كتاب الإيمان (23)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: يوجد طالب علم عاق لوالدته ويتشاجر معها بشكل دائم، إلا أنها تسامحه عندما يسترضيها في نهاية اليوم وهي تسامحه، فهل يعاقب على ذلك العقوق بالرغم من مسامحتها له؟

أما بالنسبة لحقها فبالمسامحة يسقط، يبقى حق الله في هذه المعصية وهذه الجريمة، وكثيرًا ما يبعث على هذا النوع من العقوق سوء الخلق والغضب الذي وجه النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- من طلبه النصيحة قال: «لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب»، هذا هو السبب في وجود مثل هذه الأشياء، فلو امتثل هذه النصيحة النبوية ما حصل شيء من هذا.

يقول: يوجد مدرس في مصر أجرى مقابلة مع إحدى المدارس بالرياض؛ من أجل العمل هنا، ونجح في المقابلة، وهو حديث التخرج، والسفارة السعودية في مصر تطلب من أجل أن يأتي المدرس إلى المملكة أن يكون معه خبرة سنتين على الأقل، فهل إذا استخرج شهادة خبرة بسنتين من أي مدرسة في مصر يأثم، مع العلم أن المدارس هنا وافقت عليه، فإذا كان يأثم يحرم راتبه؟

هذا تزوير، مع أنه سوف يكتشف من خلال شهادته، أما يقدم شهادته للمدارس هذه، أو يزور الشهادة بعد؟

طالب: لا، يزور وقد صار عنده خبرة بعد التدريس وبعد الدراسة.

بعد التخرج؟

طالب: نعم.

وهو ما تخرج إلا هذه السنة.

طالب: نعم.

من أين يجيء بالخبرة؟

طالب: لو كان تأخر.

الشهادة تفضحه.

طالب: نعم، صح.

ماذا؟

طالب: نعم.

يقول: ما أفضل طبعات جامع العلوم والحكم، وفضل علم السلف على الخلف، وجامع بيان العلم وفضله؟

جامع العلوم والحكم طبعة الأرناؤوط مع طبعة الشيخ طارق عوض الله متقاربتان، فضل علم السلف على الخلف أنا ما قرأت إلا في الطبعة المنيرية طبعة قديمة وجيدة نفيسة وعليها تعليقات لصاحب المطبعة محمد منير أيضًا يحتاج إليه.

 جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر عمدتنا على الطبعة المنيرية أيضًا، لكن فيها خلل، وفيها أغلاط، وفيها أسقاط، وحقق في مجلدين، وخرج وصدر عن دار ابن الجوزي، وهي طبعة جيدة.

طالب: يا شيخ .......... سؤاله الثاني، حرمة الراتب هل يدخل في هذا؟

إذا كان تزويرًا ..........

طالب: لكن هو يعمل بناءً على هذه الشهادة.

شهادة مزورة.

طالب: لا، شهادة الجامعة ليست شهادة مزورة.

على كل حال أقل أحوالها الشبهة.

نعم.

طالب: أحسن الله إليك.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا يا ذا الجلال والإكرام.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ حَلاَوَةِ الإِيمَانِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وفي رموز الطبعة السلطانية أن "باب" لا توجد عند الأصيلي، ووجودها في هذا الموضع لا بد منه؛ إذ لا يمكن أن يقال: «حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» حلاوة الإيمان، ما يمكن. ما هي عندك إشارة أنها توجد أو ما يشير؟

طالب: ..........

ما يشير عندك؟

طالب: لا ما يشير.

أشار عندكم يا شيخ؟

أقول: إن الترجمة هذه أو لفظ الـ"باب" لا بد منه؛ إذ لا يستقيم الكلام، يعني إذا استقام بحذف "باب" قبل "دعاؤكم إيمانكم"؛ لأنه متسق مع الذي قبله من كلام ابن عباس: "شرعة ومنهاجًا، سبيلًا وسنة، دعاؤكم إيمانكم"، كلها تفاسير لألفاظ قرآنية، سواء كان ما قبل الباب أو ما بعده، فهو متسق، ولذا المرجح عند كثير من الشراح الحذف، وهنا لا يمكن أن تحذف ولا يستقيم الكلام بحذفها.

يقول الحافظ ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ تعالى- في شرح هذا الباب: (قوله: "باب حلاوة الإيمان"، مقصود المصنف أن الحلاوة من ثمرات الإيمان)، يعني لو كانت هذه الرواية التي بحذف الـ"باب" معتبرة أو لها حظ من النظر لأشار إليها ابن حجر، وهنا لم يُشر إليها.

(مقصود المصنف أن الحلاوة من ثمرات الإيمان)، فيكون من إضافة المسبَّب إلى سببه؛ لأن سبب الحلاوة هو الإيمان، فهو من إضافة الشيء إلى سببه. (ولما قدم أن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان أردفه بما يوجِد حلاوة ذلك.

قوله: "حدثنا محمد بن المثنى" هو أبو موسى العَنَزي، بفتح النون بعدها زاي، "قال: حدثنا عبد الوهاب" هو ابن عبد المجيد الثقفي، "قال: حدثنا أيوب" هو ابن أبي تميمة السَّخْتياني)، السَّختياني، وضبطه هنا وفي التقريب (بفتح السين المهملة على الصحيح، وحُكي ضمها وكسرها)، وسمعت من بعض الكبار الكسر، مطرد يعني ما يقولها إلا بالكسر، مع أن ابن حجر يقول: (على الصحيح)، السَّختياني (وحُكي ضمها وكسرها.

