كتاب بدء الوحي (004)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.  

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

مازال الحديث عن بدء الوحي، وحديث الأعمال بالنيات، وقد يستطيل بعض الأخوان الكلام على الأعمال بالنيات وهو حديث عظيم له شأن في أمور العبادات، بل في أمور الدين كلها، وقد رفع أهل العلم من شأنه وعظموه حتى قال بعضهم: أنه يدخل في جميع أبواب الدين، في جميع أبواب العلم، ولذا لا يستطيع الإخوان إذا يستطيلون المدة إذا أخذنا فيه دروس ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة، ما ندري متى ننتهي؟ لأن الكلام فيه كثير وهو أصل من أصول الدين، وعمدة من عمده، والكلام فيه كثير، وكلام الشراح أيضا فيه طويل، وألف فيه المصنفات المفردة، وشرح من قبل جمع من أهل العلم، وعلى هذا نوطن أنفسنا على أن نستفيد بغض النظر عن كوننا أنجزنا أو لم ننجز، أما الذي يعد الأسطر في الكتاب، ويقول: كم أخذنا اليوم من سطر؟ فهذا ما يفهم شيء، على كل حال انتهينا من الترجمة ووقفنا على الحديث.

يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: حدثني الحميدي " عبد الله بن الزبير " إلى أخر الإسناد، وقبل التراجم، تراجم رواة الحديث.

ننقل كلاماً للنووي -رحمه الله تعالى- يقول في شرحه لأوائل الصحيح: لبدء الوحي وكتاب الإيمان، يقول: قد رأيت أن أشرف الكتاب بنسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الكلام مضاف إليه، ويستفاد من حفظ نسبه -عليه الصلاة والسلام- كما يقول أهل العلم: من أجل أن يحال عليه، أنت حفظت نسب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك أردت نسب أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو غيرهم من الصحابة فإنك تذكر من نسبهم إلى نقطة الالتقاء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم تترك ذلك، تترك الباقي تعويلاً على المحفوظ وهذا يريح كثيراً أهل العلم حينما يصدرون الشروح بنسب النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ ليحيلوا عليه من يمر بهم من الصحابة.

يقول -رحمه الله تعالى-: قد رأيت أن أشرف الكتاب بنسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو " محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي -بالهمز وتركه، والهمز قول الأكثرين- بن غالب بن فهر بن مالك بن النظر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

معروف بالنسبة لابن، بالنسبة لنطقها وكتابتها وموقعها من الإعراب.

أما النطق إذا ابتدأ بها فهي همزة وصل تنطق، وفي الدرج لا تنطق " محمد بن " هذا بالنسبة لنطقها.

وكتابتها إذا كانت بين علمين متوالدين فإنها تحذف الألف، إذا كانت بين علمين متوالدين " محمد بن عبد الله" تحذف الألف، ابن عبد المطلب كذلك تحذف، لكن لو كانت بين علمين غير متوالدين كما تقول " عبد الله بن مالك ابن بحينه " مالك أبوه وبحينه أمه فهي واقعة بين علمين لكنهما غير متوالدين، فتثبت الآلف وتكون ابن حينئذ تابعة للأول لا للثاني، وموقعها من الإعراب بدل، أو بيان، أو صف عند كم من أهل العلم فيه تابعة لما قبله. فإذا قلت: " محمد بنُ عبد الله بنِ "، لكن إذا قلت " عبد الله بنُ مالك ابنُ بحينه "؛ لإن ابن الأول والثانية كلاهما تابع لعبد الله وعبد الله موقعه من الإعراب الرفع، وإذا قلت عن عبد الله بن مالك ابن بحينه فكلاهما تابع لعبد الله حسب موقعه من الإعراب، ومثله عبد الله ابن أبي سلول فينتبه لهذا، وكثير من الطلاب يخطأ في قراءة ابن بين الأعلام.

إلى عدنان إجماع بين الأئمة ولا خلاف بينهم فيه، وما راءهم اختلفوا فيه، والنضر هو أبو قريش في قول جمهور العلماء، وقيل فهر، وقيل غيره، بعد ذلك ذكر شيئا من سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم ترجم لعمر بن الخطاب راوي الحديث فقال: هو أمير المؤمنين، أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن عبد العزى بن رياح بالمثناة بن عبد الله بن قرط -بضم القاف وبالطاء المهملة- بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي أسلم قديماً، وشهد بدراً والمشاهد كلها، وولي الخلافة بعد أبي بكر عشر سنين وستة أشهر، وتوفي يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة، لأربع بقين -إذا مضى غالب الشهر يقال بقين، وإذا لم يمضي غالب الشهر يقال بكذا مضين- والحجة عند الأكثر بكسر الحاء عكس القعدة فإنها بفتح القاف، وقيل لثلاث، وقيل لثلاث يعني من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة يعني كعمر النبي -عليه الصلاة والسلام- وعمر خلفيته -رضي الله عنه وأرضاه-.

بعد هذا الإسناد، يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي المكي، أبو بكر ثقة فقيه حافظ، أجل أصحاب ابن عيينة من العاشرة، مات سنة تسع عشرة، مات سنة تسع عشرة هكذا يقول يعني في خلافة عمر سنة تسع عشرة، نعم كيف

طالب..............

في العاشرة نعم، يقول: مات سنة تسع عشرة، الأولى والثانية قبل المائة، من الثالثة إلى الثامنة بعد المائة، من التاسعة إلى الثانية عشر بعد المائتين، هم لا يذكرون المئات اقتصارا على ذكر الطبقات.

يقول الحاكم: كان البخاري إذا وجد الحديث عند الحميدي لا يعدوه إلى غيره، وذكر العلماء في حديث يرويه البخاري عن عدد من شيوخه، و      ذكره عن الحميدي في هذا الموضع الأول لأمور:

أولاً: لأنه قرشي، وجاء: ((قدموا قريشاً)).

