كتاب بدء الوحي (090)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا سؤال من درسنا السابق، يسأل عن العيني في شرحِه، يسمى "عمدة القارئ" يقول: هل العيني –رحمه الله- يشرح الحديث، ثمَّ يذكرُ فوائِدَه، أم أنه يذكر الفوائد من الحديث مباشرةً؛  لأنِّي لم أستطع أنْ أفهَم تسلسُل شرح العيني –رحمه الله- في بعضِ الأحاديث، نرجو التَّوْضيح.
الشُّروح عمومًا عَلَى مناهِج، ليست على منهجٍ واحد، منها الشَّرْح المزْجِي الذي يميز فيه بين المتن والشرح بالأقواس، ومنها ما يميز بين المتن والشرح، في قول: قوله، وهذا ضابطُ الحواشي عند أهل العلم؛ لأنهم يقولون التعليق على الكتب بالقولات، وإن كانت أكثر الشروح مشت على هذا، قوله كذا، ومنهم منْ يَشْرَح على تَرتِيب الفُنُون، ومنهم من يشْرَح على حسب ترتِيبِ الفنون، والعيني من هذا النَّوْع، ابن حجر يقول: قوله، ويأتي على المتن من أوله إلى آخِرِه بحسب ترتيب الكلمات في المتن المشروح، وعلى هذا أكثر الشُّرَّاح.
القسطلَّاني شرحُهُ ممزوج، يميَّز فيه بين المتن والشَّرْحِ بالأقواس، ولو سقط قوس من الأقواسِ، لأَشْكَل تمييز المتن عن الشَّرْح؛ لأنَّه كلامٌ متسلسل، متتابع، يُربَطُ فيه بين جُمَلِ المتْنِ بكلامِ الشَّارِح بربْطٍ وسبْكٍ دقيق عجيب، لو حُذِفت هذه الأقواس مشى الشَّرْح، ما تُميِّز بين شرح ومتن، وأكثر الشُّرَّاح يبدأون بشرح الكلمة أو الجُمْلَة بــــ: قوله كذا، ثمَّ يشرح هذه الجملة بجميع ما يتعلَّق بها في سائر الفنون، وهذه الطَّرِيقَة أحْصَر لذهنِ الطَّالِب الذي يُرِيدُ أنْ يفهم ما أمامه من متنٍ بما فيهِ مِنْ ألفاظٍ مُستَغْلِقة، فيبيِّنُ غَريبَهَا ويشرحها بجميع ما تطلبه من سائرِ الفنون.
الطَّريقة الثَّالثة، التي سلكها بعضُ العلماء ومنها شرح العيني على صحيح البُخاري: ترتيب الشَّرْح على الفنون. فتجدُهُ يشْرح المتن بدءًا بذكرِ المُناسبة، وربط الحديثِ بالتَّرْجمة، وقبل ذلك ربطُ التَّرجمة هذه بالتي قبلها، ماشٍ، ثمَّ يَذْكُر رِجالِ الإسْناد، يذكُر رجال الإسْناد بما في ذلِكَ مِنْ أسْمائِهِم وأَلْقابِهم وأنْسَابهم وكُنَاهم وما قيل فيهم، وبعدَ أنْ يذكُر رجالَ الإسْنادِ يذكُرْ تعدُّد مواضِع التَّخْريج للحديث في "صحيح البُخاري" هذه طريقة العيني.

