شرح الموطأ - كتاب الحج (03)

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الطيب في الحج:

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت".

وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بحنين وعلى الأعرابي قميص وبه أثر صفرة، فقال: يا رسول الله إني أهللت بعمرة، فكيف تأمرني أن أصنع؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك، وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك)).

وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجد ريحًا طيبًا وهو بالشجرة، فقال: "ممن ريح هذا الطيب؟" فقال معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-: منّي يا أمير المؤمنين، فقال: منك لعمر الله؟ فقال معاوية: إن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين، فقال عمر: عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه".

وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد عن غير واحد من أهله أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجد ريح طيب وهو بالشجرة وإلى جنبه كثير بن الصلت، فقال عمر: "ممن ريح هذا الطيب؟ فقال كثير: مني يا أمير المؤمنين لبدت رأسي وأردت أن لا أحلق، فقال عمر: فاذهب إلى شربة فأدلك رأسك حتى تنقيه، ففعل كثير بن الصلت".

قال مالك: الشربة حفير تكون عند أصل النخلة.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الوليد بن عبد الملك سأل سالم بن عبد الله وخارجة بن زيد بن ثابت بعد أن رمى الجمرة، وحلق رأسه، وقبل أن يفيض عن الطيب، فنهاه سالم، وأرخص له خارجة بن زيد بن ثابت.

قال مالك -رحمه الله-: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب قبل أن يحرم، وقبل أن يفيض من منى بعد رمي الجمرة.

قال يحيى: سئل مالك عن طعام فيه زعفران هل يأكله المحرم؟ فقال: أما ما تمسه النار من ذلك فلا بأس به أن يأكله المحرم، وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: ما جاء في الطيب في الحج" وقوله: "في الحج" الظرفية تقتضي ما بين الدخول فيه إلى الانتهاء والفراغ من جميع أعماله، الطيب في الحج، يعني قبل أن يحرم الإنسان هل يقال له: إنه في الحج؟ وبعد أن يفرغ ويوادع هل يقال: إنه في الحج؟ لا، فالطيب في الحج بعد الإحرام وقبل التحلل منه محظور من محظورات الإحرام، لكن ماذا عن الطيب قبل الدخول في النسك وبعد التحلل منه؟ والمراد بذلك التحلل الأول على ما سيأتي.

يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:

"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه -القاسم بن محمد- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم" تطيب رأسه لا ثيابه "وكان يرى وبيص الطيب" ووبيص المسك لمعانه وبريقه "في رأس النبي -عليه الصلاة والسلام- ولحيته وهو محرم" هذا في البدن لا بأس به، والحديث نص فيه، وهو متفق عليه، "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم" وبهذا قال جمهور العلماء أن الطيب لا بأس به في البدن قبل الإحرام، ولا مانع من استدامته بعد الإحرام، أما في الثياب فلا، فيجب غسل ما مسها من طيب على ما يدل عليه الحديث الآتي.

"قبل أن يحرم" يعني قبل أن يدخل في الإحرام "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" يعني قبل طواف الإفاضة، قبل أن يطوف بالبيت هل يتصور أن الطواف هذا المراد به طواف القدوم؟ لا؛ لأنها علقت ذلك على وصف مؤثر وهو الحل، فدل على أنه حل من إحرامه، وهل يتصور أن المراد بالطواف هنا طواف الوادع؟ لا، لماذا؟ لأنه قد فرغ من جميع أعمال الحج، والوداع ليس من أعمال الحج إنما هو للمغادرة، ليس من أعمال الحج الداخلة فيه، بدليل أن أهل مكة ليس عليهم وداع، نعم، فلا يدخل في هذا.

المقصود أن المراد بالطواف هنا الذي علق به الوصف المؤثر وهو الحل هو طواف الإفاضة؛ لأن طواف القدوم قبل الحل، وطواف الوداع بعد الفراغ من أعمال الحج، وهذا الحديث من أقوى الأدلة على أن التحلل لا يحصل إلا بالأفعال التي تسبق طواف الإفاضة؛ لأنه قبل الطواف، قبل الإفاضة قبل أن يطوف بالبيت حصل له الحل، ولو حصل له قبل ذلك لبَيّن، ولكان الحل يحصل بواحد لكان الحل المذكور في الحديث قبل الذي يليه وطواف الإفاضة بالنسبة لفعله -عليه الصلاة والسلام- وقع بعد الحلق والرمي، بالنسبة للنحر هل هو من الأعمال التي علق بها الحل؟ علق بها التحلل؟ نعم؟ لا، الأعمال التي علق بها التحلل ثلاثة: الرمي والحلق والطواف ومعه السعي، هذه هي الأعمال التي رتب عليها الحل، مع أن النحر وهذه من الغرائب يعني جاء فيه مثل قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] يعني لو أن إنسانًا بدأ بحلق الرأس قبل أن يبلغ الهدي محله، يعني نزل من مزدلفة منتصف الليل ورمى وحلق يلزمه شيء وإلا لا؟ نعم، ولولا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((افعل ولا حرج)) لمن سأل عن من قدم الحلق قبل الرمي لقلنا: إنه محظور حتى يبلغ الهدي محله، على أن الخلاف في محله هل هو وقت حلوله أو مكان حلوله أو فعله؟ المقصود أن الخلاف معروف، وعامة أهل العلم لم يجعلوا النحر من أسباب التحلل، إنما جعلوا أسباب التحلل ثلاثة، واختلفوا بما يحصل به التحلل الأول، فمنهم من يرى أنه لا يحصل إلا باثنين، ومنهم من يرى أنه يحصل بالرمي فقط، وجاء في ذلك أحاديث لا تسلم من مقال، سواءً كان الأحاديث التي اقتصر فيها على الرمي، أو ما ضم إليه من حلق، وهذا الحديث أصح ما في الباب، "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" ولو حل قبل ذلك لقالت: قبل أن يحلق، لو اكتفى بالرمي لقالت: ولحله قبل أن يحلق.

