التعليق على تفسير القرطبي - سورة ص (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 قال الإمام القرطبي-رحمه الله تعالى-: "قوْلُهُ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ. وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ. إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ}. قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} ذَكَرَهَا تَعْزِيَةً لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَسْلِيَةً لَهُ، أَيْ: هَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ جُنْدٌ مِنَ الْأَحْزَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا أَقْوَى مِنْ هَؤُلَاءِ فَأُهْلِكُوا. وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَوْمَ بِلَفْظِ التَّأْنِيثِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ فِيهِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ. الثَّانِي: أَنَّهُ مُذَكَّرُ اللَّفْظِ لَا يَجُوزُ تَأْنِيثُهُ، إِلَّا أَنْ يَقَعَ الْمَعْنَى عَلَى الْعَشِيرَةِ وَالْقَبِيلَةِ، فَيَغْلِبُ فِي اللَّفْظِ حُكْمُ الْمَعْنَى الْمُضْمَرِ تَنْبِيهًا عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} وَلَمْ يَقُلْ ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُضْمَرُ فِيهِ مُذَكَّرًا ذَكَّرَهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مُقْتَضِيًا لِلتَّأْنِيثِ".

نعم أحيانًا يُعاد الضمير على اللفظ، وأحيانًا يُعاد على المعنى، فقد يكون اللفظ مذكرًا والمعنى مؤنثًا، وقد يكون بالعكس، ومنه ما عندنا. في قوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} ذكر ذلك تعزية للنبي- صلى الله عليه وسلم- وتسلية له، هل هذا تعزية للنبي -صلى الله عليه وسلم-، أو أنه مجرد خبر عن الأمم السابقة، وفي حكمه من يأتي بعدهم ويسلك مسلكهم؟ لأن التعزية تقتضي أن الإنسان ينشط إذا أُصيب من قبله، يعني هل المحبب للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكون قوم نوح وعاد وفرعون أن يكونوا أجابوا أنبياءهم ووافقوهم ولم يعذبوا، أو المحبب لديه والمفضل لديه أن يكونوا كقومه؟ ما معنى التعزية والتسلية؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دعا قريشًا كذبوه ورموه بالأوصاف التي لا تليق به، ولا شك أنه تأثر بمثل هذا: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ}[الكهف:6]، يعني قاتل نفسك من أجل تكذيبهم وعدم هدايتهم، هل المحبب إليه -عليه الصلاة والسلام- أن يكون قوم نوح وعاد وفرعون، ومن تقدم من الأمم أن يكونوا أجابوا أنبياءهم ولم يحصل ما حصل لهم من التكذيب، ولم يحصل تبعًا لذلك ما حصل من العذاب أو يكون المحبب لديه أن يكونوا مثل قومه كذبوا فأهلكوا؟ بلا شك الأول، ما معنى تعزية؟ لأن الشيء الذي يسلى به لا شك أنه شيء مخفّف على النفس، يخفّف أم ما يخفِّف؟ الذي يسلى به يخفف على النفس، فهل الذي يخفِّف على نفسه -عليه الصلاة والسلام- أن تكون الأمم السابقة كذبت فعُذِّبت، أو الذي يسليه ويعزيه أنهم استجابوا لأنبيائهم ومتعوا في الدنيا والآخرة؟ لأن هناك كثير تعزية للنبي -عليه الصلاة والسلام- كتب التفسير كلها تقول هذا.

طالب: قد يقال حتى لا يظن أنه وحده كُذِّب من الرسل فذكر الله -عز وجل- له ذلك...

مثال واقعي، مثال واقعي لو أن طالبًا اختبر ورسب في بعض المواد، رسب في بعض المواد، ثم قيل له: انظر هؤلاء أجود منك رسبوا، هل يسرّه رسوبهم أم نجاحهم؟ هذا الأصل أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وبهذا يتعزى، هذا الأصل، لكن ما معنى تعزية للنبي؟ فيه معنى خفي جدًّا. أنا أقول في مثل هذا الكلام معنى خفي جدًّا.

طالب:.....

لكن ما وجد، الاثنان ليس بمشكل، لكن لما تخلف، ونظر في سوق المدينة ما وجد إلا شخصًا مغموصًا عليه بالنفاق اعتصره الألم في قلبه.

طالب: هذا يدل أنه لو كان وجد وربما كان أسوة.

مازالت المسألة، مازالت، التمني أليس أمرًا قلبيًّا؟ نعم، التمني أمر قلبي، الفرح أمر قلبي، والغم أمر قلبي، تترتب عليه آثاره إذا تكلم أو فعل، على الخلاف في الحسد، يعني إذا وجد الحسد وتمني زوال النعمة عن الغير، يعني إذا وجد في القلب دون فعل، عامة أهل العلم على أنه يأثم به، وعليه ترد النصوص، وابن الجوزي وبعض أهل العلم يقول: ما دام ما تكلم فهذا من حديث النفس. ولو قلنا: إن مثل هذه السلوى والتعزية؛ لأن التعزية يلزم منها التخفيف على النفس والفرح بمثل هذا، ولو كان من حديث النفس إلا أنه خلاف الأولى بالنسبة للأنبياء شأنهم أعظم من غيرهم. يعني ما أدري هل استطعت أن أبين الإشكال في مثل هذا أو لا؟ جوابه؟ المفسرون كلهم يقولون هذه تعزية للنبي -عليه الصلاة والسلام-، بعض الناس من أمثلة العوام يقول: الموت مع الناس رحمة، دعنا ممن دعا على الناس أن يُصابوا بمثله، هذا واضح أنه صنيعه محرم لا يجوز؛ لأن هذا تكلم، لكن لو تمنى في نفسه، فمعناه أنه تمنى زوال النعمة التي يتمتع بها غيره، وهذا هو الحسد الذي جاءت فيه النصوص، لو لم يرد مثل هذه الأخبار عن هذه الأمم، وكُذب النبي -عليه الصلاة والسلام-، واستحق قومه العذاب، فهل يكون الأمر عليه أشد؟

طالب: كأن التعزية ما يلزم منه أن يكون في فرح، هي نوع من التثبيت حتى ذكر الله أنه يقص عليه من أنباء ما سبق ليثبت..

ليثبت لو قال تثبيت فما فيه إشكال، لو قال: تثبيت فما في إشكال.

طالب: وهل يلزم من التعزية والتسلية أن يكون فيه فرح في القوم؟ ربما هو نوع من التخفيف..

هي تشمل الأمرين التثبيت، وتشمل أيضًا التخفيف من المصيبة، التخفيف من المصيبة في حد ذاته يورث شيئًا من الفرح، اللهم إلا إذا قلنا: إن هذا الموضع من المضايق التي لا يكتمل لها إلا النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه بالنسبة لغيره لا بد أن يُصاب بمثل هذا، وبالنسبة له لا يمكن مثل ما صنع في المصيبة، لما مات ابنه إبراهيم، حزن ودمعت عينه، ومع ذلك لا يقول إلا ما يرضي الرب، ولا يمكن أن يوجد في قلبه أدنى نسبة من الاعتراض على القدر، لكن هل هذا يوجد لغيره؟ نعم هذا إن وجد فهو نادر، لكن فيه صعوبة جدًّا مثل هذه الأمور.

طالب:.....

هو مكتوب وحصل، طابق المكتوب، الواقع طابق المكتوب، لكن ما معنى تعزية للنبي -عليه الصلاة والسلام-، التعزية فيها تخفيف من المصاب.

طالب: موت عمه أبو طالب يكون فيه تعزية.

هذا ما حل الإشكال، سواء كان موت عمه أو تكذيب قومه الذي يشتركون فيه مع الأمم السابقة.

طالب: ما يقال: إن الله -عز وجل- تفضَّل على نبيه بأنه ما يهلك أمته، وهؤلاء لما كذبوا أُهلكوا، فمن هذا الباب التعزية يعني إهلاكهم، فإنه رحمة بأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ما أهلكهم، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}[الأنفال:33].

أيضًا نفس الشيء.

