كتاب بدء الوحي (048)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يسأل عن سبل السلام طبعة دار المعارف بحاشية الألباني؟ أنا ما أدري عنها من حيث الصحة والأخطاء، ما أدري، لكن تتويجها بأحكام الشيخ الألباني على الأحاديث هذا بحد ذاته ميزة.
يقول: ما هي الطبعة التي تنصحون بها للسُّبل؟ السُّبل طُبع مرارًا كثيرة، في كل واحدة من هذه الطبعات لا تسلم من خطأ مطبعي أو إعواز في تعليق، والذي يجمع بين هذه الأمور على وجه وإن لم يكن الوجه الكامل المطلوب المرجو، بها أحكام على الأحاديث، وفيها تعليقات وفوائد وإحالات، ولا تسلم من أخطاء طبعة دار ابن الجوزي الأخيرة صبحي حلاق، لكن الأولى فيها أخطاء أكثر.
هذا يسأل عن ضوابط التأويل الصحيح. ضوابط التأويل الصحيح؛ التأويل إنما يُلجأ إليه؛ لأنه على خلاف الأصل، إنما يُلجأ إليه إذا دعت إليه حاجة من رفع تعارضٍ بين النصوص لا بد من مستند ومعتمد، وهو أن يكون له أصل في اللغة يُلجأ إليه؛ لأنه هو الاحتمال المرجوح، إذا وجد تعارض، إذا وجد التعارض بين النصوص فلا مانع، أيضًا لا بد أن يكون ثابتًا عن سلف هذه الأمة وأئمتها.
هنا يقول: قال الحافظ العراقي -رحمه الله-:
ثم الصلاة مع سلام دائم على نبي الخير ذي المراحم
ثم شرع -رحمه الله- في المقصود، ألا يمكن أن يُقال: الأولى على المؤلف -رحمه الله- أن يثني بالصلاة والسلام على الصحابة والآل جريًا على أصل عقدي جانب الروافض والخوارج في معتقد أهل السُّنَّة؟
لا شك أن الامتثال امتثال الأمر يتم بالصلاة والسلام على النبي -عليه الصلاة والسلام-، الامتثال في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56] الامتثال يتم بهذا فقط، الصلاة والسلام عليه، ثم إذا زدنا على ذلك فللآل حق عظيم على الأمة، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة كذلك؛ لأنهم هم حملة الدين، وبواسطتهم وصلنا الدين، ولولا الصحابة ما وصل إلينا الدين، فنصلي عليهم تبعًا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا نفرد الآل دون الصحب، ولا الصحب دون الآل؛ لأن كل واحد منهما صار شعارًا لطائفة من أهل البدع، أما ما يستدل به بالنسبة للصلاة الإبراهيمية من لزوم الصلاة على الآل كما يُقرر ذلك الصنعاني والشوكاني وصديق حسن خان، ويتهمون سلف هذه الأمة أنهم إنما تركوا الصلاة على الآل مجاملة للخلفاء فهذا كلام ليس بصحيح، الصلاة الإبراهيمية فرضٌ من أنواع الصلوات المأمور بها، يعني يؤتى بها في موضعها، وما عداه يبقى الأفراد الأخرى كلٌّ في موضعه، والامتثال خارج الصلاة إنما يتم بقولنا: صلى الله عليه وسلم. كتب الأئمة كلها لا تزيد على هذا الشيء، فإذا زادوا قالوا وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى آخره.
هذا يقول: هل يجزئ غسل الجمعة أو النظافة عن الوضوء وإن كان لا يجزئ فما العمل في الصلوات التي صليتها مكتفيًا بأحد الغسلين؟ معلوم إذا اجتمع عباداتان من جنس واحد إحداهما كبرى والأخرى صغرى إحداهما مؤداة والأخرى مقضية أن الصغرى تدخل في الكبرى، والحنابلة يقولون إن نوى غسلاً مسنونًا أجزأ عن واجب فيدخل فيه الوضوء، لكن الذي يظهر والله أعلم أن الواجب لا يجزئ إلا عن واجب، الواجب لا يجزئ عنه إلا واجب.
طالب:...
لا هو قال: غسل الجمعة، أما بالنسبة لغسل النظافة فهذا لا يجزئ اتفاقًا، هذا لم تنو به عبادة ولم يُرفع به حدث، هذا اتفاقًا لا يجزئ، يقول: وإن كان لا يجزئ فما العمل في الصلوات التي صليتها مكتفيًا بأحد الغسلين؟ إن كنت اكتفيت بغسلٍ هو لمجرد النظافة فعليك أن تعيد، إذا كان في مقدورك الإعادة، وبإمكانك حصر ما فعلت بهذه في هذه الأغسال، وإن كنت لا تحصر ولا تستطيع ويشق عليك مشقة عظيمة استقبل واستأنف بأغسال مشروعة.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
النظافة اتفاق، النظافة تغتسل للنظافة وخرج وصلى اتفاقًا، لكن إن نوى غسلاً مسنونًا كغسل الجمعة مثلاً هذا يجزئ عن الواجب عندهم، والمحقق أنه لا يجزئ عن الواجب إلا الواجب.
طالب:...
نعم قيل به، الأمر أخف، المسنون قيل به، لكن أمره أخف.
طالب:...
ولو جاء به على الصفة المسنونة؛ لأنه لا ينوي به السنَّة، ينوي به التبرد.
طالب:...
غسل الجمعة جاء به على الصفة المسنونة هذا عند الحنابلة يجزئ، وعند غيرهم لا.
طالب:...
جاء بوضوء ليرفع به الحدث، هو توضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل للجمعة، ماذا نوى بالوضوء؟ لهذا الغسل المسنون.
طالب:...
إن جاء به صفةً لوضوءٍ رافع لحدث يستبيح به ما لا تستباح الصلاة إلا به انتهى الإشكال.
طالب:...
هو، لما دخل محل الاغتسال هو يريد أن يصلي بهذا الغُسل، وما قبله من وضوء، فالنية المسنونة متضمنة لرفع الحدث؛ لأنه يريد أن يصلي به الجمعة، ولا يصلي الجمعة إلا بوضوء يرفع الحدث، لكن الإشكال فيما إذا كان عليه جنابة، احتاج لغسلٍ واجب شرط لصحة الصلاة، هل يكفي عنه غسل الجمعة؟ حتى على القول بوجوبه؟ لأن رفع الحدث لا بد من نيته، لكن لا يقصد أن يستحضر هذا وينطق به ويلفظ به، هو ذهب من أجل أن ترتفع عنه الجنابة.