 ثم بعد ذلك يذكر من وافقه على تخريجه من الأئمة، هذا ترتيب متسلسل لا إشكال فيه، لكن إذا بدأ يشرح المتن يُشتِّت، يشرح هذه الكلمة في مَوْضِع اللغات –مثلًا- ويأتِي بِمَا قِيل فيها من كتبِ الغريبِ واللغةِ، ثمَّ يأتِي إلى الكلمة، ثمَّ يمشي على الحديث كامل بهذه الطَّرِيقة، ثمَّ يرجِع إليه مرًّةً ثانية للإعراب، فيُعْرِب هذه الكلمات مرَّةً ثانيَة، ثمَّ يأْتِي إلى هذه الكلمة مرَّة ثالِثَة ليُبيِّن ما فيهَا –إن وُجِد- ممَّا يتعلَّق بعلمِ المعاني، ثم انتهى من علم المعاني بدأ بعلمِ البيان، ثمَّ انتهى منهُ بدأَ بعلمِ البديع لا في كُلِّ كلمةٍ كلمة، يأتي على الكلمات على هذهِ الطَّريقة في جميع الحديث، ثمَّ يرجع إليها مرَّة ثانية، لا شكَّ أنَّ في هذا تشتيتًا للطَّالب لا سيَّمَا في الأحاديث التي في أوائل الكتاب، حينما استرسل وطوَّل في الشَّرح مثل شرح حديث هرقل هذا، الطَّالِب يضيع بلا شكّ في هذا التَّشْتيت، إذا انتهى من علمِ البيان، جاء إلى علمِ البديع، ثمَّ أورد سبب ورود الحديثِ وأسئلة وأجوِبَة يمكن أن تُوَجَّه إلى بعض جُمله، أو بعضِ معانيه، ثم بعد ذلك يذكر الأحكام والاستنباط، ويُطِيل ويُسْهِب.

 ذكرنا مرارًا أنَّ العيني مَشَى على هذه الطَّرِيقة في الرُّبعِ الأوَّلِ من الكتاب، في الرُّبْع الأوَّل من الكتاب، ولمَّا قيل للحافظ ابن حجر: لماذا لا تذكر هذه الفنون؟ قال: إنَّ العيني اعتمد على قطعةٍ من شرحِ فلان –نسيته الآن- وسوفَ يَقطع إذا انقطعت. فتجد العيني في ربعِ الكِتَاب مُرتَّبًا على هذه الطَّرِيقة، وفيه مباحث دسِمَة، لكن لمَّا انتهى الرُّبْع الأوَّل وانتهت هذه القطْعة التي أشار إليها ابن حجر اختصر حتَّى إنه في آخره صار مثل التَّعليقات، يعني الرُّبع الأوَّل يُعادل أكثر من نصفِ الكتابِ، وفي آخر الكتاب مُختصر جدًّا، يشرح الحديث في سَطْرين ثلاثة بدل ما كان يشرح الحديث في عشرين، ثلاثين صفحة.

ومِنْ ميزات شرحِ الحافظ ابن حجر أنَّ شرح أوَّل حديث مثل شرح آخر حديث بالتَّمام، هذه ميزَة، نعم، النُّفوس أوَّل ما تبدأ يَصيرُ معها شيء من الهمَّة والعزيمَة والنَّشاط، ثمَّ تفتُر، هذا صِفَة أكْثر المصنِّفِين، تجده تكلَّم على الفاتِحَة من المفسِّرين بكلام طويلٍ جدًّا مائة أو أكثر من مائة صفحة، ثم يأتي ويكتب في البقرة مجلَّدات، ثمَّ تجده في النِّصف الثَّاني يضعُف ويفتُر، وتبعًا لذلك هِمَمُ الطُّلَّاب، يعني لمَّا يقرأ في سورة البقرة ثلاثة مجلدات أو خمسة مجلدات مثلًا، متى يصل إلى آل عمران، متى يصل إلى آخر القرآن! لكن لو وزَّع هذه المباحِث على مواضِعها من القرآن مثل ما فعل الحافظُ ابن حجر في "فتح الباري"، القرطبي –رحمه الله- تفسيرُه متناسِق، تفسيره متناسقٌ جدًّا؛ لأنَّهُ الثلاثة المجلَّدات الأخيرَة من العشرين في تفسير الثَّلاثة الأجزاء من القرآن، والبقَرة مع الفاتحة ومقدمةَ التَّفسير في ثلاثة، يعني متقاربة، متقاربَة، لكن تُشْرَح أو يُشرح الأحاديث الأولى من الكتاب بمئات الصفحات ثم بعد ذلك في النِّهاية يأتي إلى أن يشرح الأحاديث في أسْطُر، مع أن فيه مباحث كبيرة جدًّا.

