كتاب البيوع (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ المُلاَمَسَةِ. وَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ»، وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، «وَنَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ»، وَالمُلاَمَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ لاَ يُنْظَرُ إِلَيْهِ.

 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ المُلاَمَسَةِ"، والملامسة مفاعلة، ومثلها المنابذة على ما سيأتي، والأصل في المفاعلة أن تكون بين طرفين، كل واحد عنده معه سلعة يكتفي بلمسها من غير أن ينظر فيها، ولا يقلبها سواء كان في ظلام مثلاً أو يقال له: أغمض عينيك، وأي ثوب لمسته فهو عليك بكذا، والنهي هنا مقتضٍ للبطلان؛ للغرر الكبير المترتب على هذا العقد. "وَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-" على ما سيأتي في الحديث المرفوع.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ" وهو ابن سعد، "قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ" ابن خالد، "عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الإمام المشهور، "قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ" يعني ابن أبي وقاص، "أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ" وهو الخدري "-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ»"، وقول الصحابي: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصرّحًا به من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى، هذا بمثابة قوله: لا تفعل، مثل النهي الصريح. وإن قال بعضهم ممن شذ أنه لا يقبل نهى ولا أمر حتى يصرح باللفظ النبوي، قائل يقول: إن الصحابي قد يفهم من كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- النهي أو الأمر وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، وهذا كلام باطل ومردود؛ لأن الصحابة أعرف من غيرهم بمدلولات الألفاظ النبوية، فإذا لم يعرف الصحابة مدلول اللفظ النبوي فمن يعرف؟

هذا إذا صرح بالآمر والناهي، أما إذا قال: أمرنا أو نهينا، قاله الصحابي، فجمهور أهل العلم على أن الآمر والناهي هو النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه هو الذي له الأمر والنهي. "«نهى عن المنابذة»" كل واحد ينبذ إلى الثاني بضاعته، أو كل واحد يقول للثاني: خذ هذه الحصاة وانبذها على مجموعة بضائع، والذي تقع عليه فهو عليك بكذا، وهذا أيضًا عقد غير صحيح؛ لما يترتب عليه من الغرر. يأتي إلى حظيرة غنم ثم يقول: خذ هذه الحصاة، أي شاة وقعت عليها هذه الحصاة فهي عليك بكذا، مع التفاوت الكبير بين أفرادها.

 "قال: «نهى عن المنابذة» وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ" يعني هذا نوع من أنواع المنابذة، ويفسر المجمل بالمثال، وهذا مثال يقع به تفسير المجمل، ويقاس عليه ما في حكمه.

 "وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، «وَنَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ»، وَالمُلاَمَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ لاَ يُنْظَرُ إِلَيْهِ" المقصود أن جميع أنواع الغرر، ثم ما استثني من الغرر اليسير أو ما لا يمكن الوصول إليه مثل أسس البنيان وما في حكمها، هذا معفو عنه، لكن ما يمكن اختباره يفعل. وما جرت به العادة مثلاً مع إمكان الاطلاع من غير نظر على المخطط وشيء من هذا المعتبر والمقر يكفي، أما أن تشتري بيتًا وتقول: أريد أن أرى القواعد، فلا، وإن كان فيه غرر، لكن هذا من الغرر المعفو، والغرر اليسير معفو عنه أيضًا. لكن الغرر الذي يترتب عليه أثر في الثمن هذا لا.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ" قتيبة بن سعيد، "قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ" وهو ابن عبد المجيد الثقفي، "قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ" السختياني، "عَنْ مُحَمَّدٍ" وهو ابن سيرين، "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ»" خشية أن تنكشف العورة، واللبسة الثانية اختصرها الراوي، وهي المشهورة باشتمال الصماء الذي يلف الثوب على نفسه على بدنه كله بحيث لو أراد أن يخرج يده ما استطاع، فلو انساب إليه حية أو عقرب أو شيء ما استطاع أن يدافع عن نفسه، وهي أيضًا ممنوعة في الصلاة آكد، "«وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ»" التي هي الملامسة والمنابذة التي تقدمت في الحديث السابق. نعم.

طالب: (قوله "سعيد بن عفير" مصغر العفر بالمهلة والفاء والراء، مر في العلم) يعني مرت ترجمته في كتاب العلم.

طالب: (و"عامر بن سعد" ابن أبي وقاص في الإيمان، قوله: "يقلبه" من القلب ومن التقليب وفاعله هو الرجل الثاني أي المشتري. ولأصحابنا ثلاثة تفاسير للمنابذة، وكذا للملامسة). أصحابه الشافعية؛ لأن الشارح شافعي المذهب.

طالب: (وتفاسير متكثرة للبستين، والاحتباء واشتمال الصماء تقدم كلها في باب ما يستر من العورة في أوائل كتاب الصلاة.

قوله: «أن يحتبي الرجل» احتبى الرجل إذا جمع بين ظهره وساقيه بعمامته، فإن قلتَ: كيف فسر اللبستين بشيء واحد؟ قلتُ: اختصر الحديث، والنوع الثاني هو اشتمال الصماء وقد تركه لشهرته).

 نعم.

طالب: "بَابُ بَيْعِ المُنَابَذَةِ. وَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، نَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ».

حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: المُلاَمَسَةُ، وَالمُنَابَذَةُ»".

ماذا معك: الملامسةُ أم الملامسةِ؟

طالب: لا، الملامسةِ.

