كتاب بدء الوحي (010)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذه مسألة تكرر هنا في هذا المكان يومياً، ويمنعني من إنكارها الحياء، يعني عندما يقول المؤذن أنتم تسمعون  كلامه كلكم، حينما يستأذن للأذان  يقول: أستأذن من الله ثم منك، هذه كلمة لا أرتضيها لكن كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يمنعه الإنكار على من يقول: ماذا يقول؟ ما شاء الله وشئت، كان يمنعه الحياء، وذلكم قبل أن ينزل عليه الوحي بالمنع، ويراها -عليه الصلاة والسلام- مبالغة في حقه لا تليق به لكن ليس لديه منع يمنعه منها من وحي، فلما أخبر بمنعها منعها -عليه الصلاة والسلام-، فإن كان أحد منكم يستطيع أن يؤثر على المؤذن من غير أن يستثيره؛ لأن رجل عنده شيء من الخلق والتواضع على كبر سنه ومع ذلك قد لا يحتمل الإنكار، يعني كثير من النفوس الآن لا تحتمل الإنكار حتى من طلاب العلم، فإن كان أحدكم ينقل إليه كلامي ويقول: إني لا أرتضي هذا الكلام ، يقال: إنه سئل الشيخ عن هذه الكلمة وقال : إنني لا أرتضيها، لكنني هو رجل كبير يكبرني سناً فلو تبرع أحدكم أن يبين له هذا الأمر برفق ولين؛ لأنه رجل -كما تعلمون- عامي قد لا يحتمل مثل هذا التوجيه من شخص أصغر منه، فإن حصل ذلك منكم وإلا أتفرد به وأبين له ذلك، نعم؟

طالب:........

لا، لا، لا ينكر إلا وحد فقط ، واحد إمام المسجد؟ إمام المسجد ما يحضر ولا يسمع.

طالب:........

لا لا قد لا يقبل منه.

طالب:........

لكن مع ذلك المنكر لا بد من إزالته، ولو كان يعني يمكن أن يؤول يمكن، لكن مع ذلك أنا لا أرتضي مثل هذه الكلمة.

طالب:........

كلمه جزاك الله خير، بس الرفق الرفق؛ لأنه رجل...هاه؟

طالب:........

أيه جزاك الله خير، شوف الوقت المناسب وكلمه.

سم.

طالب:........

إيه هذا الذي يمنعني من..، إيه إنا أبادره قبل أن يقولها، لكن يقولها، أنا أبادره بالإذن قبل أن يقولها ثم يصر ويقولها مرة ثانية، وإنا نعلم يقيناً أنه ما حمله على ذلك إلا مزيد الأدب، لكن مع ذلك يبادل الاحترام، ويبادل التقدير ويستحيا منه بقدر ما يستحي، ومع ذلك لا بد المنكر أن يزال.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا الحديث العظيم استدل به الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- على ما سيأتي في كتاب الإيمان أن الإيمان يحتاج إلى نية، يحتاج إلى نية؛ لأنه عمل، قالوا: وأما الإيمان بمعنى التصديق فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب، من خشية الله وعظمته ومحبته والتقرب إليه؛ لأنها متميزة، شيء متميز هذا لله -جل وعلا-، الخشية خشية الله -جل وعلا- تحتاج إلى نية، لا تحتاج لأنه متميزة بنفسها، محبة الله -جل وعلا- لا تحتاج إلى نية لأنها متميزة؛ لأن إضافة الكلمة إلى الله -جل وعلا- تدل على أنها له، فلا تحتاج إلى نية تميزه عن محبة غيره، لكن لو قلنا: المحبة وأطلقنا لحتجنا إلى نية تميز محبة الله -جل وعلا- عن محبة غيره.

يقول -رحمه الله تعالى-: باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام، فالإيمان يحتاج إلى نية، فلو أعلن شخص إسلامه وإيمانه من غير نية فإن هذا لا يكفي، وفيه رد على الكرامية الذين يقولون: إن الإيمان قول باللسان فقط، لا يحتاج إلى نية ولا اعتقاد، قولٌ باللسان فقط وإن لم يعتقد، ومذهب أهل السنة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يقول ابن حزم: ومن نطق به يعني الإيمان دون أن يعتقده بقلبه فهو كافر عند الله تعالى وعند المسلمين، لكن إذا نطق بالشهادتين فيعامل ظاهراً معاملة المسلمين، وما في القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب كما في حديث أسامة وقتله من نطق بالشهادة ((هلا شققت عن قلبه)) لكن هذا حكمه إذا لم يعتقد فهو كافر، قال: ومن نطق به -يعني الإيمان- دون أن يعتقده بقلبه فهو كافر عند الله تعالى وعند المسلين، قال تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [(1) سورة المنافقون] عكس هذا، هذا إذا لم يعتقد فهو كافر بالاتفاق، وما يذكر عن الكرامية لا عبرة به، لماذا ؟ لأنه يدخل المنافقين في مسمى الإيمان، عكس هذا من وقر الإيمان في قلبه لكن لم ينطق بالشهادتين هذا يعامل معاملة الكفار، يعامل معاملة الكفار في الدنيا، وأما في الآخرة فأمره إلى الله -جل وعلا-، فأمره إلى الله -جل وعلا-، وكنا نظن أذا قرأنا مثل هذا الأمور أنها أمور نظرية ما يمكن أن تحصل أن إنسان يقر الإيمان في قبله ثم بعد ذلك لا ينطق بالشهادتين، وسائل يسأل سأل قبل عشرين سنة من بلد أفريقي، يقول: له صاحب نصراني فقتنع بالإسلام ووقر الإيمان في قلبه، وذهبت به إلى شيخ يلقنه الشهادة، فلما جئنا إلى الشيخ قال: أذان الظهر باقي عليه الآن ربع ساعة، وأنا الآن أتجهز لصلاة الظهر فإذا صلينا لقنته، لا شك أن هذا حرمان للطرفين .... ربع ساعة حتى ولو أقيمت الصلاة، ولو أقيمت الصلاة ما الذي يمنع من تلقينه الشهادتين، لكن هذا حرمان، يقول: خرجنا من عنده ننتظر حتى تقضى الصلاة، فإذا هناك إطلاق نار فقتل الرجل، هذا في الظاهر يعامل معاملة الكفار؛ لأنه لم ينطق بالغاية التي تعصم دمه عن القتل، تعصم ماله ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله )) ((حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) سعيه دليل وبرهان على أن الإيمان وقر في قلبه، وأنه صادق في ذلك، لكن ما يكفي، ما يكفي يعني من كان الامتناع امتناعه من النطق أو عدم نطقه بالشهادتين لخرس أو شبهه مثل هذا يقبل كما تقبل منه سائر التصرفات.