طالب: يفرح لأمته الفرح يدخل فيه.

وماذا عمن سبق؟ ألا يتمنى لهم ويفرح لو وافقوا أنبياءهم وصدقوهم؟ هذا ما فيه شك أنه بالنسبة لغير النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يوجد منه هذا الذي استشكلنا، لكن بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- كالمواطن التي هي من مضايق الأنظار وردت فيها النصوص التي لا يمكن التخلص من بعضها، وهذا لا شك أنه يتبع اليقين، اليقين ودرجة الرسوخ في الإيمان، يوجد من الناس من تستوي عنده المصيبة وعدمها، لكن هذا يوجد لجميع الناس، أم لجل الناس أم لغالب الناس؟ لأن مسألة حزن القلب لا يمكن أن يوجد معه الاستواء، لو وجد الاستواء لما حزن القلب، وأرباب السلوك العلماء الذين يعتنون بأدواء القلوب يتكلمون على هذه المواضع ويرون التخلص منها بالنسبة لكثير من الناس دونه خرط القتاد، ولذا يوصون أولاً بإصلاح القلب، وأن يكون الهوى تبعًا لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك تتخلص المسائل وتتضح. أما أن يتعلق بدنياه، ويتعلق بولده، وماله، ومسكنه فهذا يعوق عن تحصيل الخيرات كلها. يقول: ذكرها تعزية للنبي -عليه الصلاة والسلام- وتسلية له، أي هؤلاء من قومك يا محمد جند من أحزاب متقدمين يتحزبوا على أنبيائهم، وقد كانوا أقوى من هؤلاء فأهلكوا. وذكر الله تعالى القول بلفظ التأنيث إلى آخره، نظرًا إلى أن القوم.

طالب: العشيرة.

العشيرة نعم، والقبيلة. ومثل هذا يؤنث له الفعل. وما يجوز فيه التذكير والتأنيث أن يؤنث له الفعل ويذكر؛ لأنه ليس بمؤنث حقيقي.

طالب:...

ما فيه شك أن الأنبياء كلهم أحبوا أن يؤمن قومهم.

طالب: ولمَ دعوا على أقوامهم؟

هم تعجّلوا لما أيسوا وجزموا أنه لن يؤمن إلا من قد آمن، ما فيه احتمال، ولذلك كانت مرتبة النبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل.

طالب:...

نعم، لكن مفاد التعزية مفاد التعزية أنها تقتضي تثبيتًا من جهة كما يحصل به تعزية المصاب، وفرح لو أن إنسانًا مات له أعز الناس إليه، وما جاء أحد يعزيه فما يكون وضعه؟ ما فيه شك أنه يُصاب بالغم والهم، لكن إذا عُزي وكلما كثر عليه المعزون خفَّ عنه المصاب.

"وَوَصَفَ فِرْعَوْنَ بِأَنَّهُ ذُو الْأَوْتَادِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَعْنَى ذُو الْبِنَاءِ الْمُحْكَمِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كَانَ كَثِيرَ الْبُنْيَانِ، وَالْبُنْيَانُ يُسَمَّى أَوْتَادًا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ أَوْتَادٌ وَأَرْسَانٌ وَمَلَاعِبُ يُلْعَبُ لَهُ عَلَيْهَا. وَعَنِ الضَّحَّاكِ أَيْضًا: ذُو الْقُوَّةِ وَالْبَطْشِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: كَانَ يُعَذِّبُ النَّاسَ بِالْأَوْتَادِ، وَكَانَ إِذَا غَضِبَ عَلَى أَحَدٍ مَدَّهُ مُسْتَلْقِيًا بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ فِي الْأَرْضِ، وَيُرْسِلُ عَلَيْهِ الْعَقَارِبَ وَالْحَيَّاتِ حَتَّى يَمُوتَ. وَقِيلَ: كَانَ" .

يشبح.

"يَشَبَحُ الْمُعَذَّبَ بَيْنَ أَرْبَعِ".

سوارٍ.

"سَوَارٍ، كُلُّ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ إِلَى سَارِيَةٍ مَضْرُوبٌ فِيهِ وَتِدٌ مِنْ حَدِيدٍ وَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَمُوتَ. وَقِيلَ: ذُو الْأَوْتَادِ أَيْ: ذُو الْجُنُودِ الْكَثِيرَةِ، فَسُمِّيَتِ الْجُنُودُ أَوْتَادًا؛ لِأَنَّهُمْ يُقَوُّونَ أَمْرَهُ كَمَا يُقَوِّي الْوَتِدُ الْبَيْتَ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْعَرَبُ تَقُولُ: هُمْ فِي عِزٍّ ثَابِتِ الْأَوْتَادِ، يُرِيدُونَ دَائِمًا شَدِيدًا. وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْبَيْتَ مِنْ بُيُوتِ الشَّعْرِ إِنَّمَا يَثْبُتُ وَيَقُومُ بِالْأَوْتَادِ. وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ:

وَلَقَدْ غَنَوْا فِيهَا بِأَنْعَمَ عِيشَةٍ
 

فِي ظِلِّ مُلْكٍ ثَابِتِ الْأَوْتَادِ
  

وَوَاحِدُ الْأَوْتَادِ وَتِدٌ بِالْكَسْرِ، وَبِالْفَتْحِ لُغَةٌ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: وَتِدٌ وَاتِدٌ كَمَا يُقَالُ: شُغْلٌ شَاغِلٌ. وَأَنْشَدَ لِلشَّاعِرِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيِّ:

لَاقَتْ عَلَى الْمَاءِ جُذَيْلًا وَاتِدَا
 

وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفُهَا الْمَوَاعِدَا
  

قَالَ: شَبَّهَ الرَّجُلَ بِالْجِذْلِ. {وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} أَيِ الْغَيْضَةُ".

الأكثر من المفسرين بأن السبب في وصفه بأنه ذو الأوتاد أن يتد من أراد تعذيبه، يثبت في الأرض أربعة أوتاد، ويربط كل طرف من أطرافه بهذا الوتد، ثم يعذبه بما شاء؛ لئلا يستطيع الدفاع عن نفسه أو الحركة، نسأل الله العفو والعافية.

طالب:...

لا أو أكثر ما يلزم أن يكون أول.

"{وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} أَيِ الْغَيْضَةُ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهَا فِي الشُّعَرَاءِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ: " لَيْكَةَ " بِفَتْحِ اللَّامِ وَالتَّاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. وَهَمَزَ الْبَاقُونَ وَكَسَرُوا التَّاءَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا.

أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ أَيْ هُمُ الْمَوْصُوفُونَ بِالْقُوَّةِ وَالْكَثْرَةِ، كَقَوْلِكَ: فُلَانٌ هُوَ الرَّجُلُ".

الأحزاب إعرابها؟ إذا قلنا: إن الجملة مستقلة: {أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ}[ص:13]، وصفهم بالجملة المعرفة الجزأين هو الذي يقتضي القوة إذا قلت: فلان هو الرجل، هذا أسلوب من أساليب الحصر والقصر، {أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ} [ص:13]، يعني لا غيرهم، فالجملة حينئذٍ تكون مبتدأً وخبرًا، وإذا قلنا: إن أولئك إشارة، والأحزاب بدل أو بيان، يكون اختلف الأمر، وعلى كل حال المعرفة إذا جاءت بعد اسم إشارة تكون بدلًا أو بيانًا، هذا هو الأصل: والعيش بعد أولئك الأقوام، {أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ}[ص:13]، وإذا قلنا: إنهم وصفوا بجملة معرفة الجزأين للحصر، يعني لما نتحدث عن الأحزاب الذين تحزَّبوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، ونذكر من شدتهم على النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، قد يقول قائل: {أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ}[ص:13] يعني لا هؤلاء، وأن هؤلاء بالنسبة لأولئك لا شيء؛ لأن تعريف جزئي الجملة يفيد الحصر، مع أنه حصل من أولئك من الظرف المحتف بهم المقارن لهم بحيث أُصيب النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام بما أُصيبوا من هم وغم، وبلغت القلوب الحناجر، ومع ذلك فرج عنهم، لكن مقصودي أن الأسلوب حصري {أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ}[ص:13]، {أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ}[ص:13] قال: هم الموصوفون بالقوة والكثرة كقولك: فلان هو الرجل، والشاعر زيد، وحسان وما أشبه ذلك، تعريف جزئي الجملة هذا أسلوب حصري. ولا شك أنه هو المناسب للسياق باعتبار أنهم يوصفون بهذه القوة بحيث تكون قوة غيرهم لا شيء، فإذا قيل مثلًا: تحزَّبت أمم الكفر على العراق مثلًا، تحزَّبت ويذكر من وصفهم ما يجعل المسلم يُصاب بشيء من الذعر والهلع والخوف، يقول: {أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ}[ص:13] قوم نوح عاد، فرعون، أولئك الأحزاب، وأما هؤلاء فليسوا بشيء بالنسبة لهم. وهذا فيه تسلية لنا، هذا فيه تسلية لنا.

