في قوله تعالى: {وَلاَ جِدَالَ في الحج} [سورة البقرة: 197] على قراءة الرفع في قوله: {جدالٌ} لا يدخل إلا ما يتعلق في أمر الحج، فأمر الحج لا جدال فيه؛ لأنه بيّن وواضح، وقُطع المراء فيه، لا كما كان أهل الجاهلية يتمارون فيه.
لكن ألا يوجد في أحكام مسائل الحج ما يقتضي الجدال والنقاش العلمي، الذي يتوصل به إلى إحقاق الحق وتقريره كغيره من أبواب الدين؟، فالأولى حمل الجدال على عمومه على قراءة البناء، وأن (لا) نافية للجنس، ويكون المراد بالجدال والمراء الممنوع. أما الجدال والمراء الممدوح والمناقشة التي يتوصل بها إلى إقرار الحق ودفع الباطل، ومجادلة المخالف بالتي هي أحسن، فهذا مطلوب في كل وقت وفي كل زمان؛ لأنها ضرب من أضرب الدعوة والجهاد. وهي مأمور بها في كل مناسبة. |
وقد يكون الجدال محرمًا في الحج وفي غيره كالجدال بغير علم، فيدخل في الآية دخولًا أوليًّا، وكالجدال في الحق بعد ما تبيَّن.