تقدم نقل الإجماع على أن النية شرط لصحة الأعمال التي هي مقاصد وغايات، مقاصد وغايات، يعني نقل الإجماع على اشتراط النية للصلاة ابن عابدين في حاشيته، وابن جزي في قوانينه، والخطيب الشربيني في مغنيه، والبهوتي الحنبلي في شرح المنتهى، هؤلاء من المذاهب الأربعة، هذا بالنسبة للغايات والمقاصد، فماذا عن الوسائل كالوضوء والتيمم، وما أشبههما مما له حكم الوسائل، احتجت الأئمة الثلاثة كما يقول العيني الحنفي يقول: احتجت الأئمة الثلاثة به يعني حديث الباب في وجوب النية في الوضوء والغسل، فقالوا: التقدير في صحة الأعمال بالنيات، والألف وإلام فيه لاستغراق الجنس فيدخل فيه جميع الأعمال من الصوم والصلاة والزكاة والحج والوضوء وغير ذلك، وتقدم أن الوضوء يدخل في حديث الباب في كلام البخاري، قال: فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والحج والصوم والأحكام، هذا رأي الأئمة الثلاثة، وغير ذلك مما يطلب فيه النية عملاً بالعموم، ويدخل فيه أيضاً الطلاق والعتاق؛ لأن النية إذا قارنت الكناية كانت كالصريح، وقال النووي تقديره إنما الأعمال تحسب إذا كانت بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية، يعني فمدار العمل على النية، إذا قارنته النية الخالصة لله -جل وعلا- احتسب واعتد به وإلا فلا، قال: وفيه دليل على أن الطهارة وسائر العبادات لا تصح إلا بالنية، لا تصح إلا بنية يقول النووي: وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والثوري والأوزاعي والحسن بالحي ومالك في رواية إلى أن الوضوء لا يحتاج إلى نية وكذلك الغسل، وزاد الأوزاعي والحسن التيمم.

وقال عطاء ومجاهد لا يحتاج صيام رمضان إلى نية إلا أن يكون مسافراً أو مريضاً، الصيام غاية وإلا وسيلة؟ غاية لهذا ما يلتقي مع قول الحنفية في عدم اشتراط النية للوضوء، هم يقولون لأنها وسائل، والصيام لا يحتاج إلى نية صيام رمضان، منهم من يقول: إن الصيام كله من باب التروك، فإما أن نجعل التروك تحتاج إلى نية على ما سيأتي أو الصيام لا يحتاج إلى نية مع أن فيه الحديث الصحيح: ((لا صيام لمن لم يبيت النية من الليل)).

عرفنا رأي أبي حنيفة في الوضوء ومن معه، ورأي الأوزاعي والحسن في التيمم، وسيأتي بسط هذه المسألة، قال عطاء ومجاهد لا يحتاج صيام رمضان إلى نية إلا أن يكون مسافراً أو مريضاً، لماذا ؟ يعني مثلما قلنا في أعمال القلوب لأنها متميزة بنفسها، فرمضان متميز بنفسه، والظرف لا يستوعب أكثر من صيام الشهر، والصائم لا خيار له في أن يصوم نفل أو نذراً أو كفارة أو رمضان، فتحددت النية بصيام رمضان، فلا يتحاج إلى نية تميزه من عبادة إلى أخرى، لكن من كان مسافراً أو مريضاً هل يصوم أو لا يصوم؟ هو بالخيار، هو بالخيار لا سيما إذا كان الصيام لا يشق عليه، هو بالخيار، وما دام هذا الاختيار وهذا التردد بين أن يصوم وبين ألا يصوم لا بد فيه من النية، ولذلك استثنوا إلا أن يكون مسافراً أو مريضاً، وعامة أهل العلم على اشتراط النية لصوم رمضان، قد يقول قائل: الناس كلهم يصومون رمضان، وما في أحد ينام بالليل في ليلية من رمضان من المسلمين إلا أنه ينوي أن يصوم الغد، اللهم إلا إذا نام قبل أن يرى الهلال فيحصل حينئذٍ التردد، فلا بد من تبييته قبل النوم، والمسألة فيمن تردد إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، هذه النية التي فيها شيء من التردد وفيها شيء من الضعف وعدم الجزم بالصيام هذه تجعل العلماء يختلفون في صحة مثل هذا الصيام، لكن المكلف لا يملك أكثر من هذا، المكلف لا يملك أكثر من هذا، إن كان غداً من رمضان فأنا صائم ثم نام إلى أن طلع الفجر، لا يتمكن من استئناف النية قبل الفجر، وهذا بذل جهده فيما يستطيع، واتقى الله حسب استطاعته، فصيامه صحيح كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وإن كان الأكثر أن صيامه ما دام فيه شيء من التردد أنه لا يصح.