وأيضا هو من أفضل البقاع من مكة فيقدم لهذا، هذا مما يذكره أهل العلم من اللطائف، إذا وجد الحديث عند الحميدي لا يعدوه إلى غيره، أقول: وقد يلتبس على صغار الطلاب ابن حميدي صاحب " الجمع بين الصحيحين "، أولاً: اسمه عبد الله بن الزبير لو ذكر باسمه للتبس بعبد الله بن الزبير بن العوام -يعني عند الصغار-، وإلا من له أدنى رائحة من علم الحديث ما يلتبس عليه هذا هو التاريخ، لكن عند الصغار قد يلتبس الحميدي هذا بصاحب الجمع بين الصحيحين المتأخر وهو" أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح الأندلسي " المتوقي سنة (488)هـ، وبعض من يعاني التحقيق للتجارة والارتزاق، قد يترجم للحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين في هذا الموضع، لأنه وإن كانت أسنانهم كبيرة، إلا أن علومهم صغيرة ففي حديث أبي موسى عند البخاري: ((العبادة في الهرج كهجرة))، أو ويكثر الهرج قال أبو موسى في صحيح البخاري: قال أبو عبد الله: قال أبو موسى: الهرج: القتل بلسان الحبشة.

ترجم المحقق لأبي موسى المديني، أبو موسى المديني بعد البخاري بمئات السنين، وهذا يوجد عند بعض من يعاني التحقيق زعماً أنه تحقيق، وإلا هو في الحقيقة يكون في هذه الحالة مسخ وتحريف لا ضبط وتحقيق، كما يقول: يقول: ضبط وتحقيق وإذا فعل مثل هذا وكان على هذا المستوى فصنيعة حقيقة مسخ وتحريف.

قال -رحمه الله-: حدثنا الحميدي وهو عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان، نعم.

طالب..............

العلماء قالوا: يقول الحاكم: كان البخاري إذا وجد الحديث عن الحميدي لا يعدوه إلى غيره، والشراح يذكرون اللطائف التي تكون هي واقعة بالفعل لكن لا يدرى هل دارت بذهن المؤلف، أو خطرت على باله أثناء الكتابة؟ وإلا، ما يدرى، لكنه على كل حال هي مطابقة للواقع، هو قرشي وهو مكي.

قال: حدثنا سفيان، من سفيان هذا؟ لكن ما الدليل على ذلك؛ لأنه قد يلتبس بسفيان الثوري.

طالب..........

أولاً: المجزوم به أنه سفيان يعني ما في شك في هذا، يعني مقطوع بأنه سفيان بن عيينة ابن أبي عمران الميمون الهلالي أبو محمد الكوخي ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرت، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، وصف بالتدليس لكنه من الطبقة الأولى، أو الثانية؟ الثانية والثانية أيضا كالأولى احتمل الأئمة تدليسهم لقلته في جانب ما رووا، ولإمامتهم فلا ينظر في صيغة الأداء التي يؤدي بهذا الحديث فيقبل منه التحديث مطلقا،ً ولو عنعن؛ لأن الأئمة احتملوا تدليسه، وكان ربما دلس لكن عن الثقات من رؤوس الطبقة الثامنة، مات في رجب سنة ( 98) -يعني بعد المائة-، وسميه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الإمام الحجة المعروف المتوفى سنة ( 161)، -يعني قبله بـ( 37) سنة-.

في آخر المجلد السابع من السير، آخر المجلد السابع أخر صفحة من المجلد السابع من سير أعلام النبلاء تكلم عن الحمادين، وكيف يميز أحدهما من الأخر إذا ورد الاسم مهملاً دون نسبة وذكر ضوابط وقواعد في تمييز هذا عن هذا، ثم أردف ذلك يعني من باب الاستطراد، فقال: يقع الاشتراك في السفيانين، يعني هل من قاعدة نرجع إليها في تمييز ابن عيينة عن الثوري؟ قال: يقع الاشتراك في السفيانين، فأصحاب سفيان الثوري كبار قدما، كبار قدما، وأصحاب ابن عيينة صغار لم يدركوا الثوري، وذلك أبين، فمتى رأيت القديم قد روى فقال: حدثنا سفيان وأبهم فهو الثوري وهم: "كوكيع، وابن مهدي، والفريابي، وأبي نُعيم" فإن روى واحد منهم عن ابن عيينة بينه، فأما الذي لم يلحق الثوري وأدرك ابن عيينة فلا يحتاج أن ينسبه؛ لعدم الالتباس كالحميدي؛ لعدم الالتباس فعليك بمعرفة طبقات الناس، يعني من القرائن التي تدرك بمجرد النظر، أنه إذا كان بين الإمام المصنف كالبخاري ومسلم والترمذي وأبي داود وابن ماجة إذا كان بينه وبين سفيان راوي واحد، فالذي يغلب على الظن أنه ابن عيينة، وإذا كان الذي بينهما راويين فالذي يغلب على الظن أنه الثوري، هذه قواعد لا بد من الانتباه لها.

قال -رحمه الله-: قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، يحيى الأنصاري يحيى بن سعيد بن قيس بن عمر الأنصاري المدني قاضيها تابعي صغير، اتفق العلماء على جلالته وعدالته وحفظه وإتقانه وورعه، من الخامسة توفي سنة (44) -يعني ومائة-، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي أبو عبد الله المدني ثقة له أفراد، ثقة له أفراد -يعني لم يتابع عليها-، من الرابعة مات سنة (20) -يعني ومائة- على الصحيح قاله الحافظ: أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي المدني ثقة ثبت من الثانية، أخطأ من زعم أن له صحبة، أخطأ من زعم أن له صحبة، وقيل: إنه ولد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، مات في خلافة عبد الملك قاله الحافظ، والذي ذكره في الصحابة هو ابن مندة ذكر علقمة في الصحابة.

ذكرنا أننا نترجم لرجال الإسناد باختصار كما سمعتم، ولو ترجمنا لهم بشيء من البسط لطال بنا الكلام جداً. نعود إلى صيغ الأداء.

يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان.

قال، تحذف كثيراً من الأسانيد وسيأتي حذفها، حدثنا فلان، حدثنا فلان، حدثنا فلان، وهي وإن حذفت خطاً إلا أنها لا بد من النطق بها، بعضهم على سبيل الإلزام عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: إن حذفها لا يوقع في لبس ولا إشكال، حذفها لا يوقع في لبس ولا إشكال، لكن ينبغي ذكرها متابعة لأئمة الحديث؛ لأنهم تابعوا على النطق بها وإن حذفوا خطاً.

جمع الإمام -رحمه الله تعالى- بين، في هذا الإسناد بين التحديث قال: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: أخبرني، بين التحديث والإخبار أنه سمع، والسماع وهذه ثلاث صيغ من صيغ الأداء، صيغ الأداء وهي من أقوى الصيغ: ( السماع سمعت، وحدثنا ,أخبرنا ) ودلالتها على طريق التحمل في الأصل واحدة، ولذا يقول الإمام البخاري -رحمه الله- في كتاب العلم علما سيأتي -إن شاء الله  تعالى-: باب قول المحدث حدثنا، أو أخبرنا، وأنبأنا.

