شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (186)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة من برنامجكم شرح كتاب التجريد الصحيح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة، يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

قال -رحمه الله تعالى- عن أبي شريح -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح يقول قولًا سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلم به حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «إن مكة حرمها الله تعالى، ولم تحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها فقولوا: إن الله قد أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فراوي الحديث كما في الإصابة للحافظ ابن حجر، والاستيعاب لابن عبد البر، هو أبو شريح الخزاعي خويلد بن عمرو وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: هانئ، وقيل: كعب بن عمرو، وقيل: عبد الرحمن، والأول أشهر خويلد بن عمرو.

قال الطبري: هو خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزى، والسبب في الاختلاف الكبير في اسمه أنه اشتهر بالكنية، وهذه عادة، أن من اشتهر بشيء نسي غيره، فمن اشتهر بكنيته نسي اسمه.

المقدم: مثل أبي هريرة.

مثل أبي هريرة، ومن اشتهر باسمه نسيت كنيته، ومن اشتهر بلقبه نسي ما عداه، أسلم أبو شريح قبل الفتح وكان معه لواء خزاعة يوم الفتح روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث، وله في الكتب الستة، ستة أحاديث، مات -رضي الله تعالى عنه- بالمدينة سنة ثمانٍ وستين، يعني في السنة التي مات فيها من؟ ابن عباس، ابن عباس مات سنه ثمانٍ وستين بالطائف.

 والحديث حديث الباب ترجم عليه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بقوله: باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب. ليبلغ العلم الشاهد الغائب.

فلو أردنا أن نعرب الترجمة، ليبلغِ العلمَ الشاهدُ الغائبَ، قلنا: اللام لام الأمر، ويبلغ: فعل مضارع مجزوم بلام الأمر.

المقدم: العلم: مفعول به أول مقدر.

ليبلغِ.

المقدم: ليبلغ: مكسور لالتقاء الساكنين.

مكسور لالتقاء الساكنين، العلم.

المقدم: مفعول به أول مقدم؛ لأنه ليبلغ الشاهد العلم الغائب.

 أو ليبلغِ الشاهدُ الغائبَ العلمَ، تكون مفعولًا به ثانيًا، والشاهد: فاعل.

المقدم: والشاهد فاعل، والغائب: مفعول أول.

مع أمن اللبس.

المقدم: قدم المفعول.

يقدم المفعول، وقد يقدم الثاني مع الأول لمنع اللبس، إذا قلت: أعطيت درهمًا زيدًا، أيهما المفعول الأول؟

المقدم: طبعًا زيدًا.

هو المفعول الأول وإن تأخر؛ لأن الأصل في المفعول الأول أن يكون هو المعطى، عندنا المعطى أمران زيد.

المقدم: ودرهم.

 ودرهم كلاهما معطى، لكن الأصل أن المفعول الأول الذي هو زيد آخذ، فهو من هذه الحيثية أولى بأن يكون  الأول من المأخوذ، يعني لو رتبنا الجملة بحسب الأهمية، بحسب القوة فالمعطي هو العمدة هو الفاعل، المعطي هو العمدة الذي هو الفاعل، أعطيت فيقدم، يليه من هو فاعل في المعنى الذي هو الآخذ؛ حيث عندنا درهم وزيد، آخذ ومأخوذ، انتهينا إلى المعطى، المعطى فيه آخذ ومأخوذ آخذ الذي هو زيد، والمأخوذ هو الدرهم، فهو أقرب إلى العمدة، فيكون المفعول الأول، ومثله ما معنا، عندنا مبلِّغ وهو الشاهد، ومبلَّغ وهو العلم والغائب، لكن أيهما أقرب إلى العمدة؟

المقدم: الغائب.

