شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (46)

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح ألفية الحافظ العراقي (46)

(إبدال الرسول بالنبي وعكسه - السماع على نوع من الوهن أو عن رجلين - آداب المحدث)

الشيخ: عبد الكريم الخضير

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال -رحمه الله تعالى-:

إِبْدَاْلُ الرَّسُوْلِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسُهُ

وَإِنْ رَسُوْلٌ بِنَبِيٍّ أُبْدِلاَ
وَقَدْ رَجَا جَوَازَهُ ابْنُ حَنْبَلِ

 

فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ كَعَكْسٍ فُعِلاَ
والنووي صَوَّبَهُ وَهْوَ جَلِيْ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"إبدال الرسول بالنبي وعكسه"

يعني إبدال الرسول بالنبي وإبدال النبي بالرسول، يعني أنك إذا رويت حديثًا قال فيه شيخك: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل لك أن تقول: قال النبي -عليه الصلاة والسلام- أو العكس، وكذلك إذا وجد لفظ الرسول أو لفظ النبي في متن حديث هل يجوز لك أن تبدله بالآخر؟ هذا محل هذين البيتين.

قال -رحمه الله-:

وإن رسول بنبي أبدلا

 

........................

يعني قال الصحابي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قلت: قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، أو جاء في متن حديث يتحدث الصحابي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وعن فعله، بأحد اللفظين، فهل لأحد أن يغير؟ أما بالنسبة للقول والفعل المنسوب المضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمقصود الإضافة إلى ذاته وشخصه -عليه الصلاة والسلام- فالتعبير بالنبي أو بالرسول سيان؛ لأن المقصود الذات، والذات يصح وصفها بالنبوة، ويصح وصفها بالرسالة، ولا شك أن الرسالة أكمل من النبوة عند الجمهور، فمنهم من يقول: إذا أبدل الأدنى بالأعلى لا بأس دون العكس، وعلى كل حال المعنى لا يتغير؛ لأن المتحدث عنه ذات واحدة سواء وصفت بالنبوة أو الرسالة.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك: إذا أبدل الأدنى بالأعلى أم العكس؟

أين؟

طالب:........

إذا أبدل الأعلى بالأدنى إيه؛ لأن الباء تدخل على المتروك، على كل حال إذا كان اللفظ: قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، أو فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلى قول أنه يجوز لك أن تقول: قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الرسالة أكمل، مثل ما صوب النووي وغيره، وجوزه الإمام أحمد أنه يجوز الإبدال ما دام المتحدث عنه شخص واحد، يعني كما تقول في غيره -عليه الصلاة والسلام- بدلًا من أن تقول: هذا اختيار أو هذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ولو قلت: مذهب أبي عبد الله صح، ولو قلت: مذهب ابن حنبل، ولو قلت: مذهب أبي عبد الله بن حنبل، المتحدث عنه شخص واحد، أو تقول: مذهب أبي حنفية، أو مذهب النعمان، أو تقول: مذهب الشافعي، أو تقول: مذهب محمد بن إدريس، ما يختلف المتحدث عنه ذات واحدة، ولا يتأثر الكلام بالإبدال، لكن ينبغي المحافظة على ألفاظ الشيوخ، وأن تروي كما سمعت، هذا الأصل، لكن إذا ند عنك اللفظ الذي رُويته فلا مانع من أن تبدله في مثل هذا الموضع، وأحيانًا الكاتب وهو يكتب -ينسخ كتابًا- فيبدل، فبدلًا من أن يسود الورق بالطمس يقول: ما فيه فرق، هل نقول له: اطمس كلمة (قال النبي -عليه الصلاة والسلام-) واكتب مكانها (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)؟ وأنت تنسخ كتابًا من كتب غيرك، وعرفنا فيما تقدم أن الرواية بالمعنى لا تدخل المصنفات المكتوبة المضبوطة المحررة، ما تدخلها الرواية بالمعنى، وعلى هذا إذا كتب -سبق قلمه- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) والذي في الأصل (قال النبي -عليه الصلاة والسلام-) يعني ولو جوز في مثل هذا في الرواية فإنه حينئذٍ تغيير المصنفات عند ابن الصلاح وغيره لا يجوز، وأحيانًا تقديم وتأخير لا يتأثر فيه الكلام، فسبق قلمك وكتبت أو لسانك ونطقت بالمقدم مؤخر والعكس مما يجوز فيه التقديم والتأخير، ولا يتأثر الكلام به، هو من هذا النوع، يقول:

وإن رسول بنبي أبدلا

 

فالظاهر المنع كعكس فعلا

يعني إبدال النبي بالرسول، ولا شك أن هذا مذهب تحرٍّ واحتياط؛ لئلا يتطرق الإبدال إلى المواضع المتعبد بها، كما جاء في حديث البراء، يعني صيغ الأداء معروف أنه لا يغير أخبرني بسمعتُ أو العكس؛ لأن لكل واحدة منهما معنًى يخصها، وإن كان كل منهما يستعمل في السماع من لفظ الشيخ، لكن كل واحدة لها خصيصتها، يرفعه، يعني هل له بدلًا من أن يقول: عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: عن أبي هريرة يرفعه، أو يبلغه، أو ينميه، أو رواية، أو رفعه، هذه ليس له أن يتصرف لا سيما في المكتوب، لكن إذا أراد أن يستدل ويقول: في الحديث المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الأعمال بالنيات)) هذا لا بأس به، يقول:

وقد رجا جوازه ابن حنبلِ

 

...................................

سئل الإمام أحمد عن مثل هذا التغيير فقال: أرجو أنه لا بأس به، أو أرجو أنه جائز، وهذا من تحريه، مع أنه جاء عنه في رواية: المنع، وهنا رجا جوازه، "والنووي صوبه" صوب الجواز "وهو جلي" يعني ظاهر؛ لأنه لا يتغير به المعنى.

في حديث ذكر النوم المخرج في الصحيح من حديث البراء ((آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت)) فلما أراد أن يستذكره ويتحفظه على النبي -عليه الصلاة والسلام- أعاده عليه قائلًا: "ورسولك الذي أرسلت" قال: ((لا، ونبيك الذي أرسلت))، من أهل العلم من يقول: إن الأذكار توقيفية، لا يجوز التغيير فيها، تقال كما هي، لا يزاد فيها ولا ينقص، ولا يبدل حرف بحرف، ومن قائل يقول: إن قول "ونبيك الذي أرسلت" يشتمل من المعنى غير ما يشتمل عليه قوله: "ورسولك الذي أرسلت" يعني يشتمل من المعنى أكثر، أكثر مما يتضمنه "ورسولك الذي أرسلت" لأن الرسالة دل عليها قوله: "أرسلت" والنبوة لا يوجد ما يدل عليها، إذا قلنا: إن اللفظين متباينان، وأن النبوة لها مزية على الرسالة من وجه والعكس، وأما على القول -قول الجمهور- أن الرسالة أفضل مطلقًا فلا يتجه مثل هذا الكلام، مع أن النبوة بعضهم يقول: إنها من النبوة والارتفاع، فتدل على رفعة شأنه -عليه الصلاة والسلام-، مما لا يدل عليه الرسالة، والنبوة أيضًا خاصة بالبشر، والرسالة عامة بالبشر والملائكة، إلى غير ذلك من الفروق التي يذكرها أهل العلم، وما دام الرد جاء منه -عليه الصلاة والسلام- فليس لأحد أن يختار في مثل هذا اللفظ يقول: أبدًا المعنى واحد ولا يتأثر، لا، هذا الكلام ليس بصحيح، لكن في قولنا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو قال النبي -عليه الصلاة والسلام- هنا هو محل هذا البحث، نعم.

السَّمَاْعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الوَهْنِ أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ

ثُمَّ عَلَى السَّامِعِ بِالْمُذَاكَرَهْ
وَالْمَتْنُ عَنْ شَخْصَيْنِ وَاحِدٌ جُرِحْ
وَمُسْلِمٌ عَنْهُ كَنَى فَلَمْ يُوَفْ
وَإِنْ يَكُنْ عَنْ كُلِّ رَاوٍ قِطْعَهْ
مَعَ الْبَيَانِ كَحَدِيْثِ الإِْفْكِ
وَحَذْفَ وَاحِدٍ مِنَ الإِسْنَادِ

 

بَيَانُهُ كَنَوْعِ وَهْنٍ خَامَرَهْ
لاَ يَحْسُنُ الْحَذْفُ لَهُ لَكِنْ يَصِحْ
وَالْحَذْفُ حَيْثُ وُثِقَا فَهْوَ أَخَفْ
أَجِزْ بِلاَ مَيْزٍ بِخَلْطِ جَمْعَهْ
وَجَرْحُ بَعْضٍ مُقْتَضٍ لِلتَّرْكِ
فِي الصُّوْرَتَيْنِ امْنَعْ لِلاِزْدِيَادِ

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الناظم الحافظ العراقي:

"السماع على نوع من الوهن" يعني على نوع من الضعف.

"أو عن رجلين" السماع على نوع من الوهن، يعني تسمع من الشيخ على ضعف في تحملك أو في أدائك، تسمع من الشيخ والاستماع فيه قصور؛ لأن العبرة بالاستماع لا بالسماع، تسمع من الشيخ وأنت تنظر في كتاب آخر، أو تكتب في موضوع لا يتعلق بالدرس...

طالب:......

تعليقات عن الشيخ في الدرس، لا، لكن تنظر في موضوع آخر، أو تكتب، أو تنعس، أو تكلم جارك كما يحصل من كثير من الطلبة، وترد على الجوال مثلًا في ظروفنا وفي حالنا، أحيانًا يرن الجوال يقوم طالب ويرد، هذا ضعف، سماعه ضعيف، ومثل هذا لو يجلس في بيته ويقرأ أفضل له، مثلما كنا نقول للطلاب يعني عند قول أهل العلم: "الإجازة الصحيحة خير من السماع الرديء"، يقول أهل العلم هذا "الإجازة على وجهه خير من السماع الرديء"، ونقول لبعض الطلاب: الانتساب لبعض الطلاب أفضل من الانتظام؛ لأنه يجيء يشغل نفسه ويشغل غيره، ينتسب ويهتم بدروسه أفضل له، لا يتعب ولا يتعب، ومثل هذا الذي ينظر في كتاب آخر، أو ينعس أو يتحدث مع زميله أو ينسخ كتابًا، أو يرد على جوال وما أشبه ذلك، هذا سماعه رديء.

وكذلك الشيخ أحيانًا تحديثه رديء لا سيما إذا خلط بعض الأمور ببعض، وأمر ونهى وصرف ودبر وعبر وهو يحدث، هذا يحصل الخلل عند السامع بسبب تساهل هذا الشيخ، قل مثل هذا إذا كان الشيخ يحدث أو الطالب يسمع منه في حال المذاكرة.

ثم على السامع بالمذاكره

 

بيانه كنوعِ وهم خامره

يعني إذا كان يسمع لكن على نوع من الضعف والوهن يبين، يقول: أنا والله كنت أسمع، لكن الاستماع عندي ضعيف؛ لأني متعب، مجهد، مريض، لا يتسنى لي الاستماع الكامل، كنت منشغلاً، بالي مشغول في مسألة أو في قضية؛ ولذا على طالب العلم أن يتفرغ تفرغًا تامًّا لما هو بصدده تكتمل لديه الأهلية أهلية التحمل، فإذا كان سماعه على نوع من الهون والضعف، أو كان تحديثه على شيء من ذلك، لا بد من البيان؛ لأنه المسألة مفترضة في راوٍ ثقة، يقبل كل ما ينقل، فإذا كان على ضعف أو على وهن في ظرف معين، أو في وقت معين، أو في درس معين ولم يبين لا شك أن من دونه في الحفظ أفضل منه، يعني إذا وجد سماع شخص في طبقة عليا من الثقة والضبط والإتقان ويشاركه في الدرس من دونه في الطبقة التي تليها، هذا المشهود له بأنه من الطبقة العليا في هذا الوقت يعني عنده ظرف وإلا عنده شيء يفضل عليه الثاني، والبيان من أجل المفاضلة، فإذا قال: سماعي في هذا الدرس فيه ضعف، فضلنا عليه عند المعارضة من هو دونه، يعني في بعض الظروف تجعل الإنسان يتصرف تصرفات لا تليق به أحيانًا يصير دهمه أمر، اجتاحه شيء، عرضت له مصيبة، يعني بعض طلاب العلم المعروفين بالتحري واحد منهم قيل له: أعد صلاتك، لماذا؟ لأنه يعيش في ظرف وهو يصلي ما عقل منها شيئًا، وقد يتصرف تصرفات ما يليق به، فمثل هذا إذا كان في حال السماع على هذه الحال عليه أن يبين، المسألة مفترضة في هذا الراوي الضابط الثقة مباشرة نرجح حديثه لو لم يبين على حديث غيره أليس كذلك؟ الأصل أن نرجح حديثه على حديث غيره؛ لأنه أضبط منه، فإذا كان الظرف الذي سمع به هذا الحديث فيه ضعف وفيه وهن رجحنا من هو دونه عليه؛ ولذا يقولون في التفضيل -التفضيل الإجمالي- لا يقتضي التفضيل الجزئي، يعني مثلما نقول: سالم أجل من نافع، يعني هل كل ما يرويه سالم راجح على ما يرويه نافع؟ لا، وإذا قلنا: البخاري أرجح من صحيح مسلم لا يعني هذا أن كل حديث في صحيح البخاري أرجح من كل حديث في صحيح مسلم؛ لما يعتري الأفراد من مثل هذا، وإذا قلنا: إن الرجال أفضل من النساء لا يعني أن كل رجل من الرجال أفضل من كل امرأة من النساء، فالتفضيل الإجمالي لا يعني التفضيل الجزئي.

