شرح العقيدة الطحاوية (73)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام الطحاوي -رحمه الله تعالى- "(وَنُؤْمِنُ بِأَشْرَاطِ السَّاعَة:  مِنْ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنَ السَّمَاءِ، وَنُؤْمِنُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ دَابَّةِ الْأَرْضِ مِنْ مَوْضِعِهَا)".

قال الشارح -رحمه الله- "عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: « أَتَيْتُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَان يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ»".

تقديم العين ضبطه الحافظ ابن حجر، لكنهم خطّؤوه، إلا أنه ضبطه بتقديم العين على القاف.

 ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا»  وَرُوِيَ رَايَةً، بِالرَّاءِ وَالْغَيْنِ، وَهُمَا بِمَعْنًى. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد، فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-: ونؤمن بأشراط الساعة، وهذا تبع  للإيمان بالرسول -عليه الصلاة والسلام- وبما جاء عنه وبما ثبت عنه، ومما ثبت عنه ما ذُكر من أشراط الساعة مما صحت به الأحاديث، مما ذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- وغيره وزاد عليه الشارح مما جاءت به السنة،  فالذي يرد به نص صحيح يجب الإيمان به، والإيمان به من الإيمان بمن قاله؛ وهو إن كان من كتاب الله فهو من الإيمان بالله، وإن كان من سنته -عليه الصلاة والسلام -فهو من الإيمان به -عليه الصلاة والسلام-، من الأشراط التي ذكرها المصنف الأربع واقتصر عليها، وزاد الشارح وغيره مما جاء في السنة علامات أخرى، والأشراط هي العلامات، وهي الأمارات التي سأل عنها جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام-، لما سأله عن الساعة قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: ما أماراتها؟ فذكر من أماراتها ما ذكر- عليه الصلاة والسلام- يعني من علاماتها وأشراطها، خروج الدجال ثبتت به الأحاديث المتواترة، وأمرنا بالاستعاذة منه ومن فتنته في كل صلاة، ولا ينكره إلا منافق زنديق محاّد لله ورسوله، وإلا فثبوته في السنة النبوية ثبوت قطعي، وكذلك نزول عيسى -عليه السلام- ثبت به النص الصحيح الصريح عنه -عليه الصلاة والسلام-، وثبت في القرآن الإشارة إليه { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}   [النساء 159 ] {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ } [الزخرف 61 ]، والنص الصحيح الصريح في سنته -عليه الصلاة والسلام-: « لينزلن ابن مريم فيكم حكمًا عدلًا»، فهو ينزل بين يدي الساعة، فإذا نزل لا يقبل إلا الإسلام، يقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، لماذا؟ لعدم وجود أهلها؛ لأنه لا يقبل دين غير الإسلام، فلا جزية حينئذٍ. ونزول عيسى ابن مريم أنكره بعض المعاصرين ممن حكموا عقولهم في النصوص، وقالوا: إنما جاء في خبر واحد، وهو مخالف للعقل، ومن هؤلاء شلتوت شيخ الأزهر وغيره من العقلانين ورُد عليه، وصنف في ذلك مصنفات منها التصريح بما تواتر في نزول المسيح، والشيخ ابن يابس رد على شلتوت إعلام الأنام بمخالفة شلتوت شيخ الأزهر للإسلام، وجاء بقضايا كبرى مما ينكرها، ومنها نزول المسيح -عليه السلام-، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها، الشمس منذ خلقها الله -جل وعلا- جريانها في فلكها إنما تطلع من المشرق إلى المغرب، فإذا أذن الله -جل وعلا- بقرب الساعة وزوال الدنيا أذن لها أن تطلع من المغرب، وهي تسجد كل ليلة تحت العرش، وتستأذن في أن تطلع من المغرب، فلا يؤذن لها، فإذا جاء الوقت.

فلا يؤذن لها فتطلع من المشرق، لكن إذا حان الوقت الذي حُدّد لها أن تطلع من المغرب يؤذن لها فتطلع من المغرب، فهمت؟

طالب:....

