كتاب الإيمان (42)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: أحسن الله إليك.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلاَمُ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَكَانَ عَلَى الِاسْتِسْلاَمِ أَوِ الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]. فَإِذَا كَانَ عَلَى الحَقِيقَةِ، فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ -جَلَّ ذِكْرُهُ-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران: 19].

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا»، فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا». ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: «يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ».

 وَرَوَاهُ يُونُسُ، وَصَالِحٌ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ- في شرح هذا الباب: (قوله: "باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة" حُذف جواب قوله "إذا")، "باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة" (للعلم به، كأنه يقول: إذا كان الإسلام كذلك لم ينتفع به في الآخرة)، يعني إذا كان مجرد دعوى من غير أن يقر في القلب، كما هو شأن المنافقين، فإنه لا ينفع في الآخرة، بل يضر صاحبه أكثر مما لو أظهر الكفر. يقول: (كأنه يقول: إذا كان الإسلام كذلك لم ينتفع به في الآخرة. ومحصل ما ذكره واستدل به أن الإسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية، وهو الذي يرادف الإيمان وينفع عند الله)، يرادف الإيمان إذا انفرد عنه. أما إذا قُرن به فيفترقان، فيكون للإسلام حقيقة وللإيمان حقيقة. مع أن الإمام البخاري يرى أن الإيمان والإسلام مترادفان مطلقًا سواء اقترنا أو افترقا.

(وعليه قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19])، وهذه الآية موجودة في بعض نسخ الصحيح، فهي موجودة في نسخة.

 لا، موجودة، عشرة موجودة يقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، هذه موجودة عند من؟

أما قوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] موجودة في أصل الصحيح عند جميع الرواة. {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، هذه لا توجد عند أبي ذر وتوجد عند غيره.

 (وقوله تعالى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 36]، ويطلق ويراد به الحقيقة اللغوية وهو مجرد الانقياد والاستسلام، فالحقيقة في كلام المصنف هنا هي الشرعية)؛ لأن الحقائق ثلاث: حقيقة لغوية، وحقيقة شرعية، وحقيقة عُرفية. السِّلم الذي يُنادى به الآن في عُرف الناس ليس المراد به الإسلام والاستسلام، الاستسلام هنا حقيقة لغوية، والإسلام المعروف الشرعي، وأيضًا إسلام بمعنى استسلام ولو لم يكن هناك انقياد قلب ولا انقياد جوارح للعمل بشرائع الإسلام. هذه حقيقة عرفية ينادي بها بعض الناس، وأن يستسلموا وينقادوا ولا يؤذي أحد أحدًا ويتعايشوا، هذه حقيقة شاعت عند الناس في الأيام الأخيرة، ومقتضاها أن لا يعادى أحد، بل الناس كلهم أخوة في الإنسانية.

طالب: التعريف السلمي.

هذا التعريف السلمي.

طالب: .......

نعم. قضاء مبرم على الولاء والبراء، نسأل الله العافية.

(يطلق ويراد به الحقيقة اللغوية وهي مجرد الانقياد والاستسلام، فالحقيقة في كلام المصنف هنا هي الشرعية. ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة من حيث إن المسلم يطلق على من أظهر الإسلام وإن لم يُعلم باطنه)، لأن الناس ليس لهم إلا الحكم على الظاهر، (فلا يكون مؤمنًا)، لأن الإسلام يطلق على من أظهره (وإن لم يُعلم باطنه، فلا يكون مؤمنًا؛ لأنه ممن لم تصدق عليه الحقيقة الشرعية، وأما اللغوية فحاصلة)، لأن الإسلام مبناه على العمل بالجوارح، الأعمال الظاهرة، ولذلك لما سأل جبريل النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- عن الإسلام، فسره بالأعمال الظاهرة: الشهادتين والصلاة والزكاة والحج والصيام، لكن لما سأله عن الإيمان فسره بأعمال باطنة.

(قوله: "عن سعد" هو ابن أبي وقاص كما صرح به الإسماعيلي في روايته، وهو والد عامر الراوي عنه)، عامر بن سعد يعني ابن أبي وقاص، (كما وقع في الزكاة عند المصنف من رواية صالح بن كيسان، قال فيها: عن عامر بن سعد عن أبيه، واسم أبي وقاص مالك، وسيأتي تمام نسبه في مناقب سعد إن شاء الله تعالى).

يقول: "عن سعد -رَضِيَ اللهُ عنهُ- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطى رهطًا"، الرهط يختلف فيه أهل العلم بداية ونهاية، يعني من أوله إلى آخره، (فقال عدد من الرجال: من ثلاثة إلى عشرة. قال القزاز)، من أئمة اللغة، وله كتاب مشهور متداول بين أهل العلم اسمه: الجامع في اللغة (وربما جاوزوا ذلك قليلًا)، يعني زادوا على العشرة (ولا واحد له من لفظه، ورهط الرجل: بنو أبيه الأدنى، وقيل: قبيلته)، {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: 91]، (وقيل: قبيلته.