هذا يقول: ما توجيهكم لامرأة تمتنع عن الزواج بحجة التفرغ للعلم، وأن الزواج سيشغلها بالدنيا، وستتعلق بالزوج والأولاد؟ وهل هذا الزواج يترتب عليه التعلق بالدنيا وزينتها؟ أفيدونا.
الزواج والنكاح من سنن المرسلين، وهو سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: «فمن رغب عن سنتي فليس مني»، ولا شك أن الزواج أهم، ومع ذلك بالتجربة ثبت أنه لا يعوق عن تحصيل العلم، لا سيما في الظروف التي نعيشها، يعني مع توفر الأسباب والوسائل وعدم انشغال الناس بالمعيشة، كان الناس لا يستطيعون لا رجال ولا نساء يطلبون العلم؛ لأنهم انشغلوا بلقمة العيش، يكدحون ليل نهار من أجل أن يأكلوا، لكن الآن لا نحتاج إلى مثل هذا، ولله الحمد. هذا من المغرب، ومن قبلهم ليبيا والجزائر والكويت.
يقول: خطبتُ فتاة من قريتي، وأعجبني خلقها ودينها، ولكن أخبرني والدها بأن عندها مشكلة من جهة الإنجاب، وهي لا تنجب، ولما علمت والدتي بهذا غضبت، ولكن أستطيع إقناعها، وأنا قد رأيتها، وأعجبتني هذه الفتاة، فهل هناك ما يمنع من الارتباط بمن لا تنجب والمحافظات على الحجاب والزي الساتر قليل في بلادنا، وهي من هؤلاء القلة؟ وبمَ تنصحوني؟
لا شك أن التي تنجب أفضل، التي تنجب أفضل، جاء الحث عليها، «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم»، لكن إذا وجد صفات تُرغب في المرأة، وأنها تغطي جانبًا كبيرًا من متطلباتك، وتبحث عن زوجة أخرى للإنجاب فهذا طيب.
يقول: حكم صيد طير الهدهد هل هو حلالٌ أم حرامٌ؟
جمهور أهل العلم على أنه محرم لا يؤكل.
هذا من المغرب يقول: ما الفرق بين المرجئة والكرامية؟
المرجئة والكرامية بينهم تقارب من جهة، وبينهم أيضًا افتراق من جهة، فالكرامية نوع من المرجئة، لكنهم يزيدون عليهم، يزيدون عليهم في بعض ما يتعلق بالعقيدة، هؤلاء الكرامية غالبهم دينهم مبني على جهل، يجوزون الوضع على النبي -عليه الصلاة والسلام-، يجوزون الكذب عليه -عليه الصلاة والسلام-، ويزعمون أنهم يكذبون له، ولا يكذبون عليه، ورأيهم في الإيمان قريبٌ من رأي المرجئة إلا أن بينهم أنه قد يكون مؤمنًا إذا نطق بالشهادتين ولو لم يعتقد، فيدخل في قولهم المنافقون، فهم أشد من المرجئة من هذه الحيثية.
إذا حلف إنسانٌ قائلاً: عليّ عهد الله أن أفعل كذا، أو عليّ نذر الله أن أفعل كذا، ثم حنث ولم يف بهذا العهد، هل عليه كفارة؟ وما هي هذه الكفارة؟ وهل إذا تعدد الحلف في هذه الأشياء المختلفة لها حكم؟
هو لو كان مجرد وعد من دون توثيق عهد الله كان الأمر أخف، ولو اقترن باليمين؛ لأن مثل هذا يُكفَّر، لكن إذا قال: عليّ عهد الله، وعاهد الله أن يفعل كذا يُخشى عليه من النفاق {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ}[التوبة:75] إلى أن قال: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ}[التوبة:77]؛ لأن هذا أمر خطير جدًّا إذا كان مقرونًا بالعهد.
يقول: إذا نذر شخصٌ أن يختم القرآن في خمسة أيام، ثم تحقق له أمرٌ، وبعد ما تحقق مراده قرأ جزأين فقط في الخمسة الأيام ثم توقف ليومين عن القراءة، فماذا عليه الآن؟
الآن هو يقرأ من أجل أن يحصل له هذا الأمر، صلى المصلي لأمر كان يطلبه، فلما انقضى الأمر لا صلى ولا صام، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى الإنسان أن يقرأ، وأن يصلي، وأن يصوم، وأن يتعبد لله -جل وعلا-، مخلصًا له في ذلك، قاصدًا بذاك رضاه، والفرار من سخطه، محبة لله وتعظيمًا له، أما أن يقرأ أو يصلي من أجل أمر من أمور الدنيا، ثم بعد ذلك يترك؟ نسأل الله السلامة والعافية، يعني لو كان من الأصل يقرأ في خمسة أيام ثم طرأ له ظرف أو رأى أن القراءة في الخمسة الأيام لا تعين على التدبر، فأراد أن يقلل ويخفف فهذا ما فيه إشكال، مع أن الثبات مطلوب، الثبات مطلوب. وأحب الدين إلى الله أدومه، وإن قلّ.
هذه تقول: نحن في بلادنا في كلية الشريعة ابتلينا بتدريس الرجال من غير حاجز، فما حكم تعليم الرجال للنساء القرآن خاصّة وكافة العلوم عامة؟
إخواني مثل هذه الأمور التي تتيح للرجل النظر والتحديد ومعاودة النظر في المرأة والعكس من قِبل المرأة، والطرفان منهيان عن إرسال البصر، ومأموران بغض البصر من الجهتين، يترتب على ذلك مفاسد عظيمة جدًّا، والوقائع وشواهد الأحوال في جميع البلدان التي فيها الاختلاط وقائع تندى لها الجبين، والعلم إن كان المطلوب والمقصود وجه الله فما عند الله لا ينال بسخطه. وإذا كان المقصود به الدنيا وترتكب بواسطته المحرمات فهذا الأمر أشد. فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- سواء كان رجلًا أو أنثى، فيبتعد عن مثل هذه الأمور، ويطلب العلم من جهاتٍ لا محظور فيها.
يقول: هل إذا كبُر الابن واستقل عن أبيه ثم كان فقيرًا يأخذ من زكاة أبيه؟
لا يأخذ من زكاة أبيه؛ لأن الزكاة لا تحل لا للأصل ولا للفرع، فلو احتاج للزم الأب الإنفاق عليه.
طالب:...
هنا لا.
طالب:...
