كتاب الجهاد والسير من المحرر في الحديث - 09

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا والحاضرين والمستمعين يا رب العالمين، قال الإمام ابن عبد الهادي في كتابه المحرر:

باب الجزية والهدنة:

 عن بجالة قال: كنت كاتبصا لجزء بن معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قبل موته بسنة: فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذها من مجوس هجر، رواه البخاري.

 وروى مالك في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب»، وفي إسناده انقطاع، وقد روي نحوه متصلاً من وجه آخر.

 وعن أنس -رضي الله عنه- أن قريشًا صالحوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم سهيل بن عمرو فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي: «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم»، فقال سهيل: أما بسم الله فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن اكتب ما نعرف، بسمك اللهم، فقال: «اكتب من محمد رسول الله»، قالوا: لو علمنا أنك رسول الله لاتبعناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اكتب من محمد بن عبد الله»، فاشترطوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله، أنكتب هذا؟ قال: «نعم، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا»، رواه مسلم.

 وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من قتل معاهِدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عامًا»، رواه البخاري."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الحديث الذي قبل هذا وفيه: «إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس فيها نصيبي معكم إلا الخمس»، بعض النسخ: «وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي إلا الخمس»، وفي بعض النسخ: «ليس فيها إلا نصيبي معكم أي الخمس»، واحد من الإخوان يقول: راجعت الرواية التي فيها: «إلا نصيبي معكم من الخمس»، ووجدتها بهذا اللفظ المثبت عندكم، يعني ما فيها إلا ليس فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، هو من حيث المعنى صحيح، كما ذكرنا النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس له من المغانم إلا الخمس، ويقول: ومعظم من رواها رواها بلفظ: «إلا الخمس»، دون ذكر لفظة: «إلا نصيبي» كالإمام النسائي يقول: «إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا الخمس»، دون «إلا نصيبي معكم»، وبهذا يستقيم المعنى، أو إذا قلنا: «إلا نصيبي أي الخمس» هذا أيضًا المعنى مستقيم، ولا إشكال فيه، لكن الإشكال في الاستثناء مرتين، في الاستثناء مرتين.

 وقلنا: هل الاستثناء إذا تكرر هل هو يعتبر تأكيدًا أو يعتبر استثناءً من الأول أو من الثاني؟ وننظر في قوله- جل وعلا-: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ = 58  إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ = 59  إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ = 60 } [سورة الحجر:58-60]، يعني استثناء مرتين، معلوم أن الاستثناء الأول مستثنى مما تقدمه {إِلاَّ آلَ لُوطٍ} [سورة الحجر:59]، مستثنون من القوم المجرمين، وامرأته مستثناة من آله فهو استثناء من استثناء، وإذا طبقنا مثل هذا على ما في الحديث الذي معنا، إذا طبقنا الاستثناء المكرر في الآية على الحديث الذي معنا لاختلف المعنى، لاختلف المعنى، وإذا عطف الاستثناء الثاني على الاستثناء الأول صار حكمه حكمه، فكلاهما مستثنى من المستثنى منه الأول.

وبلدة ليس بها أنيس

 

 

 

 

إلا اليعافير وإلا العِيْس

 

 

فاليعافير والعَيْس مستثناة من النفي المتقدم، وفي الحديث الذي قبله حديث المقداد قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا والمقداد، حديث حديث علِي: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا والزبير والمقداد، بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا والزبير والمقداد، قلنا: إن ضمير الفصل هنا إنما يحتاج إليه لو كان الضمير المعطوف عليه ضمير رفع يحتاج إليه لو كان الضمير المعطوف عليه المتصل، لو كان ضمير رفع لاحتجنا إلى فصل بالضمير المنفصل، مع أنه موجود الفاصل، فلا نحتاج إلى الضمير هنا على الاحتمالات كلها.