 وللإسماعيلي من طريق ابن أبي ذئب: أنه جاءه رهط فسألوه فأعطاهم فترك رجلًا منهم)، ترك رجلًا منهم وكله النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلى ما وقر في قلبه من إيمان، وأما من خِيف على إيمانه، فيؤلَّف بالمال كما فعل النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.

(قوله: "وسعد جالس")، "عن سعد -رَضِيَ اللهُ عنهُ- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطى رهطًا وسعد جالس"، قال: (فيه تجريد)، تجريد أن يجرد الإنسان من نفسه رجلًا يتحدث عنه كأنه غيره، ما قال: وأنا جالس. "وسعد جالس" (فيه تجريد.

وقوله: "أعجبهم إلي" فيه التفات)، ما قال: أعجبهم إليه، لما قال: "وسعد جالس" أخبر عنه، ما قال: فترك رجلًا هو أعجبهم إليه؛ قال: "هو أعجبهم إليَّ"، فيه التفات من الغيبة إلى التكلم. (فيه التفات، ولفظه في الزكاة: أعطى رهطًا وأنا جالس، فساقه بلا تجريد ولا التفات)، مخرج الحديث واحد، إذًا الاختلاف من تصرف الرواة. (فساقه بلا تجريد ولا التفات، وزاد فيه: فقمت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فساررته. وغفل بعضهم فعزا هذه الزيادة إلى مسلم)، لكنها موجودة في الصحيح في البخاري في كتاب الزكاة، (فعزا هذه الزيادة إلى مسلم فقط، والرجل المتروك اسمه جُعيل بن سراقة الضمري، سماه الواقدي في المغازي). وذكر في الأخبار في أخباره: أن رجلًا مر بالنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- فسأل عنه، وهو في مقاييس الناس من علية القوم، قال: «ما رأيكم في هذا؟»، قالوا: هذا، مدحوه وأثنوا عليه، إن خطب حري أن يزوج، وإن شفع حري أن يشفع. ثم مر جُعيل هذا ابن سراقة، فقال: «ما رأيكم في هذا؟»، قالوا: هذا رجل من سطة الناس، إن خطب لم يزوج وإن شفع لم يشفع. فقال: «هذا خير من ملء الأرض من ذاك».

 يعني بالمقياس الشرعي، والإشكال أن موازين الناس وهي في زماننا أظهر، هي كلها بالمقاييس المادية، حتى إن بعض من ينتسب إلى العلم تجده يحتفي بمن عنده مال أو جاه أو منصب أكثر مما يحتفي بطالب العلم أو العالم إذا كان ممن ليس له شيء من ذلك لا مال ولا جاه ولا مركز ولا منصب، وهذه مشكلة، هذا خلل في التصور، يعني نقدم من أخَّره الله ونؤخِّر من قدَّمه الله!

(قوله: "مالك عن فلان؟").

طالب: شيخ أحسن الله إليك، بالنسبة للموازنات هذه، هل لأحد من الناس أن يوازن بين رجلين فيقول: هذا يساوي عشرة رجال من هذا، أم هذه أعمال قلوب لم يطلع عليها إلا أمثال النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

لكن أعمال القلوب لها دلائل في الأعمال الظاهرة تدل عليها، يعني لما يجيئك من ظاهره الفسق، أو من تعرف عنه أنه فاسق، يرتكب المنكرات ثم يقول لك: التقوى هاهنا!

طالب: هذا ظاهر أمره.

نعم. واضح أمره. نعم إذا كان مجهولًا ما تعرف عنه شيئًا فلا يجوز أن تحكم عليه إلا بمعرفة شيء يدل على ذلك بقرائن تدل على حكمك.

طالب: .......

نعم. قال: «وجبت، وجبت، وجبت»، ثم مر بجنازة أخرى فقال النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- «وجبت، وجبت، وجبت». فقيل له -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: أنت قلت في الأولى: «وجبت» وفي الثانية: «وجبت»؟ الأولى أثنوا عليها خيرًا، والثانية أثنوا عليها شرًّا، فقال: «أثنيتم على الأول خيرًا وأنتم شهداء الله في أرضه فوجبت له الجنة، وأثنيتم على الثاني شرًّا فوجبت له النار».