نعم؟ ماذا فيها؟

طالب:.......

إذا كان معه هدي معروف أنه يتحلل إذا جاء بأفعالها، إذا جاء بأفعالها يتحلل، إذا طاف وسعى وقصر أو حلق يتحلل.

طالب:.......

أين؟

طالب:.......

بالنسبة للهدي في العمرة سنة، نعم سنة، وإنما وجوبه بالنسبة للمتمتع والقارن، أما بالنسبة للمفرد والمعتمر فقط سنة، هدي تطوع، فإذا جاء بأفعالها فحله رتب على الإتيان بأفعالها، نعم.

 طالب:.......

لا، هو الأصح جاء في الحديث: «إذا رميتم فقد حللتم»، في رواية: «إذا رميتم وحلقتم»، وكلها لا تسلم من مقال، وأصح ما في الباب هذا الحديث.

طالب:.......

يعني من طرق هذا الحديث؟

طالب:........

لكن "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" ما معنى القبلية هذه؟ نعم، ولو كان قبل ما قبل الطواف لنبه عليه، لقالت: قبل الحلق، قبل الرمي، وأما قولها: "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" كما أن الذكر ذكر الصباح والمساء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، نعم لو كان قبل صلاة الفجر يعلق بما قبل طلوع الشمس؟ لا، ولو كان قبل صلاة العصر ما علق بغروب الشمس، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ في الحديث استحباب الطيب عند إرادة الإحرام، استحباب الطيب عند إرادة الإحرام، وجواز استدامته، وأنه لا يضر بقاء لونه، وأيضًا الرائحة لا يضر بقاؤها، وإنما يحرم ابتداؤه، ابتداؤه من محظورات الإحرام، وفرق بين الاستدامة والابتداء، بدليل أن عقد النكاح يحرم حال الإحرام، استدامة النكاح نعم جائز وإلا؟ إجماعًا جائز، هذا رأي الجمهور وقال مالك والزهري وجماعة: "يحرم التطيب عند الإحرام بطيب يبقى له رائحة بعد الإحرام"

قال مالك والزهري وجماعة: "يحرم التطيب عند الإحرام، وإن كان قبله بطيب تبقى رائحته بعد الإحرام" أجابوا عن هذا الحديث بأنه ذهبت رائحته، لكن حديث: "كنت أرى وبيص المسك في مفرق النبي -عليه الصلاة والسلام-" هذا نص في الباب.

هم يقولون أيضًا من أجوبتهم: إن هذا الطيب الذي تطيبه النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الإحرام كان قبل الاغتسال للإحرام، فأذهبه الاغتسال، لكن الحديث: "كنت أرى وبيص المسك" هذا نص في الباب، وهو مفسر لما عندنا، بعضهم ذهب....

طالب:......

يعني الغسل؟ ما الفرق؟ كيف توفق بين الاغتسال مثلًا وكون الإنسان أشعث أغبر؟ يعني الاغتسال يزيل الشعر صح وإلا لا؟ كيف توفق بينها؟ يعني كون الإنسان يغتسل بعد مدة يسيرة يشعث، كونه يتطيب ويزول أثر الطيب بعد مدة، لا ينافي كونهم أتوه وخرجوا إلى الموقف وتعرض....... على هذه الصفة أبدًا، فمثل هذا لا يعارض هذا.

بعضهم ذهب إلى أن الحديث من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه حبب إليه ما حبب من النساء والطيب، وليس في حكمه غيره، ولكن المعروف أن الخصائص لا تثبت بمثل هذا، وأما كونه -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الطيب وتطيب فيحمل فعله على أنه خاص به، ونهيه للأمة نعم هذا لو حصل التعارض من كل وجه، الآن ممكن الجمع، النهي عن الطيب إنما هو بعد التلبس بالإحرام، والطيب المذكور إنما هو قبل التلبس بالإحرام، فلا وجه للتخصيص، نعم؟

طالب:.......

