شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (133)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، مع بداية حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال المصنف -رحمه الله-: عن محمود بن الربيع –رضي الله عنه- قال: "عقلت من النبي –صلى الله عليه وسلم- مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

راوي الحديث محمود بن الربيع بن سراقة الأنصاري الخزرجى، قيل: إنه من بني الحارث بن الخزرج، فقيل: من بني سالم بن عوف، وقيل: إنه من بني عبد الأشهل، فعلى هذا القول يكون من الأوس، يكنى أبا نعيم، ويقال: أبو محمد، ويعد في أهل المدينة، ونزل بيت المقدس توفي سنة تسع وتسعين، وقيل: سنة ست وتسعين كذا في أسد الغابة، وقال ابن حجر: صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة.

 والحديث أورده البخاري –رحمه الله تعالى- ضمن الترجمة السابقة متى يصح سماع الصغير؟ متى يصح سماع الصغير؟

قال العيني: مطابقة الحديث للترجمة من حيث استدلالهم به على إباحة مج الريق على الوجه، إذا كان فيه مصلحة، مطابقة الحديث للترجمة من حيث استدلالهم به على إباحة مج الريق على الوجه، إذا كان فيه مصلحة، وعلى طهارته وغير ذلك، هل هذه مطابقة للترجمة؟ المطابقة تأتي، وليس ذلك إلا لاعتبارهم نقل محمود بن الربيع، يعني اعتمادًا على روايته، وليس ذلك إلا لاعتبارهم نقل محمود بن الربيع، فدل على أن سماع الصغير صحيح.

ظهر؟

المقدم: نعم، الآن نعم.

والترجمة فيه بل مطابقة هذا الحديث للترجمة أشد من حديث ابن عباس، فإنه قد ناهز الاحتلام، أو فإن من ناهز الاحتلام لا يُسمى صغيرًا عرفًا، ومحمود بن الربيع أخبر بذلك وعمره خمس سنين.

يعني هو أقرب..

المقدم: نعم.

 إلى الترجمة من ابن عباس، في بعض الروايات سماع الصبي الصغير، وابن عباس لا يقال له صبي، صغير؛ لأنه لم يكلف ناهز الاحتلام، لكن مطابقة حديث محمود للصبي، كلمة الصبي الصغير ظاهرة.

يقول الكرماني: فإن قلت: ما وجه دلالته على الترجمة؟ قلت: استدلالًا على إباحة مج الريق على الوجه، إذا كان فيه مصلحة، وعلى طهارته، وغير ذلك، هذا أخذه العيني في الكلام السابق ووضحه؛ لأن الذي يقرأ كلام الكرماني لا يلحظ فيه المناسبة، المناسبة والمطابقة من حيث اعتماد أهل العلم على هذا الخبر واستنباطهم هذا الحكم منه، وهو خبر صبي صغير، إذًا سماع الصغير صحيح.

 يقول: فإن قلت: فهل يحكم لمثل هذا الصبي بأنه صحابي؟ قلت: نعم، لصدق حد الصحابي عليه وهو مسلم، رأى النبي –صلى الله عليه وسلم-.

عقلتُ: بفتح القاف، أي حفظت وعرفت، (من عقل يعقل، من باب ضرب يضرب عقلًا ومعقولًا) عقلًا: المصدر، ومعقولًا: مصدر أم غير مصدر؟ عقل يعقل عقلًا ومعقولاً، يقول العيني: مصدر، وقال سيبويه: هو صفة، وكان يقول: إن المصدر لا يتأتى على وزن مفعول ألبتة، هذا كلام سيبويه.

 مجة: المج إرسال الماء من الفم، وقيل: لا يسمى مجًّا إلا إذا كان على بعد، يعني القريب لا يسمى مجًّ، وإن أسال الماء من فمه، لا يسمى مجًّا إلا إذا كان على بعد، وقال صاحب العين: مج الشراب من فيه رمى به، رمى به.

 الفرق بين المج واللفظ: الماء يمج والنواة..

المقدم: تلفظ.

تُلفَظ؛ إذًا الفرق بينهما ماذا؟ يمكن أن يحمل هذا على السوائل، وهذا في الجوامد.