لكن المنظور إليه في هذا الثناء من سلمت فطرته؛ لأن بعض الناس تلوَّثت فطرته، وأُشرِب قلبه أشياء مخالفة، أو فُتن في علمه فصار -نسأل الله العافية- عنده فهم للنصوص يختلف فيها مع أهل التحقيق الذين ينطلقون من فهم السلف. ونحن نقرأ ونسمع بعض الفهوم للنصوص ليس عليها أثارة من علم، نسأل الله العافية. فمثل هذا لا عبرة بثنائه، بل العكس: إذا أثنى هذا المفتون على أحد فخِف منه، وإذا ذم أحدًا فيظن به خير، لكن لا يجزم بذلك.

وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني كامل

نعم.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

نعم. نعم. على هوى.

(قوله: "ما لك عن فلان؟" يعني أي سبب لعدولك عنه إلى غيره، ولفظ "فلان" كناية عن اسم أُبهم بعد أن ذُكر)، سماه أولًا أو عُرف وأريدت تكنيته: "ما لك عن فلان؟"، هذا المبهم أحيانًا يُقصد إبهامه؛ للستر عليه، ومثل هذا لو ذُكر اسمه؛ لأن الحديث مساقه مساق مدح له، فما الفائدة من إبهامه؟

طالب: .......

يعني هل فيه مغمز عليه؟

طالب: .......

لا، النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أراد أن يعلم سعدًا ألا يجزم بأمر خفي، يحكم عليه من خلال الظاهر بالإسلام.

طالب: .......

لكن هو موجود بينهم.

طالب: .......

لكنه موجود الآن، موجود بينهم وسمع الثناء. لكن الثناء إجمالي، ما عُيِّن فيه هو: «إني لأعطي الرجل...» على آخره.

(ولفظ "فلان" كناية عن اسم أبهم بعد أن ذُكر.

قوله: "فوالله" فيه القَسم في الإخبار على سبيل التأكيد)، والنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أقسم في نحو من ثمانين موضعًا حلف عليها النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ولو لم يُستحلف، فالقسم على الأمور المهمة شرعي.

("فوالله" فيه القسم في الإخبار على سبيل التأكيد.

قوله: "لأُراه" وقع في روايتنا من طريق أبي ذر وغيره بضم الهمزة هنا وفي الزكاة، وكذا هو في رواية الإسماعيلي وغيره، وقال الشيخ محيي الدين -رحمه الله-)، يعني النووي (بل هو بفتحها أي أَعلمُه)، سياق الحديث يرجح أن الهمزة مفتوحة بمعنى أعلم، وليست مضمومة بمعنى أظن؛ لأنه قال: "فغلبني ما أعلم"، (وقال الشيخ محيي الدين -رَحِمَهُ اللهُ-: بل هو بفتحها أي أعلمه، ولا يجوز ضمها فيصير بمعنى أظنه؛ لأنه قال بعد ذلك: "غلبني ما أعلم منه" انتهى).

 قال ابن حجر: (ولا دلالة فيما ذكر على تعيُّن الفتح؛ لجواز إطلاق العلم على الظن الغالب، ومنه قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] سلَّمنا، لكن لا يلزم من إطلاق العلم أن لا تكون مقدماته ظنيةً فيكون نظريًّا لا يقينيًّا، وهو الممكن)، حتى لو كان العلم مقدماته نظرية ثم أدت هذه المقدمات باجتماعها إلى علم، يبقى علمًا ما يبقى ظنًّا. وأيضًا فيكون نظريًّا أي علمًا نظريًّا، العلم النطري مفيد للعلم القطعي، وإن لم يكن على تقسيمهم العلم إلى نظري ويقيني، هو المؤدَّى واحد، النتيجة لا تحتمل النقيض سواء قلنا: يقيني أو قطعي أو قلنا: علم نظري، لكنه علم، النتيجة مفيدة للعلم الذي لا يحتمل النقيض.

(وهو الممكن هنا، وبهذا جزم صاحب المفهم في شرح مسلم فقال: الرواية بضم الهمزة، واستُنبط منه جواز الحلف على غلبة الظن؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما نهاه عن الحلف، كذا قال، وفيه نظر لا يخفى؛ لأنه أقسم على وجدان الظن، وهو كذلك، ولم يُقسم على الأمر المظنون كما ظن)، (واستُنبط منه جواز الحلف على غلبة الظن).

 الرجل الذي جامع امرأته في رمضان، وفي آخر القصة لما جيء بالتمر فقيل: «خذ هذا فتصدق به»، فقال: والله ما بين لابتيها، أقسم، أهل بيت أفقر منا، فوالله ما بين لابتيها، هل فتش في البيوت بيتًا بيتًا حتى عرف أنه لا يوجد أفقر منه أو على غلبة ظنه؟ على غلبة ظنه. فاليمين على غلبة الظن جائزة.