يعني عكس ما قلت أنا، على كل حال هذا الحاصل أنها تسجد تحت العرش، وهي جارية في فلكها، وكيفية ذلك الله أعلم به، شيء لا ندركه ولا نحيطه، سمعنا وأطعنا، آمنا بالله وبما جاء عن الله، وبرسوله وبما جاء عن رسوله، وإلا فقد يقول قائل مناكف: هي لا تغرب عن الدنيا كيف تسجد تحت العرش؟ نقول: آمنا سمعنا وأطعنا، ما عندنا غير هذا، وقدم الإسلام لا تثبت على غير قنطرة التسليم والحديث في الصحيح، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض من موضعها التي وجدت فيه تخرج منه، وأُشيع قبل عشر سنوات أن الصفا انصدع وخرج منه دابة، وكثر في الناس وتناقلوه وسجلوا الصوت الذي خرج منها، وقبول الناس للإشاعات شيء غريب جدًّا أمر غريب جدًّا وتداولوه وصدقوا به ثم في النهاية لا شيء، خروج دابة الأرض من موضعها الذي هي فيه تخرج من الأرض، وتكتب على جباه الناس ك ف ر، يعني أن هذا كافر على من يستحقها، وفي حديث عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: « أَتَيْتُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ  مِنْ  أَدَمٍ يعني من جلد قال: اعدد ستًا..»  ست علامات بين يدي الساعة «موتي» موته -عليه الصلاة والسلام- كان قبل ألف وأربعمائة وست وعشرين سنة، يعني قبل ألف عشرة قرون أربعة عشر قرنًا وربع قرن، وهذا بين يدي الساعة يعني أمامها وقبلها «موتي، ثم فتح بيت المقدس» قد فُتح وصار من بلاد المسلمين إلى أن اغتصب في الأزمان الأخيرة، نسأل الله جل وعلا أن يعجل بالفرج لتحريره من أيدي الغاصبين، «ثم موتان» موت ذريع يفتك بالناس «يأخذ فيكم كقعاص الغنم»، القعص والوقص الموت، فالذي سقط عن دابته فوقصته ناقته مات، وهذا الداء يصيب الغنم فتموت بكثرة، فشبه به موت الناس، «ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا» الآن تسعين بالمائة أو أكثر من تسعين بالمائة غير راضين عن رواتبهم وعن دخلهم، قلة الذي يرضى بدخله وبراتبه، تجد الراتب خمسين ألفًا، ستين ألفًا، عشرين ألفًا، عشرة آلاف، كل بحسب ما عليه من تبعات، كلهم ساخطون إلا ما ندر، وكلما زاد الراتب وزادت النفقات زاد السخط، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، هذا هو الواقع، والطمع موجود في كثير من النفوس، ابن آدم لو أُعطي واديًا من ذهب لتمنى له ثانيًا، ولو أُعطي واديين لتمنى ثالثًا، وهكذا، كم سمعنا في المجالس حتى ممن عليهم سيما الصلاح من يتمنى الأموال الطائلة يتمنى المليار، ماذا تفعل بهذا المليار يا مسكين؟ تطلع خمسة وعشرين مليونًا زكاة، ما أصعبها؟ والله إنها صعبة على النفس، لكن ماذا تفعل بالمليار؟ ما زاد على الحاجة عذاب؛ إن نقص قلت: لماذا نقص؟ وإن ما زاد قلت: لماذا ما زاد؟ ولماذا فلان زاد؟ ولماذا نقصت؟ ولا أنت محتاج القدر الزائد على حاجتك! ولذا جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- الدعاء بأن يجعل رزقه كفافًا، الحاجة والمذلة إلى الناس والاقتراض والاستدانة لا شك أنها ذل، لكن ما زاد عن الحاجة أيضًا عذاب يكون الإنسان مجرد حارس لهذا المال لا يزيد ولا ينقص، الزيادة من الثقة مقبولة ما في إشكال، لكن الكلام في النقص هل تعلمون أن من طبقة الأثرياء المعدودين في أثرياء العالم من كبار السن متعددي الأمراض، يراقبون الشاشات إلى الصبح في الليل في البنوك المشهورة والبورصات والنتيجة ارتفع كذا يأخذ حبة ضغط، نزل كذا يأخذ حبة سكر، هذه حياة هذه؟ والله ما هذه حياة، والله إن الموت أفضل منها، ويشار إليهم بالبنان، هؤلاء الأثرياء، هؤلاء السعداء، أين السعادة؟ بل هم أشقياء.

«ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا» مائة دينار يعني سبعين ألفًا تقريبًا في حدود سبعين ألف، سبعين ألفًا اليوم!! من يقبل سبعين ألفًا؟ ما تساوي له شيئًا، الكورلا بسبعين ألفًا سيارة على قدر هذا..  والناس ينظرون للسيارات الفارهة خمسمائة ألف..  السيارات بمليون ومليونين، كلما رأى الإنسان شيئًا أفخم مما عنده حقّر نعمة الله وازدرى نعمة الله عليه، الناس قديما كانوا يغبطون الذي عنده حمار، صحيح يتنقل عليه يمينًا ويسارًا، ويقضي حوائجه، لكن الآن الله المستعان، النظر في هذه الدنيا ينبغي أن يكون لمن دونك، تنظر إلى من دونك، فإنه أحرى -كما في الصحيح- ألا تزدري نعمة الله عليك، لكن المشكلة أننا ننظر في أمور الدين إلى من دوننا، لو قيل لواحد: أنت متراخٍ. قال: الحمد لله أحسن من غيري
أشوف البلدان الثانية ما يصلون، وعندهم منكرات وخمور ونساء وما أدري ماذا. متى يرجع إلى ربه الذي هذا تصوره وهذه نظرته؟

« ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته» والله إنها القنوات، القنوات التي فيها الانحلال والإباحية والشبهات والشهوات، وبيد كل شخص، وبعضهم من الجوالات الآن ألغت القنوات، الجوالات والإنترنت وسائل التواصل الحديثة، هذه بيد كل طفل، ويعينهم الشيطان على معرفتها وسرعة التعلم عليها، الأطفال سنتان وثلاث يعرفون أشياء لا يعرفها الكبار، ويتفنون في إدارتها، بزر سنة ونصف يضع الجوال في الأرض، ويقلّب بإصبع رجله، والله إن هذا الحاصل ليس بيده بإصبع رجله، ولو شغلت القرآن أو شيئًا نافعًا أقفله، ما عنده استعداد، هذه فتنة عمت وطمت، نسأل الله جل وعلا أن يكشفها عن المسلمين، فضبطها والسيطرة عليها ضرب من الخيال إلا من وفّق وأعانه الله -جل وعلا-. « ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر» يعني الروم، «فيغدرون» مع طول الوقت يغدرون وهم أهل غدر، والآن بدأت البوادر بوادر الغدر من الكفار ويظهِرون أنهم مع العدل، مع الحق، وفي الباطن هم مع الظالم الغاشم، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألف، يعني قريب من المليون والغاية هي الراية -كما في الرواية الأخرى- وكأنها الأصل راء، وبعض الرواة يصير في لسانه لوثة ثم ينطقها كأنها غاء، وفي رواية راية بالراء والغين وهما بمعنىً، رواه البخاري وأبو داوود وابن ماجه والطبراني.

طالب:.....

جاء في فترات متعددة، الآن نحن في عام ألف وأربعمائة وسبع وثلاثين قبل مائة عام ألف وثلاثمائة وسبع ثلاثين يسمونها الناس سنة الرحمة، وقع الطاعون والموت في الناس، ففشى فيهم وقتل فيهم.. شيء ذريع، صاروا يحملون الأموات على أبواب البيوت، صاروا يصلون على الناس في بيوتهم ما يقدرون يحملونهم للمساجد من كثرة الموت، هذه معروفة ومشهورة سنة الرحمة، قبل مائة عام بالضبط، وطاعون عمواس والطواعين ذكرها النووي متعددة على مر السنين، لكن هذا من أقربها.

