شرح أبواب الصلاة من سنن الترمذي (19)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

غفر الله لشيخنا والحاضرين.

قال رحمه الله تعالى:

باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجال ونساء حدثنا إسحاق الأنصاري قال حدثنا معن قال حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته فأكل منه ثم قال «قوموا فلنصلِّ بكم» قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد اسوَدَّ من طول ما لُبس فنضحته بالماء فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصففت عليه أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف حديث أنس حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم قالوا إذا كان مع الإمام رجل وامرأة قام الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفهما وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث في إجازة الصلاة إذا كان الرجل خلف الصف وحده وقالوا إن الصبي لم تكن له صلاة وكأن أنسًا كان خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وحده في الصف وليس الأمر على ما ذهبوا إليه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقامه مع اليتيم خلفه فلولا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل لليتيم صلاة لما أقام اليتيم معه ولأقامه عن يمينه وقد روي عن موسى بن أنس عن أنس أنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأقامه عن يمينه وفي هذا الحديث دلالة أنه إنما صلى تطوعًا أراد إدخال البركة عليهم."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى "باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء" في الأبواب السابقة يصلي ومعه الرجل ومعه الرجلان وفي هذا الباب "باب ما جاء يصلي ومع الرجال والنساء" قال رحمه الله "حدثنا إسحاق الأنصاري قال حدثنا معن قال حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة" جدته الضمير يعود إلى أقرب مذكور وهو أنس وقيل يعود إلى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وهي جدة لأنس وهي جدة لإسحاق لأنها جدة أبيه "دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعتْه" دعته للطعام ثم صلّى بهم -عليه الصلاة والسلام- كما سيأتي فقدَّم الطعام على الصلاة لأنه دعي للطعام ودعاه عتبان بن مالك للصلاة فقدَّم الصلاة فالمقدَّم هو ما جاء من أجله هو جاء من أجل إجابة الدعوة للطعام فقدَّم الطعام ودعاه عتبان ليصلي له في بيته فقدَّم الصلاة وحديث عتبان لما ذهب بصره استأذن من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصلي في بيته فأذن له وصلى له في مكان يتخذه مصلى فيستدل به من يرى التهوين من شأن الصلاة في المسجد ويوردونه في وجه من يستدل بحديث ابن أم مكتوم ويقولون إن عتبان لما كُف بصره أذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصلي في بيته وابن أم مكتوم لم يأذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه يسمع النداء قال له «أتسمع النداء؟» قال نعم قال «أجب لا أجد لك رخصة» فلماذا أذن لعتبان أن يصلي في بيته؟ ظاهر أن عتبان لا يسمع النداء وبيته معروف وإلى.. وبعيد عن المسجد بحيث لا يسمع النداء وهو بين المسجد النبوي وقباء في بني عمرو بن عوف ولو كان يسمع النداء لما أذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- أسوة لصاحبه الذي استأذن فلم يؤذن له والأمر الثاني أن ابن أم مكتوم كان رجل أعمى من الأصل وعتبان كف بصره في آخر عمره ومعلوم أن المشقة تختلف بين من ولد أعمى أو عمي في الصغر وبين من كف بصره بعد أن يطعن في السن الذي نشأ أعمى لا يشق عليه مزاولة كثير من الأعمال ومعرفة الطرق والمسالك وكثير منهم نراهم لا يحملون عصي ولا يقادون ومع ذلك يمشون كالأسوياء كالمبصرين بل بعضهم من تحصل منه الأعاجيب أكثر من المبصرين هذا إذا كان العمى في الصغر أو ولد أكمه لكن مَن يصاب بهذه الآفة بالعمى وهو كبير تجده يشق عليه الانتقال في بيته من مكان إلى مكان فضلاً عن كونه يخرج إلى الأسواق وينتقل من حي إلى حي فالظرف يختلف فلا يُورَد حديث عتبان على من يستدل بحديث ابن أم مكتوم ويضعَّف به كما صنع بعض من لا خبرة له ولا عناية ولا دراية بهذا الشأن إنما لهوىً في نفسه وهذه القضايا أعني قضايا الأعيان..؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث ابن أم مكتوم جاء بقاعدة «أتسمع النداء؟» هذا لكل أحد للأعمى والمبصر لكن قضية عتبان قضية عين يعتريها ما يعتريها ما يقال قضية ابن أم مكتوم قضية عين؛ لأنها ختمت بقاعدة للجميع لكل من يسمع النداء لا شك أن الأعذار تتفاوت قد يقال زيد مريض وعمرو مريض فيقال لزيد يلزمك حضور الجماعة في المسجد ويقال لعمرو لا يلزمك حضور الجماعة في المسجد كل منهم مريض لكن الأمراض تتفاوت والأعذار تتفاوت ففرق بين مرض ومرض فرق بين شخص وشخص والقاعدة «أتسمع النداء؟» قال نعم قال «أجب لا أجد لك رخصة» كثير من الناس يخرجون إلى الاستراحات أو إلى متنزهات أو براري قريبة من البلدان يسمعون فيها النداء ويصلون في مكانهم هذا تساهل فالذي يسمع النداء تلزمه الإجابة مقيمًا كان أو مسافرًا لعموم قوله «أتسمع النداء؟» قال نعم قال «أجب لا أجد لك رخصة» فالنبي -عليه الصلاة والسلام- هنا قدَّم الطعام أن جدته مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته في بعض الروايات أن أمه أم سليم أم أنس بن مالك والذي حرره وقرره جمع من المحققين أنها قصص وليست بقصة واحدة فمرة دعته جدته ومرة دعته أمه -عليه الصلاة والسلام- "دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته فأكل منه -عليه الصلاة والسلام- ثم قال «قوموا فلنصلِّ بكم»" فلنصلِّ بكم في البخاري والموطأ "«فلنصل لكم»" وفي بعض الأحاديث صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمراد صلى بنا والتعليل ظاهر في هذه اللام وإن كان أصلها أنها بمعنى الباء فصلى بهم