ثم على السامع بالمذاكره

 

..........................

المذاكرة يجلس الشيخ مع طلابه أو مع أقرانه فيقولون: ماذا يذكر في باب كذا؟ ما الذي تذكره في مسألة كذا؟ ثم يذكر طرف حديث، أو يذكر حديث بمعناه، بجملة تدل عليه، يذكره بجملة تدل عليه، كما يفعل أصحاب الأطراف، إذا تذاكروا شيئًا قال: في الباب حديث الجساسة مثلًا، يعني هل هذا ممكن أن يستدرك لفظه أو يروي الطالب عن هذا الشيخ حديث الجساسة بتفصيله من خلال قول الشيخ حديث الجساسة أو حديث السقيفة أو حديث كذا وكذا؟ لا، ما يمكن أن يروى؛ لأن الرواية يعني حال المذاكرة ليس فيها من التهيئ والاحتياط والتحري للتحديث مثل ما في حال التحديث، يعني مثل ما يقال على ألسنة الفقهاء: هذه فتوى وهذا تقرير، هذه فتوى يعني مقصود بها الحكم، وهذا تقرير يعني مر في معرض كلام، أو علق فيه على كلام، يعني ما حرر فيه الكلام بدقة، يقول:

ثم على السامع بالمذاكره

 

بيانه......................

على السامع يعني الأسلوب يدل على...، يعني من صيغ الوجوب (على).

.........................

 

بيانه كنوع وهم خامره

يعني خالطه نوع وهم، يعني إذا كان الطالب يتأثر من هذه المؤثرات، لكن إذا كان لا يتأثر كما عرف عن الحافظ الدارقطني -رحمه الله- أنه كان ينسخ، يأتي بأجزاء معه وينسخها والشيخ يحدث، وقال له واحد من الطلاب: أنت الآن ضيقت علينا ولا لك حاجة بالدرس ما دمت تنسخ، قال: كم أملى الشيخ من حديث؟ يسأل المنتقد، قال: هاه والله ما أدري، قال: أملى الشيخ إلى الآن ثمانية عشر حديثًا أسانيدها كذا وألفاظها كذا، وحفظي ليس مثل حفظك، والله -جل وعلا- يقول: {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [(4) سورة الأحزاب] يعني الذهن ينبغي أن يتجه إلى ما هو بصدده، وبعض القراء مثل علم الدين السخاوي وغيره يقرأ عليه العدد، عشرة مثلًا في آن واحد، كل واحد في سورة، ويرد على هذا، ويرد على هذا، ويرد على هذا، ويرجع إلى هذا، يعني بالدربة والخبرة لا سيما القرآن، القرآن ضبطه متيسر ولله والحمد، لكن إذا كان واحد معه البخاري، واحد معه مسلم، واحد من السنن، واحد من المسانيد، ويقرؤون في آن واحد، ما يمكن إطلاقًا أن يستحضر الشيخ الرد على جميع هؤلاء، وإذا فعل ذلك فإسماعه فيه وهن شديد.

طالب:.........

يعني يسمع شريطًا له علاقة بالكتاب؟

طالب:.........

مثل ما قلنا، مثل من ينسخ سماعه فيه وهن، الآن بعض الناس يبخل في الوقت على أهم المهمات، تجده وهو يقرأ القرآن يجيب المؤذن، ويرد على المُسَلم، ويرد على كذا، وقد يتساهل أكثر من ذلك فيسمع مثلما تفضلت شريطًا وإلا شيء، وأما بالنسبة للأذكار فهذا التساهل فيها أكثر، فتجد مثلًا الأخبار بقدر التهليل مائة، ويضن بالوقت من أجل أن يكسب القوت يقول: أسمع الأخبار وأهلل والحمد لله، يعني لا يلزم إحضار القلب عند جمع من أهل العلم، فيستغل وقته، ما أدري ما وقته الباقي أين يضيع؟ الله المستعان، فيفعلها بعضهم.

طالب:........

إيه هذا -الله المستعان- الضعف في أذكاره ظاهر، لكن هل هي باطلة أو لا تؤدي الغرض؟ النصوص مرتبة على القول كما قال ابن حجر، النصوص مرتبة على القول، يعني ما دام نطق بها نطقًا صحيحًا يكفي، والأجر مرتب عليها ثابت، لكن قدر زائد على ذلك مما ينفع القلب، لا ما له نصيب منه.

طالب:.........

ماذا قالوا؟

طالب: يقول مثلًا: سبحان الله وبحمده.....

لا، هذا الذي أذكر في نيته أن يذكر، يعني الذكر عند المبدأ، لكن الكلام على تدبر ما يذكر.

طالب:.........

إيه، لا هذا يختلف.

.............................

 

بيانه كنوع وهم خامره

يعني خالطه.

والمتن عن شخصين واحد جُرح

 

لا يحسن الحذف لكن يصح

المتن عن شخصين واحد جرح هذه المسألة مفترضة فيما إذا روى الراوي عن شخصين -عن راويين- أحدهما ثقة والآخر ضعيف، فإن كان الحديث بكماله عند الثقة وعند الضعيف أيضًا فالعبرة بالثقة، له أن يحذف الضعيف، الإمام البخاري روى في مواضع عن مالك وابن لهيعة وحذف ابن لهيعة، ومسلم قال: عن فلان وآخر، يكني به عن هذا الضعيف ابن لهيعة أو غيره، هذا إذا كان المتن كاملاً عند الثقة، هذا ما فيه إشكال، ولا يلزم ذكره؛ لأن ثبوته بالثقة كافٍ، ولا يلتبس هذا بتدليس التسوية، تدليس التسوية يكون الحديث عن راويين ثقتين بينهما ضعيف، وهذان الراويان الثقتان لقي أحدهما الآخر، يعني لو راجعت كتب الرجال أسقط الضعيف ووجدت أن الراوي روى عن شيخ شيخه، يعني موجود روى عنه أحاديث، فإذا أسقطت هذا الضعيف بين هذين الثقتين صُحح الخبر، فهذا شر أنواع التدليس، ولا يدخل في مسألتنا، يعني فيما إذا روى عن الاثنين في طبقة واحدة، وحذف أحدهما وأبقى الآخر، كما لو كان عنده حديث من رواية ثقتين، وحذف أحدهما ما فيه مشكلة، شريطة أن يكون الحديث عندهما كاملًا، الحديث إذا كان عند أحدهما كاملاً والثاني ناقصًا هنا يأتي الإشكال، أو عند أحدهما ناقص وتكملته عند فلان، وكان أحدهما ثقة والآخر ضعيفًا، لا يجوز حينئذٍ؛ لأنه قد يكون هذا اللفظ استقل به هذا الضعيف ولا متابع له، فيصحح بسبب هذا الثقة وهو في الحقيقة ضعيف، أو العكس لو حذف الثقة وأبقى الضعيف حُكم على الحديث بالضعف بسبب هذا الضعيف وحرم الناس منه، وكلا طرفي المسألة ذميم ومنقوض، لا يثبت غير الثابت، ولا يضعف الثابت، يعني كما قيل عند الكلام على المستدرك والكلام على موضوعات ابن الجوزي.