وفي تفسير "الطَّبري"، وتجلِّد كلَّ مجلد، كلَّ جزء من القرآن في مجلَّد، انظر التنظير، كل جُزْء من الأجزاء الثلاثين من القرآن في مجلًّد، وقد وجدنا نسخًا من هذا النوع، وكثيرة، تنظر إلى هذه الأجزاء الثَّلاثين كأنك تنظر إلى صورة قطار، العربة الأولى كبيرة والتي تليها صغيرة، تنظر الصغير الأخيرة كالنقطة في آخره، المجلَّد الأوَّل الذي فيه الجزء الأول من القرآن كبير، الذي يليه أصغير، الذي يليه أصغر، أصغر، إلى أن يصل الجزء الأخير لا شيء، لا شك أن النفوس جُبِلت على مثل هذا، ولذا تجد همم كثير من الطلاب وده أن يقرأ في التفسير، ثم يُحبط، جزء من القرآن يحتاج إلى وقتٍ طويل.

 من أهل العلم –هذه طريقة بعض المفسرين- يبدأ من أثناء القرآن في التَّفسير، من أثناء القرآن لا يبدأ من أوله، وبعض طلَّاب العلم يشار إليه أيضًا وطبقوه، أن لا يبدأ من تفسير الفاتحة، يبدأ من الكهف مثلًا؛ لأنَّ قراءةَ النصف الثاني يشجعه على قراءة النصف الأوَّل، لكن لو بدأ بالنصف الأوَّل ماتت، بردت همَّته قبل أنْ يصل النصف الثاني، فشرحِ العيني لأحاديث الأولى مشتت بهذه الطريقة، وإنْ كان من لهُ رَغْبَة في إبراز جانب من الجوانب العلميَّة في السُّنة النبويَّة يجد بُغيتُه، مثلًا يبحث عن علم البيان في السُّنة النبويَّة، يجد بُغيَته في أوائل شرْح العيني، لكن ما يجدها في "فتح الباري" وإن كانت موجودَة؛ لأنَّ العيني أبرزها، أو يُريد أن يُعرِب الأحاديث يجدُ العيني أبْرز، الإعراب بينما الحافظ ابن حجر ما يبرز، وإن كانت عناية العيني أكْثر بالعربية.

 على كل حال: هي مناهج ويُستفاد من هذا ويستفاد من هذا، لكن أرى أن في طريقةِ العيني تشتيت لمن أرادَ أن يقرأ الشَّرْح أو يشْرَح البُخاري، وليسَ له هِمَّة في نوعٍ من أنواعِ العلوم، أمَّا من كانت همَّتُه في نوعٍ معيَّن من أنواع العلوم يريد إعراب الحديث يجده مبرزًا عند العيني، علمُ البيان مُبرز في تفسير الزَّمخشري، واضح، لكنَّه مبثوث في ثنايا كلام الطَّبري وبين الروايات الكثيرة، يمكن أن تخرُج بدون نتيجة، تبحث عن علمِ البيان والمعاني والبديع في تفسير الطبري، تقول: والله ما يهتم إلا بحدَّثنا حدثنا، بينما إذا قرأتَ الزَّمخشري ظهرت بتصوُّر وبنتيجة واضِحة أنَّه يهتم بهذا العلم، مع أنَّه عُقد مقارنات في هذا الفن، في علم البلاغة بفنونه الثلاثة، بين الزَّمخشري والطبري، فوُجِد أن الكلام في هذه العلوم عند الطبري أكثر من الزمخشري، لكنَّها مبثوثة ما يجدها الباحث، وبين روايات كثيرة حدثنا حدثنا يمل الطالب وهو ما، ولذلك قلنا: إِنَّ من وسائل تحصيل العلم للطالب الذي لا تسعفه الحافظة في حفظ ما يريد اختصار هذه الكتب؛ ليستطيع أن يقف على دُرَرِها وفوائدها بنفسِهِ، فاختصار كمثل تفسير الطبري تقتصر على كلام الطبري، ثم تنتقي من عشر، عشرين رواية رواية واحدة تدعمُ بها كلامه وينتهي الإشكال، وبدلًا من أن يكون في ثلاثين جزءًا يكون في أربعة، خمسة أجزاء، ورأيت من صنع، أكثر من واحد عملوا هذا.
