شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (35)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وَالسَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ
غَيْرِ مُمَيِزٍ وَذَا الأَخِيْرُ
وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافِرٍ نَقْلًا، بَلَى
وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضًَا نَقـْلاَ
وَ(لِلْخَطِيْبِ) لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ
مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ، وَلَعَلْ
وَيَنْبَغِي الْبِنَا عَلى مَا ذَكَرُوْا
وَالثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ
وبعضُ عَصْرِيِّ عِيَاضٍ بَذَلَهْ
وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ
(الدَّارَ قُطْنِيُّ) وَسِواهُ أو حَذَفْ
وَالتَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا أُجِيْزَا
وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ
أبو نُعَيْمٍ، وَكَذَا ابْنُ عُقْدَهْ
وَالَى ثَلاَثًَا بإِجَازَةٍ وَقَدْ
وَيَنْبَغِي تَأَمُّلُ الإجازه
بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ

 

لِلأَخْذِ عَنْهُ كَافِرٍ أو طِفْلِ
رَأَى (أبو الطَّيِّبِ) وَالْجُمْهُوْرُ
بِحَضْرَةِ (الْمِزِّيِّ) تَتْرَا فُعِلا
وَهْوَ مِنَ الْمَعْدُوْمِ أولَى فِعْلاَ
قُلْتُ: رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ
مَا اصَّفَّحَ الأَسماءَ فِيْهَا إِذْ فَعَلْ
هَلْ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؟ وَهَذَا أَظْهَرُ
الشَّيْخُ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ
وَ(ابْنُ مُغِيْثٍ) لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ
أو سَيَصِحُّ، فَصَحِيْحٌ عَمِلَهْ
يَصِحُّ جَازَ الكُلُّ حَيْثُمَا عَرَفْ
لِشَيْخِهِ، فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا
عَلَيْهِ قَدْ جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ
وَالدَّار َقُطْنِيُّ وَنَصْرٌ بَعْدَهْ
رَأَيْتُ مَنْ وَالَى بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ
فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ أَجَاْزَهْ
مَا صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ

لَفْظُ الإِجَازَةِ وَشَرْطُهَا

أَجَزْتُهُ (ابْنُ فَارِسٍ) قَدْ نَقَلَهْ
وَإِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الإِجَازَهْ
طَالِبَ عِلْمٍ (وَالْوَلِيْدُ) ذَا ذَكَرْ
أَنَّ الصَّحِيْحَ أَنَّهَا لاَ تُقْبَلُ
وَالْلَفْظُ إِنْ تُجِزْ بِكَتْبٍ أَحْسَنُ

 

وَإِنَّمَا الْمَعْرُوْفُ قَدْ أَجَزْتُ لَهْ
مِنْ عَالِمٍ بِهِ، وَمَنْ أَجَازَهْ
عَنْ (مَالِكٍ) شَرْطًا وَعَنْ (أبي عُمَرْ)
إِلاَّ لِمَاهِرٍ وَمَا لاَ يُشْكِلُ
أو دُوْنَ لَفْظٍ فَانْوِ وَهْوَ أَدْوَنُ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-:

وَالسَّاِبعُ الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ

 

لِلأَخْذِ عَنْهُ كَافِرٍ أو طِفْل
ج

النوع السابع من أنواع الإجازة: الإجازة لغير أهل وقت الإجازة، يعني وقت التحمل بالإجازة حال كون المجاز غير أهل، يعني مثل التحمل بالسماع والعرض، يتحمل الكافر، يتحمل الفاسق، يتحمل الصغير، وهذا تقدم متى يصح السماع؟ ومتى يصح التحمل؟ وذكروا الخمس، والخلاف قد تقدم ذكره، والشرط إنما هو حال الأداء، لا وقت التحمل، يعني تطبيق الشروط التي ذكرها أهل العلم في الراوي إنما هو حال الأداء، لا في حال التحمل؛ ولذا حديث جبير بن مطعم تحمله حال كفره، وتلقاه الأئمة، وخرجوه في كتبهم في الصحيح، في البخاري وغيره، وحال التحمل هو كافر، وأما بالنسبة لحال الأداء فلا يقبل إلا مع توافر الشروط، وإذا صح هذا في السماع، وفي العرض الذي هو القراءة على الشيخ فلئن يصح في الإجازة التي مبناها على التيسير والتساهل من باب أولى.

يقول: والسابع، النوع السابع من أنواع الإجازة، الإجازة لغير أهل حين الإجازة، يعني وقت التحمل للأخذ عنه بطريق الإجازة، بالطريق الثالث من طرق التحمل "كافر أو طفل" كافر أو فاسق أو مبتدع، أو أي شرط يختل به حاله، مما لا يقبل معه حال الأداء، أو طفل غير مميز، هناك اشترط التمييز، اشترطوا التمييز، لماذا؟ لأن مبنى السماع والعرض على الفهم لما يقال ولما يسمع ليضبطه، أما هنا لمجرد إثبات اسمه في الطباق؛ ليروي فيما بعد؛ لأن الكتب والأسانيد والأجايز كلها مدونة، فلا تحتاج إلى تمييز وقت الإجازة، هذا يقول: غير مميز تمييزًا يصح أن يكون معه أن يعد معه سامعًا، يعني هناك في السماع والعرض اشترطوا أن يكون المتحمل الآخذ مميزًا، وهنا لا يشترط التمييز؛ لأنه سوف يدون اسمه ضمن السامعين، ثم يؤدي بهذه الإجازة؛ لأنه إذا اختلف في الإجازة للعموم، واختلف في الإجازة للمعدوم تبعًا أو استقلالًا، فقبول الموجود وإن كان غير مميز أو مجنون من باب أولى، ثم إذا ميز أو عقل المجنون يروي بهذه الإجازة، فإذا كان بعض العلماء أجازوا بالإجازة العامة، ودخلوا في قول المجيز: أجزت من قال: لا إله إلا الله فلئن يدخلوا في مثل هذه الإجازة التي نص عليهم فيها من باب أولى.

غير مميز وذا الأخيرُ
ج
 

 

...................................
ج

الإجازة للطفل.

...................................

