شرح العقيدة الطحاوية (11)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال ابن أبي العز رحمه الله تعالى:

قوله: ما زال بصفاته قديما

الكلام للطحاوي.

نعم أحسن الله إليك.

ثم قال الشارح.

قال الطحاوي رحمه الله تعالى: ما زال بصفاته قديما قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته وكما كان بصفاته أزليا كذلك لايزال عليها أبديا قال الشارح رحمه الله: أي أن الله سبحانه وتعالى لم يزل متصفا بصفات الكمال صفات الذات وصفات الفعل ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفا بها لأن صفاته سبحانه صفات كمال وفقدها بضده ولا يرد على هذا صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها كالخلق والتصوير والإحياء والإماتة والقبض والبسط والطي والاستواء والإتيان والمجيء والنزول والغضب والرضا ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ولكن أصل معناه معلوم لنا كما قال الإمام مالك رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى { ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ } الأعراف: ٥٤  كيف استوى؟ فقال الاستواء معلوم والكيف مجهول وإن كانت هذه الأحوال تحدث في وقت دون وقت كما في حديث الشفاعة إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، المؤلف رحمه الله يريد أن يقرر أن الله جل وعلا موصوف بصفات الكمال ومنعوت بنعوت الجلال المتصلة بالفعل والمتصفة بها الذات الصفات الذاتية والفعلية، ولم يكن وصفه بها متوقفا على وجود المفعولات يعني ليس بوجود الخلق اكتسب صفة الخلق هو متصف بها أزلا ومستمرة أبدا، كان الله ولم يكن شيء معه ولم يكن شيء قبله، يعني لا توجد مخلوقات في الأزل ومع ذلكم هو متصف بصفة الخَلْق لأنه هو الخالق، فلم يكتسب بوجود هذه المخلوقات هذه الصفة بل هو متصف بها أزلا وكذلك سائر الصفات، الحديث الذي أورده في حديث الشفاعة: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، هو متصف بصفة الغضب أزلا وهي مستمرة أبدا، وإن كانت تنفك عنه في بعض الأوقات لأنها صفة فعل، فالغضب إذا وجد سببه والضحك إذا وجد سببه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، يقولون: إن الله اكتسب هذه الصفات لما أوجد هذه الموجودات وكان قبل لم يتصف بها، متى يسمى المخلوق فلاحا أو مزارعا؟ إذا وجدت الزراعة عنده قبل ذلك يمكن أن يسمى؟! متى يسمى طالب علم أو عالم مثلا؟ إذا اتصف بهذه الصفة هذا بالنسبة للمخلوق، والله جل وعلا منزه عن هذا لم ينفك عن صفاته ولم يكتسب شيئا بسببها، فهو موصوف بهذه الصفات قبل أن توجد هذه المخلوقات كما قرر المؤلف: مازال بصفاته قديما قبل خلقه هو الخالق قبل أن يَخلُق بينما المخلوق لا يوصف بالوصف حتى يوجد منه ما يدل عليه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، يعني لا تأثير للمخلوق في الخالق بينما المخلوق يؤثر فيه المخلوق، الخالق موصوف بهذه الصفات ومسمى بهذه الأسماء أزلا قبل وجودها وكما كان بصفاته أزليا كذلك لايزال عليها أبديا فهي معه أزلا وأبدا، إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، لكن صفة الغضب موجودة لكنه بهذا المستوى من الشدة هو في ذلك اليوم ولن يغضب بعده مثله، يبقى أن صفة الغضب متصف بها في الأزل وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله -عليه الصلاة والسلام- فلا بداية لها، بل هو متصف بصفات الكمال ومنعوت بنعوت الجلال معه أزلا وحيث أنه الأوّل من غير بداية فكذلك أسماؤه وصفاته.

لأن هذا الحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع ولا يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن ألا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلما بالأمس لا يقال إنه حدث له الكلام ولو كان غير متكلم لآفة كالصغر والخرس ثم تكلم يقال حدث له الكلام فالساكت لغير آفة يسمى متكلما بالقوة بمعنى أنه يتكلم إذا شاء.

ولو كان ساكتا يوصف بأنه متكلم؛ لأنه متكلم بالقوّة يسمونها القريبة من الفعل، وإذا تكلم يقال له متكلم، الإمام وهو يخطب يقال متكلم أو يتكلم لكن إذا سكت هو يتكلم حكما لأنه موصوف بهذه الصفة ولا مانع يمنعه منها فهو متكلم بالقوة القريبة من الفعل.

وفي حال تكلمه يسمى متكلما بالفعل وكذلك الكاتب..

