كتاب الإيمان (19)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال الإمام -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابٌ: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".

"باب"، هذه اللفظة لا توجد عند الأصيلي، وتوجد عند سائر الرواة.

"من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب" أي مثل "ما يحب لنفسه" أي مثل ما يحب إذ عين ذلك المحبوب محال أن يحصل في محلين كما قاله الكرماني.

"ما يحب" هل المطلوب الذي وُصف بكونه من الإيمان أن تحب نفس ما تحب لنفسك أو مثله؟ نعم؟

طالب: .......

مثله، والمثل قد يُنزل منزلة الشيء، قد يُنزل المثل منزلة الشيء نفسه، ومن ذلك ما جاء في قصة حصلت عند القاضي شريح: أن رجلاً رأى مع رجل ثوب، فقال له: اشتر لي مثل هذا الثوب، فاشترى له ذلك الثوب نفسه، فقاضاه عند شريح قال: أنا أردت مثل هذا الثوب، ما أردت الثوب نفسه. ومتى يقول مثل هذا الكلام ويحتاج إلى القضاء؟

طالب: .......

 إذا كان عازمًا على الشراء وعلى تنفيذ ما أوصاه به، أو يكون عنده تراجع عن الشراء؟

طالب: إذا أراد يتراجع.

إذا أراد يتراجع؛ لأنه لو قال: مثل هذا الثوب، وجاء له بما يشبهه بنسبة تسعين بالمائة، قال: قريب منه، ويكون قد عمل بما أوصاه به. لكن إذا كانت المطابقة مائة بالمائة بالثوب نفسه، لا شك أنه أدق في تنفيذ الوصية. ولذا لما تقاضوا إلى شريح وقال له: أنا قلت له أن اشتر لي مثل هذا الثوب، ما قلت: اشتر لي الثوب نفسه. ألزمه شريح بأخذ الثوب وقال: لا شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه، وألزمه بأخذ الثوب.

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، المراد نفي المماثلة عنه، نفي المثل عن الله -جَلَّ وعَلا-، ونفي المماثلة عن المثل إنما هو مبالغة في نفي المماثلة عنه -جَلَّ وعَلا-. فمثل ما قال الكرماني: (أن تحب لأخيك عين ما تحبه لنفسك هذا محال)، ترى بيتًا واحدًا ويعجبك وتحب أنه لك، هل من الإيمان أن تحب نفس البيت لهذا الشخص أو السيارة أو هذه المرأة أو ما أشبه؟ أقول: لا يتكرر هذا، إنما تحب له مثله.

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ"، الأصل أن يؤتى هنا، البخاري يأتي هنا بحاء، حاء التحويل، وقد عرفنا أن الإمام البخاري يأتي بها عند نهاية الإسناد، مع أن المفترض أن يؤتى بها عند نقطة الالتقاء بين الإسنادين؛ ليختصر الإسناد، ويحول من إسناد إلى آخر. على كل حال حصل هذا، فالبخاري يروي الحديث من طريق شعبة عن قتادة، "وَعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ"، شعبة عن قتادة، نحتاج إلى أن يصرِّح شعبة بالتحديث؟

طالب: لا.

لا. طيب ماذا قال؟ "وَعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ"، لماذا جاء بالإسناد الثاني؟ لا شك أنه للتقوية، وإن كان الإسناد الأول لا يحتاج إلى تقوية. لكن اللفظ لمن؟ اللفظ الذي ساقه الإمام البخاري: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، هل هو لفظ حسين المعلم أو لفظ شعبة؟

طالب: .......

نعم. إذا روى الحديث عن اثنين، يقول الحافظ ابن حجر: (قد ظهر بالاستقراء أن الإمام البخاري إذا روى الحديث عن اثنين فاللفظ للآخِر منهما)، وسيأتي الكلام مزيد الكلام عند استعراض كلام الشراح.

"قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ"، عند المستملي والأصيلي أو عند ابن عساكر السين هذه أحيانًا تُجعل لابن عساكر وأحيانًا للمستملي: أنس بن مالك.

"عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ»"، عند أبي ذر: «أحدٌ».

"«أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»"، وهو أيضًا في بعض الروايات عند بعض الرواة: «عبدٌ» بدل «أحدٌ».

وننظر ما قاله الشراح في هذا الحديث.

طالب: .......

لا لا، لا لا بواسطة.

يقول الحافظ ابن حجر في شرح الحديث..

طالب: .......

ابن حجر ماذا يقول لأن هناك قواعد وضوابط تضبط مثل هذه الأمور يشير إليها الحافظ؟

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: ("باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه")، من القدم والعلماء يرون أن هذا، بعضهم قال إنه من المستحيل، لكن ذُكر النص من أجل أن يعالج الإنسان قلبه فيما يُكنه لإخوانه، فيسعى بقدر الإمكان أن يحب لهم الخير. وأما أن يحب الإنسان ما يحب لنفسه فهذا ميئوس منه، هكذا قال بعضهم، وإن قال بعضهم إن هذا ليس بمستحيل على القلب السليم.