لا، كلام مالك منع الطيب بمعنى منع بقاء أثر الطيب بعد الدخول في النسك، نعم، فهو يريد أن يقول -رحمة الله عليه-: إنه تطيب ثم اغتسل للإحرام فذهب أثره، بهذا يتم جوابه، أما لو قلنا: إنه تطيب قبيل الإحرام واستدامه وبقي أثره إلى أن دخل مكة ثم اغتسل بذي طوى، هذا الإشكال قائم، قد يقول مثل هذا الجمهور، بقي أثره إلى أن اغتسل بعد ذلك، يعني لو قال الإمام مالك بهذا ما صار فيه خلاف بينه وبين الجمهور، ليس معنى قول الجمهور أنه بقي أثره إلى أن انتهى من أعمال الحج، إنما بقي أثره بعد الدخول في النسك، ولا ينافي كون الإنسان يسرح شعره، كون الإنسان يدهن ويتطيب، كون الإنسان يغتسل، لا ينافي أن يكون شعثًا أغبر تفلًا؛ لأن هذا لن يستمر، هذا لن يستمر وقت الإحرام، ويذهب بعد مدة يسيرة، لكنهم هم مع ذلك يحرصون على تلبيد الشعر، نعم يلبدونه بصمغ ونحوه أو بعسل أحيانًا من أجل أن لا يشعث ولا يؤذيهم؛ لأنه مع شعوثته يؤذيهم بالحكة، ويجتمع فيه القمل، نعم، فهذا الأذى ليس بمطلوب لذاته، ليس بمطلوب إذا ترتب على مثل هذا أذى للحاج يعالج هذا الأذى؛ ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر كعب بن عجرة أن يحلق رأسه؛ لأنه تأذى به.

طالب:........

إذا كانت رائحة طيبة، إذا خلط معه شيء من الطيب، إذا كانت رائحته طيبة هو منه.

الإمام مالك أيضًا كره الطيب بعد الرمي والحلق وقبل الإفاضة، والجمهور على استحبابه لهذا الحديث، والسبب في هذا أنه ما زال في أعمال الحج والطواف والسعي من أعظم أعمال الحج ومن أركانه، وما زال في أعمال الحج، فالنهي متجه إليه.

يقول: "وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن أعرابيًّا" يقول الحافظ ابن حجر: إنه لم يقف على اسمه، "جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بحنين" يعني بعد أن انتهى من غزوتها، غزوة حنين التي كانت بعد فتح مكة، الموضع الذي وقعت فيه غزوة حنين يسمى الآن، يسمونه الشرائع، وهذا المكان الذي لقيه فيه يعني بعد منصرفه من حنين هو الجعرانة بالتخفيف والتشديد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر من الجعرانة، منصرفه من حنين، فعمره -عليه الصلاة والسلام- أربعًا كما جاء في الصحيح من حديث عائشة وغيرها، عمرة الحديبية وعمرة القضاء وعمرة الجعرانة، والعمرة التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام- فهي أربع.

يقول: "وعلى الأعرابي قميص" هذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث متصل وإلا منقطع؟ نعم، مرسل؛ لأن التابعي يحكي قصة لم يشهدها، فهو مرسل، لكن وصله الإمام البخاري ومسلم أيضًا، وهو موصول في الكتب كلها، في المصادر المعتمدة عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه، فيكون حينئذٍ مرسلاً فقط وإلا الذي عندنا؟ معضل، والإعضال أشد من الإرسال، وعلى كل حال هو موصول في الصحيح، ولا إشكال في صحته.