إذا نذر شخص أن يختم القرآن في خمسة أيام إذا تحقق له أمر، نذر أن يقرأ القرآن في خمسة أيام عليه أن يقرأ القرآن في خمسة أيام يلزمه، من نذر أن يطيع الله فليطعه، من نذر أن يطيع الله فليطعه، ثم بعد ذلك إذا تحقق له الأمر ترك؟
طالب:...
أكثر النذور على هذا، إن قدم غائب، إن شفى الله مريضي، هذا نذر أن يطيع الله فليطعه يلزمه الطاعة.
طالب:...
هو نذر وقرأ القرآن في خمس، لكن ما يقول كل، أقرأ القرآن في خمس، هذا فرق بين هذا وهذا، لكنه نذر إن تم وقرأ القرآن في خمسة أيام ثم ترك، نسأل الله العافية.
طالب:...
إذا ما وفّى يلزمه النذر، يحرم عليه إلا إذا كان لا يستطيع أو في معصية.
طالب:...
إذا عجز عنه، إذا عجز عنه يُكفر.
إذا منع ولي الأمر ابنته من التعلم في مثل الظروف المذكورة في السؤال السابق، هل عليه شيء؟ لا، لا شيء عليه، بل هو مأجور على ذلك إذا خشي على ابنته يلزمه أن يحفظها ويصونها ويكفيها عن مخالطة الرجال.
طالب:...
لا لا، هذا يقول: السؤال: إذا منع ولي الأمر، ما عليه شيء، بل هو مأجور على ذلك، لكن السؤال لو عُكس وقيل: هل يجب على ولي الأمر المنع؟ نعم؛ لأنها أمانة في يده لا يجوز أن يُفرِّط فيها.
يقول: رجل اشترى منزلاً عن طريق تمويل الراجحي، ويدفع أقساطًا شهرية منذ سبع سنوات، بقي عليه أقساط لمدة عام واحد، هو الآن على وشك السفر للخارج مبتعثًا من قِبل جهة عمله، وهذا يقتضي انخفاضًا حادًّا في راتبه لا يملك ما يسد به ما بقي من أقساط، ولو باع البيت لخسر كثيرًا، ولو عرضه للإجارة لم يفِ بقيمة الأقساط. السؤال: هل يجوز شراء سيارة بالتقسيط ليبيعها نقدًا من أجل سداد أقساط البيت، فتكون عليه أقساط السيارة أقل بكثير من القسط الذي يدفعه للبيت؟ وإن كان هذا جائزًا، فهل يجوز له شراء السيارة، ومن ثمّ بيعها من نفس الجهة التي اشترى منها هذا المنزل، فهم لديهم صالة لبيع السيارات؟
الذي يُخشى أنه تزداد الحيلة وتقوى وجهة نظر من يمنع مسألة التورق إذا صار فيها الاحتيال إذا كان الطرف الثاني له دخل في العقد الثاني، الطرف الأول له عقد في الطرف الثاني؛ لأنه كأنه قال: سدد لي قيمة البيت وأعطيك قيمة ثانية للسيارة، أو استدن مني تُسدد.
طالب:...
لا أيضًا هذا ليس يعني، هو مُغلف ما هو بواضح، ما هو بواضح، فإذا كانت مسألة التورق فيها خلاف قوي، وفيها ضعف، لا شك أنها تزداد ضعفًا بمثل هذه التصرفات، ولا مانع من أن يذهب إلى جهة ثالثة، ويستدين منها على جهة التورق ويسدد الجهة الأولى، ويبقى دينه مع الجهة الثالثة.
يقول: إذا جاء بالسند عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من المقصود بعبد الله؟ هذا ما فيه قاعدة أو جادة معروفة عند أهل العلم، يعني متفق عليها بين أهل العلم، في جميع الكتب، ما فيه جادة قاعدة، إنما يكون عبد الله مهملًا يراجع في كتب الرجال التي تُعنى بالشيوخ بالتلاميذ، فيمكن كشفه، وإذا لم يمكن كشفه فالأمر سهل؛ لأنه أينما دار دار على صحابيٍ ثقة.
من قال لامراته: إذا فعلت هذا الأمر فأنت طالق فنسيت وفعلت هذا الأمر فهل يقع الطلاق؟ إذا كان قصده الطلاق يقع الطلاق. إذا كن قصده الطلاق يقع الطلاق؛ لأن الطلاق معلق به لا بها. هو إذا كان قصده الحث أو المنع من هذا الأمر فالفتوى كما قال شيخ الإسلام أن عليه كفارة يمين.
هذا يقول: انتشر بين الناس ما يسمى بالأناشيد، ولكنها في هذه الأيام جاءت على طابع خاص، فتسمع المنشد ينشد بجواره صوت إنسان يُقلد المزمار، وهذا ثالث معهما يشبه صوته بما يعرف بالعود، وقد يأتي رابع وخامس بأصواتٍ أُخر قد يجزم السامع بأنها ليست من البشر؟ الإطراب الذي من أجله مُنعت الآلات يُمنع كل ما يؤدي نفس الصوت المطرب؛ لأن العبرة بالتأثير في السامع، وليس العبرة بالآلة، فإذا اجتمع من الأصوات ما يؤثر في السامع، على مستوى التأثير الذي يؤثر فيه الآلة مُنع كالآلة.
يقول: هناك صورة أخرى وهي أن تدخل هذه الأصوات إلى أجهزة صوتية معينة وتُعالج لتخرج أشبه بالمعازف؟ نفس الشيء. ثم توزع على التسجيلات الإسلامية وتباع على أنها من الحلال، ولقد سمعتُ بعض من يفتي يقول في مقابل الآتي: من الحظيرة الأوربية من غناء ومجون يصح القول بجواز مثل هذه الأناشيد. ولقد انتشرت هذه الأمور بين كثير من الأخيار، بل بعض الطلبة، وأنا ألتمس تحرير هذه المسألة؟
أهل العلم يعني ما ما قصّروا في توضيح هذه المسألة، وهم يُقررون جميعًا على أن الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، وقد أُنشد بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي مسجده، ولمّا أراد أن يُنكر عمر -رضي الله عنه- على حسّان قال: أنشدتُ بين يدي من هو خيرٌ منك في هذا المسجد، فالمنع ليس بمتوجه، المنع على الهيئة والطريقة التي يُؤدى بها الشعر في عهده- عليه الصلاة والسلام- لا يمكن لأحد أن يمنعها، وضعوا قيودًا، قالوا: إذا سلم من الآلة، وكان لفظه مباحًا وأُدي على لحون العرب لا بلحون الأعاجم أو أهل الفسق فإنه يحنئذٍ يكون مباحًا.