نعم يعني يقرب الوجود وجود الوصف بالقوة كوجوده بالفعل، الإمام مالك رحمه الله لما سئل عن أربعين مسألة وأجاب عن اثنتين وثلاثين بلا أدري يسمى فقيها أو ليس فقيها؟ أجاب الخمس، يجيب الطالب في الامتحان عن خمسة أسئلة ينجح أو يرسب؟

طالب: يرسب.

يرسب، لكن هل يستطيع أحد أن يقول مالك غير فقيه؟! لا يمكن من يقول مالك غير فقيه سفيه هذا يراجع عقله؛ لأن الأمة أطبقت على أنه من فقهائها كيف يسمى فقيها وهو ما أجاب؟! قال وإن لم يكن فقيها بالفعل في ذلك الوقت هو فقيه بالقوة القريبة من الفعل، ولا شك أن الفقه بالقوة القريبة قد يكون أقوى من الفقه بالفعل؛ لأنه قد يوجد من يسمى فقيها وهو حافظ للمسائل بالفعل ليس بفقيه، افترض أنه حفظ متنا كاملا تسميه فقيها؟ عنده مسائل ويعرف أحكامها لكن لو خرجت يمينا أو يسارا لم تجد عنده شيئا، لكن الفقيه بالقوة القريبة من الفعل بحيث لو سألته عن أي مسألة قد لا تكون في ذهنه ولا في رأسه لكن بأقرب مدة يحضر لك الحكم بالطرق المعتبرة عند أهل العلم، أنا قلت مرارا لو أن شخصا سئل عن مسألة وهي ليست حاضرة في ذهنه فسألته عن مسألة في الطهارة وبيده كتاب فقه يراجع فأخذ عشر ورقات من الآخر وبحث عنها ماذا تقول له هذا فقيه بالقوة أو بالفعل أو بماذا..؟

طالب: ولا بشيء.

هذا لا شيء عنده، الطهارة من آخر الكتاب؟! صحيح بعض الناس تذكر له المسألة وقد يكون غافلا عنها أو ما مرت عليه ثم يفتح لك الكتاب ويخرجها لك مباشرة بتقريرها بطريقة أهل العلم، لا يقرأ لك المسألة ويقول لك هذا الحكم قال به فلان لا، هذا ليس فقيها، يقرأ لك المسألة بأدلتها وأقوال المخالفين والموافقين ويخرج بقول صائب بطرق أهل العلم بالوسائل التي قررها وقعدها أهل العلم هذا فقيه، وإن سألته وقال لك والله لا أدري اصبر دعني أراجع، وقد يكون الفقيه بالقوة القريبة من الفعل أفضل ممن يحفظ المسائل ولا يستطيع أن ينظِّر عليها ويقيس عليها وإذا سئل عن مسألة ما مرت عليه صار عامِّيًّا، فقيه بالقوة القريبة من الفعل قد يشارك في مسائل لم تمر عليه لماذا؟ لأن الأصل عنده، الأصل الذي ينطلق منه على جادّة أهل العلم موجود، وهناك شيء يسمونه فقه نفس يحتاج إلى حفظ نصوص، ويحتاج إلى معرفة المسائل والإكثار من تطبيقها وتطبيق القواعد المعروفة على النصوص وكيفية الاستنباط من هذه النصوص على جادّة أهل العلم، ثم هذا فقه النفس بحيث لا يشكل عليه شيء إذا أراد شيئا أو يراجع الكتب، وليس الفقيه الذي يضغط زر وتخرج له المسألة ويقول لك هذه المسألة، هذا ليس بفقيه، الجهاز وليس هو، فنفرق بين حافظ المسائل وبين الفقيه؛ لأن عندنا طلاب علم يحفظون بل بعض ممن ينتسب إلى العلم تجده يحفظ مسائل، طول عمره يقرأ العلم ويدرس لكن إذا أشكلت مسألة، إذا جاء مسألة مستجدة نازلة ما استطاع أن يخرجها على طريقة أهل العلم.

طالب: أحسن الله إليك حتى التعامل مع الأجهزة والبرامج ليس كل شخص يجيدها الذي ليس عنده دربة وفقه..

والله يجيدون يا شيخ..

طالب: يعني ينقل لكن ما يعرف...

هو يستطيع أن يخرج المسألة من الجهاز ويقول لك قال فلان كذا هذا فقيه هذا؟! ناقل فقه.

طالب: لكن إذا استطاع أنه يوازن بين..

لا، لو أنه استخرج الأقوال كلها بأدلتها ووازن بينها على ضوء القواعد المعتبرة عند أهل العلم فقيه مثل ما يراجع الكتاب.

وكذلك الكاتب في حالة الكتابة وهو كاتب بالفعل ولا يخرج عن كونه كاتبا في حال عدم مباشرته للكتابة وحلول الحوادث بالرب تعالى المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيه ولا إثباته في كتاب ولا سنة وفيه إجمال فإن أورد أنه سبحانه لا يحل في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد ولا يتكلم بما شاء إذا شاء.