 "عن أبي قِلابة" بكسر القاف وبباء موحدة)، وهو عبد الله بن زيد الجرمي.

 (قوله: «ثلاثٌ» هو مبتدأ والجملة الخبر)، «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان»، «ثلاث» مبتدأ، كيف يبتدأ بنكرة؟

طالب: ..........

«ثلاثٌ» نكرة موصوفة؟

طالب: التنوين.

طالب: ..........

التنوين عوض، يعني: ثلاث خصال، فيه تنوين العوض؛ ولذا قال ابن حجر: (وجاز الابتداء بالنكرة؛ لأن التنوين عوض المضاف إليه، فالتقدير: ثلاث خصال، ويحتمل في إعرابه غير ذلك)، ماذا يحتمل الإعراب غير الابتداء؟

العيني يعتني بمثل هذا، يقول: (الإعراب: قوله: «ثلاثة» مرفوع على أنه مبتدأ. فإن قلت: هو نكرة كيف يقع مبتدأً؟ قلت: النكرة تقع مبتدأة بالمسوغ، وهاهنا ثلاثة وجوه:

 الأول: أن يكون التنوين في ثلاث عوضًا عن المضاف إليه، تقديره: ثلاث خصال، فحينئذ يقرب من المعرفة.

والثاني: أن يكون هذا صفة لموصوف محذوف تقديره: خصال ثلاث، والموصوف هو المبتدأ في الحقيقة، فلما حُذف قامت الصفة مقامه)، طيب يأتي أيضًا الإشكال على هذا الموصوف وهو أنه نكرة، والمسوغ الصفة، النكرة الموصوفة تفيد.

(الثالث: يجوز أن يكون «ثلاث» موصوفًا بالجملة الشرطية التي بعده، والخبر على هذا الوجه هو قوله: «أن يكون» الإيمان، و«أن» مصدرية، والتقدير: كون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. وعلى التقديرين الأولين الخبر هو الجملة الشرطية؛ لأن قوله: «مَن» مبتدأ موصول يتضمن معنى الشرط، وقوله: «كن فيه» جملة صلته، وقوله: «وجد» خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول)، الذي هو «ثلاث».

(فإن قلت: الجملة إذا وقعت خبرًا فلا بد من ضمير فيها يعود إلى المبتدأ)، يعني رابط؛ (لأن الجملة مستقلة بذاتها، فلا يربطها بما قبلها إلا الضمير، وليس هاهنا ضمير يعود إليه، والضمير في «فيه» يرجع إلى «من» لا إلى «ثلاث»؟ قلت: العائد هاهنا محذوف تقديره: ثلاث من كن فيه منها)، (ثلاث من كن فيه منها) ما معناها؟

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

ما يعود.

طالب: .......

لا، هو قال هنا: (ثلاث من كن فيه منها وجد حلاوة الإيمان، كما في قولك: البُر الكَر بستين)، (البُر) كيف تُقرأ هذه؟

طالب: ..........

(الكَر بستين أي: منه).

طالب:..........

لكن كيف تقرأ (الكَر بستين)؟

طالب: ..........

كيف؟

(البُر) معروف، و(الكَر) وحدة وزن، (بستين أي: منه، وقال ابن يعيش في قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43] أن مَنْ مبتدأ، وصلته صَبَرَ، وخبره إِنَّ المكسورة مع ما بعدها، والعائد محذوف تقديره: إن ذلك منه...)، كلام طويل يعتني العيني باللغة كثيرًا.

(قوله: «كن» أي حصلن فهي تامة)، يعني فلا تحتاج إلى خبر، تحتاج إلى فاعل، {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] ما تحتاج إلى خبر، يعني كان تامة بمعنى وُجد. («كن» أي حصلن فهي تامة، وفي قوله: «حلاوة الإيمان» استعارة تخييلية، شبَّه رغبة المؤمن في الإيمان بشيء حلو، وأثبت له لازم ذلك الشيء وأضافه إليه، وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح؛ لأن المريض الصفراوي يجد طعم العسل مُرًّا، والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه، وكلما نقصت الصحة شيئًا ما نقص ذوقه بقدر ذلك، فكانت هذه الاستعارة من أوضح ما يُقوي استدلال المصنف على الزيادة والنقص)؛ لأن المذوق والذائق يتفاوت في الطعم، المذوق يتفاوت، الحلو يتفاوت، صح أم لا؟

طالب: صحيح.

يتفاوت أم ما يتفاوت؟

طالب: يتفاوت.

يعني لو وضعت ملعقة سكر بكأس شاي تجد فيه حلاوة، لكن لو وضعت ثنتين زاد، ولو وضعت ثلاثًا زاد، إذًا الحلاوة تتفاوت، وهذا مراد المصنف من إيراد مثل هذا في هذا الموضع.