 

رأى أبو الطيب والجمهورُ
 

أي رآه صحيحًا مطلقًا القاضي أبو الطيب الطبري، وكذا رآه الجمهور، فيما حكاه عنهم أبو طاهر السلفي، وقبله الخطيب البغدادي، والقول الثاني هو القول بالبطلان كقول الإمام الشافعي، قال:

ولم أجد في كافر نقلًا بلى
ج

 

...................................
ج

يعني لم أجد في الإجازة للكافر نقلًا مع تصريحهم بصحة سماعه "بلى" يعني نعم، هناك في حال السماع ما اختلفوا في سماع الكفار وصحته، وهنا في حال الإجازة اختلفوا فيها، لماذا؟ لأنه في حال السماع لا ينتظر موافقة أحد، يسمع ويضبط ويحفظ ثم بعد ذلك إن أدى حال كفره رد عليه، وإن أدى بعد أن أسلم قبل منه، إذا توفرت فيه الشروط، هنا الاختيار ما له، الاختيار للمجيز هل يجيز الكافر وإلا ما يجيزه؟ الاختيار للمجيز، ثم قال:

"ولم أجد" في الإجازة "نقلًا" مع تصريحهم بصحة سماعه، "بلى" نعم، بحضرة الحافظ أبي الحجاج المزي،

...................................

 

بحضرة المزي تترا فعلا
ج

الحافظ أبي الحجاج المزي صاحب تهذيب الكمال، وصاحب تحفة الأشراف من الحفاظ المعدودين من أئمة الإسلام في هذا الشأن في القرن الثامن بحضرة الحافظ أبي الحجاج المزي، تترى أي متتابعًا، يعني مرارًا ليست مرة واحدة، فعلا، وأجازه الحافظ المزي كإجازة الصوري لابن الديان اليهودي، المتطبب، ابن الديان يهودي طبيب حضر عند الصوري، وأجيز، وممن أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيميه، كان هذا بحضرة الحافظ المزي أجازوه من باب التأليف، وأن التحمل لا يشترط له الكمال، إنما اشتراط الكمال للأداء، إضافة إلى أنه في العصور المتأخرة ما صار للرواية القيمة التي كان لها قبل ذلك في وقت الرواية، إنما هي لمجرد إبقاء سلسلة الإسناد، فيجاز اليهودي، يجاز الصبي المميز وغير المميز، وأجازوا على العموم، وأجازوا للمعدوم، المقصود أنهم أجازوا لهذا اليهودي، طبيب يهودي، وأقرب ما يكون مثل هذا إلى التأليف؛ لأنه لو منع من الإجازة لنفر من الإسلام والمسلمين، لكنه حضر وأجيز على الله -جل وعلا- أن يهديه، وبالفعل هداه الله فأسلم، وصار يروي بهذه الإجازة.

ولم أجد في الحمل أيضًا نقلا
ج

 

وهو من المعدوم أولى فعلا
 
ج

وكذا لم أجد في الإجازة، أو في إجازة الحمل، سواء نفخ فيه الروح أو لم تنفح فيه الروح، عطف على أبويه أو أبيه أو لا، يعني استقلالًا؛ لأنه تقدم في المعدوم أنه يعطف على أبويه، أجزت لك ولولدك ما تناسلوا، ولحبل الحبلة مما لا يوجد فهو معدوم، أجازه بعض العلماء عطفًا، ومنهم من أجازه استقلالًا، أجزت لما يولد لفلان، أو ما سيولد لفلان، وإذا كان هذا في المعدوم الذي لم يحمل به فلئن يجاز المحمول به –الحمل- من باب أولى.

ولم أجد في الحمل أيضًا نقلا
ج

 

وهو من المعدوم أولى فعلا
 
ج

وهو أي جواز الإجازة للحمل من جواز إجازة المعدوم أولى، فعلًا يعني بلا شك؛ لأن هذا موجود، وتترتب عليه أحكام، وذاك معدوم لم يخلق بعد، لم يحصل السبب في إيجاده بعد، فلا شك أنه أولى من المعدوم،

وللخطيب لم أجد من فعله

 

...................................

ولم أجد، قال: "وللخطيب لم أجد من فعله" قال: وللخطيب مما يتأيد به عدم النقل في الحمل، لم أجد من شيوخي من فعله، يعني إجازة الحمل، لم أجد من فعله.

"قلت:" قد "رأيت بعضهم قد سُئله" قلت: قد رأيت بعضهم، وهو الحافظ العلائي، صلاح الدين "قد سُئله" أي الإذن للحمل، الإجازة للحمل "مع أبويه" يعني تبعًا، حيث سُئل الإجازة لهما، ولحملهما، "مع أبويه فأجاز" ولم يستثن الحمل؛ لأن الاستدعاء فيه الأبوان والحمل، فأجاز، ما قال: أجيز الأبوين دون الحمل "مع أبويه فأجاز" ولم يستثن الحمل "ولعل" ولكن يمكن، لعل أن يقال يعني التماس ولعل، لكن يمكن أن يقال: لعل الحافظ العلائي "ما اصَّفَّح" ما اصفح يعني تصفح، ونظر في الاستدعاء المقدم إليه، فلم يقف على الحمل، كأنه نظر، قيل له: هذه طلب إجازة من فلان، وزوجته، ما نظر، وإذا بالإجازة فيها مكتوب: وللحمل، وما دقق النظر فقال: أجزت، لعله ما اصفح، يعني ما تصفح، والإجازة مع عدم التصفح سبق لنا أنها صحيحة؛ لأنه إذا صح في السماع، والعرض أن الشيخ لا يلزمه أن ينظر في وجوه جميع الطلاب الذين يسمعون، أو يسمع عليه حال سماع الكتاب عليه، ما يلزم أنه –والله- يقول: فلان من هذا، ويتصفحهم، ويتأكد من أسمائهم، وأهليتهم، ما يلزم، إذا سمعوا كل يؤدي، وعند الأداء ينظر المتأهل، وغير المتأهل "فأجاز ولعل ما اصفح" تصفح نظر الأسماء:

...................................

