بلوغ المرام - كتاب الجامع (07)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب الترهيب من مساوئ الأخلاق: وعن معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» متفق عليه وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه» أخرجه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه» متفق عليه وعنه رضي الله تعالى عنه أن رجلاً قال يا رسول الله أوصني قال «لا تغضب» فردد مرارًا قال «لا تغضب» أخرجه البخاري وعن خولة الأنصارية رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن رجالا إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» أخرجه البخاري وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه قال «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» أخرجه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أتدرون ما الغيبة» قالوا الله ورسوله أعلم قال «ذكرك أخاك بما يكره» قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته» أخرجه مسلم وعنه رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» أخرجه مسلم وعن قطبة بن مالك رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء» أخرجه الترمذي وصححه الحاكم واللفظ له وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدًا فتخلفه أخرجه الترمذي بسند ضعيف وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق» أخرجه الترمذي وفي سنده ضعف وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم» أخرجه مسلم وعن أبي صرمة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من ضارّ مسلمًا ضارّه الله ومن شاقّ مسلمًا شق الله عليه» أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن الله يبغض الفاحش البذيء أخرجه الترمذي وصححه وله رضي الله وله من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه رفعه «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا  البذيء» وحسنه وصححه الحاكم ورجح الدارقطني وقفه وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» أخرجه البخاري وعن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يدخل الجنة قتَّات» متفق عليه وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من كف غضبه كف الله عنه عذابه» أخرجه الطبراني في الأوسط وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عند ابن أبي الدنيا وعن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يدخل الجنة خبٌّ ولا بخيل ولا سيئ الملكة» أخرجه الترمذي وفرقه حديثين وفي إسناده ضعف وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من تسمع حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنِك يوم القيامة» يعني الرصاص.

الآنُك الآنُك بضم النون.

سم رعاك الله.

من تسمع..

الآنُك الآنُك.

أحسن الله إليك.

بضم النون.

أحسن الله إليك.

«من تسمع حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنُك يوم القيامة» يعني الرصاص أخرجه البخاري وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس» أخرجه البزار بإسناد حسن وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من تعاظم في نفسه واختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان» أخرجه الحاكم ورجاله ثقات وعن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «العجلة من الشيطان» أخرجه الترمذي وقال حسن وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الشؤم سوء الخلق» أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن اللعانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة» أخرجه مسلم وعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله» أخرجه الترمذي وحسنه وسنده منقطع وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له» أخرجه الثلاثة وإسناده قوي وعن أنس وعن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «كفارة من اغتبته أن تستغفر له» رواه الحارث بن أبي أسامة بإسناد ضعيف وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أبغض الرجال إلى الله الألد الخصِم» أخرجه مسلم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» متفق عليه هذا الحديث ورد على سبب وهو أن عبيد الله بن زياد كان عاملاً على البصرة في زمن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وفي زمن ولده يزيد جاء يعود معقل بن يسار أو عبد الله بن مغفل كما في بعض الروايات ولم وليس المقصود هذا ولا هذا إنما المقصود محض النصيحة الآن الأمير جاء يزور هذا الصحابي الجليل وطلب منه أن يعظه واستغل الفرصة فذكره بما يهمه ونظير ذلك لما مرض عبد الله بن عامر وكان على البصرة أيضًا جاء عبد الله بن عمر يعوده فطلب منه أن ينصحه ويرشده ويوجهه فإذا طُلب من الإنسان أن ينصح فليمحض النصيحة ولا يجامل فيها لتكون أنفع