الغائب؛ لأنه مبلغ، وهو قابل للتبليغ، "بابٌ ليبلغ العلم الشاهد الغائب" قاله ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول العيني: وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور الباب السابق، "باب من سمع شيئًا فراجعه حتى يعرفه"، المذكور في الباب السابق مراجعة المتعلم، أو السامع لضبط ما يسمعه من العالم، مراجعة المتعلم، أو السامع لضبط ما يسمعه من العالم، وفيه معنى التبليغ من المراجَع؟ الآن المراجِع هو المبلِغ، أم المبلغ؟

المقدم: المراجع هو المبلغ.

هو المبلغ، والمراجَع هو المبلَّغ، يقول: من حيث إن المذكور في الباب السابق مراجعة المتعلم أو السامع لضبط ما يسمعه من العالم، وفيه معنى التبليغ من المراجَع، فكأن المراجِع كان، كالغائب عند سماعه حتى لم يفهم ما سمعه، وراجع فيه، على كل حال المراجع هذا هو مبلَّغ هو مبلغ، والمبلَّغ شاهد، في الحديث السابق الذي ترجم عليه البخاري باب من سمع شيئًا فراجع فيه حتى يعرفه، مراجعة عائشة للنبي -عليه الصلاة والسلام- في مناقشة الحساب، هو يقول: إن هذه المراجعة كأن المراجِع غائب، يعني في حكم الغائب، لماذا؟ لأنه لو كان في حكم الحاضر ما احتاج إلى مراجعة، فلما احتاج إلى مراجعة صار في حكم...

المقدم: الغائب.

الغائب، لكن أيضًا وظيفة النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- التبليغ، فهو مبلِّغ وعائشة مبلَّغة، وهنا ليبلغ العلم الشاهد الغائب، وإن كان الخطاب من النبي -عليه الصلاة والسلام-، والأمر منه لمن حضره وسمع كلامه، أن يبلِّغ من غاب عنه، وهذا الباب أيضًا فيه تبليغ الشاهد الغائب فتناسبا من هذه الحيثية، والحديث كما في الصحيح عن أبي شريح أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة، يبعث البعوث، الجيوش إلى مكة، قال: أبو شريح «ائذن لي أيها الأمير» «ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي -صلى الله عليه وسلم- الغدَ من يوم الفتح سمعته أذناي» الحديث، عندك «الغد من يوم الفتح؟».

المقدم: أبدًا، «يوم الفتح».

 سيأتي ما فيه، «ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي -صلى الله عليه وسلم- الغدَ من يوم الفتح سمعته أذناي»، إلى آخره، ومطابقة الحديث للترجمة أن أبا شريح امتثل الأمر النبوي، بالتبليغ عنه المنصوص في الحديث، يعني في نهاية الحديث كما عندك «وليبلغ».

المقدم: «الشاهد الغائب».

 نعم، المطابقة بين الحديث والترجمة ظاهرة، فأبو شريح -رضي الله عنه- امتثل الأمر النبوي بالتبليغ عنه المنصوص في الحديث، فبلغ الأمر في وقتٍ ضيقٍ حرج، في وقتٍ ضيقٍ حرج، أمير يبعث جيوشًا، وأمير ما عرف باستقامة، ويبعث جيوشًا في وقت حرج.

المقدم: صحيح.

 ثم بعد ذلك يأتي الصحابي ليبلغ هذا الحديث الذي يكفه عن مراده، امتثال وأي امتثال! يعني كثير من الناس يترخص في مثل هذه الظروف

المقدم: يخشى من بطش الحاكم، والخوف.

نعم يترخص  في مثل هذه الظروف، وأبو شريح في مثل هذا الوقت الضيق الحرج يبلغ، ومثل هذا الظرف يجبن عن مراجعته كثير من الناس، وفي هذا بيان فضله -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، مع أنه قدم الاستئذان قال: «ائذن لي أيها الأمير»، يعني ليس مباشرة قال: النبي-عليه الصلاة والسلام- قال:.... «ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا»، وهكذا ينبغي أن يكون الأسلوب مع الكبار، مع أنه قدم الاستئذان على الكلام فقال: «ائذن لي أيها الأمير».

 وعمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأموي أبو عثمان المدني الأشدق، أُموي بضم الهمزة نسبة إلى بني أمية، لكن قد يقال: أَموي في مثل هذا أو غيره؟ قد ينسب ويقال: أَموي لا، نسبه إلى بني أُمية أموي، لكن ابن خير الأشبيلي الأَموي نسبه إلى جبل في الأندلس قالوا له: أَمو، فيلتبس بهذا، أبو عثمان المدني الأشدق الأمير، تابعي، ولى إمرة المدينة لمعاوية ولابنه، قتله عبد الملك بن مروان سنة سبعين، ووهم من زعم أن له صحبة، ووهم من زعم أن له صحبة، وكان مسرفًا على نفسه، قاله في التقريب، والعلماء يقولون: ليس من الصحابة، ولا من التابعين لهم بإحسان.

المقدم: هذا عمرو.

نعم، وقد رد على أبي شريح لما حدَّثه بالحديث الذي يقتضي انكفافه عن بعث الجيوش إلى مكة، رد عليه، مما ذكره البخاري في صحيحه، ماذا قال في نهاية الحديث؟ قال: فقيل لأبي شريح، ما قال عمروٌ؟ بما رد عليك؟ ما قال عمرو قال: أنا أعلم منك يا أبا شريح، أنا أعلم منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيًا، إن الحرم لا يعيذ عاصيًا، وفي رواية لا تعيذ، يعني مكة، لا يعيذ عاصيًا، ولا فارًّا بدمٍ، ولا فارًّا بخربةٍ، هكذا رد عليه هذا الأمير.

المقدم: يقول: أنا أعلم منك.

أنا أعلم منك، وحصل في عصر، في آخر عصر الصحابة من هذا النوع بعض الأمراء، الذين ما أعطوا الصحابة حقهم من التقدير والاحترام، بل منهم من أهانهم.

 والخربة في قوله: ولا فارًّا بخربة: بفتح المعجمة وإسكان الراء، وبالموحدة على المشهور ويقال: بضم الخاء أيضًا، وأصلها سرقة الإبل، وتطلق على كل جناية، وفي البخاري قال أبو عبد الله: الخربة: البلية، يعني في موضعٍ آخر، الخربة: البلية، أبو شريح فهم من الحديث العموم، وأنه لا يجوز القتال فيها، لا يجوز مطلقًا، وسيأتي تفصيل هذا، سواء كان المقاتَل يستحق القتال، أو لا يستحق، ويستوي في ذلك القتل والقتال، وسيأتي تفصيل هذا إن شاء الله تعالى.

الأمير هذا على الرغم من أن من بُعِثت إليه الجيوش لا يستحق القتال، وهو ابن الزبير، حتى قال خيار هذه الأمة: هو أولى بالخلافة من يزيد، أراد أن يبرر عمله بأن ابن الزبير خارج عن الطاعة، ولم يبايع، فأراد أن..

المقدم: يبرر.

يبرر. فقال ما قال، إن مكة لا تعيذ عاصيًا، أو إن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدمه، ولا فارًّا بخربة، وسيأتي القتال بـ  حكم قتال البغاة في مكة، وحكم قتل من وجب عليه القتل، وسبب بعث البعوث أي إرسال الجيوش من قبل عمرو هذا، أنه كان واليًا على المدينة ليزيد، وقد امتنع ابن الزبير عن البيعة ليزيد، واعتصم ابن الزبير بمكة وغلب عليها، ويُسمى عائذ الحرم؛ فكان يزيد بن معاوية يأمر أمراءه على المدينة أن يجهزوا إليه الجيوش.

 يقول: «سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»؛ أي سمعت قوله: «يوم الفتح»، كذا في المختصر «يوم الفتح»، والذي في الأصل، في البخاري: «الغد من يوم الفتح»، «الغد من يوم الفتح».

 وفتح المبدي شرح المختصر شرحه على هذا الأساس.

المقدم: «الغد من يوم الفتح».