وقال لنا الحميدي: كان عند ابن عيينة حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت واحداً -يعني لا فرق بينها-، قول المحدث حدثنا -يعني يؤدي بصيغة حدثنا أو أخبرنا أو سمعت أو أنبأنا ما في فرق-، يقول: وقال لنا الحميدي، قال لنا هل تُلحق بحدثنا وأخبرنا؟ هو ينقل الآن عن الحميدي قال لنا، وسيأتي في ثنايا الكتاب قال فلان وهو من شيوخه -شيوخ البخاري-، أو قال لنا منهم من يحمل هذه الصيغة على ما تحمل في حال المذاكرة لا على طريق التحديث، لا على طريق التلقي، إنما في حال المذاكرة، وسيأتي بيانها -إن شاء الله تعالى- في موضعها؛ لأنها وقعت في أحاديث قال بعض أهل العلم: إنها منقطعة غير متصلة، حكموا عليها بأنها معلقة، ولو كان هذا الحديث سمعه من شيخه مباشرة لقال حدثنا كغيره من الأحاديث، وسيأتي بسط هذا -إن شاء الله تعالى- في الموضع المناسب له.

يقول ابن حجر: لا خلاف عند أهل العلم في هذا بالنسبة إلى اللغة حدثنا، أو أخبرنا، و أنبأنا، وسمعت لا فرق بينها بالنسبة للغة، قال: ومن أصرح الأدلة فيه قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ما قال أحاديثها، وقال -جل وعلا-: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] {ولا ينبئك مثل خبير} فالتحديث والأخبار، والإخبار والإنباء بمعنى واحد.

قالوا: وأما بالنسبة للاصطلاح ففيه الخلاف، فمنهم من استمر على أصل اللغة، منهم من استمر على أصل اللغة وهذا رأي الزهري ومالك وابن عيينة ويحيى القطان وأكثر الحجازيين والكوفيين، وعليه استمر عمل المغاربة، ورجحه ابن الحاجب في مختصره.

وهنا وقفه رجحه ابن الحاجب في مختصره، ابن الحاجب هل هو من أهل هذا الشأن؟ ها

نعم من أهل الأصول، نعم هو من أهل الأصول وله مشاركته في اللغة، يعني له الكافية في النحو، وله الشافية، وله المختصر مختصر المنتهي، وله كتب في الأصول، وهو معدود من الأصوليين، وتذكر أقوال الأصوليين في كتب المصطلح ويهتم بها أهل العلم من المتأخرين، وإن كانوا لا علاقة لهم بالحديث يعني تجدون في كتب المصطلح قال الرازي، في مسألة اصطلاحية قال الغزالي، الغزالي له علاقة في الحديث هو قال عن نفسه إن بضاعته في الحديث مزجاة، بضاعته في الحديث مزجاة، والرازي ذكر في تفسير سورة العصر حديثا موضوعا وتفرد بذكره في تفسيره، حتى قال الألوسي: تفرد بذكره الإمام؛ لأن الإمام عند المتأخرين ينصرف إلى الرازي، تفرد بذكره الإمام، ولعمري أنه إمام في نقل ما لا يعرفه أهل الحديث، هذا مدح وإلا ذم! هذا ذم -يعني ينقل ما لا يعرفه أهل الحديث- إذا يكون منهم، وإلا من غيرهم، ليس من أهل الحديث تجدون أقوال الرازي والغزالي وابن الحاجب والآمدي، حتى منهم من هو متهم.

أما بالنسبة للعقائد فمعروف عقائدهم من أهل البدع، لكن بعضهم عنده شيء من الانحراف حتى أن الآمدي اتهم بأنه يخل في الصلاة، فكيف تقبل أقواله وتنقل في كتب المصطلح؟ وهذا ما جعل بعض الغيورين على السنة يشددون النظر في مثل هذه المسائل من قبل هؤلاء، ويزهدون في كتب المتأخرين من أهل الحديث؛ لأنها اشتملت على أقوال هؤلاء، يعني ومن باب الإنصاف أن علم الرواية والمصطلح على وجه الخصوص فيه ما هو مبني على الرواية المحضة، هذا لا علاقة لهؤلاء به من قريب ولا بعيد، مثل هذا لا تقبل أقوالهم فيه ؛لأنهم ليسوا من أهل الرواية، لكن من مسائل المصطلح ما هو مبني على شيء من النظر إذا تأمله الإنسان أدركه بنظره ولو لم يكن من الحفاظ، يعني لما يقول مثلاً مسائل تدرك، تدرك بثاقب النظر، تدرك بثاقب النظر مثلاً مثل ما قال ابن الصلاح: أن في صيغ الأداء "عن، وأن"، وعن محمولة على الاتصال عند الجمهور بالشرطين المعروفين، وأن حكم الإمام أحمد، ويعقوب بن شيبة بأنها لا تأخذ حكم عن، وإنما هي منقطعة.

طيب من أين يا ابن الصلاح أخذت أو نقلت عن أحمد ويعقوب بن شيبه أنهما فرقاء بين أن وعن؟ قال: لأنهما قالا في حديث عن محمد بن الحنفية عن عمار بن ياسر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قالوا:  متصل هذا، وقال عن رواية أخرى عن محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: منقطع قالوا وسبب الانقطاع عند هؤلاء اختلاف الصيغة، ما في شيء ملحوظ أمامك إلا اختلاف الصيغة، لكن هل هذا هو السبب في التفريق بين الصيغتين؟ لا، هذا يدرك بالنظر، ابن الصلاح له يد في الحديث، وأقواله معتبرة في علم المصطلح، وهو ينظر في أقوال أهل العلم من المتقدمين النظرية وتطبيقاتهم العملية، ويجمع بين هذا وهذا، فهو نظر بين الأقوال النظرية والتطبيق العملي، لكن هل أدرك حقيقة الأمر الذي من أجله فرق هاذان الإمامان بين هاتين الصيغتين؟

يقول الحافظ العراقي: كذا له، ولم يصوب صوبه، -يعني ما أدرك المحك الحقيقي-، سبب الخلاف ما أدركه، سبب الاختلاف ما أدركه، لماذا؟ حكموا على عن بأنها متصلة، وعلى أن في هذا الحديث أنها منقطعة، في السند الأول محمد بن الحنفية أدرك عماراً لكنه لم يدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أدرك القصة، فحينما يقول: عن عمار فإنه يحكي القصة عن صاحبها فتكون متصلة، لكن في قوله محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، محمد بن الحنفية يتحدث عن قصة لم يشهدها، عن قصة لم يشهدها فتكون حينئذ منقطعة، لكن لو كانت الصيغة عن محمد بن الحنيفة أن عمار بن ياسر قال له أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بي، ما يمكن ينتهي الإشكال، ما يكون هناك فرق بين أن وعن، فالفرق بينهما من حيث أن محمد بن الحنفية يحكي القصة عن صاحبها فتكون متصلة، وفي الإسناد الثاني يحكي قصة لم يشهدها، فهو في الصيغة الأولى من مسند عمار، وفي الصيغة الثانية من مسند محمد بن الحنفية فتكون مرسلة.