نعم، ويجوز على الضم على تقدير: هما الملامسة والمنابذة.

يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ المُنَابَذَةِ" وبينهما تداخل مع الباب السابق؛ للاشتراك في النص الوارد فيهما، وقد ورد النهي عنهما في الحديث معًا، وأيضًا الاشتراك في العلة، وهي الغرر. لكن البخاري يترجم بالأفراد، ترجم بالملامسة، ثم ترجم بالمنابذة، وهما معًا في الحديث. "وَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-" كما قال في الباب السابق، علق الخبر بصيغة الجزم؛ لثبوت النهي.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ" وهو ابن أبي أويس ابن أخت مالك، "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ" هو الإمام، ابن أنس نجم السنن، "عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ" ابن واسع جده الذي كان يخدع في البيوع فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «إذا ابتعت فقل: لا خلابة» يعني لا خديعة، ويثبت له بذلك الخيار، "وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-" أبو الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن بن هرمز، وأبو هريرة معروف -رضي الله عنه-، "«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، نَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ»" وتقدم بيانهما.

قال: "حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى" ابن عبد الأعلى النرسي، "قال: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ" ابن راشد، "عَنِ الزُّهْرِيِّ" الإمام المشهور، "عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: المُلاَمَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ»" الملامسة بدل بعض من البيعتين مجرور؛ لأن المبدل مجرور، وكذلك المنابذة معطوف عليه، ولو جاءت الرواية بالرفع ساغ ذلك، لكن المسألة متوقفة على الرواية بتقدير: هما الملامسة والمنابذة، {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا} [النحل: 76]، أحدهما ابتداء.

اقرأ.

طالب: (قوله: "محمد يحيى بن حبان" بفتح المهملة وشدة الموحدة، مر في الوضوء، و"عن الأعرج" متعلق بمحمد وبأبي الزناد؛ لأن مالكًا يروي عنهما وهما يرويان عن الأعرج. قوله: "عياش" بالمهملة وشدة التحتانية وبالمعجمة، "ابن الوليد" مر في الغسل، و"عطاء بن يزيد" من الزيادة الليثي في الوضوء).

 نعم.

طالب: "بَابُ النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لاَ يُحَفِّلَ الإِبِلَ، وَالبَقَرَ وَالغَنَمَ وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ، وَالمُصَرَّاةُ: الَّتِي صُرِّيَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ وَجُمِعَ، فَلَمْ يُحْلَبْ أَيَّامًا، وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ المَاءِ، يُقَالُ مِنْهُ: صَرَّيْتُ المَاءَ إِذَا حَبَسْتَهُ.

 حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «لاَ تَصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَمَ»".

 تُصَرُّوا.

طالب: ..........

أو لا تَصُرُّوا نعم؛ لأنها إما من التصرية أو من الصَرِّ.

طالب: الصر.

نعم.

طالب: "«لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ»، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «صَاعَ تَمْرٍ»، وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: «صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلاَثًا»، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: «صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»، وَلَمْ يَذْكُرْ ثَلاَثًا، وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ.

 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا، فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»، «وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: أَنْ تُلَقَّى البُيُوعُ».

 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قَالَ: «لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ»".

يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لاَ يُحَفِّلَ الإِبِلَ" النهي أن لا يحفل، أو النهي أن يحفل؟

طالب: ..........

نهي أن لا يحفل؟

طالب: أن يحفل.

أن لا يحفل، اضبط كلامك. هل هو منهي أن يحفل أو أن لا يحفل؟

طالب: ..........

لا شك أن النهي عن التحفيل، منهي أن يحفل، ودخول اللام هنا ما فيها إشكال لاعتبار أنها حكاية النهي، لا يحفل، ويجيء بكلام المؤلف ألا يحفل، فإن قلت: هل يجب كون كلمة لا زائدة؟ قلت: لا لاحتمال أن تكون مفسرة ولا يحفل بيانًا للنهي، ونظيره في القرآن.

طالب: ..........

ما منعك.

طالب: ..........

نعم، أنت ماذا قلت؟ يبين لكم أن تضلوا، هذا مفعول لأجله أن وما دخلت عليه بتأويل مفعول لأجله يعني خشية أن تضلوا.

"بَابُ النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لاَ يُحَفِّلَ الإِبِلَ وَالبَقَرَ وَالغَنَمَ" يعني يحبس اللبن في ضروعها حتى يكثر، فإذا جلبها إلى السوق ورآها المشتري أقدم على شرائها بناءً على أنها ذات لبن، وهي في الحقيقة ليست بذات لبن، هو مجموع، لبن أيام. والتصرية "وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ، وَالمُصَرَّاةُ" هي "الَّتِي صُرِّيَ لَبَنُهَا" التصرية ربط أخلاف الناقة حتى يجتمع لبنها، "وَالمُصَرَّاةُ الَّتِي صُرِّيَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ" يعني اجتمع "وَجُمِعَ، فَلَمْ يُحْلَبْ أَيَّامًا، وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ المَاءِ، يُقَالُ مِنْهُ صَرَّيْتُ المَاءَ" يعني "إِذَا حَبَسْتَهُ" ومثله حبس اللبن في الضرع.

طالب: ..........

المهم أنه ما يترتب عليه غرر للمشتري، يعني هو ما يلزم أنك تحلب ثم تجلب، لا ما يلزم أن يكون مباشرة، تمشي على عادتك تمشي على طبعك، فأنت تحلب، ثم إذا جلب ما فيه إشكال أنت ما عليك شيء.