وأوقع في النفس لأن بعض الناس تطلب منه النصيحة من شخص عنده شيء من القصور الواضح فيقول المطلوب منه النصيحة مثلك يوجِّه ولا يوجَّه وينتهي الكلام على هذا ماذا قال عبد الله بن عمر لعبد الله بن عامر لما ذهب يعوده قال لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول وكنتَ على البصرة شرط قبول الصلاة الطهارة فالصلاة التي تؤدى بغير شرطها غير مقبولة باطلة وشرط الصدقة أن تكون من مال حلال «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا» ابن عمر لما نصح هذا الأمير قال ولا صدقة من غُلول وكنتَ على البصرة لأن الأمير في الغالب ليس عنده من يحاسبه من البشر فإن كان عنده شيء من التساهل فالأمر يسير عنده ولا شيء يمنعه فنصحه ابن عمر أن يتخلص من الحقوق وهذه أعظم نصيحة تقدَّم لمثل هذا الأمير ولا ندري هل بلغ ابن عمر شيء من سيرة هذا الرجل وتصرفه في أموال المسلمين أو لا، لكنها نصيحة نفيسة يحتاجها هذا الرجل وهو مريض ليتمكن من التخلص من حقوق الناس والناس ينظرون إلى بيت المال على أن أمره سهل ويختلفون في أيهما أشد؟ التساهل في أموال الناس الخاصة أو المال العام حتى إن بعضهم يفتي نفسه يقول إذا كان لبيت المال عليك أقساط لا تسدد يقول هذا أقل حقك من بيت المال هذا الكلام صحيح؟ هذا كلام باطل هذا الكلام باطل ابن عمر لما نصح ابن عامر قال وكنت على البصرة يعني أمير على البصرة ومعروف أن الأمير ليس عنده من يحاسبه وتأتي الأموال وليس هناك أمور مضبوطة للداخل والخارج محاسبات دقيقة ما هنا شيء فذكره بأن يتخلص من هذه الحقوق قبل أن يتمنى أن لو تخلص منها ثم لا يتمكن إذا فارقت الروح الجسد انتهى كل شيء ليس له أن يستعتب ولا أن يرجع ولا أن يعود ليصحح ما فرَّط فيه هذه نصيحة من ابن من ابن عمر إلى ابن عامر عله أن يكون استفاد منها لأنه ما نقل شيء على كل حال هذه نظيرها إلا أن المعود هو الصحابي والعائد هو الأمير لما دخل الأمير يعوده وهذه عادة جارية عند أهل العلم إلى زماننا بالنسبة للعلماء الناصحين المخلصين إذا دخل عليهم من يعودهم أو يزورهم استغلوا الفرصة لإبداء النصيحة التي ينتفع بها الشخص وينتفع به، ينتفع بها من وراءه بل قد يكون نفعها للأمة والأمة مازال فيها خير فيها علماء مخلصون ناصحون وإن كان الخَبث قد كثر والله المستعان لما دخل هذا الأمير على عبد الله بن مغفل أو معقل بن يسار على الخلاف في ذلك قال لما رآه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «ما من عبد يسترعيه الله رعية» وهذه نصيحة وأنت في زمن الإمكان «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» والحاديث أعم من أن يكون في الرعاية الكبرى والإمارة والإمامة وغير ذلك «كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته» فالأب إذا فرّط في تربية أولاده ومن تحت يده ومن تحت يده والمدرس إذا فرَّط في الأمانة التي عهدت عليه وقس على هذا كل من وكل إليه أمر إذا فرط صار غاشًا لرعيته وهل يشترط في ثبوت هذا الوعيد أن يقصد ذلك أو يقصر في ضده؟ هل من شرطه أن يقصد هذ الغِش أو يفرط في النصح؟ لأن الذي يقابل الغش النصح حتى سمعنا من يفتي بأن من يمكّن أولاده من النظر في هذه القنوات الإباحية التي تبث الشهوات والشبهات قال هذا غاش لرعيته وينطبق عليه الحديث والقائل ممن يعتد بقوله «يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته» غاش تحقق فيه الوصف الغش وإذا انتفى ضده ثبت هو يعني إذا غش هذا لا إشكال انطبق عليه منطوق الحديث وإذا لم ينصح والغش والنصح نقيضان إذا لم ينصح ارتفع النقيض ثبت ضده «وهو غاش» إذا لم يحوطه يحوطهم بنصحه وعنايته وقد تكون المسؤولية أعظم من القدرة فتكون التبعة حينئذٍ أعظم التبعة تكون أعظم والمسؤولية أكبر فرق بين من عنده ولد واحد ومن عنده عشرة وفرق من من من يتولى على عشرة ومن يتولى على ألف أو بلد أو قُطر أو إقليم لا بد من الإحساس بهذه المسؤولية لأن الله جل وعلا استرعاك على هذه الرعية فإذا لم تنصح لهم فأنت غاش لأن النصح والغش نقيضان إذا ارتفع أحدهما ثبت الآخر وإذا حصل الغش «يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» هذا وعيد شديد ولكلٍّ من المكلفين نصيبه منه نسأل الله العافية والتفريط حاصل على كافة المستويات الأب يفرط والأم تفرط والمعلم يفرط والقاضي يفرط والأمير كذلك نسأل الله العفو والتجاوز والصفح ما فيه أحد يقول أنا والله ما عندي ما عندي رعية ولا شيء فعلى الإنسان أن يهتم في هذا الأمر لئلا يقع في هذا الحديث المتفق عليه «إلا حرم الله عليه الجنة» إذا حرم الله عليه الجنة أين يذهب؟! فيه دار للجزاء ثالثة؟ فيه دار ثالثة للجزاء؟ إذا حرم الله عليه الجنة إذًا يكون مأواه النار نسأل الله السلامة والعافية ومعلوم أن مثل هذا من نصوص الوعيد التي لا يُجزم بمفادها لكل شخص بعينه وإنما تُمر كما جاءت ما يقال والله هذا غاش مفرط في نصيحة أولاده وحياطتهم وعنايتهم فهو في النار لا، هذا عموم والمسألة تحت المشيئة لكن على الإنسان أن يجهد ويجتهد للبراءة من العهدة ومن المسؤولية وقد يبذل كل ما يستطيع ويبرأ من العهدة والمسؤولية ولا يتحقق له الهدف الذي يريده لأن على الإنسان أن يبذل السبب والنتيجة بيد الله جل وعلا حرص حرص على صلاح أولاده وبناته وأزواجه وعلى تعليم طلابه حرص وبذل الجهد لكن ما أدرك النتائج بيد الله جل وعلا      ﮘﮙ القصص: ٥٦  فالوعيد شديد لأنه إذا حرم إذا حَرُمت أو حرّم الله عليه الجنة إذًا مأواه النار لأنه لا دار ثالثة للجزاء وإذا لم يتم النصح فالغش متحقق وإذا نصح ولم يحصل نتيجة من نصحه ارتفع عنه وصف الغش وبرأ من العهدة والله المستعان قال رحمه الله وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه» أخرجه مسلم «من ولي من أمر أمتي شيئًا» نكرة في سياق الشرط فتعم أي شيء أي شيء يحتاجه الناس وولي عليه، عليه أن يُسهل أمور الناس وييسر الأمور للمراجعين فإن شق عليهم فالوعيد عليه «فاشقق عليه» والجزاء من جنس العمل بعض الناس يشق على الناس باسم الاحتياط باسم الاحتياط يقول هذه حقوق العباد احتياط نعم تحتاط لكن ليس معنى هذا أن يصل الحد إلى أن تؤذي الناس أمناء على مستودعات تصدر أوامر الصرف ويردد هذا المسكين مرارًا وقد يكون قد تجشم المصاعب للوصول إليه ثم يرده ثانية وثالثة وعاشرة هذه مشقة ويدخل في هذا الوعيد نسأل الله السلامة والعافية مساكين لا يجدون ما يأكلون تؤمر لهم.. تصدر الأوامر لهم بالأطعمة وينفقون على هذا التردد أكثر من قيمة الأطعمة هذا شق على الناس ويندرج في هذا أمين مستودع لتوزيع الكتب على طلاب العلم ثم يردد هذا الشاب المضطر لهذا الكتاب أو لهذه الكتب حتى يمل وييأس وفي النهاية تحمل هذه الكتب لترمى في البراري والقفار لأن الأرضة أكلتها «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه» موظف المواعيد في أي دائرة من الدوائر يترددون عليه الناس والله انتهى الدوام باقي وقت يا أخي يقول انتهى الدوام تجي يوم السبت الآن انتهى يوم الأربعاء وتجي يوم السبت ثلاثة أيام في ذمة من؟ نسأل الله السلامة والعافية وكثير من الناس يعانون من أمثال هؤلاء ويوجد في الأمة خير كثير ولله الحمد يوجد من يعين ويسهل وييسر لكن لا يعني هذا أن التيسير يصل إلى حد التضييع لا يصل الحد إلى أن تضيع الأمانة باسم التيسير وطلاب العلم الذين يترددون على الحراج يجدون الكتب الموزعة ترد على هذا الحراج أعطيت أناس ليسوا أكفاء وحرم منها الأكفاء وقل مثل قل مثل هذا في كثير من الأمور ييسر على هذا ويشق على هذا أو تكون النهاية أن ترمى في البراري فليحذر الذي يولى ويمكن من هذه الأعمال في أي مرفق من المرافق التي يحتاجها الناس أن يشق عليهم لئلا يشق الله عليه وأي مشقة أعظم من المشقة حينما يقوم الناس لرب العالمين فعلى الإنسان أن ييسر ويسهل وليس معنى هذا أن نتنازل عما أوجبه الله أو نسهل ارتكاب ما حرمه الله تذرعًا بمثل هذا الحديث فالحلال حلال والحرام حرام والواجب واجب والمكروه مكروه هذه أمور مقررة بأدلتها الشرعية لا يقول قائل لشخص وجبت عليه كفارة لا شيء عليك من باب التيسير هذا تضييع ما هو بتيسير هذا؛ لأن بعض الناس يدخل للتساهل من أوسع أبوابه ويستدل بمثل هذا الحديث «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه» وتمام الحديث «ومن ولي منهم شيئًا فرفق بهم فارفق به» الرفق مطلوب والمشقة مرفوضة شرعًا لأنها لا تطلب لذاتها لكن إن جاءت تبعًا لمطلوب صارت مطلوبة لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب والوسائل لها أحكام الغايات والله الحج مشقة عظيمة والمشقة غير مطلوبة في الشرع نقول إذا كانت لذاتها فهي غير مطلوبة إنسان يحج حافي نقول الله جل وعلا عن تعذيب نفسك غني لكن تحج مثل ما يحج الناس ولو نالتك مشقة    ﭚﭛ النحل: ٧  فالمشقة موجودة والكلام في مثل هذا يطول ويتناول أبواب كثيرة جدًا وتصرفات كثيرة جدًا يتذرع بها كثير من الناس يريدون أن يتنصلوا من المسؤوليات باسم المشقة وباسم التسهيل والتيسير يؤتمن على مستودع مُرصد فيه ما يكفي السنة الكاملة ثم إذا نظر إليه بعد شهر إذا ما فيه شيء ويستدل بهذا الحديث نقول هذا الكلام ليس بصحيح هذا تضييع فالأمور تقدر بقدرها فلا إفراط ولا تفريط لا تعطي الإنسان أكثر من حاجته ولا تبخسه حقه والله المستعان وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه» قاتل وفي رواية «إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه» وفي رواية «فلا يلطمن الوجه» لأن الوجه مجمع المحاسن وفيه من الحواس أكثر مما في غيره وهو أسرع تأثرًا من غيره يتأثر بالخدش يتأثر بالضرب وقد يبقى الأثر إلى أن يموت الشخص وقد نهينا عن ضرب الصورة كما جاء في بعض الأحاديث والمراد بها الوجه وعلى هذا تنطبق نصوص منع التصوير على تصوير الوجه لأنه جاء النهي عن عن ضرب الصورة والصورة هي الوجه إذًا تصوير الوجه كافٍ في دخوله في الوعيد اللطم مع الوجه ولو كان من الوالد لولده والزوج لزوجته أو