كتاب بدء الوحي (073)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ما زلنا في مسألة الأمر بالشيء، هل هو نهيٌ عن ضده أو لا؟ ذكرنا رأس المسألة وشيئًا مما يتعلق بها من كلام العيني، فالعيني من الأسئلة التي أوردها وأجاب عنها كعادته في آخر شرح كل حديث معلوم أن هذا في الربع الأول، أما في ثلاثة الأرباع الباقية شرح مختصر جدًّا، وليس فيه شيء من هذا، وهذه ميزة العيني في الربع الأول فيه شيء من البسط والتفصيل وحسن الترتيب، وأما ثلاثة الأرباع الأخيرة فمستواه أقل بكثير من الربع الأول، وهذه جرت عليها عادة جُلّ المؤلفين أنهم يهتمون في أوائل الكتب، والهمم قوية في أول الأمر، ثم تفتر هذه الهمم شيئًا فشيئًا إلى أن يكاد الجهد يضعف جدًّا في أواخر الكتب، وتجد المُفسر يبسط القول في الفاتحة والبقرة وآل عمران، ثم بعد ذلك يخفف، وكذلك الشُّراح شراح الحديث، وهذا هو الكثير الغالب.

 فنسبة الشرح بالنسبة للعيني الربع الأول إلى الربع الأخير ولا خمسة بالمئة، والذي قبله الربع الذي قبله عشرة بالمئة بالنسبة للربع الأول، والربع الذي قبله الربع الثاني عشرين بالمئة، فالنسبة ليست متناسقة، كثير من المطالب تكون قد تقدمت قل مثل هذا في التفاسير هذا كثير في التصانيف، لكن إذا نظرت إلى فتح الباري وجدته على طريقة متناسقة بنفَس واحد يشرح الحديث الأول بنفس النفَس الذي شرح به الحديث الأخير لا يختلف، فهو يوزع المباحث على الكتاب ما يحشدها في أوائل الكتاب ويترك الباقي.

النفوس والهمم تضعف، تجد الإنسان يأتي إلى العمل وهو في نشاط وقوة وحماس يتعب عليه، ثم بعد ذلك يسترخي، وقد يكون هناك مؤثرات تستدعيه إلى ذلك مثل أن يكون الكتاب أصله لدرس ثم تضعُف همة الطلبة، ويطالبونه بالاختصار مثل ما نسمع من بعض الإخوان، يعني يتصورون أن شرح البخاري يسير على هذه الطريقة، أظن أن هذا ضرب من المستحيل، فالعيني يورد أسئلة في شرح في آخر شرح كل حديث في أوائل الكتاب، فمن هذه الأسئلة بالنسبة لحديث ابن عباس في قصة هرقل مع أبي سفيان قال: الثامن: ما قيل لا تشركوا نهي، ما قيل لا تشركوا نهي، فما معنى ذلك؟ فما معنى ذلك إذ لا يقال له أمر؛ لأنه قال: لا تشركوا في جواب: بم يأمركم؟ أو بماذا يأمركم؟ بماذا يأمركم؟

قال: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا. اعبدوا الله الجواب مطابق، لكن لا تشركوا هذا نهي، فكيف يكون من المأمور به إلا إذا قلنا: إن الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده، والنهي عن الشيء أمرٌ بضده، قال: أجيب بأن الإشراك منهيٌ عنه، وعدم الإشراك مأمور به مع أن كل نهي عن شيء أمرٌ بضده، وكل أمرٍ بشيءٍ نهيٌ عن ضده، يقول العيني: هذا الموضع فيه تفصيل، هذا الموضع فيه تفصيل يقول: لا نزاع في أن الأمر بالشيء نهيٌ عن ترك ذلك الشيء نهيٌ عن ترك ذلك الشيء بعينه، إذا قيل: صم أو صلِ لا شك أن هذا الأمر هو نهيٌ عن ترك الصلاة وعن ترك الصيام المأمور به، المندرج تحت قوله: صل، وقوله: صم، لا نزاع في أن الأمر بالشيء نهي عن ترك ذلك الشيء بالتضمن نهي تحريم إن كان الأمر للوجوب ونهي كراهة إن كان للندب، فإذا قال: صم يلزمه ألا يترك الصيام. وذكرنا ما بين أمر الوجوب وأن ضده التحريم، وأما نهي الاستحباب فلا يستلزم الكراهة؛ لأنه قال: أو نهي كراهة كان للندب، أمر الاستحباب لا يستلزم تركه الكراهة.

 وقلنا: لو أن إنسانًا جالسًا في المسجد إن قام يصلي ركعتين فعلى مندوبًا، وإن لم يقم هل فعل مكروهًا؟ ما فعل متروكًا، لكنه فعل خلاف الأولى، الأولى أن يصلي، بالمقابلة في الحدود في تعريف الواجب والمحرم فيه مقابلة فيه تمام مقابلة، لكن في تعريف المكروه والمندوب فالواجب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، والمحرم بالضد ما يُثاب على تركه ويأثم بفعله، المكروه ما يثاب على فعله ولا يأثم بتركه.

طالب:...

نعم، المكروه يثاب على تركه يثاب على تركه ولا يأثم بفعله، والمندوب يثاب على فعله ولا يأثم بتركه فالتقابل موجود، لماذا لا يقال: إن ضد المكروه أو ضد المندوب المكروه، وضد المحرم أو ضد الواجب المحرم؟ يعني هذا قيل: ضد الواجب المحرم، والتقابل ظاهر من الحدين.