لكن أنا أوصي طالب العلم أن يشتغل بنفسه، لا يعتمد على مختصرات الأخرين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
ففي الحديث، قال: "قال ابن النَّاظور أو ابن النَّاطور: وكان هرقلُ حزَّاءً ينظرُ في النُّجوم".
تقدَّم شرح هذه الجُملة، لكن أُورد عليها سؤالًا، وهي أنه: كيف ساغ للإمام البخاري إيرادُ هذا الخبر المُشْعِر بتقويَةِ أمرِ المُنجمين؟
يعني: هل هذا الكلام سِيق على جهةِ الذَّم أو على جهةِ المدح، أو مجرَّد إخبار عن واقِع؟ ثمَّ ماذا يكون لو سِيق على جهةِ المدح، والذي يمدحه من جنسه، نصراني مثله.
طالب:...
"فإن قيل: كيف ساغ للبخاري إيراد هذا الخبر المُشعر بتقويةِ أمر المنجمين، والاعتماد على ما تدل عليه أحكامُهم؟".
يأتي ما في كلام ابن حجر في الجملة الَّتي تليها، لمَّا قالَ هرقْلُ: إنِّي رأيت الليةَ حين نظرتُ في النُّجوم ملكَ الخِتَان قدْ ظَهَر"، "قال ابن حجر في أثناءِ شرحه: وهو كما قال، وهو كما قال، وسيأتي مناقشة هذا الكلام من ابن حجر –رحمه الله- هل قولُه: "وهو كما قال" يدخُل في حديث «من أتى كاهنا فصدقه»؛ لأنَّ الحزَّاء قيل هو الكاهن كما تقدَّم، وهو كما قال تصديق، هل يدخل في هذا الخبر أو لا يدخل، يأتي ما فيه إن شاء الله تعالى.
"الجواب أنَّه لم يقصد ذلك"، الإمام البخاري لم يقصد ذلك. "بل قصد أن يبين أن الإشارات والبشارات بالنبيِّ –صلى الله عليه وسلم- جاءت من كلِّ طريق، وعلى لسانِ كلِّ فريق من كاهنٍ، أو منجِّم، من محقٍّ أو مُبطِل، إنسيٍّ أو جِنَّي، وهذا من أبدعِ ما يشير إليه عالِم أو يجنح إليه مُحتَج، من أبدعِ ما يشير إليه عالِم أو يجنح إليه مُحتَج".
الحقُّ ما شهدت به الأعداء هذا أمر مقرر، يعني لمَّا يجيء واحد من كِبار اليهود أو كبار النصارى يمدح الإسلام، نقول نأخذ بقولِه، هل نعتمد عليه أو نستأنس به؟ استأنس به، نقول: الحقُّ ما شهدت به الأعداء، لكن هل يعوَّل عليه أو لا؟ لا يعوَّل.
قال: "وهذا من أبدعِ ما يشير إليه عالِم أو يجنح إليه مُحتَج". نعم العالم إذا أراد أن يحتج لمسألة، يحتج بالأقوى، بالكتاب، ثمَّ بالسُّنة، ثم بأقوال سلف هذه الأمة وأئمتها، ثم بعد ذلك يحشُد ما شاء إلى أن يصِل إلى حدِّ الرؤى والمنامات وما يقوله كذا، فلان أو علَّان.
شيخُ الإسلام حينما يقارن أنَّه لما يُحتج بالصَّحيح ثمَّ يعوَّل على الضَّعِيف، لا من باب الاعتماد عليه وإنما من بابِ حشد الأدلَّة حتَّى يصِل إلى أنْ يحتّج بحوادث التاريخ –مثلًا- على ما يريد، ولذا قال: "وهذا من أبدعِ ما يشير إليه عالِم أو يجنح إليه مُحتَج".