 «من يوم الفتح»، كما في الأصل، والروايات اللاحقة في الصحيح كلها على هذا «الغد من يوم الفتح»، أي خطب في اليوم الثاني من فتح مكة، وهو كذلك في الموضعين من الصحيح، واليوم يطلق على الغزوة بجميع أيامها، وما فعله المختصر تجوّز، يعني الغزوة قد تستغرق...

المقدم: عشر سنوات، مثل يوم بعاث.

 من غزوات النبي -عليه الصلاة والسلام- تستغرق مثلًا أيامًا، يعني غزوة الخندق أيام، تبوك أيام، وهكذا.

المقدم: يسمونها يوم الخندق، ويوم تبوك.

يوم الخندق، ويوم تبوك، ولذلك لما جاء الاختلاف في روايات تأخير الصلوات عن النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- في يوم الخندق، يعني جاء أنه صلاهما، صلى صلاتي الظهر والعصر بعد المغرب، وقبل العشاء.

المقدم: نعم.

نعم أو بين العشاءين، وفي بعض الأحاديث ما يدل على أنه أخَّر العصر إلى آخر وقتها، فالمنظور إليه أن يوم الخندق أيام، فحصل له في اليوم الأول كذا، وحصل له في اليوم الثاني كذا، وهكذا، فهذا تجوُّز لا شك، لكن لو اتبع لفظ الأصل كما التزم به، وأنه يلتزم اللفظ، قد لا يلتزم اللفظ في هذا الموضع، قد يلتزم لفظًا في موضعٍ آخر في الصحيح، لكنه لم يلتزم أي لفظ في الصحيح الآن، أقول: ما فعله المختصر تجوُّز.

 «يقول قولًا سمعته أذناي» للتأكيد، وإلا فالسماع لا يكون إلا بالأذن، ولزيادة التأكيد ذكرها بلفظ التثنية كذا يقول أهل العلم، ذكرها بلفظ التثنية، وإلا فالأصل أن السماع بأذن واحدة، السماع بأذن واحدة على كلامهم، قالوا: ولزيادة التأكيد ذكرها بلفظ التثنية.

المقدم: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}[الحاقة:12].

 نعم، لكن متى يكون السماع بأذن واحدة، ومتى يكون السماع بالأذنين؟ إذا كان المتحدث والسامع وجهًا لوجه، هل نقول: سمعت أذن واحدة أم الأذنان كلاهما؟ على حد سواء، سمعت الأذنان، لكن لو كان على جنب تسمع إذن واحدة، قالوا: ولزيادة التأكيد ذكرها بلفظ التثنية، نقول: ما يلزم، ومثل من يسمع كلام النبي-عليه الصلاة والسلام- لا يظن به أنه يسمعه على جنب، إنما يسمعه وجهًا لوجه، فالأذنان حقيقة سمعتا الكلام، سمعتا الكلام، فأراد بهذا كله المبالغة في تحقيق حفظه إياه، وتيقنه زمانه وهيئته، زمانه وهيئته، ولفظه وغير ذلك، يعني يقال مثل هذا الكلام للتأكد من الضبط والحفظ والإتقان، ووعاه؛ أي حفظه، قاله الكرماني، يعني وعاه قلبي أي حفظه.

 وقال: ابن حجر فيه إشارة إلى بيان حفظه له من جميع الوجوه، فقوله: سمعته؛ أي حملته عنه بغير واسطة، أي حملته عنه بغير واسطة، ولذا يقول أهل العلم: إن لفظ سمعت من الألفاظ الصريحة التي لا تحتمل الواسطة، وذكر الأذنين، لكن قد يتجوز بعض المدلسين.

المقدم: فيقول: سمعت.

فيقول: سمعت ما أجيز به، يعني سمع لفظ الإجازة، وما سمع الحديث، فيقول: سمعته بناءً على الإذن العام في الرواية، لكن هذا تدليس، أي حملت عنه بغير واسطة، وذكر الأذنين للتأكيد، وقوله: ووعاه قلبي، تحقيقٌ لفهمه وتثبته، وقوله: وأبصرته عيناي؛ زيادةٌ في تحقيق ذلك، وأن سماعه منه ليس اعتمادًا على الصوت فقط، بل مع المشاهدة، تضافر على ضبطه، وحفظه الحواس كلها، السمع والبصر، والقلب.