طالب:...

له أكثر من ضد، قد يضاده المباح وهو الجلوس مثلاً بدون.

طالب:...

أين؟

طالب:...

لأنه قال: فإن كان نهي تحريم إن كان الأمر للوجوب ونهي كراهة إن كان للندب، وإذا أطلقت الكراهة في مقابل التحريم، إذا أطلقت في مقابل التحريم، يعني إذا ذكرت مع التحريم تمحضت في التنزيه، وإذا ذكرت بمفردها احتملت الأمرين، وهنا ذكرت مع التحريم.

 لا نزاع في أن الأمر بالشيء نهي عن ترك ذلك الشيء بالتضمن نهي تحريم إن كان الأمر للوجوب ونهي كراهة، إن كان للندب فإذا قال: صم، يلزمه ألا يترك الصيام، وإنما النزاع في أن الأمر هل هو نهي عن ضده الوجودي مثلاً قولك: اسكن هو عين قولك: لا تتحرك بمعنى أن المعنى الذي عُبر عنه باسكن عين ما عُبر عنه بلا تتحرك، فتكون العبارتان لإفادة معنى واحد أم لا؟ يعني مثل ما ذكرنا بالنسبة لرجل المرور إذا قال: قف! لصاحب السيارة قف، ثم مشى وتركه، وذهب به إلى المركز وقال: إني قائل له لا تتحرك، قال: لا والله ما قال لي: لا تتحرك؛ لأنه حافظ ما قيل له؛ لأن المتكلم قد ينسى ما قال، لكن يأتي بما يفيد الواقع، قال له: قف، ولما راح المركز قال له: لا تتحرك ومشى وتركنا، قال: والله ما قال لي: لا تتحرك، هل يمينه برّة أم فاجرة؟

طالب:...

لا، هم الذين يقولون: إن عين النهي هذا لا شك أنه فاجرة يمينه، والذين يقولون: يستلزمه ويقتضيه ويتضمنه هذا شيء آخر.

طالب:...

على كل حال مثل ما عندنا هنا، يقول: وإنما النزاع في أن الأمر هل هو نهي عن ضده الوجودي مثلاً قولك: اسكن عين قولك: لا تتحرك بمعنى أن المعنى الذي عبر عنه باسكن عين ما عبر عنه بلا تتحرك، فتكون العبارتان لإفادة معنى واحد أم لا؟ يقول: إنها عين.

طالب:...

هو يقول: عين، وستأتي بقية الكلام أن من أهل العلم من قال: هو عينه، يعني هل مراده بعينه نفس الحروف؟ لا، ما أحد يقول: إنه نفس الحروف، اسكن، لا تتحرك هاتان كلمتان متغايرتان من حيث الحروف، لكن من حيث المعنى صحيح، فيه النزاع لا في أن صيغة اسكن عين صيغة لا تتحرك فإنه ظاهر الفساد لم يذهب إليه أحد؛ لأن الحروف التي رُكِّبت منها اسكن غير الحروف التي رُكب منها لا تتحرك، هذا ما أحد يقول بأن هذا عين هذا، فذهب بعض الشافعية والقاضي أبو بكر أولًا أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده بالمعنى المذكور بالمعنى المذكور.

طالب: ..........

 لا، عين بالمعنى المذكور.

طالب:...

سيأتي ما يقرر المعنى، هذا الكلام الذي هو ظاهر الفساد لم يذهب إليه أحد، المراد بالحروف التي رُكب منها قف أو اسكن، والحروف التي رُكب منها لا تتحرك، فذهب بعض الشافعية والقاضي أبو بكر أولًا أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده بالمعنى المذكور، يعني الذي أشار إليه قريبًا، الذي هو ظاهر الفساد، والذي لم يذهب إليه أحد، يتصور مثل هذا أم لا يتصور؟ لأنه قال: فذهب أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده بالمعنى المذكور، الذي قال فيه النزاع؛ لأنه لا في صيغة اسكن عين صيغة لا تتحرك، وهو ظاهر الفساد لم يذهب إليه أحد، ولذلك ذهب إليه أولًا، لكن هذا لا يمكن أن يقول به عاقل؛ لأن تركيب الكلمة غير تركيب الكلمة والحروف غير الحروف.

 وقال القاضي آخرًا وكثير من الشافعية وبعض المعتزلة إلى أنه لا حكم لكل واحد منهما في ضده أصلاً، بل هو مسكوت عنه يعني الأمر لا علاقة له بالنهي والنهي لا علاقة له بالأمر، ومنهم من اختصر فقال: الأمر بالشيء عين النهي عن ضده أو يستلزمه، ولم يتجاوز، يعني لم يتجاوز إلى العكس، ومنهم من تجاوز إلى الجانب الآخر وقال: النهي عن الشيء عين الأمر بضده أو يستلزمه، وقال أبو بكر الجصاص: وهو مذهب عامة العلماء الحنفية وأصحاب الشافعي وأهل الحديث، أن الأمر بالشيء نهي عن ضده إن كان له ضد واحد كالأمر بالإيمان نهي عن الكفر، وإن كان له أضداد كالأمر بالقيام له أضداد من القعود الركوع والسجود والاضطجاع يكون الأمر به نهيًا عن جميع أضداده كلها، طولنا حول هذا الكلام الدرس الماضي.

طالب:...

أي؟

طالب:...