المعلم لطالبه كل هذا ممنوع لأن النهي «فليجتنب الوجه» وجاء في بعض الروايات «فليجتنب الوجه» أو «فلا يلطمن الوجه فإن الله خلق آدم على صورته» في الحديث المشهور هذا الوجه هو أشرف في الإنسان أشرف ما في الإنسان ومنطقة مشتملة على الحواس سريعة التأثر وكم من شخص تأثر بصره بسبب ضربة أو تأثر سمعه بسبب مثلها وقد يتأثر صوته أو يتشوه وجهه بينما غير الوجه من بقية البدن أقل تأثر وإذا تأثر بعضها فهو مستور عن رؤية الناس فعلى الإنسان أن يجتنبه سواء كان في الأدب أو في الحدود والتعزيرات وكثيرًا ما تحمل الإنسان الغيرة في وقت غضب سواء كانت منه أو عليه أن يضربه في الوجه وهو لا يشعر المسلم عليه أن يتقيد بنصوص الشرع جاء الولد حصل على درجة رديئة في الامتحان بعض الآباء يضرب مع أي مكان كان أول ما يبدأ بالوجه على شان إيش؟ أنت منهي عن ضرب الوجه إن كان عندك إن رأيت أن هذا يقتضي شيء من الأدب فالأدب لا بد أن يكون بعقل ما يكون بعاطفة بعض الناس تحمله الغيرة على أن يضرب هذا لأنه ارتكب محظورًا أو لأنه قصَّر في واجب ولا يتمكن من النظر بعقله في مثل هذه النصوص فيقع في المحظور وهذا موجود كثير من الناس أول ما يبدأ بالكف يسمونه كف على الوجه فهذا الحديث «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه» قاتل يعني مفاعلة من اثنين وفي الغالب أن الإنسان إذا اعتُدي عليه قد يفقد شيء من من عقله فلا يتصرف على مقتضى العقل فيقع في المحظور ولذلك جاء بصيغة المفاعلة «إذا قاتل» وهذا أشد لأنه إذا جاء من طرف واحد فإن الإنسان قد يفكر في الموضوع أكثر مما لو قوتل لئلا يدخل الغضب في مثل هذا ولذا قال رحمه الله وعنه رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله أوصني قال «لا تغضب» فردد مرارًا قال «لا تغضب» يا رسول الله أوصني وصية من الناصح الأمين الذي لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه أوصني قال «لا تغضب» هذا الكلام اليسير لم يقتنع به طالب الوصية رد عليه يا رسول الله أوصني قال «لا تغضب» قال يا رسول الله أوصني قال «لا تغضب» يردد عليه والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول «لا تغضب» ولعل هذا الشخص ممن عرف بالغضب فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يجيب السائلين على ما تقتضيه أحوالهم على ما تقتضيه أحوالهم فإذا كان هذا الشخص ممن يغضب يركَّز على الغضب إن كان قد عرف بشح يركَّز على هذه النقطة نقطة الضعف عنده وهكذا ولذلك لما ردد عليه مرارًا قال له «لا تغضب» وهي نصيحة من ناصح مشفق رؤوف رحيم بأمته -عليه الصلاة والسلام- بعث رحمة للعالمين ومع ذلك قال «لا تغضب» كم من الآثار والنتائج السيئة نتجت عن الغضب؟ تحصل جريمة القتل بسبب غضب على شيء تافه إلى القتل وقد يقول الإنسان في حال غضبه كلمة يخرج بها من دينه نسأل الله السلامة والعافية وقد يقتل وقد يضرب يعتدي في حال غضبه وهو لا يشعر ولذا لما كرر هذا السائل طلب النصيحة قال له «لا تغضب» لأهمية هذا الأمر ولمسيس الحاجة إليه لأن الإنسان إذا غضب والناس يتفاوتون في غضبهم منهم من يرتفع عنه العقل حتى يصنَّف مع المجانين ويستغله الشيطان استغلالاً سيئًا ويورده بسبب هذا الغضب المهالك يحمر وجهه وترتعد أطرافه ولو كان بيده أي آلة لاستعملها ولا يسلم أو لا تسلم قضية قتل من غضب لا تنفك قضية قتل من غضب يعني قتل غير مشروع فالغضب شأنه عظيم وقد يقول الإنسان الكلمة يفقد بها دينه ودنياه توبق دنياه وأخراه نسأل الله العافية وقد نهي عن القضاء وهو غضبان لأن الغضب يغطي شيئًا من عقله فلا يستطيع النظر الدقيق في القضايا لا يقضي القاضي وهو غضبان قد يطلق وهو غضبان والناس يختلفون في حكم طلاق الغضبان فمنهم من يعتبره يعتبره واقع باعتبار أن المقدمة في سببه كطلاق السكران ومنهم من يقول لا لا يقع وجاء ما يدل عليه لكن ينبغي أن يُفرق بين الغضب الشديد التي.. الذي يصل به الأمر إلى أن يغطي على عقله فلا يفقه شيئًا ولا يعقل مثل هذا لا يقع طلاقه والغضب مراحل ومراتب وسُئل بعض أهل العلم سأله شخص مطلِّق وقال أنه طلق وهو غضبان قال ما سبب الغضب؟ قال قلت للزوجة أحضري الشاي فتأخرت خمس دقائق فطلقتها قال طلاقك يقع طلاقك يقع لأن مثل هذا السبب لا يثير غضبًا يغطي العقل وسئل المسؤول الأول سأله شخص وقال طلقت وأنا غضبان قال ما السبب قال دخلت البيت فإذا بها واقفة في الباب تقول أوصلني إلى مكان كذا وأنا جاي من الدوام تعبان نتغدى ونصلي العصر وأوديتس فشتمتني قالت لعنك الله ولعن والديك فطلقتها قال طلاقك غير واقع لأن مثل هذا السبب من الحجم بحيث يغطي على العقل فلا يتصرف الإنسان حسب مقتضى العقل مع أنه ينبغي أن ينظر إلى المسألة من جهة أخرى فيُسأل عن هذا الشخص ويسأل عن هذا الشخص يسأل من يعرفه لأن بعض الناس تستثيره أدنى الأشياء وبعض الناس لا يستثيره الأشياء الكبيرة أكبر بكثير مما يستثير غيره فتغطية العقل وقوة الغضب وضعف الغضب يختلف باختلاف الأشخاص وهذا شيء