التعليق على الموافقات (1432) - 08

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سمِّ.

طالب: أحسن الله إليك.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"المسألة الحادية عشرة: الأمران يتواردان على الشيء الواحد باعتبارين إذا كان أحدهما راجعًا إلى الجملة، والآخر راجع إلى بعض تفاصيلها أو إلى بعض أوصافها، أو إلى بعض جزئياتها، فاجتماعهما جائز حسبما ثبت في الأصول.

والذي يُذكر هنا أن أحدهما تابع والآخر متبوع، وهو الأمر الراجع إلى الجملة وما سواه تابع؛ لأن ما يرجع إلى التفاصيل أو الأوصاف أو الجزئيات كالتكملة للجملة والتتمة لها، وما كان هذا شأنه فطلبه إنما هو من تلك الجهة لا مطلقًا، وهذا معنى كونه تابعًا. وأيضًا فإن هذا الطلب لا يستقل بنفسه بحيث يتصور وقوع مقتضاه دون مقتضى الأمر بالجملة، بل إن فُرض فَقْد الأمر بالجملة لم يمكن إيقاع التفاصيل؛ لأن التفاصيل لا تُتصور إلا في مفصل، والأوصاف لا تُتصور إلا في موصوف، والجزئي لا يُتصور إلا من حيث الكلي، وإذا كان كذلك فطلبه إنما هو على جهة التبعية لطلب الجملة".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في "المسألة الحادية عشرة: الأمران يتواردان على الشيء الواحد باعتبارين إذا كان أحدهما راجعًا إلى الجملة".

 يعني إذا تصورنا الانفكاك بين الجملة وبين تفاصيلها وبين المجموع وبين أفراده وبين المطلق وبين أوصافه، إذا تصورنا ذلك على ما يذكره المؤلف -رحمه الله- قال: "والآخر راجع إلى تفاصيلها"، كرجوع أمر إلى مجمل العبادة، وأمر آخر إلى أركانها أو واجباتها أو شروطها، أو إلى بعض أوصافها، أمر يرجع إليها من حيث الإطلاق، وآخر يرجع إليها من حيث القيود والأوصاف، يرجع إلى قيودها وأوصافها، أو يرجع إلى هذه الجملة من جهة العموم الذي يعم جميع أفرادها، أو يرجع إلى بعض أجزائها وأفرادها.

"فاجتماعهما جائز حسبما ثبت في الأصول"؛ لأنه يتصور على حد كلامه أن الجهة تنفك بين العموم والخصوص، فيرد الأمر إلى الشيء بصفة العموم، ويرد النهي عن بعض أفراده الخاصة، وقل مثل هذا في الأوصاف والجزئيات والتفاصيل.

ذكر لذلك أمثلة، قال: "ولذلك أمثلة كالصلاة بالنسبة إلى طلب الطهارة الحدثية والخبثية"، الصلاة جهة عموم، والطهارة الحدثية والخبثية شرط، فهو بعض تفاصيلها، شرط من شروطها، وإن كان خارجًا عن ماهيتها، إلا أنه من متطلباتها التي لا تصح إلا بها، ولذا رجوع النهي إليه مؤثر فيما اشتُرط له؛ لأنه إذا عاد النهي إلى الشرط أبطل العبادة، وأبطل العقد؛ لأن الشرط مؤثر فيما اشترط له، ومن باب التفاصيل والتفريع على المشروط: "وأخذ الزينة والخشوع..." إلى آخره.

 كمل.

طالب: "ولذلك أمثلة: كالصلاة بالنسبة إلى طلب الطهارة الحدثية والخبثية، وأخذ الزينة، والخشوع، والذكر، والقراءة، والدعاء، واستقبال القبلة، وأشباه ذلك".

كل هذه أجزاء، من أجزاء الصلاة منها ما هو خارج عن ماهيتها ومنها ما هو داخل في ماهيتها، منها ما يُطلب على سبيل اللزوم ومنها ما يُطلب على سبيل الاستحباب، لكنها كلها من تفاصيل الصلاة.

طالب: "ومثل الزكاة مع انتقاء أطيب الكسب فيها وإخراجها في وقتها وتنويع المخرج ومقداره، وكذلك الصيام مع تعجيل الإفطار وتأخير السحور وترك الرفث وعدم التغرير".

يعني مع مسائله الفرعية، المطلوب على سبيل اللزوم والمطلوب على سبيل الاستحباب. وكذلك التروك، يعني المطلوبات والمتروكات.

طالب: "وكالحج مع مطلوباته التي هي له كالتفاصيل والجزئيات والأوصاف التكميليات".