(واستُنبط منه جواز الحلف على غلبة الظن؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما نهاه عن الحلف، كذا قال، وفيه نظر لا يخفى؛ لأنه أقسم على وجدان الظن وهو كذلك)، لا سيما إذا كانت الرواية: "أُراه" (ولم يُقسم على الأمر المظنون كما ظن)، كما ظن صاحب المفهم. (قوله: "فقال: «أو مسلمًا»"، هو بإسكان الواو لا بفتحها، فقيل هي للتنويع)، «أو» للتنويع، خير أبح قسم بأو وأبهم، خير أبح قسم، التقسيم هو التنويع (فقيل: هي للتنويع، وقال بعضهم: هي للتشريك)، للتشريك فتكون بمعنى الواو، وربما عاقبت الواو، في كلام ابن مالك. (وقال بعضهم: هي للتشريك، وأنه أمره أن يقولهما معًا؛ لأنه أحوط)، يعني مؤمنًا ومسلمًا، إذا كانت أو بمعنى الواو، (وأنه أمره أن يقولهما معًا؛ لأنه أحوط. ويَرد هذا رواية ابن الأعرابي في معجمه في هذا الحديث: «فقال: لا تقل مؤمن؛ بل مسلم»، فوضح أنها للإضراب)، وإضراب بها أيضًا نُمي

 خيِّر أبح قسِّم بأو وأبهم           وإضراب بها أيضًا نُمي

 تأتي أو للإضراب.

(وليس معناه الإنكار، بل المعنى أن إطلاق المسلم على من لم يُختبر حاله الخبرة الباطنة أولى من إطلاق المؤمن)؛ لأن الإسلام متيقن على من ظاهره الإسلام، لكن الإيمان الباطن مشكوك فيه مظنون، فيحلف على المتيقن.

(لأن الإسلام معلوم بحكم الظاهر؛ قاله الشيخ محيي الدين ملخصًا، وتعقبه الكرماني بأنه يلزم منه أن لا يكون الحديث دالًّا على ما عُقد له الباب، ولا يكون لرد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على سعد فائدة، وهو تعقُّب مردود، وقد بيَّنا وجه المطابقة بين الحديث والترجمة قبلُ، ومحصل القصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يوسِّع العطاء لمن أظهر الإسلام تألفًا، فلما أعطى الرهط وهم من المؤلَّفة، وترك جُعيلًا وهو من المهاجرين، مع أن الجميع سألوه، خاطبه سعد في أمره؛ لأنه كان يرى أن جعيلًا أحق منهم لِما اختبره منه دونهم، ولهذا راجع فيه أكثر من مرة، فأرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أمرين: أحدهما إعلامه بالحكمة في إعطاء أولئك وحرمان جُعيل مع كونه أحب إليه ممن أعطى).

 ونظير هذا لما قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- مغانم حنين، فأعطى وأجزل وأكثر، وترك الأنصار، فشكى الأنصار إليه، أو كلَّموه في الأمر؛ لأنهم وجدوا في أنفسهم، فقال لهم النبي- عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «ألا ترضون أن ينطلق الناس بالشاء والبعير وتنطلقون برسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟»، طيَّب قلوبهم، ووكلهم إلى ما عندهم من إيمان.

(فأرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أمرين: أحدهما إعلامه بالحكمة في إعطاء أولئك وحرمان جعيل مع كونه أحب إليه ممن أعطى؛ لأنه لو ترك إعطاء المؤلَّف لم يؤمَن ارتداده فيكون من أهل النار)، وكم من شخص -نسأل الله العافية- في القديم والحديث ارتد بسبب مثل هذا.

القصيمي الذي ذهب للدراسة في مصر من هذه البلاد، وفي أول أمره كان على الجادة، وألف الصراع، وألف البروق، وألف كتبًا نافعة جدًّا، حتى قال بهم: إنه بذل مهر الجنة أو ثمن الجنة بالصراع. انتكس، نسأل الله العافية، وزاغ، وألحد، وألف الأغلال، سمى الدين أغلالًا، وأنه سبب تأخر المسلمين، أن الدين وأحكامه. ورُد عليه، عليه ردود كثيرة. سببه أن العطاء كان يسيرًا، ويعطى ناس أكثر منه وهم أقل منه في المستوى، هذا السبب.

طالب: .......

نعم. هذا الذي ظهر، أنه ما أعلن توبته إلى آخر لحظة، وألَّف كتبًا، من كتبه الأخيرة -نسأل الله العافية، نسأل الله الثبات-، كتب كتبًا كبيرة، يعني فرعون يكتب سفر الخروج، والعرب ظاهرة صوتية، كتب كتبًا خبيثة.