"وعلى الأعرابي قميص" وفي رواية: جبة، وهي أيضًا في الصحيح "وبه أثر صفرة من زعفران، فقال: يا رسول الله إني أهللت بعمرة فكيف تأمرني أن أصنع؟" يعني في هذه العمرة، وقميصه به أثر صفرة، عرفنا أن الطيب لا مانع منه قبل الدخول في النسك في البدن في الرأس واللحية، ويتقي المواضع التي ينتقل منها الطيب من البدن إلى الثوب؛ لأنه لو انتقل لزم غسله، به أثر صفرة من الزعفران، "فقال: يا رسول الله إني أهللت بعمرة، فكيف تأمرني أن أصنع؟" في عمرته، كيف يصنع في هذه العمرة؟ "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" بعد أن سكت، سكت النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم قال: ((أين السائل؟)) وهو في هذا يوحى إليه -عليه الصلاة والسلام-، فلما نزل الوحي نادى: أين السائل؟ والسكوت من المفتي بعد إلقاء السؤال؛ لأن السكوت منه -عليه الصلاة والسلام- تكرر بعد أن يسأل، وفي بعض الأحاديث ما يدل على أنه ينتظر الوحي صراحة، وفي بعضها ليس فيه ما يدل على أنه ينتظر الوحي وإن احتمل ذلك، لكنه يسكت -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا فالمفتي عليه أن يسكت ليتأمل السؤال، وليتم السائل سؤاله، وبعض الناس يجيب عن السؤال قبل أن يكمل، ويكثر الخطأ بسبب ذلك، فعلى الإنسان أن يسمع السؤال كاملًا، ويستفصل من السائل فيما ينبغي الاستفصال فيه، ليكون الجواب مطابقًا، وليسدد ويوفق في جوابه، "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزع قميصك))" اخلع قميصك، خلع، والخلع إنما يكون من جهة الرأس، بمعنى أنه من جيبه، إن كانت الأزرار مغلقة فتفتح هذه الأزرار، ويخرج القميص من الرأس، هذا هو مقتضى النزع، انزع قميصك، وعلى هذا لا يلزم شق القميص، وإن قال به الشعبي، يقول: أحرم بقميص يشق هذا القميص، لماذا؟ لئلا يلزم منه تغطية الرأس، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((انزع قميصك)) مثل هذه الأمور التي تفعل للتخلص ولو ترتب عليها محظور أخف من المحظور الأصلي، يعني شخص اغتصب أرضًا وهو الآن في آخرها، وتاب إلى الله -جل وعلا- من هذا الغصب، مشيه في هذه الأرض معصية بلا شك، لكن كيف نقول: اخرج منها، طر وإلا ماذا يفعل؟ نعم؟ لا يقول أحد بمثل هذا، إنما عليه أن يخرج منها ومشيه فيها لا يؤثر، وكذا نزعه للقميص؛ لأن تغطية الرأس غير مقصودة، لكن هذا الأعرابي الذي أمر بنزع القميص هل هو أحرم بهذا القميص؟ ((انزع عنك القميص، واغسل هذه الصفرة)) وفي الصحيحين ثلاث مرات، الآن هل الرجل أحرم بقميص؟ وهل يتم الامتثال بمجرد الغسل ويعيده إليه؟ نعم؟

طالب:........

نعم، يحرم بهذا القميص؟ القميص له أزرار وأكمام، ثوب يعني...

طالب:........

فعل محظور، طيب كيف يتخلص من هذا المحظور؟ لأن الجواب: ((انزع قميصك)) والتقدير: البس بعده -بعد نزعه- إزارًا ورداءً، اغسل هذه الصورة عن بدنك التي لصقت بك، ما المانع؟ ((واغسل هذه الصفرة عنك)) "وعلى الأعرابي قميص وبه أثر صفرة" الصفرة هل هي في القميص أو بلابسه؟ خلونا على شوية شوية؛ لأن هذه مسألة تحتاج إلى عناية؛ لأنه إذا قلنا: إن الصفرة بالقميص، وقال: انزع عنك القميص واغسل هذه الصفرة، وأعد القميص لتلبسه؟ البدن الآن حينما يقول أهل العلم ويختلفون في نزعه وشقه هل يختلفون في أنه لا يعود إليه؟ يقولون: نزعه من جهة الرأس خلاف هل يشق شقًّا وإلا ينزع؟ يعود إليه ثانية بعد؟

طالب: دليل أنه محرم.

هو محرم.

طالب: محرم به، حتى التبويب باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب، تبويب البخاري.

لا هو الآن ما عليه إلا هذا القميص الذي قال: وعلى الأعرابي قميص، وعلى الأعرابي قميص وبه أثر صفرة، ثم قيل له: انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك، والعلماء يختلفون، هل ينزع نزعًا كما هو قول الجمهور من قبل الرأس، دل على أنه مخيط، ولو أنه ليس بمخيط ما احتاج إلى أن يقال: إن يوجد مثل هذا الخلاف، ((واغسل هذه الصفرة عنك)) بيان.

طالب:........

لا، يكفيه أن يقول: انزع قميصك، انظر العبارة؟ انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك.

طالب:........

ما قيل: اغسله، اغسله عنك، ما قال: اغسله عن قميصك، ما قال: واغسل هذه الصفرة عنه.

طالب:........

نعم، واغسل هذه الصفرة عنك.

طالب:........

وما يدريك أن ما عليه، يمكن رآه النبي -عليه الصلاة والسلام- وتأثر.

طالب:........

نعم، لكن ما يدريك أنها انتقلت هذه الصفرة بعد الدخول في الإحرام إلى البدن؟ وكأنه تطيب في الدخول إلى الإحرام، ليس بالإشكال هنا، الإشكال هل عاد هذا الرجل إلى قميصه بعد أن غسله؟ أو نقول: هما جملتان: انزع قميصك، ولا يلزم العود إليه، يحرم بإزار ورداء، لا يلبس القميص ولا السراويل، نعم، قميص، قال: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك)) ما قال عنه.