 

ما اصفح الأسماء فيها إذ فعل

الأسماء التي فيها -في الاستجازة- طلب الإجازة في الاستدعاء، ما تصفح الأسماء "إذ فعل" أي حيث أجاز دون تصفح، وعلى أي حال:

وينبغي البناء على ما ذكروا

 

هل يعلم الحمل؟ وهذا أظهر

يعني مسألة الإجازة الحمل مبنية على أنه هو الذي يُعلم، أو لا يُعلم؟ ما معنى يُعلم، وإلا ما يُعلم؟ يعني هل تُعلم حقيقته؟ لا، هل يعامل معاملة المعلوم، أو يعامل معاملة المجهول؟ هذا هو المقصود، وإلا فعلم الحمل خاص بالله -جل وعلا-، ويعلم ما في الأرحام في خمس لا يعلمها إلا الله، وينبغي -على كل حال- ينبغي البناء في القصر، أي بناء صحة الإجازة له، "على ما ذكروا" أي الفقهاء من أنه هل يعلم الحمل، أم لا؟ فإن قلنا: لا يعلم، كان كالمعدوم، وإن قلنا يعلم كان كالموجود، ومعنى علم الحمل يعني معاملة الحمل معاملة المعلوم، أو معاملة المعدوم، والفقهاء يقولون: إنه من هذه الحيثية يُعلم، يعني أنه يعامل معاملة الموجود، ولا شك أنه موجود، بدليل أنه يزيد من قيمة أمِّه، الجارية الحامل، والدابة الحامل لا شك أن قيمتها أكثر من قيمتها بدونه، فهو يعامل معاملة الموجود المعلوم، لا معاملة المعدوم، وهذا النماء يسمونه النماء المتصل، لكن إذا ولدته صار نماءً منفصلًا، وأما بالنسبة لما في الأرحام هذا يُعلم سهل العلم به واضح؛ ولذلك وضع عليه العلامات من عدم الحيض، وضع عليه ما وجد في العِدَد التي يعلم بها براءة الرحم، وأما بالنسبة لعلم العلم به، وكيفيته، وذكر أم أنثى؟ كامل أم ناقص؟ هذا علمه إلى الله -جل وعلا-، والأطباء بآلاتهم لما تقدم الطب زعموا أنهم يعلمون ما في الأرحام من الأيام الأولى، وهذا ليس بصحيح، أكثره ظنون، وتخبطات، لكن إذا عرفه الملك حينما يتم الطور الثالث، وبعث إليه الملك، وأمر بكتب أربع كلمات، هذا بالإمكان أن يعلم؛ لأنه خرج عن دائرة الغيب.

وينبغي البناء على ما ذكروا

 

...................................

يعني الفقهاء من أنه:

...................................

 

هل يعلم الحمل؟ وهذا أظهر

يعني البناء على كونه يعلم، أو لا يعلم، فمن قال يعلم، قال: تصح الإجازة له، يعني أنه يعامل معاملة الموجود، نعم؟

طالب:......

المقصود أنه يعامل معاملة موجود، والذين يقولون: لا يعلم، هؤلاء يعاملونه معاملة معدوم.

"والثامن" يعني النوع الثامن من أنواع الإجازة:

...........الإذن بما سيحمله

 

الشيخ والصحيح أنا نبطله

الشيخ حينما يجيز يجيز مروياته، لكن إذا أجاز أحاديث لم يروها بعد، يقول: إذا حملتها، إذا رويتها أجزت لك أن ترويها "والثامن" النوع الثامن من أنواع الإجازة: الإذن في الإجازة بمعدوم.

الأول: الإذن بالإجازة للمعدوم، إجازة المعدوم، تبعًا، أو استقلالًا، وهنا الإجازة بالمعدوم، يعني بالمروي المعدوم الذي لا يرويه الشيخ إلى الآن، يعني أجزت لك أن تروي مروياتي، وما سأرويه، يعني ما سأرويه بعد "الإذن بما سيحمله" الإذن بما سيحمله الشيخ المجيز من المروي مما لم يتحمله بعد، لم يتحمله إلى الآن، يأتي المستجيز فيطلب من الشيخ المسنِد مروياته، يقول: والله أنا ما عندي إلا الكتب الستة أجيزك إياها، قال: أجزني –أيضًا- بالستة، والمسند، والموطأ، وبقية الكتب، ويحدد له كتب قال: إن رويتها فيما بعد لما آتي مرة ثانية، أصير انتهيت من المشوار الثاني، هذا معنى "ما سيحمله" يعني فيما بعد، يعني إن رويته فيما بعد فأنت ترويه عني كمروياتي "الإذن بما سيحمله الشيخ" يعني المجيز من المروي مما لم يتحمله، والصحيح بل الصواب "والصحيح أنا نبطله" يعني هذا النوع باطل، بل الصواب كما قال النووي، وسبقه عياض: أنا نبطله.

ولم يفصلوا بين المعطوف وغيره، الذين أبطلوه لم يفصلوا بين أن يقول المجيز: أجزتك ما أرويه، يعني مروياتي الموجودة الآن حال الإجازة، وما سأرويه، ما أرويه الآن، أجيزك مروياتي، وما سأرويه؛ لأن الشيخ يعني احتمال أن يزيد في مروياته فيما بعد، ولا على جهة الاستقلال حيث يقول: أجزتك بما سأرويه، لا تبعًا، ولا استقلالًا، ولم يستفصلوا، يقول:

وبعض عصري عياض بذله

 

...................................

يعني قد بذله، أي أعطى من سأله ما يرويه، وما سيرويه،

...................................

 

وابن مغيث لم يجب من سأله

"ابن مغيث" اسمه يونس بن مغيث القرطبي "لم يجب من سأله" سأله شخص، فقال: أجزني بما ترويه، وما سترويه فلم يجبه، فغضب السائل، غضب، فكان الجواب كيف يعطي الشيخ ما لم يأخذ؟! كيف يعطي ما لم يأخذ؟! يعني هذا مثل بيع ما لا يملك، يعني كأن تأتي إلى شخص ليست له رواية أصلًا، ثم تقول: أجزني، أجيزك بماذا؟ ما عند الشيخ إجازات أبدًا، ولا روايات، فكيف يجيزه، فالذي لا يوجد في مرويات الشيخ حكمه حكم هذا، حكم الشيخ الذي ليست له رواية، كيف يجيزك، ويعطيك ما لم يأخذ، وما لم يملك بعد؟! يعني نظير لو جئت إلى تاجر من التجار، فقلت له: بعني السلعة الفلانية، فقال: ما عندي، قال: أمرها سهل تذهب إلى السوق، وتشتري، وأنت أيها الشيخ تذهب إلى الشيوخ، ويقدرونك، ويجيزونك، أنا لو رحت لهم طردوني، يعني الشباب يقولون هذا الكلام، فالشيخ يقول: لا أستطيع أن أجيزك بما لم أتحمله، وليست لي به رواية، التاجر –أيضًا- إذا كان من أهل التحري يقول: كيف أبيعك سلعة، وأنا لم أملكها بعد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لحكيم بن حزام: ((لا تبع ما ليس عندك))، يقول: يا أخي أنت عندك دراهم، والسلع موجودة، بِعني الآن، وأنت تصرف إذا ذهبت وجدت، هذا لا يجوز بحال؛ لأن هذا بيع ما لا يملك، وهذه إجازة ما لا يملك، والتنظير مطابق، نعم؟

طالب:......