وصلى لهم يعني في هذا المكان من أجلهم، من أجلهم صلى بهم في هذا المكان فالخبر مشوب بشيء من التعليل فصح إيقاع اللام مكان الباء والحروف لها معانٍ تتمحض فيها أحيانًا وتصاب بشيء من.. أو تشاب بشيء من المعاني أحيانًا فمِن أحيانًا تكون للتبعيض وأحيانًا يعني تكون محض التبعيض ظاهر فيها وأحيانًا تكون لبيان الجنس وأحيانًا تكون مشوبة من هذا وهذا فإذا قلت خاتَم من حديد فالخاتم بعض من الحديد والحديد جنس لهذا الخاتم فمن قال إنها لبيان الجنس كلامه صحيح ومن قال إنها للتبعيض كلامه صحيح فهو تبعيض مشوب ببيان فأحيانًا الحرف يأتي متمحض لمعنى من المعاني وأحيانًا يأتي لمعنى لكنه مشوب بمعانٍ أخرى ولذا يختلف فيه {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} [سورة الإسراء:82] {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [سورة الحـج:30] قالوا هذه لبيان الجنس {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} [سورة الإسراء:82] قالوا هذا لبيان الجنس فالقرآن كله شفاء وبعضهم يقال إنها تصلح للتبعيض فما المانع أن يكون بعض القرآن شفاء وبعضه أحكام وبعضه قصص وبعضه آداب إلى غير ذلك ويقول مثل هذا القائل لو جيء لك بمريض وقرأت عليه {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [سورة المسد:1] يناسب والا ما يناسب إذا قلنا لبيان الجنس قلنا اقرأ عليه ما شئت من القرآن اقرأ عليه ما شئت اقرأ عليه {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [سورة البقرة:222] والقرآن كله شفاء وإذا قلنا للتبعيض نقول ما يصلح أن تقرأ على المريض مثل هذه الآيات أو هذه السور كما قال بعضهم ممن له صولات في القنوات ووسائل الإعلام يقول ما الذي يستفيده المريض من قراءة آية الدين؟ أبو سعيد لما قرأ الفاتحة على اللديغ سيد القوم شُفِي لو بحثت عن مناسبة هذا المرض الذي أصيب به وهو اللديغ لسورة الفاتحة نعم سورة الفاتحة فيها أسرار وعجائب أشياء كثيرة لم يطلع عليها أكثر العلماء وإن اطلع بعضهم على شيء واطلع آخر على شيء آخر ويذكر شيخ الإسلام وابن القيم من أسرارها الشيء الكثير لكن يبقى أن مثل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [سورة البقرة:222] تقرأ على مريض أو ما تقرأ؟ وقل مثل هذا في {تَبتْ} [سورة البقرة:79] هذا يحتج به من يقول أن من للتبعيض {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} [سورة الإسراء:82] يعني لو جاءك شخص معه ابن مريض ثم قرأت عليه هذه الآية وسورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [سورة المسد:1] وبعض الآيات التي لا علاقة لها بالأمراض وش يبي يقول لك؟ يبي يروح يدور غيرك ويمكن يواجهك بكلام يمكن ما يسرك؛ لأنه يفهم أن مثل هذا لا يقرأ في هذه المناسبة ومن يقول أن مِن لبيان الجنس يقول اقرأ ما شئت من القرآن فكله شفاء مع أن ابن القيم رحمه الله وقبله شيخ الإسلام وجمع من أهل العلم يثبتون النفع لبعض الآيات بالتجربة والرقاة على هذا يخصصون آيات لمرض وآيات لمرض آخر يقولون جربناها وجدناها نافعة هذا يمشي على قول من يقول كله شفاء أو يقول أنه للتبعيض؟ للتبعيض على كل حال اللفظ محتمِل والأصل أن القرآن كله من عند الله وكله كلام الله وكله عظيم وهذا فرع من القول بتفاضل الآيات والسور الذي يقول كله من عند الله وكله كلام الله يقول واحد مع أنه ثبت في النصوص أن أعظم سورة في القرآن الفاتحة وأعظم آية آية الكرسي و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [سورة الإخلاص:1] تعدل ثلث القرآن إلى غير ذلك مما يدل على التفاضل وإن كان الكل من عند الله وكله كلام الله "«فلنصل بكم» «قوموا فلنصل بكم»" قلنا أن رواية البخاري «لكم» وهي أيضًا هي رواية الإمام مالك "قال أنس فقمت إلى حصير" الحصير ما ينسج من خوص النخل فراشًا يجلس عليه إلى حصير لنا، لنا اللام هذه للملك يعني نملكه والملك أحيانًا يكون حقيقة وأحيانًا يكون تجوُّزًا من المالك الحقيقي للحصير كلهم؟ والا واحد منهم وأحيانًا تكون اللام لشبه الملك وليست للملك القفل للباب والباب للدار والجُل للفرس وهكذا هذه ليست لام ملك اللام للملك وشبهه كما يقول ابن مالك هذا شبه ملك وليس بملك "فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس" اسود تغير لونه من الوسخ الذي لحقه من كثرة الاستعمال من طول ما لبس يعني استعمل ولبس كل شيء بحسبه لبس كل شيء بحسبه فالجلوس على الفرش لبس والكتابة بالقلم لبس وهكذا فالاستعمال يقال له لبس بدليل "قد اسود من طول ما لبس" هل هو يُلبس مثل ما يلبس القميص والعمامة وغيرها؟ لا، إنما يجلس عليه فالجلوس لبس ومن هذا نأخذ تحريم الجلوس على الحرير مع أن النص ورد في اللبس لبس الحرير محرَّم على الرجال والجلوس لبس فلا يجوز لهم أن يجلسوا على الحرير من طول ما لبس "فنضحته بالماء" رش عليه الماء الأصل الطهارة لكن رُشَّ عليه الماء ونضح عليه الماء ليلين؛ لأنه من كثرة الأوساخ قد يتصلب ولا يطاوِع من أراد حمله أو فرشه ثم يُرَشّ عليه الماء ليلين أو ينظف من الوسخ الذي لحق به من الغبار والتراب وغيرهما مما يلحق به ومن آثار الطعام المقصود أنه من كثرة الاستعمال تغير لونه بأوساخ فاحتاج إلى رشه ونضحه ولو كان من أجل نجاسته لما كفى النضح إذ لا بد من غسله فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصففت عليه أنا واليتيم وراءه" أنا "صففت عليه أنا واليتيمُ وراءه" يجوز واليتيمَ؟ تكون الواو واو المعية؟ يجوز، صففت عليه أنا واليتيمُ وراءه الإتيان بأنا ضمير الفصل متى يلزم؟ لأنه معطوف واليتيم معطوف على ضمير الرفع المتصل صففتُ واليتيم ما يجوز أن تقول صففتُ واليتيم بل لا بد أن تقول صففت أنا واليتيم لكن لما جيء بلفظ عليه حصل الفصل بين ضمير الرفع المتصل ضمير الرفع المتصل وما عُطف عليه كفى فلا يلزم أن يقول أنا واليتيم لكن لو لو أن كلمة عليه ليست موجودة للزم أن يقال أنا صففت أنا واليتيم ولما وجد الفاصل لم يكن وجود أنا حتم.