ملاحظ فعلى الإنسان أن يهتم بهذه النصيحة النبوية منه -عليه الصلاة والسلام- يقول قال ابن التين جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله «لا تغضب» خيري الدنيا والآخرة خيري الدنيا والآخرة لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق ويؤول إلى أن يؤذي الذي غضب عليه بما لا يجوز فيكون نقصًا في دينه لا شك أن أمر الدنيا واضح لكن كيف الغضبان يؤول النقص يؤول إلى نقص الدين مثل ما ذكر ابن التين قد يقول بعض الناس هذه غريزة لا أستطيع أن أتحكم فيها الله جل وعلا جبل زيد على حسن الخلق والرفق والأناة وجبل عمرو على ضدها فكيف يطلب منه أن لا يغضب وقد جُبل على الغضب؟! يقال جميع الغرائز منها الجبلي ومنها المكتسب العلم بالتعلم الحلم بالتحلم الكسب بالتكسب الفقه بالتفقه وهكذا ابذل سبب من من عندك فتوهب ما وراءه إذا الإنسان مرَّن نفسه على عدم الغضب مرّن نفسه على الحلم فإنه سوف يصل إلى درجة مناسبة من الحلم وإن لم يرتفع عنه الأمر بالكلية كحال من جبل على الرفق والأناة لكن إذا بذل الأسباب وصدق في بذلها واجتهد لا شك أنه يستفيد فائدة كبيرة حتى يصل به الأمر إلى أن يساوي من جُبل على ذلك قال رحمه الله وعن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» أخرجه البخاري «يتخوضون» يعني يتصرفون ويتوسعون فيها وسواء كانت هذه الأموال حصلت بسبب الجد والكد أو بسبب السؤال والكسل فمن اجتمع عنده مال لا يجوز له أن يصرفه في غير مصارفه وإذا كان السبب هو السؤال لا يجوز له أن يتوسع فيه فيأخذ أكثر من حاجته فيتوسع في الصرف ويتخوض في مال الله الذي هو في الأصل لا يستحقه وإن كان هذا المال اجتمع لدى الشخص بسبب كسبه وكده فإنه لا يجوز له حينئذ أن ينفقه فيما لا ينفع في غير المصارف الشرعية فإنه مسؤول عنه يوم القيامة والمال مال الله ﭿ ﮁﮂ النور: ٣٣  ولن تزول قدما عبد حتى يُسأل وعن ماله فيما اكتسبه وفيما أنفقه لا بد أن يعرف الإنسان المورد والمصدر وأن يكون على حذر من أن يرد إليه مال من غير وجهه الشرعي أو ينفق نفقة لا يعرف كيف يتصرف فيها فضلاً عن أن ينفق محرم أن ينفق في شيء محرم حرمته بيّنة واضحة فلا ينفق إلا في الحلال ولا ينفق إلا فيما يقربه إلى الله جل وعلا فلا يتخوض في مال الله بغير حق نعم هذه الأمور نسبية وفيها كما يقال نسبة وتناسب يغتفر لزيد أن ينفق أكثر مما ينفق عمرو والناس منازل ونفقة الرجل على نفسه وعلى أهله تتفاوت بحسب موقعه الاجتماعي فالذي يملك المليون يطالب بأكثر مما يملك مائة ألف والذي عنده مائة ألف يطالب بأكثر ممن عنده عشرة آلاف وهذا يطالب بالنفقة على أهله ورقيقه ودوابه بأكثر ممن لا.. لا شيء عنده ولذلك في نفقة الزوجات والأقارب تحدد تبعًا لحال الإنسان لحال الإنسان والناس يتفاوتون لا يكلف الإنسان أكثر مما يطيق فعلى الإنسان أن يتوسط في أموره كلها   الإسراء: ٢٩  فتبخل بما أوجب الله عليك   الإسراء: ٢٩   الناس يلومونك إذا كنت شحيحًا تجمع الأموال الطائلة وتدخر والأرصدة في البنوك ومع ذلك من رآك أشفق عليك ووضع في يدك الشيء اليسير من المال وقد تفرح به ووجد من هذا النوع نسأل الله السلامة والعافية يلومك الناس أنت حديث الناس في مجالسهم الملايين والأرصدة في البنوك وتتمنى من يحضر لك رغيف الخبز وهذا موجود نسأل الله السلامة والعافية هذا ملوم ومحسور أيضًا يتحسر في حياته الذي يتمنى أدنى شيء والمستفيد من أمواله البنوك نسأل الله العافية وهناك قصص لا يناسب ذكرها كثيرة تدمى لها القلوب وتدمع لها العيون أناس يتكففون من من من نساء وذراري يمن عليهم من يعطيهم الشيء اليسير والأموال في البنوك يعني أسرة فيها أطفال يذهبون إلى المدارس بقوارير زجاجية ملونة ما تصير بيضاء معبأة بالماء وأبوهم تستفيد البنوك منه ويستفيد منها هذا إذا قلنا أنها فائدة نسأل الله العافية الأرصدة في أكثر من بنك لأن أمثال هؤلاء يشفقون على أموالهم فلا يدعونها في بنك واحد خشية أن يفلس هذا البنك ومع ذلك يذهب الأولاد في قوارير زجاجية ملونة معبأة بماء من أجل أن لا يطلع الأقران من الأطفال على ما فيها هذا ملوم والا غير ملوم محسور والا غير محسور؟ كذلك الذي ينفق من غير خطام ولا زمام تجتمع له الأموال بالإرث أو بغيره ثم في النهاية لا يلبث أن يعود فقيرًا يتكفف الناس يلومه الناس على هذا التبذير ويلومونه وهو ملوم في الدنيا والآخرة آتٍ بما يلام عليه لأنه فرّط وفي النهاية يتحسر على هذه الأموال التي أضاعها هذا إذا أضاعها في حلال فكيف إذا ضيعها في حرام؟ نسأل الله السلامة والعافية يوجد من ينفق الأموال على شيء لا قيمة له تافه بالملايين يصرف وإذا قيل له الزكاة اثنين ونصف بالمائة قال والله مشكلة حنا نتعب ليل نهار وفي النهاية تؤخذ منا شبيه بمن قال بسلفه السابق ما هي إلا جزية أو أخت الجزية نسأل الله السلامة والعافية وإن كان سياق هذا اللفظ في حديث ضعيف لكن يبقى أن من الناس من يقولها لا نسوق هذا الكلام على أنه حديث لكن لن يعدم من من يقول إذا قيل له هات الزكاة قال جزية قال رحمه الله وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل مثل هذا يعرف عند أهل العلم بالحديث القدسي بالحديث القدسي النبي -عليه الصلاة والسلام- يروي عن ربه، فيما يرويه عن ربه وأحيانًا يقول قال الله عز وجل هذا الحديث «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» حديث عظيم بل عظيم جدًا قدره معلوم عند أهل العلم عند كبارهم كثير منهم إذا قرأ هذا الحديث جثا على ركبتيه الحديث القدسي الذي يضيفه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ربه هو مشبه من وجه للحديث النبوي وإضافته إلى الله جل وعلا كالقرآن لكنه يختلف عن القرآن باعتبار أن القرآن ثابت بلفظه من الله جل وعلا ومعناه أما هذا فالمعنى من الله جل وعلا واللفظ نبوي والقرآن لا يجوز التغيير فيها لا زيادة ولا نقصان ولا تغيير لفظ ولا شيء يؤدى كما سُمع والحديث القدسي حكمه حكم الحديث النبوي يُروى بالمعنى ولذلكم هذا الحديث وغيره من الأحاديث القدسية يخرجها البخاري على لفظ ومسلم على لفظ وغيرهما يخرجه على لفظ وفي الأحاديث القدسية مصنفات على كل حال هذا الحديث من هذه الأحاديث القدسية أو الإلهية كما سماها بعضهم نسبتها إلى الله جل وعلا الحديث طويل لكن المؤلف رحمة الله عليه اقتصر منه على ما يريد لأن الموضوع الترهيب من مساوئ الأخلاق الترهيب من مساوئ الأخلاق والظلم من أعظم المساوئ الظلم بجميع أنواعه وصوره الشرك أعظم أنواع الظلم   لقمان: ١٣  ما دونه من المعاصي من القتل والزنا نسأل الله السلامة والعافية وغيرهما من الفواحش ظلم، القاصر منها ظلم للإنسان أو ظلم الإنسان على نفسه على نفسه والمتعدي على نفسه وعلى غيره «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي» التحريم في الأصل المنع الله جل وعلا منع نفسه من الظلم وإلا فلا أحد يوجب أو يحرم على الله جل وعلا شيء إنما من كرمه وعطفه ورحمته ورأفته حرم الظلم على نفسه ﭻﭼ النساء: ٤٠   الكهف: ٤٩   فصلت: ٤٦  فالظلم ينزه الرب جل وعلا نزه الله جل وعلا نفسه عنه بجميع صوره وأشكاله بل لا يتصور في حقه جل وعلا لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه وتصرف الإنسان أو المتصرف في غير ملكه وجميع ما في السموات والأرض ملك لله جل وعلا فهو يتصرف في ملكه كيف شاء فالظلم لا يتصور أصلاً حتى قال بعضهم باستحالته ونسمع ونقرأ من بعض الكتبة نسأل الله السلامة والعافية الذين يكتبون في مثل هذا ويقولون أي معنىً لطفل يخلق مشوها ثم يموت فورًا؟! أي معنى لشخص يولد معوقًا مشوهًا ويستمر عالة على نفسه وعلى أهله؟! أي معنى؟! هذا كلام أهل الزيغ نسأل الله السلامة والعافية «إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم» كم من الحِكَم والمصالح في الدنيا والآخرة على وجود أمثال هؤلاء في مجتمعات المسلمين حِكَم عظيمة لا يدركها الإنسان أبدى ابن القيم شيئًا منها وهؤلاء يقولون ظلم أن يولد الشخص معوق ثم يموت ثم ماذا؟ ويدرس على مستوى المجامع أن أمثال هؤلاء يقضى عليهم قبل أن يخرجوا إذا أثبتت التحاليل أن هذا الطفل سوف يولد مشوّه فإنه من المصلحة ألا يتمم حمله وهذا إن كانت قد نفخت فيه الروح فهذا محل إجماع أنه لا يجوز إجهاضه وإذا لم تنفخ فيه الروح والمدة قبل الأربعين محل خلاف بين أفراد هذه المجالس وقبل الأربعين عند أهل العلم يجوز بدواء مباح لكن بحث مثل هذه القضايا مع ما أبداه أهل العلم وما جاء في النصوص من الحكم والمصالح العظيمة المترتبة عليهم له ولذويه ولكل من يمد يد العون له ومن يعتبر بحاله هذه مصالح عظيمة تبحث بعض المسائل مجردة مجردة يعني من غير نظر دقيق فاحص في النصوص وفي الآثار المترتبة على هذا «إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا» الظلم محرم بالإجماع محرم بالاتفاق لا يختلف أهل العلم في تحريمه بجميع صوره وأشكاله مادام داخل في مسمى الظلم «إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» طيب «جعلته بينكم محرمًا» نحتاج إلى قوله «فلا تظالموا»؟ التحريم يقتضي المنع والنهي في قوله «فلا تظالموا‏» يقتضي المنع فجاء قوله «فلا تظالموا» تأكيد للنهي المستمَد من لفظ التحريم «جعلته بينكم محرمًا» يعني فلا يجوز لكم أن تتظالموا وجاء النهي مؤكِّد بلفظه «فلا» بلا الناهية وأردف هذا النهي الصريح التعبير بلفظ التحريم وهما بمعنى واحد يعني رددنا مرارًا أن قول الصحابي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثابة لا تفعلوا أو لا تفعل مثله وهنا التحريم يقتضي ألا تفعل ألا تتظالموا ثم أردف بقوله «فلا تظالموا» من باب التأكيد وجاء في التنزيل طه: ١١١  خاب وخسر والخيبة أعم من أن تكون في الدنيا أو في الآخرة والظالم نادم ولو بعد حين والمظلوم لا بد أن ينتصر ولو بعد حين لا بد أن يُنصَر فعلى الإنسان أن يبرأ من عهدة المظالم في وقت الإمكان قبل ألا يكون درهم ولا دينار ولا بدن يقتص منه فعليه أن يبرأ من هذه المظالم قبل أن يفوت الأوان فيؤدي المظالم إلى أربابها إن استطاع وإلا فليتحلل منها في وقت الإمكان وجاء في الحديث الصحيح «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا» يعني يتصور نصر المظلوم فكيف يتصور نصر الظالم؟ يتصور بمنعه من الظلم بمنعه من الظلم وإذا حلت بينه وبين ظلمه فقد نصرته على نفسه وشيطانه وهواه وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «أتدرون ما الغيبة؟» الغيبة جاء النهي عنها والتحذير منها في الكتاب والسنة وجاء تشبيهها بأسلوب منفر الحجرات: ١٢  في أحد يحب هذا؟! ولا حي فضلاً عن أن يكون ميتًا ومع ذلك يقع الناس في الغيبة ويتساهلون فيها رغم ما جاء فيها من نصوص الكتاب والسنة طيب ما هي الغيبة ما الغيبة التي جاء التحذير منها قال «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا الله ورسوله أعلم حينما يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يجيب الصحابة بشيء لا يريده النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذه المناسبة وقد يسأل عن شيء ظاهر جدًا فيتوقف الصحابة «أي يوم هذا؟» «أي شهر هذا؟» يعرفون اليوم ويعرفون الشهر ويعرفون المكان قلنا الله أعلم الله ورسوله أعلم لأن السؤال عن الأمور الواضحة ما يتوقع المجيب أن هذا هو المطلوب لأن هذا ما يمكن أن يسأل عنه فأجابه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالواقع يسأل أحيانًا فيجيبون بالواقع «أتدرون من المفلس؟» المفلس من لا درهم له ولا متاع فيقول «لا» هل لأن الجواب خطأ؟ لا، لأن المراد للتنبيه عليه ما هو أهم وأعظم من هذا «المفلس من يأتي بأعمال صالحة» وفي بعض الروايات «أمثال الجبال» من زكاة وصيام وحج وصلاة وجهاد وغير ذلك من أبواب الخير ثم يأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا فهذا يأخذ من حسناته وهذا من حسناته وهذا وهذا.. إلى آخره فإن انتهى ما عليه وإلا أخذ من سيئاتهم وألقيت عليه فطرح ألقي في النار نسأل الله العافية فأحيانًا يجيبون بجواب صحيح لكنه غير المطلوب وإلا الجواب بكونه من لا درهم له ولا متاع صحيح من وجد ماله عند رجل قد أفلس هل يقال أن هذا الرجل الذي أفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال؟ لا، هذه حقيقة شرعية وهذه حقيقة شرعية لكن المطلوب في هذا الظرف غير المطلوب في غيره «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا الله ورسوله أعلم هذا في حياته -عليه الصلاة والسلام- لأنه يعلم بتعليم الله جل وعلا له هذا إذا قلنا أنه ليس له أن يجتهد وإذا قلنا أن له أن يجتهد فأدوات الاجتهاد التي تجعلهم يقولون الله ورسوله أعلم متوافرة -عليه الصلاة والسلام- هذا في حياته أما بعد وفاته فلا نجد من يقول ممن يعتد بقوله الله ورسوله أعلم وإنما يكلون العلم إلى الله جل وعلا الله أعلم الله ورسوله أعلم قال «ذكرك أخاك بما يكره ذكرك أخاك بما يكره» طيب في حضوره أو غيبته يعني مقتضى لفظ الغيبة أنه في غيبته لكن مقتضى الجواب أنه ولو كان ولو كان بحضوره «ذكرك أخاك بما يكره» سواء كان في غيبته أو في حضوره هذا مقتضى الجواب لكن مقتضى اللفظ لغة أنه لا يتناول الحاضر ولو ذكر بما يكره فهل نقدم ما جاء من عموم في الجواب أو نقدم ما نفهمه من اللفظ ولا شك أن ذكرك أخاك بما يكره بحضوره لا يجوز لأن هذا يغيظه ويسوؤه لكن هل نسميه غِيبة لغوية أو شرعية أو عرفية؟ هذا ليس بغيبة لغوية لأنه حاضر كونها شرعية قد يندرج تحت الجواب ولا شك أن ذكرك أخاك في غيبته أمره عظيم وشديد وذكرك أخاك بما يكره في حضوره شديد أيضًا لكن أيهما أشد؟ الغيبة لأنه إذا كان حاضر يستطيع أن يدرأ عن نفسه لكن بعض الناس يقول لا، إذا صرت غايب فاصنع ما شئت لكن المشكلة إذا صرت حاضر لأن مواجهة الإنسان بما يكره كثير من الناس لا يطيقها وقد لا يستطيع الدفاع عن نفسه يقول أهم شيء بس ما توجهني بشيء أكره ولا مني غبت الله حسيبك فبعض الناس عنده هذا أشد وبعض الناس عنده هذا أشد وكلاهما قبيح وكلاهما مُحرم لكن يبقى أن الغيبة من لفظها يعني لفظ السؤال هل يقيَّد به الجواب؟ فكأنه مذكور في الجواب؟ لا شك أن السؤال عند أهل العلم كالمعاد في الجواب السؤال عند أهل العلم كالمعاد في الجواب كأنه قال الغيبة ذكرك أخاك بما يكره والمراد في غيبته لأن الغيبة ما تكون في الحضور وهذا الذي درج عليه أكثر أهل العلم ويبقى أن ذكرك أخاك بما يكره في حضوره لا شك أنه يسوؤه ويأتي المنع من هذه الحيثية قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول أفرأيت إن كان في أخي ما أقول يعني أخبرني إن كان في أخي ما أقول قال «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته» أولاً إذا كان يكره الذم والشين والعيب هذا ما فيه إشكال دخوله في هذا في هذا الحديث لكن المدح وبيان المحاسن إذا كان يكره ذلك هل يدخل في في الغيبة؟ «ذكرك أخاك بما يكره» زيد من الناس عرفنا أنه يكره المدح هل يكون من الغيبة أو لا؟

طالب: ...........