"إِنْ كُلٌّ بِمَعْنَى مَا كُلٌّ. {إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} أَيْ: فَنَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ لِذَلِكَ التَّكْذِيبِ. وَأَثْبَتَ يَعْقُوبُ الْيَاءَ فِي "عَذَابِي" وَ"عِقَابِي" فِي الْحَالَيْنِ، وَحَذَفَهَا الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} فَسَمَّى هَذِهِ الْأُمَمَ أَحْزَابًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} يَنْظُرُ بِمَعْنَى يَنْتَظِرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} هَؤُلَاءِ يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ. إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً أَيْ: نَفْخَةُ الْقِيَامَةِ. أَيْ: مَا يَنْتَظِرُونَ بَعْدَ مَا أُصِيبُوا بِبَدْرٍ إِلَّا صَيْحَةَ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: مَا يَنْتَظِرُ أَحْيَاؤُهُمُ الْآنَ إِلَّا الصَّيْحَةَ الَّتِي هِيَ النَّفْخَةُ فِي الصُّوَرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُوَ يَخِصِّمُونَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً}، وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ قُرْبِ الْقِيَامَةِ وَالْمَوْتِ. وَقِيلَ: أَيْ: مَا يَنْتَظِرُ كُفَّارُ آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُتَدَيِّنِينَ بِدِينِ أُولَئِكَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً وَهِيَ النَّفْخَةُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو".

كفار آخر الزمان المراد بهم من يأتي في آخر الزمان، أو الذين كذبوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، نزل القرآن في وقت تكذيبهم؛ لأنه يقول: أي ما ينتظر كفار آخر هذه الأمة.

طالب:...

الواضح كلامه أنه في آخر هذه الأمة، لكن ماذا عمن وجد في عصره -عليه الصلاة والسلام- ما ينتظرهم، ما الذي ينتظرونه؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- بُعِث مع الساعة كهاتين. لو حذفت آخر لكان أولى: ما ينتظر كفار هذه الأمة، كفار هذه الأمة، ما فيه وصف يخص كفار آخر هذه الأمة عن كفار أولها، إلا إن كان مراده لقربهم من الساعة، لكن هذا ليس بملحظ.

طالب: الموجودون وقت النفخة يعني ما ماتوا قبلها كانوا أحياء عندما تقوم الساعة.

نعم، لكن مع ذلك الخوف من الساعة من عهده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه بُعِث هو والساعة كهاتين ولما كسفت الشمس خرج يجر رداءه يظن أنها الساعة، وهو من الساعة على خوف ووجل باستمرار -عليه الصلاة والسلام-.

"وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَمْ تَكُنْ صَيْحَةٌ".

صيحةٌ.

"لَمْ تَكُنْ صَيْحَةٌ. فِي السَّمَاءِ إِلَّا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ. مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ أَيْ مِنْ تَرْدَادٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وقال مُجَاهِدٌ: مَا لَهَا رُجُوعٌ. وقال قَتَادَةُ: مَا لَهَا مِنْ مَثْنَوِيَّةٍ".

يعني ما لها من تقطيع، يعني متصلة، صيحة واحدة ممدودة.

"وقال السُّدِّيُّ: مَا لَهَا مِنْ إِفَاقَةٍ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "مَا لَهَا مِنْ فُوَاقٍ" بِضَمِّ الْفَاءِ. الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْفَوَاقُ وَالْفُوَاقُ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهَا تُحْلَبُ ثُمَّ تُتْرَكُ سُوَيْعَةً يَرْضَعُهَا الْفَصِيلُ؛ لِتُدِرَّ ثُمَّ تُحْلَبُ. يُقَالُ: مَا أَقَامَ عِنْدَهُ إِلَّا فَوَاقًا، وَفِي الْحَدِيثِ: «الْعِيَادَةُ قَدْرُ فَوَاقِ النَّاقَةِ».

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ أَيْ: مَا لَهَا مِنْ نَظْرَةٍ وَرَاحَةٍ وَإِفَاقَةٍ. وَالْفِيقَةُ بِالْكَسْرِ اسْمُ اللَّبَنِ الَّذِي يَجْتَمِعُ بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ: صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً؛ لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا، قَالَ الْأَعْشَى يَصِفُ بَقَرَةً:

حَتَّى إِذَا فِيقَةٌ فِي ضَرْعِهَا اجْتَمَعَتْ
 

جَاءَتْ لِتُرْضِعَ شِقَّ النَّفْسِ لَوْ رَضَعَا
 

وَالْجَمْعُ فِيَقٌ ثُمَّ أَفْوَاقٌ، مِثْلَ: شِبَرٌ وَأَشْبَارٌ، ثُمَّ أَفَاوِيقُ. قَالَ ابْنُ هَمَّامٍ السَّلُولِيُّ:

وَذَمُّوا لَنَا الدُّنْيَا وَهُمْ يَرْضَعُونَهَا
 

أَفَاوِيقَ حَتَّى مَا يُدِرُّ لَهَا ثُعْلُ"
 

يعني بعض من يخالف قوله عمله من الوعاظ، والعلماء الذين تعلُّقهم بالدنيا، ينصحون الناس ويزهِّدونهم في الدنيا وهم يرضعونها.

طالب: الحديث في العيادة قدر فواق؟

ماذا يقول؟

طالب: حديث العيادة؟

مخرج؟

طالب: قال: ذكره ابن الأثير في النهاية، ولم أرَه مسندًا، ولعله ....، والحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وأخرجه ابن أبي الدنيا في المرضى والكفارات، وأخرجه الديلمي، وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض عن أنس بإسناد فيه جهالة، والحديث ضعفه الألباني.

نعم، ضعيف.

طالب: في تخريج الكتاب يقول: رمز له السيوطي بالصحة.

الإشكال أن السيوطي في رموزه يلتبس بعضها في بعض؛ لأن الصحيح يُرمز له بصاد، والضعيف يُرمز له بضاد، فيلتبس هذا بهذا.

طالب:... في إسناده مندل بن علي أبو عبد الله العنزي الكوفي ضعفه أحمد..

ضعيف ضعيف. نعم.

"وَالْأَفَاوِيقُ أَيْضًا مَا اجْتَمَعَ فِي السَّحَابِ مِنْ مَاءٍ، فَهُوَ يُمْطِرُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ. وَأَفَاقَتِ النَّاقَةُ إِفَاقَةً أَيِ: اجْتَمَعَتِ الْفِيقَةُ فِي ضَرْعِهَا، فَهِيَ مُفِيقٌ وَمُفِيقَةٌ -عَنْ أَبِي عَمْرٍو- وَالْجَمْعُ مَفَاوِيقُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُمَا: مِنْ فَوَاقٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ: رَاحَةٌ لَا يُفِيقُونَ فِيهَا، كَمَا يُفِيقُ الْمَرِيضُ وَالْمَغْشِيُّ عَلَيْهِ. وَ "مِنْ فُوَاقٍ" بِضَمِّ الْفَاءِ: مِنَ انْتِظَارٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ.