هؤلاء الذين لا يشترطون النية في الوسائل، قدروا في الحديث قالوا: كمال الأعمال بالنيات أو ثوابها أو نحو ذلك؛ لأنه الذي يطرد، الصحة لا تطرد والإجزاء لا يطرد، وإنما الثواب مطرد؛ لأن الثواب يثبت في العمل الذي يصح، ويصح من جهة أن النية شرط له، وهو أيضاً الثواب مطرد عند من لا يشترط النية، فالثواب مطرد عند الحنفية في الوضوء إذا نواه، ومطرد عند غيرهم الذين يشترطون النية، فالثواب حاصل على كلا القولين، فقالوا: إن تقدير الثواب مطرد، يعني تقدير الأدنى يدخل فيه الأعلى يعني تقدير الأدنى، يعني الاتفاق على القدر المشترك، يعني إذا قلنا بالنسبة للوضوء الجمهور لا يجيزونه إلا بنية ولا يصححونه، والحنفية يصححونه، لكن هناك قدر مشترك إذا وجدت النية، القدر المشترك الثواب، الجمهور يقولون: يثاب والحنفية يقولون: يثاب، فلا تعارض بين القولين من هذه الحيثية في حصول الثواب، وقالوا: ما دام هذا القدر مشترك بين الجميع، فتعليق الحكم وتقدير المحذوف بالقدر المشترك أولى من تعليقه بالأمر المختلف عليه وهو الصحة، وقالوا: التقدير فيه كمال الأعمال بالنيات أو ثوابها أو نحو ذلك؛ لأنه الذي يطرد، فإن كثير من الأعمال يوجد ويعتبر شرعاً بدونها؛ ولأن إضمار الثواب متفق عليه، إضمار الثواب متفق عليه بين الجمهور والحنفية إذا وجدت النية؛ ولأنه يلزم من انتفاء الصحة انتفاء الثواب؛ ولأنه يلزم من إنتفاء الصحة إنتفاء الثواب دون العكس، إذا انتفت الصحة انتفى الثواب، لكن قد ينتفي الثواب ولا تنتفي الصحة، فلا يحصل الاتفاق بين هذه الأقوال على تقدير الصحة دون العكس فكان هذا أقل إضماراً فهو أولى، يعني هل الأخذ بالأقل بالقدر المتفق عليه هل يعد إجماع؟ يعني لو قال شخص: إن زيداً مدين لعمروٍ بألف، مدين لعمروٍ بألف وقال بكر: إن زيداً مدين لعمروٍ بثمانمائة، وقال خالد: إن زيداً مدين لعمروٍ بخمسمائة، الثلاثة كلهم يتفقون على الخمسمائة، كلهم يتفقون على الخمسمائة، لكن يختلفون في ما زاد على ذلك، فهل يعد هذا من نوع الإجماع أو نقول: إنه ما داموا لم يتفقوا على شيء محدد يجمعون عليه فإن مثل هذا لا يعد إجماع؟ والمسألة معروف الخلاف فيها في كتب الأصول، لكن هل القاضي يحكم مع اختلاف الشهود على القدر المطلوب بالخمسمائة، أو لا يحكم بشيء باعتبار الخلل في شهادة الشهود؟ نعم؟ يعني إذا أحضر ثلاثة شهود قال: هؤلاء يشهدون بأن عمراً مدين لي، أو زيد مدين لعمرو مثلاً، فشهدوا على نحو ما ذكرنا، واحد منهم شهد بألف والثاني بثمانمائة والثالث شهد بخمسمائة هل القاضي يحكم بالخمسمائة باعتبارها القدر المشترك أو يقول: ما دام اضطربت شهاداتهم واختلفت ترد؟ لكلٍ وجه، ولكلٍ قائل، أو بكل قول؛ ولأن إضمار الجواز والصحة يؤدي إلى نسخ الكتاب بخبر الواحد، يعني الكلام في هذه المسألة بين الحنفية والجمهور كلام طويل وردود مبناها على اختلافهم في بعض القواعد والأصول، فإن رأيتم بسط هذه المسألة لو أتت على الدرس هذا إليكم، وإن رأيتم أن نحيلكم على كتب درست هذه المسألة، فالأمر لا يعدوكم؛ لأن قيمة هذه المسألة الآن أظن ما يختلف أحد من الحاضرين أن النية شرط للوضوء والتيمم، وأنها داخلة في حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) وأن هذا لا يزيد في علمكم شيء في أصل المسألة، لكن فروع المسألة وتفاصيلها مما يستفاد منه في مسائل أخرى نظيره وتنطلق من هذا الاختلاف في هذه القواعد وهذه الأصول ينفعنا في مسائل أخرى. طيب، يقول: ولأن إضمار الجواز والصحة يؤدي إلى نسخ الكتاب بخبر الواحد وهو ممتنع؛ لأن العامل في قوله: "بالنيات" مفرد بإجماع النحاة، فلا يجوز أن يتعلق بالأعمال لأنه رفع بالابتداء فيبقى حينئذٍ بلا خبر، فلا يجوز، فالتقدير إما مجزئة أو صحيحة أو مفيدة، يعني لا بد أن يكون خبر الأعمال أحد هذه الكلمات الثلاث، أحد هذه الكلمات إما مجزئة أو صحيحة أو مفيدة، تقدم في كلام الحنفية أن التقدير بالمفيدة أولى، لماذا؟ لأنه قدر مشترك بين المذاهب كلها، وتقدم النقل على شان تذكرون عن الشيخ ابن باز أن التقدير أعم من الصحة والثواب والكمال أعم من ذلك، فالمفيدة أولى بالتقدير لوجهين:

أحدهما: أن عند عدم النية لا يبطل أصل العمل، يعني يبطل الثواب لكن لا يبطل أصل العمل، وعلى إضمار الصحة والإجزاء يبطل، فلا يبطل بالشك، فلا يبطل بالشك، الآن لما يختلف العلماء في تقدير أمرٍ يحتمله النص، يحتمله النص  إذا كان الخلاف، الخلاف له حظ من النظر مبني على قواعد صحيحة، فلا بد من اعتباره، هم يقولون: إن عند عدم النية لا يبطل أصل العمل وعلى إضمار الصحة والإجزاء يبطل، فلا يبطل في الشك، ما دام من أهل العلم من يقول: يبطل، ومنهم من يقول: لا يبطل، هل هذا جزم وإلا شك؟ نعم؟ تردد والتردد شك، فلا يبطل العمل بالشك، لا يبطل العمل بالشك، نعم العمل الصحيح لا يبطل بالشك، لكن هل يثبت العمل بالشك؟ وفرق بين القولين، يعني إذا قال الحنفية: إن العمل لا يبطل بالشك، ما دام أنتم تقولون: يبطل ونحن نقول: لا يبطل، والتقدير محتمل من حيث العربية يقلب عليهم هذا الكلام، فيقال لهم: أنت تصححون عملاً بالشك ونحن لا نصححه إلا بيقين؛ لأن الأصل عدم العمل، نعم إذا صح العمل لا يبطل بالشك، إذا صح العمل لا يبطل بالشك، لكن لا يصحح العمل بالشك، يعني بعض الأمور يعني تبدو كأنه كلام متفق عليه كأن هذا يطابق هذا، إذا قيل: لا يبطل العمل بالشك ولا يصحح العمل بالشك بينهما فرق وإلا ما بينهما فرق؟ بينهم فرق كبير يعني هما متضادان، يعني نظير ما يقال في باب الأطعمة: الحلال ما أحله الله ويقول الخصم: الحرام ما حرمه الله، يعني هل بين القولين اختلاف؟ نعم؟ فرق كبير الحلال ما أحله الله بناء على أن الأصل التحريم، الأصل التحريم، وإذا قلنا: الحرام ما حرمه الله كما هو القول الثاني في المسألة مسألة الأطعمة قلنا: الأصل في ذلك الإباحة.