 والمجاجة والمجاج: الريق الذي تمده من فيك، مجاجة الشيء أيضًا عصارته، ويقال: إن المطر مجاج المزن، والعسل مجاج النحل؛ لأنه يمجه من فيه، والمجاج أيضًا اللبن؛ لأن الضرع يمجه، والتركيب يدل على رمي الشيء بسرعة، المج: رمي الشيء بسرعة، يعني مثل صورة الماء الذي يُمج من الفم بسرعة، والضمير في مجها (مجة مجها) الضمير في مجها راجع إلى مجة فهو مفعول مطلق، مجها (مج مجًّا)، كأنه قال: مجها مجًّا في وجهي، والضمير في مجها راجع إلى مجة فهو مفعول مطلق، ويحتمل أن يكون مفعولاً به -قاله الكرماني-، وفي عمدة القارئ مجها: جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب، على أنها صفة لمجة، والضمير فيها يعود إلى المجة، مجةٍ يعني موصوفة بكونه –عليه الصلاة والسلام-..

المقدم: مجها في وجهي.

مجها في وجهي نعم.

وفعل النبي –عليه الصلاة والسلام- مع محمود إما مداعبة معه، أو ليبارك عليه بها، يعني للبركة، إما من باب المداعبة، أو البركة، وكان ذلك من شأنه –عليه الصلاة والسلام- مع أولاد الصحابة يداعبهم، لكن هل المداعبة من غيره –عليه الصلاة والسلام- بمثل هذا مقبولة، أم غير مقبولة؟ نعم، الطفل قد يقبلها، أما من كبرت سنه، فقد لا يقبلها؛ لأن ما يختلط بالريق مكروه أم غير مكره؟ مكروه لدى الناس، لكن منه –عليه الصلاة والسلام- إذا كانوا يتقاتلون ويتزاحمون على فضلاته –عليه الصلاة والسلام-، فكيف بريقه –عليه الصلاة والسلام-؟

وهذا خاص به –صلى الله عليه وسلم-؛ إذ جعل الله فيه البركة، لذا كان الصحابة يحضرون أولادهم ليحنكهم، ولم يحضروهم بعده –عليه الصلاة والسلام- لغيره كأبي بكر، وعمر مثلًا، فهذا خاص به –عليه الصلاة والسلام-؛ لما جعل الله فيه من البركة، أما غيره فلا، فلم يعرف عن أحد من الصحابة أنه أحضر ولده إلى أبي بكر، أو عمر، وإن كان جل الشراح يستنبطون من التحنيك مشروعية إحضار الصبيان الصغار لأهل الفضل والخير والصلاح؛ لبركتهم، وهذه لا توجد في غيره –عليه الصلاة والسلام-؛ بدليل أن الصحابة لم يحضروا أولادهم إلى أبي بكر ولا عمر –رضي الله عنهما-.

أحد الحضور: المجة التي مجها النبي –عليه الصلاة والسلام- مداعبة لمحمود، أو لتحصيل البركة؟

هما احتمالان: هما احتمالان: أوردناهما، وفعل النبي –عليه الصلاة والسلام- إما مداعبة لمحمود..

المقدم: وإما لحصول البركة.

وإما لتحصل البركة، كل منهما احتمال، مسألة اللعاب وما يخرج من الفم، عند كثير من الناس في عرفهم

المقدم: مستكدر.

مستكدر، لكن النبي –عليه الصلاة والسلام- لما أخذ الحسن التمرة حسن بن عليّ –رضي الله عنهما- أخذ التمرة من تمر الصدقة فوضعها في فيه، أخذها النبي –عليه الصلاة والسلام- بلعابها وأعادها إلى التمر، وأعادها إلى التمر، فكأن هذا كونه غير مقبول؛ يمكن في عرف بعض الناس، أو في بعض البلدان دون بعض، أو في بعض الأجيال دون بعض، النبي –عليه الصلاة والسلام- أعادها بلعابها، فلعل هذا يكون مستقذرًا في بعض البلدان دون بعض، أو في بعض الأجيال دون بعض، وقد رأيت من توقظ أبناءها في المسجد الحرام بالمج، أولادها كبار، امرأة توقظ أولادها بالمج في وجوههم، رأيتها بعيني، فلعل هذا يكون مكروهًا عند قوم دون آخرين، أو في بلد دون بلد، أو في عصر دون عصر؛ لئلا يقال مثلًا: لماذا أعادها النبي –عليه الصلاة والسلام- بلعابه، وهي سوف تعطى أناسًا يأكلونها من فقراء المسلمين، فلعل هذا عند قوم دون قوم، أو في جيل، أو في بلد احتمال.