هذا من كلام العيني، تركت سطرًا.

 يقول: فذهب بعض الشافعية والقاضي أبو بكر أولًا أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده بالمعنى المذكور، هذا موجود، وقال القاضي آخرًا وكثير من الشافعية وبعض المعتزلة إلى أن الأمر بالشيء إلى أن الأمر بالشيء نعم هذه الجملة الساقطة، يستلزم النهي عن ضده لا أنه عينه إذ اللازم غير الملزوم، وذهب إمام الحرمين والغزالي وباقي المعتزلة إلى أنه المعتزلة المعتزلة، يعني نقلت تركت ما بين لفظي المعتزلة نعم، وباقي المعتزلة أنه لا حكم لكل واحد منهما بضده أصلاً، وهو مسكوتٌ عنه بل هو مسكوتٌ عنه، ومنهم من اقتصر فقال: الأمر بالشيء عين النهي عن ضده، هذا محل النقص انتهينا منه.

 وقال أبو بكر الجصاص: وهو مذهب عامة العلماء الحنفية وأصحاب الشافعي وأهل الحديث أن الأمر بالشيء نهي عن ضده إذا كان له ضد واحد؛ كالأمر بالإيمان نهي عن الكفر الأمر بالإيمان نهي عن الكفر، وإن كان له أضداد كالأمر بالقيام، الآن عندنا الإيمان الذي هو المرتبة العليا، يعني هل الأمر بالإيمان يستلزم الأمر بالإحسان والإسلام؟ أو لا؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم. هذا الأصل من حيث التقعيد، لكن هذه الألفاظ الثلاثة الإسلام والإيمان والإحسان إذا أُمر بواحد منها، إذا قيل لهرقل: أسلم تسلم يعني لا تؤمن؟ يعني ما يلزمه أن يؤمن؟

طالب:...

كيف؟

لا، أنا أقول: إذا وجد واحد من هذه المراتب الثلاث يكفي، إذا قيل: أسلِم فمعناه أسلم الإسلام الكامل الذي فيه الإيمان الكامل وفيه الإحسان الكامل، وإلا لما اكتفينا بقولنا: أسلم نقول له: أحسن، مع أن الإحسان له معانٍ كثيرة.

 على كل حال قال: كالأمر بالإيمان نهي عن الكفر، الأمر بالإيمان نهي عن الكفر، وإن كان له أضداد كالأمر بالقيام له أضداد من القعود الركوع والسجود والاضطجاع يكون الأمر به نهيًا عن جميع أضداده كلها. الأمر بالقيام.

طالب:...

الكمال الواجب يجب عليه، أين؟

نعم، لكن إذا واحد تدعوه إلى الأدنى أم إلى الأعلى؟

طالب:...

الأعلى.

طالب:...

على كل حال دلالة كل واحد منهما على الآخر معروفة، نعود إلى مسألتنا، وإن كان له أضداد كالأمر بالقيام له أضداد من القعود والركوع والسجود والاضطجاع يكون الأمر به نهيًا عن جميع أضداده كلها، إذا قيل: قم، هل قولنا: قم يعادل قولنا: قف أو لا؟ هل يعادل أم لا؟ ما معنى قم؟

طالب:...

هذا اقعد، هذا اقعد، القعود من الاضطجاع القيام، غير قف، يعني لو مثلاً واحد جالس في مجلس وقيل له: قم؛ لأنه دخل شخص أكبر منه، وقيل له: قم، ثم ما قام ما وقف، ابتعد عنه، امتثل أم ما امتثل؟ لكن إذا قيل له: قف لا بد أن يقف على قدميه، قال بعضهم: يكون نهيًا عن واحد منها من غير تعيين، ماذا عندك؟

طالب: .........

هي من غير عين. المقصود من غير تعيين لواحد من هذه الأضداد، لكن ما الذي يعينه؟ يكون على الإبهام، يكون منهيًّا عنه على الإبهام، ثم يطلب تعيينه، وفصّل بعضهم بين الأمر بالإيجاب والأمر بالندب، وفصّل بعضهم بين الأمر بالإيجاب والأمر بالندب فقال: أمر الإيجاب يكون نهيًا عن ضد المأمور به وعن أضداده لكونها مانعةً من قِبل الموجب، وأمر الندب لا يكون كذلك، فكانت أضداد المندوب غير منهي عنها لا نهي تحريم ولا نهي عن ولا نهي تنزيه، مثل ما أشرنا سابقًا أنه لا يلزم من ترك المندوب الوقوع في الكراهة، من لم يفصّل جعل أمر الندب نهيًا عن ضده نهي ندب حتى يكون الامتناع عن ضد المندوب مندوبًا كما يكون فعله مندوبًا، وأما النهي عن الشيء فأمر بضده إن كان له ضد واحد باتفاقهم، وأما النهي عن الشيء فأمر بضده إن كان له ضد واحد باتفاقهم كالنهي عن الكفر أمر بالإيمان وإن كان له أضداد فعند بعض الحنفية وبعض أصحاب الحديث يكون أمرًا بالأضداد كلها، النهي عن الكفر أمر بالإيمان وإن كان له أضداد فعند بعض الحنفية وبعض أصحاب الحديث يكون أمرًا بالأضداد كلها، كما في جانب الأمر وعند عامة الحنفية وعامة أصحاب الحديث يكون أمرًا بواحد من الأضداد غير عين يعني غير متعين، وذهب بعضهم إلى أنه يوجب حرمة ضده، وذهب بعضهم إلى أنه يوجب حرمة ضده، وقال بعضهم: يدل على حرمة ضده، ما الفرق بين القولين؟

طالب:...