طالب:......

والله ما هي بعيدة؛ لأنه ما في شيء أخطر منها الآن، ما في أحد يضبط بيته وأولاده، الناس عجزوا أن يضبطوا أنفسهم، هل في بيت ما فيه جوال، ما فيه عشرة جوالات؟ كل شخص معه اثنان، ثلاثة، ما يكتفي.. فتنة عمت حتى لا يكتفي الواحد بواحد، هذا من أجل ما يفوته شيء، وإن رأينا بعض الأئمة مجرد ما ينحرف عن المأمومين يطلع الجوال، الله المستعان.

نعم، المطعون شهيد، ولذلك يقول أهل العلم: وإذا وقع في المسلمين إلا الطاعون فإنه يقنت الإمام في الفرائض، فانظر عبارتهم، يعني أنه إذا وقعت مصيبة في المسلمين، وإذا نزلت بالمسلمين نازلة غير الطاعون قنت الإمام في الفرائض؛ لأنه رحمة فلا يطلب كشفه.

"وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ، قَالَ: «اطَّلَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: مَا تَذْكُرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تُرَى عَشْرُ آيَاتٍ: الدُّخَانُ، وَالدَّجَّالُ، وَالدَّابَّةُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج، وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمُشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَر، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ، وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ».

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَأَنْذَرَ قَوْمَهُ الْأَعْوَرَ الدَّجَّالَ، أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَ فَ رَ، فَسَّرَهُ فِي رِوَايَةٍ: أَيْ كَافِرٌ»".

ومع هذا البيان منه -عليه الصلاة والسلام- عن الدجال وعن أعماله وأفعاله وعلاماته إلا أنه يؤمن به فئام من الناس إذا خرج؛ لأنه فتنة وأي فتنة! يأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، ويشق الرجل بنصفين ثم يأمره فيقوم، نسأل الله الثبات.

"وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».

ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: واقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ :{ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [ النِّسَاءِ: 159 ].

وَأَحَادِيثُ الدَّجَّالِ، وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيَقْتُلُهُ، وَيَخْرُجُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فِي أَيَّامِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ الدَّجَّالَ، فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِينَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ عَلَيْهِمْ، يَضِيقُ هَذَا الْمُخْتَصَرُ عَنْ بَسْطِهَا".

ذكر القرطبي في التذكرة أشياء من هذه العلامات، وكذلك السفاريني في كتاب له في أشراط الساعة وكلها مطبوعة.

القرطبي والسفاريني.. السفاريني مجلدان، والقرطبي ثلاث، لكنه شامل أيضًا لأمور الآخرة، الشيخ حمود التويجري له إتحاف الجماعة في مجلدين، والحافظ ابن كثير له النهاية، كلها نافعة في هذا الباب.

"وَأَمَّا خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ- فَقَالَ تَعَالَى: { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [ النَّمْلِ: 82].
وَقَالَ تَعَالَى: { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [الْأَنْعَامِ: 158 ]".

الإيمان النافع إنما هو الإيمان بالغيب فإذا ظهرت الأمور وتكشفت لا ينفع إيمانها، ولذا قال: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة 3 ]، أما إذا ظهرت هذه العلامات فلا ينفع نفسًا إيمانها، العلامات الثلاث التي إذا ظهرت لا ينفع نفسًا إيمانها؛ طلوع الشمس من مغربها والدجال والدابة، انتهى كل شيء، ما بقي شيء، لكن لماذا لا يقال بالأولى منها إذا ظهرت الأولى من هذه الثلاث لا ينفع نفسًا إيمانها، هل من لازم ذلك إذا ظهرت الثلاث مكتملة أم إحداها؟ إذا ظهر واحدة منها لا ينفع نفسًا إيمانها، لكن هذا فيه دليل على أنها قريبة من بعض، ولا يعلم أولها، لكن إذا ظهرت الأولى فالثانية عقبها مباشرة.

طالب:.....

يبقى على إيمانه..

"وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنُ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»".

هذه تفسير لآية الأنعام ذكره البخاري عند ذكر الآية، فيكون المراد بالآية في سورة الأنعام هي ماذا؟ طلوع الشمس من مغربها.

"وَرَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا »"

لأنه لا يعرف الأول منها.

"أَيْ أَوَّلُ الْآيَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مَأْلُوفَةً، وَإِنْ كَانَ الدَّجَّالُ وَنُزُولُ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنَ السَّمَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، كُلُّ ذَلِكَ أُمُورٌ مَأْلُوفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ بَشَرٌ، مُشَاهَدَةُ مِثْلِهِمْ مَأْلُوفَةٌ، وَأَمَّا خُرُوجُ الدَّابَّةِ بِشَكْلٍ غَرِيبٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ، ثُمَّ مُخَاطَبَتُهَا النَّاسَ وَوَسْمُهَا إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ أَوِ الْكُفْرِ فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَجَارِي الْعَادَاتِ. وَذَلِكَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْأَرْضِيَّةِ، كَمَا أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ أَوَّلُ الْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ.

وَقَدْ أَفْرَدَ النَّاسُ أَحَادِيثَ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فِي مُصَنَّفَاتٍ مَشْهُورَةٍ، يَضِيقُ عَلَى بَسْطِهَا هَذَا الْمُخْتَصَرُ.

قوله:) وَلَا نُصَدِّقُ كَاهِنًا وَلَا عَرَّافًا، وَلَا مَنْ يَدَّعِي شَيْئًا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ (.
رَوَى مُسْلِمٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»."