طالب:...
الإطراب والتأثير في النفوس.
طالب:...
أين؟
طالب:...
لا، ما يطرب به عموم الناس، بعض الناس المفتونين هؤلاء الذين يطربون من الأغاني التي لا يفهمون معناها، أغاني أعجمية، تأتي أغاني من الشرق والغرب، ويطربون لها، هم ما يفهمونها، هؤلاء مفتونون لا عبرة بهم.
الظاهر اليوم لقاء..
طالب:...
هو ما بقي في الحديث إلا أطرافه.
طالب:...
كيف؟
طالب:...
لا هو ما بقي إلا درسان، وبقي الأطراف كثيرة تحتاج إلى أكثر من درس. لعلنا نبدأ بأطراف الحديث.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فحديث جابر الذي أنهينا الكلام على ألفاظه خرّجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في تسعة مواضع، في تسعة مواضع:
الأول: في بدء الوحي، والحديث حديث الباب الذي شرحناه، وسبق ذكره إسنادًا ومتنًا والكلام عليه تفصيلاً.
الموضع الثاني: في كتاب بدء الخلق، بابٌ «إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه» بدء الخلق ذكر فيه الإمام البخاري بدء الخلق بالنسبة للبشر، بالنسبة للملائكة، وبالنسبة للجن، وبالنسبة لكثيرٍ من المخلوقات، فمما يتعلّق ببدء الخلق بدء خلق الملائكة، وخلق الملائكة، ولذا قال: بابٌ «إذا قال أحدكم: آمين» يعني في الصلاة، «إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه»، ولذا يُسن قول آمين إذا قال الإمام: ولا الضالين في الصلاة، وتُسن أيضًا في السرية، وتُسن أيضًا في القراءة خارج الصلاة. لكن المقصود بالصلاة، المقصود هنا في الترجمة الصلاة، «إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه» الموافقة من وجوه: يعني مثل ما قالوا فيمن توضأ نحو وضوئي، يعني من كل وجه، لكن إذا قلنا: إن الموافقة تكون بقدر الإخلاص وموافقة نحو وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- بما في ذلك ما يتعلق بعمل القلب، قلنا: كثير من الناس محروم من هذا الوعد، محروم من هذا الوعد؛ لأن النيات مدخولة، والغفلة مستولية.
فعلى الإنسان أن يستحضر ليوافق، ثم بعد ذلك في كيفية الأداء، من وافق تأمينه تأمين الملائكة هل سمعنا تأمين الملائكة لنؤدي كما أدوا؟ ما سمعنا، إذًا نؤدي على ما توارثته الأمة عن نبيها -عليه الصلاة والسلام-، ومثل هذه الأمور التي ليس بها تفصيل دقيق. جاء ضابط آمين بالمد وبالقصر وبالتشديد آمّين يعني قاصدين، وبالمد، وهو هذا قول الأكثر آمين، يعني اللهم استجب، وقد تُقصر كما هو قول بعضهم، على كل حال الأكثر على آمين. فتُمد مدًّا عاديًّا، لا تُمد مد يخرجها ويحيلها عن معناها ويزيدها حروف، ولا تُقصر قصرًا بحيث لا تظهر المدة.
طالب:...
بعض الأئمة يقرأ: {وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:7] حقيقة يعني يُمدها مدًّا مضاعفًا مرتين أو ثلاثة عما ينبغي، ثم بعد ذلك يتبع؛ لأن المأموم يستجيب للإمام يعني من لا شعور إذا مدّ الإمام مدّ المأموم استجابة لا شعورية، وتجده إذا قصر يقصرون؛ لأنهم يحاكونه، وهو في الأصل قدوتهم، وما جعل الإمام إلا ليؤتم به، لكن إذا مدّ مدًّا زائدًا مخرجًا عن القدر المطلوب، فإنه لا يتبع على ذلك.
طالب:...
أمين أمين، نعم.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
لذلك حُكم على هذا الضبط بالشذوذ آمّين يعني قاصدين، وهو مذكور عن جعفر الصادق، «إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه»، وهذا مُقيد بالصغائر، وهو قول عامة أهل العلم، وجاء ما يدّل على التقييد في نصوص كثيرة، «ما لم تغش كبيرة»، «ما اجتنبت الكبائر» فدلّ على أن الكبائر شأنها من أن تُكفر بهذه الأمور حتى بالصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة تُكفر، لكن تُكفر الصغائر في قول الجمهور، ومنهم من يقول: إنه إذا انتهت الصغائر خُفف من الكبائر.
طالب:...
وكذلك الحج، وكذلك الحج وإن استروح بعضهم إلى أن يُكفِّر حتى الكبائر، وجاء في حديث ضعيف عند ابن ماجه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عشية عرفة طلب من الله -جل وعلا- أن يُكفِّر ذنوب الحاج في الموقف، حتى المظالم، فلم يُجَب، ففي آخر ليلة جمع أُجيب، لكن الخبر ضعيف.
قال -رحمه الله-: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهابٍ قال: سمعت أبا سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «فتر عني الوحي فترة، فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قِبل السماء، فإذا الملك الذي قد جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجئثتُ منه حتى هويتُ إلى الأرض فجئتُ أهلي فقلت: زملوني زملوني فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر1 :5] إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}» قال أبو سلمة: الرجز الأوثان.
مناسبة الحديث لبدء الخلق وذكر الملائكة حيث ذُكر فيه جبريل، فإذا الملَك عليه السلام على الكرسي بين السماء والأرض هذا من خلقه، ومن طبعه أنه يجلس على الكرسي، وأن من صفته أنه على ستمائة جناح يسد الأفق كما جاء في بعض طُرق الحديث.
الموضع الثالث: في كتاب التفسير، في تفسير سورة المدثر بسم الله الرحمن الرحيم قال -رحمه الله-: كذا بابٌ كذا بدون ترجمة، الباب الأول من كتاب التفسير سورة المدثر الباب كتاب التفسير، كتاب التفسير، والباب رقم أربعة وسبعين، العنوان عنوان السورة سورة المدثر قال -رحمه الله-: بابٌ كذا بدون ترجمة، العادة أن الباب إذا كان بغير ترجمة كان كالفصل من الذي قبله، والذي قبله ترجمة سورة المدثر، سورة المدثر، فهو فرع منها؛ لأن نزول السورة مذكور تحت هذا الباب، فالمناسبة ظاهرة، قال -رحمه الله-: حدثني يحيى قال: حدثنا وكيعٌ عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير سألتُ أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1] قلتُ: يقولون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1]، فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن ذلك وقلتُ له مثل الذي قلت فقال جابر: لا أُحدثك إلا ما حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: «جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطتُ فنُوديتُ فنظرت عن يمين فلم ار شيئًا ونظرت عن شمال فلم أر شيئًا ونظرت أمامي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي فرأيت شيئًا فأتيت خديجة فقلتُ: دثروني، وصبوا علي ماءً باردًا، فدثروني وصبوا عليّ ماءً باردًا فنزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}».