قال: (فكانت هذه الاستعارة من أوضح ما يقوي استدلال المصنف على الزيادة والنقص. قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: إنما عبر بالحلاوة؛ لأن الله شبَّه الإيمان بالشجرة في قوله: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: 24]، فالكلمة هي كلمة الإخلاص، والشجرة أصل الإيمان، وأغصانها اتباع الأمر واجتناب النهي، وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير، وثمرها عمل الطاعات، وحلاوة الثمر جني الثمرة، وغاية كماله تناهي نضج الثمرة وبه تظهر حلاوتها)، كيف صارت، أو كيف صار تشبيه الإيمان بالشيء الحلو استعارة تخييلية؟ طالب: .......

ماذا؟

طالب: لأنه ليس بالحس.

كيف؟

طالب: ليست حلاوة حسية.

نعم، لكن لماذا صارت من النوع التخييلي، لا، ليس بحسب ما يظهر لنا، بحسب العلاقة بين المشبه والمشبه به يظهر نوع الاستعارة.

ننظر في العيني وماذا يقول، وهو من يهتم بهذا كثيرًا، وأصل ما يورده في الغالب من الكرماني لكن يزيد عليه، (باب البيان) يعني علم البيان؛ لأن العيني يقسم على الفنون، يقسم شرحه على الفنون، يتكلم على اللغة والمعاني والبيان والبديع والأحكام والأسئلة وغير ذلك، لكنه ما استمر على هذا، طالت عليه الجادة.

(باب البيان. قوله: «حلاوة الإيمان» فيه استعارة بالكناية؛ وذلك لأن الحلاوة إنما تكون في المطعومات، والإيمان ليس مطعومًا، فظهر أن هذا مجاز، لأنه شبه الإيمان بنحو العسل، ثم طوى ذِكر المشبَّه به؛ لأن الاستعارة هي أن يَذكر أحد طرفي التشبيه مدعيًا دخول المشبه في جنس المشبه به، فالمشبه: إيمان، والمشبه به: عسل، والجهة الجامعة، وهو وجه الشبه الذي بينهما وهو الالتذاذ وميل القلب إليه، فهذه هي الاستعارة بالكناية، ثم لما ذكر المشبه أضاف إليه ما هو من خواص المشبه به ولوازمه، وهو الحلاوة على سبيل التخيل، فهي استعارة تخييلية، وترشيح للاستعارة. قوله: «كما يكره»...)، إلى آخره، (قوله: «كما يكره أن يقذف في النار» تشبيه وليس باستعارة؛ لأن الطرفين مذكوران)، يعني الفرق بين التشبيه والاستعارة.

طالب: ..........

المشبه والمشبه به موجودان تشبيه، إذا وُجد أحدهما فهي استعارة.

(تشبيه وليس باستعارة؛ لأن الطرفين مذكوران، فالمشبه هو العود في الكفر، والمشبه به هو القذف في النار، ووجه الشبه هو وجدان الألم وكراهة القلب إياه).

هذه فائدة ما يدعو إليه أهل العلم من يريد التعامل مع نصوص الكتاب والسنة أن يكون متفننًا آخذًا من كل فن بما يكفيه، يعني من غير إيغال، يعني ما يلزم في هذا الباب أن تقرأ التلخيص وشروح التلخيص وحواشي شروح التلخيص، ما يلزم؛ لأن شروح التلخيص في أربعة مجلدات كبار، وحاشية الإمبابي في أربعة مجلدات أكبر، فهذه تحتاج إلى عُمر وحرف صغير ويحتاج إلى، ما يلزم هذا، تقرأ متنًا يعني إن قرأت في الجوهر المكنون بنظم الثلاثة الفنون طيب، وإن ترقيت وقرأت في ألفية السيوطي فهي أطيب، وتقتصر عليها مع شرحها، التلخيص مأخوذ من المفتاح مفتاح العلوم للسكاكي وفيه بُلغة لطالب العلم، لكن يقتصر على واحد من شروحه.

(قوله: «أحب إليه» منصوب؛ لأنه خبر «يكون»، قال البيضاوي: المراد بالحب هنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل السليم رجحانه، وإن كان على خلاف هوى النفس، كالمريض يعاف الدواء بطبعه فينفر منه ويميل إليه بمقتضى عقله فيهوى تناوله)، يعني في الليلة الشاتية مع شدة البرد وبرد الماء والركون إلى الدفء في الفراش إن استمر هذا استمر وما استيقظ لا لقيام ليل ولا لصلاة فجر، هذا ماذا غلب؟

طالب: .......

هو النفس، وإن نهض في منتصف الليل وصلى ما كُتب له ثم عاد ليستريح ثم نهض لصلاة الصبح لا شك أن هذا قدَّم محبة الله ومحبة رسوله ومحبة ما يحبه الله ورسوله على هوى النفس.