هذا مراد المتكلمين من نفي حلول الحوادث بالله- جل وعلا- يريدون أن ينفوا عنه الصفات الاختيارية الفعلية، خلق هذا المخلوق فاكتسب الوصف وهذا الوصف حل به لوجود ما وصف بسببه والله جل وعلا منزه عن حلول الحوادث فالكلام مجمل ونفيه مطلقا لم يرد به كتاب ولا سنة وهو محتمل للأمرين الذَين ذكرهما المؤلف رحمه الله.

ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى ولا يُوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته فهذا نفي باطل وأهل الكلام.

يقول هذا ما معنى الأزل وأزليا؟

الأزل هو المتناهي في القِدم لذلك يجيزون الوصف به لأنه متناهي في القدم بخلاف الوصف بالقديم لأن المراد بالقديم مجرد التقدم على غيره من أمثاله، يعني لو أتيت مثل ما ذكرنا في درس سابق بقلمين قلم اشتريته في العام الماضي وقلم في هذه السنة، الذي اشتريته في العام الماضي القديم وهذه السنة الجديد لكن قبله أشياء، قبله ألوف مؤلفة من الأقلام فلا يقتضي التقدم المطلق، هو تقدم مقيّد ولذلك لا يجيزون وصف الله جل وعلا بالقديم حتى يضاف أزلي ويغني عن ذلك ما جاء في القرآن هو الأول.

طالب: السفاريني.........

إلا، ذكر صفات لا يوافَق عليها.

وأهل الكلام المذموم..

ذكر الجوهر والعرض وذكر أشياء ما يوافَق عليها.

وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث فيسلِّم السنِّي للمتكلم ذلك.

لأنه يظن أنه يريد المعنى الأوّل النفي الصحيح وهو في حقيقة الأمر يريد النفي بالمعنى الثاني لينفي به الصفات.

على ظن أنه نفى عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله فإذا سلّم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل وهو لازم له وإنما أُتي السني من تسليم هذا النفي المجمل.

طالب: .............

وإنما أتي السني من تسليم هذا النفي المجمل وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه.

لم تنقطع حجته لأنه لما نفى حلول الحوادث ووافقه السني على اعتبار أن المراد المعنى الأول من غير استفصال والمتكلم المناظر يريد النفي بالمعنى الثاني ألزمه بنفي الصفات فانقطع السني، ما عنده حجة مادام وافق على نفي حلول الحوادث من غير تفصيل يلزمه على المعنى الثاني فانقطع، ولو استفصل ما انقطع لأنه لو استفصل قال نعم أنا أنفي الحوادث بالمعنى الأول ولا مانع منها بالمعنى الثاني.

طالب: .............

وين؟

طالب: .............

وأهل الكلام؟ وهو لازم له.. فإذا سلم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية ونفي صفات الفعل وهو لازم له إذا نفى نفيا مطلقا، ما استفصل يلزمه.

طالب: .............

دعنا على احتمالين، هو إذا نفى مطلقا لزمه نفي الصفات لأنه بالمعنى الثاني يستلزم نفي الصفات فهو لازم له ولو استفصل ما لزمه نفي الصفات؛ لأنه نفى، أثبت نوعا ونفى نوعا، الذي يستلزم منه نفي الصفات نفاه.

وكذا مسألة الصفة هي زائدة على الذات.

إذا أردت أن تقوله غير لازم له في حقيقة الأمر لا يلزم السني نفي الصفات؛ لأن النفي لا يجوز نفيه بالإطلاق إنما بالاحتمالين احتمال صحيح واحتمال فاسد فإنه أنت تمشي وغير لازم له في حقيقة الأمر لا يلزم في الإثبات المطلق أو النفي المطلق نفي الصفات.

طالب: .............

كيف؟

طالب: .............

هو متجه غيره وعدمه لأنه حتى النفي احتمالان.

طالب: .............

حقيقة الأمر غير لازم له نفي الصفات لكن هذا الذي من سذاجته وافق يلزمه نفي الصفات لأنه وافَق على ما يقتضي نفي الصفات.

وكذا مسألة الصفة هي..

ولذلك في المناظرة ينبغي أن يكون المناظِر زيادة على الرسوخ في العلم أن يكون نبيها وأن يكون حاضر الجواب.

وكذا مسألة الصفة هل هي زائدة على..

هل هي.

أحسن الله إليك.

هل هي زائدة على الذات أم لا، لفظها مجمل وكذلك لفظ الغير فيه إجمال فقد يراد به ما ليس هو إياه وقد يراد به ما جاز مفارقته له ولهذا كان أئمة السنة رحمهم الله تعالى لا يطلقون على صفات الله وكلامه أنه غيره ولا أنه ليس غيرَه لأن إطلاق الإثبات قد يشعر أن ذلك مباين له وإطلاق النفي قد يشعر بأنه هو هو إذ كان..