يقول: أليس نقول: أتى بالضمير أنا؛ حتى لا يعطف ضميرًا على اسم ظاهر، الذي هو المقداد؟

اسم ظاهر على الضمير حتى لا يعطف ضميرًا على اسم ظاهر، هو يريد أن يعطف الزبير على الضمير، بعثني ضمير علي -رضي الله عنه-، وهذا لا إشكال فيه، ما فيه إشكال، وإذًا ماذا يقال في مثل هذه الرواية؟ المسألة الخلاف المعروف بين أهل العلم في الاحتجاج بالحديث على قواعد العربية وذلكم؛ لأن الحديث إنما يرويه الرواة بالمعنى، وعلي- رضي الله عنه- يتحدث عن نفسه: بعثني والزبيرَ والمقداد، ما فيه إشكال؛ لأنه ضمير نصب، وليس بضمير رفع، الإشكال فيما لو عطف على ضمير الرفع المتصل، لا بد من الفاصل، أما ضمير النصب فما فيه إشكال.

وإن على ضمير رفع متصل

 

 

 

 

عطفت فافصل بالضمير المنفصل

 

 

أو فاصل ما وبلا فصل يرد

 

 

 

في النظم فاشيًا، وضعفه اعتقد

 

 

أما على ضمير النصب فلا إشكال فيه، ولعل هذا من تصرف الرواة، والمسألة سهلة، يعني المعنى واضح.

 هنا في باب الجزية والمهادنة يقول المؤلف- رحمه الله تعالى-: "باب الجزية والمهادنة" الجزية معروفة هي ما يؤخَذ من الكافِر مقابِل حقن دمه ورعاية أهله وماله وولده تحت مظلة الدولة الإسلامية. والخلاف بين أهل العلم فيمن تؤخذ منهم الجزية، التنصيص في كتاب الله على أهل الكتاب، وجاء في السنة ما يدل على أنها تؤخذ من جميع، وجاء في السنة ما يدل على أن الجزية تؤخذ من جميع الطوائف، وتقدم الخلاف فيها.

 المهادنة الهدنة التي توضَع فيها الحرب بين المسلمين وبين الكفار المحاربين، يتفقون على زمن توضع فيها الحرب، مثل ما حصل في صلح الحديبية، وتقديرها، تقدير مدتها موكول إلى إمام المسلمين، هو الذي يقدر الحاجة التي يحتاج إليها في هذه الهدنة، والذي حصل في صلح الحديبية الاتفاق على عشر سنين، لكن الكفار نقضوا العهد فقاتلهم النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنهم هم الذين نقضوا العهد.

 وذكرنا أن في قصة أبي سفيان مع هرقل، وأنها كانت في المدة، يعني في الهدنة التي حصلت بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين المشركين زمن الحديبية، وقال: ونحن منه في مدة، ما ندري ما هو صانع فيها، يقول: ما فيه كلمة أمكنتني أن أدخل فيها شيئًا أتنقص فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا هذه؛ لأنها غيب، ما يستطيع أحد أن يقول: كذبت؛ لأنه غيب، ما بعد يتحدث عن شيء غائب، لكن لو تحدث وأخبر عن شيء واقع أو لم يقع أو العكس ما ترددوا في تكذيبه، ولا يوجد في وقته مع حرصه على أن يتنقص الرسول -عليه الصلاة والسلام- خشية أن يسلم هرقل حرص حرصًا شديدًا، لكنه لم يجد كل ما سئل عنه الرسول -عليه الصلاة والسلام- على التمام والكمال فيه -عليه الصلاة والسلام-.

 قال -رحمه الله-: "عن بجالة قال: كنت كاتبًا" مضبوط عندنا لجُزْء ماذا عندكم؟

طالب: .........

نعم.

طالب:..........

جَزْء هذا الأصل، مثل جَزْء بن سعد العشيرة وغيره، بهذا الضبط.

 وأنا مضمومة الجيم مع أن الكتاب معتنى به محقَّق، وهو أفضل تحقيق هنا، لكن ما يسلم من الأخطاء.

 "لجَزء بن معاوية عم الأحنف كنت كاتبًا لجزء بن معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة، قبل موته بسنة: فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس"؛ لأن المجوس لا يرون شيئًا في نكاح المحارم، لا يرون شيئًا في نكاح المحارم.