 قُلْتُ: وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ أَنَّهَا مُمْتَدَّةٌ لَا تَقْطِيعَ فِيهَا. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ... الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: «يَأْمُرُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، وَيَأْمُرُهُ فَيَمُدُّهَا وَيُدِيمُهَا وَيُطَوِّلُهَا. يَقُولُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {مَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ}» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، خَرَّجَهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَغَيْرُهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ".

على خلاف بين أهل العلم في عدد النفخات، هل هي اثنتان أم ثلاث، منهم من يفرد نفخة الفزع عن نفخة الصعق، ونفخة البعث، فيجعلها ثلاثًا، ومنهم من يجعل نفخة الفزع والصعق واحدة، بأن تمد النفخة فيفزع الناس في أولها، ويصعقون في آخرها، وأما نفخة البعث فمعروفة.

طالب: والراجح يا شيخ؟

التسميات الثلاث جاءت في النصوص: {فَفَزِعَ}، {فَصَعِقَ}، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى}[الزمر:86]، على كل حال الخلاف معروف عند أهل العلم، والأدلة تحتمل أن تكون ثلاثًا.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} قَالَ مُجَاهِدٌ: عَذَابَنَا. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ: نَصِيبَنَا مِنَ الْعَذَابِ. الْحَسَنُ: نَصِيبَنَا مِنَ الْجَنَّةِ لِنَتَنَعَّمَ بِهِ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَه سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَمَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ لِلنَّصِيبِ قِطٌّ، وَلِلْكِتَابِ الْمَكْتُوبِ بِالْجَائِزَةِ قِطٌّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْقِطُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّكِّ: قِطٌّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْكِسَائِيُّ: الْقِطُّ الْكِتَابُ بِالْجَوَائِزِ، وَالْجَمْعُ الْقُطُوطُ، قَالَ الْأَعْشَى:

وَلَا الْمَلِكُ النُّعْمَانُ يَوْمَ لَقِيتُهُ
 

بِغِبْطَتِهِ يُعْطِي الْقُطُوطَ وَيَأْفِقُ"
  

بغبطته.

"يَعْنِي كُتُبَ الْجَوَائِزِ. وَيُرْوَى: بِأُمَّتِهِ بَدَلَ بِغِبْطَتِهِ، أَيْ: بِنِعْمَتِهِ وَحَالِهِ الْجَلِيلَةِ، وَيَأْفِقُ: يُصْلِحُ. وَيُقَالُ: فِي جَمْعِ قِطٍّ أَيْضًا قِطَطَةٌ، وَفِي الْقَلِيلِ أُقُطٌ وَأَقْطَاطٌ. ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: سَأَلُوا أَنْ يُمَثِّلَ لَهُمْ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؛ لِيَعْلَمُوا حَقِيقَةَ مَا يُوعَدُونَ بِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: الْمَعْنَى عَجِّلْ لَنَا أَرْزَاقَنَا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ عَجِّلْ لَنَا مَا يَكْفِينَا، مِنْ قَوْلِهِ: قَطْنِي، أَيْ: يَكْفِينِي. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ؛ اسْتِعْجَالًا لِكُتُبِهِمُ الَّتِي يُعْطَوْنَهَا بِأَيْمَانِهِمْ وَشَمَائِلِهِمْ حِينَ تُلِي عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} وَأَصْلُ الْقِطِّ الْقَطُّ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَمِنْهُ قَطَّ الْقَلَمَ، فَالْقَطُّ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الشَّيْءِ كَالْقَسْمِ وَالْقِسْمِ فَأُطْلِقَ عَلَى النَّصِيبِ وَالْكِتَابِ وَالرِّزْقِ؛ لِقَطْعِهِ عَنْ غَيْرِهِ، إِلَّا أَنَّهُ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرَ اسْتِعْمَالًا وَأَقْوَى حَقِيقَةً. قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:

قَوْمٌ لَهُمْ سَاحَةُ الْعِرَاقِ وَمَا
 

يُجْبَى إِلَيْهِ وَالْقِطُّ وَالْقَلَمُ
  

{قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} أَيْ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الدُّنْيَا إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ. وَكُلُّ هَذَا اسْتِهْزَاءٌ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} أَمَرَ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالصَّبْرِ لَمَّا اسْتَهْزَءُوا بِهِ. وَهَذِهِ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ".

لأن الآية مكية، والجهاد إنما شرع بالمدينة.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ} لَمَّا ذَكَرَ مِنْ أَخْبَارِ الْكُفَّارِ وَشِقَاقِهِمْ وَتَقْرِيعِهِمْ بِإِهْلَاكِ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَمَرَ نَبِيَّهُ -عليه الصلاة والسلام- بِالصَّبْرِ عَلَى أَذَاهُمْ، وَسَلَّاهُ بِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ثُمَّ أَخَذَ فِي ذِكْرِ دَاوُدَ وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِيَتَسَلَّى بِصَبْرِ مَنْ صَبَرَ مِنْهُمْ، وَلِيَعْلَمَ أَنَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ أَضْعَافَ مَا أُعْطِيَهُ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى اصْبِرْ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَاذْكُرْ لَهُمْ أَقَاصِيصَ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِتَكُونَ بُرْهَانًا عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِكَ. {ذَا الْأَيْدِ}: ذَا الْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ. وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَذَلِكَ أَشَدُّ الصَّوْمِ وَأَفْضَلُهُ".

وهذا أشق على النفس من صيام الدهر، أشق على النفس من صيام الدهر؛ لأن الإنسان إذا صام الدهر وعوَّد نفسه عليه، ولا يوجد يوم يفطر فيه قبله ولا بعده تسلو النفس، ولا تنتظر الأكل بالنهار، تنفطم النفس، وأما إذا صام يومًا وأفطر يومًا شق عليه ذلك، كلما تباعد الصيام الذي لا يصوم إلا قليلًا يصعب عليه الصيام، كلما أكثر من الصيام يسهل عليه، لكن لاشك أن أفضل الصيام صيام داود- عليه السلام-.

طالب: إذا كان هو أشد على النفس فلمَ أرشد عبد الله بن عمرو إليه؟

ابن عمرو ما رضي أن يصوم كل شهر ثلاثة أيام.

طالب: صيام الدهر أيسر له.

نعم، لكن لا صام من صام الأبد، هذا منهيٌ عنه.

"وَكَانَ يُصَلِّي نِصْفَ اللَّيْلِ، وَكَانَ لَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى الْعَدُوَّ، وَكَانَ قَوِيًّا فِي الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى".

معروف عن صلاة داود -عليه السلام- أنه ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه ثم ينام سدسه، هذا قيام داود، وكان لا يفر إذا لاقى، ومناسبته للصيام والصلاة، مناسبة هذه الجملة واضحة أنه إذا أفطر تقوَّى للقاء العدو، إذا أفطر يومًا وصام يومًا، وكذلك إذا نام نصف الليل تقوَّى أيضًا فلا يلزم من ذلك الفرار إذا لاقى العدو.

"وَقَوْلُهُ: "عَبْدَنَا" إِظْهَارًا لِشَرَفِهِ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ وَيُقَالُ: الْأَيْدُ وَالْآدُّ كَمَا تَقُولُ: الْعَيْبُ وَالْعَابُ. قَالَ:

لَمْ يَكُ يَنْآدُ فَأَمْسَى انْآدَا وَمِنْهُ رَجُلٌ أَيِّدٌ أَيْ: قَوِيٌّ. وَتَأَيَّدَ الشَّيْءُ تَقَوَّى، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا الْقَوْسُ وَتَّرَهَا أَيِّدٌ
 

رَمَى فَأَصَابَ الْكُلَى وَالذُّوَا"
  

طالب: وصف القوة في الدعاء، المراد به...

الدعاء إلى الله يعني الدعوة إلى الله، في الدعوة نعم.