البيع ظاهر، كونه لا يجوز أن يبيع عليه ما لا يملك، وإن كان وجوده في السوق وجود كثرة، يعني مضمون، يقولون: مضمون أنه موجود في الأسواق، لكن مع ذلك لا يجوز أن يبيع ما لا يملك، وهذا –أيضًا- يجيز ما لا يملك، يعني أصل الإجازة، أصل الإجازة فيها ضعف، يعني لو جاء شخص قال: أريد أن أُسمع عليك صحيح البخاري، قال: ماذا تستفيد؟ هو لا يريد أن يستفيد علم من قراءته لصحيح البخاري، وإنما يريد أن يستفيد اتصال الرواية، يقول: أنا والله ما عندي رواية في صحيح البخاري، أنا لا أروي لصحيح البخاري بالرواية، قال: لا، أنت احتمال إذا طلبت من أي شيخ إجازة أعطاك، لكن أنا ما يعطوني إجازة، فأرويك إذا أعطيت إجازة، هذا الكلام ما هو بصحيح، الإجازة على ما تقدم فيها ضعف، وفي الاستدلال لصحتها غموض إذا كانت من أهل لمعلومٍ، أهل بمعلوم مروي، هذه كلها إذا اجتبرت هذه الأمور في أصلها ضعف، وفيها خلاف قوي، وإن كان العمل استقر عليها، فكيف إذا توسعنا مثل هذا التوسع، إجازة عامة لمن قال: لا إله إلا الله، وإجازة لمعدوم، وإجازة لحمل، وإجازة ما لم يتحمله المجيز، هذه كلها زيادة في ضعفها.

وبعض عصري عياض بذله

 

...................................

يعني قد بذله لمن، أي أعطى من سأله، لكن يونس بن مغيث القرطبي لم يجب من سأله، فغضب السائل، فقيل له: كيف يعطي ما لم يرو.

وإن يقل: أجزته ما صح له

 

أو سيصح فصحيح عمِله

إما أن يقول الشيخ: "أجزته ما صح له" الشيخ يجيز ما صح له من مروياته حال الإجازة، أو سيصح بعدها، فذاك صحيح عمله "فصحيح عمِله الدارقطني" عمله الدارقطني، أو قد عمله الإمام الحافظ الدارقطني، إذا كان الشيخ كثير المرويات، والشيخ ما عنده فهرست، ما دون الكتب التي يرويها بفهرست ثبت، نعم، ما دونها، فقال: نعم أنا عندي مرويات كثيرة منها الكتب الستة، ومسند فلان، وفلان وفلان، ومصنف فلان، وموطأ كذا، هذه أنا أذكر أن لي بها رواية أجزتك إياها، وما سيصح يعني، ما معنى سيصح؟ يعني أتذكره، كل كتاب أتذكره أن لي به رواية وقت الإجازة فأنت مجاز به، يعني ما صح الآن وقت الإجازة، وما سيصح أني قد حملته فيما بعد، أنت مجاز به، والفرق بين الصورتين أن هذا موجود، لكنه عازب عن ذهن، أو عن ذكر المجيز، وذاك معدوم يعرف المجيز أنه ليس من روايته، وأما هذا يعرف أنه من روايته لا على التفصيل، لا على الإجمال.

"فصحيح" يعني فذاك صحيح، وقد عمله الإمام الحافظ "الدارقطني وسواه" من الأئمة الحفاظ سواءٌ جمع بين اللفظين، أو اقتصر على قوله: صح، وحذف قوله: يصح، يعني بعدها، يعني ما صح، أجزتك ما صح، يكفي، سواءٌ كان ما هو معلوم، أو ما يؤول فيما بعد إلى العلم، يستوي ذلك ما كان معلومًا وقت الإجازة، أو ما سيؤول إلى العلم أنه من مروياته قبل هذه الإجازة "جاز الكل حيثما عرف" جاز الكل حيثما عرف الطالب حالة الأداء أنه مما تحمله شيخه قبل صدور الإجازة "جاز الكل حيثما عرف" يعني كلما عرفه الطالب أنه من مرويات الشيخ يرويه بهذه الإجازة، ولو لم يحصل المعرفة بها دفعة واحدة، يعني كأن يكون الشيخ مثلًا سُرقت كتبه، عنده مروياته كثيرة جدًّا لا يحيط بها، فسرقت، كلها مدونة في كتب، وعليها السماعات، سرقت هذه الكتب، قال: أجزتك بما صح عندك من مروياتي، الآن أنا أذكر مائة كتاب، لكن غيره ما أذكر، فصار هذا المُجاز يروي ما يذكره الشيخ، هذا ما فيه إشكال، ثم زار البلد الفلاني، فوجد من مرويات الشيخ التي عليها سماعه مما لا يذكره الشيخ وقت الإجازة، هذا صح عنده أنه من مروياته، يروي، وإلا ما يروي؟ يروي، ثم بعد مدة زار واحدًا من أهل العلم، ووجد عنده مجموعة من الكتب عليها سماع ذلك الشيخ، فأضافها إلى مرويات الشيخ، فيصح أن يرويه عنه، وهكذا، وهذا متصور، هذا متصور لا سيما في المكثرين، في المكثرين الذين يجازون بالجملة، بالكثرة.

"والتاسع" يعني النوع التاسع من أنواع الإجازة:

................الإذن بما أجيزا
ج

 

لشيخه فقيل: لن يجوزا

"والتاسع" النوع التاسع من أنواع الإجازة: "الإذن" يعني الإجازة الإذن بالرواية، "بما أجيز لشيخه" المجيز خاصة، كأن يقول: أجزت لك مجازاتي، أو أجزت لك رواية ما أجيز لي، يعني إجازة على إجازة.

الإجازة في أصلها ضعف، ثم إذا تركبت الإجازة على إجازة أخرى زاد الضعف، ثم إذا كان الطالب يروي بإجازة عن شيخه الذي يروي عن شيخه بإجازة، عن شيخه الذي يروي عن شيخه بإجازة كلما لا تزداد ضعفًا إذا كثرت الأجايز، لكن الإجازة معتمدة على سماع للشيخ من شيخه فيها قوة، والسماع معتمد على عرض فيه قوة، لكن إجازة على إجازة على إجازة على إجازة هذا فيه ضعف.