وأكثر الجامع فيه إذ خرج

 

لمطلق الضعف عنى أبا الفرج

هذا تقدمت المسألة، وقلنا: إن الضرر حاصل بسبب موضوعات ابن الجوزي مثل الضرر الحاصل بمستدرك الحاكم؛ لأن الحاكم صحح أحاديث ضعيفة، بل موضوعة، فجعل الناس يعلمون بهذا الموضوع، وابن الجوزي حكم على أحاديث حسنة بل صحيحة بالوضع فحرم الناس منها، قال:

والمتن عن شخصين واحد جُرح

 

لا يحسن الحذف لكن يصح

وقلنا: إن هذا إذا كان الحديث كاملًا عند الثقة.

طالب:.........

إذا بيّن انتهى الإشكال.

ومسلم عنه كنى فلم يوف

 

.........................

نعم؟

طالب:.........

لا هو الضعيف يعني ليس مطرحًا بالكلية، يعني حديث مروي عن ثقة وضعيف أفضل من حديث مروي عن ثقة فقط، يعني تعدد الطرق له شأن عند أهل العلم، فعند الترجيح يرجح هذا.

طالب:.........

هو على هذا، لكن يبقى أن ذكر تعدد الطرق له شأن عند أهل العلم.

طالب:.........

هو له فوائد كثيرة، لكن من أهمها بيان المؤلف أن الحديث له طرق، أنه يروى من غير طريق، فلو عارضه حديث بمنزلته بدون الضعيف توقف، لكن إذا وجدنا بما يشهد له ولو من ضعيف، نعم يرجح به، والضعيف الذي لا يحتج به مطلقًا عند ابن القيم -رحمه الله- كما في تحفة المودود يرجح به، ذكره، وهو لا يحتج بالضعيف مطلقًا لكن عند الترجيح يرجحون بأدنى شيء.

ومسلم عنه كنى فلم يوف

 

..........................

يعني قال: وآخر.

...........................

 

والحذف حيث وثقا فهو أخف

إذا وثق الراويان كلاهما ثقة، وقد يكون بعض الحديث عن واحد، والبعض الثاني عن الآخر، أو يكون الحديث بكماله عند أحدهما، والثاني أيضًا هو عند الثاني بكماله، لكن هذا ما فيه أدنى إشكال إذا كان بكماله، لكن إذا كان بعضه عن هذا الثقة وبعضه عن هذا الثقة وحذف واحد، يقول:

...........................

 

والحذف حيث وثقا فهو أخف

لو حذفت واحد أخف، لماذا؟ لأن الحديث ثابت، سواء جاء من هذا الطريق أو من ذاك الطريق.

وإن يكن عن كل راوٍ قطعه

 

أجِزْ بلا ميز بخلط جمعه

يعني كما فعل الإمام البخاري في قصة الإفك، يرويه الزهري عن فلان وفلان وفلان، كلٌ حدثني بعضه، وأنا لحديث بعضهم أحفظ، المهم كلهم ثقات، لكنهم لا يجتمعون على روايته كاملًا.

وإن يكن عن كل راوٍ قطعه

 

أجِزْ بلا ميز..............

 

يعني ما يلزم تمييز أن هذه القطعة عند فلان وهذه القطعة عند فلان، ما يلزم؛ لأن كلهم ثقات.

.......................

مع البيان...............

 

.........بخلط جمعه
.................

تبين أنك ترويه من طريق هؤلاء، وبعضهم له بعض الحديث، والآخر له البعض الآخر، والثالث له قطعة منه وهكذا.

مع البيان كحديث الإفكِ

 

وجرح بعض مقتضٍ للتركِ

يعني لو مثلًا قصة الإفك هذه التي رويت من طريق جمع من الرواة جمعهم الزهري، وقال: إن كل واحد يختص بقطعة منه، لو افترضنا أن واحد من بين هؤلاء ضعيف، ولا ندري أي قطعة روى، هذا يقتضي ترك الخبر؛ لأنه التبس فيه الضعيف بالصحيح، وإذا لم يحصل تمييز الصحيح من الضعيف فإنه حينئذٍ يترك، "وجرح بعضٍ" هذا تنوين عوض، يعني بعض الرواة أو بعضهم "مقتضٍ للتركِ".

"وحذف واحد" مفعول مقدم لـ(امنع) أو منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور.

وحذف واحد من الإسنادِ

 

في الصورتين امنع للازديادِ

مع أنه يسلط عليه الفعل ولو تأخر، ويقدم المفعول، وهنا أرجح إعرابه مفعولا مقدمًا، لكن لو قيل: امنعه لرجحنا أنه منصوب بفعل مقدر؛ لأن الفعل الثاني اشتغل بالضمير.

وحذف واحد من الإسنادِ

 

في الصورتين امنع للازديادِ

يعني في حديث الإفك الذي جُمع من رواة متعددين، ولم يميز نصيب كل واحد منهم، لو حذف واحد صار نصيبه يروى بسند منقطع، صار نصيب هذا المحذوف من المتن يروى بسند منقطع في هذه الصورة، وفي الصورة التي قبلها، ومقتضاها فيما إذا كان أحدهما ضعيفًا.

نعم، آداب المحدث.