مثل هذا الكلام هل يحتاج إلى إسناد؟ ما يحتاج إلى إسناد، هذا يدرك بالنظر فمثل هذا قد يدركه الرازي، قد يدركه الغزالي، قد يدركه الآمدي، قد يدركه ابن الحاجب، هذا ما في إشكال أن يتكلم فيه هؤلاء، قد يقول قائل أننا في أهل الحديث ما يكفي عن نقل أقوالهم، نقول نعم الأمر كذلك، لكن ما في ما يمنع أن تذكر أقوالهم، ولو قلنا إن أقوالهم لا تجدي مع أقوال أهل الحديث حتى فيما سبيله النظر، قلنا نقطع أجل، الشيوخ العلماء المتأخرون ما لهم علاقة …………..، يعني هل منزلة من يعلم الحديث اليوم، أو قبل مائة سنة، أو مائتين سنة، أو قرون، هو بمنزلة الأئمة الكبار؟ هل بقي له شيء من الرواية؟ ما بقي شيء يعول عليه في الرواية إلا ما يدرك بثاقب النظر، ورب مبلغ أوعى من سامع، قد مثلاً يترأى لإنسان متأخر أن هذا الإسناد فيه ما يدل على اتصاله من قرائن، أو ما يدل على انقطاعه، أو قد يدرك من خلال الصيغ، ومن خلال ما يحتف بالقصة.

على كل حال مثل هذه الأمور أمرها سهل، وذكر مثل هؤلاء لا يؤثر إن نفع وإلا ما ضر، ولسنا نعول عليهم بمفردهم، يعني إنما نستفيد منهم في فهم الكلام، هم أهل نظر، وعندهم أيضا دقة في الفهم، لكن لا نعول عليهم في الرواية، لا نعول عليهم في الرواية يقول: وعليه استمر -يعني عدم التفريق بين هذا الصيغ- عمل المغاربة، ورجحه ابن الحاجب في مختصره، ونقل عن الحاكم إنه مذهب الأئمة الأربعة، ومنهم من رأى إطلاق ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظه، رأى إطلاق ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظة، وتقييده حيث يقرأ عليه، وهو مذهب إسحاق بن راهويه، والنسائي، وابن حبان، وابن مندة وغيرهم لا بد من التقييد، لا بد أن يقول حدثنا بإطلاق إذا كان طريق التحمل التلقي والسماع من لفظ الشيخ، ولا بد من التقييد حينما يكون التحمل بطريق القراءة على الشيخ التي هي العرض، فيقول: حدثنا قراءة عليه، أخبرنا قراءة عليه، أو فيما قرأ عليه وهكذا، يفرق بين طرق التحمل بالإطلاق والتقييد، يطلق إذا كان الطريق السماع، ويقيد إذا كان طريق التحمل العرض والقراءة على الشيخ، ومنهم من رأى التفرقة بين الصيغ بحسب افتراق التحمل، فيخصون التحديث بما يلفظ به الشيخ، والإخبار بما يقراء عليه، يخصون التحديث بما يلفظ به الشيخ -يعني بما تلقي بطريق السماع من لفظ الشيخ-، والإخبار بما يقرأ عليه بما تلقي عليه بطريق العرض والقراءة على الشيخ، وهذا مذهب ابن جريج، والأوزاعي، والشافعي، وابن وهب، وجمهور أهل المشرق.

عرفنا أن رأي الإمام البخاري عدم التفريق بين هذه الصيغ ولا يلتفت إليها، مسلم يفرق بينها بدقة، كما أنه يفرق بين اللفظ، والبخاري لا يفرق بين اللفظ يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان واللفظ لفلان، والبخاري يقول حدثنا فلان، ولا ينبه على صاحب اللفظ، إلا أنه كما قال الحافظ ابن حجر: أنه قد ظهر بالاستقراء من صنيع البخاري أنه إذا روى الحديث عن شيخين فاللفظ للأخر منهما، فاللفظ للآخر منهما، وسيتبين لنا فيما بعد في شرح الأحاديث الآحقة -إن شاء الله تعالى- أن هذه القاعدة أغلبية وليست كلية.

بالنسبة لصيغ الأداء البخاري كلها عنده واحد، مسلم يرى التفريق، ولذلكم ستجدونه يقول: حدثنا وفلان وفلان وفلان، قال: فلان حدثنا، وقال: الآخران أخبرنا؛ لأنه يفرق بين هذه الصيغ، تبعا لطريق التحمل الذي تحمل به الحديث.

يقول ابن حجر: ثم أحدث أتباعهم تفصيلاً أخراً، فمن سمع وحده من لفظ الشيخ أفرد فقال: حدثني، ومن سمع مع غيره جمع فقال: حدثنا، ومن قرأ بنفسه على الشيخ أفرد فقال: أخبرني، ومن سمع بقراءة غيره جمع.