طالب: ..........

خلاص ما فيه شيء، ما فيه إشكال؛ لأنه ما فيه قدر زائد على ما فيها.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ" وهو يحيى بن بكير، "قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" ابن سعد، "عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ" عبد الرحمن بن هرمز، "قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-" عن الأعرج قال أبو هريرة، قال هنا بمنزلة عن، مثل عن، محمولة على الاتصال عند أهل العلم بالشرطين المعروفين في العنعنة.

 ............  أمَّا الَّذِي *** لِشَيْخِهِ عَزَا بـ ( قالَ ) فَكَذِي

عَنْعَنَةٍ كخَبَرِ المْعَازِفِ *** لا تُصْغِ ( لاِبْنِ حَزْمٍ ) المُخَالِفِ

 "قال أبو هريرة -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَمَ»"، وفي حكمها كل ما يطلب منه اللبن كالبقر وغيره، "«فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ»" يعني من اشتراها بعد ثم تبين له "«فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ»" يعني له الخيار "«فإنه بخير النظرين بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا»" بين أن يحتلبها، والمقصود أنه إذا احتلبها، وبان له حقيقة الأمر، وأنها ليست بذات لبن كثير، وأنه غُش فيها وغر فهو بخير النظرين: "«إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ»" أمضى البيع، "«وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ»" في مقابل اللبن الذي استفاد منها.

الآن إذا اشتريت سلعة، اشتريت سيارة ووجدت فيها عيبًا، لكن هي مع هذا العيب رخيصة، هل تلزم أن تردها؟ تُلزم بردها؟ لو قلت: أنا أريدها، هذا العيب أصلحه، ومع ذلك تكون رخيصة، وإن شاء أمسكها؛ لأنها أعجبته بهذه القيمة، وإن كان فيها شيء من الغرر فهو بالخيار، وإن شاء ردها؛ لأنه غش وصاع تمر في مقابل اللبن الذي احتلبه واستفاد منه. هذا فيه نوع غرر، الصاع بقيمة اللبن مرتين أو العكس أو ثلاث مرات، قد يكون اللبن كثيرًا جدًّا بعد التصرية، فيكون بقيمة ثلاثة أصع من التمر، وقد يكون أقل من قيمة التمر، فمثل هذا لا يمكن أن يضبط إلا بهذه الطريقة؛ لأن الحكم للعموم، فيصدر حكم عام. وأيضًا صاع التمر إذا اختلفوا قال صاحب الدابة: أنا أريد تمرًا فاخرًا، قال ذاك: أنا أعطيك من أردأ أنواع التمر، يصح أن يقاس صاع تمر، وهناك صاع بخمسة ريالات، وصاع بثلاثمائة ريال، هذا موجود في السوق. إذا اختلفوا فالمراد الوسط.

طالب: ..........

ما فيه إشكال، ما هو متعبد بهذا، إذا اتفقوا على شيء فيما بينهم فما فيه إشكال.

طالب: ..........

إذا قال: ما مشت إلا عشرين ألفًا، ومشت مائتين غش، يردها بعد أن يثبت.

"وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ" هنا تعليق بصيغة التمريض، ومثل هذا لا يحكم بصحته ولا بضعفه؛ لأنه علق أحاديث صحيحة قد خرجها هو في صحيحه بصيغة التمريض، وعلق أحاديث حسنة، وعلق صحيحة عند غيره، وعلق شيئًا مما في إسناده بعض انقطاع بصيغة التمريض، وما علق أحاديث ضعيفة جدًّا إلا بيَّن ضعفها. ويُذكر عن أبي هريرة: لا يتطوع الإمام في مكانه، ولم يصح، إذا كان ضعيفًا يبين -رحمه الله-.

"ويذكر عن أبي صالح، وَمُجَاهِدٍ، وَالوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «صَاعَ تَمْرٍ»" والرواية الأولى صاع تمر، "وَقَالَ بَعْضُهُمْ" بعض الرواة "عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: «صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»" وهو أعم من التمر، والتمر فرد من أفراده، "«وَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلاَثًا»" ثلاث ليال، "وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: «صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»" حتى الرواية عن ابن سيرين جاءت بالتمر، "وَلَمْ يَذْكُرْ ثَلاَثًا، وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ" يعني أكثر وأثبت ورواته أكثر ممن روى: «طعامًا».

قال: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ" ابن مسرهد بن مسربل إلى آخر ما ذكر فيه، حتى هذا الكرماني ذكره بالتفصيل في أول موضع، قال: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن أرندل بن سرندل بن عرندل، ذكر هذا كما قيل، والذهبي وغيره ينكرون أن يوجد النسب بهذه الطريقة وبهذه الكثرة، مسدد بن مسرهد ماشٍ.

"قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ" والمعتمر هو ابن سليمان، "قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ" عبد الرحمن بن مِلّ، أو مَلّ؟ مضبوط بالحركات الثلاث، أبو عثمان النهدي، وروى الحاكم عن أبي عثمان وقال: وليس هو بالنهدي ولو كان النهدي لقلت: صحيح على شرطهما، أو عثمان التبان، يفرق بينه وبين النهدي؛ لأنه في طبقته.