أين؟

طالب:...

ذهب بعضهم إلى أنه يوجب حرمة ضده، طيب وقال بعضهم: يدل على حرمة ضده.

طالب:...

يوجب حرمة ضده، هذا الأمر أم النهي؟

طالب:...

النهي يوجب حرمة ضده، وقال بعضهم: يدل على حرمة ضده، القول كونه يوجب دليل على أن الأمر هو عين النهي عن ضده، وقوله: يدل إنه يستلزم. وقال بعض الفقهاء: يدل على كراهة ضده، يدل على كراهة ضده؛ لأنه لا تقابل بين الواجب والمحرم، إذ قد يقابل الواجب المكروه، قال بعض الفقهاء: يدل على كراهة ضده.

طالب:...

قال بعض الفقهاء: يدل على كراهة ضده ما معنى هذا؟ أن ما نُصَّ على تحريمه بالنهي الصريح لا يساويه ما دل على المنع منه النهي عن ضده، يعني هل قولنا: قم، في دلالته على لا تقعد مثل التنصيص على لا تقعد؟ ومن هنا أخذ بعض الفقهاء أن أخذ النهي عن الضد من مجرد الأمر بضده أقل من التنصيص عليه بالصيغة التي تقتضي النهي وهي لا تفعل.

طالب:...

والكلام كله في الضد.

طالب:...

لا، أنت تصور شخصًا قيل له: قف، هل دلالة قف على المنع من القعود والاضطجاع والركوع والسجود على درجة واحدة؟ أو أن الركوع أقل منه، يعني أقرب إلى الوقوف وهو أقل في النهي من القعود والسجود؟ واضح أم ما هو بواضح؟ لأنه أقرب إلى الامتثال هذا ما دام راكعًا فهو أقرب إلى الامتثال، فالنهي المأخوذ من من الأمر بضده يتفاوت، أضف إلى ذلك أن أن الصيغة الصيغة التي تدل على التحريم النص فيها لا تفعل، فكونها تؤخذ من الضد لا بالتنصيص لا شك أنها أقل من التنصيص.

 ولذلك يفرقون بين المسألة التي ينص على منعها بعينها، وبين المسألة المقيسة عليها وبين المسألة المأخوذة من قاعدةٍ تشمل المسألة الأصلية وما يتفرع عنها، ولذلك يقولون: إن الممنوع بالنص، المحرم بالنص، يعني في المسائل المنصوص عليها لا يبيحها إلا الضرورة، والممنوع بالأقيسة والقواعد العامة تجيزها الحاجة. فدل على أن الممنوعات والمنهي عنها متفاوتة، دل على أنها متفاوتة، يعني ما نص الشارع على منعه بعينه وقيل: لا تفعله ما هو مثل ما أخذ من قواعد عامة تندرج تحت هذه المسألة، أو أخذ من أمر بضدها، ولذلك هذا القول فيه بُعد، فيه شيء من الدقة، لكنه خلاف قول الجمهور، وهذا وجهه، وجه أخذ الكراهة من الأمر بالضد.

طالب:...

ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

طالب:...

أمر بجميع مستلزماته.

طالب:...

صح.

طالب:...

لكن هل كون الشارع يقصد هذه الجزئية بعينها، وينهى عنها، يكون في قوتها المسائل الملحقة بها؟ لا.

طالب:...

ولذلك ما يستغنى بأحدهما عن الآخر، ما يستغنى بأحدهما عن الآخر، وقال بعضهم: يوجب كراهة ضده يعني مثل المسألتين الجملتين اللتين تقدمتا. ومختار القاضي أبي زيد وشمس الأئمة وفخر الإسلام، من يميزهم لنا؟

القاضي أبي زيد الدبوسي، وشمس الأئمة السرخسي، فخر الإسلام البزدوي، البزدوي، معروفون من مشاهير الحنفية، كلهم من مشاهير الحنفية، ومختار القاضي أبي زيد وشمس الأئمة وفخر الإسلام ومن تابعهم أنه يقتضي كراهة ضده، يقتضي قال بعض الفقهاء: يدل على كراهة ضده وقال بعضهم: يوجب كراهة ضده، وقال هؤلاء: يقتضي كراهة ضده، والنهي عن الشيء يوجب أن يكون ضده في معنى سُنَّة مؤكدة، يعني في مقابل الأمر بالشيء يدل أو يقتضي كراهة ضده، قالوا: والنهي عن الشيء يوجب أن يكون ضده في معنى سُنَّة مؤكدة. ومأخذه ما ذكرنا بالنسبة في عدم تقابل الإيجاب مع التحريم.

في الروضة للإمام الموفق بن قدامة -رحمه الله-: الأمر بالشيء نهي عن ضده من حيث المعنى فأما الصيغة فلا، الأمر بالشيء نهي عن ضده من حيث المعنى فأما الصيغة فلا فإن قوله: قم غير قوله لا تقعد، وإنما النظر في المعنى وهو أن طلب القيام هل هو بعينه طلب ترك القعود؟ إلى آخره.

 الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- في مذكرته على الروضة، يقول الشنقيطي- رحمه الله- في مذكرته على الروضة: الأول أن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده، اعلم أن كون الشيء، أن كون الأمر بالشيء نهي عن ضده فيه ثلاثة مذاهب: الأول أن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده، وهذا قول جمهور المتكلمين قالوا: اسكن مثلاً السكون المأمور به فيه المأمور به فيه هو عين ترك الحركة، فهو إذًا عين النهي عن الحركة أيضًا، فالأمر بالسكون هو النهي عن الحركة، قالوا: وشغْلُ الجسم فراغًا هو عين تفريغه للفراغ الذي انتقل عنه، وشغْل الجسم فراغًا هو عين تفريغه للفراغ الذي انتقل عنه، والبعد من المغرب هو عين القرب من المشرق، وهو بالإضافة إلى المشرق قربٌ وإلى المغرب بُعدٌ.

طالب:...

نعم، الصيغة لا، يعني باللفظ لا، هذا كلام الموفق، هذا قول جمهور المتكلمين تعرف أنت مذاهب المتكلمين في الكلام معروف، قالوا: اسكن مثلاً السكون المأمور به فيه هو عين ترك الحركة، فهو إذًا عين النهي عن الحركة أيضًا فالأمر بالسكون هو النهي عن الحركة، قالوا: وشغل الجسم فراغًا هو عين تفريغه للفراغ الذي انتقل عنه، والبعد من المغرب هو عين القرب من المشرق، وهو بالإضافة إلى المشرق قرب وإلى المغرب بعد، قالوا: ومثل ذلك طلب السكون فهو بالنسبة إليه أمر، وإلى الحركة نهي، والذين قالوا بهذا القول اشترطوا في الأمر كون المأمور به معينًا، وكون وقته مضيقًا، ولم يذكر ذلك المؤلف. أما إذا كان غير معين كالأمر بواحد من خصال الكفارة فلا يكون نهيًا عن ضده، فلا يكون نهيًا عن ضده، فلا يكون في آية الكفارة نهيٌ عن ضد الإعتاق مثلاً؛ لجواز ترك الإعتاق من أصله والتلبس بضده والتكفير بالإطعام مثلاً، وذلك بالنظر إلى ما صدقه أي فرد أي فرده المعيَّن، أو المعيِّن كما قلنا لا بالنظر إلى مفهومه، وهو الأحد الدائر بين تلك الأشياء، ومأمور به بواحد من هذه الخصال على التخيير بين الثلاثة، ثم على الترتيب مع الصيام، وهي على التخيير بين الثلاثة كفارة ذلك {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [سورة المائدة: 89] هذه على التخيير، {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}.

 الآن هل الأمر بالإطعام نهي عن ضده وهو عدم الإطعام مع وجود ما يقتضي عدم تعين المأمور به؟ لا؛ لأن المأمور به غير متعيِّن، إذًا ضده أيضًا غير لازم، يقول: فإن الأمر حينئذ نهي عن ضد الأحد الدائر، يعني يبقى على الإبهام نهي يعني عما يختاره المكلف، من هذه المخير فيها، وهو وضده هو ما عدا تلك الأشياء المخير بينها، وكذلك الوقت المُوَسَّع فلا يكون الأمكر بالصلاة في أول الوقت نهيًا عن التلبس بضدها في ذلك الوقت، بل يجوز التلبس بضدها في أول الوقت وتأخيرها إلى وسطه أو آخره بحكم توسيع الوقت.

قال مُقيِّده -عفا الله عنه-: الذي يظهر، والله أعلم، الذي يظهر، والله أعلم، أن قول المتكلمين ومن وافقهم من الأصوليين إن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده، مبنيٌ على زعمهم الفاسد أن الأمر قسمان: نفسي ولفظي، وأن الأمر النفسي هو المعنى القائم بالذات المجرد عن الصيغة، وسيأتي الكلام في الأمر النفسي عند قول هرقل: فقال للترجمان فقلت له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب... وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أحد قال لمن؟

طالب:...

كيف؟

طالب:...

نعم، هم يستدلون ويستغلون مثل هذه الألفاظ المجملة.

طالب:...

ما بعد رد إلى الآن، هو الآن في نفسه يقول نعم، لكن هل فيه ما يمنع أن يكون نطق به لبعض مقربيه؟ هذا سيأتي بعد إن شاء الله عند شرح هذه الجملة.

طالب:...

لا، ما بعد خاطبه، سألتك فقلت قبل ما يكلمه شوف: فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت: رجل يأتسي بقول قيل قبله، ما هو يخاطب أبا سفيان، لكنه أبرز هذا الخطاب لأبي سفيان، زوَّره في نفسه أولًا، ثم أبرزه لأبي سفيان، وسيأتي ما فيه إن شاء الله تعالى.

 يقول الشنقيطي -رحمة الله عليه-: الذي يظهر، والله أعلم...