إذا نسي وقرأ على الشيخ، ولا يدري هل معه أحد؟ أو ليس معه أحد؟ سمع من لفظ الشيخ ولا يدري نسي، هل كان بمفرده؟ أو معه جمع من الطلاب؟ هل يقول: حدثني، أو يقول حدثنا؟ وإذا سمع أو قرأ على الشيخ ومعه غيره، هل يقول أخبرني؟ أو أخبرنا؟ ما في إشكال أنه إذا كان وحده فإن سمع من الشيخ قال: حدثني، وإن قرأ على الشيخ قال: أخبرني، وإن كان معه غيره ففي طريق السماع يقول: حدثنا، وفي طريق العرض يقول: أخبرنا، لكن إذا طال به العرض، ونسي هل كان معه أحد أو لا، هل يفرد أو يجمع ؟ منهم من قال يفرد لماذا؟ لأن وجوده متيقن، ووجود غيره مشكوك فيه، فيأتي باللفظ المتيقن يقول: حدثني، ومنهم من يقول يجمع لماذا؟ لأن حدثني أقوى من حدثنا، أقوى من حدثنا، يعني كون الشخص مقصوداً بالحديث مخصوصاً به من قبل الشيخ أقوى في حال الأداء والتحمل، من كونه من ضمن مجموعة طلاب، يعني نفترض أن ما فيه إلا أللي أمامي الشيخ صالح ما في غيره، وأنا أحدثه، ويمكن يغفل، وإلا يتلفت، وإلا يمين، وإلا يسهوا، وإلا ينعس ما يمكن، لكن مع مجموعة واحد هناك، هل سماعه مثل ما سماع المخصوص بالتحديث؟ يمكن يلتفت، يمكن يغفل، يمكن ينشغل بشيء، يمكن يقرأ في كتاب أخر، ولا شك أن التخصيص بالتحديث والإخبار، أقوى من التحديث على سبيل العموم، ولذا يقول حدثنا؛ لأن الأقل هو المتيقن، والأعلى من الصيغتين مشكوك فيه فيأتي بالأقل، والأقل هنا حدثنا وأخبرنا ولكل منهما وجه، قد يقول قائل: أقول حدثنا، ولو كنت بمفردي، حدثنا ولو كنت بمفردي؛ للدلالة على تأكيد التحديث، كما قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب التفسير من صحيحه في تفسير {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} [(2) سورة يوسف] قال: والعرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع، العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع، وحينئذ إذا أراد التأكيد فيقول: حدثنا؛ ليؤكد أنه سمعه من لفظ الشيخ نعم.

طالب............

ما يكون فرق؛ لأن الفرق ترى اصطلاح، الفرق مجرد اصطلاح، خصصوا " الإنباء والإخبار والتحديث" في أصل اللغة لا فرق بينها في مفادها إجمالاً، وإن كان هناك فروق دقيقة بين هذه الألفاظ، لا سيما عند من يمنع الترادف من كل وجه، من أهل العلم من يقول في اللغة المترادف ومقتضاه أن هذه اللفظة مساوية لتلك من كل وجه، ومنهم من يمنع الترادف ويقول: لا يمكن أن يوجد في لغة العرب كلمتان متساويتان من كل وجه، وفي كتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري أمثلة كثيرة من ذلك.

يعني على سبيل المثال بما عندنا "حدثنا و أخبرنا " يقولون: مفادها واحد، لكن دلالة الإخبار أوسع من دلالة التحديث، دلالة الإخبار أوسع من دلالة التحديث كيف؟ قالوا: التحديث ضيق، بمعنى أنه لا يكون إلا بالنطق، باللفظ، بالكلام.

والإخبار قد يكون بالكلام، وقد يكون بالكتابة، وقد يكون بالإشارة المفهمة، وقد يكون بالقرينة القوية، فمن قال لزوجاته أو لزوجته: إن حدثتني بكذا فأنت طالق، تطلق إذا لفظة بالكلام، لكن لو كتبت ما تطلق، لكن لو قال إن أخبرتني بكذا وكتبت تطلق؛ لأن الإخبار يحصل بالكتابة، لو قال لعبيده، أو لعبد منهم إن أخبرتني بكذا فأنت حر، أو حدثتني بكذا، أو أخبرتني بكذا فأنت حر على ما تقدم فيما يتعلق بمسألة الطلاق.

الإخبار والإنباء الأصل أن الإنباء والإخبار {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر]   يعني مخبر معناهما واحد هو الأصل، لكن بينهما من الفروق من يجعل الإنباء هو الخبر عن أمر عظيم، عن خبر عظيم، يعني تسمعون يومياً الأنباء والأخبار بمعنى واحد، يعني النشرات الأخبار قد يقول عنها الأخبار، وكالات الأنباء، وكالات مدري إيش، المقصود أنها استعمالها العرفي واللغوي قريب من السوائل؛ لأن هناك فيما يذكره أهل العلم من الفروق الدقيقة بين الألفاظ أن النبأ يخص بالخبر العظيم، وليس أي خبر، -يعني نعم-.

طالب..............

بلا شك يعني {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [(1- 2) سورة النبأ] ومنهم من يقول عند من يقول بالترادف أنهما متساويان من كل وجه، ولذا وصف النبأ لما أريد بيان عظمته وصف بأنه عظيم، ولو كان غير مرادف للخبر، وأنه مختص بالعظيم لما احتيج إلي وصفه بكونه عظيم.

على كل حال الإنباء خصوه -يعني المتأخرين- بالإجازة، بالإجازة التي يشافه بها الشيخ من يجيزه وكل هذا مستحسن وليس بواجب عندهم، ليس بواجب ليس معنى هذا أنك إذ تحملت بطريق السماع تقول: أخبرنا وتأثم، أو تقول حدثنا بطريق العرض وتأثم، أو حدثنا في الإجازة وتأثم، اللهم إلا إذا ترتب على ذلك شيء من التشبع، وأنك من الأهلية والمنزلة عند الشيخ بأن يحدثك ولا تقرأ عليه، أو يختصك بشيء دون غيرك إذا ساور القلب شيء من هذا، لا شك أنه يدخل في حيز الذم ويدخل في حيز التدليس.

إذا روى بالإجازة المشافه للمشافه، قال: أنبأنا، أو قال: أخبرنا، أو قال: حدثنا ولم يبين أنه إجازة، أو تحديث، أو عرض لا شك أن مثل هذا قد يذم،إذا كان القصد من ذلك أنه تحمل الحديث بطريقة عليا؛ لأن الإجازة دنيا فيدلس على السامع أنه تحمل حديث بطريق السماع من لفظ الشيخ، إذا تتطرق إليه مثل هذا فإنه حينئذ يذم من هذه الحيثية، وقد يوصف بالتدليس، ووصف بعضهم بتدليس الصيغ.