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: ("باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه")، قال: (حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعن حسين المعلم، قال: حدثنا قتادة، عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

قوله: "باب من الإيمان"، قال الكرماني: قدَّم لفظ الإيمان بخلاف أخواته حيث قال: إطعام الطعام من الإيمان)، ما قال: من الإيمان إطعام الطعام، (إما للاهتمام بذكره)، يعني الإيمان، (أو للحصر)؛ لأنه إذا قُدِّم المعمول دل على الحصر مثل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]. (إما للاهتمام بذكره أو للحصر كأنه قال: المحبة المذكورة ليست إلا من الإيمان)، (ليست إلا من الإيمان).

 لكن هذا الكلام يستقيم أم ما يستقيم؟ ألا يمكن أن يعجب شخص بشخص، ثم يحب له ما يحب لنفسه ولو كان لا من أجل دينه، لا يبعثه على ذلك دين؟

طالب: .......

إعجاب.

طالب: نعم.

ممكن.

(قلت: وهو توجيه حسن)، يقول ابن حجر: (وهو توجيه حسن إلا أنه يَرد عليه أن الذي بعده أليق بالاهتمام والحصر معًا وهو قوله "باب حب الرسول من الإيمان")، صحيح (إلا أنه يَرد عليه أن الذي بعده أليق بالاهتمام والحصر معًا، وهو قوله: "باب حب الرسول من الإيمان"، فالظاهر أنه أراد التنويع في العبارة)، يعني أراد التفنن في العبارة، مرة يقدم الإيمان، ومرة يؤخر الإيمان. (ويمكن أنه اهتم بذكر حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقدَّمه)، "باب حب الرسول" (اهتم بذكر حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقدَّمه).

وللعيني كلام في هذا في صفحة مائة وتسعة وثلاثين، يقول: ("باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، أي: هذا باب، ولا يجوز فيه إلا الإعراب بالتنوين أو الوقف على السكون، وليس فيه مجال للإضافة. والتقدير: هذا باب فيه من شُعب الإيمان أن يحب الرجل لأخيه ما يحبه لنفسه، ووجه المناسبة بين البابين أن الشعبة الواحدة في الباب الأول هي إطعام الطعام، وهو غالبًا لا يكون إلا عن محبة المطعَم).

 قد يكون المطعَم رجلًا عاديًّا أو قد لا يكون محبوبًا عند المطعِم، إنما يرجو بذلك ثواب الله -جَلَّ وعَلا-؛ لأن بعض السائلين قد يسيء الأدب، ومع ذلك يُتصدق عليه ويطعَم.

(وهو غالبًا لا يكون إلا عن محبة المطعَم، وهذا الباب فيه شعبة، وهي المحبة لأخيه. وقال الكرماني: قدم لفظة "من الإيمان" بخلاف أخواته حيث يقول: "حب الرسول من الإيمان"، ونحو ذلك من الأبواب الآتية التي مثله، إما للاهتمام بذكره وإما للحصر، فكأنه قال: المحبة المذكورة ليست إلا من الإيمان؛ تعظيمًا لهذه المحبة وتحريضًا عليها. وقال بعضهم)، يعني ابن حجر. (وقال بعضهم: هو توجيه حسن إلا أنه يَرد عليه أن الذي بعده أليق بالاهتمام والحصر معًا، وهو قوله: "باب حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان"، فالظاهر أنه أراد التنويع في العبارة، ويمكن أنه اهتم بذكر حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقدمه.

قلتُ). جاء الرد (قلتُ: الذي ذكره لا يرد على الكرماني، وإنما يرد على البخاري)، الذي قاله لا يرد على الكرماني وإنما يرد على البخاري (حيث لم يقل: باب من الإيمان حب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن يمكن أن يجاب عنه بأنه إنما قدم لفظة "حب الرسول" إما اهتمامًا بذكره أولاً، وإما استلذاذًا باسمه مقدمًا، ولأن محبته هي عين الإيمان، ولولا هو ما عُرف الإيمان).

طالب: .......

نعم؟

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

لا، هو أراد أن يقول: إن ابن حجر حينما رد على الكرماني كلامه لا يتجه على الكرماني، كلام الكرماني صحيح متجه، لكن يرد على البخاري لماذا قال في هذا الباب قدَّم "من الإيمان" وأخَّر "من الإيمان" في "باب حب الرسول" -عليه الصلاة والسلام-.

يقول: (قلتُ: الذي ذكره لا يرد على الكرماني، وإنما يرد على البخاري حيث لم يقل: باب من الإيمان حب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن يمكن أن يجاب عنه)، الآن هل جواب العيني يطابق جواب ابن حجر؟

طالب: .......

(ولكن يمكن أن يجاب عنه بأنه إنما قدَّم لفظة "حب الرسول" إما اهتمامًا بذكره)، (ويمكن أنه اهتم بذكر حب الرسول- صلى الله عليه وسلم- فقدمه)؛ هذا كلام ابن حجر. والعيني: (يمكن أن يجاب عنه بأنه إنما قدم لفظة "حب الرسول" إما اهتمامًا بذكره، وإما استلذاذًا باسمه فقدمه، ولأن محبته هي عين الإيمان، ولولا هو ما عُرف الإيمان). أولاً محط انتقاد العيني على ابن حجر: أن ابن حجر انتقد الكرماني، والأولى أن ينتقد البخاري، ثم بعد ذلك وافقه في التوجيه وزاد عليه.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

طيب، الظاهر أنها مسألة ما هي بمعتبرة، يعني البخاري ما التفت إلى هذا التقديم أو التأخير، إنما هو من باب التفنن في العبارة، مرة يقدم هذا، ومرة يؤخر هذا.