طالب:.......

معروفًا من بعده، لكن ما الذي يمنع أن يكون هذا الحكم مقررًا سابقًا، يعني يأتينا بعد من...، ((وافعل في عمرتك ما تفعله في حجك)) حجه ماذا؟ يعني الحج الذي بينه -عليه الصلاة والسلام- بفعله وقوله بعد حنين، يقول: ((وافعل في عمرتك ما تفعله في حجك)) أحاله على ما يعرف، إنما جاء بعدها، وقال: انزع قميصك، وعلى الأعرابي قميص، وفي رواية: عليه جبة، نعم؟

طالب:.........

لا، لا نقرر أنه سابق إلا إذا قررنا التعارض، هو سابق سابق، لكن هل فيه تعارض أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقره على لبس القميص، وهو يقول: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك، وافعل في عمرتك ما تفعله في حجك)) والمعروف أن الحج إنما كان بعد هذه العمرة، فكيف يحال على لاحق؟ الخبر فيه ما يدل على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك، والحج معروف عند العرب، وحج النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة مرة أو مرتين، فيحال على معروف، نعم.

يقول ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب، ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا، ويتساهلون في العمرة؛ لأنها شأنها أقل من شأن الحج، فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن مجراهما واحد، واضح كلام ابن العربي؟ نعم؟ يقول: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب، يعني في الحج، والعمرة يحرمون بقميص مثل هذا، ويجتنبون الطيب وهذا تطيب، فكانوا يحتاطون بالحج ويتساهلون في العمرة، فبين النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث أن مجراهما واحد، إذا دخلت في الإحرام فمحظورات الإحرام هي محظورات العمرة، ظاهر وإلا ليس بظاهر؟ كلامه في العارضة، فالذي يظهر أنه قيل له: انزع قميصك، وخلع الثياب كان معروفًا عندهم، حتى أن منهم في الجاهلية من يطوف عارٍ، وليس بنص، لا يمنع أن يكون القميص إلى هذا الوقت يحرم به، ما فيه ما يمنع، ثم نسخ بعد ذلك لما سئل عما يلبس المحرم، لكن ليس فيه ما يدل على أن القميص يجوز الإحرام فيه حتى في هذا الوقت؛ لأنه قال: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك)) اترك في عمرتك ما تترك في حجك؟ هو الترك، الترك عمل،

لئن قعدنا والنبي يعمل

 

فذاك منا العمل المضلل

لكن منهم من يفرق بين العمل والفعل؛ لأنه قال: ((واعمل في عمرتك)) دخل فيه الترك، لكن الفعل فعل إيجاد على كلامهم هم، على كل حال تطييب القميص ولو قبل الإحرام لا تجوز استدامته بل يجب غسله، ومثله الإزار والرداء.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة" الشجرة هذه بذي الحليفة، في نفس مكان الإحرام، وجد ريح طيب وهو بالشجرة، والشجرة سمرة "فقال: ممن هذا الطيب؟" نعم؟

طالب:........

الذي يظهر أنها في القميص والبدن، والقميص ينزع والبدن يغسل.

طالب:.......

انتقل، نعم، ثم يعيده عليه؟

طالب:........

عندنا نصوص محكمة في أنه لا يلبس القميص، يعني كون هذا متقدمًا ومتأخرًا متى نلجأ إلى النسخ؟ نلجأ إلى النسخ لو كان هذا نص صريح في إعادة القميص، واغسل الطيب عنك، يعني عن بدنك، نعم ما قال: عنه.

"وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة -وهي سمرة بذي الحليفة- قال: ممن ريح هذا الطيب؟" لا يتركون المنكر يمر بدون سؤال، خلاف حال الناس اليوم التساهل موجود، تجد بعض المحرمات تزاول في أماكن العبادة، وكل شخص يقول: ما هو بمسئول عن مثل هذا، الأمر والنهي له ناس، ومعلوم أن الأمر والنهي منوط بكل مكلف ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده))... إلى آخره، والصحابة -رضوان الله عليهم- لا يصبرون على مثل هذا، سمعوا المنكر ينكرونه.