مثل ما تقدم هل الصفة غير الموصوف أو عين الموصوف؟ يحتاج إلى تفصيل متى نقول أنها غيره لا يشك أن يد زيد جزء منه ومنها يتركب مع بقية الصفات وبقية الأجزاء وبقية الأعضاء فهي هو من هذه الحيثية، وإذا أردت أن تتحدث عنها على سبيل الاستقلال مثلا تقول زيد قصير ويده طويلة مثلا وش صار؟ الحديث يُفهم منه أنه غيره لكن لا على جهة الانفصال بالمعنى الأول.

وإطلاق النفي قد يُشعِر بأنه هو هو إذ كان لفظ الغير فيه إجمال ولا يطلق إلا معه البيان والتفصيل فإن أريد به أن هناك ذاتًا مجردة قائمة بنفسها منفصلة عن الصفات الزائدة عليها فهذا غير صحيح.

مستحيل أن يوجد موصوف بغير صفات، وأن تستقل هذه الصفات عن الموصوف فتكون غيره.

وإن أريد به الصفات.

أن الصفات

نعم يا شيخ؟

أن الصفات زائدة..

وإن أريد به أن الصفات زائدة على الذات التي يفهم من معناها غير ما يفهم من معنى الصفة فهذا حق ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن الصفات.

نعم تتحدث عنها عن ذات وعن صفات عن ذات على حدة وعن صفات على حدة في الذهن أما في الخارج لا يمكن أن يوجد ذات مجردة عن صفات.

ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن الصفات بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها لا تنفصل عنها وإنما يُفرض..

يَفرض.

أحسن الله إليك.

وإنما يَفرض الذهنُ ذاتا وصفة كلا كلا..

وحْدَه.

كلا وحده ولكن ليس في الخارج ذات غير موصوفة فإن هذا محال ولو لم يكن إلا صفة الوجود فإنها لا تنفك عن الموجود وإن كان الذهن يفرض ذاتًا ووجودا يُتَصوّر.

نعم يتحدث عن الذات على حدة وعن الوجود على حدة لكن لا يتصور موجود بغير وجود.

وإن كان الذهن يفرض ذاتا ووجودا يتصوّر هذا وحده وهذا وحده لكن لا ينفكّ أحدهما عن الآخر في الخارج وقد يقول..

الآن لما تقول ضرب زيدٌ عمرًا ضرب زيدٌ عمرًا تتحدث عن الفعل على حدة وتتحدث عن الفاعل على حدة وعن المفعول على حدة، لكن هل تتصور أن العملية التي هي الضرب الذي حصل من زيد على عمرو يمكن أخذها أجزاء؟ ما يمكن تأخذ الضرب على حدة مع وقوعه من فاعل على مفعول ما يمكن، زيد ما سمي فاعلا إلا لأنه ضرب، وعمرو ما سمي مفعولا إلا لأنه ضُرب وما أوتي بالفعل الدال على الحدث في الزمن الماضي إلا لوقوع الضرب من فلان على فلان، أنت إذا أخذتها أجزاء لكن لا يُتصوّر ضرب فقط، لا معنى للضرب لوحده  ولا يوجد لا ضارب ولا مضروب يتصور ضرب؟! ما فيه فاعل ولا مفعول لا يتصور ضرب.

وقد يقول بعضهم الصفة لا عين الموصوف ولا غيره.

قد يتصور مثلا تقول زيدٌ آكل وهذا الطعام مأكول، تقول الإبل مأكولة اللحم، مأكولة تسميها مأكولة وهي حيّة تمشي باعتبار أن جنسها مأكول، أكل مثله أو ستؤكل وإن كانت في الحال الحاضرة ليست مأكولة بالفعل، لكن مثل ما يقال بالقوة القريبة من الفعل لأنه أهل لأن يؤكل فتسميه مأكولا فتنفك النسبة بين الفعل والفاعل والمفعول من هذه الحيثية.

وقد يقول بعضهم الصفة لا عين الموصوف ولا غيره وهذا له معنى صحيح وهو أن الصفة ليست عين ذات الموصوف التي يفرضها الذهن مجردة بل هذ غيرها وليست غير الموصوف بل الموصوف بصفاته شيء واحد غير متعدد والتحقيق أن يفرّق بين قول القائل الصفات غير الذات وبين قوله صفات الله غير الله فإن الثاني باطل لأن مسمى الله يدخل فيه صفاته بخلاف مسمى الذات فإنه لا يدخل فيه الصفات لأن المراد أن الصفات زائدة على ما أثبته المثبتون من الذات والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة ولهذا.