(قوله: "يحيى" هو ابن سعيد القطان.

قوله: "عن حسين المعلِّم" هو ابن ذكوان وهو معطوف على "شعبة"، فالتقدير: عن شعبة وحسين كلاهما عن قتادة، وإنما لم يجمعهما؛ لأن شيخه أفردهما)، يعني شيخه، شيخ البخاري في هذا الحديث ما جمعهما له، وإنما حدثه مرة عن هذا، ومرة عن هذا، ما قال: حدثني فلان وفلان، ما قال مسدد: حدثنا يحيى عن شعبة وحسين المعلم، إنما قال: عن شعبة عن قتادة عن أنس، ومرة أخرى قال: عن حسين المعلم قال: حدثنا قتادة عن أنس.

(وإنما لم يجمعهما؛ لأن شيخه أفردهما، فأورده المصنف معطوفًا اختصارًا، ولأن شعبة قال: عن قتادة، وقال حسين: حدثنا قتادة. وأغرَبَ بعضُ المتأخرين، فزعم أن طريق حسين معلقة، وهو غلط، فقد رواه أبو نعيم في المستخرج من طريق إبراهيم الحربي عن مسدَّد شيخ المصنف عن يحيى القطان عن حسين المعلم)، هل يكفي هذا، هل تكفي رواية أبي نعيم للحكم على رواية البخاري بأنها موصولة؟

طالب: .......

لماذا؟

لأنه وإن رواه أبو نعيم من طريق مسدد، من طريق يقول: (وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق إبراهيم الحربي عن مسدد شيخ المصنف عن يحيى القطان عن حسين المعلم)، وإن رواه أبو نعيم في المستخرج من طريق إبراهيم الحربي عن مسدد شيخ المصنف عن يحيى القطان عن حسين المعلم، هل يلزم من ذلك أن يكون البخاري رواه عن شيخه مسدد عن يحيى القطان عن حسين المعلم؟

طالب: .......

يلزم أم لا؟

طالب: يلزم يا شيح.

كيف؟

طالب: لأن البخاري عادة ما يسوق في.......

يعني في أثناء الإسناد.

طالب: في أثناء الإسناد.......

يعني بخلاف ما لو جاء به بعد سياق المتن، لكن ليس مطردًا هذا، قد يسوقه في أثناء الإسناد معلقًا. لكن تقدم لنا أنه حيث يريد التعليق يأتي بالواو أم ما يأتي بالواو؟

طالب: .......  

ماذا؟

طالب: يأتي بالواو.......

صفحة واحد وعشرين، دعونا ننظر، يأتي بالواو حيث يريد التعليق يأتي بالواو.

قال: (قالت عائشة وهو بالإسناد الذي قبله وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثير، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف)، والآن فيه حرف عطف أم ما فيه؟

طالب: فيه حرف عطف.

فيه حرف عطف، (وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف)، الآن هذا معلق أم غير معلق؟

يعني كون أبي نعيم في مستخرجه على البخاري رواه بالسند المتصل عن حسين المعلم يدل على أن البخاري رواه بسند متصل؟

يلزم منه ذلك؟

طالب: نعم.

لأن الأصل أن أسانيد المستخرج غير أسانيد الأصل؛ لأن المستخرِج يأتي إلى أحاديث الكتاب الأصلي فيخرِّج أحاديثه بأسانيده هو لا بأسانيد الأصل، هذا الأصل في المستخرجات: (وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف)، وسواء قلنا إنه موصول بالسند المتقدم، أو قلنا: إنه معلق بصيغة الجزم، أو قلنا: إنه يغني عنه الإسناد السابق المتصل، فالحديث لا إشكال فيه، على أي وجه صرفناه.

(حيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف)، ذكرنا كلام العيني فيما تقدم في شرح الحديث الثاني، وما نحتاج أن نرجع إلى كلام العيني والرد عليه.

طالب: .......

ما يلزم، نعم علة، معروف.

طالب: .......

يعلق بصيغة عن.

نحتاج إلى تتبع هذه المسألة أم نكتفي بما تقدم؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

كيف؟

طالب: .......

(فزعم أن طريق حسين معلقة وهو غلط)، نعم، ابن حجر اعتمد على رواية أبي نعيم بأن هناك تلازمًا بين المستخرَج والمستخرِج، ما فيه تلازم.

طالب: .......

نعم. تبغون أن نعيد المسألة جذعة مثل ما أبدينا فيها وأعدنا في السابق، موجود، كل شيء موجود، العيني معنا وابن حجر معنا.

طالب: .......

لا، وعندي استدراكات على ابن حجر في هذه القواعد التي ظهرت له بالاستقراء والتتبع ظهر هنا ما ينقضها من المسائل؛ لكونها قواعد أغلبية. أقول: عندنا ما يخرج عنها من المفردات.

طالب: .......

أغلبية نعم.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

طيب. هنا العطف بالواو، وحكم ابن حجر على أن الطريق متصلة، وقال: (أغرب بعض المتأخرين فزعم أن طريق حسين معلقة)، وسبق أن قرر: (وحيث يريد التعليق).

طالب: يأتي بحرف العطف.