"ممن ريح هذا الطيب؟ فقال معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-: منِّي يا أمير المؤمنين" وفي بعض الروايات: فتغيض عليه عمر -رضي الله عن الجميع-، "فقال: منك لعمر الله" يعني لأنك تحب الرفاهية، فما يستبعد أن يكون منك، ويغلب على ظن عمر أنه من معاوية ولو لم يجبه؛ لأنه يحب الرفاهية، لكنه لا يواجه أحدًا، وهذه سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو كان بجنبك، الآن بجانبك وفي غيره، وتشم الريح بنسبة تسع وتسعين بالمائة أنه من هذا الرجل أو تجزم أنه منه، أو يرن جواله موسيقى وهو بجنبك وعندك ناس، تسأل يا إخوان من معه هذا الجوال؟ وأنت تعرف أنه من بجنبك، لا شك أن هذا أبلغ في الإنكار، وأدعى إلى القبول "فقال: منك لعمر الله، فقال معاوية -معتذرًا-: إن أم حبيبة" رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين أخت معاوية "طيبتني يا أمير المؤمنين" يريد أن يخفف من تغيض عمر -رضي الله عنه-، ما دام هذا صنيع أم المؤمنين، وأم المؤمنين على صلة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فلعل عندها من العلم ما لم يبلغك يا عمر، وإن هذا ليس من تصرفي "إن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين، فقال عمر: "عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه" وفي رواية: "أقسمت عليك لترجعن إلى أم حبيبة فلتغسلنه عنك لما طيبتك" يعني لو كان الأمر لمعاوية أن يغسله بنفسه نعم استمر فعل أم المؤمنين من غير تغيير، لكن لما يعاد من يلاحظ عليه إلى الأصل وإلى المصدر فيكون التغيير لمعاوية ولأم المؤمنين معًا؛ ولذا لو حصل من موظف يعني على سبيل المثال جيء للمدير، جاء الوكيل للمدير بخطاب يقرأه ليوقع عليه، لما قرأه المدير وجد فيه خطأ، نعم، وقال للوكيل: غيّره، هل الأفضل أن يقول: غيره أو يقول: اذهب إلى الناسخ ليغيره؟ ولو كان نقطة واحدة، بالإمكان المدير نفسه يخرج القلم ويضع هذه النقطة، أو يقول للوكيل: ضعها أنت، فكونه يعيده إلى الطابع يكون التغيير مر على جميع المراحل التي مر عليها الخطأ، مثل هذا.

يقول: "فقال عمر: عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه" وفي رواية: "أقسمت عليك لترجعن إلى أم حبيبة فلتغسلنه عنك كما طيبتك" وعرفنا أنه في مثل هذا في إعادة الخطأ إلى مصدره أنه يتم التغيير على الجميع، على جميع من اشترك في هذا الخطأ، بخلاف ما لو أمر المخاطب بالتغيير متى ينتبه الذي وقع في الخطأ الأول؟ مثل ما ذكرنا، يأتي الخطاب إلى المدير ويحتاج إلى نقطة الخاء كتبت حاء أو الجيم كتبت حاء، بالإمكان أن يأخذ المدير القلم ويضع هذه النقطة بنفس اللون الذي طبع به الخطاب، فيقال له: أعد الخطاب إلى الناسخ فليصحح، مثل هذا يجعل الناسخ يحتاط، ويجعل الوكيل يراجع وهكذا؛ ولذا أمره أن يرجع إلى أم حبيب لتغسله.

الآن هذا الطيب الذي في معاوية، ويأتي ما يوضحه هل هو في البدن أو في الثوب؟ وهل هو وجد قبل الإحرام أو بعد الإحرام؟ ينظر، تكشفه الأخبار اللاحقة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد" تصغير زيد الكندي "عن غير واحد من أهله" أي من أهل الصلت "أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة" بذي الحليفة، يعني مثل ما وجد ريح الطيب من معاوية، "وإلى جنبه كثير بن الصلت فقال عمر: ممن ريح هذا الطيب؟ فقال كثير: منِّي يا أمير المؤمنين، لبدت رأسي" أي جعلت فيه شيئًا نحو الصمغ ليجتمع الشعر فلا يتطرق إليه الشعث "لبدت رأسي وأردت أن لا أحلق" يعني لئلا أضطر إلى حلقه، للأذى المترتب عليه، أو للقمل مثل ما حصل لكعب بن عجرة، "فقال عمر: فاذهب إلى شربة فأدلك رأسك حتى تنقيه" اغسل رأسك يعني من الطيب "ففعل كثير بن الصلت" ما أمره به.

"قال مالك: الشربة حفير تكون عند أصل النخلة" في التمهيد: الشربة مستنقع الماء عند أصول الشجر، وحوض يكون بمقدار ريها، حوض دائري يكون عند أصل النخلة، هذه شربة، وهذا الحوض يجتمع فيه الماء.

طالب:........

زبيد، لكن قالوا: تصغير زيد، يقول: الصلت بن زبيد بالباء لا بالياء، ولو كان المرجع موجود الآن، من الذي كتب هذا، ما أحد من الشروح يقول بالباء؟ مالك عن الصلت، انظر الطبعات، ابن زبيد، كاتبها بالمفردة، بضم الزاي وتحتيتين تصغير زيد، نعم؟

طالب:........

نحذر الإخوان من مثل هذه الطبعة، نحذر الإخوان من مثل هذه الطبعات، نعم؟

طالب:........