والثاني أن قوله: ((ولكل امرئ ما نوى)) يدل على الثواب والأجر؛ لأن الذي له إنما هو الثواب، وأما العمل فعليه، أن قوله: ((ولكل امرئ ما نوى)) يدل على الثواب له، "إنما لكل" اللام هذه للملك وإلا لشبه الملك؟ هاه؟ اللام للملك وشبهه، يعني هل يملك الثواب أو شبه ملك مثل ما تقول: القفل للباب، والباب للدار، والجل للفرس، نعم؟ ((ولكل امرئ ما نوى)) يقول: يدل على الثواب والأجر؛ لأنه هو الذي له، له الثواب، وإما العمل فعليه، فعليه أن يأتي به.

هذه الجملة قلنا: إنها تؤسس ولا تؤكد؛ لأن من أهل العلم من يرى أنه مؤكدة للجملة السابقة، ومنهم من يرى وهو الصواب أنها مؤسسة لحكم جديد، وقلنا: إن الجملة الأولى تدل على الدخول في أصل العمل بالنية، وأنه لا يصح إلا بها، فمن دخل العمل الصالح الذي يتقرب به إلى الله -جل وعلا- بنية خالصة صح عمله، نعم؟

طالب:........

يصح عمله، لكن الثواب؟ يثبت له ثواب أو لا يثبت؟ وإنما لكل امرئ بقدر ما ينويه في الجملة الثانية، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) أنت افترض أنه دخل المسجد وصف مع الإمام بنية خالصة ثم غفل عن صلاته كلها، هذا ليس له من صلاته إلا ما عقل، ويدل عليه قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) لذلك قلنا: إن المرجح أنها مؤسسة لمعنى جديد ليست مؤكدة للجملة الأولى، والثاني أن قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) يدل على الثواب والأجر الذي له إنما هو الثواب أما العمل فعليه.

وقالوا: في هذا كله نظر من وجوه، الأول: أنه لا حاجة إلى إضمار محذوف من الصحة أو الكمال أو الثواب إذ الإضمار خلاف الأصل، وإنما حقيقته العمل الشرعي فلا يحتاج حينئذٍ إلى إضمار، هذا الكلام صحيح وإلا ليس بصحيح؟ العمل الشرعي يعني لو قال: العمل فقط قلنا: العمل موجود، العمل موجود، وبقوله -عليه الصلاة والسلام- للمسيء: ((صل فإنك لم تصل)) لو قال أحد: إنه صلى وعمل الصلاة عمل، نقول: إنها ليست بعمل شرعي، ليست بعمل شرعي.

((إنما الأعمال)) المراد بها الشرعية، فلا نحتاج إلى تقدير، فوجود هذه الأعمال الشرعية إنما هو بالنيات؛ لأن الوجود أعم من الصحة، وأعم من الإجزاء، وأعم من الثواب، فإذا كانت عملاً شرعياً موجود لا نحتاج إلى تقدير، إذا وصفنا العمل بأنه شرعي، أما إذا قلنا: مجرد العمل بالنية فلا بد من تقدير الصحة أو الثواب، فلا يحتاج حينئذٍ إلى إضمار، وأيضاً فلا بد من إضمار يتعلق به الجار والمجرور بالنيات، فلا حاجة إلى إضمار مضاف؛ لأن تقليل الإضمار أولى فيكون التقدير: إنما الأعمال وجودها بالنية، ويكون المراد الأعمال الشرعية، لكن متى تكون شرعية؟ متى تكون شرعية؟ إذا كانت بنية، نعم؟ إذا كانت بنية، لا تكون شرعية إلا إذا كنت بنية، فعلى هذا إذا قدرنا الوجود للأعمال الشرعية إنما يكون بالنية ما نحتاج إلى تقدير صحة ولا نحتاج إلى ثواب كما يقول الحنفية، طيب الآن هل يلزم من هذا الكلام الدور، أن الأعمال لا تكون شرعية إلا بنية، يلزم عليه دور وإلا ما يلزم؟ كيف يكون الوجه المقابل؟

طالب:........

لا النية لا تحتاج إلى نية كما قررنا سابقاً لأنه يلزم عليه عدم التناهي في الماضي، نعم؟

طالب:........

ما في إشكال تسلسل المستقبل ما فيه إشكال، إذا قلنا: النية تحتاج إلى نية، نية قبلها ونية تكون سابقة ما هي لاحقة، تسلسل اشتراط النية للنية إنما هو في المستقبل؛ لأن النية هذه سابقة على العبادة، وهذه النية عمل قلبي شرعي يحتاج إلى نية قبلها، والنية التي قبلها عمل شرعي تحتاج إلى نية قبلها فيكون تسلسل في الماضي وهذا ممنوع، هذا ممنوع؛ لأنه لا يتناهى حينئذٍ، ويلزم على ذلك أن يكون الإنسان في نية طول عمره لعمل واحد، ماذا عما لو وجدت أعمال؟ لكن الشكر نعمة يحتاج إلى شكر، والشكر الثاني نعمة يحتاج إلى شكر، ولم يمنعوا من هذا التسلسل.