مناسبته لكتابة التفسير ولسورة المدثر على وجه الخصوص ظاهرة.
الموضع الرابع: في كتاب التفسير أيضًا باب يعني تحت سورة المدثر باب رقم اثنين: بابٌ {قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:2]، قال -رحمه الله-: حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وغيره.
أحيانًا البخاري ومسلم يعطفان على الظاهر مبهمًا، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وغيره، أحيانًا يقول: حدثنا مالك وآخر، حدثنا مالك وآخر، ويُبهمه لشيء فيه، أحيانًا لضعفه، مثلًا قال الإمام مسلم: حدثنا مالك وآخر يقصد به ابن لهيعة لم يظهره؛ لأنه ليس على شرطه، البخاري اقتصر على مالك، فللعالم الذي يروي الحديث عن راويين ثقة وضعيف أن يطوي الضعيف ويقتصر على الثقة، يعني يحذف الضعيف ويبقي الثقة؛ لأنه ثبت عنده من طريق الثقة، مالك حذف ابن لهيعة ما ذكره، واقتصر على مالك، مسلم قال: مالك وغيره، هل يلزم البخاري أن يُخرج لابن لهيعة؟ ألا يكفيه الإمام مالك نجم السنن؟ يكفيه.
طيب ما الفرق بين هذا وبين تدليس التسوية؟ يروي حديثًا عن ضعيفٍ بين ثقتين لقي أحدهما الآخر، مالك عن ابن عمر، أو قبل مالك مثلًا أو مالك عن ابن عمر، مالك عن نافع عن ابن عمر، مالك عن نافع عن ابن عمر، جاء من بعد مالك من وُصف بتدليس التسوية كالوليد بن مسلم مثلًا كان في الإسناد ضعيف بين مالك ونافع، يسقط هذا الراوي، فإذا نظر إليه الرائي وجده بأصح الأسانيد، وفيه عِلة، لا يتنبه لها إلا أهل الحِذق من الأئمة المطلعين على الطرق، نعم مالك لقي نافعًا وروى عنه أحاديث كثيرة جدًّا، فجاء هذا المدلس تدليس تسوية فأسقط هذا الراوي، هل يقول قائل: إن هذا الراوي ليس بحاجة إلى أن يذكر هذا الضعيف؛ لأن مالكًا ثقة ونافعًا ثقة؟ مثل ما قلنا هنا؟ لا؛ لأنه يترتب عليه انقطاع في السند، وهنا لا يترتب عليه انقطاع في السند.
طالب:...
كيف؟
طالب:...
لا لا هذا تدليس تسوية، تدليس تسوية، بمعنى أنه حذف الضعيف وأبقى الأسوياء الأجواد، يقول بعضهم: تدليس التجويد، هذا شر أنواع التدليس، شر أنواع التدليس؛ لأن المطلع على الإسناد ما يرى فيه خللًا، مالك روى عن نافع، ولقي نافعًا، ونقل عنه أحاديث كثيرة، فمن يتنبه لمثل هذا؟ جميع الباحثين الموجودين على الساحة الذين يعانون تخريج الكتب إلا ما ندر قد لا يطلع على مثل هذا، يطلع عليه الأئمة الحُذاق، يعرف أن مالكًا ما روى هذا الحديث عن نافع، وليس من حديث مالك عن نافع قد يكون رواه مالك عن شخص آخر بطبقة نافع، لكن رواه عن نافع بواسطة ضعيف، مع أن هذا لمجرد التمثيل، وإلا فمالك معروف أنه ينتقي الرواة، ولا يروي إلا عن ثقة، لكن هذا مجرد تمثيل.
طالب:...
كيف؟
طالب:...
لا، لا، لسنا بحاجة إلى هذا المدلس، قدر زائد على المطلوب.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
فائدة من ذكره؟ طريق آخر للحديث، ويبحث عنه ويبيَّن، حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وغيره، في المستخرج لأبي نُعيم أن هذا الآخر أو الغير هو أبو داود الطيالسي، أبو داود الطيالسي تبيّن في رواية المستخرج، قالا: حدثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «جاورتُ بحراء» مثل حديث عثمان بن عمر عن علي بن المبارك، والمناسبة ظاهرة؛ لأن الترجمة ترجم بآية ذُكرت في نصّ الخبر، باب قم فأنذر.
طالب:...
أين؟
طالب:...
قال: حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وغيره، محمد بن بشار، هذا الغالب، ولا يمنع أن يكون، ولا يمنع أن يكون.
طالب:...
يعني نعم يمكن محمد بن بشار أظهره.
طالب:...
ما يمنع.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
ثقة نعم. ثقة. يعني إبهامه ما له داعٍ. لكن لهم يعني مقاصد، يعني يقتصر على الثقة الذي يريد. مناسبة الحديث ظاهرة؛ لأن الآية مترجم بها مذكورة في الحديث، وإن لم يذكره البخاري كعادته، يعني اقتصر على بعضه البخاري.
الموضع الخامس: في التفسير أيضًا، في باب {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}[المدثر:3] قال -رحمه الله-: حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا حربٌ قال: حدثنا يحيى قال: سألت أبا سلمة: أي القرآن أُنزل أول؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1]، فقلتُ: أُنبئتُ أنه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1]، فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: أي القرآن أُنزل أول؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1] فقلت: أُنبئت أنه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1]، فقال: لا أخبرك إلا بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «جاورتُ بحراء فلما قضيتُ جواري هبطتُ فاستبطنتُ الوادي فنوديت فنظرتُ أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فإذا هو جالسٌ على عرش بين السماء والأرض فأتيتُ خديجة فقلتُ: دثروني، وصبوا عليّ ماءً باردًا، وأنزل عليّ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}»، والمناسبة ظاهرة جدًّا؛ لأن الآية مذكورة الآية المترجم بها مذكورة في الخبر.