لا، موجود، صُوِّرَ مرارًا، أنا أعرف لهذا الكتاب خمس طبعات غير هذه كلها قديمة، وصوّر كثير منها، على طالب العلم أن يعنى بكتابه؛ لأنه إذا أخذ العلم من هذا الكتاب الذي فيه شيء من التصحيف والتحريف يستمر عنده.

طالب:........

نعم، وعدًا كثيرًا، نعم؟

طالب:........

بينهن تعارض أو هذه تشهد لهذه؟ أو الثانية تشهد للأولى؟ ما الذي يجعل الأصل القوي وإلا الضعيف؟ وهل الشاهد ما يذكر أولًا؟ الأصل الأول والثاني شاهد أو العكس؟ على كل حال كل واحدة تشهد للثانية، والثانية عن غير واحد من أهله أن عمر، ومجموعة هؤلاء وإن كانوا مجاهيل إلا أنه في عصر تقادم العهد بهم، يعني في عصر التابعين، نعم، ومثل هذا هم إلى التوثيق أقرب، وإذا انضم رواية بعضهم إلى بعض قويت روايتهم، وبعضهم يوثق بمثل هذا، يقبل الخبر بمثل هذا، يقول: وإنهم وإن كانوا مجاهيل إلا أن خبر المجهول ينجبر، وهؤلاء أكثر من واحد فيحكم به، نعم؟

طالب:........

إذا كان على البدن ما يؤثر، على البدن ما يؤثر، لكن انتقل إلى الثوب يغسل، هذا إذا كان وضعه قبل الدخول في الإحرام، الرأس ما فيه إشكال، يستمر، نعم لبدت رأسي.

طالب:........

انتظر، انتظر خلينا نكمل الباب، نعم؟

طالب:........

حفير؟ على كل حال كله واحد، المعنى ما يختلف.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري وعبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم- وربيعة بن أبي عبد الرحمن" المعروف بربيعة الرأي، عن مالك عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر وربيعة، وكلهم من شيوخ مالك "أن الوليد بن عبد الملك" بن مروان الخليفة ابن الخليفة "سأل سالم بن عبد الله" سالم بن عبد الله بن عمر أحد الفقهاء السبعة، وخارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، وهو أيضًا أحد الفقهاء السبعة:

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

 

سعيد أبو بكر سليمان خارجة

سالم منهم وإلا ما هو منهم؟ نعم؟ البيت، لا، لكن السابع مختلف فيه على ثلاثة أقوال.

"بعد أن رمى الجمرة، وحلق رأسه، وقبل أن يفيض" يطوف طواف الإفاضة "عن الطيب فنهاه سالم"؛ لأنه يكره الطيب قبل الإفاضة "وأرخص له خارجة بن زيد بن ثابت" سالم من يشابه أباه فما ظلم، ويشابه جده أيضًا، وكلهم سالم وعمر وابنه الجد وابنه وحفيده كلهم يمنعون من الطيب إلا بعد الفراغ التام من النسك، يعني من الدخول فيه إلى الفراغ منه، فكما يمنعونه قبل طواف الإفاضة يمنعونه أيضًا قبل الإحرام، فكونه أنكر على معاوية وأنكر على كثير بن الصلت؛ لأنه يرى هذا، يرى أن المحرم لا يمس طيبًا، ولا يستديم الطيب.

طالب:........

يخفى، يخفى صحيح، خفي عليه ما هو أوضح من ذلك، وخفي على غيره، ولا يتصور ولا يتوقع من شخص أنه يجمع العلم كله.

"قال مالك: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب" وعرفنا أن رأي مالك هو رأي عمر وابن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر "قال مالك: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب كالزيت" فيه إشكال هذا؟ لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب كالزيت، إذا كان المحظور الطيب فهل لمثل هذا الكلام وجه؟ نعم؟ لكن التنصيص على مثل هذا لئلا يظن بمالك -رحمه الله تعالى- أنه لحسم مادة الطيب يمنع كل ما يستعمل في الرأس "قبل أن يحرم، وقبل أن يفيض من منىً بعد رمي جمرة العقبة" فهذا مطابق لحديث عائشة وإلا مخالف؟ ليس فيه طيب، مفهومه أنه لو كان فيه طيب لمنعه قبل أن يحرم وقبل أن يفيض، وحديث عائشة في الصحيحين وغيرهما أنها تطيبه لإحرامه قبل أن يحرم، وقبل أن يطوف بالبيت.

"قال يحيى: سئل مالك عن طعام فيه زعفران" وهذه مسألة يكثر السؤال عنها، استعمال الطيب في غير ما وضع له، لو وضع زعفران في القهوة أو وضعه في الطعام فالمحظور الطيب، وإذا شربه في القهوة يقال: تطيب؟         أو يقول أحد: هذا طيب؟ وإذا وضع في الأكل يقال: تطيب أو فيه طيب؟ لكن هل يقال مثل هذا في الصابون مثلًا الذي فيه طيب؟ نعم، تطيب؛ لأن رائحته مقصودة.