قال:

والتاسع الإذن بما أجيزا
ج

 

لشيخه فقيل: لن يجوزا

يعني هذا النوع اختلف فيه، فقيل: كما قال ابن الأنماطي: إنه لن يجوز، يعني مطلقًا، وصنف فيه جزءًا، والسبب في ذلك أن الرواية بالإجازة ضعيفة، والاستدلال لصحتها غموض، عامة أهل العلم تتابعوا على الرواية بها، والسبب المشقة التي لحقت أهل العلم بعد عصور الرواية، أيضًا ضعف أثر الرواية، واتصال الإسناد جعلهم يتسمحون، لكن في أصلها ضعف، وفي الاستدلال لصحتها غموض كما تقدم، فإذا تركبت إجازة على إجازة نعم، ازداد الضعف، لكن لو تصورنا أن إنسانًا دخل كلية شرعية، التنظير غير مطابق من كل وجه، لكن فيه مطابقة.

دخل مدرس التفسير، والطلاب جاءوا، يعني مثل ما يحصل الآن، يأتي بعض الطلاب إلى الكليات الشرعية وهم متأهلون، لا سيما المتميز منهم من طلاب المعاهد العلمية متأهل، فقد يكون الذي درسه التفسير في المعهد أفضل ممن سيدرسه في الكلية، يوجد هذا صح، وإلا لا؟ نعم هذا لمسناه، أو درسه الفقه أفضل من الذي، أو أدق من الذي درسه في الكلية، وهكذا؛ لأنه لا يعني أنه هذا يدرس في الجامعة في الكلية، وهذا يدرس في المعهد أن هذا أجود من هذا، ما يلزم، المقصود أنه دخل مدرس التفسير، فإذا فيه أقل من الذي درسه قبل، ثم جاء مدرس في الحديث، فإذا به بارع، ثم جاء مدرس الفقه، وإذا به متوسط، ثم جاء مدرس العربية، فإذا به إمام، وهكذا يأتي، ويأتي، هذه يشيل بعضهم بعضا، لكن إذا كانوا كلهم ضعاف؛ فكيف النظرة إلى هذا المرفق، هذا المحضن الشرعي لطلاب العلم؟ لا شك أنهم يتضاعفون، ويتساهلون بهذا العلم، هكذا إذا كانت طريقة التحمل كلها ضعيفة من شيخ إلى شيخ إلى شيخ، كلهم ضعاف، وطريقتهم ضعيفة، هذه –أيضًا- لا يتشرف طالب العلم بحمل الإسناد الذي هذا وضعه، لكن إذا كان هذا الضعيف روى بإجازة، والذي بعده روى بأقوى طرق التحمل بسماع، والثاني روى بعرض، يعني بعضها يجبر بعضًا.

"فقيل: لن يجوزا وردّ" يعني لكن قد رد هذا القول، حتى قال ابن الصلاح: إنه قول من لا يعتد به من المتأخرين، لا يعتد به من المتأخرين "ورد والصحيح" الذي عليه العمل:

............. والصحيح الاعتماد

 

عليه قد جوزه النقاد

عليه أي على الإجازة بما أجيز الشيخ، بل بما أجيز شيخه، فيجتمع ثلاث أجايز على نسق، وقد يجتمع أكثر من ذلك على ما سيأتي "قد جوزه النقاد" منهم "أبو نعيم" الحافظ الأصبهاني، فقال: الإجازة على الإجازة قوية جائزة، يعني الفرق بين المثال الذي ذكرته، والأقرب للتنظير أن يأخذ العلم عن شيخ ضعيف، وشيخه ضعيف، وشيخه ضعيف الثالث، والرابع ضعيف، والخامس ضعيف، لكن لو أخذ عن شيخ في فهمه قصور، يعني ما هو ببارع في بابه، لكن حافظته جيده ينقل عن شيخه الذي عنده قوة، وتميز في التحصيل، هذه نعم فيها ضعف، ثم قوة، ضعف ثم قوة، وهكذا يجبر بعضها بعضًا، عندنا أبو نعيم الحافظ يقول: الإجازة على الإجازة قوية، ما دام صححنا الإجازة، صححنا الرواية بالإجازة، فلماذا لا نصحح الإجازة الثانية، صححنا الأولى؛ صححنا الثانية، صححنا الثانية، نصحح الثالثة، فالتفريق بين الأولى، والثانية، هذا تفريق بغير مبرر، فإذا أجيزت الإجازة جاز، ولو استمر الإسناد كله إجازات، فقال: الإجازة على الإجازة جائزة.

"وكذا ابن عُقْدة" أبو العباس أحمد بن محمد بن عقدة، لكنه أجازها في المعطوف خاصة، ما معنى المعطوف؟

أجازها على المعطوف على المسموع، أجازها في المعطوف على المسموع، يقول: أجزتك مسموعاتي، أجزتك مروياتي، ومجازاتي، لا يجيزه بالإجازات فقط، وإنما يجيزه بمسموعاته، ومجازاته "والدارقطني" الإمام الحافظ أبو الحسن، الإمام الدارقطني –أيضًا- جوزه، والدارقطني والفقيه الزاهد "نصر" المقدسي "بعده" أي بعد الدارقطني، بل أبو الفضل ابن طاهر نقل الاتفاق على صحة الرواية بالإجازة على الإجازة، قال:

...................................

 

والدارقطني ونصر بعده

نصر المقدسي "والى ثلاثًا" لم يقتصر على إجازتين "والى ثلاثًا" يعني تابع ثلاث إجازات بعضها عن بعض، يقول: أنبأنا فلان، قال: أنبأنا فلان، قال: أنبأنا فلان، إجازات، وبعد أن استعملت "عن" في الزمن المتأخر في الإجازة يقول: عن فلان، عن فلان، عن فلان، وكلها إجازات، أو أجازني فلان، قال: أجازني فلان، أجازني فلان، إلى آخره، والى ثلاثًا من الأجايز، والى ثلاثًا ببعضهم عن بعض "بإجازة" قال المصنف الحافظ العراقي الناظم في شرحه: وقد رأيت غير واحد من الأئمة، والمحدثين زادوا على ذلك:

............................ وقد

 

رأيت من والى بخمس يعتمد

يعني من الأئمة، والى بخمس أجائز، وهو الحافظ قطب الدين الحلبي، إذا أجيزت الإجازة فلا مانع أن تستمر، ولا يكفي خمس، ولا عشر، يعني الأسانيد التي يروى بها في هذه الدهور، في هذه العصور قد يكون فيها أكثر من خمس عشرة إجازة، يعني إذا وجد خمسة عشر راوٍ بيننا، وبين البخاري، فكلهم يروون بإجازة بعضهم عن بعض، نعم من يروي عن البخاري مثل الفربلي، ومثل الرواة المعتمدين القدامى، يروون بالعرض على الشيخ، لكن بعدهم صعب العرض على الشيوخ، كثرة الجموع، فاكتفي بالإجازات.