وكل هذا مستحسن وليس بواجب عندهم، وإنما أرادوا التمييز بين أحوال التحمل، وظن بعضهم أن ذلك على سبيل الوجوب فتكلفوا في الاحتجاج له وعليه بما لا طائل تحته، نعم يحتاج المتأخرون إلى مراعاة الاصطلاح المذكور؛ لئلا يختلط؛ لأنه صار حقيقة عرفية عندهم، فمن تجوز عنها، -يعني استعمل اللفظ في غير ما استعمل له اصطلاحاً- فمن تجوز عنها احتاج إلى الإتيان بقرينة تدل على مراده، احتاج إلى الإتيان بقرينة تدل على مراده، وإلا فلا يؤمن اختلاط المسموع بالمجاز بعد تقرير الاصطلاح، فيحمل ما يرد من ألفاظ المتقدمين، فيحملوا ما يرد من ألفاظ المتقدمين على محمل واحد بخلاف المتأخرين، بخلاف المتأخرين -يعني إذا كان هذا في الصيغ التي تدل على التحمل الأصلي وهو السماع الذي هو أصل التحمل_.

الطريق الأول من طرق التحمل السماع وهو الأصل في الرواية؛ لأن الأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يحدث والصحابة يستمعون ويتلقون عنه.

وأيضا العرض القراءة على الشيخ الاستدلال لها بحديث ضمام بن ثعلبة كما سيأتي في الصحيح في كتاب العلم، لا شك أن لها أصل شرعي.

يبقى الإجازة، الإجازة يعني الاستدلال لها وصحة التحمل بها فيه غموض كما يقول أهل العلم؛ لأنه ما فيه تنقل عن أحد إلا وقد سمعته أو سمعت من يسمعه الشيخ ويقره، فتنسب إلى الشيخ، أما أن يقول لك أجزتك بصحيح البخاري، ثم تقول: " حدثني فلان إلى أخر الإسناد عن شيخه فلان عن فلان إلى أخره، وأنت تحملته بطريق الإجازة، الاستدلال لها من حيث اللغة لا شك أن فيه غموض، وبعضهم أبطل الإجازة من هذه الحيثية، حتى قال قائلهم: أن من قال لغيره أجزتك أن تروي عني ما لم تسمعه مني، فكأنه قال له: أجزتك أن تكذب علي.

على كل حال جمهور أهل العلم أقروا الإجازة، ورأوها ضرورة، رأوها ضرورة؛ لأن الطلاب كثروا، والكتب كثرت، والوقت لا يستوعب، فإذا وجد طالب، جاء طالب ليقرأ صحيح البخاري مثلاً ليتحمله عن الشيخ، ثم بعد ذلك إذا قرأ منه الربع، أو الثلث، أو النصف جاء أخر من أين يبدأ الثاني؟ ثم جاء ثالث، ثم رابع، الأمور لا تنتهي، نعم لو قدر أن الشيخ يجمع فئام من الناس ويحدثهم يقرأ عليهم الكتاب من أوله إلى أخره، -نور على نور- لكن يبي يستمع الكتاب، أو يُسمع الكتاب من أوله إلى أخره لجميع طلاب العلم فرداً فرداً، هذا مستحيل، ولذلك جوزوا الإجازة للضرورة من هذه الحيثية، لكن من تحمل بطريق الإجازة عليه أن يبين فإما أن يقول: أنبأنا؛ لأنها تحددت في الاصطلاح عند المتأخرين.

وكثر استعمال عن في ذي الزمن
 

 

إجازة وهي بوصل ما قمن
 

 كما يقول الحافظ العراقي استعملها المتأخرون العنعنة في الإجازة، والأولى لمن تحمل بطريق الإجازة، أو المناولة، أو بما دونها من طرق التحمل أن يبين حدثنا، أو عن فلان إجازة، أو فيما أجازني به، أو فيما ناولني، أو فيما كتب إلي إلى أخره.

هناك من يتجوز ويصرح بالتحديث فيما لم يسمعه، الحسن البصري وهو إمام من أئمة المسلمين يقول: حدثنا أبو هريرة، والمقصود أنه حدث أهل البصرة وهو واحد منهم، أو حدث أهل المدينة وهو واحد منهم، الحسن موصوف بالتدليس -رحمه الله- لكن المدلس إذا قال: حدثنا هل يكفي أن يوصف بأنه مدلس؟ أو يقال كذاب؟! الأصل عند أهل العلم أنه كذاب، لكن منزلة الحسن -رحمه الله تعالى- وتأويله الذي استساغه أهل العلم ونقلوه عنه، لأنه بُين في موضع أخر، ومن أهل العلم من يرى، أو يثبت صحة سماع الحسن من أبي هريرة؛ لأنه قال حدثنا: لأنه إذا قال حدثنا لا يخلوا من أمرين: إما أن يكون سمعه، أو أن يكون كذاب، ويربى بالحسن، إمامة الحسن تنهبه عن أن يوصف بالكذب، فأثبت بعضهم سماع الحسن من أبي هريرة، ومنهم من يقول: هذا ضرب من التدليس الشديد، والحسن موصوف به، ومع ذاك لا يثبت سماعه من أبي هريرة، وإن قال حدثنا أبو هريرة.

هناك صيغ نادرة، نادرة جداً، ونأتي بالصيغ في مناسبة أول حديث علشان ما نحتاج إلى أن نكررها فيما سيأتي، ولا يستطيل الأخوان مثل هذه الأمور؛ لأنها لن تكرر فيما بعد إلا للطيفة تخص الإسناد، فينبه عليه في وقته -إن شاء الله تعالى-.

صيغ نادرة في أواخر الصحيح ، صحيح مسلم.

تنزل.

المؤذن: السلام عليكم.

وعليك السلام.

أي يا شيخ أستأذن من الله ثم منك، الله ينجيك من النار

طالب............

يقول إجازة، وإذا سلم من التشبع بما لم يعط، إذا سلم جاز له ذلك؛ لأن كل هذا على سبيل الاستحسان عند أهل العلم وليس بواجب.

طالب............

الخلاف يسير بين حدثني وحدثنا، الحديث في الأصل تلقي بطريق السماع من لفظ الشيخ، وكونه حدثنا؛ لأن معه مجموعة، أو حدثني؛ لأنه منفرد، منهم من يفضل الإفراد، ومنهم من يفضل الجمع لما ذكرت، وما دام الخلاف معتبر بين أهل العلم في هذه المسائل، ومحتمل ولكل وجه تقول: الأمر فيه سعة.

تفضل.

هناك صيغ نادرة، يعني هذه الصيغ التي ذكرت تتكرر كثيراً في كتب الحديث، وهناك صيغة نادرة في صحيح مسلم يقول الإمام مسلم في أو آخر الكتاب يقول: وحدثناه قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حماد، عن المعلا بن زياد، رده إلى معاوية بن قرة، رده إلى معقل بن يسار، رده إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:  ((العبادة في الهرج كهجرة إلي)) هذه صيغة رده إلى فلان، رده إلى فلان -بمعنى أنه نسبه إليه وأضافه إليه- فهي بمثابة الصيغ المذكورة من التحديث والأخبار ونحوها.