الموضع السادس: في كتاب التفسير أيضًا في باب: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر:4] قال -رحمه الله-حدثنا يحية بن بُكير قال: حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب ح، وحدثني عبد الله بن محمد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: «بينا أنا أمشي إذ سمعتُ صوتًا من السماء فرفعتُ رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسٌ على كرسي بين السماء والأرض، فجئثتُ منه رعبًا، فرجعتُ فقلتُ: زملوني زملوني فدثروني، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر1 :5] قبل أن تفرض الصلاة وهي الأوثان»، يعني الرجز، زملوني زملوني فدثروني، يعني جاء في بعض الروايات: زملوني فزملوه، دثروني فدثروني، الآن زملوني فدثروني، مما يدل على أن المعنى واحد، وأن النازل بسبب التزميل أو التدثير واحد؛ لأنه قد يقول قائل مثل ما أشرنا سابقًا إنه قد يستروح بعض الناس إلى أن هذا هو سبب نزول {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}[المزمل:1]، ودثروني، وهو سبب نزول: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}[المزمل:1] هذا كلام ليس بصحيح كما بيّناه مفصلاً في محله.
يقول: حدثنا يحيى بن بُكير قال: حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب ح، مرّت بنا هذه الحاء مرارًا، في أطراف الأحاديث، والبخاري يستعملها كما ذكرنا، لكن بقلة، يعني ما هو مثل استعمال مسلم، مسلم يكثر منها، ومراد البخاري بها التحويل كغيره من إسناد إلى آخر، كما هو قول الأكثر، ومنهم من يقول: إن المراد الخاء وليست حاءً رمز للإمام البخاري، ومنهم من يقول: الحديث كما يقول المغاربة، وفصّلنا في هذه أكثر من مرة.
الموضع السابع: في كتاب التفسير، في باب الرجز فاهجر، يقال: الرِجز والرِجس العذاب، الرُّجز الأوثان كما تقدَّم في شرح الراوي نفسه، وهنا قال: الرِّجز والرِّجس العذاب، نعم الأوثان سبب للعذاب، قال -رحمه الله-: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الليث عن عُقيل قال ابن شهاب: سمعتُ أبا سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله أن سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحدث عن فترة الوحي قال: «فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قِبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجئثتُ منه، حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زملوني زملوني فزملوني فأنزل الله تعالى: قم فأنذر}» إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر:5] قال أبو سلمة: والرجز الأوثان، ثم حمي الوحي وتتابع، ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة؛ لأن الآية {قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:2] إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر:5]، والترجمة نعم، نعم الترجمة {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر:5] فهي مذكورة وإن لم تذكر بكاملها، وإنما أُحيل إليها، وذُكر طرفها.
الموضع الثامن: في كتاب التفسير في سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1]، بابٌ بدون ترجمة، قال -رحمه الله-: قال محمد بن شهاب: فأخبرني أبو سلمة أن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يحدث عن فترة الوحي، قال في حديثه: «بينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، ففرقتُ منه» يعني خفت وفزعت، «فرجعت فقلت: زملوني زملوني فدثروه فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}». قال أبو سلمة: وهي الأوثان التي كان أهل الجاهلية يعبدونها، ثم تتابع الوحي.
التفسير سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1] والقصة ليس فيها ذكر لاقرأ فيما بين يدينا، لكنها إحالة على مجيئه له بحراء بسورة اقرأ، ومن جهة أخرى ذُكرت سورة اقرأ في بعض ألفاظ الحديث في بعض طرقه من باب أنها من باب المراجعة، أنها أول ما نزل، يُراجع جابر فيقال: أوليس سورة اقرأ هي أول ما نزل؟ فيقول: لا أحدثكم إلا بما حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيذكر {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1] فسورة اقرأ مذكورة ولو كانت على سبيل المراجعة من الراوي عن جابر ومن جابر إلى من بعده.
طالب:...
ماذا فيه؟
طالب:...
قال محمد بن شهاب: فأخبرني أبو سلمة.
طالب:...
نعم.
طالب:...
قال أبو سلمة: وهي الأوثان التي كان أهل الجاهلية يعبدون قال: ثم تتابع الوحي، وذكره ذكر الحديث إثر حديث عائشة الذي فيه ذكر سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1] وأيضًا سورة اقرأ مذكورة في بعض طرق حديث جابر وفي بعض ألفاظه، لا على سبيل التقرير أنها أول ما نزل، وإنما جاء ذكرها، على كل حال من باب المحاورة.
طالب:...
ذكرت هذا. يعني وجه الدلالة من حديث على الترجمة من وجهين: الأول أن في قوله: «فإذا الملك الذي جاءني بحراء» إشارة إلى نزوله بصورة أخرى، وإردافه لحديث عائشة بحديث جابر يدل على هذا، الأمر الثاني أن الحديث في بعض طرقه كما ذكرنا سبق ذكرها ذكر الطريق التي فيها التنصيص على سورة اقرأ وإن لم تكن على طريق الإثبات إلا أنها موجودة.
طالب:...
معروف هذا الكلام؛ لأنه قال: «فإذا الملك الذي جاءني بحراء» دل على أنه جاءه قبل ذلك.
طالب:...
هي سورة من القرآن.
طالب:...
نعم، هذا إجماع، هذا إجماع على أنها سورة من القرآن، وليس المراد مراد الترجمة في أول ما نزل.
طالب:...
ماذا فيه؟
طالب:...
موافقة الملائكة؟
طالب:...
ماذا فيها؟
طالب:...
أولية نسبية، وليست أولية مطلقة، الأولية المطلقة لسورة اقرأ والأولية النسبية لسورة المدثر، بمعنى أنها أول سورة نزلت بعد فترة الوحي، بعد سورة اقرأ، ومرّ بنا ذكرنا الإمام المجدد- رحمه الله- يقول: إنه نُبيء باقرأ، وأُرسل بالمدثر، سبق البحث فيمن أسلم قبل أن يرسل النبي- عليه الصلاة والسلام- هل يُعد من أتباعه -عليه الصلاة والسلام- أو أنه مؤمن به كما أُمر في الكتب السابقة؟ يعني كإيمان من آمن بموسى أو عيسى أو غيرهم، تقدَّم.