 "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً»" أي مصراة "«فَرَدَّهَا، فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»، «وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: أَنْ تُلَقَّى البُيُوعُ»" تتلقى الركبان ويتلقى الجلب، وهذا تقدم.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ" هو التنيسي، "قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ" الإمام، "عَنْ أَبِي الزِّنَادِ" عبد الله بن ذكوان، "عَنِ الأَعْرَجِ" عبد الرحمن بن هرمز، "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قَالَ: «لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ»" يعني تقف في مكان بعيد عن السوق بحيث من مر بالبضاعة سبقت إليه واشتريت منه قبل أن يبلغ السوق، أو لا يعرف السعر، "«وَلاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ»" إذا باع على فلان قال: تعالَ، أنا عندي لك سلعة أفضل من هذه وأرخص.

 "«وَلاَ تَنَاجَشُوا»" النجش، كل هذه تقدمت في أبواب سابقة، الزيادة في السلعة لمن لا يريد شراءها؛ إما لنفع البائع، أو لضرر المشتري.

 "«وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ»" دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، "«وَلاَ تُصَرُّوا الغَنَمَ»" وهو الشاهد من الحديث، "«وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ»".

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

لا لا.

طالب: ..........

هذا السوم .......... إذا ركن إليه قبل فهو ممنوع أيضًا، منهي عنه.

طالب: (قوله: "أن لا يحفل"، فإن قلتَ: هل بجب كون كلمة لا زائدة؟

 قلتُ: لا؛ لاحتمال أن تكون أنْ مفسِّرة، ولا يحفل بيانًا للنهي، ولفظ "كل محفلة" عطف على الإبل، أي لا يحفل كل ما من شأنها التحفيل، وهو من باب عطف العام على الخاص، والنصوص وردت في النعم، لكن أُلحق غير مأكول اللحم كالأتان والجارية مثلاً بها؛ قياسًا عليها في مجرد النهي وفي ثبوت الخيار).

 لأن لبنها مطلوب لولدها، الأتان لبنها وإن لم يحل للآدميين فهو مطلوب لولدها، وكذلك الجارية.

طالب: (قياسًا عليها في مجرد النهي وفي ثبوت الخيار لا في رد صاع التمر معها. والجامع بينهما تغرير المشتري والإضرار به، وتسمى المحفلة مصرأة أيضًا. قوله: "حُقن" وهو معنى صُري، وعطف عليه على سبيل العطف التفسيري، و«لا تُصَرُّوا» بفتح الصاد وضم).

 تَصُر؛ لأنه قال: بفتح الصاد، وهو من الصر وهو الربط.

طالب: («ولا تَصُرُّوا» بفتح الصاد وضم الراء ونصب الإبل من التصرية).

 نعم؟

طالب: ..........

تصروا؟

طالب: الإبلَ.

نعم، ما يخالف، لكن ما يصير من التصرية، تَصروا من الصر، أما من التصرية: فتُصر.

طالب: (قال القاضي: روينا عن بعضهم بدون الواو بعد الراء، وبرفع الإبل على ما لم يسم فاعله من الصر، وهو الربط. فقال أبو عبيد: لو كان من الصر لكان مَصرورة أو مُصررة لا مصراة، فأجيب بأنه يحتمل أن يكون أصله مُصررة فأبدلت إحدى الراءين ألفًا كقوله تعالى: {خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10] أي من دسسها، كرهوا اجتماع ثلاثة أحرف من جنس واحد. قوله: "بعد" أي بعد هذا النهي أو بعد صر البائع، والواو في «وصاع» إما بمعنى مع أو لمطلق الجمع.

 فإن قلت: لِمَ لا يكون مفعولاً معه؟

قلتُ: جمهور النحاة على أن شرط المفعول معه أن يكون فاعلاً في المعنى نحو: جئت أنا وزيد. قوله: "أبو صالح" هو ذكوان السمان مر في أول كتاب الإيمان، و"الوليد بن رباح" بفتح الراء وخفة الموحدة وبالمهلة المَدني، و"موسى بن يسار" ضد اليمين عم محمد بن إسحاق بن يسار).

 شف الآن الضبط: أحيانًا يضبط بالحروف، بفتح الصاد وضم الراء، وأحيانًا يضبط بالنظير، وأحيانًا يضبط بالضد، يعني حرام بن عثمان ضد الحلال، أحيانًا بالنظير، حدثنا الحكم بن عتيبة قال: بتصغير عتبة الدار، وهنا قال: (يسار ضد اليمين)، فلهم تصرفات في الضبط يضبطون بما يثبت اللفظ في ذهن القارئ.

طالب: (و"موسى بن يسار" ضد اليمين عم محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي. قوله: "أكثر" أي من الطعام؛ إذ قال بعضهم: يرد مع صاع من الطعام كما قال بعضهم: مع صاع من قوت البلد).

 ("أكثر" أي من الطعام).

 يعني يعطي من التمر مقدارًا أكثر مما يعطي من الطعام؟

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

لا أنا شرحتها.

طالب:.........

رواية التمر أكثر، ورواتها أكثر وأصح، يعبرون لأكثر عن الأصح والأثبت.

طالب: (وقيل: ما ذكر من لفظ الثلاث فهو بناء على الغالب؛ إذ التصرية تتبين بالثلاث غالبًا؛ لأنه يحتمل النقصان على اختلاف العلف وتبدل الأيدي وغيرهما).

 نعم إذا تغير المكان تتغير الحال، يعني هذا مجرب في الآدميين، إذا انتقل من بلد إلى بلد قد يكون أكله أقل أو أكثرن وقد يكون نومه أكثر أو أقل، فلا يتبين أن هذه لبنها يعني لبن هذه أقل مما عُرض حتى يتكرر عليها، قد يكون للأكل أثر، وقد يكون للمكان، وقد يكون للجو أثر، على كل حال ثلاثة أيام كافية.