............................ وقد

 

رأيت من والى بخمس يعتمد

عرفنا أنه القطب الحلبي.

وينبغي تأمل الإجازة

 

...................................

"وينبغي" حيث تقررت الصحة "تأمل" كيفية "الإجازة" الصادرة من شيخ شيخه لشيخه، ينظر:

وينبغي تأمل الإجازة

 

فحيث شيخ شيخه أجازه

"أجازه" أي أجاز شيخه بلفظ "أجزته" ما صح لديه، يعني:

بلفظ ما صح لديه لم يخط

 

...................................

يعني لم يتخط، لم يخط يعني لم يتخط، ولم يتعد، إذا قال الشيخ المجيز: أجزته ما صح لديه، فإنه حينئذٍ لا يتعدى المجاز، وينظر في إجازة شيخ شيخه لشيخه؛ لأنه قد يظنه أجازه بعموم مروياته، يوجد هناك قيد لا بد أن يتفطن له، وعلى هذا من أجيز عليه أن يضبط إجازة شيخه، شيخ شيخه لشيخه؛ لأنه قد يكون فيها استثناء، أو فيها شرط لا ينطبق عليه.

بلفظ ما صح لديه لم يخط

 

...................................

يعني لم يتعد، لم يتعد الراوي:

...................................

 

ما صح عند شيخه منه فقط

"ما صح" أي الذي صح شيخه منه من مروي المجيز فقط؛ لأنه قد يكون هناك قيد يخرج بعض الكتب، وهناك قيد يخرج بعض الرواة، فيتأكد من إجازة شيخه؛ لأنه إذا كان هناك قيد، إذا كان شيخ الشيخ أجاز، وذكر في إجازته شرط يخرج هذا الراوي عنه، فإنه لا تصح الرواية عنه بواسطة هذا الشيخ الذي وجد القيد الذي يخرجه، أو بعض المرويات قد يكون فيه استثناء لبعض الكتب، والحافظ ابن حجر أجاز رواية ذم الكلام للهروي، واستثنى بعض الأبواب، التي له عليها فيها ملاحظة، فالذي يظن أن الحافظ أجاز أن يروى عنه ذم الكلام، ولم يعرف هذه الأبواب لا بد أن يقع في رواية ما لم يروَ.

قد يكون الكتاب فيه فوت من الشيخ العاشر مثلًا، فيقول الشيخ العاشر: سمعت الكتاب على الشيخ فلان، إلا أحاديث من كتاب المناسك، وأحاديث من كتاب الحدود مثلًا، ثم هذا الشيخ يجيز رواية الكتاب لمن يطلب الإجازة، وبيّن في إجازته هذا الفوت، ثم الشيخ يجيز رواية هذا الكتاب، ثم الشيخ يجيز الذي لا يعرف الإجازة الأولى، وأن فيها فوت، يظن أن الكتاب كامل، مجاز به كاملًا، فيرويه، وفيه هذا الخرم، فلا بد من أن يتأمل الإجازة، وهذا ظاهر، يعني تأمل الإجازة؛ لأن بعض الشيوخ ثبته مجلد، خمسمائة صفحة، نعم هذا موجود، الفهارس، والأثبات كبيرة جدًّا، لا سيما عند المتأخرين الذين لهم عناية بالروايات، فتجده –أحيانًا- إذا ذكر كتابًا من الكتب، قال: فاتني منه شيء يسير من قراءته على الشيخ، أو من سماعه، يعني يتخلف الطالب، يعني في وقت الدرس قد يتخلف، يمرض، فيفوته أحاديث قرئت على الشيخ، وهو غير حاضر، فينبه على هذا أنه فاتني منه أحاديث من باب كذا، وأحاديث من باب كذا، والروايات معروفة يعني، طريقة الرواية عند أهل العلم معروفة، يعني رواية الجلودي مثلًا في صحيح مسلم، فيها فوت يسير، ورواية فلان في صحيح البخاري فيها فوت، وأحاديث يسيرة، المقصود أن مثل هذا لا بد من تصفحه، يعني الإنسان إذا أجيز، إذا أجازه الشيخ المسند من أهل عصره، والإجازات كما ترون بعضها في خمسمائة صفحة، تحوي بالتفصيل مرويات الشيخ، فيبين في هذه الأمور، وهذا الطالب أخذ الثبت، ورماه، عنده حفظه، حفظه عنده، وقال: خلاص أنا أروي عن الشيخ كل مروياته، وقد نص الشيخ أن مروياته على سبيل الإجمال، يعدد الكتب، ثم يفصلها، يقرأ هذا الإجمال، ولا يقرأ التفصيل، فلا بد من تصفح هذه الأثبات، وهذه الفهارس لينظر هل فيها فوت لا تصح روايته؟ أو ليس فيها فوت؟ ولذا قال:

وينبغي تأمل الإجازة

 

...................................

ثم بعد هذا، بعد أن أنهى الكلام على الإجازة، وأنواع الإجازة التسعة، ذكر لفظ الإجازة بكيفية اللفظ، كيف يقول المجيز؟ وشرطه، لفظ الإجازة، وشرطها في المجيز والمجاز، واشتراط النية لمن كتب، يعني كتب إجازة لفلان، قالوا: الكتابة تحتاج إلى نية، نية الأجازة، وإن كانت صريحة في المطلوب إلا أنها ...، أما بالنسبة للفظ فهذا ما يحتاج إلى نية، إذا قال: أجزتك أن تروي عني صحيح البخاري، هذا لا يحتاج إلى نية، لكن إذا كتب: أجزت فلانًا، قال: أنا –والله- ما قصدت؛ لأن بعض الناس كثير الكتابة، أنتم ترون إذا دخلتم بيت شخص، أو حتى من معكم في البيت تجد الناس يتفاوتون، هؤلاء الذين سكنوا البيت يتفاوتون، واحد يكتب على كل شيء، يأخذ كرتون المناديل، ويكتب، ويأخذ ما يأخذ يكتب، تجد أي ورقة تقع في يده يكتب عليها، لو يوقع توقيعًا، أو يكتب أشياء، ثم بعد ذلك يكتب يجرب القلم مثلًا، أجزت فلانًا، أو بعت على فلان، أو كذا، المهم من كثرة ما يكتب تجده مثلًا يجرب القلم بأي لفظ قد يلزمه، لكن لا بد من النية في هذا، وشخص لا يقرأ، ولا يكتب، فقال لشخص اكتب اسمي رباعي، فكتب له اسمه، فصار يقلده، يكتبه على كل شيء، يكتب اسمه، فتقدم لعمل جهة من الجهات، يعني في أول الأمر ما كان هناك شهادات تذكر، الشهادات فيها شح، فالجهة قالوا: تعرف تكتب؟ قال: نعم، قالوا: ماذا تكتب؟ قال: أكتب الذي تريدون، قالوا: اكتب اسمك؟ فكتب اسمه رباعيَّا من كثرة ما يردده، فاقتنعوا به، فأقول: إن بعض الناس يكتب كل شيء، وإذا كان بعد عاملاً في محل، وإلا شيء، وعنده أوراق، وعنده أقلام، وقدامه أشياء مكتوبة؛ تجده يقلدها بكثرة، فبعض الناس مجبول على مثل هذا، فإذا كتب من غير نية هذا لا تصح الإجازة، فلا بد من النية، وسيأتي الحديث عنها، على كل حال الترجمة معقودة للفظ الإجازة كيف يقول؟ وماذا يشترط لها؟