(يأتي بالواو)، وقد أتى بالواو هنا، يعني كلام ابن حجر متسق أم مختلف؟

طالب: متسق هنا.

طالب: .......

طالب: الآن مختلف.

طالب: .......

(وحيث يريد التعليق يأتي بالواو).

طالب: .......

انظر: (وحيث يرد التعليق يأتي بحرف العطف)، وهنا أتى بحرف العطف وقرر ابن حجر أنه متصل، بدليل أنه رد على بعض المتأخرين الذي زعم أن الطريق معلقة.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

هو حديث عائشة.

طالب: .......

قالت عائشة، قالت عائشة.

طالب: .......

أنتم تريدون أن تفرقوا بين أن يسوق السند في أثناء السند الأول وقبل سياق المتن يختلف عما يقوله بعده؟

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

ما فيه واو، ما فيه: قالت عائشة، قالت عائشة.

طالب: .......

العيني اثنين وأربعين.

 يقول العيني: ("قالت عائشة" يحتمل وجهين؛ أحدهما أن يكون معطوفًا على الإسناد الأول بدون حرف العطف كما هو مذهب بعض النحاة صرح به ابن مالك، فحينئذ يكون حديث عائشة مسندًا، والآخر أن يكون كلامًا برأسه غير مشارك للأول، فعلى هذا يكون هذا من تعليقات البخاري قد ذكره تأكيدًا بأمر الشدة وتأييدًا له على ما هو عادته في تراجم الأبواب حيث يذكر ما وقع له من قرآن أو سنة مساعدًا لها، ونفى بعضهم)، يقصد ابن حجر. (ونفى بعضهم أن يكون هذا من التعاليق ولم يقم عليه دليلاً، فنفيه منفي؛ إذ الأصل في العطف أن يكون بالأداة، وما نص عليه ابن مالك غير مشهور بخلاف ما عليه الجمهور).

 يعني هل ابن حجر حكم عليه بالوصل بناء على أن الواو منوية على رأي ابن مالك؟

طالب: .......

ماذا؟

 الآن رأي ابن مالك أنه يمكن العطف بواو مقدرة، والجمهور: لا بد من ذِكرها. انظر ماذا يقول: (ونفى بعضهم أن يكون هذا من التعاليق ولم يقم عليه دليلاً، فنفيه منفي؛ إذ الأصل في العطف أن يكون بالأداة، وما نص عليه ابن مالك غير مشهور بخلاف ما عليه الجمهور).

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

 بالإسناد الذي قبله، ولو كان يريده معلقًا لأتى بالواو. هو مسألة كون خبر عائشة الذي صورته التعليق جاء بعد سياق الحديث: "قالت عائشة"، والذي معنا "وعن حسين المعلم" جاء قبل سياق الحديث. فمن نظر إلى أن هذا مؤثر ما طبق القاعدة على هذا الموضع ورأى أن كلام ابن حجر يمكن احتماله، ومن طبق كلامه السابق وحيث يريد التعليقات بالواو مشاه على الذي معنا.

طالب: .......

نعم؟

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

أروي، أروي عن فلان.

طالب: .......

نعم، تروي بسند غير متصل، يعني هل العنعنة تقتضي اتصال ما قبلها؟ هم ينظرون في اتصال ما بعدها.

طالب: .......

نعم، لا بد فيه أحد، هو لا بد فيه أحد قبل القائل إذا عرفنا أن بينهما انقطاع، فيه، وبلغني عن فلان لا بد من مبلغ، من هو المبلغ؟ نفس الشيء. وقال مثل عن عند أهل العلم.

طالب: .......

 ماذا؟ قال مثل عن.

طالب: لكن لو اعتبرنا.......

لا.

طالب: .......

لا لا، الأول "مسدد"، الطريق الأول.

طالب: ولكن هو لو أراد يا شيخ....... ساقه بالإسناد الأول ثم علق.......

لا، ما نلزمه بغير لازم، البخاري يتصرف، ويتفنن، ويقدم، ويؤخر، ويجيء بزيادة أسانيد لها فوائد قد لا ندركها.

طالب: .......

المستخرج مستخرج أبي نعيم، من طريق إبراهيم الحربي عن مسدد شيخ المصنف عن يحيى القطان عن حسين المعلم، نفس الإسناد السابق.

طالب: .......

نعم.

طالب: في عدم إعادة الرواية.

نعم، كيف؟

طالب: .......

(وحيث يريد التعليق يأتي بالعطف)، وهنا أتى بالعطف، هل أراد التعليق على تقرير للقاعدة السابقة، أو نقول إن ما يسوقه في أثناء الأسانيد يختلف عما يعقب به الأحاديث؟

طالب: .......

نعم.

طالب: لكن لو أردنا أن نقول ابن حجر لا مطرد كلامه مع كلامه الأول...

نعم.

طالب: وهو قالت عائشة.......

وعن حسين المعلم.

طالب: لكن الدافع.......

هل يلزم أن يكون البخاري رواه بسند نفس المستخرج؟

طالب: لا لا يلزم.

ما يلزم، فيبقى الإشكال؛ لأن الأصل في المستخرِج أن يبحث عن سند غير سند الأصل، إذا جاء به من سند الأصل فما جاء بشيء ولا يسمى استخراجًا، وإذا ضاق عليه المخرج وما وجد إسنادًا يخصه، فإما أن يعلق الخبر يحذف إسناده كله في المستخرج، وإما أن يحذفه بالكلية يحذف الحديث بإسناده، وإما أن يورده من طريق المصنف، فإذا أورده من طريق المصنف فمعناه أنه ما جاء بشيء.

