شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (248)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة، الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، نشكر له قبول دعوتنا، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال المصنف -رحمه الله- عن أنس -رضي الله عنه- قال: «كان معاذٌ رديف رسول الله – صلى الله عليه وسلم- على الرحب، فقال يا معاذ، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: يا معاذ، قال لبيك يا رسول الله وسعديك، ثلاثًا، قال: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صدقًا من قلبه إلا حرمه الله على النار، قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس فيستبشرون؟ قال: إذًا يتكلوا، وأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 أما بعد،

فراوي الحديث أنس بن مالك الأنصاري النجاري، خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مر ذكره مرارًا. وهذا الحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب من خص بالعلم قومًا دون قومٍ، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا، كراهية ألا يفهموا، وقال عليٌّ في الترجمة، وقال علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله؟ باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا، والترجمة ظاهرة من الحديث، خص معاذ دون غيره؛ خشية ألا يفهموا فيتكلوا، وقال علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ قال ابن حجر: قوله: باب من خص بالعلم قومًا دون قوم، أي سوى قوم لا بمعنى الأدون.

المقدم: نعم يعني الدونية.

نعم. سواهم.

المقدم: نعم.

قوم دون قوم يعني سوى قوم لا بمعنى الأدون، ولا شك أنه قد يكون الأدون أيضًا مرادًا.

المقدم: مادام خص فمعنى ذلك من دونه.

لأن الأدون هذا هو الذي يخشى عليه.

المقدم: نعم صحيح.

وكراهية بالإضافة بغير تنوين، كراهية إعرابها دون قوم كراهية: مفعول لأجله.

المقدم: لأجله.

كراهية ألا يفهموا، يعني بالإضافة من غير تنوين؛ لأنه مضاف إلى أن وما دخلت عليه؛ لأنه في تأويل مصدر.

المقدم: كراهية عدم فهمهم.

نعم، وهذه الترجمة قريبة من الترجمة التي قبلها، هذه الترجمة قريبة من الترجمة التي قبلها، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه.

المقدم: في الأصل.

نعم في الأصل.

المقدم: نعم.

كلام ابن حجر على الأصل، هذه الترجمة قريبة من الترجمة التي قبلها، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه، ولكن هذه يعني ترجمة الباب في الأقوال، وتلك في الأفعال، تلك الترجمة الأولى في الأفعال؛ لأنه ذكر فيها يا عائشة: «لولا قومك حديثٌ عهدهم بكفر لنقضت الكعبة».

المقدم: في الأفعال.

نعم وترجمة الباب الذي معنا في الأقوال.

المقدم: الأقوال.

لكن هل هذا الكلام سليم من كل وجه؟ يعني هل هذه الترجمة التي معنا بالفعل والأقوال؟ لكن هذه في الأقوال وتلك في الأفعال، أو فيهما، الترجمة السابقة باب من ترك باب الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه.

المقدم: والله الكلام متوجه يا شيخ..

كيف؟

المقدم: يعني فيه إذا قلنا إن هذه تصلح للأقوال والأفعال، وهذه تصلح للأقوال والأفعال، ما كان فيه سبب لتغايرهما، وجود هذه هنا ووجود هذه هنا.

لكن تخصيص هذه في الأقوال التي معنا.

المقدم: أظهر.

ما فيه شك أنه ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وحجب هذا الكلام، وهو قول، لكن مؤداه.

المقدم: فعلي.

مؤداه فعلي.

المقدم: لكن الأظهر فيه القول، الأظهر عند العامة، ولذلك حجب؛ لأنه ظاهره القول، مثل.. الذي قبله ظاهره الفعل في هدم الكعبة، وإلا ففيه مصالح كثيرة، فتُرك؛ لأن ظاهره الفعل.

والمؤدى في الأمرين...

المقدم: القول والفعل

المؤدى في الأمرين: الخشية، الخشية في الأمرين.

المقدم: صح.