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

السبب الذي ذكرته نقلًا عن الشيخ عبد الرزاق -رَحِمَهُ اللهُ-؛ لأنه يقول: جار لنا.

طالب: .......

هو يقول: جار لنا الشيخ، وكان ذهب للدراسة معه الشيخ عبد العزيز بن راشد ومعه ... الثلاثة. فمثل هؤلاء يحتاجون إلى تأليف، سيما مثل هذا، يعني عبقري، يعني: لو أن الله -جَلَّ وعَلا- ثبَّته على دينه، واستمر يكتب، ويرد، لكن {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 19].

طالب: .......

على ماذا؟

طالب: .......

لا، لو أنه أحد ما رد عليه.

طالب: .......

لا، البخاري يقول: سواء افترقا أو اجتمعا، الإسلام هو الإيمان، ما بينهما فرق، هذا رأي الإمام البخاري ومحمد بن نصر المروزي وجمع من أئمة السلف.

طالب: .......

نعم. نعم.

طالب: .......

نعم، أطلق أطلق، لكن الإيمان فيه تزكية باطن.

(لأنه لو ترك إعطاء المؤلفة لم يؤمن الارتداد فيكون من أهل النار.

ثانيهما: إرشاده إلى التوقف عن الثناء بالأمر الباطن دون الثناء بالأمر الظاهر، فوضح بهذا فائدة ردّ الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- على سعد، وأنه لا يستلزم محض الإنكار عليه؛ بل كان أحد الجوابين على طريق المشورة بالأَولى، والآخر على طريق الاعتذار)، الأولى أن تقول: مسلمًا، والثاني على طريق الاعتذار؛ لعدم إعطائه.

(بل كان أحد الجوابين على طريق المشورة بالأَولى، والآخر على طريق الاعتذار. فإن قيل: كيف لم تُقبل شهادة سعد لجعيل بالإيمان، ولو شهد له بالعدالة لقُبل منه، وهي تستلزم الإيمان؟

فالجواب أن كلام سعد لم يخرج مخرج الشهادة، وإنما خرج مخرج المدح له، والتوسل في الطلب لأجله، فلهذا نوقش في لفظه، حتى ولو كان بلفظ الشهادة لما استلزمت المشورة عليه بالأمر الأولى رد شهادته، بل السياق يرشد إلى أنه قُبل قوله فيه، بدليل أنه اعتذر إليه.

ورُوينا في مسند محمد بن هارون الروياني وغيره بإسناد صحيح إلى أبي سالم الجيشاني عن أبي ذر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «كيف ترى جعيلًا؟»، قال: قلت: كشكله من الناس، يعني المهاجرين. قال: «فكيف ترى فلانًا؟»، قال: قلت: سيد من سادات الناس. قال: «فجعيل خير من ملء الأرض من فلان»)، والقصة مروية بطرق وبألفاظ. (قال: قلت: ففلان هكذا وأنت تصنع به ما تصنع؟ قال: «إنه رأس قومه، فأنا أتألفهم به». فهذه منزلة جعيل المذكور عند النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ترى، فظهرت بهذا الحكمة في حرمانه، وإعطاء غيره، وأن ذلك لمصلحة التأليف كما قررناه)، قال ابن حجر: (وفي حديث الباب من الفوائد المتفرقة)، التفرقة، نعم (التفرقة بين حقيقتي الإيمان والإسلام)، ماذا التي معك يا أبا عبد الله؟

طالب: التفرقة.

(التفرقة بين حقيقتي الإيمان والإسلام، وترك القطع بالإيمان الكامل لمن لم يُنص عليه، وأما منع القطع بالجنة فلا يؤخذ من هذا صريحًا وإن تعرض له بعض الشارحين).

طالب: .......

البخاري، سيأتي ما يؤيده.

(وإن تعرض له بعض الشارحين. نعم هو كذلك فيمن لم يثبت فيه النص)، يعني لا يقطع لأحد بجنة.

 (وفيه الرد على غلاة المرجئة في اكتفائهم في الإيمان بنطق اللسان)، هذا رأي الكرامية، يكفي النطق. (وفيه الرد على غلاة المرجئة في اكتفائهم في الإيمان بنطق اللسان، وفيه جواز تصرف الإمام في مال المصالح، وتقديم الأهم فالأهم، وإن خفي وجه ذلك على بعض الرعية)، نسمع كثيرًا ممن يستدرك على من وُلي الأمر وتصرف بعض التصرفات التي قد يرى الناظر في بادئ الأمر أنها فيها إعطاء لأناس أو إعطاء لجماعات أو إعطاء لدول وما أشبه ذلك، والنظر والمصلحة تقتضي عنده في تقديره أن يفعل هذا، فهو المسئول أمام الله- جَلَّ وعَلا- عن هذا المال وفي تصريفه، قد يفعل ذلك لمصلحة، قد يتعدى ذلك، قد يقصر فيه، هو المسئول أمام الله -جَلَّ وعَلا-، ولذلك تجد حديث الناس في المجالس: يعطي فلانًا، يعطي دولة كذا، يعطي جماعة كذا!