 من دلو، زاد النسائي: معلق، ولابن حبان: معلقة، والدلو يذكر ويؤنث، وللبخاري في الرقاق من رواية معمر: من دلو كانت في دارهم، وله في الطهارة والصلاة وغيرهما: من بئر بدل دلو، قال ابن حجر: ويجمع بينهم بأن الماء أخذ بالدلو من البئر، وتناوله النبي –عليه الصلاة والسلام- من الدلو.

يعني لا اختلاف، وهو باعتبار مصدره البئر، والواسطة السبب الذي أخرج به من البئر بالدلو، فمن قال: من البئر فباعتبار المصدر، ومن قال: من الدلو فباعتبار المباشرة الذي هو السبب.

 يقول: وأنا ابن خمس سنين، قال ابن حجر: لم أرَ التقييد بالسن عند تحمله الخبر في شيء من طرقه، لا في الصحيحين ولا في غيرهما من الجوامع والمسانيد إلا من طريق الزبيدي هذه، والزبيدي من كبار الحفاظ المتقنين عن الزهري حتى قال الوليد بن مسلم: كان الأوزاعي يفضله على جميع من سمع من الزهري، هذه اللفظة وأنا ابن خمس سنين لا توجد إلا عند البخاري من طريق الزبيدي، لا توجد من طريق غيره لا عند البخاري ولا غيره، لكن هل معنى هذا أنهم بمثل هذا الكلام يريد أن يعل رواية الزبيدى؟ لا يريد أن يعلها بدليل أنه ذكر الثناء عليه من قبل الأئمة، لا يريد أن يعلها برواية الأكثر، بدليل أنه ذكر الثناء عليه من قبل الأئمة، يقول: الزبيدي من كبار الحفاظ المتقنين عن الزهري، حتى قال الوليد بن مسلم: كان الأوزاعي يفضله على جميع من سمع من الزهري، وقال أبو داوود: ليس في حديثه خطأ، ويريد ابن حجر أن الزبيدي وإن تفرد بها إلا أنه حفظها وضبطها وأتقنها، فلا تعل برواية الأكثر، وذكر القاضي عياض في الإلماع وغيره، وذكر القاضي عياض في الإلماع وغيره أن في بعض الروايات أنه كان ابن أربع.

يقول ابن حجر: ولم أقف على هذا صريحًا في شيء من الروايات، بعد التتبع التام إلا إذا كان ذلك مأخوذًا من قول صاحب الاستيعاب، من صاحب الاستيعاب؟

 الإمام أبو عمر بن عبد البر، إلا إذا كان ذلك مأخوذًا من قول صاحب الاستيعاب أنه عقل المجة وهو ابن أربع سنين، أو خمس، وكأن الحامل له على هذا التردد قول الواقدي إنه كان ابن ثلاث وتسعين لما مات، أنه كان ابن ثلاث وتسعين لما مات، هو تقدم في ترجمته أنه مات سنة كم؟ تسع وتسعين، تسع وتسعين عند من؟ عند ابن الأثير في أسد الغابة، ويقال: سنة ستة وتسعين، فكلام الواقدي يتنزل على أن وفاته سنة ست وتسعين، وتوفي وهو ابن ثلاث وتسعين يكون عمره كم؟

المقدم: توفي وهو ابن ثلاث وتسعين؟

وكأن الحامل له على هذا التردد قول الواقدي إنه كان ابن ثلاث وتسعين لما مات، يعني إن كانت وفاته سنة تسع وتسعين فعمره ست، وإن كانت وفاته سنة ست وتسعين على القول الثاني فعمره ثلاث، اللهم إلا إذا كان في نهاية..

المقدم: أربع وتسعين.

ست وتسعين، فإذا عددنا الثلاث.

المقدم: مع ثلاث وتسعين.

نعم كم يكون؟

المقدم: ستًا وتسعين.

الآن ست وتسعون، ومن وفاة النبي –عليه الصلاة والسلام- إلى ست وتسعين، ست وثمانون سنة، وعمره ثلاث وتسعون، كم يكون عمره عند وفاة النبي –عليه الصلاة والسلام-؟ الآن إذا كان توفي سنة ست وتسعين..

المقدم: طيب.

بعد وفاة النبي –عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: بستة وثمانين.

بست وثمانين سنة إذا حذفنا منها كم؟ إذا طرحناها من ثلاث وتسعين يبقى كثير.

المقدم: فيكون؟

ما أدري، ما أعرف وجه أخذه من كلام الواقدي، وكأن الحامل له على هذا التردد قول الواقدي: إنه كان ابن ثلاث وتسعين لما مات، ابن ثلاث وتسعين.