 (فإذا تأمل المرء أن الشارع لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل، والعقل يقتضي رجحان جانب ذلك، تمرن على الائتمار بأمره بحيث يصير هواه تبعًا له)، يعني من اعتاد قيام الليالي في الشتاء وفي الصيف مع قصر الليل، صيام الهواجر، هذا يسهل عليه بحيث إذا تركه كأنه فقد شيئًا، اختل نظام حياته. قال: (تمرن على الائتمار بأمره بحيث يصير هواه تبعًا له)، فالمسألة تحتاج إلى جهاد. العلم، التعلم، والتعليم يحتاج إلى جهاد، خلاف ما تهواه النفوس، فإذا تمرن عليه قدَّمه على كل غالٍ ونفيس. لكن جهاد مع إخلاص واستمرار ابتغاءً لما عند الله -جَلَّ وعَلا-، وكثير من الناس تجده يطلب العلم وهو عليه شاق، أو يعلم الناس عقودًا وهو عليه شاق، هذا يحتاج إلى مزيد من الجهاد، يعني فرق بين معلم لا يقف الدرس حتى يوقف ولو تُرك لما سكت، وبين من يعلم وعينه في الساعة متى يؤذن فقط، تحتاج إلى جهاد، تحتاج إلى جهاد مع إخلاص وإلا ما هي بمسألة قلة وقت، نحن من ثلاثين سنة نعلم لكن كل درس يحتاج إلى جهاد. يعني لذلك ما يبدأ الدرس إلا بكل مشقة وبأدنى سبب يوقف، والله المستعان، بينما الشيوخ شيوخنا الله يرحم الحي منهم والميت ما يقفون، يستمرون حتى يُوقفون، والله المستعان.

(تمرن على الائتمار بأمره بحيث يصير هواه تبعًا له يلتذ بذلك التذاذًا عقليًّا)، يعني قد يحصل شيء من الالتذاذ في أثناء الدرس، يعني مثل السيارة لما الناس ..... سهل عليها المشي، أما قبل يمكن أن تتعتع أو شيء؟! نسأل الله -جَلَّ وعَلا- أن يعامل الجميع بالعفو، واللهِ المسألة شاقة.

(إذ الالتذاذ العقلي إدراك ما هو كمال وخير من حيث هو كذلك، وعبَّر الشارع عن هذه الحالة بالحلاوة؛ لأنها أظهرُ اللذائذ المحسوسة)، يعني هل يعني تلذُّذ الإنسان بجمال الكتاب وطباعة الكتاب وتجليد الكتاب هل يعني تلذُّذه بالعلم؟ العبرة افتح الكتاب واقرأ، وإلا فكثير من الناس عندهم الكتب ديكور، وصُمم مجسمات على هيئة كتب بالتجليد القديم، كله من أجل أيش؟ مجسمات ما فيها كتب، من أجل يلتذ بهذه المناظر؛ لأنها مجرد هواية.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

من أجل أن يصير اسمه من أول المجلد إلى آخره، يظهر اسم الكتاب بالتصوير، لما صار عندهم إبداع في كتابة اسم الكتاب على عشرين مجلدًا يصير الاسم واحدًا، ومن رأى اسم الكتاب من بعيد، ولو يُفقد مجلد أو مجلدان ما عرف أن يقرأ الكتاب.

(وعبر الشارع عن هذه الحالة بالحلاوة؛ لأنها أظهر اللذائذ المحسوسة، قال: وإنما جعل هذه الأمور الثلاثة عنوانًا لكمال الإيمان؛ لأن المرء إذا تأمل أن المنعم بالذات هو الله تعالى، وأن لا مانح ولا مانع في الحقيقة سواه، وأن ما عداه وسائط)، الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «إنما أنا قاسم والله المعطي»، ولذا يدخل الرجلان في ظروف متقاربة أو متماثلة على من وسَّع الله عليه يعطي هذا ولا يعطي هذا، وقد يعطي شخصًا هو أقل حاجة ممن سبقه أو جاء بعده، الله المعطي.

 فـ(لا مانع ولا مانح في الحقيقة سواه، وأن ما عداه وسائط، وأن الرسول هو الذي يبين له مراد ربه، اقتضى ذلك أن يتوجه بكليته نحوه، فلا يحب إلا ما يحب، ولا يحب من يحب إلا من أجله).

 ليتنا نتصور الأمور على حقيقتها، يعني كم منا من لو قيل له أن البارحة مدحك فلان أمير أو وزير أو وجيه ولو كان غنيًّا، يمكن ما ينام الليل من الفرح، ينبسط، لكن لو تصور حديث: «من ذكرني في نفسي ذكرته في نفسه، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه»، يعني ما يهمه الناس لا مدح ولا قدح، «اذكروا الله يذكركم».

(اقتضى ذلك أن يتوجه بكليته نحوه، فلا يحب إلا من يحب، ولا يحب من يحب إلا من أجله، وأن يتيقن أن جملة ما وعد وأوعد حقٌّ يقينًا، ويخيل إليه الموعود كالواقع، فيحسب أن مجالس الذكر رياض الجنة، وأن العَود إلى الكفر إلقاء في النار. انتهى ملخصًا)، ممن؟

طالب: ..........

كلام البيضاوي.

الصحابي الذي قال للنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: أصبحت مؤمنًا حقًّا، فقال له: «انظر ما تقول، فإن لكل حق حقيقة»، ثم ذكر أنه، تصور أنه في الدار الآخرة، وأنه ينظر إلى الجنة وأن أهلها يُنعمون، وينظر إلى النار وأن أهلها يُعذبون. إذا تصورت مثل هذه الأمور حثك على العمل.