وإن على ضمير رفع متصل

 

عطفت فاصل بالضمير المنفصل

أو فاصل ما .................

 

.................................

عليه هذا فاصل ما يكفي قال:

................ وبلا فصل يرد

 

في النظم فاشيًا وضعفه اعتقد

صففت أنا واليتيمَ الواو تكون للمعية وإذا قلنا واليتيمُ صارت عاطفة صففت أنا واليتيم وراءه وراء النبي -عليه الصلاة والسلام- أنس بلغ الحنث لأنه لما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- المدينة كان عمره عشر سنوات ثم في هذه الحادثة جاوز الاحتلام والبلوغ وأما من صف معه فهو يتيم لم يبلغ الحنث ولا يتم بعد احتلام مصافَّة الصبي مختلَفٌ فيها بين أهل العلم معلوم أن المذهب عند الحنابلة أنها لا تصح مصافته لأنه لم يبلغ فصلاته نافلة فلا يعتد بمصافته ولا يعتد بإمامته لأنه متنفل والصواب أنها تصح إمامته لحديث عمرو بن سلمة وسيأتي وتصح مصافته لحديث أنس حديث الباب "صففت أنا واليتيم وراءه والعجوز" الجدة "من ورائنا" من ورائنا الآن كون الأحفاد يتقدمون جدتهم في الصلاة يتقدمون أمامها في الصلاة أمامها يصفون وهي الجدة هذا دين وهذه أحكام وإلا مع الثورة على ثوابت الدين وتعاليم الدين يمكن أن يأتي من يقول هذه إساءة أدب تصلي قدام جدتك؟! وحقوق الإنسان تتلقف مثل هذه الأمور وبعض الناس نسأل الله العافية الذين يحققون للأعداء ما يريدون يطنطنون بمثل هذه الأمور لكن ماذا يقولون؟ الحديث في الصحيحين وجرت عادة الناس أنهم حتى في ركوب السيارات تجد الرجال أمام والنساء وراء الرجال أمام والنساء وراء ولو كانت الوالدة وبعض المجتمعات اللي يقولون أنها متحضرة لا، المرأة أمام سواء كانت أم والا جدة والا شيء صففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا أضف إلى ذلك أن خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها يعني يطالبون بالمساواة بين الرجل والمرأة ماذا يصنعون بهذه النصوص؟! الإسلام كرَّم المرأة ورفع من شأنها وأوجدها من لا شيء إلى شيء معظَّم مقدَّس محترم معتبر أم وجدة وزوجة وأخت وبنت ثم يأتي من يقول أن الإسلام ظلم المرأة لو سُوِّيَت بالرجل لكان ظلمًا لها لو طولبت بما يطالب به الرجل لكان عين الظلم لها يعني الرجال يخرجون إلى الأعمال ويزاولون ما يشق عليهم أحيانًا طلبًا للكسب لهم ولمن تحت أيديهم من أطفال ونساء والمرأة في بيتها جالسة معززة مكرَّمة غير مبتذَلة ومع ذلك يقال يطالَب بعمل المرأة وأن تقحم في أمور لا تليق بها حتى في المصانع والله ما قصدهم الإصلاح ولا قصدهم أن يرفعوا من شأن المرأة ولا أن يحموها من التكفف -كما يقولون- لا بد أن يوجد مصدر دخل للمرأة لئلا يكون لأحد عليها منة لا أب ولا زوج ولا أخ وش هالكلام الفاضي؟! تخرج من بيتها مكرَّمة مصونة إلى عمل تزاحم فيه الرجال تحت أدخنة المصانع؟! أو غيرها من المهن هل هذا تكريم للمرأة؟ كثير من الرجال يتمنى الدخل اليسير جدًا ويرتاح في بيته كثير منهم يتقاعد تقاعد مبكر كله من أجل أن يرتاح من هذه الأعمال وهو رجل يتحمَّل والمرأة تُكفى من كل شيء ونفقتها تجب على غيرها إيجابًا شرعيًا ومع ذلك يقال الإسلام ظلم المرأة أو يُبحَث عن نصوص متشابه تُضرَب بها النصوص المحكمة من أجل تحقيق أهداف أعداء ومن أجل الاتجار بالمرأة والله المستعان "والعجوز من ورائنا" أما تستحي تتقدم على جدتك؟! هذا النص وش يسوون وش يسوون بمثل هذا النص في الصحيحين؟! "فصلى بنا ركعتين ثم انصرف" يعني إلى بيته -عليه الصلاة والسلام- "قال أبو عيسى حديث أنس حديث حسن صحيح" وهو في الصحيحين وغيرهما "والعمل عليه عند أكثر أهل العلم قالوا إذا كان مع الإمام رجل وامرأة قام الرجل عن يمين الإمام" كما تقدم في الإمام ومعه شخص واحد "والمرأة خلفهما" ولا يقال إنها صلت خلف الصف؛ لأن حكم المرأة يختلف عن حكم الرجال "وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث في إجازة الصلاة إذا كان الرجل خلف الصف وحده" إذا كان الرجل خلف الصف وحده من أين؟ لأن مصافَّة اليتيم لا عبرة بها فأنس صلى خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- وحده حكمًا لأن وجود هذا اليتيم مثل عدمه "قالوا إن الصبي لم تكن له صلاة فكأن أنسًا كان خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وحده في الصف" قال رحمه "الله وليس الأمر على ما ذهبوا إليه" وليس الأمر على ما ذهبوا إليه "لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقامه مع اليتيم" خلفه بمرأى من النبي -عليه الصلاة والسلام- "فلولا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جعل لليتيم صلاة لما أقام اليتيم معه ولأقامه عن يمينه" لأقام أنس عن يمينه لأنه منفرد واليتيم إما عن يمين أنس أو عن يسار الإمام لكنه اعتبر واعتدَّ بصلاة هذا اليتيم "وقد روي عن موسى بن أنس عن أنس أنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأقامه عن يمينه" أنس لما لم يكن هذا اليتيم معه بل كان بمفرده أقامه النبي -عليه الصلاة والسلام- عن يمينه وهذا الخبر مروي في المسند بأسانيد صحيحة قال "وفي هذا الحديث دلالة أنه إنما صلى تطوُّعًا أراد إدخال البركة عليهم" أراد إدخال البركة عليهم لا شك أنه في هذه القصة صلى بهم تطوع صلى بهم تطوُّع قد يقول قائل إن مصافَّة أنس لليتيم في صلاة تطوُّع واليتيم الصلاة في حقه سنة فمن أين الدليل على أن مصافة الصبي في الفرض صحيحة؟ القاعدة عند أهل العلم أن ما صح في النافلة صح في الفريضة إلا ما دل الدليل على استثنائه يعني جاء في بعض الروايات ما يدل على أن أم سليم صلت خلفهما وأم سليم هي أم أنس فقوله أن جدته في الحديث جدة ليست جدة أنس إنما هي جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة لكن إذا تقرر تعدد القصة فلا مانع من أن تكون الجدة في حديث الباب جدة أنس وفي غيره جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.