هنا يخشى أن يتكلوا، وهنا يخشى أن يقعوا في أشد منه.

المقدم: نعم.

وفي عمدة القارئ، أي هذا باب في بيان من خص، وكلمة من موصولة، وقوله: دون قوم بمعنى غير، يعني مثل كلام ابن حجر سِوى.

المقدم: نعم.

قوله: كراهية بالنصب على التعليل مضاف إلى قوله: أن لا يفهموا، وأن مصدرية، والتقدير لأجل كراهية عدم فهم القوم الذين غير القوم الذين خصهم بالعلم، غير القوم الذين خصهم بالعلم، طيب باب من خص بالعلم قومًا الآن الحديث من الذي يخص به؟

المقدم: معاذ.

معاذ: يطلق عليه قوم؟

المقدم: لا القوم من الثلاثة فما فوق فيما يبدو أو الكثرة.

هو جاء من حديث أبي هريرة، وجاء من حديث أبي موسى. يعني أكثر من..

المقدم: وخص به معاذ.

أين؟

المقدم: في كل الأحاديث.

يعني ترتيب النجاة على الشهادة، جاء من طريق أكثر من..

المقدم: نعم.

خص به معاذًا في هذا الباب، لكنه أُخبر به أيضًا...

المقدم: غيره.

غيره، أخبر به أبو هريرة، وأُخبر به أبو موسى. وستأتي الإشارة إلى هذا.

المقدم: ولم يدخل في هذا الباب إلا هذا الحديث؟

حديث أبي موسى.

المقدم: لكن أقصد في الباب ذاته.

حديث معاذ، نعم.

المقدم: ما فيه حديث آخر يا شيخ؟

أين؟

المقدم: في باب من خص بالعلم قومًا دون قومًا كراهة ألا يفهموا ما فيه حديث آخر في الأصل؟

الحديث طرفه الثاني قال البخاري: حدثنا مسدد قال: حدثنا معتمر قال: سمعت أنسًأ قال: ذكر لي أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: «من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، قال: ألا أبشر الناس؟ قال: لا إني أخاف أن يتكلوا».

المقدم: نعم، إذًا لابد أن يراد بالقوم هنا مثل ما تفضلتم الأحاديث الأخرى.

نعم، أكثر، يعني سيأتي أن حديث أبي هريرة عند مسلم، وحديث أبي موسى عند أحمد، تأتي الإشارة إليه- إن شاء الله تعالى-. والكراهية بتخفيف الياء مصدر الكراهة (كره يكره كراهية)، وكراهة من كره الشيء يكرهه كراهة وكراهية.

 وجه المناسبة بين البابين فيما يقوله العيني من حيث إن في الباب الأول ترك، إن في الباب الأول تركَ بعض المختار؛ مخافة قصور فهم بعض الناس، وها هنا أيضًا ترك بعض الناس من التخصيص بالعلم لقصور فهمهم، والترجمتان متقاربتان، غير أن الأولى في الأفعال، وهذه في الأقوال، يعني يتفق مع ابن حجر في التخصيص.

المقدم: نعم.

 نعم يتفق مع ابن حجر في التخصيص، في الترجمة أيضًا قال: وقال عليٌّ: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ قال عليّ بن أبي طالب: كذا وقع هذا الأثر مبتدَءًا به بصورة التعليق؛ لأنه قال: باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا، وقال عليّ، يعني من دون إسناد، كذا وقع هذا الأثر مبتدءًا به بصورة التعليق في أصل الهروي والدمياطي، ثم عقب بالإسناد أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ حدثنا عبيد الله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن عليّ بذلك، يعنى أردفه بالإسناد، ما السبب؟ كذا ورد في صورة التعليق في أصل الهروي والدمياطي، ثم عقب بالإسناد، وسقط كله في رواية أبي ذر عن الكشميهني، قاله العيني، ثم ذكر بعده قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، يعني لما ذكر الحديث دون إسناد، لما ذكر الخبر دون إسناد، ذكر إسناده بعد ذلك، فقال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي بذلك، هكذا أخّر الإسناد عن المتن، ولا فرق عند الجمهور بين أن يُقدم الإسناد أو يؤخر، ما فيه فرق يعني سواءً بدأ، فقال: باب من خص بالعلم قوم دون قوم كراهية ألا يفهموا، حدثنا عبيد الله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن عليّ بذلك.