التاسع: في كتاب الأدب، الموضع التاسع: في كتاب الأدب، في باب: رفع البصر إلى السماء، باب رفع البصر إلى السماء، وقوله تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[الغاشية:17]، كتاب الأدب، باب: رفع البصر إلى السماء، وقوله تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[الغاشية:17]، هذا مثال رددناه مرارًا ببيان لبيان منهج الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- أنه قد يعدل إلى الشيء الصريح البيّن الواضح إلى ما فيه شيء من الغموض، فالترجمة باب رفع البصر إلى السماء، اللائق بهذه الترجمة الآية التي بعد ما ذكر {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[الغاشية:17] بعدها: {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ}[الغاشية:18]، هذه الآية المطابقة للترجمة فإما أن يقال إن البخاري -رحمه الله تعالى- أراد أن يكمل، أراد القارئ أن يكمل ما بعد هذه الآية ليقف على ما فيه المطابقة، أو أنه على عادته في ذكر ما لا يطابق اعتمادًا على نباهة القارئ، وأن القارئ يعرف أن هذه ليست هي المطابقة، وإنما المطابقة بغيره فليبحث عن غيرها، وهي أقرب الآيات إليه.
الأمر الثالث: أن الإمام البخاري قد يأخذ من هذه الآية ما يستلزم رفع البصر إلى السماء؛ لأن الإبل في خلقتها طول، فهي أعلى من الإنسان، فإذا أراد الإنسان أن ينظر إلى أعاليها لزم منه رفع بصره إلى السماء، وأُورد من بعض كتب اللغة أن الإبل اسمٌ من أسماء السحاب، اسمٌ من أسماء السحاب، فإذا رفع رأسه إلى السحاب فقد نظر إلى السماء.
طالب:...
نعم لكنه نصّ على السماء لماذا نصّ على السماء؟ لماذا نصّ على السماء؟ والله -جل وعلا- بدأ بالنظر إلى الإبل، هنا.
طالب:...
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[البقرة:164].
طالب:...
يعني في هذا لا شك أن...
طالب:...
نعم معروف، إذا أراد أن نبحث لماذا قُدِّمت الآية على التي قبلها، لكن الآن لنربط الآية بالترجمة، نربط الآية بالترجمة.
طالب:...
هات.
طالب:...
لا لا، ما فيه مطابقة، ولا نَقَلَها، هذا إشكال موجود من قديم يعني.
طالب:...
أنت تريد أن الآيتين في حكم الآية، وأنه يُكتفى بالجملة الأولى على الثانية، كما يُقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»، ومن لازم ذلك أن يقولوا: وأن محمدًا رسول الله، هذا ظاهر لكن لماذا يقتصر على هذه الآية وفي القرآن نص أصرح منها؟ هذه تصرفاته -رحمه الله-، قال أيوب:...
طالب:...
والعطف على نية تكرار العامل، العطف على نية تكرار العامل، قال أيوب عن ابن أبي مُليكة عن عائشة: رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- رأسه إلى السماء، رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- رأسه إلى السماء، الآن في رفع البصر إلى السماء بعد الفراغ من الوضوء والذكر المعروف الفقهاء يذكرونه، يستحبونه، لكن هل الدليل الثابت ما يدل عليه؟ نعم فيه ضعف، فيه ضعف، قال أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة -رضي الله عنها-: رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- رأسه إلى السماء، قال -رحمه الله-: حدثنا يحيى بن بُكير قال: حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ثم فتر عني الوحي، ثم فتر عني الوحي، فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري إلى السماء» هذه جِبلة، الإنسان إذا سمع شيئًا مؤثر فإنه يلتفت إليه، يلتفت إلى جهته، وجهة الصوت الذي سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- من السماء، إلا أنه أمرٌ فيه شيء من استبعاد، ولذا نظر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه، ثم رفع بصره إلى السماء.
طالب:...
لأن هذا مستبعد، هذا الصوت من بعيد يجيء الصوت إلا السحاب، لكن صوت ينادي يا فلان يا فلان من جهة السماء؟ هذا مستبعد، ولذلك أخره عن الجهات، وجعله آخر الجهة، «فرفعت بصري إلى السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعدٌ على كرسي بين السماء والأرض» مما يدل على أن الصوت الذي جاءه من السماء يعني من جهة العلو، جهة العلو. والمناسبة ظاهرة لقوله: «فرفعت بصري إلى السماء». يقول -عليه الصلاة والسلام-: «فرفعت بصري إلى السماء» مما يدل على أن رفع البصر يختلف حكمه من حالٍ إلى حال، فقد يكون مطلوبًا للتفكر، وقد يكون ممنوعًا في الصلاة، وأيضًا رؤية ما يضر كالشهاب مثلاً.
المقصود أن حكم رفع البصر إلى السماء لا يُحكم بحكم مُطرد بالمنع مطلقًا، أو بكونه مطلوبًا مطلقًا إنما على حسب الحال التي تقتضي ذلك.
والحديث خرّجه الإمام مسلم والترمذي والنسائي والإمام أحمد، ويأتي تفصيلها إن شاء الله، وننظر في بعض أسئلة الحاضرين؛ لأن لهم حقًّا، إذا أجبنا على أسئلة الآفاقيين ننظر إلى أسئلة من حضر.
قال: ما حكم إذا اغتسل من الجنابة ثم خرج منه بقية من المني سواء كان بعد الغسل أو حتى خارج الحمام قبل أن يكون أثناء الصلاة بعد ذلك؟ مثل أن يكون في أثناء الصلاة بعد ذلك، فهل يعيد الوضوء أو الغسل؟ لا يعيد الغسل، لا يعيد الغسل، وإنما يعيد الوضوء؛ لأنه ينقض الوضوء إلا إذا كان ضربًا من الوسواس فإن مثل هذا عليه أن يفعل ما وجه إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ينضح فرجه وسراويله ويتوضأ وضوءه للصلاة.
يقول: ما حكم تقنين الشريعة؟ تقنين الشريعة بمعنى أن الشريعة بدلاً مما هي مدونة في الكتاب تفاسير، في الأحاديث، في شروح الأحاديث، في كتب أهل العلم الفقهاء، في المذاهب، تُنقَل وتُشبه بالقانون بالمواد، مادة كذا وكذا، هذا اشتد الدعوة إليه، ويرى بعضهم أن الحاجة ماسّة إليه؛ بسبب تفاوت مستويات القضاة، ووجد من يحكم بأحكام شديدة جدًّا، ووجد من يحكم بقضيةٍ مقاربة جدًّا لهذه القضية بحكم خفيف جدًّا، لكنه ليس عليه هدي سلف هذه الأمة، ويقطع باب الاجتهاد الذي أمر الله به، وترك للقاضي الفرصة للنظر، ويضاف إلى ذلك أنه ما من قضية إلا ولها ما يحتف بها، ويجعلها تتميز بحكمٍ تختلف عن غيرها، ولو كانت في الظاهر مشابهة، ولو كانت مشابهة في الظاهر، فإذا قُننت الشريعة ووضع من فعل كذا عليه كذا، فعل كذا عليه كذا، وجاء الذي يطبق هذا القانون أو هذه المواد فإن القاضي ليس لديه أي حق في التصرف، يجلد هذا عشر جلدات، وذاك عشر جلدات؛ لأن الفعل متقارب، لكن ماذا عن الفاعل؟ ماذا عن الفاعل؟ هل يلاحظ في القوانين وفي المواد؟ هذه لا يمكن ملاحظتها، لماذا؟ لأن هذه المواد التي تُكتب وإن كانت مستمدة من كتب أهل العلم إلا أنها أثناء إعدادها يخفى عليها من الصور ما لا يمكن استحضاره، فتترك الأمور فيها شيء من السعة لاجتهاد القضاة.