فيكون التقدير: إنما الأعمال وجودها بالنية، ويكون المراد الأعمال الشرعية، يقول العيني: قلت: لا  نسلم نفي الاحتياج إلى نفي محذوف؛ لأن الحديث متروك ظاهر بالإجماع، والذوات لا تنتفي بلا خلاف، الذوات لا تنتفي بلا خلاف، فحينئذٍ احتاجوا إلى إضمار، وإنما يكون الإضمار خلاف الأصل عند عدم الاحتياج إليه، إذا لم نحتاج إلى إضمار كان خلاف الأصل، ولكن إذا احتجنا إليه فلا بد منه، عند عدم الاحتياج إليه، فإذا كان الدليل عليه قائماً على الإضمار يضمر إما الصحة وإما الثواب على اختلاف القولين، وقوله: فيكون التقدير إنما الأعمال وجودها بالنية مفضٍ إلى بيان اللغة لا إثبات الحكم الشرعي وهو باطل، كيف؟ العيني يقول: فيكون التقدير إنما الأعمال وجودها بالنية مفضٍ إلى بيان اللغة لا إثبات الحكم الشرعي وهو باطل، يعني من حيث معنى الأعمال، يعني إذا قلنا: شرعي بينا المراد بالأعمال بحقيقته الشرعية، ولا يراد بذلك الحقيقة العرفية أردنا بذلك الشرعية، ولا نريد بذلك الحقيقة العرفية ولا اللغوية، ومباحث الحقائق الثلاث بعمومها وجملتها هل هو من مباحث الشرع أو من مباحث اللغات؟ نعم من مباحث اللغة، إذاً نعود إلى تفسير أو إرادة الأعمال بمعناها اللغوي لا بمعناها الشرعي، وهذا الكلام لا شك أنه فيه شيء من التعسف، يعني إذا أردنا الحقائق نعم الحقائق الثلاث إنما تبحث في بعض فروع اللغة، بعض فروع علم اللغة، لكن مع ذلك إرادة المعنى الشرعي إذا جاءت الكلمة على لسان الشرع فإنما يريد بها المعنى الشرعي، وحينئذٍ تكون من مباحث الشرع وليست من مباحث اللغة.

الثاني: أنه لا يلزم من تقدير الصحة تقدير ما يترتب على نفيها من نفي الثواب ووجوب الإعادة وغير ذلك فلا يحتاج إلى أن يقدر إنما صحة الأعمال والثواب وسقوط القضاء مثلاً بالنية، بل المقدر واحد، وإن ترتب على ذلك الواحد  شيء أخر فلا يلزم تقديره، يعني إذا قدرنا الثواب فمن باب أولى أن نقدر الصحة؛ لأن العمل الذي ليس بصحيح لا ثواب فيه، إذا قدرنا الثواب قدرنا الصحة ولا عكس؛ لأنه إذا قدرنا الصحة فلا يلزم منه الثواب، لكن قلب هذه الدعوة هل لها أثر في الحكم والخلاف؟ لا شك أن مثل هذا يؤدي إلى إلغاء قول الجمهور، وهذا ليس بمقبول، انظر ماذا يقول؟ الثاني: أنه لا يلزم من تقدير الصحة تقدير ما يترتب على نفيها من نفي الثواب ووجوب الإعادة، لا يلزم من تقدير الصحة تقدير ما يترتب على نفيها من نفي الثواب ووجوب الإعادة وغير ذلك فلا يحتاج أن يقدر إنما صحة الأعمال والثواب وسقوط القضاء مثلاً بالنية، بل المقدر واحد وإن ترتب على ذلك الواحد شيء آخر فلا يلزم تقديره، يعني إذا قدرنا الثواب لا يلزم أن نقدر الصحة، لماذا ؟ لأنه من لازم الثواب الصحة، لكن إذا قدرنا الصحة فإننا لا بد أن نقدر الثواب؛ لأنه لا يلزم من إثبات الصحة إثبات الثواب، نعم؟

طالب:........

لماذا؟ الآن الخلاف بينهم هل هو في ترتيب الثواب على الوضوء أو في صحة الوضوء؟ في صحة الوضوء، وعلى قول الحنفية أنه لا بد أن نقدر الثواب ثم بعد ذلك تأتي الصحة تبعاً نعم، عكسه في تقدير الجمهور أنه إذا قدرنا الصحة قد لا يترتب عليه ثواب مع أننا ذكرنا أن هناك فرق بين الوضوء والصلاة؛ لأن الوضوء لا يشترط فيه هاه؟ استصحاب الذكر، وإن اشترط فيه استصحاب الحكم، وأما الصلاة فلا بد لحصول الثواب فيها أن يستصحب الذكر، فيكون الإنسان مستحضراً لصلاته، بخلاف الوضوء لو نوى واتجه إلى محل الوضوء بنية أنه يتوضأ لرفع الحدث ثم بعد ذلك عزفت نيته وضوؤه صحيح، وضوؤه صحيح.

طالب:........

كيف؟

طالب:........

إيه لكن وضوؤه ثوابه مرتب على استصحاب الحكم أو على استصحاب الذكر؟ يعني هل الوضوء مساوي للصلاة بمعنى أنه يستحضر هذا الوضوء من أوله إلى أخره كما يلزمه أن يستحضر صلاته من أولها إلى أخرها؟ لا ما يلزم، ما يلزم تختلف.

يقول الثالث: أن قولهم أن تقدير الصحة يؤدي إلى نسخ الكتاب بخبر الواحد، أن قولهم أن تقدير الصحة يؤدي إلى نسخ الكتاب بخبر الواحد، لا يخلو إما أن يريدوا به أن الكتاب دال على صحة العمل بغير نية لكونها لم تذكر في الكتاب فهذا ليس بنسخ على أن الكتاب ذكرت فيه نية العمل بقوله –عز وجل-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] فهذا هو القصد والنية، ولو سلم لهم أن فيه نسخ  الكتاب بخبر الواحد فلا مانع من ذلك عند أكثر الأصول، أما قولهم: إن تقدير الصحة يؤدي إلى نسخ الكتاب بخبر الواحد، يعني الكتاب ويش فيه مما يتعلق بالوضوء؟  الكتاب الذي فيه؟ فيه غسل الوجه واليدين والرجلين ومسح الرأس هذا كل ما في الكتاب، وليس فيه إشارة للنية، النية أخذت من الحديث، ويكون حينئذٍ زيادة على النص والزيادة على النص نسخ عند الحنفية، لكن هل الجمهور يقولون: بأن الزيادة على النص نسخ، ليست بنسخ عندهم.