طالب: ....... القاعدة عند ابن حجر؟

أنا قلت: إن هذه القواعد أغلبية، وسيأتينا بالمسألة الثانية التي هي أشد إشكالًا، اللفظ لحسين أم شعبة، اللفظ لحسين أم لشعبة؟

ابن حجر يقول: (ظهر بالاستقراء أن البخاري إذا روى الحديثين من طريقين فاللفظ للآخر منهم)، وهذا موجود صفحة أربعمائة وستة وثلاثين في الفتح، ويأتي ما لها وما عليها، ما يوافقها وما يخالفها.

طالب: .......

لا، التي تأتي للاختصار وبالإسناد السابق بالاتفاق الحاء، الحاء ما هي بالواو، إلا إذا قيل: إن الحاء هنا منوية: ح وعن حسين؛ لأنه قد تسقط من بعض الروايات، لكنه ما أشير إليها ولا في رواية أنها موجودة، وإلا لو وُجدت الواو انتهى الإشكال، الحاء، لو وُجدت الحاء حاء التحويل انتهى الإشكال.

(وأبدى الكرماني كعادته بحسب التجويز العقلي أن يكون تعليقًا أو معطوفًا على قتادة)، فيه احتمال ثالث؟ فيه احتمال ثالث يجوز الأمرين؟

طالب: ما فيه.......

نعم، هذا مثل الذي يجلس عند زوجته وهي تطلق: ولد أم بنت!!

ما فيه غير الاحتمالين، لكن الإشكال على الذي ينساق وراء الاحتمالات العقلية التي لا يسندها دليل، وهذه الاحتمالات العقلية- كما يقرر أهل العلم- لا مدخل لها في هذا الفن، الفن فن رواية، ما هو مسألة تجويز عقلي هذا أم هذا.

(وأبدى الكرماني كعادته بحسب التجويز العقلي أن يكون تعليقًا أو معطوفًا على قتادة)، هل جاء بجديد؟ (أو معطوفًا على قتادة فيكون شعبة رواه عن حسين عن قتادة، إلى غير ذلك مما ينفر عنه مَن مارس شيئًا من علم الإسناد، والله المستعان).

 والعيني ترك الكرماني بدون نصر؟

طالب: .......

 لا ما يتركه.

طالب: ما يتركه.

ينصره، ولو تعصبًا كما مر في بعض المواضع.

يقول العيني: (وقال الكرماني: قوله: "وعن حسين" هو عطف إما على "حدثنا مسدد" فيكون تعليقًا، والطريق بين حسين والبخاري غير طريق مسدد. وإما عن شعبة، فكأنه قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن حسين. وإما على قتادة، فكأنه قال: عن شعبة عن حسين عن قتادة. ولا يجوز عطفه على يحيى؛ لأن مسددًا لم يسمع عن حسين، وروايته عنه إنما هو من باب التعليق، وعلى التقدير الأول ذكره على سبيل المتابعة.

قلتُ: هذا كله مبني على حكم العقل، وليس كذلك، وليس هو بعطف على مسدد ولا على قتادة، وإنما هو عطف على شعبة كما ذكرنا، والمتن الذي سيق هاهنا هو لفظ شعبة، وأما لفظ حسين فهو الذي رواه أبو نعيم في المستخرج عن إبراهيم الحربي عن مسدد عن يحيى القطان عن حسين المعلم عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يؤمن عبدٌ حتى يحب لأخيه ولجاره»)، وجدنا لفظ حسين: (وأما لفظ حسين فهو الذي رواه أبو نعيم في المستخرج عن إبراهيم الحربي عن مسدد عن يحيى القطان عن حسين المعلم عن قتادة عن أنس-  رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يؤمن عبدٌ حتى يحب لأخيه ولجاره»)، الآن اللفظ المساق عندنا الذي ساقه البخاري لفظ من؟

طالب: شعبة.

لفظ شعبة.

طالب: .......

لا لا، فيما بيَّنه المستخرِج أبو نعيم؟

طالب: .......

لا، هو كيف نعرف لفظه ومساقه إلا بالطرق؟ لا نعرف لفظه إذا لم يسقه المؤلف إلا بجمع الطرق.

طالب: .......

أين؟

طالب: اللفظ المسوق.

لا، عندنا...

طالب: على قاعدة ابن حجر.......

نعم، لكن وجدنا ما يخالفه فضعف هذا الاحتمال، وجدنا لفظًا يخالف اللفظ المسوق فضعف هذا الاحتمال.

قال: (قال: «لا يؤمن عبدٌ حتى يحب لأخيه ولجاره». فإن قيل: قتادة مدلس ولم يصرح بالسماع عن أنس في رواية شعبة؟ قلتُ: قد صرح أحمد بن حنبل والنسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس فانتفت تهمة تدليسه)، ولو لم يصرح، ما نحتاج إلى مثل هذا التصريح لماذا؟ لأن شعبة كفانا تدليس هؤلاء، كفانا تدليسهم.