 "ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخذها من مجوس هجر"، فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، الأصل أن العقود التي تُبرَم ويأتي الإسلام بخلافها العقود التي وقعت قبل الإسلام أقرها الإسلام، أقرها الإسلام إلا ما كان محرَّمًا في الإسلام كالجمع بين الأختين، ونكاح فوق الأربع كما قال لغيلان: «أمسك أربعًا وفارق سائرهن»، والجمع بين الأختين إلا ما قد سلف، ومثل هذا نكاح المحارم، لا بد من التفريق فيه لاسيما وأنهم خاضعون لحكم الإسلام.

 "فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، قال: ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخذها من مجوس هجر"، المجوس يعبدون النار بخلاف أهل الكتاب، أهل الكتاب الأصل فيهم عبادة الله- جل وعلا- اتباعًا لما جاء به موسى وعيسى، لكنهم أشركوا مع الله، أشركوا، وغيروا، وبدلوا، وحرفوا، لكن يبقى أن لهم ميزة على غيرهم، والمجوس يقول بعض أهل العلم: إن لهم شبهة كتاب؛ من أجل إيجاد علة تجمعهم مع أهل الكتاب، علة تجمعهم مع أهل الكتاب، ومسوِّغ لأخذ الجزية منهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- أخذ الجزية من مجوس هجر، فيحتاج من يخص الجزية بأهل الكتاب أن يوجِد علة تجمعهم مع أهل الكتاب، ويخرج من عداهم، والذي يقول من أهل العلم بأن الجزية تؤخذ من كل طوائف الكفر ما يحتاج إلى مثل هذا الكلام، وأخذ الجزية من مجوس هجر دليل على أنها تؤخذ من أهل الكتاب ومن غيرهم؛ لأن المجوس ليس لهم ميزة على غيرهم من طوائف الكفر، وسبق بحث المسألة، وأن المرجح عند جمع من أهل التحقيق أنها تؤخذ من كل أحد، من كل مشرك، إذا رأى الإمام المصلحة في بقائه على دينه والدفاع عنه تحت مظلة الدولة الإسلامية وأخذ منهم الجزية.

 ومعلوم أن مثل هذه الأحكام إنما تكون في حال قوة المسلمين، في حال قوة المسلمين.

 قال -رحمه الله-: وروى مالك في الموطأ، الأول "رواه البخاري، وروى مالك في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر ذكر المجوس أن عمر ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب»، وفي إسناده انقطاع، وقد روي نحوه متصلاً من وجه آخر".

 على كل حال الحديث ضعيف، والأول في البخاري فهل نعتبر الثاني شاهدًا للأول، أو نعتبره مخالِفًا للأول فيبقى على ضعفه؟ شاهِد أم مخالِف؟

طالب: .........

نعم.

طالب: .........

المعنى واحد؟ يكون شاهِدًا، طيب الأول خاص بالجزية، والثاني عام في جميع الأحكام المتعلقة بأهل الكتاب «سنوا بهم سنة أهل الكتاب»، يعني انكحوا نساءهم، كلوا ذبائحهم؟ ممكن؟

طالب: .........

ما يلزم، اللفظ أعم من ذلك.

طالب: .........

على كل حال اللفظ أعم من ذلك، إذا قيل: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» يعني في جميع الأحكام، هذا الأصل، ولذلك لا يصلح أن يكون شاهدًا للأول وهو محكوم بضعفه، ويبقى على ضعفه.

"وعن أنس -رضي الله عنه- أن قريشًا صالحوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم سهيل بن عمرو" النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رآه مُقْبِلاً قال «سَهُل أمركم»، وكان من عادته -عليه الصلاة والسلام- التفاؤل، ويعجبه الفأل، ولما رأى سهيلاً قال: «سهل أمركم».

 "صالحوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيهم سهيل بن عمرو فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي: «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم»" علي هو الكاتب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يُمْلِيْ عليه، "«اكتب بسم الله الرحمن الرحيم» قال سهيل: أما بسم الله فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم" هم يكفرون بالرحمن، "فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم".

 هم ينكرون الله؟ لفظ الجلالة ينكرونه؟ بدليل أنهم قالوا: باسمك اللهم، واللهم مركبة من الله، الله ويا الله، "أما بسم الله فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم" الإنكار منصب على الرحمن والرحيم، "ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم فقال: «اكتب: من محمد رسول الله» قالوا: لو علمنا أنك رسول الله لاتبعناك"، فهم ينكرون رسالته -عليه الصلاة والسلام-.