"يَقُولُ: إِذَا اللَّهُ وَتَّرَ الْقَوْسَ الَّتِي فِي السَّحَابِ رَمَى كُلَى الْإِبِلِ وَأَسْمَنَهَا بِالشَّحْمِ. يَعْنِي مِنَ النَّبَاتِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْمَطَرِ. "إِنَّهُ أَوَّابٌ" قَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ: تَوَّابٌ. وَعَنْ غَيْرِهِ: أَنَّهُ كُلَّمَا ذَكَرَ ذَنْبَهُ أَوْ خَطَرَ عَلَى بَالِهِ اسْتَغْفَرَ مِنْهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

اللهم صل وسلم على محمد.

"«إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةَ مِائَةَ مَرَّةٍ». وَيُقَالُ: آبَ يَئُوبُ إِذَا رَجَعَ، كَمَا قَالَ:

وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَئُوبُ
 

وَغَائِبُ الْمَوْتِ لَا يَئُوبُ
  

فَكَانَ دَاوُدُ رَجَّاعًا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَرِضَاهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ، فَهُوَ أَهْلٌ لِأَنْ يُقْتَدَى بِهِ".

وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالاقتداء بمن تقدمه من الأنبياء: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ } [الأنعام:90].

طالب:...

يعني إذا صام الأيام التي جاء الحث عليها يعادل صيام داود؟

طالب:....

لا؛ لأنه إذا صام الثلاثة أيام من كل شهر فكأنه صام الدهر، هذا ما يمكنه مجموعها إذا قلنا: إنه يقتصر على ما جاء النص عليه أنه يعادل صيام داود، في كل سنة عندك شهر، والست، وتسع ذي الحجة، وثلاثة أيام من كل شهر، إن أضفت إليها الخميس صارت أكثر، لكن ما تصل إلى نصف الدهر.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:

الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ} يُسَبِّحْنَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. ذَكَرَ تَعَالَى مَا آتَاهُ مِنَ الْبُرْهَانِ وَالْمُعْجِزَةِ وَهُوَ تَسْبِيحُ الْجِبَالِ مَعَهُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَ دَاوُدُ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ - جَلَّ وَعَزَّ - ذَكَرَتِ الْجِبَالُ مَعَهُ، وَكَانَ يَفْقَهُ تَسْبِيحَ الْجِبَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُسَبِّحْنَ يُصَلِّينَ. وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا مُعْجِزَةً إِذَا رَآهُ النَّاسُ وَعَرَفُوهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أُوتِيَ دَاوُدُ مِنْ حُسْنِ الصَّوْتِ مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْجِبَالِ دَوِيٌّ حَسَنٌ، وَمَا تُصْغِي لِحُسْنِهِ الطَّيْرُ وَتُصَوِّتُ مَعَهُ، فَهَذَا تَسْبِيحُ الْجِبَالِ وَالطَّيْرِ".

أما ما أوتي من حسن الصوت فهذا يشهد له حديث أبي موسى: أوتي مزمارًا من مزامير آل داود.

طالب: أليس هذا تأويلً يا شيخ أحسن الله إليك؟

أيه؟

طالب: كلام محمد بن إسحاق: مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْجِبَالِ دَوِيٌّ حَسَنٌ؟ نسب التسبيح للجبال، فليس بتسبيح.

ما يُنسب إلى ما لا يعقل يختلف فيه أهل العلم هل هو تسبيح، أو ذكر مقال أو حال؟ هذا معروف عند أهل العلم، لكن ما فيه ما يمنع أن يكون مقالًا؛ لأن القدرة الإلهية لا شك أنها فوق هذا كله.

طالب:..

نعم، وكلام النمل وكلام كذا بدون شك أن هذا على أصله، على حقيقته. لكنه قول معروف عند أهل العلم، هل هو حال أو مقال؟ معروف.

"وَقِيلَ: سَخَّرَهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِتَسِيرَ مَعَهُ فَذَلِكَ تَسْبِيحُهَا؛ لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنْ شِبَهِ الْمَخْلُوقِينَ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي [سَبَأٍ] وَفِي [سُبْحَانَ] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، وَأَنَّ ذَلِكَ تَسْبِيحُ مَقَالٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْأَقْوَالِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

{بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} الْإِشْرَاقُ أَيْضًا ابْيِضَاضُ الشَّمْسِ بَعْدَ طُلُوعِهَا. يُقَالُ: شَرِقَتِ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ، وَأَشْرَقَتْ إِذَا أَضَاءَتْ. فَكَانَ دَاوُدُ يُسَبِّحُ إِثْرَ صَلَاتِهِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا. الثَّانِيَةُ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَمُرُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ: بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَلَا أَدْرِي مَا هِيَ، حَتَّى حَدَّثَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى، وَقَالَ: «يَا أُمَّ هَانِئٍ، هَذِهِ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ»".

يوم الفتح صلى صلاة الضحى عند أم هانئ في يوم الفتح، ومنهم من يقول: إن هذه الصلاة هي صلاة الفتح، وليست صلاة الإشراق ولا صلاة الضحى.

" وَقَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ صَلَاةِ الضُّحَى حَتَّى وَجَدْتُهَا فِي الْقُرْآنِ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ".

مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أوصى به جمعًا من أصحابه، وقال في مقابل النعم والمفاصل والسلامى ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى.

قال عكرمة..

طالب: على الديمومة أم على التقطع؟

على الديمومة، دائمة، صلاة الضحى دائمة.

طالب: أحسن الله إليك، هل يصح تسميتها بناءً على هذا الحديث..؟

تسمى صلاة الإشراق باعتبار أنها في أول وقتها، إذا فُعلت الضحى في أول وقتها سميت الإشراق.

طالب:...

إذا لم يثبت الخبر في أن من جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين له أجر حجة، إذا لم يثبت هذا الخبر فالأمر فيه سعة، وإن صلاها باعتبار رجاء الثواب المرتب على هذا الخبر فهو أكمل، ويصلي ركعتين إذا رمدت الفصال.

طالب: ثم في هذا الخبر ماذا تفيد؟ الترتيب مع عدم التوالي يعني ممكن يؤخر استدلالاً بثم؟

على كل حال في مصلاه يعني.

"قَالَ عِكْرِمَةُ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى ثُمَّ صَلَّاهَا بَعْدُ. وَرُوِيَ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَجِدُّ فِي كتابِ اللَّهِ صَلَاةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ هِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا أُوجِدُكَ فِي الْقُرْآنِ، ذَلِكَ فِي قِصَّةِ دَاوُدَ: {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ}".

نعم، ابن القيم، ابن القيم -رحمه الله- ذكر في طريق الهجرتين البرنامج الذي يسير عليه المقربون، والأبرار قال: إن الأبرار يأتون إلى صلاة الصبح مع الأذان، ويقربون من الإمام ويستمعون لقراءته، وقراءته مشهودة، ثم يجلسون يذكرون الله في مصلاهم، ثم إذا طلعت الشمس صلوا ركعتين وانصرفوا. هؤلاء هم الأبرار، وأما بالنسبة للمقربين فهذه صفتهم إلا أنهم إذا طلعت الشمس إن شاءوا صلوا، وإن شاءوا انصرفوا، مع أن المقربين أكمل من الأبرار، والسبب في ذلك أن المقربين ينصرفون إلى عبادات، والأبرار ينصرفون إلى أعمالهم من أمور الدنيا، ينصرفون إلى عبادات، فلا يمكن أن يضيعوا صلاة الضحى ينصرفون من هذا المجلس إلى مجلس آخر يزاولون فيه عبادات أخرى. وأما الأبرار فهم يصلون هاتين الركعتين، وينصرفون إلى أعمالهم في أمور الدنيا.

"الثَّالِثَةُ: صَلَاةُ الضُّحَى نَافِلَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، وَهِيَ فِي الْغَدَاةِ بِإِزَاءِ الْعَصْرِ فِي الْعَشِيِّ، لَا يَنْبَغِي أَنْ تُصَلَّى حَتَّى تَبْيَضَّ الشَّمْسُ طَالِعَةً، وَيَرْتَفِعُ كَدَرُهَا، وَتُشْرِقُ بِنُورِهَا".