تمدح ويقول لا، لا يمدحني أحد ما يرضى أن يُمدح ويكره أن يُمدح فهل ذكرك أخاك بما يكره من المدح يدخل في حد الغيبة أو لا؟ يعني مقتضى اللفظ نعم، لكن إذا نظرنا إلى المعنى الذي من أجله حُرمت الغيبة ما يدخل ما يدخل «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن» فالأمر أشد وأدهى «فقد بهته» والبهتان شأنه عظيم والغيبة نسأل السلامة والعافية فاكهة عند كثير من الناس في مجالسهم وقد لا يتورع عنها بعض الخاصة فضلاً عن العامة وأعراض المسلمين كما يقول ابن دقيق العيد حفرة من حفر الناس أعراض المسلمين حفرة من حفر النار يقول وقف على شفيرها العلماء والحكام وقف على شفيرها العلماء والحكام وهنا احتمالان الأول أنهم يقفون على شفيرها لكثرة كلام الناس فيهم فهم يدفعون الناس فيها هؤلاء الذين يتكلمون في أعراضهم والاحتمال الثاني أنهم على شفيرها قريبون منها جدًا لكثرة احتياجهم إلى الكلام في الناس العلماء يتكلمون في الرواة وفي غيرهم وفي الشهود يطعنون في الرواة وفي الشهود فهو على شفير هذه الحفرة لأن طعنه قد يكون غير محرر وقد يزيد في هذا الطعن فهو على خطر الحكام يحتاجون إلى الكلام في الناس يحتاجون إلى الكلام في الناس ويسألون عنهم ويجيبون لأنهم بصدد أن يتعاملوا معهم فيما تقتضيه مصلحة الحكم ما رأيكم بفلان أو يطرح عليه اسم فلان ليعيّن في موقع من المواقع ثم يقول فلان فيه كذا وفيه كذا نعم إذا اقتضت المصلحة الراجحة هذا ما فيه إشكال وأجاز العلماء الكذب في مواضع بل أوجبوه في بعض المواضع جرح الرواة هذا واجب عند أهل العلم ولا يمكن أن يتم معرفة الحديث صحيحه وضعيفه إلا بهذا الأمر فهذا من النصح للأمة وهو واجب على علماء الأمة لكن ما عدا ذلك زيد طويل عمرو قصير هذا أسود هذا أبيض هذا كذا هذا كذا، هذا وبال على صاحبه، في الاستشارات يستشار زيد لا بد أن يمحض النصيحة استشارك شخص عن عن عن شاب تقدم لخطبة ابنته وتعرف عنه أشياء نقول والله ما نقدر نقول شيء هذي غيبة هذا لا يدخل في الغيبة رجل يستفتي إن أبا سفيان رجل شحيح هذا ذكره بما يكره لكن الحاجة الداعية إلى مثل هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سألته فاطمة بنت قيس قالت خطبني فلان وفلان وفلان قال معاوية صعلوك لا مال له ثم في النهاية أعظم ملك عرفته الدنيا لأن الأمور بيد الله جل وعلا فلا يطغى غني ولا ييأس فقير صعلوك لا مال له في وقت الخطبة نعم ما له مال هذا ذكره بما يكره لكن هذه النصيحة تقتضيه وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وفي رواية ضراب للنساء هذه نصيحة لهذه المرأة التي جاءت تستنصح في القضاء لا بد أن يبيَّن المقصود أن مثل هذه الأمور لا تدخل في المنع بعضهم يرى أن الفاسق لا غيبة له الفاسق لا غيبة له لاسيما المجاهر المعلن يرى بعضهم هذا لا يدخل في الغيبة لكن قوله «ذكرك أخاك» الفاسق ما هو بأخ؟ بلى أخ، لأنه في دائرة الإسلام الأخوة الإسلامية موجودة لكن الذي لا يدخل الكافر الكافر لا يدخل لأن الحد «ذكرك أخاك» والكافر ليس بأخ أما الفاسق فهو أخ طيب قالوا في حكم جرح الرواة من عُرف بالتساهل من عرف بالتساهل في الفتوى هذا لا لا مانع من أن يذكر بما يسوؤه من هذا التساهل تحذيرًا من فتاويه أو فتاواه وهو الذي تسبب إلى نفسه ومثل هذا النوع منصوص عليه في كتب أهل العلم شريطة ألا يكون الدافع التفكه بعرضه إنما يكون التحذير من بعض تساهله وشواذه بقدر الحاجة بقدر الحاجة العيوب التي توجد في بعض الناس كالأعرج والأعمى والأعمش والأعشى هذا موجود كثير في كتب أهل العلم في الرواة وغيرهم إذا كان لا يكره وهذا موجود في كثير من أرباب هذه الألقاب هذا مفروغ منه وإذا كان لا يُعرف إلا بهذا اللقب هذا أيضًا يتجاوز عنه على أن يكون الداعي لذلك هو التعريف فقط لا يراد بذلك شينه ولا عيبه فإذا كان المراد بذلك التعريف ولا يعرف إلا بهذا فيذكر بهذا اللقب.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

"