المقدم: أو جعل الإسناد كذلك.

أو جعله كما هو الحاصل، عند الجمهور لا فرق عندئذ بين التقديم والتأخير، خلافًا لابن خزيمة.

المقدم: يشترط.

انتبه له، انتبه له، خلافًا لابن خزيمة، حيث نص في صحيحه أنه لا يؤخر الإسناد إلا لعلة، لضعف..

المقدم: ضعف.

 نعم علة تؤثر.

المقدم: يأتي بالمتن ثم يقول: حدثناه فلان وفلان وفلان.

إلى آخره.

المقدم: بنحوه.

لا لا هو هو نفسه.

المقدم: بمثله.

المقدم: هو.

نعم مثل ما عندنا، عن علي بذلك به، في الغالب يقولون به.

في شرح الكرماني يقول: فإن قلت: لم أخر الإسناد عن ذكر المتن؟ قلت: إما للفرق بين طريقة إسناد الحديث، وإسناد الأثر، فيقدم إسناد الحديث يعني مرفوعًا، ويؤخر...

المقدم: إسناد الأثر.

ويؤخر إسناد الأثر الموقوف.

المقدم: وهذا مطرد.

لا.

المقدم: نعم.

ليس بمطرد، يقول إما للفرق بين طريقة إسناد الحديث، وإسناد الأثر، وإما لأن المراد ذكر المتن داخلًا تحت ترجمة الباب، يعني يريد أن يجعل المتن جزءًا من الترجمة، لا ليستدل بالأثر على الترجمة.

المقدم: على الترجمة.

وهذا متجه.

المقدم: هذا متجه.

نعم وإما لأن المراد ذكر المتن داخلًا تحت ترجمة الباب، وإما لضعف في الإسناد، يعني كطريقة...

المقدم: ابن خزيمة.

ابن خزيمة بسبب ابن خربوذ، وإما للتفنن، يعني مرة يقدم، ومرة يؤخر، وجواز الأمرين بلا تفاوت، بلا تفاوت في المقصود، ولهذا وقع الإسناد في بعض النسخ مقدمًا على المتن، دليلًا على أنه لا فرق بين أن يقدم، ويؤخر، وهذا قول الجمهور.

المقدم: لكن هذا -أحسن الله إليك- في الأثر ليس في الحديث، ما جاء عند البخاري في الحديث من شيء؟

لا أبدًا.

المقدم: يعني ما يقول باب..

يعني التقديم قد يورد راويه، يورد الخبر الأصلي المعتمد عليه على الجادة.

المقدم: نعم.

سند ثم المتن، ثم يقول: وقال فلان كذا، حدثنا به.. وهو رواية من روايات الحديث.

المقدم: نعم.

قد يقول، لكنه قليل.

المقدم: قليل، لكن ما جاء في الترجمة باب مثلًا إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت. حدثناه فلان عن فلان عن فلان.

لا، ذكر هذه الخلاصة، ذكرها ثم أورد الخبر.

المقدم: مرة أخرى بإسناده.

في قول علي -رضي الله عنه-: قال ابن حجر: المراد بقوله بما يعرفون؛ أي يفهمون، وزاد آدم بن أبي إياس في كتاب العلم له، عن عبد الله بن داود عن معروف في آخره، «ودعوا ما ينكرونه»، «حدثوا الناس بما يعرفون...

المقدم: ودعوا ما ينكرون.