طالب: (وأما أن الواجب صاع قل اللبن أو كثر فلأن الموجود عند البيع يختلط بالحادث بعده ويتعذر التمييز، فتولَّى الشارع تعيين بدل له قطعًا للخصومة بينهما، وقد يقع ذلك في موضوع لا يوجد به من يعرف القيمة، وقد يتلف اللبن ويتنازعون في مقداره، فضبط بما لا يبقى معه نزاع، كإيجاب الغرة في الجنين مع اختلاف الأجنة ذكورة وأنوثة وتمامًا ونقصانًا وحسنًا وقبحًا، وكالجبران في الزكاة مع تفاوت أسنان الإبل).

 الآن تكون أحكام عامة، ويتفاوت أفرادها، في الأحكام العامة: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع» مع أنهم يتفاوتون، بعض الأطفال عمره خمس أو أربع أفضل من صاحب العشرة في ضبط الصلاة وإتقانه والحرص عليها، وهنا جاء في سن محدد للجميع؛ لئلا يترك لأحد مجالًا، لا يترك مجالًا للمتلاعبين ولا للاعبين، بعضهم يأتي بطفل يؤذي الناس ويقول: والله ولدي مميز، يعني لو ترك للتمييز، وبعضهم ابنه ابن عشر سنين يلعب عند باب المسجد وقال: ما ميز بعد. الحد سبعة خلاص ميز أم ما ميز، المهم أنه في الغالب أن السبع مميز. لكن في طلب العلم وحفظ الحديث يرد إلى التمييز؛ لأنه إذا ميز لأقل من ذلك وقيل له: انتظر إلى السبع، محمود بن الربيع عقل المجة وهو ابن خمس سنين، وفي الصحيح في البخاري، ولذلك يصححون سماع من بلغ الخمس لحديث محمود بن الربيع.

 فالأمور التي يتفاوت فيها الناس في الأمور الخاصة، لا مانع أن يكون لكل شخص له حده وما أعطي من المواهب، لكن تجد طفلًا ذكيًّا ومميزًا لأربع سنين يقال له: انتظر حتى يبلغ سبعًا، هذا إلا إذا كانت الأمور تتعلق بالأفراد كل واحد وتمييزه، طيب الذي لم يميز إلا بعشر لا يجيء قبل ذلك هذا عذاب عليه وتعب على غيره. لكن لما كانت الدراسة في الأوقات المتأخرة مثل الصلاة على الجميع، يقول: خلاص ما يدخل المدرسة إلا لما يكمل ست سنين؛ لأنها تتعلق بالجميع، ومع ذلك فيه ظلم لمن ميز قبل ذلك، لكنهم قالوا: إن الظلم مغتفر في سبيل أن نضبط الناس وإلا لو تركنا كل واحد نحتاج إلى مقاييس، ونحتاج إلى مختبرات، وهذا فيه صعوبة، وتدخل فيه المحسوبيات، وهذا يقبل، وهذا يرد بحسب الأمزجة، لكن خلاص حدد، مثل ما حدد للصلاة.

 كان في السابق نسبة الذين يدرسون ولا عشرة بالمائة، والبقية عوام، هؤلاء يميز بينهم، وليس هناك أيضًا أمور ملزمة وأنظمة محددة، تجد لكلام أهل العلم في المصطلح في متى صح التحمل؟ كلام غريب جدًّا، جاءوا بأطفال بثلاث سنين، ويحفظون حفظًا غريبًا، يعني قد لا يتصور الرجل العادي.

 وموجود الآن نرى طفلًا عمره سبع أو ثمان سنين يحفظ ثلاثة عشر ألف حديث بأسانيدها، ورأيت أخوين شقيقين واحدًا في الحادية عشر، وواحدًا في الثانية عشرة يقول: إنهم حفظا الصحيحين بالأسانيد وأبا داود والترمذي بقي النسائي وابن ماجه يحفظون من كل واحد خمسين حديثًا بأسانيدها يوميًّا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وبعض الناس يحاول ويحفظ اليوم له حديثًا وينساه من الغد وإذا حفظ الثاني نسي الأول، وإذا حفظ الثالث نسي الثاني وهكذا. فالأمور الخاصة لا مانع أن يقع التفاوت في مقدماتها، لكن الأمور العامة تضبط وتحدد بما يضبط الجميع.

طالب: (قوله: "معتمر" بكسر الميم الثانية أخو الحج).

شف "مُعتمِر" أخو الحاج.

طالب: عندي الحج.

المعتمر أخو الحج.

طالب: ..........

أنا عندي الحج، لكن صوابه الحاج، هذه طريقة في الضبط.

طالب: ..........

لا، العمرة أخت الحج، لكن المعتمر أخو الحاج، والحاج في بعض الجهات خلاص من حج يستمر عنه الحاج، يدعوه بأنه الحاج. عندك والحاج فلان؟ يسمونك الحاج؟

طالب: ..........

لا، هذه طريقة في الضبط عندهم مثل ما تقدم الإشارة إليه.

طالب: (و"أبوه" هو سليمان مر في كتاب العلم، و"أبو عثمان" هو عبد الرحمن النهدي بالنون في أول مواقيت الصلاة).