هناك أحاديث وجدت عند النسائي -رحمه الله تعالى- بدون صيغة، بدون صيغة، قال الحارث بن مسكين: فيما قُرأ عليه وأنا أسمع، ما يذكر لا أخبرنا ولا حدثنا، نعم الذين طبعوا السنن ذكروا أخبرنا؛ مشيا على الجادة وإتباعا للعادة، لكن الأصل ما فيها لا حدثنا ولا أخبرنا، قال الحارث بن مسكين فيما قُرأ عليه وأنا أسمع، فجرده من الصيغة، والسبب في ذلك أن الحارث منعه من الحضور، طرده من مجلس التحديث فتورع الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- عن أن يقول حدثنا أو أخبرنا لما طرده من مجلس التحديث، صار يختفي وراء سارية ويسمع، ويسمع الحديث، فلكون الحارث بن مسكين ثقة لم يفرط النسائي بحديثه، ولا أثر عليه الموقف من التلقي عنه، وطلاب العلم في عصرنا تجده لأدنى مناسبة يترك الشيخ، ويترك العلم لأدنى مناسبة، والخسران من؟ الطالب، الطالب يعني هناك مواقف مؤثرة صحيح، يعني مؤثرة تحز في النفس، يعني في حلقة تحفيظ في وقت توزيع جوائز اتهم واحد من الطلاب أنه سرق عشرة ريالات من هذه الجوائز، ووجه بهذا أنك أنت أللي سرقتها، ثم ترك حفظ القرآن من أجل هذه التهمة، لا شك أن المتسبب في تركه عليه كفل من الإثم، والمباشر أيضا يتحمل مسؤولية، قد يحصل من الشيخ بالنسبة لبعض الطلاب شيء من الجفاء، أو يتكلم عليه بين زملائه وأقرانه بكلام يرى أنه يرتدع به، ويردع فيه غيره، ومن غير أن يقصد الإساءة إنما يقصد بذلك التأديب، بعض الطلاب لا يحتمل مثل هذه التصرفات، فيظن أن هذا جفاء من الشيخ فيتركه والخسارة على الطالب، لا شك أن الخسران الطالب، فمثل هذه الأمور كما يوصي أهل العلم في أدب الطالب أن يصبر على جفاء الشيخ، يصبر على جفاء الشيخ، إذا أراد أن يتعلم بالفعل.

ولا شك أن الشيوخ مهما بلغوا من العلم، وصدق النية، وصحة العمل أنهم يبقون أنهم بشر، يغضبهم من يغضب الناس، ويرضيهم ما يرضي الناس، يبقى أنه، ولذا يوصي أهل العلم الطالب ألا يضجر شيخه، -لا يكون سبب في إضجاره وسوء خلقه، حتى قالوا عن محدث: أنه من أحسن الناس خلقاً، فما زال به طلاب الحديث حتى صار أسوا الناس خلقاً، على كل حال الطالب أن يتحمل عليه جزء من المسئولية، والشيخ كذلك، يعني مهما بلغ به من جفاء الطلاب، أو إعانتهم له، أو إشغالهم إياه، وكثرة الأسئلة، وإطالة الوقوف عليه أن يتحمل، عليه أن يتحمل، وعلى الطالب أيضا أن يلاحظ قدرة الشيخ، وتحمل الشيخ؛ لأنه بشر قد يكون الشيخ جاء من بعد درس، إما أن يقف عند الباب في شمس حار، أو في جو بارد وريح باردة أو يحتاج إلى الدورة، أو يحتاج إلى الراحة.

الشيخ يعتريه ما يعتري الناس، ثم تجد الأخوان -جزآهم الله خيراًٍ- من الحرص يحمدون ويشكرون على هذا، أنهم يتتبعون العلم، ويسألون عما يشكل عليهم هذه منقبة لهم، ولا شك أن أكثرهم حرصاً على هذا هو يستحق أكثر من مدحه؛ لإن هذه دلالة على حرصه على التحصيل، لكن ينبغي بعد أيضا أن كل واحد له ما يخصه الشيخ عليه أن يصبر ويتحمل، والطالب عليه أيضا أن يراعي ظروف الشيخ، ولذا الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- طرد من الحلقة، طرده الحارث مسكين فصار وراء سارية يسمع الحديث ، ما فرط  بحديث الشيخ، يعني بعضهم يأتي إلى شيخ من الشيوخ الكبار الذي هو في سن جده مثلاً، أو أبيه، ثم يجد هذا الشيخ ما استقبله استقبال مناسب، ثم يحرم على نفسه ألا يكرر المجيء إلى هذا الشيخ لماذا؟ لأنه لم يستقبله  طيب أنت ما تدري عن ظروف الشيخ، الشيخ وافد إليه الناس زرافات ووحداناً كل له مطالبه، منها المطالبة العامة، ومنها المطالب الخاصة، ومنها الأمور المكدرة الكثيرة، فما تدري ويش ظروف الشيخ اليوم،! فعلى الإنسان أن يتحمل، وعليه أن يعذر بقدر الإمكان، والله المستعان.

نعم.

طالب............

 طيب.

الطالب...........

طيب.

الطالب.............   

لتعلم أن الاصطلاح إنما استقر عند المتأخرين، حتى قالوا: إن أول من أحدث التفريق بين التحديث والإخبار بمصر ابن وهب، ابن وهب متأخر، ابن وهب هو الذي أحدث التفريق بين التحديث والإخبار، عرف بعض أهل العلم أنه لايمكن أن يؤدي إلا بلفظ التحديث على أي طريق تحمل، وعرف بعضهم أنه لا يؤدي إلا بطريق الإخبار على أي وجه تحمل الخبر، ويفسرون المهمل من الرواة بصيغته التي ذكرها، فمثلاً إسحاق قالوا: لا يكاد يحدث إلا بأخبرنا، فإذا جاء إسحاق مهملا في سند من الإسناد وفيه حدثنا، قالوا: ما هو بإسحاق بن راهويه هذا غير، وإذا جاء بصيغة الإخبار فسروه بأنه إسحاق بن راهويه إذا كان الطبقة تحتمل، نعم؛ لأنه لا يكاد يحدث إلا بأخبرنا، وعلى كل حال هذه أمور اصطلاحية ليست بملزمة، ودلالة التحديث والإخبار على اتصال الإسناد أمر متفق عليه، سواء كان تحمل بطريقة السماع من لفظ الشيخ، أو بطريقة العرض على الشيخ، هذا محل إجماع لم يخالف في الاتصال بما تحمل بهما، لكن الإشكال حينما يحدث بطريقة الإجازة، فيقول: أخبرنا بالإطلاق، أو حدثنا بالإطلاق هذا الذي يوقع بالإشكال عند من لا يرى الإجازة، عند من لا يرى صحة الإجازة، فهذا يجعل الناس يقبلون الخبر وهم لا يرون صحة الرواية بالإجازة، فهذا لا شك انه يوقع في لبس، ولهذا لا بد من التقييد حدثنا إجازة، أو أخبرنا مناولة، أو ما أشبه ذلك.