ودعوا ما ينكرون»، أي يشتبه عليهم فهمه، أي يشتبه عليهم فهمه، وكذا رواه أبو نعيم في المستخرج، كذا رواه أبو نعيم في المستخرج، وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة، لا ينبغي أن يذكر..

المقدم: عند العامة.

عند العامة، ومثله قول ابن مسعود: "ما أنت محدثٌ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" رواه مسلم.

 ومما كره التحديث ببعض دون بعض الإمام أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، التي ظاهرها الخروج على السلطان، مثل هذه الأحاديث لا يتحدث بها على العامة، لماذا؟

المقدم: مخافة أن يفهموا منها الخروج.

نعم، ومالك في أحاديث الصفات، وسيأتي ما في هذا الكلام، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب، يعني ما يستغربه الناس، ويكون فتنة لبعضهم، يعني مثلًا حدث شخص في مجلس في حديث البقرة التي ركبها صاحبها فالتفتت إليه، وقالت: ما خلقنا لهذا، فقال شخص في المجلس، خطيب مشهور إمام جامع قديم، وخطيب مشهور دعونا: من الإسرائيليات، قلت له: ما رأيك أن الحديث في الصحيحين، وقال النبي- عليه الصلاة والسلام- بعده: «آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر»، إذا كان هذا مما يلتبس عليه مثل هذا الأمر فعامة الناس مظنة لأن يكذِّبوا، أتريد أن يكذب الله ورسوله؟ مظنة أن يكذِّبوا من باب أولى.

المقدم: نعم.

وأبو يوسف في الغرائب، ومن قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين، الوعاءين: حفظت..

المقدم: من الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

 من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاءين؛ وفي رواية: جرابين، أما أحدهما فبثثته، وأما الثاني فلو بثثته، قطع هذا.

المقدم: وأشار إلى رأسه.

البلعوم، كما تقدم عنه في الجرابين، وأن المراد ما يقع من الفتن ونحوه، ما يقع من الفتن ونحوه، عن حذيفة، وعن الحسن..

العوام عقولهم لا تدرك بعض ما يحتمل عقول أهل العلم، يعني في زمن جوع مثلًا يأتي شخص من بلد فيه رغد، يخبرهم بما رأى، يكذبون، يبادرون بتكذيبه، وقس على هذا.

المقدم: أول ما خرجت بعض الآلات مثل السيارة كذب الأجداد بأناس شاهدوها حتى إن بعضهم اتهمه بالجنون أن هناك حديدًا يسير، وله صوت.

وأعجب من ذلك قبل ذلك الساعة أول ما خرجت، كثير منهم قال: أبدًا هذه سحر، وليست صناعة، ثم الآلات الإلكترونية أشد عجبًا.

المقدم: صحيح.

والله المستعان.

 وأن المراد ما يقع في الفتن ونحوها، ونحوه عن حذيفة، وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس، الحسن أنكر تحديث أنس تابعي كتحديث..

المقدم: صحابي.

صحابي للحجاج بقصة العرنيين الذين مَثّل بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أو ماثل بهم، كما فعلوا بالراعي، هل هو مثلة أو مماثلة عاد الخلاف بين أهل العلم، لكن إلى المماثلة أقرب من باب {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ} [النحل:126].

المقدم: بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ.

 أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين؛ لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمد من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي، وليس بغريب أن ينكر المفضول على الفاضل، ليس بغريب أن يستدرك الطالب على شيخه، وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب، والله أعلم.

ولذا يرى أهل العلم مثلًا إذا وجد مرجئة مثلًا يركز على أحاديث الوعيد، ولا يحدث بأحاديث الوعد إلا بقدر الحاجة والعكس إلا إذا ما وجد خوارج مثلًا، والأصل أن النصوص كما ذكرنا مرارًا جاءت علاجًا للأمراض، سواء كانت من أمراض القلوب، أو من أمراض الأبدان، شفاء فهذا يعالج بهذا، وذاك يعالج بضده، وأهل السنَّة وسط، نقول: أهل السنَّة وسط ينظرون إلى النصوص بالعينين كلتيهما.