ترك الرفث معروف بالنسبة للصيام، لكن عدم التغرير. التغرير: ما يعرض الصوم للفساد، التغرير بصومه الذي يعرضه للبطلان.

طالب: "وكالحج مع مطلوباته التي هي له، كالتفاصيل والجزئيات والأوصاف التكميليات".

طالب: .......

التغرير بالشيء: تعريضه للهلاك، {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، هذا ورد في ماذا؟

طالب: .......

ترك الجهاد، وترك الصلاة، وترك الصيام، وترك الزكاة، كلها إلقاء باليد إلى التهلكة، وتغرير أيضًا، نعم، تغرير بالنفس.

طالب: "وكذلك القصاص مع العدل واعتبار الكفاءة، والبيع مع توفية المكيال والميزان".

يعني هذه كل هذه المسائل لهذه الأمور الكلية العامة.

طالب: "والبيع مع توفية المكيال والميزان، وحسن القضاء والاقتضاء والنصيحة، وأشباه ذلك، فهذه الأمور مبنية في الطلب على طلب ما رجعت إليه وانبنت عليه، فلا يمكن أن تُفرض إلا وهي مستندة إلى الأمور المطلوبة الجُمل، وكذلك سائر التوابع مع المتبوعات".

يعني ما يمكن أن يُطلب الخشوع في غير عبادة، ما يمكن أن يطلب الخشوع في غير عبادة، لو يقال للإنسان: أنت في بيعك وشرائك وإبرامك العقود لا بد أن تخشع، فضلاً عن كونك يُطلب منك الخشوع في غير مباح، يُتصور؟ ما يتصور.

طالب: "بخلاف الأمر والنهي إذا تواردَا على التابع والمتبوع كالشجرة المثمرة قبل الطيب، فإن النهي لم يرد على بيع الثمرة إلا على حكم الاستقلال، فلو فرضنا عدم الاستقلال فيها فذلك راجع إلى صيرورة الثمرة كالجزء التابع للشجرة".

يعني «نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها»، هذا على سبيل الاستقلال، أما على سبيل التبعية فلا مانع منه، وقد تقدم.

طالب: "وذلك يستلزم قصد الاجتماع في الجملة، وهو معنى القصد إلى العقد عليهما معًا، فارتفع النهي بإطلاقٍ على ما تقدم، وحصل من ذلك اتحاد الأمر إذ ذاك، بمعنى توارُد الأمرين على الجملة الواحدة باعتبارها في نفسها واعتبار تفاصيلها وجزئياتها وأوصافها. وعلى هذا الترتيب جرت الضروريات مع الحاجيات والتحسينيات، فإن التوسعة ورفع الحرج يقتضي شيئًا يمكن فيه التضييق والحرج، وهو الضروريات بلا شك، والتحسينات مكملات ومتممات، فلا بد أن تستلزم أمورًا تكون مكملات لها؛ لأن التحسين والتكميل والتوسيع لا بد له من موضوع إذا فُقد فيه ذلك عُد غير حسن ولا كامل ولا موسع، بل قبيحًا مثلاً أو ناقصًا أو ضيقًا أو حرجًا، فلا بد من رجوعها إلى أمر آخر مطلوب، فالمطلوب أن يكون تحسينًا وتوسيعًا، تابع في الطلب للمحسن والموسع، وهو معنى ما تقدم من طلب التبعية وطلب المتبوعية، وإذا ثبت هذا، تُصور في الموضع قسم آخر".

يعني هذه الأمور التي وسع الله بها على الناس، وحسنوا بها معيشتهم، وانتقلوا بها من الضروريات والحاجيات إلى الكماليات، ألم توجد عندهم ضيقًا وحرجًا من وجوه أخر؟

طالب: بلى.

هذا ظاهر، يعني كثير من الناس تعس؛ بسبب هذه الكماليات، بدل من أن تكون أسباب سعادة صارت أسباب شقاء وتعاسة، والأمثلة على هذا، كل عنده أمثلة في حياته.

طالب: "وإذا ثبت هذا تُصور في الموضع قسم آخر، وهي: المسألة الثانية عشرة، فنقول: الأمر والنهي إذا تواردَا على شيء واحد، وأحدهما راجع إلى الجملة، والآخر راجع إلى بعض أوصافها أو جزئياتها أو نحو ذلك؛ فقد مر في المسألة قبلها ما يبين جواز اجتماعهما، وله صورتان؛ إحداهما: أن يرجع الأمر إلى الجملة والنهي إلى أوصافها، وهذا كثير: كالصلاة بحضرة الطعام، والصلاة مع مدافعة الأخبثين".