وهذه ميزة الشيخ -رحمة الله عليه-، بخلاف من يتعاطى هذا الفن وهو لا يعرف خفايا ما عند المخالفين؛ لأنه قد ينقله من غير روية ويقرره؛ لأنه ما فهمه أصلاً ولا فهم ما بني عليه، ومن هنا يؤتى طالب العلم في الخلل في التحصيل، لا بد أن تكون الآلة متكاملة لا بد أن تكون الآلة متكاملة، على هذا ما يطالب به بعض الناس تلافيًا لهذا القصور من دراسة علم الكلام مثلاً والمنطق لنكون على بينة مما يدسونه لنا في شروحهم وتفاسيرهم لكلام الله -جل وعلا- من بناء على قواعد قعدوها وأصول أصلوها وهي تخالف ما عليه سلف هذه الأمة وأئمتها، هذا مطلب وله رواج وله حظ من النظر له حظ من النظر؛ لأنك تريد أن تدرس الكتب كتب العلم في الفنون كلها، وهذا العلم دخل شئنا أم أبينا، فهل الحل في تجريد العلوم مما دخل إليها أو أن الحل أن نعرف ما في هذه الكتب لنفندها؟

أما كون جميع المتعلمين يلزمون بتعلم الكلام والمنطق فلا؛ لأن جُلّ المتعلمين قد لا يفهمون منه شيئًا، وقد يفهم البعض منه شيئًا يستقر في ذهنه شُبه لا يستطيع الجواب عنها، وقد يستفيد البعض ويخرج منه سالمًا؛ لأن هذا العلم بحر، وما كل أحدٍ يجيد السباحة فيه، وكم من رؤوس أهل الكلام دخل بنية صالحة صادقة، ثم بعد ذلك تورط وعجز أن يخرج، من مثل شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- الذي عرف علم الكلام أكثر من أهل الكلام، وهذا هو الواقع في كتبه، وتقرأ في منهاج السُّنَّة في المجلد الأول أكثر من ثلاثمائة صفحة، أجزم بأنها بالنسبة لكثير من المتعلمين طلاسم، ولا أقول: المبتدئين حتى كثير من المنتهين، حتى بعض المتخصصين في العقائد، ثم انتقل إلى الجزء السادس من هذا الكتاب فيه أكثر من نصفه كذلك، فضلاً عن درء تعارض العقل والنقل ونقض التأسيس.

 شيخ الإسلام دخل في هذا البحر، وردّ عليهم من كلامهم، وهذا من أقوى المعاول التي تُهدَم به الأصول المخالفة للكتاب والسُنَّة، بعض الناس يتصدى للرد على المخالفين، لكن يرد عليهم من كتب شيخ الإسلام، هل المخالف يقنع بشيخ الإسلام؟ ما يقنع حتى تأتي له من كتبه وتنقض هذه الطريقة المنهجية لهدم المذاهب المخالفة، وعلى هذا يلزمك أن تتعلم ما عندهم من أصول، لكن لا يقال هذا بالنسبة لعموم المتعلمين، حتى قال جمع من أهل العلم: إن تعلم المنطق حرام، فابن الصلاح والنواوي حرما        وقالا قوم ينبغي أن يعلما

لأنك ما تستطيع أن تتعامل مع كلامهم، تقبل كلامهم أو تترك العلم كله، يعني ما عندك ما تميز به بين الحق والباطل عندهم؛ لأنك ما فهمت أصلاً، ويأتي قول يدخل في ذهنك، ويقبله عقلك، لكن إذا فتشت فيه وأوغلت النظر وجدته مبنيًّا على قواعد لا ترتضيها، ولا تستطيع أن تدرك بناءه على هذه القواعد إلا بمعرفة تلك القواعد، ولا شك أن المسألة تحتاج إلى نظر عميق؛ لئلا يُزّج بآلاف المتعلمين في هذا البحر ثم لا يستطيعون الخروج منه، يعني المطالبة العامة خطأ، ولا يمكن أن يؤهل جميع طلاب العلم لمناظرة المخالفين أو الرد عليهم، الأمر الثاني: أنه لا بد أن من ينوي الدخول في هذه البحار أن يكون بعد تمكنه من عقيدة السلف، وقراءة الكتب التي صُنفت في هذا الباب من قِبل الأئمة الموثوقين، ما يكون تحصيله للعقيدة مهزوزًا، ثم يدخل في هذا البحر، هذا قابل لأي شبهة.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- في الجزء التاسع من الفتاوى الذي خصصه للمنطق قال: إنه لحم جملٍ غث، على رأس جبل، يعني مثل ما جاء في حديث أم زرع، وقال في موضع: إنه لا يحتاج إليه الذكي، ولا يستفيد منه الغبي، لا يحتاج إليه، طيب احتجت إليه أنت يا شيخ الإسلام، احتجت إليه.

طالب:...

هو إنما الحاجة إليه؛ لنقضه، لنقضه، وقد ألف شيخ الإسلام -رحمه الله- نقض المنطق، ولذلك بعض من يواجه مثل هذه الدعوات لتقرير هذا الفن يقول: نقبله باسم نقض المنطق يعني لا تقرير المنطق، يعني شيخ الإسلام كيف استطاع أن يرد على المخالفين إلا بمعرفة سلاحهم، ولذا يقول ابن القيم:

ومن العجيب أنه بسلاحهم              أرداهم نحو الحضيض الداني

 الذي لا يتعلم هذه العلوم يصعب عليه أن يفهم، فضلاً عن كونه يرد، يعني جرى كثيرٌ من من شيوخنا أنهم إذا أرادوا الرد على المخالفين ردوا من كتب شيخ الإسلام، ما يقنعون بشيخ الإسلام، شيخ الإسلام إمام وعلى العين والرأس، يقنعون بكتبهم وكتب أئمتهم، ولذلك اتجه الناس إلى ذلك، قبل أن يناظر الرافضة يقرأ في كتبهم، وقبل أن يناظر المعتزلة يقرأ في كتبهم، قبل أن يناظر الإباضية يقرأ في كتبهم، ويرد عليهم من كتبهم.