 "لو علمنا أنك رسول الله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك"، الآن لماذا يغضب الكفار إذا سمعوا من يدعو عليهم؟ هم لا يعترفون بمعبود الداعي النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «لعن الله اليهود والنصارى»، «قاتل الله اليهود والنصارى»، لكنهم يغضبون إذا لعنوا ودعي عليهم، فإذا كنوا لا يعترفون بالمعبود فلماذا يغضبون إلا أنهم جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم؟ الآن هم يعترفون باسم الجلالة الله، ينكرون الرحمن الرحيم، ماداموا يعترفون به -جل وعلا-، والإله مأخوذ من الألوهية، كما يقرر أهل العلم، أو الألوهية مأخوذة من الإله، على كل حال هم يعرفون ويعترفون بالله -جل وعلا-، ويقرون بتوحيد الربوبية، ويشركون معه غيره من باب: ليقربونا إلى الله زلفى، وهم يشركون به في حال الرخاء، ويلتجؤون إليه في حال الشدة كما بين الله -جل وعلا- في محكم التنزيل.

 "اكتب ما نعرف باسمك اللهم فقال: «اكتب من محمد رسول الله» قالوا: لو علمنا أنك رسول الله لاتبعناك"، ما تعلمون أننا على الحق، إذا كنتم لا تعلمون معاشر الكفار أننا على الحق، بل تنكرون ذلك، وتزعمون أنكم أنتم على الحق فلماذا تغضبون إذا دعا عليكم المسلمون؟ لأن دعاءه وجوده مثل عدمه بالنسبة إليكم حسب اعتقادكم، لكنهم يعلمون {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ} [سورة النمل:14]، ولو قالوا ما قالوا من باب المكابرة والمعاندة وكتاب الشقاوة عليهم، نسأل الله العافية.

 "«اكتب من محمد رسول الله» قالوا: لو علمنا أنك رسول الله لا تبعناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اكتب من محمد بن عبد الله»طيب، تردد علي -رضي الله عنه- في محو اسمه -عليه الصلاة والسلام- من الكتاب، فأخذه النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ القلم منه ومحا بيده الشريفة قالوا: وكتب -عليه الصلاة والسلام- من محمد بن عبد الله، والله -جل وعلا- ينفي عنه الكتابة، والله -جل وعلا- ينفي عنه الكتابة، وجاء في بعض الطرق أنه مسح الكتابة وكتب، وأكثر أهل العلم على أنه أمر بالكتابة، والآمر ينسب إليه الفعل، الآمر ينسب إليه الفعل، فإذا قيل: فعل الأمير، يعني حفر الأمير بئرًا يتصور أن الأمير يحفر بئرًا؟

يعني أمر بحفرها، وأثبت بعضهم الكتابة كأبي الوليد الباجي، وشنعوا عليه بسبب ذلك، شنعوا عليه بسبب ذلك، والتشنيع سببه مخالفة صريح القرآن.

 الآن العوام الذين لا يقرؤون ولا يكتبون لا يقرؤون ولا يكتبون، أميون، الواحد منهم من كثرة ما يرى اسمه مكتوبًا قد يستطيع تصويره، ولذلك إذا أردت أن تختبر أحدًا في الكتابة وجودة الكتابة لا تجعله يكتب اسمه، وعامل في محل في محل تجاري لا يقرأ ولا يكتب، أمي، وكرسيه بجانب صندوق مكتوب عليه اسم المورِّد، صندوق فارغ محطوط يوضع عليه بعض الأشياء اسم المورد، يكتبه خماسيًّا هذا العامل، ولا يقرأ ولا يكتب؛ من كثرة ما يراه، فالتصوير، التصوير سواء كان في الرسم أو في الكتابة متصور من الذي لا يكتب ولا يقرأ، متصوَّر، لكن الكتابة منفية قطعًا عنه -عليه الصلاة والسلام- سواء قلنا: إنه يعرف -عليه الصلاة والسلام- أن يكتب اسمه ككثير من الأميين، أو نقول: إنه أمر كما هو قول الجمهور، فهو لا يكتب، ولذلك شنع أهل العلم على أبي الوليد الباجي حينما أثبت الكتابة، فتكون الكتابة في مثل هذه الحالة من باب التصوير، الصورة نقشت في الذهن، من كثرة ما ترى، فصار يكتبها، هذا إن كان له وجه، إلا أن الأول، وهو قول الجمهور، وأنه أمر بالكتابة هو المعتمَد، هو المعتمَد؛ لأنه وإن كان متصوَّرا إلا أنه مخالف للنص القطعي من كلام الله- جل وعلا-.

 فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اكتب من محمد بن عبد الله»، وهذه الرواية مفسِّرة، وأنه أمر بذلك، "فاشترطوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من جاء منكم لم نرده" ضبط الدال اشترطوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه من جاء منكم لم.. الدال ماذا عليها؟

طالب: ........

نعم تشديد مع..

طالب: ........

كل النسخ هكذا؟

طالب: ........

النووي -رحمه الله- في كتاب الحج والصيد للمحرم في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إنا لم نردَّه إليك إلا أنا حُرُم» نفس الذي عندنا، الأصل فيه أنه مجزوم بلم، لكنه مضعَّف، مضعَّف يعني مشددًا، يعني مشددًا، والحرف المشدد عبارة عن حرفين أولهما ساكن، لكن لو فك هذا التشديد وهذا الإدغام قال: لم نردُدْه، لم نردُدْه، فيظهر الجزم الذي هو أثر الجازم، لم يقل النووي يتعين أن تكون الحركة ضمة، «إنا لم نردُّه إليك إلا أنا حُرُم» لم نردُّه ولو كان المتحدَّث عنه مؤنَّثًا لتعين الفتح، وكل هذا من باب الإتباع، لم نردَّها؛ لأن الهاء في لم نردُّه مضمومة مبنية على الضم، والهاء في لم نردَّها مفتوحة، والإتباع يقتضي هذا، هذا كلام النووي- رحمه الله-.

 هل يبين أثر العامل على ما اختاره النووي؟ "لم" صار وجودها مثل عدمها، صار وجودها مثل عدمها، وهذا إلغاء لأثر هذا العامل، وهو من أقوى العوامل، من أقوى العوامل، فإذا استحال، تعذر ظهور الأثر الملائم للعامِل، وعندنا أكثر من خيار، فما الذي نسلكه من هذه الخيارات؟ الأثر الجزم، وعندنا أكثر من خيار، فما الأولى أن يُسلَك من هذه الخيارات؟ هل الأولى أن نعيد الفعل إلى أصله قبل دخول العامل، فيفهم الناظر والقارئ والسامع أننا ألغينا العامل، أو نأتي بحركة مغايرة لحركة الأصل وإن كانت ليست من مقتضى العامل؛ ليتبين للقارئ والناظر والسامع أن العامل أثَّر، ونقله من الأصل، لكن ما يقتضيه العامل متعذر فنلجأ إلى غيره؛ لنبين أن العامل أثر في الفعل، وما يقتضيه من أثر متعذر، نعدل إلى غيره؟

 نظير ذلك الفعل لا يجوز جره؛ لأن الجر من خصائص الأسماء، فإذا جزم الفعل لزم من الجازم السكون، ثم إذا وليه ساكن، ولا يجتمع ساكنان، هل نقول: نرفع الفعل أو نعدل إلى أثر غير مقتضى العامل وغير الرجوع إلى الأصل؛ لنبين أن العامل أثر؟ لكن لم يكن الأثر ملائمًا؛ لامتناعه، يرفعِ الله، الفعل ما يُجر.

بالجر والتنوين والندا وأل

 

 

 

 

ومسند للاسم تمييز حصل

 

 

فالفعل ما يجر، كيف قلنا: يرفعِ الله، جررناه، جررناه من أجل التقاء الساكنين، لماذا لم نقل: يرفعُ اللهُ وهو مجزوم؟

طالب: ........

كيف؟

طالب: ........