يعني ينتهي وقت النهي؛ لأن النهي عن الصلاة حتى تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، ويكفي في ذلك ربع ساعة.

"كَمَا لَا تُصَلَّى الْعَصْرُ إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ»، الْفِصَالُ وَالْفِصْلَانُ جَمْعُ فَصِيلٍ، وَهُوَ الَّذِي يُفْطَمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مِنَ الْإِبِلِ. وَالرَّمْضَاءُ شِدَّةُ الْحَرِّ فِي الْأَرْضِ. وَخُصَّ الْفِصَالُ هُنَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَرْمَضُ قَبْلَ انْتِهَاءِ شِدَّةِ الْحَرِّ الَّتِي تَرْمَضُ بِهَا أُمَّهَاتُهَا لِقِلَّةِ جَلَدِهَا، وَذَلِكَ يَكُونُ فِي الضُّحَى أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، وَهُوَ الْوَقْتُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُبَادِرُ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ اسْتِعْجَالًا، لِأَجْلِ شُغْلِهِ فَيَخْسَرُ عَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَيَأْتِي بِعَمَلٍ هُوَ عَلَيْهِ لَا لَهُ".

أي يصليها في وقت النهي، يصليها في وقت النهي هذا استعجل، وبدلاً من أن يلتمس الأجر من الله -جل وعلا- يخشى عليه من الإثم، والناس ينظرون إلى التقويم، فإذا رأوا الإشراق في ساعة كذا مثلاً ساعة ست وثلاثين صلوا، وهذا وقت النهي، ينتظر بعد ذلك ربع ساعة، أو اثنتي عشرة دقيقة، أو بينهما ليرتفع وقت النهي.

طالب:...

يعني يقسم بين سبع إلا ربعًا واثني عشر وقت تبدأ الشمس تحتر، يعني تزيد بحيث لا يطيقها المترف والمنعم وصغار البهائم وأشباه ذلك.

طالب:...

في هذا ترمض الأمهات وليس الفصال.

طالب:...

على كل حال كونها مقترنة بالرمضاء يعني النص يشير إلى أن شدة الحر له أثر في وقتها، كما أن الأذكار أذكار الصباح والمساء اقترانها بطلوع الشمس وغروبها يدل على أنها كلما ارتبطت بهذا الوصف تكون أفضل.

طالب:...

لا، ما تشتد ولا مع الظهر الآن، أنت لا تنظر إلى هذا الوقت، لكن انظر إليه بعد شهر سبعة. طالب: أنا أقصد بالصيف.

بالصيف الحرارة شديدة، لكن كما تأخرت أشد، لكن الآن المنصوص عليه أن ترمض الفصال وليس الأمهات.

طالب:..

هو الوقت الذي ينطبق عليه الحديث: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال»، وليس المقصود شدة الحر.

طالب: يعني هو الضحى؟

هو الضحى.

طالب: يستمر الوقت إلى؟

إلى ما قبل وقت الزوال، إلى وقت النهي، يعني من خروج وقت النهي بارتفاع الشمس إلى أن يقوم قائم الظهيرة، هذا وقت صلاة الضحى.

طالب: قبل الظهر بربع ساعة؟

لا، أكثر؛ لأن الشمس تقف في كبد السماء، فيحتاط لها.

طالب: ربع ساعة أو ثلث قبل الظهر؟

قبل الظهر لو كف عن الصلاة قبل أفضل؛ لأن الشمس تقف في كبد السماء مدة، يعني يراها الناظر كأنها واقفة فيتقدم.

طالب: الجنائز في هذا الوقت ..

في الثلاث ساعات الأوقات المضيقة لا، لا يُصلى عليه، ولا تدفن في الأوقات المضيقة الثلاث  وفي الوقتين الموسعين لا بأس.

طالب:...

لأنه يقول: ثلاث ساعات عقبة بن عامر: «ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا» فمن باب أولى صلاة الجنازة.

طالب:...

يعني هل العبرة بالحال أو بالمآل، القاعدة هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ والقاعدة لها فروع، يعني شخص أحرم بالعمرة قبل إعلان الشهر رمضان، ووأداها كلها في رمضان هل عمرته رمضانية أو شعبانية؟

شعبانية، ولو أحرم بالعمرة قبيل نهاية شهر رمضان، قبيل غروب شمس آخر ليلة من شهر رمضان، وأداها ليلة العيد أو في يوم العيد عمرته رمضانية فالعبرة بالحال.

طالب: الصلاة قبل الزوال يوم الجمعة هل ينكر على من يصلون؟

جاء ما يدل على أن الجمعة لا تسجر فيها النار، وأنه ليس فيه وقت نهي، وأن الصحابة يصلون حتى يدخل الإمام، الأمر فيه سعة إن شاء الله.

"الرَّابِعَةُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:  «مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الْجَنَّةِ» قَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ".

أخرجه.

طالب: أخرجه الترمذي..

يختلف التخريج عندكم؟

طالب: أخرجه الترمذي من حديث أنس، وللحديث شواهد..

ولذلك يقولون: أكثر صلاة الضحى ثمان، أكثرها ثمان على ما جاء في حديث أم هانئ.

"وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِي مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَةِ الضُّحَى غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ".

وأوصى بها أبو الدرداء.

"وَقَالَ مُسْلِمٌ: «وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى». وَخَرَّجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ كَمَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الضُّحَى رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرَهُ ثِنْتَا عَشْرَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَصْلُ السُّلَامَى (بِضَمِّ السِّينِ) عِظَامُ الْأَصَابِعِ وَالْأَكُفِّ وَالْأَرْجُلِ".

ورد عن أهل العلم أنهم يستغلون هذا الوقت في العبادة، وأن منهم من يصلي الركعات الكثيرة، حتى ذكر عن الحافظ عبد الغني -رحمه الله- أنه يصلي فيما بين ارتفاع الشمس إلى الزوال ثلاثمائة ركعة، ثلاثمائة ركعة، وفي الصيف يمكن إذا تصورنا أن أقل مدة للركعة دقيقة واحدة، لكن مثل هذه الأيام ثلاثمائة فيها صعوبة. وعلى كل حال على الإنسان أن يكلف من العمل ما يطيق، وما يمكن أن يداوم عليه، لكن لو أكثر أحيانًا وقلل أحيانًا واستغل نشاطه فيما ينفعه هذا هو الأصل.

طالب:...

يعني مع ما يُسمع مما ورد في صلاة الضحى مما لا يثبت عنده، وكون أصل المسألة متقررة عنده، ثم يرجح بمثل هذا.

طالب:..

يقابلها صلاة العصر، نعم يقابلها صلاة العصر.

طالب:..

باعتبار قوة المخالف، الخلاف فيها قوي، لكن النصوص صريحة وصحيحة في المراد.

"وَأَصْلُ السُّلَامَى (بِضَمِّ السِّينِ) عِظَامُ الْأَصَابِعِ وَالْأَكُفِّ وَالْأَرْجُلِ. ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي سَائِرِ عِظَامِ الْجَسَدِ وَمَفَاصِلِهِ. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ، فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ، وَحَمِدَ اللَّهَ، وَهَلَّلَ اللَّهَ، وَسَبَّحَ اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً، أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ سُلَامَى، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ قَالَ أَبُو تَوْبَةَ: وَرُبَّمَا قَالَ: يمْشي كَذَا»".

يمشي أم يمسى؟

"يُمسي، كذا خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلُهُ: وَيُجْزِي مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ أَيْ: يَكْفِي مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ عَنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ رَكْعَتَانِ. وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَمَلٌ بِجَمِيعِ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ، فَإِذَا صَلَّى فَقَدْ قَامَ كُلُّ عُضْوٍ بِوَظِيفَتِهِ الَّتِي عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً} مَعْطُوفٌ عَلَى الْجِبَالِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَوْ قُرِئَ "وَالطَّيْرُ مَحْشُورَةٌ" لَجَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرِ الْفِعْلُ".