(تنبيه: المتن المساق)، يقول ابن حجر: (تنبيه: المتن المساق هنا لفظ شعبة، وأما لفظ حسين من رواية مسدد التي ذكرناها فهو «لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ولجاره»، وللإسماعيلي من طريق رَوح عن حسين: «حتى يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير»، فبين المراد بالأخوة وعيَّن جهة الحب، وزاد مسلم في أوله عن أبي خيثمة عن يحيى القطان: «والذي نفسي بيده»، وأما طريق شعبة فصرَّح أحمد والنسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس فانتفت تهمة تدليسه).

 الآن ابن حجر يقرر أن اللفظ لمن؟ لشبعة أم لحسين؟

طالب: لشعبة.

لشعبة، أربعمائة وستة وثلاثين.

 قال: (وقد ظهر بالاستقراء من صنيع البخاري أنه إذا أورد الحديث عن غير واحد فإن اللفظ يكون للأخير)، (إذا أورد الحديث عن غير واحد فإن اللفظ يكون للأخير) وهنا اللفظ للأول. بعضهم أجاب عن هذا؛ لأنه وقفنا على مواضع اللفظ فيها للأول، مواضع ليست قليلة. فإما أن يقال: إن هذه القاعدة أغلبية، وإما أن يقال: إن مراد ابن حجر: (إذا أورد الحديث عن غير واحد) من شيوخه.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

من شيوخه، يعني هنا شيخه مسدد، وشيخه الثاني نعرفه أم ما نعرفه؟

طالب: ما نعرفه.

نعم؟

طالب: .......

مبهم إذا لم يكن بالسند السابق، فأورد لفظ شيخه، ويحتمل أن يكون لفظ الشيخ الثاني مطابقًا بدليل هذا الاستقراء. وكونها قاعدة أغلبية أريح؛ لأنه فيه أشياء ما يمكن الجواب عنها، وهي مدونة بالأرقام.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

لفظ شعبة.

طالب: .......

لا هو كان أشار للقاعدة، لماذا أخر القاعدة إلى أواخر المجلد؟ يخشى أن هذه القاعدة ما تحررت له إلا بعد أن قطع مسافة طويلة.

(قوله: «لا يؤمن» أي من يدعي الإيمان، وللمستملي: «أحدُكم»، وللأصيلي: «أحدٌ»، ولابن عساكر: «عبدٌ»، وكذا لمسلم عن أبي خيثمة، والمراد بالنفي كمال الإيمان، ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في قولهم: فلان ليس بإنسان)، تقول: ليس برجل، تنفي عنه الذكورة أو تنفي بعض أوصافها.

أتمنى من الإخوان أن يقيدوا مثل هذه الأمور لأننا نريد أن نربط السابق باللاحق، ونمثل من الأول ومن الآخر، وإذا ما قُيدت فما الفائدة؟ إذا قيدت وتذكرها الإخوان أراحونا من كثير من العناء في تقرير مثل هذه المسائل، وهذه المسائل في غاية الأهمية؛ لأن بعض الناس يهمه المتن ويحذف السند ما له قيمة، ما هو بصحيح، الذي يتخرج طالب علم ويتربى طالب حديث لا بد أن يهتم بالأمرين معًا.

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: («لا يؤمن» أي من يدعي الإيمان، وللمستملي: «أحدُكم»، وللأصيلي: «أحدٌ»، ولابن عساكر: «عبدٌ»، وكذا لمسلم عن أبي خيثمة، والمراد بالنفي كمال الإيمان، ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم، كقولهم: فلان ليس بإنسان. فإن قيل: فيلزم أن يكون مَن حصلت له هذه الخصلة مؤمنًا كاملاً؟).

 وهذا الجواب عنه مثل الجواب عن «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» إذا حصل السلامة منه صار مسلمًا كامل الإسلام، وهذا ليس بالمراد، وقد تقدم الجواب عنه.

(فإن قيل: فيلزم أن يكون مَن حصلت له هذه الخصلة مؤمنًا كاملاً وإن لم يأت ببقية الأركان؟ أجيب بأن هذا ورد مورد المبالغة، أو يستفاد من قوله: «لأخيه المسلم» ملاحظةُ بقية صفات المسلم)، (صفات المسلم) يعني المتصف بهذه الأوصاف التي تؤخذ من لفظ «المسلم» الذي هو المستسلم لله -جَلَّ وعَلا- المنقاد لأوامره المجتنب لنواهيه. (وقد صرح بن حبان من رواية ابن أبي عَدي عن حسين المعلم بالمراد ولفظه: «لا يبلغ عبدٌ حقيقة الإيمان» ومعنى الحقيقة هنا الكمال ضرورةً أن من لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافرًا، وبهذا يتم استدلال المصنف على أنه يتفاوت، وأن هذه الخصلة من شعب الإيمان، وهي داخلة في التواضع على ما سنقرره.

 قوله: «حتى يحبَّ» بالنصب؛ لأن حتى جارة وأن بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفةً فلا يصح المعنى).

طالب: .......

ماذا؟

(«حتى يحبَّ» بالنصب؛ لأن حتى جارة وأن بعدها مضمرة)، هاك حروف الجر وهي مِن إلى حتى خلا حاشا عدا في عن على، من حروف الجر حتى، والمجرور هو المصدر المنسب، لكن من أن وما دخلت عليه. (وأن بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفة فلا يصح المعنى إذ عدم الإيمان ليس سببًا للمحبة. قوله: «ما يحب لنفسه» أي من الخير كما تقدم عن الإسماعيلي وكذا هو عند النسائي وكذا عند ابن منده من رواية همام عن قتادة أيضًا، والخير: كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتُخرج المنهيات؛ لأن اسم الخير لا يتناولها، والمحبة: إرادة ما يعتقده خيرًا).