آدَاْبُ الْمُحَدِّثِ

وَصَحِّحِ النِّيَّةَ فيِ التَّحْدِيْثِ
ثُمَّ تَوَضَّأْ وَاغْتَسِلْ وَاسْتَعْمِلِ
صَوْتًا عَلى الْحَدِيْثِ وَاجْلِسْ بِأَدَبْ
لَمْ يُخْلِصِ النِّيَّةَ طَالِبُ فَعُمْ
أَوْ فِي الطَّرِيْقِ ثُمَّ حَيْثُ احْتِيْجَ لَكْ
بِأَنَّهُ يَحْسُنُ لِلْخَمْسِيْنَا
وَرُدَّ والشَّيْخُ بِغَيْرِ الْبَارِعِ
وَيَنْبَغِي الإِْمْسَاكُ إِذْ يُخْشَى الْهَرَمْ
فَإِنْ يَكُنْ ثَابِتَ عَقْلٍ لَمْ يُبَلْ
وَالْبَغَوِيُّ وَالْهُجَيْمِيْ وَفِئَهْ
وَينْبغي إمْسَاكُ الأعْمَى إنْ يَخَفْ
رُجْحَانَ رَاوٍ فِيـْهِ دَلَّ فَهْوَ حَقّْ
وَبَعْضـُهُمْ كـَرِهَ الأَخـْذَ عَنْهُ
وَلاَ تَقُمْ لأَحَدٍ وَأَقْبِلِ
وَاحْمَدْ وَصَلِّ مَعْ سَلاَمٍ وَدُعَا
وَاعْقِدْ لِلاِمْلاَ مَجْلِسًا فَذَاكَ مِنْ
تَكْثُرْ جُمُـوْعٌ فَاتَّخِذْ مُسْتَمْلِيَا
بِعَالٍ أوْ فَقَـائِمـًا يَتْبَـعُ ما
واسْتَحْسَنُوْا الْبَدْءَ بِقَارئ تَلاَ
فَالْحَمْدُ فَالصَّـلاَةُ ثُمَّ أَقْبَلْ
لَـهُ وَصَـلَّى وَتَرَضَّى رَافِعًا
وَذِكْرُ مَعْرُوْفٍ بِشَيءٍ مِنْ لَقَبْ
لأُمِّهِ فَجَائِزٌ مَا لَمْ يَكـُنْ
وَارْوِ فِي الاِمْلاَ عَنْ شُيُوْخِ قَدِّمِ
مَا فِيْهِ مِنْ فَائِدَةٍ وَلاَ تَزِدْ
عَالِيَ إِسْنَادٍ قَصِيْرَ مَتْنِ
وَاسْتُحْسِنَ الإِنْشَادُ فِي الأَوَاخِرِ
وَإِنْ يُخَرِّجْ لِلـرُّوَاةِ مُتْقِنُ
وَلَيْسَ بِالإِْمْلاءِ حِيْنَ يَكْمُلُ

 

وَاحْرِصْ عَلَى نَشْرِكَ لِلْحَدِيْثِ
طِيْبًا وَتَسْرِيْحًا وَزَبْرَ الْمُعْتَلِي
وَهَيْبَةٍ بِصَدْرِ مَجْلِسٍ وَهَبْ
وَلاَ تُحَدِّثْ عَجِلًا أَوْ إِنْ تَقُمْ
فِي شَيْءٍ ارْوِهِ وَابْنُ خَلاَّدٍ سَلَكْ
عَامًا وَلاَ بَأْسَ لأَِرْبَعِيْنَا
خَصَّصَ لاَ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيْ

وَبالْثَمَانِيْنَ ابْنُ خَلاَّدٍ جَزَمْ
كَأَنَسِ وَمَالـِكٍ وَمَـنْ فَـعَلْ
كَالطَّبَرِيِ حَدَّثُـوْا بَعْدَ الْمِـائَهْ
وَإِنَّ مَنْ سِيْلَ بِـجُـزْءٍ قَدْ عَرَفْ
وَتَـرْكُ تَـحْدِيْثٍ بِحَضْرَةِ الأَحَقّْ
بِبَلَدٍ وَفِيْهِ أَوْلَى مِنْهُ
عَلَيْهِمُ وَلِلْحَدِيْثِ رَتِّلِ
فِي بَدْءِ مَجْلِسٍ وَخَتْمِهِ مَعَا
أَرْفَعِ الاسْمَاعِ وَالاَخْذِ ثُمَّ إِنْ
مُحَصِّلًا ذَا يَقْظَـةٍ مُسْتَـوِيَا
يَسْمَعُهُ مُبَـلِّغًا أَوْ مُفْهِمَا
وَبَعْـدَهُ اسْتَـنْصَتَ ثُمَّ بَسْمَلاَ
يَقُوْلُ: مَنْ أَوْ مَا ذَكَرْتُ وَابَتهَلْ
وَالشَّيْخُ تَرْجَـمَ الشُّيُوْخَ وَدَعَا
كَغُنْدَرٍ أَوْ وَصْفِ نَقْصٍ أَوْ نَسَبْ
يَـكْرَهُهُ كَابْـنِ عُلَيَّةٍ فَصُنْ
أَوْلاَهُمُ وَانْتَقِهِ وَأَفْهِمِ
عَنْ كُلِّ شَيْخٍ فَوْقَ مَتْنٍ وَاعْتَمِدْ
وَاجْتَنِبِ الْمُشْكِلَ خَوْفَ الْفَتْنِ
بَعْدَ الْحِكَايَاتِ مَعَ النَّوَادِرِ
مَجَالِسَ الإِمْلاَءِ فَهْوَ حَسَنُ
غِنًى عَنِ الْعَرْضِ لِزَيْغٍ يَحْصُلُ

يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:

"آداب المحدث" ويليه آداب طالب الحديث، المحدث الذي هو الشيخ، وبُدئ به مع أن الأصل أن يبدأ بطالب الحديث؛ لأن الشيخ كان طالبًا، فالطلب متقدم على التشيخ، وهنا يقدمون المحدث؛ لأنه في الغالب هو الأكبر، وهو الأقدم في الطلب، ولكل وجه، والخطب سهل، يعني الخطب يسير في مثل هذا.

والآداب: جمع أدب، والمراد به أدب النفس الموافق للشرع، وليس المراد به الأدب العرفي الاصطلاحي الذي يحمل اسم الفن الذي تُكلم فيه، وكُتب فيه وعنه الشيء الكثير؛ لأن الأدب صار الآن فنًّا يطلق على نوع فيه كثير مما يخالف الأدب، الذي يسمونه أدب الدرس، لا أدب النفس، وألفت فيه المصنفات الكثيرة والكبيرة التي تجمع ما هب ودبّ، تجمع الجد مع الهزل، وتجمع الصدق إلى الكذب، تضم الخير إلى الشر، وغير ذلك مما تتصف به هذه الكتب، ويغلب عليها طابع السفه والمجون، ومع ذلك هي موجودة يتداولها الناس كابر عن كابر، ولا تخلو من فائدة، يستفاد منها، استفاد منها أهل العلم، لكن مع ذلك على طالب العلم أن يتحرى في قراءة العفيف النزيه منها، وهي متفاوتة على درجات، يعني من أسوأها كتاب: الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، ومن أسوأها إن لم يكن أسوأها محاضرات الأدباء ومحاورات البلغاء والشعراء، للراغب الأصفهاني صاحب المفردات، مفردات القرآن، وابن الوردي عالم فقيه قاضي مفتي ألف في الفقه والتاريخ وألف في الأدب فأسف وبلغ الغاية في الإسفاف، وانتقد بذلك وبين في مقدمة كتابه، وقال: ما يدري هذا المنتقد أن العلم الشرعي شيء والأدب شيء آخر، لكن هل مثل هذا الكلام يقبل؟ ما يقبل، طالب العلم يقول: أنا والله يعني إذا أكثرت من النظر في الكتب الشرعية دب إليّ الملل والسآمة، ولا بد أن أراوح وأروح القلب وأستجم، نقول: لا مانع من النظر في كتب التواريخ التي فيها العبرة والاستجمام أيضًا، وكتب الأدب لكن ينتقي منها الأنظف، يعني زهر الآداب للحصري من أنظفها وأحسنها، مع أنه ما سلم، الذي حققه قال: إن المؤلف أغفل جانبًا مهمًّا من جوانب الأدب الذي هو المجون، أغفل جانبًا مهمًّا من جوانب الأدب، يعني -سبحان الله- تكلم عن الشيء على نقيض حقيقته، هو خلاف الأدب ليس الأدب، الأدب أن يتأدب الإنسان بما جاء عن الله وعن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بحيث ينظر في الكلمة يعني ما هي بالجملة أو المقطع أو الكلام في الكلمة الواحدة، فيتحاشى الفحش من القول والمجون فحش، ويقول: إنه أغفل جانبًا كبيرًا من جوانب الأدب، وهو المجون، ثم بعد ذلك يقول كلامًا يعني يقول: إن الحياة تفقد حيويتها إذا كانت هدى خالصًا، نعم؟

طالب:.........