المقدم: صحيح:

يقول: وضابط ذلك، يقوله ابن حجر: أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب، كيف يكون ظاهره غير مراد؟ ظاهره في الأصل غير مراد؛ لأنه معارض يعني مفهومه يدل على شيء.

المقدم: نعم:

نعم، مفهومه يؤيد البدعة، وهذا المفهوم معارض بمنطوق:

المقدم: أقوى منه:

أقوى منه يرد هذه البدعة.

المقدم: وهذا الكلام كله عن حديث أنس هذا أم عن..؟

أين؟

المقدم: مفهومه يقصد؟ أو عموم اللفظة عموم ما يؤيد؟

لا، لا، عموم يؤيد البدع الضابط هذا.

المقدم: نعم.

في تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحم الله الجميع- يقول: ما ذكره عن مالك.

المقدم: هو شرح لكتاب التوحيد أحسن الله إليك.

نعم شرح كتاب جده، ما ذكره عن مالك في أحاديث الصفات ما أظنه يثبت عن مالك، ما أظنه يثبت عن مالك، لماذا؟

المقدم: طبعًا المقصود حتى نذكر فقط المستمع الذي هو إنكار مالك التحديث بأحاديث الصفات.

بأحاديث الصفات، نعم، يقول: ما أظنه يثبت عن مالك، يقول: وهل في أحاديث الصفات أكثر من آيات الصفات التي في القرآن.

المقدم: الآيات أكثر.

ليس في أحاديث الصفات أكثر من آيات الصفات التي في القرآن، فهل يقول مالك أو غيره من علماء الإسلام..

المقدم: لا تقرءوا القرآن.

إن آيات الصفات لا تتلى على العوام؟

ومازال العلماء قديمًا وحديثًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن بعدهم يقرؤون آيات الصفات، وأحاديثها بحضرة عوام المؤمنين، وخواصهم، بل شرط الإيمان هو الإيمان بالله، وصفات كماله التي وصف بها نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فكيف يكتم ذلك عن عوام المؤمنين؟ بل نقول: من لم يؤمن بذلك فليس من المؤمنين، ومن وجد في قلبه حرجًا من ذلك فهو من المنافقين، ولكن هذا من بدع الجهمية، وأتباعهم الذين ينفون صفات الرب تبارك وتعالى، فلما رأوا أحاديث الصفات مبطلة لمذاهبهم قامعة لبدعهم تواصوا بكتمانها عن عوام المؤمنين؛ لئلا يعلموا ضلالهم، وفساد اعتقادهم، فاعلم ذلك.

المقدم: كلامك سليم.

نعم، لكن ماذا لو ثبت هذا عن الإمام مالك، الإمام مالك معروف مذهبه في الصفات، من أئمة السلف، وممن يقتدي به، وإمام من أئمة أهل السنَّة، ونجم السنن.

المقدم: لابد أن يوجه.

إمام دار الهجرة، هذا الكلام لا يتطاول أحد على الكلام عن مالك.

المقدم: لابد أن يوجه.

لكن ما القصد لو ثبت عنه لا بد أن يوجه.

المقدم: كل حادثة معينة أو قصد معين يوجه.

أو في نص من نصوص الصفات.. لا تحتمله عقول بعض العامة، لا تحتمله عقول بعض العامة، لا تحتمل عقول بعض العامة، أو نصوص معينة من الصفات، بينما ما جاء في القرآن قد سمعه المسلمون، وألفته أسماعهم، ولاكته ألسنتهم، وأخذوا عليه، فما يحصل منهم نفرة مثل النفرة التي ترد ببعض الصفات التي الجواب عنها إنما هو للراسخين من أهل العلم، فلعل المقصود هذا.