أنتم ما تدرون ماذا عنده؟ فهو وُلي على هذا الأمر، وائتمن عليه، وهذا أمر بينه وبين الله- جَلَّ وعَلا-.

(وفيه جواز تصرف الإمام في المصالح، وتقديم الأهم فالأهم، وإن خفي وجه ذلك على بعض الرعية)، نعم. الذين يتحدثون في المجالس قد يخفى عليهم، لكن ما يمكن أن يقاس أحد بالنبي- عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، لكن هذا فيه مستمسك لمن يترك هذا الأمر ويسلمه لله ويقول، كما جاء في أحاديث كثيرة أنك تؤدي الذي عليك وتسأل الله الذي لك.

(وفيه جواز الشفاعة عند الإمام فيما يعتقد الشافع جوازه)، أما ما يعتقد تحريمه فإنه لا يجوز أن يشفع له، مثل شفاعة أسامة للمخزومية.

(وفيه تنبيه الصغير للكبير على ما يظن أنه ذهل عنه)، فسعد نبَّه النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-. (ومراجعة المشفوع إليه في الأمر إذا لم يؤدِّ إلى مفسدة)؛ لأنك قد، سعد راجع النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أكثر من مرة، لكن أنت قد تشفع لشخص ثم تُرد شفاعتك، تشفع له ثانية ثم ترد شفاعتك، ثالثة ثم يؤتى بهذا الشخص ويسجن من أجلك أنت وشفاعتك! صحيح، (إذا لم يؤد إلى مفسدة، وأن الإسرار بالنصيحة أولى من الإعلان)؛ لأنه ساره، سار النبي -صلى الله عليه وسلم- (كما ستأتي الإشارة إليه في كتاب الزكاة: فقمت إليه فساررته، وقد يتعين إذا جر الإعلان إلى مفسدة)، يتعين الإسرار متى؟ إذا جر الإعلان إلى مفسدة، مفهومه: أنه إذا لم يجر الإعلان إلى مفسدة أنه يجوز.

(وفيه أن من أشير عليه بما يعتقده المشير مصلحةً لا يُنكر عليه، بل يبين له وجه الصواب، وفيه الاعتذار إلى الشافع إذا كانت المصلحة في ترك إجابته)، «إني لأعطي الرجل»، اعتذر النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لسعد: «إني لأعطي الرجل وغيره أعجب إلي منه؛ خشية أن يكبه الله في النار»، نسأل الله العافية.  

(وأن لا عيب على الشافع إذا رُدت شفاعته لذلك)، ولا يجد في نفسه شيئًا: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء»، وأما إذا وجدت في نفسك شيئًا من رد الشفاعة فأنت تنتصر لنفسك، وليس من حتمية الشفاعة أن تجاب، والمشفوع له ليس بيده من الأمر شيء، إنما هو سبب، وكان النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «إنما أنا قاسم والله المعطي»، فغيره من باب أولى، قلوب العباد بيد الله -جَلَّ وعَلا-، إن شاء أعطاه وإن شاء منعه. (وأن لا عيب على الشافع إذا ردت شفاعته لذلك)، شيخنا الشيخ ابن باز يشفع بالآلاف، وجدت شفاعات بالآلاف، هل تتصورون نصف هذه الشفاعات قُبلت؟ لا، إذا قُبل الربع فزين. مثل هذه الأمور لا عيب على الشيخ فيها، حصل على الأجر، والباقي إلى الله -جَلَّ وعَلا-.

 (وأن لا عيب على الشافع إذا ردت شفاعته لذلك)، النووي -رَحِمَهُ اللهُ- يشفع لكل أحد، يعني يستحق الشفاعة ما لم يكن بإثم أو بأمر لا يجوز. استدعاه الحاكم قال: لا تشفع لأحد بعد، أُخذ عليه تعهد، ثم شفع، فقال الحاكم: دعوه، هذا يشفع لله ما هو لنفسه، لو كان ينتصر لنفسه ما شفع بعد هذا الكلام الذي قلت له.