قال: (وشاهد الحديث من القرآن قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} [التوبة: 24]، إلى أن قال: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 24]، ثم هدَّد على ذلك وتوعَّد بقوله: {فَتَرَبَّصُوا} [التوبة: 24])، قال ابن حجر: (فائدة: فيه إشارة إلى التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، فالأول من الأول والأخير من الأخير)، «أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما»، والثاني: «أن يكره» الذي هو الأخير من التخلي عن الرذائل.

 (وقال غيره: محبة الله على قسمين). الآن قوله: (وشاهد القرآن) إلى قوله: (والأخير من الثاني) كلام لمن؟ لابن حجر، ثم قال: (وقال غيره)، فيكون كلام ابن حجر معترضًا بين كلام البيضاوي وكلام هذا الغير.

(وقال غيره: محبة الله على قسمين؛ فرض وندب، فالفرض المحبة التي تَبعث على امتثال أوامره والانتهاء عن معاصيه والرضا بما يقدره، فمن وقع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله، حيث قدَّم هوى نفسه، والتقصير تارةً يكون مع الاسترسال في المباحات والاستكثار منها، فيورث الغفلة المقتضية للتوسع في الرجاء فيُقدِم على المعصية، أو تستمر الغفلة فيقع، وهذا الثاني يُسرع إلى الإقلاع مع الندم)، الذي يسترسل في المباحات (والاستكثار منها فيورث الغفلة المقتضية للتوسُّع في الرجاء فيقدم على المعصية، أو تستمر الغفلة فيقع، وهذا الثاني يسرع إلى الإقلاع مع الندم، وإلى الثاني يشير حديث: «لا يزني الزاني وهو مؤمن»، والندب أن يواظب على النوافل ويتجنب الوقوع في الشبهات، والمتصف عمومًا بذلك نادر).

يعني إذا أراد الإنسان أن يحافظ على ما عنده من خير، ويدرأ ما يمكن أن يرد عليه من شر، فعليه ببذل الأسباب ونفي الموانع، ولا يُعرض نفسه لفتنة، وعليه أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي.

(قال: وكذلك محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على قسمين كما تقدم، ويزاد أن لا يَتلقى شيئًا من المأمورات والمنهيات إلا من مِشكاته، ولا يسلك إلا طريقته، ويرضى بما شرعه؛ حتى لا يجد في نفسه حرجًا مما قضاه)، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، يرد على هذا أن من حُكم عليه في المحكمة ثم قال: أعترض، وأطلب التمييز، ثم إذا انتهى من التمييز قال أريد المجلس، وإن ما أعجبه هذا قال أروح ديوان المظالم أو أروح كذا، وما دام في الدوائر الشرعية فهو على خير، لكن المشكلة إذا قال: أروح لمحاكم أخرى، مثل الذي عدل عن حكم الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلى حكم فلان اليهودي، فهل طلب الاعتراض على حكم القاضي يعارض ما جاء في الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ}؟

طالب: ..........

نعم؟

طالب: لا يعارض.

لماذا؟

طالب: لأنه قد لا يوافق حكم الله -جَلَّ وعَلا-.

طالب: ..........

مثلًا إذا كان الخصم طالب علم ويعرف أن القاضي أخطأ من خلال ما عنده من علم هذا شيء، لكن بالنسبة للعامي فالقاضي على أسوأ تقدير أفضل منه، ما يقال: يرضى ويسلم؟

طالب: ..........

يعني لو حتى لو أخطأ القاضي ما في نفس الأمر وقد حكم القاضي من خلال المقدمات الشرعية، ولو حكم له بحق غيره: «إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع»، هو يقضي بمقدمات شرعية نتيجته شرعية، ولو لم تطابق الواقع، نعم لا يحل لمن حُكم له أن يأكل ما قضي له به ويعرف أنه ليس له، لكن من قُضي عليه يعرف أنه خلاص استوفي المقدمات الشرعية وظهرت النتيجة، لكن ما دام يطلب الإنصاف من جهة شرعية فالأمر إن شاء الله فيه سعة.

طالب: ..........

ما هدفه؟ ليطمئن قلبه أو ليجد أسهل؟

طالب: ..........

لا، هو فيه فرق بين أن يسأل من يفتيه، ويسأل عن مسألة في الحج ترك فيها واجبًا أو ارتكب محظورًا، وجاء لشخص وقال: ما عليك شيء، فما ارتاح، يريد براءة ذمته، وسأل ثانيًا وثالثًا، كلهم قالوا: ما عليك شيء، هذا ما يلام، لكن الذي سأل وقال: عليك دم، ثم راح يسأل؛ من أجل أن يجد من يخفف عليه، ولا يلزمه بالدم، هذا الذي يغلب على الظن أنه متبع لهواه، ما هو بيبحث عن الحق.

طالب: ..........

واللهِ لفظها خاص، لكن معروف أن ما جاء في حقه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو في حق الأمة ما لم يرد دليل على التخصيص، وإلا قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]، ما أنت بمعطٍ إلا للرسول؟

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: .......... بعده.

نعم، {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102]، صلاة الخوف؟

طالب: كذلك.

تقول: ما أصلي إلا خلف الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-؟

طالب: لكن الآن ..........