سم.

عفا الله عنك.

"باب من أحق بالإمامة حدثنا هنّاد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش ح وحدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا أبو معاوية وابن نمير عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن أوس بن ضمغج قال سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنًا ولا يَؤمُّ الرجل..»."

يُؤَم..

ولا يَؤمَّ الرجل..

يُؤَمّ.. يُؤَمّ..

عفا الله عنك.

"ولا يُؤَمُّ الرجلُ في سلطانه ولا يُجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه قال محمود قال ابن نمير في حديثه أقدمهم سنًا وفي الباب عن أبي سعيد وأنس بن مالك ومالك بن الحويرث وعمرو بن سلمة وحديث أبي مسعود حديث حسن والعمل عليه عند أهل العلم قالوا أحق الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنة وقالوا صاحب المنزل أحق بالإمامة وقال بعضهم إذا أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي به وكرهه بعضهم وقالوا السنة أن يصلي صاحب البيت قال أحمد بن حنبل وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «لا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه» فإذا أذن فأرجو أن الإذن في الكل ولم ير به بأسًا إذا أذن له أن يصلى به."

يقول المؤلف رحمه الله تعالى "باب ما جاء" هذه موجودة في بعض النسخ دون بعض "من أحق بالإمامة" إذا وجد مجموعة يصلحون للإمامة وتشاحُّوا فما الصفات التي يرجَّح بها بعضهم على بعض من الأحق بهذه الإمامة قال رحمه الله "حدثنا هنَّاد" وهو ابن السري قال "حدثنا أبو معاوية" محمد بن خازم الضرير "عن الأعمش" سليمان بن مهران قال "وحدثنا محمود بن غيلان وفي بعض النسخ ح بدل قال "وحدثنا محمود بن غيلان" وهذه حاء التحويل من إسناد إلى آخر "قال حدثنا أبو معاوية وعبد الله بن نمير عن الأعمش" يعني الحديث يرويه الإمام الترمذي من طريقين من طريق هناد ومحمود بن غيلان كلاهما عن أبي معاوية عن الأعمش أو عن أبي معاوية وعبد الله بن نمير عن الأعمش في الطريق الثاني "عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي" عبد الله بن نمير الهمداني أبو هشام الكوفي ثقة حافظ عن إسماعيل بن رجاء الزُّبَيدي تكلم فيه الأزدي بلا حجة وإلا فهو ثقة أبو الفتح الأزدي له كلام في الرواة لكن أهل العلم لا يعتدون بكلامه فكلامه غير مرضي لأنه هو متكلَّم فيه "عن أوس بن ضمعج" الكوفي ثقة مخضرم "قال سمعت أبا مسعود الأنصاري" البدري عقبة بن مسعود عقبة بن عمرو البدري صحابي سكن بدرًا فنسب إليها صحابي سكن بدرًا فنسب إليها والجمهور على أنه لم يشهد بدر فنسبة البدري إلى سكناها لا إلى حضور الوقعة وإن عده البخاري ممن شهد بدرًا لكن الأكثر على أنه لم يشهد بدرًا "قال سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ولام الأمر مقدرة لأن هذا خبر بمعنى الأمر بتقدير ليؤم القوم كما جاء في الحديث «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله» اللام لام الأمر مقدَّرة ليحمل هذا العلم من كل خلف عدوله فهو أمر للثقات العدول بحمل العلم فلا يتركوا الفرصة لغير الثقات لحمله لئلا يحصل منهم ما يحصل من ضلال وإضلال "«يؤم القومَ»" القوم مفعول مقدَّم وأقرؤهم يؤم القومَ مفعول وأقرؤهم فاعل ما حكم تقديم المفعول على الفاعل؟ في هذه الصورة الأصل أن الفاعل هو المقدَّم وهنا قُدِّم المفعول وجوبًا والا جوازًا والا رجحانًا؟ وجوبًا لماذا؟

طالب: ..........