مجرد سؤال، إذا سأله مجرد سؤال من غير تصديق، فإذا قارن ذلك التصديق فالأمر أعظم وجاء فيه فقد كفر بما أنزل على محمد، هذا إذا صدق أما إذا سأل مجرد سؤال وتيسر سؤالهم لعموم الناس من خلال القنوات هذه الفتنة، يخرج العراف والمنجم على قناة من القنوات، ويتصل الناس ويسألون، بعض الناس يقول: ما أنا مصدق، لكن أرى ما عنده مجرد اختبار، وهذا داخل في الحديث: لم تقبل صلاة أربعين ليلة، أما إذا صدق فالحديث الآخر الذي هو أشد وأعظم، وفيهم فتنة قد يسأله ويجيبه بجواب مطابق للواقع فيفتن الشخص، جواب مطابق للواقع هذا صدق أم كذب؟ في الحقيقة الصدق والكذب أن ما طابق الواقع صدق، في تعريف الصدق العرفي عند أهل اللغة حتى عند أهل العلم أن المطابق للواقع يسُمّى صدقًا، ولذلك حرم مجرد السؤال من غير تصديق، وقعت حادثة لشخص حافظ للقرآن إمام جامع تزوج امرأة فدخل بها وعجز عنها، وقالوا له: أكيد محطوط لك شيء، يعني سحر، فذهب ليحل السحر عند ساحر، وهذا -نسأل الله العافية- سببه التساهل في بعض الفتاوى، ذهب إليه وقال له: أنت تزوجت -من غير ما يسأله- أخبره المهم أنه قال له: تزوجت من امرأة هذا اسمها، وهذه صفتها، ودخلت عليكم امرأة معها طيب في هذه القارورة، عنده باقي الطيب، شف تعاون الشياطين وطيبتك، وهذا الذي حصل، فقال له: صدقت -نسأل الله العافية- فتنة، يجيب له باقي الطيب ماذا يقول له؟ أتى له بباقي الطيب والمرأة هذه صفتها التي دخلت عليه؛ ليجعل المسلم يحتاط لنفسه ولا يتساهل في مثل هذه الأمور، هذا كفر، ما هي مسألة فسق أو شيء يتوب منه من تاب تاب الله عليه، لكن المسألة كفر ليس الأمر بالسهل، قال له: صدقت وأورد الحديث، قال: صدقت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد». وأي فتنة أعظم من هذه؟ كل هذا سببه التساهل في العمل بالفتاوى الشاذة.

طالب: ماذا عن مشاهدة القنوات؟

ما يجوز مثل سؤالهم ومثل الذهاب إليهم، إذا شاهد كأنه ذهب إليه، كأنه أتى العراف.

طالب:....

التصديق أمره أعظم، ويليق به الرواية الأخرى التي هي الأصح منها.

طالب:....

تجمع على أنه.. يكون هذا قيد، فالإثم المركب على القيد، لكن لا بد من أن.. ما دام يختلف الحكم لا بد أن يختلف السبب، لا بد من اختلاف الحكم مع اختلاف السبب هنا.

طالب:....

نعم اختلف الحكم فيحمل هذا على حال.

طالب:....

لا..

على كل حال الكفر محمول على التصديق، ومجرد الذهاب والسؤال لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، وعدم القبول يعني عدم الثواب المرتب على الصلاة لا يعني الرد؛ لأن نفي القبول يطلق بإزاء عدم الصحة، ويطلق بإزاء عدم الثواب المرتب على العمل.

"وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ».

وَالْمُنَجِّمُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعَرَّافِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ. فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالُ السَّائِلِ، فَكَيْفَ بِالْمَسْؤولِ؟

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَمُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها-، قَالَتْ: «سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ناسٌ عَنِ الْكُهَّانِ؟ فَقَالَ: لَيْسُوا بِشَيْءٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ فيَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ  اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلَيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كِذْبَةٍ »".
لكن إذا صدق إذا سأله فأجابه بجواب مطابق، هل نقول: هذا صدق أم كذب؟ كذب، هذه حقيقة شرعية، كما لو شهد ثلاثة على شخص أنهم رأوه يزني بامرأة شهادة مطابقة للواقع، { فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [ النور 13]  خبرهم كذب ولو طابق الواقع.

قد تقول إن الساحر قد يكتب الفاتحة أو آية الكرسي ويعطيها المسحور وتعمل مثل الطلاسم فيه؛ لأنه كتبها بمادة نجسة وتقرب بها إلى الشياطين؛ لأنهم يلبسون على الناس، يكتب لك الفاتحة وآية الكرسي، وينفذ إلى ما يريد من خلالها، لماذا؟ لأنه كتبها ببول مثلًا- نسأل الله العافية- فالشياطين ما دام أفسد يعينونه على ما يريد، فيتوصل إلى ما يريده بهذه الوسيلة، ويلبس على الناس يقول ما كتبت إلا الفاتحة؛ لأن هذا حصل فيه إشكال كبير يلبس على الناس يقال: ما نكتب إلا القرآن، ما عندنا إلا القرآن، انظروا أوراقنا التي نكتبها، وهم يكتبون بهذه الطريقة يتعاملون مع الشياطين بهذا الأسلوب، والشياطين ما دام كفروا بالقرآن يعينونهم وإن لم يكن ظاهرًا للطرف الثاني.

لأنه الآن يسمونه احترافًا، ويُجلب في المتنزهات وفي الحدائق العامة وفي أماكن الترفيه، لا سيما في الصيف في الإجازات، ويقال المحترف فلان، وهو في حقيقته ساحر، وإلا فما معنى أن يأتي بخيط رفيع الذي يخاط به الثياب .... يضعه بين شيئين متباعدين جدًّا قد يبلغ الكيلو أو أكثر، ثم يمشي عليها على دباب بسرعة مائتين، ويرجع بنفس السرعة، هل هذا احتراف؟ هل هذه خفة أو إعانة الشياطين؟ المشكلة أنه يحصل تلبيس ويقبله بعض من يشار إليه يقول: هذا احتراف ومع التمرين وكذا وبرمجة، التبست الكرامة بمخارق الشيطان -نسأل الله العافية-، على كل حال أي شيء فيه لبس الحق بالباطل يجب منعه، إذا كانت اللفظة الموهمة المحتملة للحق والباطل يجب منعها ولا يجوز التكلم بها، فكيف بالأعمال؛ لأنه يفعل مثل هذا عند أناس سذج يصدقون كل شيء إذا ما عاد فيه سحر.