قاله أبو يوسف القاضي، قال: خلاص ما فيه صلاة خوف بعده، لكن عامة أهل العلم على أنها ثابتة بعدها، وصلاها الصحابة بعد النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.

طالب: نفي الإيمان يا شيخ..

ماذا؟

طالب: نفي الإيمان في الآية .......... جملة وتفصيلاً.

نعم، لكن لو لم يرد حديث: «إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع»، يعني افترض أن واحدًا مع خصمه جاءوا إلى النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، والخصم جاء ببينة شهدت بغير الواقع، ألا يمكن وقوع مثل هذا بدليل الحديث؟

طالب: ..........

يعني دعونا عن كونه واقعًا أو ليس بواقع، لكن مقتضى الحديث يدل على أنه ممكن أن يحصل.

طالب: نعم.

فقضى عليه الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- والحق له في الحقيقة، يدخل في الآية أم ما يدخل إذا وجد حرجًا في نفسه؟

طالب: يدخل في الآية.

ماذا؟

طالب: يدخل في الآية لأنه ..........

قضى النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- على نحو ما يسمع، وقضى بهذا الحق لفلان، وفي الحقيقة لغيره.

طالب: هذا يا شيخ أيضًا أن نهاية الحديث .......... ما يخول لهذا أن يرضى بهذا الحكم .......... «فإنما أقضي له بقطعة من نار فليأخذ أو ليذر».

لا، هذا الطرف الثاني.

طالب: الطرف الثاني أقصد نعم.

نعم، أما الطرف الأول فعليه التسليم، الطرف الثاني المحكوم عليه عليه أن يسلم، لكن المحكوم له ينظر.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

واللهِ فيها مؤكدات وشيء، يعني ترهيبه شديد، أقول: ترهيبه شديد، لا حول ولا قوة إلا بالله.

طالب: ..........

الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في هذا الباب؛ لأنه تشريع له ولمن يأتي بعده، يعني لو قيل: إن الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لا يحكم إلا بما يطابق الواقع وجد القضاة حرجًا شديدًا، لو لم يرد مثل هذا الحديث يمكن ما فيه أحد يتولى القضاء، لكن وُجد هذا الحديث فينفس.

طالب: ..........

يعني طلب الحق؟

طالب: ..........

يعني ما فيه، أنت في بلد ما يحكم إلا بالقانون، أو في بلد كفر، تترك حقه يضيع أم تتحاكم إلى محاكمهم؟ واللهِ أرى أن الفتوى على أنه لا مانع من التحاكم إلى محاكمهم على أن لا يأخذ أكثر من حقه إذا حكموا.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

كيف وكله؟

طالب: وكله ..........

القضية هناك؟

طالب: نعم، هناك.

القضية حاصلة هناك؟

طالب: نعم.

ولا يمكن أن تُنظر في بلد آخر؟

طالب: لا ما يمكن.

نعم، عاد تابعًا إلى أصل الحكم، أيجوز التحاكم إلى الأصل، إذا جاز أن يتحاكم الأصل جاز أن يحاكم وكيله. ويبقى أن مثل هذه الأمور نعود إلى أصلها، وأن مقدمتها غير شرعية؛ لأن بقاء المسلم في بلاد الكفر مشكلة، وليس الخلل في هذا الباب فقط، الخلل من جهات متعددة، الخلل من الضرر الخوف على الدين قبل الدنيا، الخوف على الأعراض، الخوف على الذراري والنساء.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

وما هي؟ يعني التحاكم؟ نحن نقول: التحاكم أفتوا بجوازه، لكن مع ذلك ما الداعي إلى البقاء الذي يضطرك للتحاكم؟

طالب: لا، أقصد في بلاد الإسلام؟

نعم، معروف، الله المستعان.

طالب: ..........

طالب: ..........

على كل حال الأصل أن المسلم في بلاد المسلمين يتحاكم بشرع الله، والإشكال الأكبر أنه حتى في كثير من بلاد المسلمين مثل بلاد الكفر ما يحكمون بشرع الله، فالغربة مستحكمة.

طالب: ..........

فيما يبدو له، أقول هذا فيما يبدو له، يعني انظر الأثر على الذراري والنساء وكم تنصر منهم، نسأل الله العافية.

طالب: ..........

في ترجمة تيمور من المنهل الصافي قال: وقد حكم علماء الإسلام على بلاد الشام أنها بلاد كفر ودار حرب، وإن كان الأذان يُسمع من مآذنها؛ لأن الذي يحكمها تيمور. لكن مثل هذا الكلام أظنه ما يمشي هذا الوقت!

طالب: ..........

حقيقة مثل هذا الكلام صعب هذا الوقت، أقول: مثل هذا الكلام فيه صعوبة هذا الوقت.

طالب: ..........

نعم؟

طالب: ..........

على كل حال: كل زمان له ظروفه، أقول: كل زمان له ظروفه، يعني أوقات الضعف تختلف عن أوقات القوة.

طالب: .......... هؤلاء هربوا من أجل دينه.

على كل حال مثل ما قلنا: الظروف تحكم، ووقت الضعف لا يقارن بوقت القوة.