الصلاة مأمور بها، لكن وصف من أوصافها وهو ما يشغل القلب عنها منهي عنه، فالأمر إلى الجملة والنهي إلى التفصيل، وهناك العكس.

طالب: "والصلاة مع مدافعة الأخبثين، والصلاة في الأوقات المكروهة، وصيام أيام العيد، والبيع المقترن بالغرر والجهالة، والإسراف في القتل، ومجاوزة الحد في العدل فيه، والغش والخديعة في البيوع ونحوها، إلى ما كان من هذا القبيل.

 والثانية: أن يرجع النهي إلى الجملة والأمر إلى أوصافها، وله أمثلة: كالتستر بالمعصية في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «من ابتلي منكم من هذه القاذورات بشيء، فليستتر بستر الله»".

فالمعصية منهي عنها، والتستر مطلوب، قتل ذبيحة شخص أجنبي عنك تعدٍّ على ماله بأن تذبح من غنمه أو من إبله من دون إذنه، جائز أم منهي عنه ممنوع؟

طالب: ممنوع.

ممنوع، لكن الإحسان إلى هذه الذبيحة المنهي عن قتلها؟

طالب: مأمور به.

مطلوب أم ممنوع؟ مطلوب، وهذا من فروع المسألة.

طالب: لكن كيف يقول "أوصافها" يا شيخ؟

أين؟

طالب: يعني هل الستر من أوصاف المسألة، من أوصاف المعصية؟

نعم، يعني إذا أردت أن تصف هذه المعصية بكونها مستورة أو معلنة، صار من أوصافها. نعم.

طالب: "وإتباع السيئة الحسنة لقوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17]، ورُوي: «من مشى منكم إلى طمع فليمشِ رويدًا»، وأشباه ذلك".

مع أن هذا الحديث ضعيف، بل شديد الضعف.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

نعم، لا بد، وما الجد؟

طالب: .......

يعني لو أن شخصًا سرق شاة لشخص وذبحها، نقول: ما يؤمر بإحسان الذبح؟ جهة منفكة.

طالب: أنا أقصد .......

ماذا؟

طالب: ماعز.

نعم.

طالب: .......

جاء الحث على الستر في مثل هذه الصورة لمن تاب وأناب، نعم، مثال لكل أحد عام.

طالب: "فأما الأول فقد تكلم عليه الأصوليون، فلا معنًى لإعادته هنا. وأما الثاني فيؤخذ الحكم فيه من معنى كلامهم في الأول، فإليك النظر في التفريع، والله أعلم.

وينجر هنا الكلام إلى معنًى آخر، وهي: المسألة الثالثة عشرة: وذلك تفاوت الطلب فيما كان متبوعًا مع التابع له، وأن الطلب المتوجه للجملة أعلى رتبةً وآكد في الاعتبار من الطلب المتوجه إلى التفاصيل أو الأوصاف أو خصوص الجزئيات".

إذا نظرنا إلى كل وصف بمفرده، أو تفصيل بمفرده، أو فرد بمفرده. النظر إلى الجملة أعلى؛ لأنها تشمل هذا الوصف وغيره من الأوصاف، تشمل هذا الفرد وغيره من الأفراد. لكن إذا نظرنا إلى مجموع الأفراد ولو تعددت، قلنا: إن طلب مجموع هذه الأفراد مساوٍ للعموم من جهة، والنظر إليها بمفرداتها أقوى من طلب العموم في الجملة. طلب المفرد والتنصيص عليه طلبه أقوى من طلب العموم، بدليل أنه مقدم على العام عند التعارض. فالنظر لا بد أن يتعدد، فأنت إن نظرت إلى العموم باعتباره شامل لهذا الفرد وغيره من الأفراد، قلنا: إنه أهم، والنظر إليه آكد، والأمر به آكد. وإذا نظرنا إلى جميع الأفراد مع تعددها، قلنا: إنها مساوية لهذا العموم. وإذا نظرنا إلى كل فرد بمفرده، وجدنا أن العمل بالفرد آكد من العمل بالعموم؛ ولذا يقدم الخاص على العام.

طالب: "والدليل على ذلك ما تقدم من أن المتبوع بالقصد الأول، وأن التابع مقصود بالقصد الثاني، وما قصد بالقصد الأول آكد في الشرع والعقل مما يقصد الثاني".