لكن وإن صح هذا التصور إلا أنه لا يمكن أن يوجد ذات مجردة عن صفات، وسيأتي الكلام عن الاسم والمسمى هل الاسم عين المسمى أو غير المسمى باعتبار هو عينه وباعتبار هو غيره كما سيأتي، فإذا قلت زيد ودعوت زيدا قلت يا زيد هل أنت تدعو الاسم أو تدعو الشخص؟ الشخص فالاسم عين المسمى وإذا كتبت زيدا في ورقة وأحرقتها هل أنت أحرقت الذات أو أحرقت.. أحرقت الاسم أو المسمى؟

طالب: الاسم.

فهو غيره من هذا الاعتبار وقريب من ذلك الصوَر الصورة هل هي ذات المصوَّر أو غيره؟ أنت إذا رأيت مثلا صورة فلان في جريدة تشك أنه فلان؟ إذا قيل لك من هذا؟ تقول فلان ما يحتاج أن تقول صورة فلان ورأيت فلانا يتكلم في القناة الفلانية، رأيت فلانا ما تقول رأيت صورة فلان هذه من جهة هي ذات لكن لو حصل خلل في الجهاز تتأثر ذاته أو صورته؟ صورته إذًا هي غيره من هذه الحيثية.

ولهذا قال الشيخ رحمه الله لازال بصفاته ولم يقل لازال وصفاته لأن يؤذن بالمغايرة وكذلك قال الإمام أحمد رضي الله عنه في مناظرته الجهمية لا نقول الله وعلمُه الله وقدرتُه الله ونوره..

نعم، لأن الأصل في العطف أنه يقتضي المغايرة قد يعطف الشيء على نفسه باعتبار تغيّر اللفظ لكن ليس هو الأصل.

ولكن نقول الله بعلمه وقدرته ونوره هو إله واحد سبحانه وتعالى فإذا قلت أعوذ بالله فقد عذت بالذات المقدسة الموصوفة بصفات الكمال المقدس الثابتة التي.

إذا قلت أعوذ بالله، الاسم شمل الذات والصفات ويجوز أن تستعيذ بصفة من صفاته باعتبار أنها منه جل وعلا.

فقد عذت بالذات المقدسة الموصوفة بصفات الكمال المقدّس الثابتة التي لا تقبل الانفصال بوجه من الوجوه وإذا قلتُ أعوذ بعزة الله فقد عذت بصفة من صفات الله تعالى ولم أعذ بغير الله وهذا..

وهذا يلزم على من يدّعي أن الصفة غير الموصوف مثل صفة الكلام وأن الله خلقه فإذا استعاذ بكلمات الله استعاذ بغير الله على حد زعمه وأشرك حينئذ لأنه استعاذ بغير الله، وإذا قلنا أنها صفته التي لا تنفك عنه جازت الاستعاذة به وبها جاء الحديث أعوذ بكلمات الله التامة.

وهذا المعنى يفهم من لفظ الذات فإن ذات في أصل معناها لا تستعمل إلا مضافة أي ذات وجود ذات قدرة ذات عز ذات علم ذات كرم إلى غير ذلك من الصفات فذاتك ذا بمعنى صاحبتك ذا تأنيث ذو هذا أصل معنى الكلمة.

لكن السؤال هل ثبت وصف الله جل وعلا بأنه ذات إطلاق الذات على الله جل وعلا..

طالب: .............

ماذا يقول؟ وذلك في ذات الإله إبراهيم يقول ثلاث كلمات كلها في ذات الله، يقصد الذات الذي هو الله؟

طالب: .............

بهذا المعنى؟

طالب: لا.

لا، ليس المراد هذا المعنى الذي يريدونه هنا.

طالب: .............

إيه جاء عن ابن عباس لكن في سنده كلام، لكن أهل العلم من أهل السنة وأئمتها تظافرت أقوالهم على إثبات الذات لله جل وعلا وأما ما يتصور في الحديث الصحيح في البخاري وغيره أن إبراهيم عليه السلام كذب ثلاث كذبات كلها في ذات الله كما قال خُبيب أو خباب؟ خباب..

طالب: خبيب..

خبيب نعم وذلك في ذات الإله..

طالب: .............

نعم، في ذات الإله هل هو المقصود عندنا؟ المعنى الوارد في الحديث وفي الأثر هل هو المقصود عندنا؟ لا، يعني في ذاته من أجله.

طالب: لا يقال مثل ما يقال في الصفات أن لها معنى... ونثبت المعنى الإجمالي والكيفية...

من أين نأخذه؟

طالب: ...مثل صفة اليد...

طيب لابأس، ثبتت اليد بنصوص صحيحة وقطعية ودلالتها قطعية لكن الذات ثبتت بأي شيء؟ ما نأتي باللفظ لأنه ورد في حديث صحيح وننزله في غير ما نريد أن نتحدث به.

فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه وإن كان الذهن قد يفرض ذاتًا مجردة عن الصفات كما يفرض المحال وقد قال -صلى الله عليه وسلم- «أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» وقال -صلى الله عليه وسلم-..

استعاذ بالصفة التي هي عزة الله واستعاذ بكلمات الله وهي صفة من صفاته.

وقال -صلى الله عليه وسلم- «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» ولا يعوذ -صلى الله عليه وسلم- بغير الله وكذا قال -صلى الله عليه وسلم- «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك» وقال -صلى الله عليه وسلم- «ونعوذ بعظمتك أن نُغتال من تحتنا» وقال -صلى الله عليه وسلم- «أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات» وكذلك قولهم الاسم عَيْن المسمى أو غيره وطالما غلط كثير من الناس في ذلك وجهلوا الصواب فيه فالاسم يراد به المسمى تارة ويراد به اللفظ الدالّ عليه أخرى فإذا قلت قال الله كذا أو سمع الله لمن حمده ونحو ذلك فهذا المراد به المسمى نفسه، وإذا قلت الله اسم عربي والرحمن اسم عربي والرحمن من أسماء الله تعالى ونحو ذلك فالاسم هاهنا للمسمى ولا يقال غيره لما في لفظ الغير من الإجمال فإن أريد بالمغايرة أن اللفظ غير المعنى فحق وإن أريد أن الله سبحانه كان ولا اسم له حتى خلق لنفسه.

فرق بين أن تريد الشيء نفسه أو تتحدث عنه الآن، الاسم والفعل والحرف كل واحد من هذه الحقائق الثلاث لها ما يميزها عن قسيميه فتقول الاسم يدخل عليه الجار والفعل لا يجار لا يدخل عليه حرف الجر والحرف أيضا لا يدخل عليه حرف الجر ولا يسند إليه، وليس يعرف بالجر والتنوين والنداء والإسناد تقول زيد قائم زيد مبتدأ وقائم خبر.

مبتدأ زيد وعاذر خبر

 

إن قلت زيد عاذر من اعتذر

لكن هل تستطيع أن تسند إلى فعل؟ باعتباره فعلا وليس كلمة متحدث عنها، تقول يضرب فعل مضارع ما إعراب يضرب هنا؟

طالب: .............

أنت قلت فعل مضارع ما أتيت بجديد، هو في السؤال يضرب فعل مضارع، ما إعراب يضرب في هذه الجملة؟

طالب: .............

مبتدأ كيف يكون مبتدأ وهو فعل؟ لأنا ما قصدنا الحدث، أردنا الحديث عن هذه الكلمة من حرف جر ما إعراب؟ من مبتدأ وحرف خبره فأنت ما أردت باعتباره حرفا، أنت أردت أن تتحدث عنه لا لأنه عامل فيما بعده، ففرق بين أن تتحدث عن الشيء باعتبار أصله وأن تتحدث عنه باعتبار الإسناد إليه مثل ما قلنا، وهنا في كلام المؤلف رحمه الله فإن أريد بالمغايرة أن اللفظ غير المعنى فحق اللفظ غير المعنى وإن أريد أن الله سبحانه كان ولا اسم له حتى خلق.. هنا؟

نعم يا شيخ نعم آخر ما قرأنا.

والرحمن اسم عربي والرحمن من أسماء الله تعالى ونحو ذلك فالاسم هنا للمسمى مثل ما قلنا، إذا قلت يا زيد أنت تريد الاسم المركّب من ثلاثة حروف أو تريد المسمى الذات والصفات الماثلة أمامك، ومثلما قلنا لو كتبت زيدا في ورقة وأحرقتها، كتبت زيد بن محمد بن فلان الأنصاري زميل لك في العمل أحرقته في الليل أحرقته في النهار ذهبت إلى العمل فوجدته موجودا ما احترق فالاسم عين المسمى أو غيره؟ غيره، فلا بد من تصور هذه الأمور ليتضح لنا معنى كلام أهل العلم في هذه المسألة وهي من دقائق الأمور، شخص نتناقش نحن وإياه في مسألة التصوير وما التصوير وأنه نفس الشخص وما نفس الشخص ترى نفس مسألة الاسم والمسمى، ويخرج في القنوات يريد أن يقنعني قال هذه ليست بصورة هذا أنت، قلت طيب لو آتي بمسدس وأضرب هذه الشاشة هل يصير لك شيء؟ قال ما يصير شيء قلت صرت أنت أو صورتك؟! نت أنت ما يصلح الكلام مدروس يحتاج إلى زيادة فهم للموضوع، الكلام الذي يكون لمجرد إقناع بدون رصيد ما ينفع.