على كل حال كل ما يوهِم ويلبس على الناس فهو حرام.

طالب:......

لأنهم يدعون علم الغيب، يدّعون،  يجيء به الآن إن شاء الله..

لأنه قال لك والمنجم يدخل باسم العراف عند بعض العلماء وعند بعضهم ما في معناه إلى آخره.

"وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ :« ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ خَبِيثٌ».

وَحُلْوَانُهُ: الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ حَلَاوَتَهُ."

مقابل الأجرة في المنفعة المباحة، وكذلك مهر البغي وثمن الكلب؛ لأن بيعه حرام، مهر البغي خبيث، ويوجد الآن من شياطين الإنس من يستدرج بعض النساء لاسيما مع الحاجة، ويبذل لها مالًا طائلًا لتوافق، فإذا انتهى قال: مهر البغي خبيث لا يجوز أن تأخذيه، مهر البغي خبيث يحل له أم ما يحل؟ هو يؤخذ منه؛ لأنه بذله بطوعه واختياره في مقابل فساد، يؤخذ منه ولا يعطى المرأة؛ لأنه خبيث.

"وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا يُعْطَاهُ الْمُنَجِّمُ وَصَاحِبُ الْأَزْلَامِ الَّتِي يُسْتَقْسَمُ بِهَا، مِثْل الْخَشَبَةِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهَا " أ ب ج د " وَالضَّارِبُ بِالْحَصَى، وَالَّذِي يَخُطُّ فِي الرَّمْلِ. وَمَا يعَطَاهُ هَؤُلَاءِ حَرَامٌ. وَقَدْ حَكَى  الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، كَالْبَغَوِيِّ وَالْقَاضِي عِيَاضٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمُ اللَّيْلَةَ؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي، مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ».

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالأنواء، وَالنِّيَاحَةُ» . وَالنُّصُوصُ عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ، بِالنَّهْيِ عَنْ  ذَلِكَ، أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَتَّسِعَ هَذَا الْمَوْضِعُ لِذِكْرِهَا . وَصِنَاعَةُ التَّنْجِيمِ الَّتِي مَضْمُونُهَا الْإِحْكَامُ وَالتَّأْثِيرُ، وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ بِالْأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ أَوِ التَّمْزِيجُ بَيْنَ الْقُرَى الْفَلَكِيَّةِ وَالْغَوَائِلِ الْأَرْضِيَّةِ- صِنَاعَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى لِسَانِ جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ، قَالَ تَعَالَى: { وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [ طه: 69 ]. وَقَالَ تَعَالَى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [ النِّسَاءِ: 51 ].

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَغَيْرُهُ: الْجِبْتُ السِّحْرُ."

والرافضة يقولون: الجبت والطاغوت أبو بكر وعمر، نسأل الله العافية.

"وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ»".

كتابة الطلاسم حروف مقطعة ومتعارضة ومتقاطعة، المشكلة أنها موجودة عند بعض من ينتسب إلى الفقه، مثل حياة الحيوان مؤلفه فقيه شافعي كبير الدميري، وشرحه للمنهاج من أفضل الشروح، وفيه طلاسم، فيه من الجداول التي فيها الحروف، وهذا موجود عند غيره كالسفاريني وجد عنده بعض الأشياء من هذا، وتذكرة داوود في الطب فيها بلاوٍ من هذا النوع. المقصود أن مثل هذا موجود عند بعض من ينتسب إلى الفقه، والباطل باطل ممن جاء به، وتأتي كتب من مصر والمغرب والشام وتركيا والهند أيضًا مكتوب عليها عبارة يا كيكبج احفظ الورق، ما كيكبج هذا؟ من الشياطين احفظ الورق؟ من يحفظ الورق؟ هذا دعاء ونداء واستغاثة بغير الله -جل وعلا- هو موجود على كتب ناس ينتسبون إلى العلم، ورأينا هذه الكتب قرئت وعُلِّق عليها بتعليقات نفيسة، نسأل الله العافية، ونحمده على نعمة التوحيد، نحمد الله ونشكره على نعمة التوحيد، كل هذا وينتسبون إلى العلم، وكتب تأتينا منهم عليها تعليقات تدل على علم وعلى قوة في العلم. واحد يعتذر لهم قد يكون كيكبج هذا ترجمته الله أو شيء من هذا، هذا غير صحيح، هذا الاعتذار ليس بصحيح؛ لأن كلمة الله لا يعجز عنها مسلم، في أي لغة كانت، الله معروفة على كل لسان، وبعد لو كانت لغة ما تواطأ عليها أهل المشرق والمغرب لغة خاصة بأناس، يعني العرب الذين في المشرق والذين في المغرب وفي مصر وسوريا ما يقولون يا الله لو كانت من أسماء الله، في تركيا في الهند كثير من الأقطار، لو كانت ترجمة لاسم من أسماء الله العربي لماذا يقصدها؟ المشكلة أنها عامة وطامة وكثيرة جدًّا في الكتب التي ترد من هذه الأقطار مستعملة، نسأل الله العافية.

"وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: تَدْرِي مِمَّ هَذَا ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي، فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ».
وَالْوَاجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَكُلِّ قَادِرٍ أَنْ يَسْعَى فِي إِزَالَةِ هَؤُلَاءِ الْمُنَجِّمِينَ وَالْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ وَأَصْحَابِ الضَّرْبِ بِالرَّمْلِ وَالْحَصَى وَالْقَرْعِ وَالْفَالَاتِ، وَمِنْعِهِمْ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الْحَوَانِيتِ أوَ الطُّرُقَاتِ، أَوْ يَدْخُلُوا عَلَى النَّاسِ فِي مَنَازِلِهِمْ لِذَلِكَ. وَيَكْفِي مَنْ يَعْلَمُ تَحْرِيمَ ذَلِكَ وَلَا يَسْعَى فِي إِزَالَتِهِ، مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ - قَوْلُهُ تَعَالَى: {َكانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ".

وأي منكر أعظم من هذا، هذا يمس التوحيد، يمس الأصل، يمس رأس المال، العقيدة، ومع ذلك هم موجودون في الطرقات في كثير من بلاد المسلمين، وإذا مررت الحمد لله ما سافرت ولا رأيت أحدًا لكن يذكرون، إذا مررت يناديك تريد أن تشوف أهلك؟ وهم في بلده وهو آفاقي، تريد أن تشوف أهلك؟ قال: والله ودي أشوفهم، فيجعله يناظر كمه هكذا.. ويشوفهم هذه أم تطحن بـ القبة وهذه أخت ما تدري ما تسوي، نسأل الله العافية وموجودين في الطرقات ولا أحد ينكر عليهم، نسأل الله العافية.

يقول: والواجب على ولي الأمر وَكُلِّ قَادِرٍ أَنْ يَسْعَى فِي إِزَالَةِ هَؤُلَاءِ الْمُنَجِّمِينَ وَالْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ وَأَصْحَابِ الضَّرْبِ بِالرَّمْلِ وَالْحَصَى وَالْقَرْعِ وَالْفَالَاتِ، الذي يخبرك عن فألك إن كان حسنًا وإن كان سيئًا، ونجمك الذي ولد فيه وأنت مولود في سعد أم في نحس أم في كذا، ومع الأسف إنهم موجودون الآن في القنوات علنًا في قنوات مقدور عليها، مع الأسف الشديد.

"وَهَؤُلَاءِ الْمَلَاعِينُ يَقُولُونَ الْإِثْمَ وَيَأْكُلُونَ السُّحْتَ، بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَثَبَتَ فِي السُّنَنِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرِوَايَةِ الصِّدِّيقِ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ.

..إدريس.. فمن وافق خطه.. هذا في شرع من قبلنا، ودعوى الموافقة ما عليها دليل، لو أراد أن يخط يقول: أن أوافق.. فيبقى على سد الباب..

وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ الْخَارِجَةَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَنْوَاعٌ:  نَوْعٌ مِنْهُمْ أَهْلُ تَلْبِيسٍ وَكَذِبٍ وَخِدَاعٍ، الَّذِينَ يُظْهِرُ أَحَدُهُمْ طَاعَةَ الْجِنِّ لَهُ، أَوْ يَدَّعِي الْحَالَ مِنْ أَهْلِ الْمُحَالِ، مِنَ الْمَشَايِخِ النَّصَّابِينَ، وَالْفُقَرَاءِ الْكَذَّابِينَ، وَالطُّرُقِيَّةِ الْمَكَّارِينَ، فَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَةَ الْبَلِيغَةَ الَّتِي تَرْدَعُهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ عَنِ الْكَذِبِ وَالتَّلْبِيسِ. وَقَدْ يَكُونُ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ، كَمَنْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخُزَعْبَلَاتِ، أَوْ يَطْلُبُ تَغْيِيرَ شَيْءٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ، وَنَحْوَ ذَلِك.

وَنَوْعٌ يَتَكَلَّمُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى سَبِيلِ الْجِدِّ وَالْحَقِيقَةِ، بِأَنْوَاعِ السِّحْرِ. وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يُوجِبُونَ قَتْلَ السَّاحِرِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنِ الصَّحَابَةِ، كَعُمَرَ وَابْنِهِ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِم، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ: هَلْ يُسْتَتَابُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُكَفَّرُ بِالسِّحْرِ، أَمْ يُقْتَلُ لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ؟ وَقَالَت طَائِفَةٌ: إِنْ قَتَلَ بِالسِّحْرِ قُتِلَ، وَإِلَّا عُوقِبَ بِدُونِ الْقَتْلِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ كُفْرٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُمَا اللَّهُ-.

وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي حَقِيقَةِ السِّحْرِ وَأَنْوَاعِهِ: وَالْأَكْثَرُونَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ فِي مَوْتِ الْمَسْحُورِ وَمَرَضِهِ مِنْ غَيْرِ وُصُولِ شَيْءٍ ظَاهِرٍ إِلَيْهِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَخْيِيلٍ".

والصواب أن منه ما هو حقيقة، ومنه ما هو تخييل تلبيس، ولكن الحقيقة موجودة، والواقع يشهد بذلك، واحد من المشايخ كف بصره، فذُكر له طبيب في الفلبين طبيب عيون ماهر، فذهب إليه، وكان هذا الطبيب في محله له باب يدخل منه وآخر يخرج منه، الذي يدخل من الباب لا يرجع؛ لأن الذين ينتظرون في الصف هناك ما يعلم ما الذي حصل، يقول الشيخ: ذهبت له على أنه طبيب، فأجلسني وأتى معي مصوِّر، وهذا يكشف أن منه حقيقة، يقول أخذ العين الأولى بإصبعيه ووضعها على الماسة وغسلها ونظفها وردها، ثم أخذ الثانية كذلك وردها بدون عمليات ولا آلات ولا شيء أبدًا كأنه يركب له مصباحًا، والمصور يصور كل الذي حصل، وقد قلت له من قبل: عندي ألم في ظهري، بعد انتهائه من العيون رفع القميص الداخلي وبيده هكذا قال، وسال الدم وصور المشهد ثم مسحه وطلعت من عنده، يقول: لما رجعت كتبت عنه تقريرًا في جريدة الجزيرة، الشيخ توفي -رحمه الله-، وكان في واحد من الوزراء عاقد العزم على أنه يذهب إلى هذا الطبيب، والوزير شيخ من آل الشيخ عاقد العزم على أن يذهب إلى هذا الطبيب، فلما قرأ التقرير اتصل بالشيخ وشكره ورجع عن عزيمته، فالكاميرا صورت الذي حصل، هذا صار حقيقة ليس بتخييل؛ لأن هناك { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ}  [ طه 66 ]  هذا شيء، هذا يثبت التخييل ولا ينكره أحد، وأكثر ما يقع الآن أو كثير منه تخييلات تلبيس على الناس، لكن الحقيقة موجودة.