 سليمان ابن من يا أبا عبد الله؟

طالب: ..........

نعم.

طالب: (قوله: "تُلقى" أي تُستقبل، والتلقي الاستقبال، "والبيوع" أي المبيعات أو أصحابها، و«لا تَلقوا» بفتح القاف وأصله لا تتلقوا فحذف إحدى التاءين أي لا تستقبلوا الذين يحملون متاعًا إلى البلد للاشتراء منهم قبل قدوم البلد ومعرفة السعر. قوله: «ردها وصاعًا». فإن قلتَ: الرد بعد الأخذ فما معنى الرد في الصاع؟ قلتُ: هو من قبيل علفتها تبنا وماء باردًّا بأن يقال: إن ثمة إضمارًا أي وسقيتها ماءً، أو يجعل علفتها مجازًا عن فعل شامل للعلف والسقي نحو أعطيتها).

 أو أنلتها، كما في كتب النحو. «ردها وصاعًا» رد هذه الدابة المحفلة، ورد صاعًا، والرد يكون لما أُخذ، والتقدير: وأعطى صاعًا، مثل: علفتها تبنًا وماءً باردًا، علفتها تبنًا وسقيتها ماءً باردًا. نعم.

طالب: "بَابٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ المُصَرَّاةَ وَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنَا المَكِّيُّ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، أَنَّ ثَابِتًا، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً، فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ»".

قال -رحمه الله-: "بَابٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ المُصَرَّاةَ وَفِي حَلْبَتِهَا" يعني في مقابل حلبتها يعني حلبه إياها، "صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ". الباب السابق باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة، ومضمون الباب الثاني موجود في الباب الذي قبله إلا الترجمة في الباب الأول الترجمة منصبة على الحكم والباب الثاني في البدل مع الرد.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنَا المَكِّيُّ" هو ابن إبراهيم وهو من شيوخ البخاري، شيخ البخاري روى عنه هنا بواسطة، وعنه روى البخاري أكثر الثلاثيات، سبعة عشر حديثًا من اثنين وعشرين كلها عن المكي، أكثر الثلاثيات عوالي البخاري أكثرها عن المكي، وهنا روى عنه هذا الحديث بواسطة فنزل فيه درجة.

 "قال: حدثنا المكي، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، أَنَّ ثَابِتًا، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً، فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا»" هل يطلب أرشًا أم ما يطلب مع الإمساك؟ يقول: أنت غششتني، ادفع مبلغ كذا في مقابل هذا الغش؟ إن شاء أمسكها أم ما له شيء؟ إن شاء أمسكها ولن يمسكها إلا إذا كان مغتبطًا بالبيع، يقول له البائع: تريدها بدون أرش أم لا؟ يعني بدون مقابل، إن شاء أمسكها "«فإن رضيها أمسكها، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ»".

طالب: (قوله: "محمد بن عمرو" السواق بفتح المهملة، البلخي، مات سنة ستة وثلاثين ومائة، و"المكي" ابن إبراهيم ساكن بلخ، مر في باب إثم من كتاب العلم، و"ابن جُريج" اسمه عبد الملك في كتاب الحيض، "وزياد" بكسر الزاي وخفة التحتانية ابن سعد بلخي أيضًا سكن خراسان ثم مكة وكان شريك ابن جريح، و"ثابت" هو مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. وفي جامع الأصول والكلاباذي: أنه مولى عمر بن عبد الرحمن، وهو ثابت بن عياض الأحنف).

 والكلاباذي له رجال البخاري، وفي ترجمته ذكر أنه مولى عمر بن عبد الرحمن، وهنا مولى عبد الرحمن، ولا شك أن مولى الأب يطلق عليه أنه مولى للابن لا سيما إذا آل إليه بإرث صار مولى له، وإذا كان مولى للابن يطلق عليه أنه مولى للأب باعتبار أن الابن وما يملك لأبيه. نعم.

طالب: (قوله: "غنمًا" هو اسم مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكور وعلى الإناث، و"في حلبتها" أي بسبب الحلبة يجب صاع، ويعلم منه أن القليل والكثير شأنهما واحد وهذا الصاع إنما يجب في الغنم وما في حكمها من مأكول اللحم بخلاف النهي عن التصرية وثبوت الخيار، فإنهما عامان لجميع الحيوانات).

 النهي عن التصرية كما تقدم، ويشمل حتى الأتان والجارية؛ لأن لبنهما مقصود، وإن لم يكن من مشروب الآدمي لبن الأتان إلا أنه مقصود لولدها، ولدها مرغوب في تغذيته وتنشئته كما هو معروف أينما كانت وسيلة من وسائل النقل. الله المستعان. تستعمل عندكم الحمر؟ تباع وتشترى مثل السيارات؟

طالب: ..........

لا، عندنا في بعض المناطق مثل الأحساء وغيرها، على كل حال النعم لا تدوم.

طالب: (وقال الحنيفة: لا خيار للمشتري في المصراة ولا ولاية ردها، لكن قال النووي في شرح صحيح مسلم: يردها بدون الصاع؛ لأن الأصل أنه إذا ألتلف شيئًا لغيره رد مثله إن كان مثليًّا وإلا فقيمته، وأما جنس آخر من العروض فخلاف الأصول. وأجاب الجمهور بأن السنة إذا وردت لا يعترض عليها بالمعقول).

 نعم، القياس في مقابل النص فاسد الاعتبار.