 يعني تأويل المحبة بالإرادة.

 (المحبة: إرادة ما يعتقده خيرًا) هذا بالنسبة للمخلوق تأويل الشيء بلازمه فيه إشكال أم ما فيه؟ بالنسبة للمخلوق؟

طالب: .......

أولاً الذي يثبت الصفة، الذي يثبت الصفة التي هي المحبة سواء كانت مما يتعلق بالخالق أو بالمخلوق يلام إذا أوَّلَ باللازم؟

طالب: لا يلام.

«والذي نفسي بيده»، من يقول في هذا القسَم إثبات اليد لله -جَلَّ وعَلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، وأن أرواح الخلق في تصرفه. الذي يقول مباشرة: رُوحي في تصرفه، قلنا: هذا فر من إثبات الصفة فكلامه مردود. لكن الذي يثبت الصفة ويثبت لازمها يلام أم ما يلام؟ ومن باب أولى إذا فعل ذلك بالنسبة للمخلوق.

(قال النووي: المحبة الميل إلى ما يوافق المحِب، وقد تكون بحواسه كحُسن الصورة، أو بفعله إما لذاته كالفضل والكمال وإما لإحسانه كجلب نفع أو دفع ضرر. انتهى ملخصًا. والمراد بالميل هنا الاختياري دون الطبيعي والقسري)، (الاختياري دون الطبيعي والقسري) المحبة المراد بها الاختيارية التي مبعثها وسببها الاتفاق في الدين، الأخوة الإيمانية. طيب هناك محبة طبيعية، له ابن كافر يحب له الخير جِبلة، له زوجة كتابية ما تدخل في «ما يحب لأخيه»، لكن تدخل {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]. معلوم أن الإنسان يحب ولده، ويحب والده، ويحب زوجه محبة جِبلية، لكن المحبة التي جاء الحث عليها في النصوص وعليها المدار هي المحبة الشرعية الاختيارية.

(والمراد أيضًا أن يحب أن يَحصل له).

طالب: القسري يا شيخ.......

ماذا؟

 طالب: .......

ما هو؟

طالب: القسري.

ماذا فيه؟

طالب: .......

الذي يُغلب عليه الإنسان.

للعيني كلام يستدركه على ابن حجر في هذا في صفحة مائة وواحد وأربعين:

(قال بعضهم: المراد بالميل هنا الاختياري دون الطبع والقسري، والمراد أيضًا بـ«أن يحب» إلى آخره... أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له، لا عينه سواء كان ذلك في الأمور المحسوسة أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له مع سلبه عنه)، يعني مثل ما قلنا في «ما يحب».

(وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له مع سلبه عنه ولا مع بقائه بعينه له؛ إذ قيام الجوهر أو العرَض بمحلين محال. قلتُ: قوله).

هنا يقول: (والمراد أيضًا «أن يحب»، أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له، لا عينه سواء كان ذلك في الأمور المحسوسة أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له لا مع سلبه عنه ولا مع بقائه بعينه له؛ إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال)، كل هذا من كلام ابن حجر.

(قلتُ) هذا كلام العيني (والمراد أيضًا بـ«أن يحب» إلى آخره ليس تفسير المحبة، وإنما المحبة مطالعة المنة من رؤية إحسان أخيه وبره وأياديه ونعمه المتقدمة التي ابتدأ بها من غير عمل استحقها به، وسترُه على معايبه، وهذه محبة العوام، قد تتغير بتغير الإحسان، فإن زاد الإحسان زاد الحب وإن نقص نقص. وأما محبة الخواص فهي تنشأ من مطالعة شواهد الكمال لأجل الإعظام والإجلال ومراعاة حق أخيه المسلم، فهذه لا تتغير؛ لأنها لله تعالى لا لأجل غرض دنيوي. ويقال: المحبة هاهنا...)، إلى آخره.

المحبة الشرعية لها ضابط عند أهل العلم بأن لا تزيد مع الصفاء، ولا تنقص مع الجفاء، هل نجد هذا في أنفسنا؟ واللهِ ما نجد هذا في أنفسنا، بدليل أنك لو زرت أعلم الناس أو أورع الناس الذي يُتصور أن تكون محبته الغاية بالنسبة لما يُطلب من محبة المخلوقين، لكنه ما استقبلك استقبالاً جيدًا، تستمر بالمحبة والمودة؟ أو زرت أفسق الناس وطار بك واستقبلك وأكرمك، ما تتأثر؟ ما يتأثر قلبك هذا بهذا التصرف؟

طالب: .......  

ما يخالف، لكن العالم الزاهد الذي زرته لله، هل تغير وصفه حتى يتغير ميزان المحبة عندك؟ ما تغير وصفه، علمه وورعه وزهده موجود. ولذا يقرر أهل العلم أن المحبة هي التي لا تزيد مع الصفاء، ولا تنقص مع الجفاء.

طالب: .......

لا ما يلاحظ سنة ولا غيره.