إيه، هذا كلام شنيع، لكن هو لائق به، هو من الأدب الذي مناسب له، يعني قد يزاول بعض هذا الفحش الذي يتحدث عنه، بعض هذا المجون قد يقع فيه، على كل حال المقصود بالأدب هنا أدب النفس الذي جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وفيه كتب نافعة في الباب، الآداب الشرعية لابن مفلح كتاب جميل، منظومة الآداب وشروحها لابن عبد القوي، أيضًا نفيس، غذاء الألباب للسفاريني مع أن فيه بعض الملاحظات من الطلاسم وغيرها يستفاد منه، هناك كتب في الباب يعني كتاب ابن عبد البر -رحمه الله- يعني ماتع ونافع وعفيف (بهجة المجالس وأنس المجالس) والمؤلفات -ولله الحمد- موجودة في هذا الباب، نعم؟

طالب:........

والله هو ابن القيم ما ألف، أخبار النساء لابن الجوزي، كُتب باسم ابن القيم وليس له، إنما هو لابن الجوزي، ابن حزم وغيره كلهم يعني كثير منهم ألف، ذكرت مثال ابن الوردي، وله قصيدة في الأدب، الأدب المحمود.

اعتزل ذكر الأغاني والغزل
ودع الذكرَ لأيام الصبا

 

وقل الفصل وجانب من هزل
فلأيام الصبا نجم أفل

يعني يكتبون في هذا، ويكتبون في هذا، لكن على المسلم أن يكون على سمت واحد، ملتزم بما ألزم به شرعًا، وأن يحسب حسابًا لكل كلمة؛ لأنه لن ينطق كلمة إلا.. {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(18) سورة ق] ولما قال معاذ للنبي -عليه الصلاة والسلام- يعني: "هل نحن محاسبون على ما نتكلم به؟ نحن مؤاخذون؟ قال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم -أو قال-: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) فعلى الإنسان أن يهتم بهذا، مع أن أهل العلم يقتنون كتب الأدب، وينظرون فيها، وذكرنا مرارًا أن مسألة لفظ من ألفاظ التجريح ما عرفه أهل العلم إلا بواسطة كتب الأدب، ومر بنا عند المؤلف عند الناظم -رحمه الله- في ألفاظ التجريح: "بين يدي عدل" يقول الحافظ العراقي: "كنت أظنها لفظ تعديل" وكان يقرأها بين يدي عدلٌ، ابن حجر يقول: ما يمكن تكون لفظ تعديل من أبي حاتم المتشدد في جبارة بن المغلس، وأهل العلم كلهم على تضعيفه، ما يمكن تجئ، فهذه أوجدت عنده يعني أمسك بطرف الخيط فتبعه، إلى أن وقف على حقيقة الأمر قال: وقفت في أدب الكاتب لابن قتيبة وهو من أصول كتب الأدب؛ لأنهم يعتبرون أن الأصول أربعة، أصول كتب الآداب أربعة: الذي هو أدب الكاتب، والبيان والتبيين وماذا؟

طالب:........

إيه معروف، والأمالي لأبي علي القالي، والرابع ماذا؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

أي نعم الكامل، الكامل للمبرد، هي أربعة أصول الأدب، يقول: وقفت في أدب الكاتب على العدل، وأنه شخص اسمه: العدل بن جزء بن سعد العشيرة، وكان على شرطة تبع، كان صاحب شرطة تبع، ثم وجد المسألة مبسوطة في الأغاني، الآن هو مسك طرف الخيط في الأغاني في قصص، وقال: إنه كان صاحب الشرطة، وإذا دُفع إليه شخص معناه أنه حكم عليه بالإعدام، فقالوا: بين يدي عدل، خلاص معناه هلك، فقوله: بين يدي عدل يعني هالك، يعني في أسوأ ألفاظ التجريح، وذكر قصصًا في هذا المعنى.

يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:

وصحح النية في التحديثِ

 

.........................

صحح النية في التحديث، وهذا مما يشترك فيه المحدث والطالب؛ لأنه سيأتي قوله: "وأخلص النية في طلبك" هنا يقول: صحح النية في التحديث، والنية عليها مدار قبول العمل، فإذا جلست للتحديث ناقش نفسك لماذا جلست؟ إما أن تكون داخل في الدعوات النبوية، وإما أن تكون من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، ناقش نفسك والنية شرود قد تستحضرها في أول الأمر، ثم يطرأ عليك ما يطرأ، وتشرد النية وأنت لا تشعر، فاحرص على متابعة وتحسس هذه النية في كل لحظة، صحح النية بأن تعلم مخلصًا لله -جل وعلا-، ممتثلًا ما أمرت به من التبليغ ((بلغوا عني ولو آية)) مستحضرًا ما جاء من الحث على تأدية ما ترويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما سمعته، فإذا استحضرت ذلك صحت نيتك، معرضًا عما يكتنف ذلك من حب لشرف أو سيادة أو رئاسة أو طمع أو دفع ضر أو ما أشبه ذلك؛ لأن الإخلاص لا يجتمع مع حب الثناء والمدح، لا يجتمعا؛ ولذا يقول ابن القيم -رحمه الله- في الفوائد: "إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك أنه لا أحد ينفع مدحه أو يضر ذمه إلا الله -جل وعلا-"؛ ولذا لما جاء الأعرابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أعطني يا محمد، إن مدحي زين، وذمي شين، قال: ((ذاك الله)) لكن من يستوي عنده المدح والثناء؟! إذا سمع الإنسان كلمة مدح لا سيما إذا صدرت ممن له شأن أثرت به، وبلغت به من الأثر مبلغًا عظيمًا، مع أنه لا المادح ولا الممدوح كلهم في تصرف الله وفي قبضته، وذكرنا مررًا أن الإنسان لو قيل له: إن الأمير الفلاني أو الكبير الفلاني أو الوزير الفلاني مدحك البارحة يمكن ما يأتيه النوم الليلة من الفرح، ولا يتذكر حديث: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)) هذا لا يلقي له بال، مع أن الشيخ السعدي -رحمه الله- في أواخر سورة آل عمران {وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ} [(188) سورة آل عمران] قال: إذا أحب أن يمدح بما فعل لا يدخل في حيز الذم، الإشكال أن يحب أن يمدح بما لم يفعله، وهذا اجتهاد من الشيخ -رحمه الله-، وفهمه للآية صحيح، لكن بمثل هذا الباب تجد هدي سلف الأمة على خلاف هذا، يعني هناك أمور قد تجري على القواعد، لكن السلف لا يجرونها على القواعد لأمر أهم وأعظم، يعني كما في حديث ابن مسعود: ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) يعني جاء في بعض الأحاديث: ((ليعمل بعمل أهل الجنة... وبعمل أهل النار فيما يبدو للناس)) يعني الأصل والقاعدة حمل المطلق على المقيد، لكن لا تجد السلف يحملون المطلق على المقيد في مثل هذا، لماذا؟ لأن الإطلاق أكثر تأثير في النفس، تجعل الإنسان على خوف وعلى وجل من العاقبة وسوئها، لكن بعض الناس خلاص يضمن ما دام فيما يبدو للناس يزكي نفسه يضيف إلى ذلك سوءًا فيزكي نفسه، ويقول: أنا في حقيقة الأمر ما..، ظاهري مثل باطني، يعني ما يحقر نفسه أن يقول: ولو كان مخلصًا أخشى أن يكون عملي فيما يبدو للناس، فمثل هذا يهتم له طالب العلم، ولا شك أن المدح ضار، والتجربة والواقع يشهد بأن من مدح بما فيه وأقر وسكت لا بد أن يسمع من الذم بما فيه، جزاء وفاقًا، أما إذا مدح بما ليس فيه وسكت لا بد أن يسمع من الذم ما ليس فيه، هذا مجرب.