طالب:...

نعم هذا في حال السعة، في حال السعة، ما نقول: والله ائت المسجد من مساجد المسلمين واشرح كتب المبتدعة ورد عليها، قرِّر مذهب أهل السُّنَّة، ووضحه لعموم المسلمين، لكن إذا دعيت لمناظرة أو كتاب يخاف من انتشاره وتأثيره في الناس، لا بد أن يكون بالرد من قواعدهم وأصولهم.

 يقول: الذي يظهر -والله أعلم- أن قول المتكلمين ومن وافقهم من الأصوليين أن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده مبنيٌ على زعمهم الفاسد أن الأمر قسمان: نفسي، ولفظي، وأن الأمر النفسي هو المعنى القائم بالذات المجرد عن الصيغة القائم بالذات المجرد عن الصيغة، وبقطعهم النظر عن الصيغة واعتبارهم الكلام النفسي زعموا أن الأمر هو عين النهي عن الضد، مع أن متعلق الأمر طلب، ومتعلق النهي تركٌ، والطلب استدعاء أمر، والنهي استدعاء ترك، فليس استدعاء شيء موجود، وبهذا يظهر أن الأمر ليس هو عين النهي عن الضد، وأنه لا يمكن القول بذلك إلا على زعم أن الأمر هو الخطاب النفسي القائم بالذات المجرد عن الصيغة، ويوضح ذلك اشتراطهم في كون الأمر نهيًا عن الضد أن يكون الأمر نفسيًّا، يعنون الخطاب النفسي المجرد عن الصيغة.

 يقول: وجزم ببناء هذه المسألة على الكلام النفسي صاحب الضياء اللامع، صاحب الضياء اللامع في الخطب والجوامع؟؟

طالب:...

لا لا، يقول صاحب الضياء اللامع ومحقق الأصول أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن اليزلطيني، هكذا ضُبط القروي، يُعرف بالحلولو..

طالب:...

الذين يبيعون الحلوى، يسمعهم يقولون: حلِّي يا حلولو... من هذا الباب يمكن، يمكن من هذا الباب حلولو.

 مات سنة خمس وسبعين وثمانمائة، ومن تصانيفه الضياء اللامع شرح جمع الجوامع، شرح الإشارات للباجي، شرحاه على مختصر خليل.

 وجزم ببناء هذه المسألة على الكلام النفسي صاحب الضياء اللامع وغيره، وقد أشار المؤلف إلى هذا بقوله: من حيث المعنى وأما الصيغة فلا، ولم ينتبه لأن هذا من المسائل التي فيها النار تحت الرماد، يعني أن الموفق ما انتبه، وافقهم على أنه هو عينه بالنسبة للمعنى، لا اللفظ، يقول: وما انتبه إلى ما وراء ذلك من دسيسة، طيب الموفق وضع مقدمة منطقية للروضة، هل يعني أنه ما فهم المنطق حينما كتب هذه المقدمة؟ يعني لخصها من المستصفى كما لخص جُلّ الكتاب منه، هل نقول: إنه ما فهم؟ إذا فهم الأصول التي اعتمدوا عليها وقعّدوها بالنسبة لعلم الكلام ما يكون مقامه إلى هذا الحد.

طالب:...

لا لا، هو إذا بيّن المأخذ، وصار المأخذ الذي اعتمد عليه مقبولًا شرعًا مقبولًا عند أهل السُّنَّة ما فيه إشكال؛ لأننا نتفق في كثير من المسائل مع المبتدعة.

طالب:...

لا، هو الكلام على بناء المسألة على أصلها، إن كان بناها على غير الأصل الذي بنى عليه الأشعرية قولهم، وبناه على شيء مقبول ولو اتحدت النتيجة ما فيه إشكال، ما فيه إشكال إطلاقًا، يعني مثل الذي يحكم بقانون وضعي وتطلع النتيجة موافقة لما جاء في الشرع، من حكم بالشرع ولو وافقت نتيجته نتيجة من حكم بالقانون ما فيه ما عنده أدنى إشكال، لا لا، إذا حكم بغير شرع الله فهو آثم وعلى خطر عظيم ولو وافق شرع الله، وهذا نظير من وطئ امرأته يظنها أجنبية، ومن وطئ أجنبية يظنها امرأته.

طالب:...

نعم، ما يحسنون هذا، لكنهم يرون أنه يُحتاج إليه في بعض القضايا الأصولية، فهم يضعون مقدمات، فيه مقررات في الأزهر لعلم الكلام والمنطق مقررات مبسطة، مسهلة مبادئ مبسطة، يعني الذي يعتني بالسلم وشروحه وحواشيه، لكن بعد أن يتضلع في عقيدة السلف الصالح، بعد ذلك؛ لأنه إذا لم يتضلع عُرضة لأن يقبل أي كلام، والكلام المنطقي المُرتب مشكلة القلوب العقول الفارغة تقبله، تقبله؛ لأنه كلام مرتب منظم مقدمات ونتائج، لكن العقول المملوءة بقال الله وقال رسوله ما تقبل مثل هذا الكلام.

 وقد أشار المؤلف إلى هذا بقوله: من حيث المعنى وأما الصيغة فلا، ولم ينتبه بأن هذا من المسائل التي فيها النار تحت الرماد؛ لأن أصل هذا الكلام مبني على زعم باطل، وهو أن كلام الله المجرد المعنى القائم بالذات المجرد عن الحروف والألفاظ؛ لأن هذا القول الباطل يقتضي أن ألفاظ كلمات القرآن بحروفها لم يتكلم بها رب السموات والأرض، وبطلان ذلك واضح، وسيأتي له إن شاء الله زيادة إيضاح في مباحث القرآن ومباحث الأمر.