المقدم: لكن هل النبي –عليه الصلاة والسلام- لما مات كان محمود هذا ابن ثلاث سنين، أو أربع؟

سيأتي أنه ابن خمس سنين، أنه ابن خمس سنين.

المقدم: لما مات..

لكن كيف يؤخذ كلام القاضي عياض، وكلام صاحب الاستيعاب أنه ابن أربع سنين، أو خمس من كونه توفي سنة ست وتسعين وعمره ثلاث وتسعون؟ من الهجرة، من الهجرة ست وتسعون إذا طرحنا منها ثلاثًا وتسعين بقي ثلاث، من الهجرة إلى سنة ست وتسعين ليس من وفاته –عليه الصلاة والسلام-، ليس منها الهجرة لـ ست وتسعين، ست وتسعون سنة احذف منها ثلاثًا وتسعين، احذف منها ثلاثًا وتسعين يبقى ثلاث، إن أردت أن تحسب الثلاث والتسعين والأربع والتسعين والخمس والتسعين، والست والتسعين يصير ابن أربع سنين فالأعلام اعتبروا هذا، حسبوا الثلاث والست، فيكون ابن أربع سنين.

يقول: والأولى أولى بالاعتماد (الذي هو الخمس) لصحة إسناده على أن قول الواقدي يمكن حمله إن صح على أنه ألغى الكسر وجبره غيره، على أنه ألغى الكسر وجبره غيره.

 وقال ابن حجر: إذا تحرر هذا فقد اعترض المهلب على البخاري؛ لكونه لم يذكر هاهنا حديث ابن الزبير في رؤيته والده يوم بني قريظة، في رؤيته والده يوم بني قريظة، ومراجعته له في ذلك، ففيه السماع منه، وكان سنه إذ ذاك ثلاث سنين، أو أربعًا، فهو أصغر من محمود؛ فإذا تحرر هذا فقد اعترض المهلب شارح الصحيح على البخاري؛ لكونه لم يذكر هنا حديث ابن الزبير في رؤيته والده يوم بني قريظة، ومراجعته له في ذلك ففيه السماع منه، وكان سنه إذ ذاك ثلاث سنين، أو أربعًا فهو أصغر من محمود، وليس في قصة محمود ضبطه لسماع شيء، فكان ذكر حديث ابن الزبير أولى لهذين المعنيين.

محمود بن الربيع ما ضبط كلامًا سمع كلامًا وحفظه؛ لأن ضبط الفعل الذي يتعلق بالشخص نفسه، إذا ضبطه الشخص الذي تعلق به كأنه حصل له حادث في سن من السنين يضبطه ويتيقن، لكن كونه يسمع كلامًا، هل ضبطه مثل ضبط ما يحصل من فعل؟ قد يضبط الفعل، لكن لا يضبط الكلام، فهو يقول: من هذه الحيثية قصة ابن الزبير أولى من قصة محمود؛ لأن الترجمة في سماع الصغير، وهذه ما فيها سماع، هذه ليست فيها سماع، قصة محمود؛ لأنه حصل له قصة مع النبي –صلى الله عليه وسلم- فيتذكرها، عقلها وتذكرها، لكن ليس فيها كلام يحفظ.

أحد الحضور: ...

يأتي ما فيها، يقول: فكان ذكر حديث ابن الزبير أولى لهذين المعنيين، وأجاب ابن المنير بأن البخاري إنما أراد نقل السنن النبوية، نقل السنن النبوية لا الأحوال الوجودية، هو ما يتحدث عن سماع الصغير أي كلام؛ لأن كون ابن الزبير يعقل كلام والده، لا يعني أنه حفظ شيئًا من السنّة، لكن محمودًا لما عقل المجة حفظ لنا شيئًا من السنَّة، يقول: أجاب ابن المنير بأن البخاري إنما أراد نقل السنن النبوية، قصة ابن الزبير ما فيها سنَّة نبوية، لا الأحوال الوجودية، ومحمود نقل سنَّة مقصودة في كون النبي –صلى الله عليه وسلم- مج مجة في وجهه، بل في مجرد رؤيته إياه فائدة شرعية تثبت كونه صحابيًّا.

الذي يعقل الفعل يعقل الكلام، وإن كان هناك بينهما فرق إلا أن ما أبداه ابن المنير واضح.