وشيخ الإسلام -رحمه الله- فيما ذكره عنه ابن القيم في أواخر المجلد الأول من مدارج السالكين، يقول: "أنا لست بشيء، ولا لي شيء، ولا عندي شيء، ولا مني شيء، أنا المكدي، وابن المكدي، وكذا كان أبي وجدي" وهو شيخ الإسلام الذي ملأ الدنيا علمًا بـ قال الله وقال رسوله، ما هو بدعاوى، ثم قال ابن القيم: "وكان إذا مدح في وجهه قال: "أنا في كل وقت أجدد إسلامي" العامل العالم العابد الزاهد الإمام المجاهد الرباني يقول هذا الكلام؟! إن طالب العلم لا يكاد يطأ الأرض من تذكر حاله، وأنه اليوم طالب العلم وغدًا هو عالم الأمة، على كل حال على الإنسان أن يحرص ويتحرى ويتحسس في هذا الباب، ويكون على ذكر دائم منه؛ لأنه الشيطان حريص يستغل الفرص في إضلال الناس وإغوائهم.

وصحح النية في التحديثِ

 

واحرص على نشرك للحديثِ

احرص على نشرك للحديث، لا تطلب العلم تخزن العلم ثم بعد ذلك تقول وتتذرع بأدنى علل واهية عن تعليم الناس الخير، الملائكة يصلون على معلم الناس الخير، لا تقل: والله أنا الآن ما بلغت النصاب كما يقول بعض العلماء، قال بعضهم..، قيل له: لِمَ لا تعلم؟ قال: حتى تحضر النية، من أين تحضر؟ من أين تجئ؟ أنت الذي تحضر النية بتوفيق الله -جل وعلا-، وصدقك مع الله، حتى تحضر النية؟! واحد من كبار المشايخ يقول: ما بلغت النصاب، ما علي زكاة؛ ولهذا ومن أجل تخاذل الأكفاء تصدى غيرهم وتصدروا، وبعض البلدان قفر ما فيها أحد يعلم، ومع الأسف أنك تجد فيها قاضيًا، وتجد طالب علم، وتجد داعية، والناس في حاجة إلى أدنى شيء، يعني بعض القرى ما تحتاج إلى أكثر من هذا القاضي الجديد الذي توه مُعين، يقول: ما عندي علم، أو معلم معهد إن كان عنده معهد علمي وإلا شيء، يكفيهم، ما يحتاجون إلى كبار المسائل، ويكبر المعلم مع الطالب، إذا مشوا على الجادة، وبعضهم يتذرع بعدم وجود الطلاب، يقول: جلسنا أول ما عُينا في هذا البلد ما حضر إلا عشرة من الطلاب، ثم جاء رمضان وتوقف الدرس فلما استأنفنا ما حضر إلا خمسة، ثم استمروا إلى الحج، وبعد الحج ما صبر إلا اثنان، قلنا: يا أخي يكفيك واحد، يكفيك أن يقرأ عليك ولو بأجرة، المسألة مسألة ثبات، والله -جل وعلا- يبتلي ويمتحن ليعرف مدى ثبات هذا الشخص، يعني عندنا الآن من الشيوخ من يحضر لهم أربعمائة، خمسمائة، وأحيانًا ألف، وأدركناهم وما عندهم إلا واحد، ثبتوا، صبروا، وأقبل الله عليهم بوجوه الناس، وليس الهدف أن تكثر الجموع أبدًا، يعني إن كان هذا هدف المعلم فنيته مدخولة، نعم لكن الآجر بقدر ما تنشر من العلم، بقدر ما يستفاد من علمك، إضافة إلى أجر بذل السبب، ولو لم يترتب عليه شيء، يعني لو أنك جلست للتعليم خمسين سنة مثلًا، أنت بذلت السبب وكونه خرج من طلابك علماء أو ما خرج ما هي بمسؤوليتك، النتائج بيد الله، لكن مع ذلك لا ينظر المعلم إلى العدد، ولا يستعجل الثمرة والنتيجة لو لم يكن عنده إلا واحد يجلس لهذا الواحد، يعني ما يخفى عليكم وضع الشيخ مثلًا ابن عثيمين -رحمه الله- يعني في أول الأمر، في أوائل الأربعمائة ما عنده طلاب، الشيخ ابن جبرين سنة أربعمائة وأربعمائة وواحد، سنة تسعة وتسعين أدركناه ما عنده أحد، والآن انظر الجموع، ذكر في ترجمة الشيخ ابن عثيمين أن بعض طلابه قال: إنه جاء يومًا إلى الدرس ما وجد ولا طالب، دخل المسجد ما وجد ولا طالب، فيه كتاب بالحلقة، قال: أجلس أقرأ القرآن ريثما يأتي صاحب هذا الكتاب، جلس في صدر المسجد يقرأ القرآن، الطالب جاء قال: أنا ما أنا بمشغول الشيخ وهو يقرأ، أخذ كتابه ومشى، يعني هل انثنى الشيخ من التعليم بسبب هذه المواقف؟ أبدًا، يعني هذه لا أثر لها في تبليغ العلم، المسألة مثلما ذكرنا مرارًا أنها مرحلة امتحان لينظر مدى الصبر والثبات، ثم بعد ذلك الثبات يبشر.