إذ إن الواو استئنافية.

"قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ دَاوُدُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِذَا سَبَّحَ جَاوَبَتْهُ الْجِبَالُ وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الطَّيْرُ فَسَبَّحَتْ مَعَهُ. فَاجْتِمَاعُهَا إِلَيْهِ حَشْرُهَا. فَالْمَعْنَى: وَسَخَّرْنَا الطَّيْرَ مَجْمُوعَةً إِلَيْهِ لِتُسَبِّحَ اللَّهَ مَعَهُ. وَقِيلَ: أَيْ: وَسَخَّرْنَا الرِّيحَ لِتَحْشُرَ الطُّيُورَ إِلَيْهِ لِتُسَبِّحَ مَعَهُ. أَوْ أَمَرْنَا الْمَلَائِكَةَ تَحْشُرُ الطُّيُورَ "كُلٌّ لَهُ" أَيْ لِدَاوُدَ "أَوَّابٌ" أَيْ مُطِيعٌ، أَيْ: تَأْتِيهِ وَتُسَبِّحُ مَعَهُ. وَقِيلَ: الْهَاءُ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-".

إذا قلنا يعني رجاع تواب التوبة لله -جل وعلا-.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} أَيْ قَوَّيْنَاهُ حَتَّى ثَبَتَ. قِيلَ: بِالْهَيْبَةِ وَإِلْقَاءِ الرُّعْبِ مِنْهُ فِي الْقُلُوبِ. وَقِيلَ: بِكَثْرَةِ الْجُنُودِ. وَقِيلَ: بِالتَّأْيِيدِ وَالنَّصْرِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ. فَلَا يَنْفَعُ الْجَيْشَ الْكَثِيرَ الْتِفَافُهُ عَلَى غَيْرِ مَنْصُورٍ وَغَيْرِ مُعَانٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: كَانَ دَاوُدُ أَشَدَّ مُلُوكِ الْأَرْضِ سُلْطَانًا. كَانَ يَحْرُسُ مِحْرَابَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ، فَإِذَا أَصْبَحَ قِيلَ: ارْجِعُوا فَقَدْ رَضِيَ عَنْكُمْ نَبِيُّ اللَّهِ. وَالْمَلِكُ عِبَارَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الْمُلْكِ، فَقَدْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ مُلْكٌ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ مَلِكًا حَتَّى يَكْثُرَ ذَلِكَ، فَلَوْ مَلَكَ الرَّجُلُ دَارًا وَامْرَأَةً لَمْ يَكُنْ مَلِكًا حَتَّى يَكُونَ لَهُ خَادِمٌ يَكْفِيهِ مُؤْنَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَنَافِعِ الَّتِي يَفْتَقِرُ إِلَيْهَا لِضَرُورَتِهِ الْآدَمِيَّةِ".

يعني جاء في وصف بني إسرائيل مما امتن الله به عليهم أن جعلهم ملوكًا، {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} [المائدة:20]، والمقصود أنه جعل لكل واحد زوجة، ودارًا وخادمًا، هذا ملك.

"وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي [ بَرَاءَةَ]، وَحَقِيقَةُ الْمُلْكِ فِي [النَّمْلِ] مُسْتَوْفًى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:

الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} أَيِ النُّبُوَّةُ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. قال مُجَاهِدٌ: الْعَدْلُ. قال أَبُو الْعَالِيَةِ: الْعِلْمُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وقال قَتَادَةُ: السُّنَّةُ. وقال شُرَيْحٌ: الْعِلْمُ وَالْفِقْهُ. "وَفَصْلَ الْخِطَابِ" قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي الْفَصْلَ فِي الْقَضَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنِ وَالْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيَانُ الْكَلَامِ. قال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هُوَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. وَقَالَهُ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ أَيْضًا: هُوَ قَوْلُهُ أَمَّا بَعْدُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا".

على خلاف بين أهل العلم، لكن كونه داود أقرب الأقوال الثمانية، أقرب الأقوال الثمانية في أول من قال: أما بعد، في قول الناظم:

  

ثمانية، وأقربها أنه داود.

طالب:...

جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً
 

بها عدّ أقوال وداود أقرب
  

ويعقوب أيوب الصبور وآدم
 

وقس وسحبان وكعب ويعرب
  

ما هو ملك تام، ما من ملك إلا فوقه ملك أو دونه ملك، أمور نسبية، ومالك الملك هو الله -جل وعلا-: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ}[غافر:16]. نعم.  

"وَقِيلَ: فَصْلَ الْخِطَابِ الْبَيَانُ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. وَقِيلَ: هُوَ الْإِيجَازُ بِجَعْلِ الْمَعْنَى الْكَثِيرِ فِي اللَّفْظِ الْقَلِيلِ. وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ مُتَقَارِبٌ. وَقَوْلُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَجْمَعُهُ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ مَا عَدَا قَوْلَ أَبِي مُوسَى.

الثَّانِيَةُ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: فَأَمَّا عِلْمُ الْقَضَاءِ فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ إِنَّهُ لَنَوْعٌ مِنَ الْعِلْمِ مُجَرَّدٌ، وَفَصْلٌ مِنْهُ مُؤَكَّدٌ، غَيْرَ مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ وَالْبَصَرِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ".

قد يكون العالم من أعلم الناس في مسائل الحلال والحرام، ومع ذلك إذا نصب نفسه للقضاء ما نجح، العكس، قد يكون قاضيًا من أبرع الناس، فإذا استُفتي ما استطاع أن يجيب، فهو جهة منفكة الأصل أنه باب من أبواب العلم، باب من أبواب الفقه؛ لكنه بالخبرة والدربة، مع ما يؤتاه الإنسان من فطنة ينجح فيه، وقد لا ينجح في غيره من الأبواب. وقد يكون العكس، قد يكون في كثير من أبواب الدين من أبرع الناس، وأذكاهم، وقد يكون في القضاء، التجربة ظاهرة، تجد من أهل العلم البارزين تولى القضاء، وما ذكروا ونجد من دونهم من ذكر إذا تولى القضاء، لكن إذا استفتي ما تجد عنده ما عند نظرائه من أقرانه وأمثاله، وعلى كل حال المطلوب أن يهتم الإنسان بالدين، ويتفقه فيه في جميع أبوابه، ليكون ممن أراد الله به خيرًا.

"فَفِي الْحَدِيثِ: «أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ». وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْأَفْعَالِ، عَارِفًا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَلَا يَقُومُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ. يُرْوَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْيَمَنِ حَفَرَ قَوْمٌ زُبْيَةً لِلْأَسَدِ، فَوَقَعَ فِيهَا الْأَسَدُ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَى الزُّبْيَةِ فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ وَتَعَلَّقَ بِآخَرَ، وَتَعَلَّقَ الْآخَرُ بِآخَر، حَتَّى صَارُوا أَرْبَعَةً، فَجَرَحَهُمُ الْأَسَدُ فِيهَا فَهَلَكُوا، وَحَمَلَ الْقَوْمُ السِّلَاحَ، وَكَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فَقُلْتُ: أَتَقْتُلُونَ مِائَتَيْ رَجُلٍ مِنْ أَجْلِ أَرْبَعَةِ أنَاسٍ! تَعَالَوْا أَقْضِ بَيْنَكُمْ بِقَضَاءٍ، فَإِنْ رَضِيتُمُوهُ فَهُوَ قَضَاءٌ بَيْنَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ رَفَعْتُمْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَهُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ. فَجَعَلَ لِلْأَوَّلِ رُبُعَ الدِّيَةِ، وَجَعَلَ لِلثَّانِي ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَجَعَلَ لِلثَّالِثِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَجَعَلَ لِلرَّابِعِ الدِّيَةَ، وَجَعَلَ الدِّيَاتِ عَلَى مَنْ حَفَرَ الزُّبْيَةَ عَلَى قَبَائِلِ الْأَرْبَعَةِ، فَسَخِطَ بَعْضُهُمْ وَرَضِيَ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّ عَلِيًّا قَدْ قَضَى بَيْنَنَا. فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَضَى عَلِيٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْقَضَاءُ كَمَا قَضَى عَلِيٌّ. فِي رِوَايَةٍ: فَأَمْضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَاءَ عَلِيٍّ».