لأن للأولية دخل في الأولوية، الأولية أثر في الأولوية ومدخل للأولوية؛ ولذا جاء في الحديث لما رقي على الصفا قال: «أبدأ بما بدأ الله به»، وفي رواية: «ابدءوا بما بدأ الله به»، فالقصد الأول آكد مما يرد في القصد الثاني.

طالب: "ولأجل ذلك يُلغى جانب التابع في جنب المتبوع، فلا يعتبر التابع إذا كان اعتباره يعود على المتبوع بالإخلال، أو يصير منه كالجزء أو كالصفة أو التكملة. وبالجملة فهذا المعنى مبسوط فيما تقدم، وكله دليل على قوة المتبوع في الاعتبار وضعف التابع، فالأمر المتعلق بالمتبوع آكد في الاعتبار من الأمر المتعلق بالتابع. وبهذا الترتيب يُعلم أن الأوامر في الشريعة لا تجري في التأكيد مجرًى واحدًا، وأنها لا تدخل تحت قصد واحد؛ فإن الأوامر المتعلقة بالأمور الضرورية ليست كالأوامر المتعلقة بالأمور الحاجية ولا التحسينية".

نعم، الأوامر والنواهي ليست متساوية الأقدام، فمنها المؤكَّد، ومنها ما دونه، ومنها ما يقصر دونه إلى أن يصل إلى حد المباح.

طالب: "ولا الأمور المكملة للضروريات كالضروريات أنفسها، بل بينهما تفاوت معلوم، بل الأمور الضرورية ليست في الطلب على وزان واحد، كالطلب المتعلق بأصل الدين ليس في التأكيد كالنفس ولا النفس كالعقل، إلى سائر أصناف الضروريات. والحاجيات كذلك، فليس الطلب بالنسبة إلى التمتعات المتاحة التي لا معارض لها كالطلب بالنسبة إلى ما له معارض، كالتمتع باللذات المباحة مع استعمال القرض والسلم والمساقاة، وأشباه ذلك. ولا أيضًا طلب هذه كطلب الرخص التي يلزم في تركها حرج على الجملة، ولا طلب هذه كطلب ما يلزم في تركها تكليف ما لا يطاق".

يعني للإنسان أن يقترض، ويستدين لحاجته الأصلية، وله أن يقترض لما دونها مما تمس إليه الحاجة، ولو لم يكن أصليًّا. لكن التوسع في أمور الدنيا، وأخذ أموال الناس من أجل ذلك، وشغل الذمة مع ما ورد فيه من التشديد في الشرع من أجل أمور تكميلية وتحسينية، هذا خلاف ما جاء في الشرع وما يؤيده العقل. ومع الأسف تجد جل الناس، وغالب الخلق ذممهم مرهونة لأسباب تافهة، بإمكانه أن يشتري سيارة، ولا يكلف نفسه شيئًا تليق به، وبإمكانه أن يشتري مسكنًا ولا يستدين، لكن يأبى إلا أن يرهن ذمته على لا شيء.

 ومسألة ذكرناها مرارًا: امرأة عندها تقول مائتان وأربعون ألفًا، تريد أن تشتري بيتًا تدفع المائتين والأربعين ألفًا وتستدين لمدة ست عشرة سنة كل شهر خمسة آلاف! من أجل ماذا؟ بيت بمليوني ريال أو أكثر، وهي بإمكانها أن تشتري بمائتين وأربعين يكفيها، إن زادت زادت شيئًا يسيرًا أو بعد ممكن ما تزيد، من أجل ماذا؟ ترف. وشاب أول ما يتوظف يأخذ له سيارة بمائة ألف أقساطًا إلى ما لا نهاية، ويتأخر زواجه عشر سنين من أجل السيارة!

كل هذا خلل في التصور، خلل في العقل، وإن دعا نفسه أنه من أعقل الناس، يعني يجعل الناس يتابعونه ويلاحقونه، وفي النهاية يأتي إلى من يشفع له من أجل أن يُعطى من الصدقات والزكوات، أو يتسبب يُسجن أو ما أشبه ذلك، من أجل ماذا؟ من أجل سيارة يجد بربع قيمتها ما ينقل رجله ويخدمه.

فالناس ابتلوا بالكماليات أكثر من الحاجيات الأصلية، وهذا على كافة المستويات، حتى طلاب العلم والكتبيين، أرخص ما يباع المصحف وصحيح البخاري ورياض الصالحين والكتب الضرورية، ثم بعد ذلك كل ما تقل الحاجة للكتاب يرتفع ثمنه، أغلى ما يباع في الأسواق المذكرات، الذكريات، الرحلات، هذا أغلى ما يباع في الأسواق، والناس ليسوا بحاجة إليها، هي ترف.