أحسن الله إليك.

وإن أريد أن الله سبحانه كان ولا اسم له حتى خلق لنفسه أسماء أو حتى سماه خلقُه بأسماء من صنعهم فهذا من أعظم الضلال والإلحاق في أسماء الله تعالى، والشيخ رحمه الله أشار بقوله مازال بصفاته قديما قبل خلقه إلى آخر كلامه إلى الرد على المعتزلة والجهمية ومن وافقهم من الشيعة فإنهم قالوا..

والشيعة في الأسماء والصفات جهمية وفي القدر معتزلة وفي بقية الأبواب فحدث ولا حرج جمعوا من جميع المذاهب أسوأ ما فيها نسأل الله العافية.

فإنهم قالوا إنه تعالى صار قادرا على الفعل والكلام بعد أن لم يكن قادرًا عليه لكونه صار الفعل والكلام ممكنا.

وما قالوا إلا أن شبهوا الخالق بالمخلوق قاسوه عليه، لا يمكن أن تأتي إلى طفل في مهده وتقول هذا مزارع أو هذا نجار، طيب أين الصفة التي من أجلها يطلق عليه الاسم؟ لا يمكن أن يسمى إلا إذا باشر ووجد منه ما يستحق به هذا الوصف فبعد أن شبهوا الله بالمخلوق جل وعلا نفوا عنه ما أراد نفيه لئلا يشبه المخلوق ألزموا أنفسهم بغير لازم فوقعوا في مثل هذا.

لكونه صار الفعل والكلام ممكنا بعد أن كان ممتنعا وأنه انقلب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي وعلى ابن كُلّاب..

يعني يشير إلى الرد على المعتزلة والجهمية والكُلَّابية والأشعرية.

وعلى ابن كُلَّاب والأشعري ومن وافقهما فإنهم قالوا إن الفعل صار ممكنا له بعد أن كان ممتنعًا منه وأما الكلام عندهم فلا..

إذا كان الفعل ممتنعا عنه مؤدى ذلك أنه عاجز غير قادر على الفعل- تعالى الله عما يقولون-.

وأما الكلام عندهم فلا يدخل تحت المشيئة والقدرة بل هو شيء واحد لازم لذاته ولذا يقولون كلام الله قديم يعني أنه تكلم في القدم في الأزل ولم يعد يتكلم وصف الكلام بأنه قديم من هذه الحيثية لأنه شيء واحد ويقولون عنه أنه يتغيّر اسمه ووصفه بتغيّر اللغات إن كان بالعربية صار قرآنا هو نفسه بالعربية يصير قرآنا، وبالسريانية يصير توراة، وبالعبرانية يصير أو العكس يصير إنجيلا مقتضى هذا أننا إذا ترجمنا تبت يدا أبي لهب بالسريانية نجد نظيرها في التوراة، أو ترجمناها بالعبرانية وجدناها في الإنجيل، أو بالعبرانية تصير توراة، نجدها في التوراة هل هذا الكلام صحيح؟! إذا ترجمنا قصة الإفك يمكن أن نجدها في التوراة أو الإنجيل؟! هذا لازم، كلامهم الكُلَّابية والأشعرية هو شيء واحد تكلم به وانتهى ولم يعد يتكلم، لكن إن عبر عنه بالعربية صار كذا وإن عبر عنه بالسريانية صار كذا وإن عبر عنه بالعبرانية صار كذا، وهذا كلام لا يؤيده لا عقل ولا نقل، جاء في الخبر الصحيح أن داود يقرأ القرآن كله ودابته تُسرَج القرآن المراد به المقروء وهو ما أُنزل عليه ليس المراد به قرآننا ما أُنزل عليه يعني المقروء وليس القرآن الذي بين أيدينا والصواب أن كلام الله جل وعلا نوعه وجنسه قديم وآحاده متجددة فهو جل وعلا تكلم في الأزل ويتكلم متى شاء إذا شاء.

فهو قديم النوع متجدد الآحاد.

أحسن الله إليك.

وأصل هذا الكلام من الجهمية فإنهم قالوا إن دوام الحوادث ممتنع وإنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ لامتناع حوادث لا أول لها فيمتنع أن يكون الباري عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشيئته.

لأنه لو قلنا أنها قديمة بقدمه كانت معه هي صفاته وقلنا لأنهم يزعمون أنها شيء لأن الصفة غير الموصوف عندهم فتكون هذه الحوادث حلت به وهي قديمة بقدمه ويمتنع وجود حوادث لا أول لها لأننا إذا أثبتنا حوادث لا أول لها قلنا أنها مثله جل وعلا.

بل يمتنع أن يكون قادرًا على ذلك لأن القدرة على الممتنع ممتنعة، وهذا فاسد فإنه يدل على امتناع حدوث العالم وهو حادث والحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثا فلا بد أن يكون ممكنًا والإمكان.