الآن البُخاري لمَّا ساق هذا الخبر بتمامِه، اللوم يُلقَى على البخاري أو على من روى له الحديث إلى أن يصِل إلَى مخرَج الحديث؟ البخاري يروي الحديث كما رُوِّي فلا يُناقش في مثل هذا، مَن نقَل وروِّي ونقل ما روِّيه، وفِيهِ ما يُمكن أن يُلاحظ، وظيفته أن يعلِّق، البخاري ما علَّق، وقُلنا في درسٍ أو دروسٍ مضت: إنَّ هذا ممَّا يُلاحظ على بعضِ المؤرِّخِين الذين يُعْرفون بسلامَةِ المُعتقد، تجده يتكلَّم على عالم، وعابِد، ثمَّ يذْكُر ما عِنْدَهُ من مخالفات ولا يعلِّق عليها، يذكر ما يُفْعَل حوْل قبره ولا يُعلِّق عليه، لا شكَّ أنَّ هذا خللًا؛ التَّنْبيه في مثلِ هذا الحالة واجب، حتى قال بعضٌ مِمَّن هو محسوب على معتقد أهل السنة، يقول: وقبر معروف ترياق. هذا يزعمه ممن يتبَّرك به أو يتوسَّل به، أو يستشفي بشيء ممَّا حوله، لكن مؤرِّخ محسوب على أهل السنة ينقل ما قالها من تلقاء نفسه، تمر عليه هذه الجملة بدون تعليق! هذا ليس من النَّصيحة، من النصيحة أن يبيَّن ويميَّز الحقَّ من الباطل، فتجد بعض المؤرِّخين –مع الأسف-...

 أمَّا من لا يُحسَب على أهلِ السُّنَّة، وهذا مما انتقدَهُ الحافظ ابن كثير على ابن خلِّكان في ترجمة ابن الرَّاوندي، ابن الرَّاوندي محسوبٌ على الزنادِقَة، محسوبٌ على الزَّنادقة، أشاد بهِ ابن خلِّكان إشادة لا نظير لها، نعم، هو يمكن أن يشاد به من جوانب، في جانب الأدب، في جانب تخصصه، لكن يبيَّن ما عنده من ضلال، كما قال الحافظ ابن الجوزي –رحمه الله-: زنادقة الإسلام ثلاثة: المعرِّي وابن الرَّاوندي وأبو حيان التوحيدي. يبينون، لكن ابن خلِّكان لما جاء إلى ترجمة ابن الرَّاوندي أفاض وأضفى عليه صفات وألقابًا يغترُّ بها طالبُ العلم، ثم قال ابن كثير في ترجمته: أثنى عليه ابن خلِّكان بكلامٍ طويل مع علمهِ بمقالاته وكأنَّ الكلبَ ما أكلَه، ما أكل له شيئًا من العَجِين. يعني: كأنَّ الأمر ما يهمه.

 يا أخِي أنت مسلم مطالب بالدفاع عن دينك، مُطالب ببيان الحق من الباطل وهذه فرصَتُك، يعني: كون ابن خلِّكان يهتمّ في آخر التَّراجِم بضبط الأنساب وضبط الألقاب، بدقةٍ متناهية، لماذا لا يعلِّق على مثل هذه الأمور، وهذه أهم؟!