نعم، الضمير في أقرؤهم لو قدم الفاعل للزم منه عود الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة وهذا لا يجوز لو قلت لو كان الحديث يؤم أقرؤم القومَ لعاد الضمير في أقرؤهم الهاء إلى القوم والقوم مفعول فهو متأخر في اللفظ والرتبة لكن قُدِّم هنا في اللفظ فانتفى المحظور فلم يعد الضمير على متأخر عاد الضمير على متقدم وإن تأخر رتبة إلا أنه متقدم لفظًا وشاع نحو خاف ربَّه عمر وشاع نحو خاف ربَّه عمر شاع لماذا؟ لأن الضمير يعود إلى إيش؟ متأخر في اللفظ لكنه متقدم في الرتبة وشذ نحو زان نوره الشجر لأنه يلزم منه عود الضمير إلى متأخر في اللفظ والرتبة كما في الحديث اللفظ التقدم والتأخر اللفظ هنا القوم متقدم في اللفظ لكنه متأخر في الرتبة لأنه مفعول رتبة المفعول بعد الفاعل والا قبله؟ بعده لكنه متقدم في اللفظ ولو أخرناه في اللفظ لقلنا إن الضمير يعود على متأخر في اللفظ والرتبة فلا يجوز لكن في شاع نحو خاف ربه عمر عمر وهو إن تأخر في اللفظ إلا أنه متقدم في الرتبة فجاز عود الضمير عليه "«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»" ما المراد بالأقرأ؟ الأحفظ أو الأجود قراءة لأن بعض الناس يحفظ الناس كاملاً لكن قراءته فيها شيء من الخلل وبعض الناس لا يحفظ القرآن كاملا لكنه يجوِّد ما يحفظ فأيهما أولى؟ الأول يقرأ قراءة ماشية ما فيها إحالة للمعنى ولا فيها لحن جلي لكن في أحكام التجويد أقل مستوى من الثاني الذي لا يحفظ القرآن ومن أهل العلم من يقول المراد بالأقرأ الأحفظ ومنهم من يقول الأجود قراءة والتقديم بالقراءة هو مذهب الحنابلة وبعض العلماء لكن الأئمة الثلاثة الأولى بالإمامة الأفقه أولى من الأقرأ، الأئمة أو المذاهب الثلاثة يرون تقديم الأفقه على الأقرأ يقولون لأن ما يحتاج إليه من القراءة مضبوط لو حفظ نصف جزء من القرآن كفته في صلاته وفي إمامته لكن إذا خفيت عليه أحكام الصلاة فقد يقع منه ما يبطل الصلاة وهو لا يشعر فالذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط كثير فالأفقه أولى بالإمامة من الأقرأ عندهم طيب الحديث نص في تقديم الأقرأ قالوا هذا جارٍ على ما كانوا عليه في عهده -عليه الصلاة والسلام- من أن الأقرأ هو الأفقه فهو بيان للواقع الأقرأ هو الأفقه ويستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قدَّم أبا بكر في الصلاة مع قوله -عليه الصلاة والسلام- «أقرؤكم أُبَيّ أقرؤكم أُبَيّ» حجج ظاهرة والا خفية؟ ظاهرة أدلة يعني لها حظ من النظر لكن ماذا نصنع بحديث الباب؟ قالوا إن المراد بالأقرأ الأفقه على عهده -عليه الصلاة والسلام- ما فيه قارئ لا يفقه بينما وجد في العصور المتأخرة من يحفظ القرآن كاملاً كالفاتحة ولا يعرف من الفقه شيئًا بل لا يعرف من علوم العربية ما ينطق العربية أحيانًا ما ينطق العربية ويحفظ القرآن كيف يكون مثل هذا يقدَّم على غيره من أهل العلم والفقه عندنا نص "«يؤم القوم أقرؤهم»" قالوا من شرط صحة الإمامة معرفة أحكام الصلاة فإن الذي لا يعرف أحكام الصلاة لا تصح إمامته فينتفي شرطهم فيبقى الأقرأ هو الأولى شريطة بأن يكون عارفًا بأحكام صلاته وما يصححها وما يبطلها فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة أحكام الصلاة أحكام الصلاة كلها موجودة في السنة ولا يوجد في القرآن إلا أوامر مجملة ليس فيها بيان يعني لو اقتصر المتفقِّه على ما جاء في القرآن مما يتعلق بالصلاة هل يستطيع أن يقيم الصلاة؟ لا يستطيع لا يستطيع أن يقيم الصلاة إذا اقتصر على القرآن بل لا بد من معرفة ما جاء في القرآن وما يبين ما جاء في القرآن على لسانه -عليه الصلاة والسلام- إذًا الفقه في الكتاب والا في السنة بالنسبة للصلاة؟ نعم، قولهم يقتضي المرتبة الثانية على المرتبة الأولى في الحديث فيقدَّم الأعلم بالسنة التي فيها أحكام الصلاة على الأعلم بالقرآن وفي هذا مخالفة لصريح الحديث فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة نأتي إلى السنة هل المراد بالعلم بالسنة رواية فقط والا دراية في الاستنباط ومعرفة كيفية التعامل مع النصوص أو أنه يقال الأحفظ هذا يحفظ الصحيحين وبقية الستة والجوامع والمسانيد هل نقول هذا أعلم بالسنة أو الأعلم الذي يستطيع أن يتعامل مع النصوص على مقتضى النظر العلمي على طريقة أهل العلم حتى جاء عن بعض المحدثين لأن أفقه حديثًا واحدًا خير لي من أحفظ مائة حديث وليس في هذا تقليل لشأن الحفظ لا، ما فيه علم إلا بحفظ لا علم إلا بحفظ لكن يبقى أن الحفظ المجرَّد عن الفهم أثره قليل أثره ضعيف في النفس لا بد أن يكون مع حفظه أن يفهم ما يحفظ ويتعامل مع ما يحفظ على مقتضى نظر أهل العلم "«فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة»" لا شك أن الإنسان إذا كان أقدم فإن محاسنه وفضائله تكون أكثر فهذا تقدَّم في أمر شرعي مأمور به شرعًا وبادر إليه وتأخر الثاني أيهما أفضل؟ المتقدِّم فيقدَّم في الإمامة وهذا مع استوائهم في الصفات السابقة فيرجَّح بقدم الهجرة لكن لو كان أحدهما أعلم أعلم بالقرآن والسنة والثاني أقل لكنه أقدم هجرة يقدَّم الأعلم كما تقدم في الجملتين السابقتين فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سِنًّا فأكبرهم سِنًّا والسن معتبَر في الشرع ومن أصرح ما جاء فيه حديث القسامة لما أراد عبد الرحمن بن سهل أن يتكلم في قصة قتل أخيه قال النبي -عليه الصلاة والسلام- كبِّر كبِّر فالسن له مدخَل في التقديم وعند أهل العلم الأولية لها دخل في الأولوية، في بعض الروايات «أقدمهم سلمًا» يعني إسلامًا "«ولا يُؤَم الرجل»" بصيغة المجهول "«في سلطانه»" لا يُؤَم الرجل في سلطانه في محل ولايته في محل له فيه الأمر والنهي ولذا كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلف الحجاج والسبب في ذلك أن الجماعة شرعت لاجتماع الكلمة والائتلاف فإذا تركت الصلاة خلف فلان أو علان ممن تصح صلاته وإن كان عليه ما يلاحَظ لكن مثل هذا يوجِد الفرقة والاختلاف والشرع إنما شرع الجماعة للإلف والاتفاق بعض الناس يترك المسجد الأقرب ويذهب إلى مسجد أبعد مما يجعل إمام المسجد الأقرب يجد في نفسه وجماعة المسجد الأقرب يجدون في أنفسهم فلا يُصنَع مثل هذا إلا لسبب راجح ومع ذلك لا يترك جميع الصلوات لأنه قد يتأثر بقراءة هذا الإمام ولا يتأثر بقراءة ذلك الإمام فقال الإمام أحمد يتبع الأنفع لقلبه لكن إذا كان هذا الداعي فلا يمنع أن يصلي مع المسجد الأقرب في المسجد الأقرب في الصلوات السرية مثلاً إذا كان هذا هو الداعي لأنه لو صلى الصلوات الخمس وادعى أن ذاك أنفع لقلبه ماذا يقال؟ في الصلاة السرية يستوي فيها هذا وهذا هناك من المبرِّرات مثلاً أن يوجَد في المسجد الأبعد درس أو تكثر فيه الكلمات النافعة أو إمامه له أثر في تربية المأمومين وتوجيههم هذه مبررات ظاهرة ولا يوجَد معها أي تأثُّر الإمام الثاني إمام المسجد القريب إن كان بيتأثر يصنع مثل ما صنع ذاك ومن أجل هذا كله منع إقامة أكثر من جماعة في المسجد الواحد لئلا يقع في النفوس ما يقع مما ينافي ما شُرِعت الجماعة لأجله "«ولا يُؤَم الرجل في سلطانه ولا يُجلس على تكرمته»" ما يوضع مما يعد لإكرامه من فراش ونحوه "«في بيته إلا بإذنه إلا بإذنه»" هل هذا يعود الاستثناء على الأخير أو على جميع ما تقدم؟ هل يعود هذا الاستثناء المتعقِّب لجمع متعددة للأخير أو لجميع ما تقدَّم حتى «يؤم القوم أقرؤهم» إذا أذن الأقرأ يؤم من دونه؟ أو في الأخير لا يُؤَم ولا يُجلَس لأن هذا حق محض له وأما القراءة والعلم بالسنة حق للجميع له وللجماعة على كل حال الاستثناء إذا تعقب جمل متعددة فالخلاف بين أهل العلم في عوده إلى الأخير أو إلى الجميع معروف في آية القذف {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [سورة النــور:4] ماذا ورد في حقهم؟ ثلاثة أشياء {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا} [سورة النــور:4-5] هل يعود هذا الاستثناء إلى الجميع؟ فلا يقام عليه الحد ولا يُجلَد هذا لا يعود إليه بالاتفاق لأنه حق آدي لا يسقط بالتوبة ويعود على ارتفاع الفسق {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [سورة النــور:4] يعود إليه اتفاقًا على الأخير والخلاف في قبول الشهادة الخلاف في قبول الشهادة فإذا قلنا أن الأصل العَود إلى الجميع تقبل شهادته وإذا قلنا العَوْد على الأخير فقط لا تقبل شهادته كما أنه لا يسقط عنه الحد ولا يُجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه سيأتي في كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه يعود إلى الجملتين الأخيرتين لا يُؤَم ولا يجلس "قال محمود" بن غيلان الراوي في الطريق الثاني "قال ابن نمير" شيخه الثاني "في حديثه أقدمهم سِنًّا" بدلاً من أكبرهم سنًا والمعنى واحد لكن هذا من دقة المحدثين يبينون فروق الألفاظ ولو لم يترتب عليها أثر في الحكم "قال أبو عيسى وفي الباب عن أبي سعيد" عند مسلم والنسائي "وأنس بن مالك" قال صاحب التحفة أنه لم يقف على من خرَّجه "ومالك بن الحويرث" عند الجماعة "وعمرو بن سَلِمَة" عند البخاري قال أبو عيسى "وحديث أبي مسعود حديث حسن صحيح" إذ رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه يعني مسلم والأربعة أو مسلم والخمسة يعني مع أحمد "والعمل على هذا عند أهل العلم" والعمل على هذا عند أهل العلم "قالوا أحق الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم للسنة" وعرفنا ما في تقديم الأقرأ على الأفقه والعكس من خلاف واستدلال لكن الذي يدل عليه الحديث أن الأقرأ أولى مطلقًا شريطة أن يعرف ما يصحح صلاته وما يبطلها "وقالوا صاحب المنزل أحق بالإمامة" لأنه سلطان في بيته فإمامته في بيته من حقه وإمامة غيره افتيات عليه "وقال بعضهم إذا أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي به" لا مانع لأنه استثني إلا بإذنه "وكرهه بعضهم وقال السنة أن يصلي صاحب البيت" وإن أذن لغيره بناء على أن الاستثناء يعود إلى الجملة الأخيرة فقط "قال أحمد بن حنبل وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «ولا يُؤَم الرجل في سلطانه ولا يُجلَس على تكرمته في بيته إلا بإذنه» قال فإذا أذن فأرجو أن الإذن في الكل" فإذا أذن فأرجو أن يكون فأرجون أن الإذن يكون في الكل يعني في الإمامة وفي الجلوس "ولم ير به بأسًا إذا أذن له أن يصلي به" هذا لأن الحق لا يعدوه لأن الحق لا يعدوه لكن إذا كان الحق يتعدى للمأمومين كالأقرأ والأفقه مثلا ذن فإن الإذن لا يكفي مع أن هذه الأمور يعني هي مسألة أفضلية مسألة أفضلية هذا أفضل وقد يعرض للمفوق ما يجعله فائقًا وقد يترتب على الإيثار في هذا الباب من المصالح ما يجعل المفضول أولى من الفاضل إلى غير ذلك من الأمور التي تحتف بمثل هذه المسائل وإمام الحي أولى من غيره إمام الحي أولى من غيره لكن إذا وجد من هو صاحب سلطان مثلاً أو صاحب علم أعلم منه أو أكبر سنه وأراد أن يوثره أو يقدمه ما يوجد في الشرع ما يمنع إن شاء الله تعالى للمصالح المترتبة على ذلك.