مخرج مخرج؟

طالب: أخرجه أحمد والبيهقي في السنن الكبرى، وفي إسناده حنش بن المعتمر الكناني، قال البخاري: يتكلمون في حديثه، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: لا يحتج به..

كيف؟

طالب: أحسن الله إليك، قال المحقق.. 

كيف لم يقف عليه ويحرره؟! يقول: لم أقف عليه فلعله موضوع ويخرجه هذا.

طالب:..

أين؟ هذا تخريجك أنت؟

طالب: ............

جزاك الله خيرًا، افصل؛ لأنه قال: لم أقف عليه، ثم بعد ذلك قلتَ جزاك الله خيرًا.

طالب:...

انتهى كلامه، نعم جيد، هي مثلها التخريج عند أحمد والبيهقي، جيد، على كل حال ضعفه ظاهر من خلال متنه النكارة ظاهرة، لكن الحكم صحيح، يأتي توجيهه.

طالب: عند أهل القضاء مستفيض حديث الزبير.

معروف نعم.

"وَكَذَلِكَ يُرْوَى فِي الْمَعْرِفَةِ بِالْقَضَاءِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ جَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى -وَكَانَ قَاضِيًا بِالْكُوفَةِ- جَلَدَ امْرَأَةً مَجْنُونَةً".

محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى من الفقهاء الكبار المعروفين المشهورين، كان قاضيًا بالكوفة إلى آخره.

"وَكَانَ قَاضِيًا بِالْكُوفَةِ جَلَدَ امْرَأَةً مَجْنُونَةً. قَالَتْ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ حَدَّيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ قَائِمَةٌ. فَقَالَ: أَخْطَأَ مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ".

قال أبو حنيفة: يعني أخطأ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى في الحكم من ستة أوجه.

"قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْبَدِيهَةِ لَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ بِالرُّؤْيَةِ إِلَّا الْعُلَمَاءُ. فَأَمَّا قَضِيَّةُ عَلِيٍّ فَلَا يُدْرِكُهَا الشَّادِي، وَلَا يَلْحَقُهَا بَعْدَ التَّمَرُّنِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا الْعَاكِفُ الْمُتَمَادِي. وَتَحْقِيقُهَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ الْمَقْتُولِينَ خَطَأً بِالتَّدَافُعِ عَلَى الْحُفْرَةِ مِنَ الْحَاضِرِينَ عَلَيْهَا، فَلَهُمُ الدِّيَاتُ عَلَى مَنْ حَضَرَ عَلَى وَجْهِ الْخَطَأِ، بَيْدَ أَنَّ الْأَوَّلَ مَقْتُولٌ بِالْمُدَافَعَةِ، قَاتِلُ ثَلَاثَةٍ بِالْمُجَاذَبَةِ، فَلَهُ الدِّيَةُ بِمَا قُتِلَ، وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ بِالثَّلَاثَةِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَعَلَيْهِ الثُّلُثَانِ بِالِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا بِالْمُجَاذَبَةِ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَيْهِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ وَاحِدًا بِالْمُجَاذَبَةِ، فَوَقَعَتِ الْمُحَاصَّةُ وَغَرِمَتِ الْعَوَاقِلُ هَذَا التَّقْدِيرَ بَعْدَ الْقِصَاصِ الْجَارِي فِيهِ. وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ الِاسْتِنْبَاطِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَعَانِي الْمُتَعَلِّقَةِ فَرَآهَا سِتَّةً: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ يُسْقِطُ التَّكْلِيفَ. وَهَذَا إِذَا كَانَ الْقَذْفُ فِي حَالَةِ الْجُنُونِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ يُجَنُّ مَرَّةً وَيُفِيقُ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُحَدُّ بِالْقَذْفِ فِي حَالَةِ إِفَاقَتِهِ. وَالثَّانِي: قَوْلُهَا يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ، فَجَلَدَهَا حَدَّيْنِ، لِكُلِّ أَبٍ حَدٌّ، فَإِنَّمَا خَطَّأَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يَتَدَاخَلُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الْخَمْرِ وَالزِّنَى".

يعني لو قذف أهل البلد، أو فئة، أو جماعة هل يحد بعددهم؟ أو يحد حدًّا واحدًا عن الجميع؟ نعم.

"وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فَإِنَّهُمَا يَرَيَانِ أَنَّ الْحَدَّ بِالْقَذْفِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ، فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ جَلَدَ بِغَيْرِ مُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ".

يعني فرق أنه يقذف جمعًا بلفظ واحد، أو يقذف جمعًا بألفاظ، إذا كان بلفظ واحد فحد واحد، وإذا كان بألفاظ فكل من طالب بحقه باعتبار أنه حق مخلوق فإنه يحد بسببه.

طالب:...

إذا قذف جماعة من الناس عشرة، قال: فلان زاني، وفلان زاني، وفلان زاني، وفلان زاني، هذا كل واحد له نصيبه، ولا تتداخل باعتبار أنها حقوق المخلوقين، أما إذا قال أهل البلد الفلاني زناة، نعم أو مثل ما يعبرون الآن بالألفاظ القبيحة الشنيعة: القبيلة الفلانية كذا، نعم فهؤلاء يجلد حدًّا واحدًا من أجلهم جميعًا.

طالب:...

نعم.

"وَلَا تَجُوزُ إِقَامَةُ حَدِّ الْقَذْفِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ إِلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِإِقَامَتِهِ مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ. وَبِهَذَا الْمَعْنَى وَقَعَ الِاحْتِجَاجُ لِمَنْ يَرَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ؛ إِذْ لَوْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ لَمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْمُطَالَبَةِ كَحَدِّ الزِّنَى.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ وَالَى بَيْنَ الْحَدَّيْنِ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدَّانِ لَمْ يُوَالَ بَيْنَهُمَا، بَلْ يُحَدُّ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَنْدَمِلَ الضَّرْبُ، أَوْ يَسْتَبَلَ الْمَضْرُوبُ ثُمَّ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ الْآخَرُ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ حَدَّهَا قَائِمَةً، وَلَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ إِلَّا جَالِسَةً مَسْتُورَةً".

يعني بعد أن تشد عليها ثيابها كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالجهنية، وشدت عليها ثيابها.

 "قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فِي زِنْبِيلٍ. السَّادِسُ: أَنَّهُ أَقَامَ الْحَدَّ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِيهِ إِجْمَاعًا. وَفِي الْقَضَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّعْزِيرِ فِيهِ خِلَافٌ. قَالَ الْقَاضِي: فَهَذَا هُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ وَعِلْمُ الْقَضَاءِ، الَّذِي وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ: أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ الْإِيجَازُ فَذَلِكَ لِلْعَرَبِ دُونَ الْعَجَمِ، وَلِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دُونَ الْعَرَبِ، وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا بِقَوْلِهِ: «وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ». وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَكَانَ النَّبِيُّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ".

يعني ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- من طريق ثلاثين صحابيًّا.

طالب:.....

الرابع صار له أثر في موت من تحت، المقصود أنه صار لهم أثر.

"وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ. وَيُرْوَى أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ سَحْبَانُ بْنُ وَائِلٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِالْبَعْثِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَوَكَّأَ عَلَى عَصًا، وَعُمِّرَ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَلَوْ صَحَّ أَنَّ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَهَا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ عَلَى هَذَا النَّظْمِ، وَإِنَّمَا كَانَ بِلِسَانِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

اللهم صلِّ وسلام على محمد

طالب:...

نعم.

طالب: ......

يعني هو من أهل الفترة. هو يريد من أهل الفترة.