الثالث: أن قولهم: إن تقدير الصحة يؤدي على نسخ الكتاب بخبر الواحد لا يخلو إما أن يريدوا به أن الكتاب دل على العمل بدون نية لكونها لم تذكر في الكتاب فهذا ليس بنسخ، هذا ليس بنسخ لماذا؟ لأنهم لا يوافقون على أن الزيادة على النص نسخ، من جهة أخرى النية ذكرت في الكتاب {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] فهذا هو القصد والنية، ولو سلم لهم أن فيه نسخ الكتاب بالخبر الواحد فلا مانع من ذلك عند أكثر أهل الأصول.

يقول العيني: قولهم: هذا ليس بنسخ غير صحيح؛ لأن هذا عين النسخ، بيانه أن آية الوضوء تخبر بوجوب غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، وليس فيها ما يشعر بالنية مطلقاً، فاشتراطها في خبر الواحد يؤدي إلى رفع الإطلاق، يعني الوضوء مطلق غير مقيد بنية إلى رفع الإطلاق وتقييده وهو نسخ.

وقولهم: إن الكتاب ذكر فيه نية العمل لا يضرهم؛ لأن المراد من قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} [(5) سورة البينة] التوحيد، {إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [(5) سورة البينة] التوحيد، وأهل العلم يقررون في قوله -جل وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] أي يوحدون، مع أن العبادة أعم، نعم يذكر التوحيد في هذا الباب باعتبار أنه رأس العبادات، ولا ينفي أن الصلاة والزكاة والحج وغيرها من العبادات مطلوبة بهذه الآية، ومطلوبة بقوله -جل وعلا-: {إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [(5) سورة البينة] والمعنى إلا ليوحدوا الله، فليس فيه دلالة على اشتراط النية في الوضوء، يعني قصر مثل هذا الآية: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] على التوحيد نعم قصر على بعض أفراده نعم هو أهم الأفراد لكن لا ينفي دخول الأفراد الأخرى في هذه الآية.

وقولهم: لو سلم لهم ما الذي سلم؟ أن فيه نسخ الكتاب بخبر الواحد، فلا مانع من ذلك عند أكثر أهل الأصول، لا مانع من نسخ الكتاب بخبر الواحد، يعني الجمهور يرون نسخ الكتاب بخبر الواحد أو العكس؟ نعم؟

طالب:........

نعم العكس، يعني جمع من أهل التحقيق يرون أن الخبر الواحد ينسخ القرآن ومتواتر السنة؛ لأن الكل وحي، لكن الجمهور على العكس من ذلك، وقولهم: ولو سلم لهم يعني سلم لهم أن هذا يترتب عليه نسخ الكتاب بخبر الواحد فلا مانع من ذلك عند أكثر أهل الأصول، وهذا غير مسلم؛ لأن جماهير الأصوليين على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، لكن ما الذي يرفع مثل هذا الكلام؟ أن هذا ليس بنسخ، يعني عند الجمهور هذا ليس بنسخ، وكون العيني يناقشهم بما هو مقتضى مذهبه هذا ليس بنافع في باب المناظرة؛ لأنه في باب المناظرة تناظر الخصم بما يتفق معك عليه، أما تناظره بما يراه أحد الخصمين دون الثاني فلا، يعني مثلما قلنا سابقاً في مسألة الرمي بجمرة سبق أن رمي بها، لو أن شافعياً أو حنبلياً يقول: الرمي بجمرة سبق الرمي بها لا يجزئ؛ لأن المستعمل في الوضوء لا يجزئ يستعمل مرة ثانية، يناقش مالكي، المالكي يقول: أنا لا أوافقك على مسألة المقيس عليه، فلا بد أن يكون الأصل المقيس عليه متفق عليه بين الخصمين، وهنا الأصل ليس متفق عليه بين الخصمين، الجمهور لا يرون الزيادة على النص نسخ، فلا يدخلون في مثل هذه المناقشة.

طالب:........

ويش هو؟

طالب:........

إيه، هذا إذا طرأ عليه الرياء، طرأ عليه الرياء ثم دافعه لا يضره، لكن استرسل معه إلى شيء مؤثر في الصلاة، شيء مؤثر في الصلاة يعني ركن أو شيء من هذا أو ركعة فأنه يؤثر، نعم؟

طالب:........

لكن الصلاة؟

طالب:........

مجرد الدوران يكفي.

يقول العيني: وقولهم ولو سلم لهم.. إلى أخره غير مسلم؛ لأن جماهير الأصوليين على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد على أن المنقول الصحيح عن الشافعي عدم جواز نسخ الكتاب بالسنة قولاً واحداً، وهو مذهب أهل الحديث أيضاً، وله في نسخ السنة بالكتاب قولان الأظهر من مذهبه أنه لا يجوز، يعني باختلاف المرتبة سواء كانت أعلى أو أدنى الأظهر من مذهب الشافعي أنه لا يجوز مطلقاً، والآخر أنه يجوز وهو الأولى بالحق كذا ذكره ابن السمعاني من أصحاب الشافعي في القواطع.

ثم نقول: إن الحديث عام مخصوص، نعم يقول العيني: ثم نقول: إن الحديث عام مخصوص فإن أداء الدين ورد الودائع، والأذان، والتلاوة، والأذكار، وهداية الطريق، وإماطة الأذى عبادات كلها تصح بلا نية إجماعاً فتضعف دلالته حينئذٍ ويخفى عدم اعتبارها أيضاً في الوضوء، ماذا يقول؟ ثم  نقول: إن الحديث عام مخصوص يعني أنه دخله مخصوصات كثيرة دخله مخصصات كثيرة وحينئذٍ يضعف عمومه، فإذا كان عمومه متناول للغايات فأقل الأحوال أن يضعف عن تناول الوسائل، ثم إن الحديث عام مخصوص فإن أداء الدين ورد الودائع والأذان والتلاوة والأذكار وهداية الطريق وإماطة الأذى عبادات كلها تصح بلا نية، إجماعاً فتضعف دلالته حينئذٍ، ويخفى عدم اعتبارها أيضاً في الوضوء، كيف يخفى عدم اعتبارها في الضوء؟

طالب:........

