب بطن أخيك» كذب هو تكلم علشان يكذب والا..؟!
"ولا شك أنه يلزم من عدم طاعة الجوارح عدم طاعة القلب إذ لو أطاع القلب وانقاد لأطاعت الجوارح وانقادت ويلزم من عدم طاعة القلب وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة قال -صلى الله عليه وسلم- «إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب» فمن صلح قلبه صلح جسده قطعًا بخلاف العكس وأما كونه يلزم من زوال جزئه زوال كله فإن أريد أن الهيئة الاجتماعية لم تبق مجتمعة كما كانت فمسلَّم ولكن لا يلزم من زوال بعضها زوال سائر الأجزاء فيزول عنه الكمال فقط والأدلة.."
وهذا على قول من يقول أن الأعمال شرط كمال لكن من يقول أنه شرط صحة والمراد بذلك الجنس جنس العمل كما يقول به الأئمة ويبينه شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.
والله أعلم وصلى على محمد...
طالب: .............
وش لون صندوقه...؟!
طالب: .............
وهو ضابط صندوقه ما يدخل عليه شيء من غير عمله؟ الأصل أنه له لصاحب الصندوق.
طالب: .............
هل أنت ضابط متقن لعملك؟
طالب: .............
لا بد من وجود سبب لهذه الزيادة.
طالب: .............
ما عرف هذا..
طالب: .............
يقال هذا خطأ..
طالب: .............
لا لا..