وكان الأنسب في لفظ الإجازة أن يقدم عليه، يعني في أول الباب، نعم في أول باب الإجازة؛ لأن لفظ الإجازة هو من تعريفها، وما يتعلق بالتعريف، يعني الإجازة مثلًا، ثم الإجازة للسماع هذا حكمها، أما تعريفها ما جاء به الناظم، ما جاء به الناظم، إنما جاء بتعريف كل الأنواع التسعة، واكتفى عن التعريف الإجمالي للإجازة، فالأصل أن يأتي بتعريفها لغة واصطلاحًا، وكيف يلفظ بها؟ كيف يتلفظ بها؟ فاللفظ ينبغي الأنسب أن يورد قبل أنواعها.

"أجزته ابن فارس"

"أجزته" ابن فارس قد نقله

 

وإنما المعروف "قد أجزت له"

يعني لفظها "أجزته" أي الطالب مسموعاتي، أو مروياتي متعديًا بنفسه، يعني ما يحتاج إلى أن يعدى بالحرف؛ ولذا قال: أجزته، هكذا قال ابن فارس، ابن فارس، أبو الحسين ابن فارس اللغوي المشهور، صاحب المقاييس، صاحب المجمل، المقصود أنه من مشاهير أئمة اللغة، قد نقله أي تعدية لفظ الإجازة بنفسه دون حرف، ما يحتاج أن يقول: أجزت له، يكفي أن يقول: أجزته، كتاب سماه "مآخذ العلم" هذا الكتاب فيه الكلام على الإجازة، وأنها يجوز أن يقول: أجزته أخذًا من جواز الماء، جواز الماء الذي هو عبوره من مكان، وانتقاله إلى آخر؛ لأنه سبق في تعريفها لغة أنها مأخوذة من العبور، والجواز، فإذا جاز الماء القنطرة، وتعدى من مكان إلى مكان صح تعديته بدون حرف، أخذًا من جواز الماء الذي يسقاه الماء من الماشية، والزرع، تقول: استجزت فلان فأجازني إذا سقاك ماءً لأرضك، أو ماشيتك، بدون حرف.

قال ابن الصلاح: وإنما المعروف لغة واصطلاحًا "قد أجزت له رواية مروياتي" متعديًا بالحرف، أجزت لفلان؛ ولذا المجاز يقال: المجاز له، كما أن المجاز به يقال: مجاز به، وإذا حصل الإجمال في المتعلق لا بد من بيانه، فإذا قلت: مجاز، هذا مجاز، فلا يدرى من المجاز، هل هو المجاز له طالب الإجازة، أو المجاز به؟ فإذا حصل مثل هذا الإجمال لا بد من بيان المتعلق الذي يحدد، يعني إذا قيل: مجاز، ما معنى مجاز؟ هل هو مجاز له، يعني شخص طلب الإجازة فأجيز، أو هو كتاب مجاز به؟ فمادام هذا التردد موجود؛ فلا بد من ذكر المتعلق الذي يعين المراد هذا بالنسبة للفظ، وأما شرط صحتها؛ لأنه قال: لفظ الإجازة وشرطها، وأما شرط صحتها، فقال ابن الصلاح: إنما تستحسن الإجازة من عالم به، ومن أجازه، وإنما تستحسن الإجازة من عالم به، يعني المجاز، ومن أجازه أي والحال أن المجاز له طالب علم، يعني من أهله، والوليد ذا ذكر، الوليد بن بكر الغمري، صاحب كتاب "الوجازة في صحة العمل بالإجازة" أي نقل في كتابه الوجازة عن إمامه مالك بن أنس شرطًا فيها.

الآن هذا المؤلف يقول: وشرطها، والوليد بن بكر الغمري ذكر في كتابه "الوجازة في صحة القول والعمل بالإجازة" عن مالك أنه يُشترط أن يكون المجاز طالب علم، ومن أجازه طالب علم أي من أهل العلم، والمؤلف يقول:

وإنما تستحسن الإجازة

طالب علم ....................

 

من عالم به ومن أجازه

...................................

الفرق بين الاستحسان، وبين الاشتراط، نعم يعني مثل ما يعبر عن بعض الأشياء يقال: شرط كمال، ما فيه تنافر بين المضاف، والمضاف إليه، شرط كمال ما فيه تنافر، ما الذي يقتضيه شرط، وما الذي يقتضيه الكمال؟ متفقان، وإلا متنافران؟ في تعريف حد الشرط، وتعريف الكمال، يعني عندنا ضرورات، وحاجيات، وتحسينات، كماليات، ضرورات، حاجيات، تحسينات، كيف أقول بأن هذا التحسين وهذا الكمال في مقام الضرورة؟ الشرط، الذي لا يصح العمل إلا به، يعني ما في تنافر بين اللفظين؟ ما مقتضى الشرط؟ الشرط أن العمل لا يصح بدونه، ومقتضى الكمال أن العمل يصح بدونه، بل قد لا يأثم من لا يأتي بهذا الكمال، ظاهر، وإلا ما هو بظاهر؟ نعم.

المقصود أنهم حينما يقولون: هذا العمل في هذا الفعل شرط، ما مقتضى الشرط؟ أنه لا يصح إلا به.

طالب:......

كيف؟

طالب:......