"سئل مالك عن طعام فيه زعفران هل يأكله المحرم؟ فقال: أما ما تمسه النار من ذلك" بحيث تميته طبخًا فلا تبقى رائحته وإن بقي لونه؛ لأن اللون لا يذهب بالطبخ، اللون يؤثر بالمطبوخ، وينتقل من الزعفران إلى غيره مما طبخ معه، "أما ما تمسه النار من ذلك فلا بأس به أن يأكله المحرم، وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم".

يعني هذا وضع زعفران بالقهوة، بالطعام المطبوخ، على رأي مالك جائز، لكن وضع الزعفران في السلطة يجوز وإلا ما يجوز؟ على رأيه؟

طالب:........

لا يجوز؛ لأنه ما مسته النار، طيب، "وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم" لأنه نوع من الطيب، والعدول إلى أكله دليل على أن رائحته مقصودة، وهذه وجهة نظر مالك، ومنهم من يقول: إذا لم يكن طيبًا ولا في معنى الطيب ولا استعمل استعمال الطيب فلا بأس به، والذي يظهر أنه ما فيه بأس -إن شاء الله-، لكن لو يتقى من باب الشبهة كان أولى، نعم؟

طالب:.........

المقصود إذا كان ليس بطيب ومن شمه قال: هذا ليس بطيب فلا يؤثر.

طالب:........

لا، ما دام برائحة ما يجوز استعماله فلا بأس به، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
سؤال عن التهنئة والدعاء في المناسبات؟

بهذا لكن إذا دعا أحد لآخر بدعاء مناسب لا محذور فيه، كان الإمام أحمد -رحمه الله- يرد على من يدعو له في المناسبات، لا سيما في العيدين الشرعيين، على أن العيدين أيضًا الأضحى والفطر لم يرد فيهما تهنئة معينة، والإمام أحمد لا يبدأ بالتهنئة، بل يرد ويكافئ من يدعو له، فإذا لم يتعبد بلفظ معين ودعي للإنسان ورد بمثله وبين أن هذه لم يرد فيها نص تقوم بمضمونه الشرعية فقد أحسن.
يقول هل ينكر على فاعلها؟
ينبه تنبيهًا على فاعلها برفق ولين.
وهل تصل إلى حد البدعة؟
نعم، إذا تعبد بلفظ معين في وقت معين إذا لم يسبق له شرعية من الكتاب والسنة فهو بدعة.
طالب: ..................
نقول: إذا تعبد بها ورُجي ثوابها بأنها عبادة مؤقتة بهذا الوقت دخلت في حيّز البدعة، المقصود أنه ما يتعبد بهذا اللفظ الذي لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، الظهر في قوله: إن في الظهر ناقة عمياء، الظهر هو المركوب.

هذا يسأل عمن يذكر بعض الشيوخ الكبار ويجرحهم ويذمهم؛ لزعمه أنهم أخطئوا من وجهة نظره هو، ومن الشيوخ الباذلين للعلم أيضًا قد يقع بعض الناس فيه.

لكن على الإنسان أن يحتاط لنفسه، وليس بمسؤول غدًا عن فلان ولا عن فلان، هو مسئول عن نفسه، وهؤلاء شيوخ أعلام ليسوا بمبتدعة يحذر من بدعهم يخشى من ضررها وسريانها بين الناس أبدا، هؤلاء فيما -نحسبهم والله حسيب الجميع- أهل علم وعمل، فليحذر الإنسان من الوقوع في أهل العلم.

يقول: حججت هذا العام أو حججت العام الماضي، ولكني جعلت طواف الإفاضة مع طواف الوداع، لكن المشكلة التي وقعت أنني سعيت سعي الحج والطواف، ولم يكن آخر عهدي بالبيت، فما هو الواجب علي في هذه الحالة؟

الواجب عليك أن تطوف للوداع بعد السعي، لكن إن رأيت أن في إعادة الطواف مشقة عظيمة لا تحتملها، بحيث يبلغ منك المبلغ والجهد في إعادة الطواف، خرجت بعد السعي مباشرة، أرجو أن ذلك كافٍ إن شاء الله تعالى.

يقول أرجو بيان أحسن الطبعات في كتابي العقيدة الواسطية ومنتهى الإرادات؟

العقيدة الواسطية طبعة أضواء السلف جيدة، وأما بالنسبة لمنتهى الإرادات فالذي أعتمده أنا طبعة الشيخ عبد الغني عبد الخالق، التي طبعها ابن ثاني حاكم قطر، وطبعة ابن تركي طيبة.

يقول ما هي كفارة الوطء في المحيض؟

جاءت مبيَّنة في الحديث الذي لا يسلم من مقال أنها دينار أو نصفه.