فإذا تضافرت هذه الأمور، وكان الكلام حقًّا مطابقًا للواقع صار مضبوطًا متقنًا كما هنا وإلا دخل في قوله: {وَلا تَقْفُ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ}[الإسراء:36].

نعم هذه هي الأمور الثلاثة؟ وسائل التلقي، وسائل التلقي، وقوله: وأبصرته عيناي؛ زيادة في تحقيق ذلك، لكن هل للبصر مدخل هنا؟ السمع له مدخل، والقلب يعيي ويحفظ، لكن البصر، يعني هل يختلف سماع المبصر عن سماع الأعمى؟

المقدم: الغالب العيون يا شيخ تزيد من التركيز.

تزيد من التركيز، وبعض الألفاظ، وبعض الألفاظ قد تتصحف على السمع نعم لقربها مع غيرها في كونها على وزن صرفي واحد مثلًا، قد تلتبس على السمع، لكن إذا رأى المتحدث وهو ينطق بالكلمة زال هذا التصحيف، قد يقول قائل: إن سماع الأعمى في الغالب أضبط من سماع المبصر، نقول: ليس هذا مرده، ليس مرده لكون هذا أعمى وهذا مبصر، لكن لدقة في سمع الأعمى، وقد يكون في سمع المبصر شيء من التشوش، فهذا مرده لا لأن البصر مضعف للسمع، لا؛ لأنه قد يقول قائل مثلًا وأبصرته عيناي قد يكون أكثر العميان أحفظ من كثير من المبصرين، نقول: ليس هذا مرده، وإلا فالبصر.. ولذلك يحرص كثير من الطلاب الجادين، على أن يكونوا في مواجهه الشيخ وقريبًا منه، لماذا؟

إضافة إلى السمع.

المقدم: أكثر تركيزًا.

 كيفية أداء الكلمة، من نطق الشيخ، تحدد له المطلوب، زيادة وأبصرته عيناي زيادة في تحقيق ذلك، وأن سماعه ليس منه، ليس اعتمادًا على الصوت فقط، بل مع المشاهدة، وقوله حين تكلم به أي في القول المذكور، ويؤخذ بالقول ووعاه قلبي، أن العقل محله القلب، العقل محله القلب وعاه؛ لأن الذي يعيي العقل، ومحله القلب والمسألة مرت مرارًا، وخطاب الشرع متجه في النصوص إلى القلب النصوص جاءت تخاطب القلب «ألا إن في الجسد مضغة» إلى آخره، ومناط التكليف العقل، ولذا ما يذكر في شروط الصلاة مثلًا.

المقدم: القلب.

 القلب يذكر العقل، على أنه هناك ارتباطًا وثيقًا بين العقل والقلب حتى قال بعضهم: إن العقل محله القلب وأطلق، ومنهم من يقول: محله الدماغ بدليل أنه لو تأثر الدماغ اختل العقل والقلب سليم، والإمام أحمد له رأي وسط في هذه المسألة يقول: العقل محله القلب، وله اتصال بالدماغ، فدل على أن سلامة الأمرين الذي هو الدماغ والقلب، كلاهما يحصل منه صحة العقل، فهذا وهذا يتركب منهما العقل.

المقدم: أحسن الله إليك، لعلنا إن شاء الله، نعد الإخوة والأخوات أن نستكمل ما تبقي من هذا الحديث في الحلقة القادمة؛ لانتهاء وقت هذه الحلقة، أشكر لكم فضيلة الدكتور ما تفضلتم به، شكرًا لكم أنتم أيها الإخوة والأخوات على طيب المتابعة، لقاؤنا بكم في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى وأنتم على خير.

 والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.