لو ما فيه جازم فماذا تقول؟ لو يكن في موقع جزم ماذا تقول؟

حتمًا ستقول يرفعُ الله، حتمًا تقول، وحينئذ تكون ألغيت الأثر المرتب على هذا العامل، ولذلك ما عدلوا في مثل هذه الصورة إلى الرفع؛ لأنه يترتب عليه إلغاء أثر العامل، وعدلوا إلى الجر؛ لبيان أن هذا العامل أثَّر سواء كان العامل لفظيًّا أو معنويًّا أثر في الكلمة. طيب ما أثره؟ يؤثر في شيء لا يجوز أصلاً في الفعل؛ لنبين أنه أثر، وأن أثره الأصلي ممتنع أو متعذر، فرجعنا إلى شيء يحرك في النفس شيئًا، كيف صارت الكلمة هكذا؟ لماذا صارت الكلمة هكذا وهي مجزومة؟ فإذا بحثنا وجدنا السبب، أما إذا قلنا: يرفعُ الله أو لم نردُّه القارئ ما.. يقول: خلاص ألغي العامل، وانتهى الإشكال، ورجع الفعل إلى أصله، ولذلك المرجَّح...

طالب: ........

كيف؟

طالب: ........

ما ينفع أن تلغي العامل، لماذا تلغيه؟ لماذا تلغي العامل؟

طالب: ........

ما هنا ضرورة يا أخي، نثر هذا ما هو شعر، تقول: ضرورة.

طالب: ........

نعم.

طالب: .........

لا، ما يمكن، أنت تقدر تلغي العامل من الآية؟ {يَرْفَعِ اللَّهُ} [سورة المجادلة:11] نفس الشيء يا أخي، نفس الشيء سواءً بسواء.

طالب: ........

هو الأصل إذا أمكن الإدغام فهو أرجح من الفك، والفك يعدونه مخلًّا بالفصاحة، الحمد لله العليِّ الأجلَلِ، قالوا: هذا كلام غير فصيح، لكنه في أفصح الكلام موجود، يرتدّ ويرتدد، يرتد ويرتدد، فهما على حد سواء في مثل هذه الصورة.

 "فاشترطوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من جاء منكم لم نردَّه عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا" يعني في ظاهر الأمر استشكل الصحابة -رضوان الله عليهم- مثل هذا الشرط، ونفوسهم نازعتهم في الإقرار والاعتراف بهذا الشرط، وإن كان المبرم لهذا الشرط النبي -عليه الصلاة والسلام- المؤيَّد بالوحي، ولا ينطق إلا بالوحي، {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى = 3  إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى = 4 } [سورة النجم:3-4]، لكن الإنسان إذا كان عنده دين وعنده غيرة وعنده حماس تجده إلى يومنا هذا يستدرك إذا قال بعض أهل العلم أو اجتمع أهل العلم على شيء ثارت ثائرتهم، ويظنون أن هذا مداهنة، وهذا رضوخ، وما أشبه، واستسلام للضغوط، وهم ما يدرون، ما يدرون ماذا وراء الأمور، هم ما عندهم إلا أن هذا خلاص أهل العلم أذعنوا واستسلموا.

 وهذا حصل في مسائل كثيرة، ثم تكون العاقبة فيما يختاره الراسخون في العلم هنا ما أشبه الليلة بالبارحة إلى وقت قريب، والشباب وغيرهم أهل الحماس وأهل الغيرة، ولا يلامون، الصحابة فعلوا هذا، ويشكرون على غيرتهم، لكن يبين لهم، ثم إذا بين لهم فلا بد أن يرجعوا إلى الحق، ولا يستمروا في عنادهم، ولا بد أن يتهموا أنفسهم، الصحابة ما هان عليهم مثل هذا الشرط، اشترطوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا، أقل الأحوال في نظرهم أن تكون مقاضاة، نرد وتردون، أو لا نرد، ولا تردون، يصير فيها تكافؤ، لكن أجابهم النبي -عليه الصلاة والسلام-.

 "فقالوا: يا رسول الله، أنكتب هذا؟ أنكتب هذا؟" لما تم الصلح وأمرهم بحلق رؤوسهم ترددوا وما قبلوا، دخل على أم سلمة فقالت: احلق رأسك، لما حلق رأسه سيخالفون، الآن وقبل حلق رأسه احتمال أنهم إذا راجعوه مرارًا وكرروا عليه أنه ينفذ هذه العمرة، لما حلق رأسه انتهى الأمر، فكادوا يقتتلون على الأمواس من أجل الحلق.