طالب: .......

لا، خلك مع السنة، لاحظ عليك إسبالًا، هذا الشيخ الفاضل أنت زرته لله وتحبه في الله لما قال: ثوبك طويل، ماذا يصير بقلبك؟ يعني عموم الناس اليوم، أنا ما أقصد طالب علم ولا شخصًا مرن نفسه على مراد الله ومراد رسوله، فماذا  تقول؟ هذا من مخالفة السنة؟

طالب: .......

 لا، من اتباع السنة.

على كل حال، نسأل الله أن يعفو عنا ويعاملنا بالعفو. يقول ابن عباس في وقته: ولقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يُجدي على أهله شيئًا. هذا في القرن الأول، الله المستعان. واحد زار واحدًا فيما نحسبه من أعلم أهل الأرض وأزهدهم وأقواهم بالحق وأغيرهم على الدين، راح له وكأنه سلم عليه وهو جالس، فلما رُجع وسئل عن الزيارة ماذا حققت من المصالح؟ قال: إن رحت له ثانيًا قص رجلي! زادت مع الصفاء أم نقصت مع الجفاء؟ هذه أمورنا مدخولة يا إخوان، واللهِ مدخولة، الله المستعان.

(وقال أبو الزناد بن سراج)، هذا ينقل عنه ابن بطال كثيرًا: وقال أبو الزناد، وقد يقول: قال أبو الزناد، هو يكثر النقل عنه: قال أبو الزناد، وقد يلتبس على المبتدئين من طلاب العلم، وإلا فالتاريخ والوقت والكلام الذي يُنسب إليه لا يناسب أبي الزناد عبد الله بن ذكوان. (وقال أبو الزناد بن سراج: ظاهر هذا الحديث طلبُ المساواة، وحقيقته تستلزم التفضيل؛ لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل من غيره، فإذا أحب لأخيه مثلَه فقد دخل في جملة المفضولين. قلت: أقر القاضي عياض هذا وفيه نظر؛ إذ المراد الزجر عن هذه الإرادة؛ لأن المقصود الحث على التواضع، فلا يحب أن يكون أفضل من غيره، فهو مستلزم للمساواة، ويستفاد ذلك من قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} [القصص: 83]، ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل والحقد والغش، وكلها خصال مذمومة)، «حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، زملاء في قاعة في كلية شرعية، هذا كل واحد منهم مطالب بأن يجد ويجتهد من أجل ماذا؟

من أجل المنافسة، هذا يقول واللهِ أنا أتمنى أن يكون الفصل كله القاعة كلها الأول مكرر؟ هاه؟ هل هذا مطلوب من، أو مقتضى {وَسَارِعُوا} [آل عمران: 133] {سَابِقُوا} [الحديد: 21]؟ أن تسارع وتسبق غيرك. إنما المقصود بالحديث: «حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، أن يرفع عن نفسه الحسد والغل والحق والغش، وإلا كما قال بعضهم إن تحقيق حرفية الحديث مستحيلة، لكن هذا مبالغة.

طالب: .......

حققوا وزادوا، آثروا على أنفسهم، لكن هذا يُطلب من عامة الناس؟ من جميع المسلمين؟

طالب: .......

كونك تؤثِر في شيء هل معناه أنك تؤثر في كل شيء؟ كأنه كل من جاءك: خذ خذ، هل معنى هذا هو الحديث؟

طالب: يعني لكل الناس؟

لكل الناس، لأخيك المسلم، كل من جاء: خذ. قصة لشخص كبير السن تغرب ولده من أجل الدراسة وتيسر له عمل خفيف ومأذنة وبيت بالمسجد، ثم يجيئه واحد من زملائه ولا وجد عملًا وآثره ببيت المسجد، جاء الوالد والد هذا الشخص الطالب الأول ووجده طلع من بيت المسجد، قال: ما الذي يطلعك؟ قال: واللهِ جاء زميل لي وضاقت به الأرض ولا وجد شيئًا وأنا الحمد لله الأمور متيسرة ومن باب الإيثار، قال: افتح له هذا الباب أجل ودعه يأخذ ما في البيت، وهناك حرمة إن أرادها أخذها!! يعني عقول العامة ما تحتمل مثل هذه الأمور، فكيف يطالب بها عامة الناس؟

طالب: .......

ماذا؟

أن يكون على نفس المستوى الذي هو عليه أو أفضل.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

لأن هذا إذا قلنا هذا حتى الكافر تحب له أن يُسلم ويكون مثلك ...

طالب: .......

إذًا «لأخيه» مفادها؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

نعم. يعني قالوا: مثل ألفاظ أو مثل أحاديث الوعيد تُمر كما جاءت، ويُحرص على تطبيقها بقدر الإمكان، يحرص على تطبيقها بقدر الإمكان وإلا لو نظرنا إلى أنفسنا، واختبرنا أنفسنا المسألة أظن النتيجة صفر، الظاهر أن النتيجة صفر. نعم.

طالب: .......

واللهِ على كل حال حمل الحديث على عمومه أولى.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

لكن الحديث للأمة ليس للصحابة فقط.

(فائدة: قال الكرماني: ومن الإيمان أيضًا أن يُبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر، ولم يذكره؛ لأن حب الشيء مستلزم لبُغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاءً، والله أعلم).

طالب: .......

"