يقولون ممتنع أن نوجد حوادث لا أول لها طيب إذا امتنع ابتداؤها في الأزل وصارت ممتنعة لذاتها كيف أمكنت فيما بعد إذا كانت ممتنعة؟ ولذا يقول وهذا فاسد فإنه يدل على امتناع حدوث العالَم وهو حادث مجمع على أنه حادث، وهو حادث والحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثا فلا بد أن يكون ممكنا لا يكون ممتنعا ثم يحدث هذا تناقض.

والإمكان ليس له وقت محدود وما من وقت يُقَدَّر إلا والإمكان ثابت فيه فليس لإمكان الفعل وجوازه وصحته مبدأ ينتهي إليه فيجب أنه لم يزل الفعل ممكنًا جائزا صحيحا فيلزم أنّه لم يزل الربُّ قادرًا عليه فيلزم جواز حوادثَ لا نهاية لأولها قالت الجهمية..

وهذا التسلسل في الماضي وسيأتي الكلام في التسلسل في المستقبل.

قالت الجهمية ومن وافقهم نحن لا نسلم أن إمكان لا بداية له ولكن نقول إمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية له وذلك لأن الحوادث عندنا تمتنع أن تكون قديمة النوع بل يجب حدوث نوعها ويمتنع قدم نوعها لكن لا يجب الحدوث في وقت بعينه فإمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا أوّل له بخلاف جنس الحوادث فيقال لهم هب أنكم تقولون ولكن يقال إمكان جنس الحوادث عندكم له بداية فإنه صار جنس الحدوث عندكم ممكنًا بعد أن لم يكن ممكنًا وليس لهذا الإمكان وقتٌ معيّن بل ما من وقت يفرض إلا والإمكان ثابت قبله فيلزم دوام الإمكان وإلا لزم انقلاب الجنس من الامتناع إلى الإمكان من غير حدوث شيء ومعلوم أن انقلاب.

الحوادث وهي المخلوقات والمفعولات هل يستطيعون إنكار وجودها؟ هم يقولون لا نسلم أن هذه الحوادث لا أوّل لها يعني أنها حادثة على اسمها وأنها كانت بعد أن لم تكن، نقول صحيح لكن يبقى أن بداية حدوثها بداية الحدوث قديم لأنه يقول إذا قلنا قديم صارت مشبهة لله جل وعلا من هذه الحيثية فتمنع، طيب إذا قلتم حدوثها ممكن وأنها حدثت بعد أن لم تكن وتأخر حدوثها إلى متى؟ إلى أي حد؟ له حد عندهم التأخر؟ ما له حد ويلزم عليه على حد قولهم حلول الحوادث لله جل وعلا سواء تقدمت أو تأخرت فهم يريدون أن ينفوا المفعولات لله جل وعلا وأن الله لا يوصف بهذه الأوصاف هذا الذي يريدون التوصل إليه.

ومعلوم أن انقلاب حقيقة جنس الحوادث أو ما أشبه هذا من العبارات من الامتناع إلى الإمكان هو يصيّر ذلك ممكنا جائزا بعد أن كان ممتنعا من غير سبب تجدد وهذا ممتنع في صريح العقل وهو أيضا انقلاب الجنس من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي فإن ذات جنس الحوادث..

يعني كإثبات الشيء ونقيضه لشيء واحد فيلزم على ذلك إثبات النقيضين، إمكان مع امتناع الامتناع نقيض الإمكان، وإن قلبت من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي فأثبتوا النقيضين.

وهذا الانقلاب لا يختص بوقت معيّن فإنه ما من وقت يقدّر إلا والإمكان ثابت قبله فيلزم أنه لم يزل هذا الانقلاب ممكنا فيلزم أنه لم يزل الممتنع ممكنًا وهذا أبلغ في الامتناع من قولنا لم يزل الحادث ممكنًا وقد لزمهم فيما فرُّوا إليه أبلغ مما لزمهم فيما فرّوا منه فإنه يعقل كون الحادث ممكنًا ويعقل أن هذا الإمكان لم يزل.

ويُمكن ويُعقل..

ويُعقل أن هذا الإمكانَ لم يزل..

الإمكانَ بدل أو بيان.

وأما كون الممتنع ممكنًا فهو ممتنع في نفسه فكيف إذا قيل لم يزل إمكان هذا الممتنع وهذا مبسوط في موضعه.

 

نظرا لقرب الامتحانات وأكثر الإخوة من الطلاب فإنه تقرر أن يكون هذا الدرس وهو آخر دروس الطحاوية وتستأنف الدروس- إن شاء الله تعالى- في الأسبوع الثاني من الفصل الثاني. 

"