طالب:..هل شفي؟

لا يقول قال عندي 1% وذهب..

"وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ دَعْوَةِ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ، أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ خِطَابِهَا، أَوِ السُّجُودِ لَهَا، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا مِنَ اللِّبَاسِ وَالْخَوَاتِمِ وَالْبَخُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ- فَإِنَّهُ كُفْرٌ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الشِّرْكِ، فَيَجِبُ غَلْقُهُ، بَلْ سَدُّهُ. وَهُوَ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَلِهَذَا قَالَ مَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصَّافَّاتِ 88 - 89 ]. وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا} [ الْأَنْعَامِ  76 ] الْآيَاتِ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [ الْأَنْعَامِ  82 ].

وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ كُلَّ رُقْيَةٍ وَتَعْزِيمٍ أَوْ قَسَمٍ فِيهِ شِرْكٌ بِاللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ بِهِ، وَإِنْ أَطَاعَتْهُ بِهِ الْجِنُّ أَوْ غَيْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَلَامٍ فِيهِ كُفْرٌ لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ؛ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شِرْكٌ لَا يُعْرَفُ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا»".

 ولذلك اشترط العلماء لصحة الرقية أن تكون بالكلام العربي وما يُفهم معناه.

"وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِعَاذَةُ بِالْجِنِّ، فَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [ الْجِنِّ  6 ]. قَالُوا: كَانَ الْإِنْسِيُّ إِذَا نَزَلَ بِالْوَادِي يَقُولُ: أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي مِنْ سُفَهَائِهِ، فَيَبِيتُ فِي أَمْنٍ وَجِوَارٍ حَتَّى يُصْبِحَ، فَزَادُوهُمْ رَهَقًا يَعْنِي الْإِنْس لِلْجِنِّ، بِاسْتِعَاذَتِهِمْ بِهِمْ، رَهَقًا، أَيْ إِثْمًا وَطُغْيَانًا وَجَرَاءَةً وَشَرًّا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ سُدْنَا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ! فَالْجِنُّ تَعَاظَمُ فِي أَنْفُسِهَا وَتَزْدَادُ كُفْرًا إِذَا عَامَلَتْهَا الْإِنْسُ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [ سَبَأٍ 40 - 41 ]. فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ الْمَلَائِكَةَ وَيُخَاطِبُونَهُمْ بِهَذِهِ الْعَزَائِمِ، وَأَنَّهَا تَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ- ضَالُّونَ، وَإِنَّمَا تَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الشَّيَاطِينُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } [ الْأَنْعَامِ  128 ]. فَاسْتِمْتَاعُ الْإِنْسِيّ بِالْجِنِّ: فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَإِخْبَارِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاسْتِمْتَاعُ الْجِنِّ بِالْإِنْسِ: تَعْظِيمُهُ إِيَّاهُ، وَاسْتِعَانَتُهُ بِهِ، وَاسْتِغَاثَتُهُ وَخُضُوعُهُ لَهُ".

ولذا يمنع الاستمتاع بالجن مهما ادعوا الصلاح والصدق فلا يستفاد منهم بشيء؛ لأنهم عالم غيبي لا يُعرف مسلمهم من كافرهم، ولا تقيهم من فاسقهم، وقد يستدرجون الإنسان فيقضون له بعض الحوائج بدون شرك، ثم لا يلبث أن يطلبوا منه ما يقربه إليهم ولو قل، فيقع في الشرك وهو لا يشعر، وقد جاءنا هنا في الرياض شخص من جدة يزعم أنه راقٍ، وأنه يستعين بالجن ويستفيد منهم، وأنه مشى على يديه مائة مُقعَد، وأنه أحرق أكثر من سبعين من ممالك الشياطين، وأن الجن يخالطونه في بيته وينامون معه ومع أهله، والبيت مليء منهم على ما ذكره هو، ويريد بذلك التزكية، لا شك أن عمله باطل لا سيما وقد سألناه عمن أخذ هذه الرقية؛ لأنه يقول: يضع المشط على رأس من يطلب الرقية ويقول له: أغمض عينيك ثم يقرأ آية الكرسي، فيقول له ماذا رأيت؟ فإذا قال: رأيت نورًا قلنا: استعن بالله هذا ملك، وإذا قال: رأيت ظلمة قلنا: هذا شيطان، المقصود قلت له: من أين أخذت هذه الطريقة؟ قال: من حاج إفريقي، إفريقي حاج علمنيها على كل حال مبدأ الاستعانة بالجن محسوم؛ لأنه من خواص سليمان -عليه السلام-؛ لأن النبي- عليه الصلاة والسلام- لما رأى الجني وأراد أن يربطه ليطلع عليه صبيان المدينة، قال: تذكرت دعوة أخي سليمان فلم أفعل، فهذا من خواصه، وكم من شخص استُدرِج واستعان على أسلوبهم بشيء مباح، وأخبروه على أماكن أشياء وسرقات ومخدرات، لكن إذا لم تكن المقدمة شرعية فالنتيجة لا محالة غير شرعية، ويكفينا في مسائل القضاء والوصول إلى الحقائق المقدمات الشرعية ولو لم توصلنا إلى الحقيقة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر»، «إنما أنا بشر»، وهو المؤيد بالوحي، كان بإمكانه أن يطلب التأييد بالوحي فضلًا عن أن يطلب ما يعينه من يستطيع الإعانة من مثل هذا، على كل حال هذا فتْحُه شر على المسلمين، وما كل أحد يستطيع أن يحتاط لنفسه، فحسم المادة هو الأصل، فلا تجوز الاستعانة بهم مطلقًا، وإن ذكره البعض عن أعضاء الحسبة وغير ذلك أنهم يخبرونهم ويعلمونهم، كل هذا ممنوع.