قال: (ويرضى بما شرعه حتى لا يجد في نفسه حرجًا مما قضاه، ويتخلق بأخلاقه في الجود والإيثار والحِلم والتواضع وغيرها، فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان، وتتفاوت مراتب المؤمنين بحسب ذلك)، (من جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان) ومن المسائل المنصوص عليها الفرعية في هذا الباب قالوا: من جاهد نفسه في كف النظر إلى الحرام وجد في قلبه حلاوة لا يجدها من يرسل بصره. (وقال الشيخ محيي الدين)، من (محي الدين)؟

طالب: النووي.

النووي، (وقال الشيخ محيي الدين: هذا حديث عظيم أصلٌ من أصول الدين، ومعنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشاق في الدين وإيثار ذلك على أعراض الدنيا، ومحبة العبد لله تحصل بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك الرسول، وإنما قال: «مما سواهما»، ولم يقل: ممن؛ ليعم من يعقل ومن لا يعقل. قال: وفيه دليل على أنه لا بأس بهذه التثنية)، «سواهما»، مع أنه رد على خطيب: ومن يعصهما، قال: «بئس خطيب القوم أنت»، وجاء في الحديث حديث، حديث من؟ «إن الله ورسوله ينهيانكم».

طالب: ..........

لا.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: أنس ..........

«كنت آخذ»، ما فيه حديث غيره؟

طالب: ..........

أنس؟

طالب: نعم.

طيب.

(وفيه دليل على أنه لا بأس بهذه التثنية، وأما قوله للذي خطب فقال: ومن يعصهما، «بئس الخطيب أنت»، فليس من هذا؛ لأن المراد في الخطب الإيضاح، وأما هنا فالمراد الإيجاز في اللفظ ليحفظ، ويدل عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قاله في موضع آخر قال: «ومن يعصهما فلا يضر إلا نفسه»، واعتُرض بأن هذا الحديث إنما ورد أيضًا في حديث خطبة النكاح، وأجيب بأن المقصود في خطبة النكاح أيضًا الإيجاز فلا نقض)، لكن ألا يمكن أن يقال: يجوز للرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ولا يجوز لغيره؛ لمعرفته -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- بمقام ربه، وأنه لا يمكن أن يتصور أن يجمع الضمير أو يُثني ضميره مع ضميره  جَلَّ وعَلا- ويخطر على باله شيء من التشريك، بخلاف غيره ممن يُتصور منه ذلك.

 (وثَم أجوبة أخرى منها دعوى الترجيح، فيكون حيز المنع أولى؛ لأنه عام والآخر يحتمل الخصوصية، ولأنه ناقل والآخر مبني على الأصل، ولأنه قول والآخر فعل، ورُد بأن احتمال التخصيص في القول أيضًا حاصل بكل قول ليس فيه صيغة عموم أصلاً، ومنها دعوى أنه من الخصائص، فيمتنع من غير النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يمتنع منه؛ لأن غيره إذا جمع أوهم إطلاقه التسوية، بخلافه هو فإن منصبه لا يتطرق إليه إيهام ذلك، وإلى هذا مال ابن عبد السلام)، وهذا ظاهر، يعني هذا ظاهر.

 (ومنها دعوى التفرقة بوجه آخر، وهو أن كلامه -صلى الله عليه وسلم- هنا جملة واحدة، فلا يحسن إقامة الظاهر فيها مقام المضمر، وكلام الذي خطب جملتان لا يُكره إقامة الظاهر فيهما مقام المضمر، وتُعقب هذا بأنه لا يلزم من كونه لا يُكره إقامة الظاهر فيهما مقام المضمر أن يُكره إقامة المضمر فيهما مقام الظاهر، فما وجه الرد على الخطيب مع أنه هو- صلى الله عليه وسلم- جمع كما تقدم، ويجاب بأن قصة الخطيب كما هنا ليس فيها صيغة عموم بل هي واقعة عين، فيحتمل أن يكون في ذلك المجلس مَن يُخشى عليه توهم التسوية كما تقدم.

 ومن محاسن الأجوبة في الجمع بين حديث الباب وقصة الخطيب أن تثنية الضمير هنا للإيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين لا كل واحدة منهما فإنها وحدها لاغية إذا لم ترتبط بالأخرى، فمن يدعي حب الله مثلاً ولا يحب رسوله لا ينفعه ذلك، ويشير إليه قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، فأوقع متابعته مكتنفةً بين قُطري محبة العباد ومحبة الله تعالى للعباد. وأما أمر الخطيب بالإفراد، فلأن كل واحد من العصيانين مستقل بالتزام الغواية؛ إذ العطف في تقدير التكرير، والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم، ويشير إليه قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، فأعاد {أَطِيعُوا} في الرسول ولم يعده في أولي الأمر؛ لأنهم لا استقلال لهم في الطاعة كاستقلال الرسول، انتهى من كلام البيضاوي والطيبي)، (من كلام البيضاوي والطيبي) على أيش؟

طالب: ..........

على المشكاة، كلاهما شارح المشكاة.

(ومنها أجوبة أخرى فيها تكلُّم، منها أن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه)، (المتكلم لا يدخل في عموم خطابه) لما انتقد النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- الخطيب لا يدخل في هذا الانتقاد -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-؛ لأنه هو المتكلم، وهذه مسألة مرت قريبًا، (ومنها أن له أن يجمع بخلاف غيره)، وهذا تقدم ما يشير إليه.