كأنَّهم يطالبون الإمام البخاري بأنَّ مثلَ هذا الأمر لا يجوز في شرعنا، فلماذا لا يُعلِّق عليه؟
هلِ الكتاب مخصَّص لتعقُّبات البُخاري وتوضيح ما في النُّصوص والنُّقول من مخالفات أو موافقات، نعمْ فقهُه ظاهر في تراجمه، وفي انتقائِه للآثار التي يوضِّح بها التَّراجِم، لكِن هوَ يذكُر النَّص بإسنادِه ومن أسند فقد أحال، وبرئ من العهدة، فاللوم ليس على البخاري، هل نقول: إن اللوم على ابن عباس الذي ذكر مثل هذا الخبر بطوله وما علَّق، أو أن هذا؟ نقول: هذا معروف عند السَّامِع في ذلكَ الوقت معروف عند السَّامِع، ولذا يُجيزون في وقتِ الرِّواية أن تروي الحديث بسندِهِ مهما كانت درجته، ولو كان موضوعًا، ترويه بسنده ولا تعلِّق، لكن هل يكفي أن نروي الحديثَ الضعيف بسنده ونلقِيه على العامة، أو حتَّى على بعض طلاب العلم، أو يقرأه إمام على المنبر؟ لا يكفي، لا بدَّ أن يبيَّن درجته؛ لأن الناس ما يكفي أن يحالوا على الإسناد، في عصر الرِّواية، النَّاس كلهم يعرفون أن هذا الرَّاوي مطعونٌ فيه، لكن الآن يمكن أن يُلْقَى خبر ضعيف فيه راوٍ ضعيف مشهور بالضعف على عامة الناس وفيهم من يقول لولدِه لمَّا قال له: يا والدي، هذا الخبر ضعيف، قال: يا ولدي لا تحتقر شيئًا، والله كم من ضعيف نفع الله به نفعًا عظيمًا، يمكن أن يلقى على مثل هذا؟
أو خبر موضوع يلقى على منبر وفيهم مثل الأعجمي الذي حضر درسًا للحافظ العراقي، حضر درسًا للحافظ العراقي، فسُئل عن حديث فقال: لا أصلَ له، مكذوب على النبي –عليه الصلاة والسلام- النبي –عليه الصلاة والسلام- ما قال هذا الحديث، فجاءه هذا الأعجمي، وهو ينتسب إلى طلبِ العلم، فقال: يا شيخ كيف تقول: موضوع مكذوب، كيف تقول: مكذوب، والأئمَّة رَوَوْه بأسانيدهم في كتبهم؟ قال: جزاك الله خيرًا، أحضر لنا الحديث بسنده، فأحضره من "موضوعات ابن الجوزي" بسنده، من مثل هذه التَّصَرُّفات تجعل الإنسان يحْتاط فلا يترك شيئًا فيه أدْنَى خلَل أو فيه أدْنَى لَبْس إلَّا أن يعلِّق عليه ما يمرّ بسلام، في العصُور الأولى، في القرون المفضَّلة يعرفون هذه الأُمُور، لكن في الأوقاتِ المتأخِّرَة التي التبس فيها كثير من الباطل بالحق، المحترف الفلاني يُكرّم وتغدق عليه الأموال، ويسمونه محترفًا وهو ساحِر، يسمونه بغير اسمه، لا بدَّ من البيان في مثل هذه الأمور، ولا يُلام البخاري ومن قَبل البخاري في مثل هذه...
طالب:.... 
نعم، لكن لمَّا يمر مثل هذا الكلام ما يعلَّق عليه الآن، في العصور، القرون المفضَّلة يفهمون، لكن بعد ذلك ما يفهمون، إمامُ جامِع حافظٌ للقرآن، سمعتُهُ بأُذني، تزوَّج امرأة، فدخلت عليهمُ امرأة أخرى تطيِّبهم –ترشهم عندهم بشيء من الطِّيب-، فحاول في هذه المرأة الزوجة، وعجِز تمامًا، فسأل قيل: إن المرأة هذه معها شيء من الصَّرف أو شيء من السِّحْر، طيَّب والذي يحله؟ قالوا: فلان بالعراق، ذهب إلى العراق ما وجد نتيجة عنده، قال: اذهب إلى فلان بالبحرين، ذهب إلى البحرين وشرحَ لهُ الوضع، قال: لا تشرح الخبر عندي، أنت تزوَّجت فلانة ودخلت عليكم هذه المرأة الذي هي صفتها ومعها قارورة طيب، ورشَّت عليكم، وهذه القارورة، وهذا باقي الطِّيب.
فماذا كان تصرف هذا الذي ذُهِل من الموقف؟ قال: صَدَقت، -نسأل الله العافية-، نسأل الله السَّلامة والعافية، يعني مطابَقَة الواقِع هي صدق في كلِّ الأحوال؟ الصِّدْق والكذِب اصْطلاحٌ شرعيّ، حتَّى لو طابق الواقع كذب، كذب ولو طابّقَ الواقِع.