يقول: ومحمود نقل سنة مقصودة في كون النبي –صلى الله عليه وسلم- مج مجة في وجهه، بل في مجرد رؤيته إياه فائدة بشرعية تثبت كونه صحابيًّا، وأما قصة ابن الزبير فليس فيها نقل سنَّة من السنن النبوية، حتى تدخل في هذا الباب، ثم أنشد:

 

وصاحب البيت أدرى بالذي فيه
ج

وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، صاحب البيت أدرى بالذي فيه.

لماذا أنشد هذا البيت؟ إشارة إلى أن البخاري يعنى بالسنَّة النبوية، فهو أعرف بهذه الأمور، أو لأن محمودًا تهمه هذه القصة، وهو صاحب البيت في هذه القصة، أو كصاحب البيت في هذه القصة.

يقول ابن حجر: وهو جواب مسدد، وتكملته ما قدمناه قبل أن المقصود بلفظ السماع في الترجمة هو (يعني السماع)، أو ما ينزل منزلته من نقل الفعل أو التقرير، هو نقل فعل النبي –عليه الصلاة والسلام- فهو سنَّة، وغفل البدر الزركشي في تنقيحه- شرح مختصر جدًّا على الجامع الصحيح في ثلاثة أجزاء صغيرة جدًّا، صغيرة جدًّا، يعني مجرد تحليل لفظي لما أشكل- غفل البدر الزركشي في تنقيحه فقال: يحتاج المهلب إلى ثبوت أن قصة ابن الزبير صحيحة، على شرط البخاري، يحتاج المهلب إلى ثبوت أن قصة ابن الزبير صحيحة، على شرط البخاري، والبخاري قد أخرج قصة ابن الزبير، البخاري قد أخرج قصة ابن الزبير المذكورة في مناقب الزبير في الصحيح، فالإيراد موجه، وقد حصل جوابه، والعجب من متكلم على كتاب، كلام ابن حجر يقصد الزركشي، العجب المتكلم على كتاب يغفل عما وقع فيه من المواضع الواضحة، ويعترضها بما يؤدي إلى نفي وجودها فيه -قاله ابن حجر-.

هذه غفلة من الزركشي، لكن الذي لا يحفظ الكتاب كاملاً قد يغفل عن مثل هذه الأمور، قد يغفل عن مثل هذه الأمور، فالمسألة تحتاج إلى حفظ جميع الكتاب بحيث إذا تكلم على أوله يعرف ما سيرد عليه..

المقدم: في آخره.

في آخره والعكس، الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- وهو الحافظ في منزلته، ويتكلم على صحيح البخاري وكأنه يتكلم على الأربعين النووية في معرفة أطرافها والإحاطة بها، يحصل له شيء من ذلك، يقول: تقدم في باب كذا، وسيأتي وما تقدم ولا جاء، إنما قبله بأبواب أو بعده بأبواب، أو لا يرد أصلًا، هذه عادة البشر، هذا ما جُبل عليه البشر، الحافظ -رحمه الله- انتقد الحافظ عبد الغني في العمدة حينما أورد من الإثم في..

المقدم: في..

حديث «لو يعلم المار ما عليه من الإثم» هذه لا توجد في شيء من روايات الصحيح إلا عند الكشميهني، والكشميهني كما قال الحافظ ليس من الحفاظ، فانتقده الحافظ في نسبته هذا اللفظة إلى الصحيحين، وأوردها في البلوغ، فوقع في نفس ما انتقده فيه.

المقدم: سبحان الله.

هؤلاء بشر ليسوا معصومين، كلهم يرد عليهم مثل هذا الكلام، أقول: على الإنسان، أقول: للإنسان أن ينتقد، لكن ليس له أن..

المقدم: يسيء الأدب مثلًا.

نعم بلا شك، أو ينتقص، ولا أعني بهذا الحافظ أو غيره، لا، يوجد من ينتقص، إذا انتقد يسخر وينتقص، لكن النقد مطلوب، والتسديد مطلوب، والمؤمن مرآة أخيه، لكن يبقى أنه لا بد أن تحفظ كرامة أهل العلم فيُنتَقَدون بالأسلوب المناسب.

المقدم: أحسن الله إليكم، لعلنا نستكمل بإذن الله ما تبقي في هذا الحديث في حلقة قادمة، وأنتم على خير.

أيها الأخوة والأخوات، كنا وإياكم مع برنامجكم (شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح)، سوف نستكمل بإذن الله ما تبقى من ألفاظ هذا الحديث في الحلقة القادمة، وأنتم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.