(قوله: «وأن يحب المرء»، قال معاذ بن يحيى: حقيقة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء)، يعني لا يزيد مع الصفاء ولا ينقص مع الجفاء، وشرحناه فيما سبق.

طالب: ..........

ماذا؟ (يحيى بن معاذ).

طالب: ..........

غلط، غلط: (قال يحيى بن معاذ: حقيقة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء. قوله: «وأن يكره أن يعود في الكفر»، زاد أبو نعيم في المستخرج من طريق الحسن بن سفيان عن محمد بن المثنى شيخ المصنف: «بعد إذ أنقذه الله منه»، وكذا هو في طريق أخرى للمصنف، والإنقاذ أعم من أن يكون بالعصمة منه ابتداء بأن يولد على الإسلام ويستمر أو بالإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان كما وقع لكثير من الصحابة، وعلى الأول فيحمل قوله: «يعود» على معنى الصيرورة، بخلاف الثاني فإن العود فيه على ظاهره، فإن قيل: فلم عدَّى)، (يحمل قوله: «يعود» على معنى الصيرورة) يعني المعصوم من الكفر أصلاً، من ولد بين أبوين مسلمين «يعود» يعني يصير إلى الكفر، لكن من كان كافرًا ثم أسلم العود على ظاهره وعلى حقيقته.

(فإن قيل: فلم عدَّى العود بفي ولم يعده بإلى؟ فالجواب: أنه ضمنه معنى الاستقرار، وكأنه قال: يستقر فيه، ومثله قوله تعالى: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا} [الأعراف: 89])، «يشب ابن آدم ويشب منه خصلتان»، نعم؟

طالب: ..........

كيف؟

طالب: «يشيب» أم «يشب»؟

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

«يشب ابن آدم».

طالب: «يشب».

ماذا؟

طالب: «يشيب ابن آدم ويشب» ..........

يعني يستمر.

طالب: ..........

إي، «منه خصلتان»، كأنها صارت جزءًا من تركيبه، وهنا قال: ({وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا} [الأعراف: 89]. تنبيه: هذا الإسناد كله بصريون، وأخرجه المصنف بعد ثلاثة أبواب من طريق شعبة عن قتادة عن أنس، واستُدل به على فضل من أُكره على الكفر فترك ألبتة إلى أن قُتل)، يعني ارتكب العزيمة، ما ترخص، ما قال: ما دام القلب مطمئنًا بالإيمان أستجيب لداعي من طلب الكفر، هذا العزيمة مع أن له أن يترخص. (استدل به على فضل من أُكره على الكفر فترك ألبتة إلى أن قُتل، وأخرجه من هذا الوجه في الأدب في فضل الحب في الله، ولفظه في هذه الرواية: «وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه»، وهي أبلغ من لفظ حديث الباب؛ لأنه سوَّى فيه بين الأمرين، وهنا جعل الوقوع في نار الدنيا أولى من الكفر الذي أنقذه الله بالخروج منه)، وما الفرق بين الجملتين؟ أيهما أبلغ؟ «وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه»، وعندنا رواية حديث الباب: «وأن يكره أن يعود في الكفر...»، «كما يكره أن يقذف في النار»، بينهما فرق؟

طالب: الرواية هذه قال دخل النار ثم أُخرج.

«كما يكره أن يقذف في النار»، «وحتى أن يقذف في النار»، نعم وجه البلاغة مثل ما تفضل الأخ، هذا أُدخل النار وذاق عذابها، وذاك يكره أن يقذف.

قال: (وهي أبلغ من لفظ حديث الباب؛ لأنه سَوى فيه بين الأمرين، وهنا جعل الوقوع في نار الدنيا أولى من الكفر الذي أنقذه الله بالخروج منه من نار الأخرى، وكذا رواه مسلم من هذا الوجه، وصرح النسائي في روايته والإسماعيلي بسماع قتادة له من أنس، والله الموفق. وأخرجه النسائي من طريق طَلْق بن حبيب عن أنس، وزاد في الخصلة الثانية ذِكر البغض في الله، ولفظه: «وأن يحب في الله، ويبغض في الله»، وقد تقدم للمصنف في ترجمته: والحب في الله، والبغض في الله من الإيمان، وكأنه أشار بذلك إلى هذه الرواية، والله أعلم).

طالب: ..........

نعم، من أكثر من وجه، وهذا منها.

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

مهما كان، حتى التذاذ الطاعات وكون الإنسان يرتاح بهذه الطاعة أو بهذه العبادة لا يعني أن ذوقها مثل ذوق الحلاوة الحسية.

طالب: ..........

لأن هذه تشمل، كلام البيضاوي يشمل من تعدى مرحلة المجاهدة، ومن لا يزال فيها، وكلام النووي فيمن تعدى مرحلة المجاهدة؛ لأن التلذذ ما فيه شك أنه بعد مجاهدة.

طالب: ..........

«من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا».

طالب: ..........

نعم.

طالب: شيخ .......... «يهرم ابن آدم ..........» ..........؟

..........

طالب: ..........

صحيح مسلم، «يشب ابن آدم ويشب منه خصلتان»، أو «يشيب» ..........

"