وأول ما بُدئ بتقنين الشريعة في عهد الدولة التركية، في آخر عهد الدولة التركية، حينما أُلفت مجلة الأحكام، مجلة الأحكام العدلية، وأُلزم بها القضاة فصارت مواد، لا تختلف عن القوانين إلا أنها مأخوذة من مجموع المذاهب، يعني ما هي بمذهب واحد، مأخوذة من مجموع المذاهب، ولذلك ذهبت هيبتها، هل تعرفون نصرانيًّا شرح كتاب فقه من الكتب المعتمدة عند أهل العلم؟ نعم؟ بينما المجلة شرحها عدد كبير من النصارى، أكثر الشروح المتداولة على يد نصارى، شروح المجلة مجلة الأحكام العدلية، ولا شك أن هذا يُذهب هيبة الأحكام حينما نجعل هذا القانون وإن كان مستمدًّا من كتب أهل العلم في مصاف القوانين الأخرى وعلى هيئتها وعلى نظامها وعلى موادها وعلى تفاصيلها وتفاريعها، ومع ذلك نسد باب الاجتهاد للقضاة، لا شك أن هذه هفوة عظيمة، والمطالبة بها خطيئة، ولا يجوز الانصياع لمثل هذه المطالبات.
طالب:...
ذكرت هذا، أنا أقول: بعض القضاة ليس على المستوى المطلوب، لكن تُعالج هذه المشاكل، ما أن يحرض النظام ويُغير طريقة الأمة من عهد الرسول من سلف هذه الأمة إلى يومنا هذا ثم نقول: نقنن المادة كذا تنص على كذا، والمادة كذا تنص على كذا، ثم بعد ذلك يأتي من له اجتهاد ورأي صائب مبني على دليل من الكتاب والسُّنَّة ويلزَم بهذه المادة.
طالب:...
نعم ما فيه شك أن وجود التفاوت ووجود الخطأ من القضاة مشار إليه بالنصوص يعني القضاة ليسوا بمعصومين، يعني كون الأمة بحاجة إلى أعداد هائلة من القضاة، وذلك يقتضي أن نتسامح في بعض الشروط، إذا لم نجد الأكمل استعملنا من دونه، إذا لم نجد من دونه استعمل من دونه؛ لأن الحاجة لا بد من القيام بها، علينا أن نسعى لتأهيل القضاة؛ لئلا يكون لأحد كلام، وإذا وُجد تصرف مخالف إما زيادة فاحشة على أمر يسير أو العكس هذا يُنبه القاضي وينقض حكمه، ما المانع من أن ينقض حكمه؟
طالب:...
ما في شك أن الشيء إذا الأمر الثابت الراسخ إذا زحزح وحُرك عن مكانه فيه أنه عُرضة للزوال النهائي، عرضة للزوال النهائي، ولنا عبرة بالبلدان المجاورة، أخذوا يغيرون شيئًا فشيئًا إلى أن ذهبت هيبة الشريعة، ثم بعد ذلك تدخلوا في أمور الناس الخاصة، في أحوالهم الشخصية التي هي آخر ما يغير ويُعدل من الأحكام البشر، أحكام الله -جل وعلا- ثابتة لكل زمان ومكان، يأتون يغيرون، يبدؤون بالحدود أنها وحشية، وأنها اعتداء على حقوق البشر، ثم بعد ذلك.
طالب:...
نعم سهل سهل، يعني حتى لو نظروا في هذه المادة، وأنها تحتاج إلى تغيير وفي أصلها مأخوذة من فقه أبي حنيفة مثلاً؛ لأن المواد تؤخذ من المذاهب، لا يؤخذ من مذهب واحد، تؤخذ من المذاهب، تؤخذ في الأصل من مذهب أبي حنيفة، ثم يُرى في وقت من الأوقات أن القانون الفرنسي أو الإنجليزي أو غيره أنسب للناس في هذا الظرف تجد المفتونين لا يقولون نُغيّرها من القانون الفرنسي ننظر في مذهب مالك، وننظر في مذهب الشافعي علنا أن نجد ما يوافق هذا القانون، والمنظور إليه أولاً وآخرًا هو القانون، وإنما وُضع المذهب الذي بُحث فيه عن هذه المسألة غطاء وستار، فمثل هذا هو حكمٌ بالقانون ولو وافق الحكم الشرعي.
أيضًا يسأل هذا ويقول: ما رأيكم بمن ينتقد المذاهب الأربعة؟ من ينتقد المذاهب هذه الدعوى راجت قبل ثلاثين سنة أو أكثر من ثلاثين سنة، ونودي في أوساط المتعلمين على مختلف طبقاتهم بالاجتهاد، والتفقه مباشرة من الكتاب والسنَّة وهذه لا شك أنها دعوة في ظاهرها إصلاح، لكن من يخاطب بها؟ العلماء المتمكنون الذين لديهم الأهلية للنظر في نصوص الكتاب والسُّنَّة، ولديهم القدرة على التعامل مع نصوص الكتاب والسُّنَّة على الجادة المعروفة عند أهل العلم هذا فرضهم، لا يجوز لهم التقليد بحال، لكن الذي لا يستطيع، وليست لديه أهلية، وقالوا: تفقه من الكتاب والسنَّة هذا تضييع، هذا تضييع وتجرئة لهؤلاء الأحداث أن يتطاولوا على الأئمة، وعلى فقه الأمة، وينسون فقه الأئمة، ومع ذلك لا يحسنون، يضيعون بأنفسهم، ويضيعون غيرهم، فعلى الإنسان أن يسعى في تكميل نفسه، يطلب العلم على الجادة المعروفة عند أهل العلم، ويتدرج فيها حتى تتكون لديه الأهلية، ثم بعد ذلك يكون فرضه الاجتهاد.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
"