طالب...........

شوف من تلكم به، هل هو ممن يرى التفريق؟ أو ممن لا يرى التفريق؟ البخاري ما تستطيع أن تقول، ترجح أو ما ترجح ما تستطيع؛ لأنه يرى أنهما بمعنى واحد ويأتي هذا، حتى،  التوفيق في بعض المواضع تجده يقول: حدثنا، وفي بعضها من الكتاب نفسه يقول: أخبرنا؛ لأنه لا يرى الفرق بينها، فمثلاً هذا لا تستطيع أن ترجح نعم عند مسلم الذي يرى التفرق، ويدقق في هذا، ومن شيوخه المعروفين بالتفريق يرجح بها، وعلى كل حال ما دام الإجماع قائم على ما روي بطريق السماع، وعلى ما روى بطريق العرض، وأنه متصل اتفاقا، إجماع، وأنكر الإمام مالك عمن طلب منه أن يحدثه بالموطأ، موطأ الإمام مالك -رحمه الله- لا يحدث مطلقاً، وإنما يقرأ عليه، وأنكر على من طلب منه التحديث قال: العرض يجزيك في القرآن، ولا يجزيك في الحديث والقرآن أعظم، أنكر عليه يجزيك في القرآن، ولا يجزيك في الحديث، والقرآن أعظم.

على كل حال هذه أمور اصطلاحية مراعاتها تحتاج إلى مزيد من التحري، وأيضاً اختلاف النسخ، قد تجد في صحيح مسلم في بعض النسخ القديمة العتيقة الموثقة، صيغة تختلف عن ما في نسخة أخرى، فضلاً عن الكتب الأخرى؛ لإن صحيح مسلم معتنى به، ومنقول إلينا بدقة نظير ما نقل به البخاري.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

هنا يقول: من استمع إلى شروحكم على البيقونية، ولامية شيخ الإسلام، وميمية حافظ، والأجرومية، ونخبة الفكر، وعمدة الأحكام، والواسطية، وقرأ تحقيق الرغبة، لكن لم يحضر عندكم سواء هذا الدرس؛ لأنه ليس من أهل هذه المدينة، يحق له أن يقول: شيخنا؟

على كل حال إذا لم يقصد بذلك التشبع، ومزاحمة الشيوخ، وسمع من لفظهم من الأشرطة له أن يقول: شيخنا، لكن إذا أراد أن ينقل عليه أن يبين مثلما قالوا في الإجازة؛ لئلا يدخل في حديث ((المتشبع بما لم يعط))، يعني يمكن يقول سمعت فلان من خلال شريط، أو من خلال آلة إنترنت، أو غيره..

يقول: من جمع بين المغرب والعشاء والظهر والعصر فمتى يأتي بالرواتب، وكيف؟ وهل يقول الأذكار التي عقب الصلاة مرتين أم مرة أم مرتين؟

الصلاة الأولى من المجموعتين تسقط متعلقاتها من الأذكار والنوافل؛ لأنها سنن فات محلها، فيأتي بما يتعلق بالثانية، يأتي بما يتعلق بالثانية من أذكار ونوافل.

يقول: بعض الشباب يطعن في ابن حجر والنووي بقولهم إنهما من الأشاعرة، وعندهم شيء من الأشعرية ويروجون لذلك، فهل من كلمة حول هذا؟

النووي أشعري ويقرر عقيدة الأشاعرة في شرح مسلم بكل ما تتطلبه من أبواب العقيدة، وأما الحافظ ابن حجر فهو ليس له مذهب معين، هو نقال، فقد ينقل قول الأشاعرة ولا يتعقبه، وقد ينقل قول السلف ولا يرجحه، المقصود أنه نقال، وعلى كل هذه هفوات وزلات، لكن هم ليسوا من المنظرين لهذا المذهب، فعندي الاختلاف كبير بين النووي وبين الرازي، الرازي منظر للمذهب وداعية إلى المذهب، والنووي مقلد، ولا يعفيه أن يُقدح به بسبب ذلك، لكن كتبه نافعة، وكتب الله لها القبول، وفي كل مسجد من مساجد الدنيا يقال: قال النووي: -رحمه الله تعالى-، وهذه كتب لا شك أن نفعها عظيم، وما فيها يمكن أن ينبه عليه مع عدم صرف لطلاب العلم عنها؛ لمسيس حاجتهم إليها، ولذا التنبيه على الأخطاء في الكتب يختلف باختلاف الضرر والنفع الراجح، فمثلاً لا يسوغ لطالب علم أن يفرد الأخطاء الموجودة في فتح الباري في مجلد مثلاً، أو في شرح النووي على مسلم في مجلد لماذا؟ لأن طلاب العلم بمسيس الحاجة إلى هذين الكتابين، وإفراد الأخطاء يزهد طلاب العلم بهما، لكن ما في ما يمنع أن يطبع الكتاب، ويعلق على جميع المواضع التي فيها المخالفات، فيستفيد طالب العلم من ما فيه من علم وخير، وينبه على ما فيه من مخالفات، لكن لو كان هناك كتاب لا يتضرر طالب العلم بعدم قرأته، وأفردت مساوئه والمُآخذات عليه ما في ما يمنعه، يعني لو أن شخصا كتب خمسة مجلدات في المؤاخذات على تفسير الرازي، أو على تفسير الزمخشري، وعزف عنها طلاب العلم، لم ينقصهم شيء -إن شاء الله- ولن تتأثر المكتبة الإسلامية بعدمهما أبداً؛ لأن العلم موجود ولله الحمد، العلم قائم بدونهما.