طالب: "وكذلك التحسينيات حرفًا بحرف. فإطلاق القول في الشريعة بأن الأمر للوجوب أو للندب أو للإباحة أو مشترك، أو لغير ذلك مما يعد في تقرير الخلاف في المسألة إلى هذا المعنى يرجع الأمر فيه".

الأصل في الأمر للوجوب عند جمهور أهل العلم: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]، يعني رُتِّب على مخالفة الأمر عقوبة، رُتب عليه عقوبة، معناه أنه يقتضي الوجوب. «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»، ما فيه أمر استحباب؟

طالب: بلى.

وما المنفي في قوله: «لولا»؟ أمر الوجوب، فما بقي إلا أن يكون الأمر للوجوب، وهذا أصله عند الجمهور.

طالب: "فإنهم يقولون: إنه للوجوب ما لم يدل دليل على خلاف ذلك، فكأن المعنى يرجع إلى اتباع الدليل في كل أمر".

وهذا الأصل في المسلم المتدين أنه يدور مع الدليل.

طالب: "وإذا كان كذلك رجع إلى ما ذُكر، لكن إطلاق القول فيما لم يظهر دليله صعب، وأقرب المذاهب في المسألة مذهب الواقفية".

الذين يقفون، يقولون: لا، الأمر ما يدل على وجوب ولا على استحباب، إنما يدل على أحدهما لا على التعيين، ونقف حتى يرد الدليل المرجِّح المعيِّن.

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

هذا ترجيحه، لكن الجمهور على أنه للوجوب، هذا الأصل.

طالب: "وليس في كلام العرب ما يرشد إلى اعتبار جهة من تلك الجهات دون صاحبتها".

كأنه مرجح بالدليل أنه للوجوب، وذكرنا من الأدلة أشهر ما عند الجمهور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ...} [النور: 63]، تهديد هذا، يمكن أن يهدد على أمر مستحب؟ لا.

طالب: "فالضابط في ذلك أن يُنظر في كل أمر: هل هو مطلوب طلب الضروريات أو الحاجيات أو التكميليات، فإذا كان من قسم الضروريات مثلاً، نُظر: هل هو مطلوب فيها بالقصد الأول أم بالقصد الثاني؟

فإذا كان مطلوبًا بالقصد الأول فهو في أعلى المراتب في ذلك النوع، وإن كان من المطلوب بالقصد الثاني نُظر: هل يصح إقامة أصل الضروري في الوجود بدونه حتى يطلق على العمل اسم ذلك الضروري، أم لا؟ فإن لم يصح، فذلك المطلوب قائم مقام الركن والجزء المقوِّم لأصل الضروري، وإن صح أن يطلق عليه الاسم بدونه، فذلك المطلوب ليس بركن".

لأن الركن جانب الشيء الأقوى الذي لا يصح الشيء إلا به، فإذا أمكن ثبوته وقيامه بدونه فهذا ليس بركن.

طالب: "ولكنه مكمل، ومتمم، إما من الحاجيات، وإما من التحسينيات، فيُنظر في مراتبه على الترتيب المذكور أو نحوه، بحسب ما يؤدي إليه الاستقراء في الشرع في كل جزء منها".

بركة، يكفي.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

أنت إذا نظرت إلى هذه الأسرة بمجموعها، وحاجة هذه الأسرة، وأنها مضطرة إلى طعام، وواحد من هذه الأسرة انفرد ببيت، أيهما أولى: أن تتصدق على هذا الذي انفرد أم على الأسرة بكاملها؟

طالب: الأسرة بكاملها.

هذا من حيث العموم، نعم، لكن لو قُدر أن في أفراد هذه الأسرة من لا يحتاج إلى صدقة، وفي أفرادها من يحتاج، لكنه ليس بمثل الحاجة الماسة لهذا الذي انفرد عنهم، أليس أن يقال هذا الخصوص أولى منهم؛ لأنه حتى المحتاج منهم ممكن أن يأكل مع غير المحتاج، فيرتفع بعضهم ببعض، فتخف حاجتهم. وهذه إذا نظرنا إلى العموم، وجدنا أن العموم الأصل فيه أنه مترابط.

لكن إذا دخله الخصوص؟ خرج هذا بغنى، وخرج هذا بوظيفة، وهذا خرج بكذا، وكذا، وكذا، كُفل هذا، وما أدري ماذا يكون، يضعف العموم، ما هو مثل ما كان أولًا وكلهم محتاجون، جميع أفرادهم محتاجون.

طالب: .......

لا، على المسائل العامة التي تحتها أفراد.