 يقول الشيخ سليمان بن عبد الله: وفي الأثر دليل، يعني أثر عليّ، على أنه إذا خشي ضررًا من تحديث الناس ببعض ما يعرفون، فلا ينبغي تحديثهم به، وليس ذلك على إطلاق، وإن كثيرًا من الدين والسنن يجهله الناس، فإذا حدثوا به كذبوا بذلك، وأعظموه، فلا يترك العالم وتحديثهم به، بل يعلمهم برفق، ويدعوهم بالتي هي أحسن، الآن عوام المسلمين قد ينفرون من الأقوال الصحيحة التي يدعمها النص؛ لأنهم لم يألفوها، إنما عاهدوا مشايخهم على تأدية هذه العبادة على شيء معين، ثم ورد عليهم قول جديد مؤيد بالكتاب والسنَّة، ما عرف عن شيوخهم.

المقدم: ما يقبلون.

ينكرون هذا أشد الإنكار.

المقدم: لا شك.

 لكن هل يترك مثل هذا؟ أو يتلطف بهم في التعليم؟ كما قال الشيخ -رحمه الله-: فلا يترك العالم تحديثهم، بل يعلمهم برفق، ويدعوهم بالتي هي أحسن.

المقدم: وهذا يحصل كثيرًا -أحسن الله إليك- في المجتمعات التي تنتشر فيها البدع، ولذلك العلماء إذا جاؤوا لهذه المجتمعات وجدوهم إما على عبادات مبتدعة، أو طقوس معينة مبتدعة يصعب عليهم إيصال الحق إليهم إلا بمثل هذا التلطف، وهذا التدرج.

بلا شك يحتاجون إلى حكمة.

المقدم: نعم.

 العوام حينما يرون عالمًا يفعل في صلاته ما لا يفعله قدوتهم شيخهم الذي تعلموا على يده وعاشروه، وعاصروه، ولذلك حجة كثير من العوام، يقولون: من قديم ونحن نرى المشايخ.

المقدم: منذ عرفنا الدنيا.

منذ عرفنا الدنيا ما شفنا..

المقدم: صحيح.

ينكرون بعض السنن مثل المجافاة.

المقدم: نعم.

نعم، ومثل الجلسة هذه التي بين الأولى والثانية من الركعات، وبين الثالثة، والرابعة التي تسميها بعض الفقهاء جلسة الاستراحة، ينكرونها، لماذا؟ لأنهم ما ألفوها من شيوخهم. لكن مثل هؤلاء يتلطف بهم في التعليم.

في فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن، يقول: سبب هذا القول؛ يعني قول عليّ- رضي الله عنه-، سبب هذا القول، والله أعلم، ما حدث في خلافته من كثرة إقبال الناس على الحديث، وكثرة القُصاص، وأهل الوعظ، فيأتون في قصصهم بأحاديث لا تعرف من هذا القبيل، فربما استنكرها بعض الناس وردّها، وقد يكون لبعضها أصل أو معنىً صحيح، فتقع بعض المفاسد لذلك، فأرشدهم أمير المؤمنين –رضي الله عنه- إلى أنهم لا يحدثون عامة الناس إلا بما هو معروف، ينفع الناس في أصل دينهم، وأحكامهم من بيان الحلال والحرام الذي كلفوا به علمًا، وعملًا دون ما يشغل عن ذلك، مما قد يؤدي إلى رد الحق، وعدم قبوله، فيفضي بهم إلى التكذيب، ولاسيما مع اختلاف الناس في وقته، وكثرة خوضهم وجدلهم كان الناس على الجادة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مع وجوده، ثم بعد ذلك في خلافة أبي بكر، ثم في خلافة عمر، وكان يأطرهم على الحق، ثم جاء عهد عثمان توسع الناس، ثم جاء عهد علي كثر الخلاف فوقع مثل هذا.

المقدم: أحسن الله إليكم، لعلنا نكتفي بهذا على أن نستكمل ما تبقى من هذا الحديث في حلقة قادمة، وأنتم على خير.

 أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، لقاؤنا بكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة، وأنتم على خير.

 شكرًا لطيب متابعتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.