هاه؟

طالب:........

يخفى عدم اعتبارها أيضاً في الوضوء، يقول: إذا كانت هذه الأمور الواضحة ظاهرة للجميع فكيف يخفى عدم اعتبارها في الوضوء؟ نعم؟ في الوضوء أيضاً لأنه لا بد من حملها على هذا؛ لأن المتكلم لا يرى اعتبارها في الوضوء هو يدافع عن مذهبه بقوة هو والعيني، وقد قال بعض الشارحين... نعم؟

طالب:........

لكن ما...... تتقرب إلى الله بأداء دينك؟ نعم؟

طالب:........

لا، لا، هذه مسألة فيها شوب تعبد، أداء الدين الأصل أن المنازع قوي، وجحده الذي تؤيده النفس، وما جبلت عليه فإذا أديته ظهر أثر التعبد عندك، أنت إذا شفت شخص ......... تقول: والله هذا متدين؟ سؤال، لكن لو شفت واحد يجيب الأقساط كل شهر بيومه الذي يحل فيه، ما تقول إن مثل هذا مثلاً والله هذا فيه دين؟

 طالب:........

ما يلزم............. لا، لا، خلنا على الأصل الذي في القلوب ما يعلمه إلا علام الغيوب، لكن ظاهر في كون الإنسان إذا حرص على أداء الودائع والأمانات والديون والغصوب هذا لا شك أن الباعث عليه الدين، بخلاف الأكل تبعث عليه الجبلة، وهذه الأمور تعارضها الجبلة، فلم يبقَ إلا التدين، نعم؟

طالب:........

هذا ما نختلف فيه، لكن نعرف أن الدافع واضح عند الكافر أنه ليس التدين، ولا يتقرب بهذا إلى الله -جل وعلا- هذا واضح عنده، لكن المسلم ما يظهر لنا إلا التدين وما عدا ذلك بقي أن المسلم يظن به الخير، وقد قال بعض الشارحين...

طالب:........

ويش هو؟

طالب:........

نبي نسمع بقية الكلام، قال بعض الشارحين: دعوى الصحة في هذه الأشياء بلا نية إجماعاً ممنوعة، قال بعض الشارحين: دعوى الصحة في هذه الأشياء بلا نية ممنوعة حتى الوديعة، الوديعة موقعها؟ منصوبة وإلا مجرورة؟ هاه؟ بعد حتى؟ هاه؟

طالب:........

حينما يقولون: أكلت السمكة حتى........

طالب:........

.........صحيح، صحيح هاه؟ وهي من حروف الجر.

هاك حروف الجر وهي من  إلى
 

 

حتى خلا حاشا عدا في عن على
ج

لكنهم أجازوا فيها الأوجه الثلاثة.

حتى الوديعة وأخواتها فإنها لا تنفك تعاطيهن عن القصد وذلك نية، ويش يقول هنا: من الأمثلة التي ذكرها وهداية الطريق، أنت وجدت أعمى فدللته الطريق أو قدته خطاه، أو شخص تايه ضال فقلت له: إن الطريق المؤدي إلى غايتك هذا، هذه تصح بلا نية وإلا ما تصح ؟ نعم؟

طالب:........

هي تصح بلا نية لكن ترتب الثواب عليها لا بد فيه من النية، وكأن كلام العيني أن الثواب يحصل ولو بلا نية، الصحة في هذه الأمور التي لا تشترط لها الصحة باعتبارها ليست من العبادات المحضة، التي ليست من العبادات المحضة، يعني العبادة مثلاً المحضة إن نويت صحت وإذا ما نويت أثمت، لكن لو دللت شخص إلى الطريق بلا نية تأثم وإلا ما تأثم؟ ما تأثم، فإنها لا ينفك تعاطيهن عن القصد وذلك نية، عن القصد إذا أردنا بذلك الثواب، قلت: هذا كله صادر لا عن تعقل، يقول العيني: هذا كله صادر لا عن تعقل؛ لأن أحد  من السلف والخلف لم يشترط النية في هذه الأعمال فيكف لا يكون إجماعاً؟ نعم؟

طالب:........

الآن هل محل الاختلاف بين العيني وبعض الشارحين هل متحد الجهة أو منفك الجهة؟ يعني العيني يصحح هذه الأعمال بمعنى أنها لا تعاد إذا قضي الدين من غير نية لا يعاد، إذا ردت الأمانة من غير نية لا تعاد، إذا رد الغصب من غير نية لا يعاد، باعتبار أن الأثر المترتب عليها وجد وثبت، فهي صحيحة من هذه الحيثية بدون نية، أما بالنسبة للثواب فلا بد  فيه من النية، فالذي يشترط النية من أجل الثواب، والذي لا يشترط النية وهو محل الاتفاق الذي ذكره العيني لترتب الأثر على هذا الفعل، وهو الصحة وعدم الإعادة، الإجزاء وسقوط الطلب كل هذا، لكن يرد على هذا أخذ الزكاة قهراً من الممتنع، الممتنع عنده نية وإلا ما عنده نية؟ ما في نية أخذت منه قهراً، هل يأمر بإعادتها؟ تأخذ منه ثانية؟ لا تأخذ منه ثانية، فعلى هذا تكون الصحة ظاهراً لا باطناً، إيش معنى هذا الكلام؟ تسقط عنه في الظاهر، وأما بالنسبة للباطن فيدين، هذا بينه وبين ربه، فقد يعذب ولا يعني أن الصحة يترتب عليها ثوابها أو يترتب عليها أثرها من عدم مطالبته بها في الآخرة، أما في الدنيا فلن يطالب بها، هاه؟

طالب:........

الزكاة علاقتها بالمال ولها ارتباط بالشخص، بالذمة، يعني ما هي بمتمحضة بالمال، لكن لها ارتباط بالذمة،

طالب:........