 "فقالوا: يا رسول الله، أنكتب هذا؟ قال: «نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله»، هذا لا خير فيه، يعني مرتد، ولحق بالكفار، هذا غير مأسوف عليه.

 «ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا»، رواه مسلم" جاء أبو جندل ابن سهيل بن عمرو مبرِم العقد، فرده النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ تنفيذًا للاتفاق، ثم جعل الله له فرجًا ومخرجًا، يتمنى أبوه بعد ذلك أن يذهب إلى محمد -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة ويسلم ويُترَك؛ لأنه لحق بسيف البحر مع أبي بصير، وصاروا يتعرضون لقوافل الكفار، وآذوهم، ثم تمنى أن يذهب إلى المدينة، وهكذا حصل، أسلم وحسن إسلامه، هل الصلح كما هو في حق الرجال وهذا ظاهر شامل للنساء أم لا؟ شامل للنساء أم لا؟

طالب: ........

نعم، لكن الواقع..

طالب: ........

{فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [سورة الممتحنة:10]، فالصلح غير شامل للنساء، لم يشمل النساء، ولذا لم يرد النبي -عليه الصلاة والسلام- من جاءه من المسلمات، ونص الآية واضح.

طالب: ........

أعد ما سمعت.

طالب: ........

السنة تخصص القرآن، ما المانع؟

طالب: ........

أين؟ يعني القرآن يخصص السنة، من باب أولى القرآن يخصص السنة، من باب أولى، وهل الصلح شمل النساء أم لا؟ ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرد من جاءه من المهاجرات، والآية في هذا صريحة في قوله: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [سورة الممتحنة:10]؛ لأن المرأة ضعيفة، ليست مثل الرجل تقاوم وتصبر، المرأة للرجل عليها سلطان، يخشى أن يفتنها عن دينه، الرجل أكثر تحملًا، وبإمكانه أن يفر يمينًا أو شمالًا، ويكون في مأمن من هؤلاء الكفار، أما المرأة فمسكينة.

 قال -رحمه الله-: "وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :«من قتل معاهِدًا أو معاهَدًا»"، أيهما أولى؟ معاهِد أم معاهَد؟

طالب: ........

المفاعلة معروفة أنها لا تكون إلا بين طرفين، لا تكون إلا بين طرفين، كل منهما يصلح أن يكون فاعلاً، وأن يكون مفعولاً مفاعِل ومفاعَل، لكن ماذا عن محصِنين ومحصَنات، هل يجوز العكس؟ يعني كل واحد منهما يحصِن الثاني، الرجل يحصِن المرأة، والمرأة تحصِن الرجل، وكل منهما محصَن، لكن النصوص هل فيها محصَنين ومحصِنات؟ فيها محصَنات، ومحصِنين، وهي مفاعلة من الطرفين، لكن الأصل أن الأعلى فاعل، والأسفل مفعول، فيلاحَظ مثل هذا في تغليب الفاعلية بالنسبة للرجل، والمفعولية بالنسبة للأنثى.

 «من قتل معاهَدا»، وفي رواية: «بغير جرم»، وفي رواية: «بغير حلها»، «بغير جرم»، وفي رواية «بغير حلها»، «لم يرَح» ما ضبط الراء عندكم؟

طالب: ........

يرِح يرُح؟

طالب: ........

أكيد عندك هكذا؟

طالب: .........

في بعض الطبعات لم يرُح، لم يرُح من الرواح، من الرواح، وهذا الضبط خطأ، لكن لم يرَح من الرائحة، يعني لم يجد رائحة الجنة، لم يجد رائحة الجنة.