أولًا: ما يذكر عن السلف كله من باب المبالغة في استحضار النية وهضم النفس، مبالغة في تحصيل النية واستحضارها وهضم النفس، وإلا مالك على ما سيأتي جلس للتدريس قبل العشرين، ما قال: والله الناس ما قالوا: تزبزب قبل أن يتحصرم، مع أنه سيأتي هذا.

.....................

 

واحرص على نشرك للحديثِ

يقول:

ثم توضأ واغتسل واستعملِ

 

طيبًا وتسريحًا وزبر المعتلي

ثم توضأ إذا أردت أن تحدث توضأ، لكنه لا على سبيل الوجوب، وإنما هو من أجل تعظيم حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، "واغتسل" كما كان يفعل الإمام مالك، واستعمل الطيب، وسرح شعرك، لا تخرج شعثًا، وكان الإمام مالك إذا طرق عليه الباب قال للخادم: انظر من في الباب؟ وماذا يريد؟ تريدون مسائل وإلا حديث؟ إن قالوا: مسائل خرج إليهم وأجابهم، وإن قالوا: حديث دخل المغتسل واغتسل وتنظف وتطيب، وسرح شعره، ولبس أحسن ثيابه، ولبس العمامة، ونصب له كرسي، وجلس يحدث؛ الآن لا الشيخ ولا الطالب يصبر على هذه الأمور، الطالب الذي يبغي يتأخر عنه خمس دقائق مشى وخلاه، والله المستعان.

ثم توضأ واغتسل واستعملِ

 

طيبًا وتسريحًا وزبر المعتلي

الزبر: هو الزجر، المعتلي بصوته على الحديث، المعتلي صوتًا على الحديث، إذا كان طالب يرفع صوته أكثر من صوت الشيخ الذي يلقي الحديث، كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-  هذا يزبر، يعني يزجر وينهر.

..................

صوتًا على الحديث.........

 

.............وزبر المعتلي
........................

لأنه جاء النهي عن رفع الصوت فوق صوت النبي -عليه الصلاة والسلام-، وصوته حديثه، كلامه.

"واجلس بأدب" لأن بعض الطلاب يسترخي في الدرس، فتجد الفرق يسيرًا بين رأسه ورجليه، وقد لا يوجد من بعض الطلاب في بعض الأقطار يعني ما عندهم شيء من الاكتراث والاهتمام، تجده جالسًا في مجلس الحديث وظهره إلى الشيخ يطبق السنة، يضطجع على جنبه الأيمن وظهره إلى الشيخ، هذا جلوس بأدب؟ لا أبدًا؛ لأنك لست تتعامل مع الشيخ لذاته، إنما تتعامل مع ما يحمله من علم، وما يلقيه من حديث من كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-.

.........واجلس بأدب

 

وهيبة بصدر مجلسٍ وهب

احرص على صدر المجلس، يعني تقدم إلى الشيخ، وتقدمك إلى الصف الأول أو صدر المجلس هذا يدل على اهتمامك، وعلى أنك جئت مبكرًا ومبادرًا، أما إذا جلست في أقصى مكان من المجلس، لا سيما مع عدم المكبرات كما هو في السابق، هذا يدل على أنك إن بلغك شيء وإلا ما خسرت شيء على كلامهم، لا هذا ليس بخلق طالب علم، لا بد أن يتقدم إلى الشيخ، قد يقول قائل: إننا الآن في ظل الوسائل الحديثة والمكبرات أنه كل ما بعدت عن الشيخ صار الصوت أصفى، نقول: لا، يلزم علي هذا أن كل الطلاب يبتعدون عن الشيخ ويجلس الشيخ بمفرده، لا، الشيخ يتلقى منه العلم والعمل، يتلقى منه الهدي والسمت، وإلا يكفيك شريط لماذا تحضر؟ يقول:

.........................
لم يخلص النية طالب فعُم

 

وهيبة بصدر مجلس وهب
..........................

وجد طالب ما أخلص النية، ظهرت عليه علامات أنه ما طلب العلم لله -جل وعلا-، هل تقول له: يا أخي قم أنا والله ما أحدث إلا المخلصين؟

......................

لم يخلص النية طالب فعُم

 

...............وهب

.......................

يعني حدث الجميع على حد سواء؛ لأن هذا الذي لم يخلص النية الآن ما يدريك عن مستقبله، قد ينتفع أكثر من غيره؛ لأن القلوب بيد الله -جل وعلا-، بين أصبعين من أصابع الله، يقلبها كيف يشاء.

لم يخلص النية طالب فعُم

 

....................

عم الجميع.

........................

 

ولا تحدث عجلًا..........

يعني قد يحتاج إلى العجلة إذا ضاق الوقت، الطلاب بحاجة إلى آخر حديث كحاجتهم إلى أول حديث، الأمور تقدر بقدرها، وإلا ففي حال السعة لا تعجل، والعلم إنما يدرك بالتأني، العجلة لا شك أنها تحرم الثمرة.

...................

 

ولا تحدث عجلًا أو إن تقم

يعني تحدث قائمًا "أو في الطريق" يعني أنت بصدد تبليغ كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- لا تحدث عاجلًا، يعني رتل حديثك، وبين مخارجه من أجل أن يفهم على وجهه، ويحفظ على وجهه، وحدث وأنت جالس جلسة مناسبة لما تلقي، يعني كما أن الطالب مطالب بأن يجلس جلسة مناسبة كذلك الشيخ مطالب، يعني بعض الشيوخ يعني في بعض الأقطار ما يكترثون، يعني بعضهم..، يعني يحدثنا بعض من جاء من بعض الأقطار يقول: يحدثنا الشيخ وهو مولينا ظهره وهو مضطجع ويأمرهم بحك ظهره، هذا امتهان للحديث.

................

 

ولا تحدث عجلًا أو إن تقم

يعني ولا قائمًا "أو في الطريق" وأنت ماش، لكن في آخر سورة آل عمران {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] قد يحتاج إلى شيء من الذكر أو من التلاوة، قد يقرأ القرآن وهو يمشي، وهو قائم، وهو أفضل الأذكار، وقد يحتاجه وهو مضطجع، إذا أوى إلى فراشه، وفي أذكار النوم من القرآن شيء، ومن السنة شيء وهو مضطجع، ففي مثل هذه الأمور يقصد منها ألا يمتهن الحديث، وإن لم تطبق بحرفيتها، لكن إذا فهم من حال الطالب أو من حال الشيخ من بعض تصرفاته من هذه التصرفات أنه لا يلقي بالًا للحديث فمثل هذا ينهى ويزجر، ثم بعد ذلك متى يجلس للتحديث؟ ومتى يستحب له الوقت الذي يحدث فيه؟ ومتى يكف عن التحديث؟ في الدروس اللاحقة -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"