نعم لأن لها ارتباط بالذمة مع ارتباطها بالمال.

وقوله: النية تلازم هذه الأعمال... إلى أخره لا تعلق له فيما نحن فيه، فإنا لا ندعي عدم وجود النية في هذه الأشياء، وإنما ندعي عدم اشتراطها ومؤدي الدين مثلاً إذا قصد براءة الذمة برأت ذمته، وحصل له الثواب، وليس لنا فيه نزاع، وإذا أدى من غير قصد برأت الذمة أو من غير قصد براءة الذمة هل يقول: أحد أن ذمته لن تبرأ؟

يقول العيني: الآن قد نتفق على طلب النية هنا مع أنها تصح من غير نية، قال: ومؤدي الدين مثلاً إذا قصد براءة الذمة برأت ذمته، وحصل له الثواب، يقول: ولنا فيه نزاع، ولنا فيه نزاع؛ لأنه قد يطلب براءة الذمة ولا يقصد ببراءة الذمة امتثال الأمر، والتقرب إلى الله -جل وعلا- بهذه البراءة، شوف اللي يقول: ولنا فيه نزاع يعني كأنه يريد هذا، الذمة تبرأ ولنا في نزاع من حيث ترتب الثواب، وإذا أدى من غير قصد براءة الذمة هل يقول أحد: إن ذمته لن تبرأ؟ الآن عندنا هذا شخص مدين، والدين شأنه عند الله عظيم، جاءت نصوص بتعظيمه، مدين بمبلغ كذا ذهب إلى الدائن وقال: هذا ألف ريال دينك، لم يقصد بذلك براءة الذمة ولا قصد بذلك الثواب ولا التقرب إلى الله -جل وعلا- ببراءة الذمة، هل يقول أحد: إنه يطالب به مرة ثانية؟ لا يقول ذلك أحد.

طيب ذهب بقصد براءة الذمة ولم يستحضر الثواب المترتب على إبراء الذمة، يحصل له الثواب أو يحصل له مجرد براءة الذمة؟ براءة الذمة حاصلة عند الجميع، حاصلة عند الجميع والثواب هو الذي فيه النزاع، طيب شخص ذهب من غير قصد لإبراء الذمة هل تبرأ ذمته وإلا ما تبرأ؟ يقول: هل يقول أحد: إن ذمته لم تبرأ؟ ما يقوله أحد، يقول: ثم التحقيق في هذا المقام... هاه؟

طالب:........

يعني عزفت نيته، أو هو يرى أن ذمته برئت؛ لأن بعض الحقوق لا سيما في النفقات يؤدي..، من الناس من يؤدي متقرباً بذلك إلى الله -جل وعلا-، ومنهم من يؤدي هذا باعتباره واجب يريد براءة ذمته من الواجب، ومنهم من يؤدي وهذه كلمة دارجة عند كثير من الناس يعني يفعل أفعال بعض الناس يثاب عليها أمثال الجبال وبعضهم لا ثواب له فيها، مو بكثير من الناس يصل الرحم ويؤدي النفقات، وقد يعطي المال من باب كما يقول بلجته: يا الله سترك، نعم كف شره على الأقل، ما يوجد هذا بين الناس؟ يوجد، يعني إذا كان يصرف المال لنفقته على قريبه الذين بينه وبينه شحناء، لا يتقرب بذلك إلى الله، وقد يكون القريب هذا سليط لا يتقرب به إلى الله -جل وعلا- ولم يستحضر إبراء ذمته، وإنما هو من باب سلامة العرض، من باب سلامة العرض، ونستحضر في هذا قصة أبي بكر مع مسطح الذي كان ينفق عليه وهو من قرابته، فلما وقع في حادثة الأفك آلاء على نفسه حلف ألا ينفق عليه، معه حق وإلا ما معه حق؟ يعني في تقدير الناس وموازينهم، لما نزل قوله -جل وعلا-: {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ} [(22) سورة النــور].. إلى أخره أنفق عليه مع أنه حلف وتظهر مزية أبي بكر -رضي الله عنه- لو استمر على يمنيه ولا أنفق عليه يأثم وإلا ما يأثم؟ ما يأثم باعتبار أن النفقة في الأصل ليست واجبة عليه، ولو أصر على عدم النفقة ما أثم في الإنسان العادي، لكن أبو بكر منزلته بأنه وصف بأنه من أولي الفضل والوصف ممن؟ من الله -جل وعلا-، فمنزلة أبي بكر تليق بمثل هذا، مع أنه وقع في أمر عظيم بالنسبة له قذف ليس بالسهل، الناس لا يمكن أن يتنازلوا بمثل هذه الأمور، ومع ذلك جاء التوجيه الإلهي بأن لا يأتل أولي الفضل لا يحلف في مثل هذا، ومع ذلك كفر عن يمينه وأتى الذي هو خير، وبعض الناس ينفق النفقة الواجبة التي أوجبه الله عليه ولا يستحضر نية أنه يمتثل أمر الله -جل وعلا- ويتقرب بهذا ولا يمتثل إبراء ذمته؛ لأن ذمته مشغولة بهذا المال، نعم إنما يستحضر سلامة عرضه، إذا استحضر سلامة العرض هل تبرأ ذمته وإلا ما تبرأ؟ تبرأ ذمته، لكن لو استحضر السمعة، يعني سلامة العرض من كلام قد يخدش وقد لا يخدش، لكن رجاء بذلك الدنيا، بذر الأموال ووزع الأموال ليكسب بذلك دنيا؛ لأن بعض الناس يضحي ببعض الأمور ويكون مردوده عليه في الدنيا أكثر مثل ما يصنع بعض التجار، بعضهم يستورد السلعة ويبيعها بخسارة، يبيعها بخسارة، وقد يبذل معها أموال حينما دفع هذا المال يؤجر عليه وإلا ما يؤجر؟ الأمور بمقاصدها، والناس مراتب في هذا.

يقول: ثم التحقيق في هذا المقام هو أن هذا الكلام لما دل عقلاً على عدم إرادة حقيقته إذا قد....

نقف على هذا لأنه خلاصة الكلام.

"