طالب: "بَابُ بَيْعِ العَبْدِ الزَّانِي. وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ».

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ، قَالَ: «إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لاَ أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ".

قال -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ العَبْدِ الزَّانِي" ويشمل الذكر والأنثى، والترجمة العبد، والحديث في الأمة، وهو شامل، يعني إن جاء الخبر في الأمة وفي حكمها العبد، وأيضًا في القرآن: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]، ويقاس عليهن الذكور. والتنصيص على الجنس من الإناث في كثير من المواضع في هذا الباب: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2]، بتقديم المرأة على الرجل في هذا: «إذا زنت الأمة»، {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: 25]، ويقاس عليهن الذكور؛ لأن المرأة في هذا الباب أدخل من الرجل، هي التي تغريه، هي التي تغري الرجل، والله المستعان.

طالب: ..........

المقصود أن المرأة في هذا الباب يكون شأنها أشد، والنصوص تدل على هذا؛ لأنهن حبائل الشيطان، إذا خرجت استشرفها الشيطان.

طالب: "بَابُ بَيْعِ العَبْدِ الزَّانِي. وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا" يعني إذا بيع واشتراه المشتري ثم تبين أنه زانٍ يرد، وفي حكمه المرأة -نسأل الله العافية-، إذا تزوج امرأة ثم تبين له أنها زنت قبل الزواج فله ذلك؛ لأن أمرها ليس بالسهل. وعلى هذا هل يلزم المرأة أو ولي المرأة البيان أو لا يلزم؟

 من أهل العلم من أخذ من قوله: «ولو بحبل من شعر» أنه يلزم البيان؛ لأنها لن تصل إلى هذه القيمة إلا إذا بُين أنها زانية، ولا شك أن عدم البيان غش من جهة، ولو تبين فيما بعد لساءت الأحوال، وتكدرت الأمور، ويتصور إنسان أنه تزوج امرأة على أنها عفيفة، ثم شاع في الناس أنها كذا، وبلغه الخبر، ولا سيما بعد أن يرزق بأولاد، والأمر ليس بالسهل على النفس. وكنت أقول بلزوم البيان؛ لأن هذا من أعظم أنواع الغش، ثم مر بنا في الموطأ أن امرأة خُطبت فجاء أخوها إلى عمر بن الخطاب فقال له: إنها قد قارفت، أفأخبره؟ قال له: لو أخبرتك لأوجعتك ضربًا، يعني من باب الستر. وإن كان الأثر شديدًا على الزوج إذا علم فيما بعد، لكن مع كلام لعمر لا كلام لأحد -رضي الله عنه-.

طالب: ..........

لا، المكره ما عليه ذنب، لكن يبقى مسألة البكارة، وأرش البكارة.

طالب: ..........

لا لا لا ..........

طالب: ..........

والله إذا كانت مغتصبة يتجه أن القول بالستر في هذه الطريقة، لكن إذا كانت لاعبة، فكيف تستر؟

 على كل حال الأمر عظيم نسأل الله العافية، نسأل الله أن يحفظ أعراض المسلمين.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" عبد الله بن يوسف التنيسي، والليث شيخه وهو ابن سعد، "قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ" ابن أبي سعيد "عَنْ أَبِيهِ" وأبوه أبو سعيد المقبري اسمه كيسان، "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا»" يعني ثبت، ما هو مجرد إشاعة ومجرد ظن أو شك، يعني إن ثبت ذلك "«فَلْيَجْلِدْهَا»" الحد، وللسيد أن يجلد أمته أو عبده، وإلا فالأصل أن الحدود للسلطان.

 "«فليجلدها وَلاَ يُثَرِّبْ»" يعني لا يزيد على الحد، لا يجوز أن يزيد على الحد، إذا أقيم الحد لا يجوز له أن يثرب، "«ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلاَ يُثَرِّبْ»" يعنف ولا يعير، لا يجوز له ذلك؛ لأنه خلاص الحد استوفي يكفي.

 "«ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ»" طيب هذه سلعة معيبة وزنت في هذا البيت واحتمال أن تزني في البيت الثاني؟ قالوا: احتمال أن يبيعها على من يعفها، لعل هذا ضعيف هذا الذي عندها السيد ذاك ولا يعفها، يبيعها على شخص يتولى إعفافها بحيث لا تتعرض لذلك. "«ولو بحبل من شعر»" هذا لا شك أنه تأكيد على البيع، وأنه لا يتركها، والأمر هنا للوجوب معناه أنه يلزمه أن يبيعها؟

هو أمر إرشاد، وقال العلماء بأنه لو زنت الزوجة لا يلزمه طلاقها؛ لأنها موطوءة كالأمة، وما أُمر ببيعها من أول مرة، يعني فراش مثل الأمة، فلا يلزمه ذلك، لكن عليه أن يستبرئها، فلا شك أن إمساكها وإن كان لا يلزمه، لكن الغيرة معروفة، غيرة المسلم على المحارم معروفة، والغالب أن المسلم إن ما زاد على المطلوب ما تعدى، بعضهم يَقتل -نسأل الله العافية-، وبعضهم يمرض وبعضهم يموت بسبب هذه المصائب؛ لأنه ليس الأمر بالسهل، العرض ليس بالهين، نسأل الله العافية.

طالب: ......

 المهم أنه يتخلص منها، هذا حث على المبادرة ببيعها بأول سوم، وأخذ منه بعض أهل العلم أنه من لازم البيان أنها زانية أن تصل قيمتها إلى هذا الحد.