طالب:......

يستعين بالجن بالوسيلة.. ما معنى الوسيلة؟

لا، بعضهم يرقي، أحد تلبس به الجني ثم هذا الجني يتبرع بإخباره بأشياء، يتكلم ثم إذا سأله يقول: هذا في المكان الفلاني أنا أقول: هذا محسوم مفروغ منه، لا يجوز الاستعانة بهم مطلقًا، وآية {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا} هذه نص.

يعني من غير طلب ومن غير تقديم إذا أخبر..، عندك التنويم المغناطيسي تسمعون عنه، ما هي نتيجته؟ إذا نوم الشخص أخبر بأشياء يعرفها قبل التنويم وأشياء لا يعرفها ولم يسمع بها، ولذلك أُدخل في أنواع السحر التنويم المغناطيسي وإن استنكر بعضهم وما المعنى؟ المسألة اختراع وتنويم ما معنى أن المنوم هذا يخبر بأشياء لا سابق علم له بها؟ لا يعرف عنها شيئًا من أين جاءه هذا الخبر؟ من الشياطين ولذلك الرازي في تفسيره ذكر المغناطيس في النوع السادس من أنواع السحر، ونقله عنه الحافظ ابن كثير وما تعقبه، وهذا موجود في فتاوى اللجنة الدائمة أنه سحر.

"وَنَوْعٌ مِنْهُمْ  يَتَكَلَّمُ  بِالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، وَالْكُشُوفِ وَمُخَاطَبَةِ رِجَالِ الْغَيْبِ، وَأَنَّ لَهُمْ خَوَارِقَ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ"!

وهؤلاء رجال الغيب يقصد بهم الشياطين، وإلا ما كان من الإنس شهادة ليسوا بالغيب، إلا من يستعين بالشياطين ويطيرونهم يمينًا ويسارًا، ويخفونهم ويغطون عليهم، فهذا شيء ثانٍ.

"وَأَنَّ لَهُمْ خَوَارِقَ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ! وَكَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُعِينُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ  وَيَقُولُ: إِنَّ الرَّسُولَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ؛ لِكَوْنِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ عَصَوْا" ! !

الملائكة تعين المسلمين، هؤلاء يعينون المشركين على المسلمين وحجتهم أن المسلمين فيهم عصاة وفيهم كذا، يريدون أن يردعوهم، نسأل الله العافية.

"وَهَؤُلَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ إِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ.

وَالنَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِمْ [ عَلَى ] ثَلَاثَةِ أَحْزَابٍ:

حِزْبٌ يُكَذِّبُونَ بِوُجُودِ رِجَالِ الْغَيْبِ، وَلَكِنْ قَدْ عَايَنَهُمُ النَّاسُ، وَثَبَتَ عَمَّنْ عَايَنَهُمْ أَوْ حَدَّثَهُ الثِّقَاتُ بِمَا رَأَوْهُ، وَهَؤُلَاءِ إِذَا رَأَوْهُمْ وَتَيَقَّنُوا وُجُودَهُمْ خَضَعُوا لَهُمْ.

وَحِزْبٌ عَرَفُوهُمْ، وَرَجَعُوا إِلَى الْقَدَرِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ثَمَّ فِي الْبَاطِنِ طَرِيقًا إِلَى اللَّهِ غَيْرَ طَرِيقَةِ الْأَنْبِيَاءِ" !

فأثبتوهم من نوع البشر، رجال الغيب من نوع البشر، وما وصلوا إلى هذه المرتبة إلا بعد أن جاهدوا أنفسهم ووصلوا إلى أنهم أولياء.

"وَحِزْبٌ مَا أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا وَلِيًّا خَارِجًا عَنْ دَائِرَةِ الرَّسُولِ، فَقَالُوا: يَكُونُ الرَّسُولُ هُوَ مُمِدًّا لِلطَّائِفَتَيْنِ. فَهَؤُلَاءِ مُعَظِّمُونَ لِلرَّسُولِ جَاهِلُونَ بِدِينِهِ وَشَرْعِهِ.

وَالْحَقُّ: أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَتْبَاعِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنَّ رِجَالَ الْغَيْبِ هُمُ الْجِنُّ، وَيُسَمَّوْنَ رِجَالًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [ الْجِنِّ 6 ]. وَإِلَّا فَالْإِنْسُ يُؤْنَسُونَ، أَيْ يُشْهَدُونَ وَيُرَوْنَ، وَإِنَّمَا يَحْتَجِبُ الْإِنْسِيُّ أَحْيَانًا، لَا يَكُونُ دَائِمًا مُحْتَجِبًا عَنْ أَبْصَارِ الْإِنْسِ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ مِنَ الْإِنْسِ فَمِنْ غَلَطِهِ وَجَهْلِهِ. وَسَبَب الضَّلَالِ فِيهِمْ، وَافْتِرَاقِ هَذِهِ الْأَحْزَابِ الثَّلَاثَةِ - عَدَمُ الْفُرْقَانِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ وَأَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ".

شيخ الإسلام له كتاب اسمه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، التفريق بدقة كأنك تشاهده -رحمه الله-، وفي تاريخ سيناء مطبوع صورة لمقبرة الأولياء من المؤمنين ومقبرة للأولياء من الشياطين، كيف يكون من الشياطين وهو ولي؟

نقف عند هذا، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.

"