سم.

"عفا الله عنك.

باب ما جاء إذا أم أحدكم الناس فليخفف حدثنا قتيبة قال حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء» وفي الباب عن عدي بن حاتم وأنس وجابر بن سمرة ومالك بن عبد الله وأبي واقد وعثمان بن أبي العاص وأبي مسعود وجابر بن عبد الله وابن عباس حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وهو قول أكثر أهل العلم اختاروا ألا يطيل الإمام الصلاة اختاروا ألا يطيل الإمام الصلاة مخافة المشقة على الضعيف والكبير والمريض وأبو الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز المديني يكنى أبا داود حدثنا قتيبة قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أخف الناس صلاة في تمام هذا حديث حسن صحيح."

انتهى؟

نعم.

فيه كلام.

واسم أبي عوانة وضاح قال أبو عيسى سألت قتيبة قلت أبو عوانة ما اسمه؟ قال وضاح قلت ابن من؟ قال لا أدري كان عبدا لامرأة بالبصرة.

هذا ما عندك.

لا، ما عندي.

قال رحمه الله "باب ما جاء إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف" في الباب قصة معاذ وغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه وتشديده عليه «أفتَّان يا معاذ؟‍َ!» افتتح البقرة فانصرف صاحب النواضح وشكاه للنبي -عليه الصلاة والسلام- فشدَّد -عليه الصلاة والسلام- على معاذ؛ لأن هذا ينفِّر المأمومين ويكرههم في الصلاة والعبادة والمطلوب للإمام العكس أن يحبب الصلاة إلى قلوب الناس ويجعل الناس يرتاحون بها لا منها «إذا أم أحدكم الناس فليخفف» التخفيف على ما سيأتي أمر نسبي التخفيف أمر نسبي الذي أمر بالتخفيف قرأ الأعراف في المغرب وقرأ الم السجدة والإنسان وقرأ قال واقتربت وقرأ المرسلات وقرأ الصافات هل هذا تطويل والا تخفيف؟ لكنه غير مداوم عليه فالأعراف قرأها مرة واحدة والم السجدة والإنسان في الجمعة فقط ويقرأ بالجمعة والمنافقون في صلاة الجمعة وقرأ بـ{ق} واقتربت وقرأ بالطور هذه لا يلازمها الإمام وإن أتى بها أحيانًا لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ بها قال رحمه الله "حدثنا قتيبة قال حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن" بن عبد الله الحزامي ثقة يقول ابن حجر له غرائب "عن أبي الزناد" سيأتي أن اسمه عبد الله بن ذكوان "عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إذا أم أحدكم الناس فليخفف»" يقول أهل العلم وليس في هذا حجة للنقارين فقد جاء النهي عن نقر كنقر الغراب ليس في هذا حجة للنقارين الذين يتلاعبون بالصلاة والعلة في ذلك "«فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض»" الصغير والكبير بالنسبة للسن والضعيف في الخِلْقة والمريض بالنسبة للصحة "«فإذا صلى وحده فليصلِّ كيف شاء»" إن شاء طوَّل وإن شاء خفف والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى بمفرده في صلاة الليل قرأ في ركعة البقرة والنساء وآل عمران وقام حتى تفطرت قدماه شأنه فإذا انتفت هذه العلل في الحديث «فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض» الأصل إذا أم أحدكم الناس فليخفف والعلة لأن فيهم الصغير والكبير والضعيف إلى آخره إذا كانوا في مكان في معروفين كلهم في الثلاثين من العمر وكلهم براء من الأدواء ما فيهم مريض ولا فيهم ذو حاجة ولا فيهم كبير ولا صغير انتفت هذه العلة فكأنه صلى وحده فإذا صلى وحده فليصلِّ كيف شاء شريطة أن يعلم أن بعضهم لا يكره لأن بعض الناس يكره التطويل ولو لم يكن هناك علة فإذا وجد من يكره فليحبب الناس أو ليحبب الصلاة إلى قلوب الناس "قال أبو عيسى وفي الباب عن عدي بن حاتم" عند الطبراني وابن أبي شيبة "وأنس" في الصحيحين "وجابر" فيهما أيضًا وعند أبي داود "جابر بن سمرة ومالك" في الطبراني وأبي واقد كذلك "مالك بن عبد الله" عند الطبراني "وأبي واقد" الليثي عنده أيضًا "وعثمان بن أبي العاص" عند مسلم "وأبي مسعود" في الصحيحين "وجابر بن