المذهب الثاني: أن الأمر بالشيء ليس عين النهي عن ضده، ولكنه يستلزمه، وهذا هو أظهر الأقوال؛ لأن قولك اسكن مثلاً يستلزم نهيك عن الحركة؛ لأن المأمور به لا يمكن وجوده مع التلبس بضده لاستحالة اجتماع الضدين، وما لا يتم الواجب إلا به واجب كما تقدم. وعلى هذا القول أكثر أصحاب مالك، وإليه رجع الباقلاني في آخر مصنفاته، وكان يقول بالأول.

 المذهب الثالث: أنه ليس عينه ولا يتضمنه، وهو قول المعتزلة، وهو قول المعتزلة، والأبياري، يقول المؤلف هنا: متابع لأبي يعلى في العدة، والصواب جمهور المعتزلة، والأبياري من المالكية وإمام الحرمين والغزالي من الشافعية، واستدل من قال بهذا بأن الأمر يجوز أن يكون وقت الأمر أو واستدل من قال بهذا بأن الآمر يجوز أن يكون وقت الأمر ذاهلاً عن ضده، وإذا كان ذاهلاً عن ضده فليس ناهيًا عنه؛ إذ لا يكون وقت الأمر عن الشيء مع خطوره بالبال أصلاً، هذا يتجه إذا كان الآمر يمكن ذهوله، وهو المخلوق، لكن إذا كان الآمر لا يمكن ذهوله ولا يتصور ذهوله فلا يتجه، ويجاب عن هذا بأن الكف عن الضد لازم لأمره لزومًا لا ينفك؛ إذ لا يصح امتثال الأمر بحالٍ إلا مع الكف عن ضده، فالأمر مستلزم ضرورة للنهي عن ضده؛ لاستحالة اجتماع الضدين. قالوا: ولا تشترط إرادة الآمر كما أشار إليه المؤلف -رحمه الله-.

قال مُقيده -عفا الله عنه-: قولهم هنا: ولا تشترط إرادة الآمر في هذا المبحث غلط؛ لأن المراد بعدم اشتراط إرادة، لأن المراد بعدم إشتراط الإرادة في الآمر أو في الأمر إرادة الآمر وقوع المأمور به إما إرادته لنفس لنفس اقتضاء الطلب المعبر عنه بالأمر فلا بد منها على كل حال، وهي محل النزاع.

ومن المسائل التي تنبني على الاختلاف في هذه المسألة قول الرجل لامرأته... مثل ما قلنا بالنسبة للذهول إنما يتصور في حق الآمر من المخلوق، ومثل هذا الذهول لا ينبغي أن يستدرك في النصوص؛ لأنه لا يتصور فيها الذهول.

قال: ومن المسائل التي تنبني على الاختلاف في هذه المسألة قول الرجل لامرأته: إن خالفت نهيي فأنت طالق، ثم قال: قومي، فقعدت، فعلى أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، فقوله قومي هو عين النهي عن القعود فيكون قعودها مخالفة لنهيه المعبر عنه بصيغة الأمر فتطلق، وعلى أنه مستلزم له يتفرع على الخلاف المشهور في لازم القول هل هو قول أو لا، وعلى أنه ليس عين النهي عن الضد ولا مستلزمًا له فإنها لا تطلق.

ومن المسائل المبنية عليها أيضًا.. مثل ما قلنا في قول رجل المرور قف ثم قال: والله ما قال لي لا تتحرك، أو العكس.

 ومن المسائل المبنية عليها أيضًا ما لو سرق المصلي في صلاته ما لو سرق المصلي في صلاته، أو لبس حريرًا، أو نظر محرمًا، فعلى أن الأمر بالشيء نهي عن ضده فيكون الأمر بالصلاة هو عين النهي عن السرقة فتبطل الصلاة بناء على النهي يستلزم الفساد، فعين السرقة منهيٌ عنها في الصلاة بنفس الأمر بالصلاة فعلى أن النهي يقتضي الفساد، فالصلاة باطلة، لكن هذا فيه بعد شديد عن المسألة، فيه بعد شديد عن المسألة؛ لأن انفكاك الجهة في هذا واضح ظاهر، ما هو مثل عدم الحركة مع الأمر بالسكون أو ما أشبه ذلك هذا فيه تلازم، لكن ما فيه تلازم بين الأمر بالصلاة وبين ترك... لكن لبس الحرير فيه تلازم من حيث إنه قد يكون شرطًا للصلاة، اللبس، وعلى هذا مثل ما يذكرون في التفريق بين من صلى وعليه عمامة حرير وبين من صلى وستر عورته بحرير؛ لأن الشرط مؤثر في الصلاة فالنهي عن المؤثر في الصلاة لا شك أن له أثر في الصلاة، وما لا أثر له في الصلاة كالعمامة أو خاتم الذهب هذا لا يتناقض مع الأمر بها.

طالب:...

نعم.

طالب:...

المثال الذي ذكره نعم.

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

عينه تطلُق، وإن كان مستلزمًا له ينظر في لازم المذهب هل هو مذهب ولا لا، وإن كان غيره فلا تطلق.

 اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.