نأتي إلى شروط الصلاة مثلًا، الإسلام تصح بدونه، نعم، طيب، التمييز شرط صحة، البلوغ شرط وجوب، التكليف شرط وجوب، الآن الشرط في الأصل -يعني دعنا من التفريعات- في الأصل الشرط، الشرط في حق الصغير التمييز بحيث لا يصح منه إلا..، بغض النظر عن العامل نفسه النظر إلى العمل، نحن ما ننظر إلى عامل، ننظر إلى عمل، العامل تتفاوت الشروط بحسبه إن كان صغيرًا اشترطنا التمييز، إن كان مكلفًا اشترطنا التكليف لوجوب العمل، لكن الأصل في جملة الشرط يعني عندنا أركان، وعندنا شروط، وعندنا واجبات، وعندنا سنن، لجميع الأعمال، فهل نقارن الشرط بالسنة باعتبار العمل، لا باعتبار العامل، باعتبار العمل لا نستطيع أن نقارن، اشتراط ما يُشترط للعمل بما يستحب له، نعم، هل نقول: إن الوضوء بالنسبة للصلاة، وهو شرط فيها مثل ما يستحب لها؟ نعم، مثل رفع اليدين مثلًا، هذا يستحسن، وهذا يشترط، إذن بين الكلمتين تنافر، وإلا ما استطعنا أن نميز بين الشرط، والواجب، والركن، والمستحب، الشيخ يقول:

وإنما تستحسن الإجازة

 

...................................

كيف؟ وابن الصلاح يقول: شرط صحتها.

طالب:......

كيف؟

طالب:......

الكلام في شرطها، هو يقول شرطها، وابن الصلاح يقول: أما شرط صحتها الذي يرتبط بالترجمة، فقال ابن الصلاح: إنما تستحسن الإجازة، يعني ما معكم الشرح؟ ماذا يقول؟

طالب:......

نعم، يقول هذا الكلام على شرطها "إنما تستحسن الإجازة" لا شك أن هذا فيه شيء من التنافر:

وإنما تستحسن الإجازة

 

من عالم به .................

أي بالمجاز "ومن أجازه طالب علم" يعني من أهل العلم "والوليد" يعني ابن بكر الغمري "ذا ذكر" يعني هذا، ذكر أي نقل في كتابه الوجازة "عن مالك" إمامه، مالك بن أنس "شرطًا" فيها، يعني إن كان عالمًا، هذا شرط، عالم، طيب العلم يتفاوت، هل المراد بالعلم بالمجاز به إجمالًا، أو تفصيلًا، يعني المجاز طالب علم، والمجيز عالم، وكلاهما يشترك في صفة العلم بالمجاز به إجمالًا؛ لأن الإجازة إذن بالرواية يفيد، يفيد الإذن، يفيد الرواية إجمالًا، ما هو يفيد تفصيلًا، هل نقول: إن المجيز لا بد أن يكون على معرفة بصحيح البخاري حينما أجازه تفصيلًا، والمجاز يشترط أن يكون على معرفة بما في صحيح البخاري؟ لا، لا يلزم، إنما المقصود العلم، والمعرفة الإجمالية بحيث لا يلتبس بغيره، وعن الحافظ أبي عمر بن عبد البر، يقول:

...................................

أن الصحيح أنها لا تقبل

 

................. وعن أبي عمر

إلا لماهر ......................

"وعن أبي عمر" يعني ابن عبد البر "أن الصحيح أنها" يعني الإجازة "لا تقبل إلا لماهر" بالصناعة حاذق فيها، إلا لماهر بالصناعة يعني حاذق فيها "وما لا يشكل" يعني وحاذق –أيضًا- فيما لا يشكل، يعني عارف فيما لا يشكل إسناده، يعني، نعم، وما لا يشكل.

طالب:......

كيف؟

طالب:......

عندك مفتوحة:

...................................

 

إلا لماهر وما لا يشكل

إسناده، أو لا يُشكَلُ، الأصل أنها لو كانت يُشكِل ما نحتاج إلى "لا"، أن يكون عارفًا بما يُشكِل، نعم يعني إذا قلنا يُشكِل بكسر الكاف ما نحتاج إلى لا، إلا إذا قلنا: إن الإجازة مع هذا الشرط، أنه لا بد أن يكون عارفًا أقل الأحوال بغير المشكلات، أما أن يكون جاهلًا بكل شيء المشكل، وما لا يشكل؛ هذا لا يصلح أن يجاز، يعني نشترط أدنى مراتب العلم، أقل الأحوال الذي ما فيه إشكال "وما لا يُشكِل" وهذا وجه الكسر، وأما على ضبطها بفتح الكاف "يُشكَل" فالحروف إذا كانت مغفلة عن الشكل نعم يستطيع أن يميز هاذ المجاز بين عَبِيدَة، وعُبَيدة يستطيع أن  يميز، وإذا لم نضبط "ابن لَهِيعَة" نطقها بالفتح، يعني اعرف ما لا يشكل، وهذا مقتضى كونه ماهرًا بالصناعة، أن يعرف الحروف، وإن لم تُشكَل، أما إذا قلنا: "وما لا يُشكِل" اشترطنا أدنى قدر للمعرفة، أنه أقل الأحوال الأمور غير المشكلة، وأما الأمور المشكلة فلو اشترطناها لتعذر الرواية بالإجازة، فهذا صحيح، وهذا صحيح "واللفظ" يعني بالإجازة "إن تجز" أيها المحدث "بكتب" يعني بأن تجمع بين اللفظ، والكتابة "أحسن" وأولى "أو دون" يعني بكتب "دون لفظ" يعني مجرد كتابة "فانوِ" الإجازة "وهو" أي هذا الصنيع "أدون" أي من الإجازة الملفوظ بها في المرتبة، يعني إن كتبها، ولم ينوها؛ فالظاهر عدم الصحة.

المقصود في قول المؤلف:

واللفظ أن تجز بكتب أحسن
ج

 

أو دون لفظ فانوِ وهو..........

دون الأول، يعني تكتب فقط دون لفظ، هذا دون الأول، ومنهم من يقول: إن الظاهر عدم صحتها إذا لم تكن هناك نية.

لأن الكتابة كناية تحتاج إلى نية، فإن تلفظ بها فقال: أجزتك وكتب له هذا أكمل، إذا اقتصر على الملفوظ كفى، إن اقتصر عن الكتابة دون نية ودون لفظ...، كتابة بدون لفظ دون اللفظ، وكتابة بدون نية الظاهر عدم الصحة.

والله أعلم ، وصلى الله وسلم  وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . 

"