 (وفيه استحباب ترك الإلحاح في السؤال كما استنبطه المؤلف منه في الزكاة، وسيأتي تقريره هناك إن شاء الله تعالى. قوله: «إني لأعطي الرجل» حذف المفعول الثاني للتعميم)، «إني لأعطي الرجل» المال أو أي عطاء (حذف المفعول الثاني للتعميم، أي: أي عطاء كان. قوله: «أعجب إليَّ» في رواية الكشميهني: «أحب»، وكذا لأكثر الرواة، ووقع عند الإسماعيلي بعد قوله: «أحب إلي منه، وما أعطيه إلا مخافة أن يكبه الله» إلى آخره، ولأبي داود من طريق معمر: «إني لأعطي رجالًا، وأدع من هو أحب إلي منهم لا أعطيه شيئًا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم».  

قوله: «أن يَكُبَّه» هو بفتح أوله وضم الكاف، يقال: أكب الرجل إذا أطرق، وكبه غيره إذا قلَبه، وهذا على خلاف القياس؛ لأن الفعل اللازم يتعدى بالهمزة، وهذا زيدت عليه الهمزة فقصر)، فلزم، يعني كان متعديًا بدون همزة: كبه الله، ثم لما زيدت الهمزة التي في الأصل للتعدية صار لازمًا، يعني على خلاف القياس. (وهذا زيدت عليه الهمزة فقصر، وقد ذكر المؤلف هذا في كتاب الزكاة فقال: يقال: أكب الرجل إذا كان فعلُه غيرَ واقع على أحد، وإذا وقع الفعل قلت: كبه وكببته، وجاء نظير هذا في أحرف يسيرة منها: أَنْسَل ريش الطائر، ونَسَلْتُه، وأَنْزَفتُ البئر ونَزَفتها. وحكى بن الأعرابي في المتعدي كبَّه وأكبَّه معًا).

 يقول: (تنبيه: ليس فيه إعادة السؤال ثانيًا ولا الجواب عنه، وقد رُوي عن ابن وهب ورِشدين بن سعد جميعًا عن يونس عن الزهري بسند آخر قال: عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه أخرجه ابن أبي حاتم، ونَقل عن أبيه أنه خطأ من راويه وهو الوليد بن مسلم عنهما.

قوله: "ورواه يونس" يعني ابن يزيد الأيلي، وحديثه موصول في كتاب الإيمان لعبد الرحمن بن عمر الزهري الملقب رُسْتَه بضم الراء وإسكان السين المهملتين وقبل الهاء مثناة من فوق مفتوحة)، رُسْتَه (ولفظه قريب من سياق الكشميهني، ليس فيه إعادة السؤال ثانيًا ولا الجواب عنه).

طالب: .......

في رواية الكشميهني ما فيه إعادة السؤال ثانيًا ولا الجواب عنه، أما عندنا في الرواية التي معنا في رواية أبي ذر فموجودة.

(قوله: "وصالح" يعني ابن كيسان، وحديثه موصول عند المؤلف في كتاب الزكاة، وفيه من اللطائف رواية ثلاثة من التابعين بعضهم عن بعض، وهم صالح والزهري وعامر)، يعني ابن سعد الذي في أصل الحديث.

(قوله: "ومعمر" يعني ابن راشد، وحديثه عند أحمد بن حنبل والحميدي وغيرهما عن عبد الرزاق عنه، وقال فيه: إنه أعاد السؤال ثلاثًا).

طالب: .......

يعني كونهم سألوا لا شك أن الأخذ من غير مسألة، ما جاءك من غير مسألة ولا استشراف ولا أن تتبعه نفسك، هذا هو الأصل في المسلم. لكن إذا سأل وسأل من؟ ولي الأمر، يحرم؟ ليس بحرام. لكن الأولى واللائق بالمسلم ألا يسأل ولا يستشرف.

طالب: .......

ما فيه شك، نعم.

طالب: .......

لا، منصوص عليه في صحيح مسلم: «أما إذا كان ثمنًا لدينك فلا»، لا هذا واضح.

(وقال فيه: إنه أعاد السؤال ثلاثًا، ورواه مسلم عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن سفيان بن عيينة عن الزهري، ووقع في إسناده وهمٌ منه أو من شيخه؛ لأن معظم الروايات في الجوامع والمسانيد عن ابن عيينة عن معمر عن الزهري بزيادة معمر بينهما، وكذا حدث به ابن أبي عمر شيخ مسلم في مسنده عن ابن عيينة، وكذا أخرجه أبو نعيم في مستخرجه من طريقه، وزعم أبو مسعود في الأطراف)، أبو مسعود الدمشقي (وزعم أبو مسعود في الأطراف أن الوهم من ابن أبي عمر، وهو محتمل لأن يكون الوهم صدر منه لما حدث به مسلمًا، لكن لم يتعين الوهم في جهته، وحمله الشيخ محيي الدين على أن ابن عيينة حدَّث به مرةً بإسقاط معمر ومرةً بإثباته، وفيه بُعد؛ لأن الروايات قد تضافرت عن ابن عيينة بإثبات معمر، ولم يوجد بإسقاطه إلا عند مسلم، والموجود في مسند شيخه بلا إسقاط كما أوضحناه. وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتابي تغليق التعليق، وفي رواية عبد الرزاق عن معمر من الزيادة قال الزهري: فنَرى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل. وقد استُشكل هذا بالنظر إلى حديث سؤال جبريل، فإنَّ ظاهره يخالفه. ويمكن أن يكون مراد الزهري أن المرء يُحكم بإسلامه ويسمى مسلمًا إذا تلفظ بالكلمة، أي كلمة الشهادة، وأنه لا يسمى مؤمنًا إلا بالعمل).