طالب: ..........

نحن قلنا لكم قصة عمر -رضي الله عنه-.

طالب: ......

خلاص.

قالوا: إذا زنت الزوجة -نسأل الله العافية- لا يلزمه طلاقها؛ لأنه ما أُمر ببيع أمته من أول مرة، مع أن واقع المسلم في الغالب أنه لن يمسكها، إما أن يتصرف معها تصرفًا أشد فلا أقل من أن يطلقها. نعم وُجد أمور ووجد ما يخفف الغيرة، بل وُجد ما يقضي عليها، فتجده يتساهل ويرى المرأة تخرج وتدخل وتغشى مواطن الشبه وتكلم الرجال بكلام، الله المستعان، وبعضهم يطلع عليها وهي تقارف الفاحشة ولا يفعل شيئًا، هذا الديوث، نسأل الله العافية.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ" وهو ابن أبي أويس، "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ" خال إسماعيل، "عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" الإمام المشهور، "عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ" ابن عتبة بن مسعود، "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ" الجهني "-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ" ولم تحصَن؟ عمومًا الإناث محصَنات، والرجال محصنين وكل منهما محصِن لصاحبه ومحصَن بصاحبه، لكن الغالب أن الرجال هم الذين يحصنون النساء، فهو محصِن وهي محصَنة، "قَالَ: «إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ»" يعني بحبل مضفور. "قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لاَ أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ" يعني زنت الثالثة وزنت الرابعة، هذا شك منه.

طالب: ("باب بيع العبد الزاني"، قوله: "شريح" بضم المعجمة وبإهمال الحاء، القاضي في زمن عمر -رضي الله عنهما-، «ولا يثرب» التثريب التعيير والاستقصاء في اللوم، أي لا يزيد على الحد، ولا يؤذيه بالكلام. الخطابي: معناه أنه لا يقتصر على التثريب، بل يقام عليها الحد. قوله: "عبيد الله" هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، ومر في الوحي، و"زيد بن خالد" الجهني المدني مر في العلم في باب الغضب في الموعظة.

 قوله: «لم تحصِن» فإن قلتَ: مفهومه أيضًا أنها إذا أُحصنت لا تجلد بل ترجم كالحرة، لكن الأمة محصَنة وغير محصَنة تُجلد، قلتُ: لا اعتبار للمفهوم حيث نطق القرآن صريحًا بخلافه في قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]، فالحديث يدل على جلد المحصَن، والآية على جلد المحصَن؛ لأن الرجم لا يتنصف، فيجلدان عملاً بالدليلين، أو يجاب بأن الإحصان بمعنى العفة عن الزنا، كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] أي العفائف) كما في المحصنات من أهل الكتاب المقصود بهن العفائف.

طالب: (قال الخطابي: ذكر الإحصان في الحديث غريب مشكل جدًّا إلا أن يقال: معناه العتق. قوله: «ثم إن زنت» أي بعد الجلد أي إذا جُلدت ثم زنت تجلد مرة أخرى، بخلاف ما لو زنت مرات ولم تحد لواحدة منهن، فيكفيها حد واحد للجميع.

 وفيه أن السيد يقيم الحد على رقيقه، وقال الحنفية: ليس له ذلك، وفيه ترك اختلاط الفساق وفراقهم، وهذا البيع مستحب لا واجب، خلافًا للظاهرية).

 ترك اختلاط الفساق وفراقهم للأمر ببيعها والتخلص منها.

طالب: (وهذا البيع مستحب لا واجب، خلافًا للظاهرية، وفيه جواز بيع الشيء الثمين بثمن حقير).

 والذي جعلها حقيرة مقابل هذا الثمن الحقير هو اقترافها لهذه الفاحشة، نسأل الله العافية.

طالب: (فإن قلتَ: كيف يكره شيئًا لنفسه، ويرتضيه لأخيه المسلم؟ قلتُ: لعلها تستعف عند المشتري بأن يُزوجها أو يعفها بنفسه أو يصونها لهيبته أو بالإحسان إليها. قوله: «بضفير» الضفير هو الحبل المنسوج أو المفتول، والضَّفْر نسج الشعر وفتله).

قف على هذا، اللهم صل على محمد.

هذه أسئلة من مسافرين، قالوا: ما السنة في حق المسافر إذا حضرت الصلاة، هل الأفضل أن يصلي في البيت قصرًا أم يذهب إلى المسجد؟

الأصل أنه إذا سمع النداء يلزمه الإجابة ويصلي في المسجد.

يقول: ما صحة حديث الجلوس بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس؟

الكلام فيه كثير لأهل العلم، وأقل أحواله أنه حسن، إن شاء الله تعالى، ولو قُدر ضعفه فالجمهور يعملون بمثله في هذا الباب الذي هو الفضائل.

يقول: نحن شباب ندرس في جامعة، ويغلب على طلابها التشبه بالغرب في اللباس والحركات، فما هي الطريقة المثلى للإصلاح مع كثرة المخالفات؟

بالكلمة الطيبة واللين والرفق والموعظة الحسنة يفيدون، إن شاء الله تعالى.

كيف أوفق بين الدراسة الجامعية وطلب العلم؟

هذا أمر ممكن متيسر؛ لأن طلب العلم متيسر الآن، الذي لا يستطيع الحضور للدروس فيه الوسائل الإنترنت والمواقع، وأيضًا الأشرطة، الأمر سهل.

والله أعلم.

 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.