 «وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا»، وهذا في البخاري، وفي رواية: سبعين عامًا، وفي رواية: مائة، وفي رواية: خمسمائة، وفي رواية: ألف، هل هذا اضطراب؟

يقول: «وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا»، وفي رواية: سبعين، وفي رواية: مائة، وفي رواية خمسمائة، وفي رواية: ألف، ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام، أو أربعين عامًا أو سبعين أو مائة أو خمسمائة، جمع بين هذه الروايات باختلاف مراتب الأشخاص، باختلاف مراتب الأشخاص، وأن القوة في الشم والضعف تتبع هذه المراتب، مراتب الأشخاص بعضهم يُعطى من القوة والقدرة على شم الرائحة الطيبة؛ نظرًا لعلو منزلته، ثم بعد ذلك يكون من دونه أقل؛ لأن هذا تنعّم، وليسوا على حد سواء في هذا النعيم.

 وقل مثل هذا في نظائره ما بين السماء والأرض جاء في بعض الروايات: سبعين، وجاء في بعض الروايات: خمسمائة، على حسب سرعة السير، وأن الإبل المحملة غير غير المحملة وغير غيرها من الدواب التي هي أخف منها، فالمسألة، وبعضهم يقول: سبعين نزولًا، وخمسمائة طلوع إلى غير ذلك، نحتاج إلى مثل هذه الأمور إذا تعددت واختلفت هذه الروايات.

 الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بمائة وعشرين عامًا، وبعضهم، وبعض الأحاديث تقول: بخمسمائة عام، نعم هناك تفاوت وتباين بين الفقراء أنفسهم، بعضهم أقرب إلى الغنى، وبعضهم أبعد، وكذلك تفاوت في الأغنياء بعضهم فاحش الثراء، وبعضهم وإن كان غنيًّا فوضعه أقل، فيكون بين هذا وهذا بين أفقر الناس وأغنى الناس خمسمائة، ثم بعد ذلك كل ما قرب ما بين الاثنين تقل السنين.

طالب: ........

بعض العلماء يقول: مثل هذا العدد لا مفهوم له، العدد ملغى، لكن إذا وجدنا وسيلة للجمع فهي أولى من الإلغاء حتى إرادة التكثير إلغاء لاعتبار العدد، إلغاء لاعتباره في الحديث دليل على تحريم قتل المعاهَد فيه دليل على تحريم قتل المعاهَد، الحديث نص فيه وعيد شديد على من قتل معاهَدًا؛ لأنه معصوم الدم، والاعتداء عليه لا شك أنه من عظائم الأمور إذا كان محكومًا عليه أنه لم يرَح رائحة الجنة، فماذا بعد هذا الوعيد الشديد؟

 يقول المهلب، وهو من شراح الصحيح: هذا فيه دليل على أن المسلم إذا قتل المعاهد أو الذمي لا يقتص منه إذا قتل المعاهَد أو الذمي لا يُقتَص منه؛ لأنه لو هناك قصاص لما احتاج إلى مثل هذا الوعيد الشديد، وأيضًا حديث «لا يُقتَل مسلمٌ بكافر»؛ لعدم التكافؤ، ولا يعني هذا التهوين من شأن دماء من حُقِن دمه، ولو لم يكن مسلمًا فيه أعظم من «لم يرَح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا» أو سبعين أو أكثر من ذلك التحريم موجود، والتغليظ في أمره موجود، لكن لا يعني أنه يقتل به، وليس في هذا تهوين، قال المهلَّب: لأنه اقتصر فيه على ذكر الوعيد الأخروي دون الدنيوي، الوعيد الأخروي دون الدنيوي، مثل ما جاء فالسيد يجلد أو يحد عبده بدون جناية، فإنه يُحَدّ يوم القيامة، لكن هل يُقتَص منه في الدنيا؟ دليل على أنه لا يُقتَص منه بدليل الاقتصار على الحد الأخروي وعدم التعرُّض لذكر الحد الدنيوي، من قذف عبده، من قذفه عبده فإنه يحد يوم القيامة، ولذا لو قذفه هل يحد في الدنيا؟

فمقتضى الخبر أنه لا يحد في الدنيا؛ للاقتصار على ذكر الحد الأخروي، طيب وذكرنا أن مثل هذا ليس فيه تهوين من شأن دم من حُقِن دمه في الإسلام، ثم إن من أهل العلم من قال: يقاد به كالحنفية يقولون: يقاد به، والجمهور..

والله أعلم، وصلى الله على محمد...