عبد الله" كذلك "وابن عباس" عند ابن أبي شيبة وفي الباب أيضًا عن حزم بن أبي كعب وابن عمر وبريدة وهي مخرجة في الشرح "قال أبو عيسى وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح" وقد أخرجه الجماعة إلا ابن ماجه "وهو قول أكثر أهل العلم اختاروا ألا يطيل الإمام الصلاة مخافة المشقة على الضعيف والكبير والمريض" لأن هذه العلل منصوصة مؤثرة في الحكم والعلل المنصوصة يدور الحكم معها وجودًا وعدمًا "مخافة المشقة على الضعيف والكبير والمريض قال أبو عيسى وأبو الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان والأعرج اسمه هو عبد الرحمن بن هرمز المديني ويكنى أبا داود" قال رحمه الله "حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أخف الناس صلاة في تمام" من أخف الناس صلاة في تمام لئلا يظن أن التخفيف مع الإخلال هذا التخفيف المشار إليه مع التمام حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يسبح عشر تسبيحات وهو الذي أمر بالتخفيف وهو الذي قرأ بالطور وقرأ بـ{ق} وقرأ بالسور التي ذكرناها فدل على أن هذه لا تخرج عن إطار التخفيف "قال أبو عيسى وحديث وهذا حديث حسن صحيح" مخرج عند البخاري ومسلم "واسم أبي عوانة وضاح" وضاح بن عبد الله اليشكري "قال أبو عيسى سألت قتيبة" شيخه في الحديث "قلت أبو عوانة ما اسمه قال وضاح" وجاء تصحيفه في تهذيب التهذيب وضاع بالعين وفرق بين وضاح وبين وضاع واستغله بعض الطاعنين في الأحاديث الصحيحة وقالوا كيف يُروى عن شخص وضاع بسبب خطأ مطبعي وأهل الأهواء يتتبعون أمثال هذه الأخطاء اسمه "ما اسمه قال وضاح قلت ابن من؟ قال لا أدري" المرجَّح أنه ابن عبد الله اليشكري "كان عبدًا لامرأة بالبصرة" المعروف أنه مولى يزيد بن عطاء وأن الذي أعتقه يزيد أعتقه بقصة أشبه ما تكون بحيلة جاء سائل في مجلس فيه يزيد بن عطاء ما أعطاه شيء فأعطاه المولى أبو عوانة الوضاح أعطاه دينار من يعطي دينار؟ السيد ما أعطى شيء قال صنع إليَّ معروفًا فعليَّ أن أكافئه ماذا صنع؟ يأتي إلى مجامع الناس يقول اذهبوا إلى يزيد بن عطاء فاشكروه فإنه أعتق الوضاح أعتق أبا عوانة ما أعتقه يجون الناس فئات زرافات ووحدان يشكرونه على أنه أعتق وضاح ويذهب إلى جمع ثاني ويقول اذهبوا إلى فلان فاشكروه لأنه أعتق أبا عوانة ثم يأتون إليه كذلك ثم ما يمكن أن يرجع بعد شكر الناس كلهم له فأنفذ هذا العتق مكافأة له على أن تصدق عليه بهذا الدينار لكن هل المكافأة تحصل بمثل هذه الحيلة؟ «من صنع إليكم معروفًا فكافؤوه» هذه حيلة لعتقه هو مأمور بمكافأته «إن لم تجدوا فادعوا له» لكن هذه الحيلة مبنية على كذب لكنه أدرك ما أراد من مكافأته وأعتق أبو عوانة بسبب هذه الحيلة إذا حصل العتق بهذه الطريقة وفيها ما فيها من نوع الإحراج هل ينفذ أو لا ينفذ؟ إذا جاء شخص وقال لسيد عنده مولى قال إن مولاك أنقذ ابنك من الغرق فقال هو عتيق ثم تبين أنه ما حصل شيء لا غرق ولا إنقاذ يعتق والا ما يعتق؟

طالب: ..........

قالوا هذا شرط عرفي كأنه قال إن كان الكلام صحيحًا فهو عتيق كما لو قيل لزيد من الناس قيل له رأينا امرأتك ركبت مع رجل أجنبي فقال هي طالق فلما جاء البيت فإذا في بيتها لا ركبت ولا راحت ولا جت ينفذ الطلاق والا ما ينفذ؟ ما ينفذ؛ لأن هذا الطلاق معلَّق بركوبها مع هذا الرجل الأجنبي ولم يحصل وعتق الرقيق معلَّق بإنقاذ الولد ولم يحصل هذا دار في المجامع وقال إن يزيد بن عطاء أعتق أبا عوانة فجاء الناس وأحرجوه كل يقول جزاك الله خير أعتقت هذا العبد الصالح هذا من رواة الحديث وهذا من أهل العلم ومن أهل الخير والفضل عشرة عشرين مائة مائتين أعتقه دفعًا للحرج فمثل هذا العتق ينفذ والا ما ينفذ؟ الشرع يتشوَّف للعتق الشرع يتشوف للعتق ولا شك أنه أقدم بطوعه واختياره وما ركبه أو علقه بشرط لا لفظي ولا عرفي فمثل هذا ينفذ وهو الذي تساهل ودفع الحرج عن نفسه بهذا العتق فعتقه نافذ بخلاف الصورة الأولى.

"