 يعني إذا برهن على إسلامه، على كلامه برهن عليه بالعمل يكون مؤمنًا. (وأنه لا يسمى مؤمنًا إلا بالعمل، والعمل يَشمل عمل القلب والجوارح، وعمل الجوارح يدل على صدقه)، يعني كما جاء: «الصدقة برهان»، يعني دليل على إيمان صاحبها. (وعمل الجوارح يدل على صدقه. وأما الإسلام المذكور في حديث جبريل فهو الشرعي الكامل المراد بقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]. قال: وابن أخي الزهري عن الزهري، يعني أن الأربعة المذكورين رووا هذا الحديث عن الزهري بإسناده كما رواه شعيب عنه، وحديث ابن أخي الزهري موصول عند مسلم، وساق فيه السؤال والجواب ثلاث مرات، وقال في آخره: «خشية أن يُكَبَّ» على البناء للمفعول، وفي رواية ابن أخي الزهري لطيفة، وهي رواية أربعة من بني زهرة على الولاء؛ هو وعمه)، الزهري (وعامر) ابن سعد، (وأبوه) سعد بن أبي وقاص كلهم من بني زهرة.

طالب: .......

ما فيه دروس، هذا آخر الدروس في هذا الفصل.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

يعني متواليين في الإسناد، ابن أخي الزهري عن الزهري عن عامر عن أبيه، أربعة متواليين.

نكرر أن هذا آخر الدروس في هذا الفصل، وسوف تستأنف الدروس إن شاء الله في الأسبوع الثاني من الفصل الثاني.

طالب: .......

نعم، لأن المقربين زادوا على ذلك.

طالب: .......

على كلام أهل العلم لا، مقصر.

طالب: .......

أين؟

يصير من فساق المسلمين، منهم مقتصد ومنهم سابق ومنهم ظالم لنفسه.

طالب: .......

نعم. والتقسيم في سورة فاطر.

طالب: .......

كلها يلتقي بعضها مع بعض. تبغي تفصيلهم راجعه بطريق الهجرتين لابن القيم.

طالب: .......

موجود بالتفصيل، مبنى الكتاب على هذا. نعم.

طالب: .......

أنت ما عليك إلا أن تؤمن بما ذكر لك، وأن الله -جَلَّ وعَلا- أنزل كتبًا على أنبيائه ورسله تؤمن بها إجمالًا فيما أجمل وتفصيلًا فيما فُصل. يقولون: مائة وأربع كتب، منها كذا على فلان ومنها كذا ومنها التوراة ومنها الزبور.

طالب: .......

لا، ما سُميت كلها.

يقول: هل للبخاري أحاديث انفرد بها عن باقي كتب السنة؟

يعني إن كان قصده عن باقي الكتب الستة ففيه أحاديث مفردات البخاري وهي قليلة، وإن كان عن جميع كتب السنة فما يُعرف شيء من هذا.

نعم.

طالب: .......

الوقت ما كان قبل الصلاة مما يخشى فيه أو يخشى منه التأخر عن الصلاة أو مضايقة المصلين في الجامع، هكذا قال الشراح، وما عدا ذلك ما فيه، بعد صلاة الجمعة ما فيه شيء.

طالب: بعد الفجر؟

بعد الفجر مما لا يخشى فيه مضايقة المصلين ولا يخشى منه التأخر على الصلاة، ما فيه شيء على كلام أهل العلم.

طالب: .......

من ارتفاع الشمس، من انتهاء الوظيفة الأولى، وهي الجلوس في مصلاه حتى ترتفع الشمس، تبدأ الوظيفة الثانية.

طالب: .......

هذا الذي جاء النهي عن التحلق ....... شيخ الإسلام له تفصيل مطول جدًّا بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، وقد يراجع في الآية الواحدة أكثر من مائة تفسير.

طالب: .......

زيت الزيتون مما أنعم الله به على الناس في الأكل، كونه يمتهن بهذه الطريقة من أجل تنعيم جسم أو شيء ما يصلح. مثل الزبادي إذا انتهت مدته وصار ما يصلح للأكل...

"