 كما أنَّ القَذَفَة إذا لَمْ يتمّ النِّصاب ولو رأوه بأمِّ أعينِهم يفعلُ الفاحشة فأولئك عندَ الله هم الكاذبون، فهُم كاذبون، وإن طابق كلامهم الواقع، والسَّاحر وإن طابق كلامه الواقع، فهو ماذا؟ كاذبٌ ولا يجوز تصديقه بحال، فمثل هذه الأمور قد تَخفى على آحاد النَّاس فلابدَّ من البيان، يعني يؤتى بساحر ويُقال: محترف، ويحضرهُ النَّاس ويتعجَّبٌون من أفعاله ويسمونها خفة، واحترافًا! هذا لا بدَّ من بيانه، ولا بدَّ من كشفه.
يقول: "وقيل". هذا سبق فيما يقال في الحزَّاء: "أنَّه هو الذي ينظر في الأعضاء وفي خيلان الوجه فيحكمُ على صاحبها بطريق الفراسَة". وهذا إنْ ثبت فلا يلزمُ منه حصره في ذلك، بل اللائق بالسِّياق في حقِّ هرقل ما تقدَّم، وهو النظر في النجوم والكِهانَة".
لكن: هل النَّظر في الأعضاء وخيلان الوجه من خلال الوجه تنظُر وتقرِّر ما ينطوي عليه هذا الشَّخص من أخلاقٍ ومن طباع وعادات، ومثل ما يُسمَّى: بقراءة الكف، أو النَّظر في البروج أو ما أشبه ذلك، النُّجوم إنَّمَا خُلِقَت لثلاث: زينة للسَّماء، رجوم للشياطين، وهداية للنَّاس في الطُرُق، وما عدا ذلِك فلا يُظنُّ بها، من ظنَّ بها غير ذلك على حسب مُقتَضَى هذا الظنّ، قد يَخرجُ بهِ من الدِّيْن، إذا اعتقد أنها تؤثِّر بذاتِها.
يقول ابن بطَّال في شرحِه: "ليس على البخاري في إدخاله أحاديثَ عن أهلِ الكتابِ: هرقل وغيرِهِ، ولا في قوله: وكان حزَّاءً ينظُرُ في النُّجوم حرجٌ؛ لأنَّه إنَّما أخبرَ أنَّه كان في الإنجيل، لأنَّه إنَّما أخبرَ أنَّه كان في الإنجيلِ ذِكرُ محمدٍ –عليه الصلاة والسَّلَام- وكان مَنْ يتعلَّقُ قبل الإسلامِ بالنِّجابةِ يُنذر، بالنِّجامَةِ يُنذرُ بنبوَّتِه؛ لأنَّ علمَ النِّجامة كانَ مباحًا ذلك الوقت؛ لأنَّ علمَ النِّجامة كان مباحًا ذلكَ الوقت فلمَّا جاءَ الإسلامُ منَعَ مِنْهُ، كانَ مباحًا ذلكَ الوقت". هل يُمكن النَّظر في النُّجوم أنْ يوصل إلى حقيقة؟
طالب:....
مقتضى كونه مباحًا في ذلك الوَقت، أوَّلًا: علم النِّجامة من بابِ العقائد أو الأحكام؟
والمقرَّر عند أهلِ العِلْم أنَّ العقائدَ لا تُنسَخ، «نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد»، لكن هناك من فروع العقائِد من مسائل العقيدية الفرعيَّة ما يختلفُ فيهَا بعض الأديان عن بعض، فقولهم العقائد ، يعني: المرادُ أصولها، علمُ النِّجامة إذا حصرت فائدتها في الثَّلاث حصرًا شَرْعِيًّا، هل يُمكن أن يوجد فيها فائدة غير الثَّلاث؟ إذًا قال: "إني رأيتُ اليلية حين نظرت في النُّجوم ملك الختان قد ظهر"، وابن حجر يقول: "وقد كان".
طالب:....
نعم، لكنْ معَ كونِه محرَّمًا هل يُوصِل إلى شيءٍ من الحقّ، يعني: مطابقة الواقع؟
طالِب:....
يعني كونه يُستفاد منه في الزِّرَاعة. وإذا ظهر نوع كذا، فيحسُن أن يبذَر كذا، يَحْسُن أن يزرع كذا.
طالب:...
هذه فائدة، ما يُخالف أُصولًا، لكنَّها فائدة زائِدَة على الثَّلَاث.
طالِب:....
هداية السَّائِرين، نعم.
يعني: هذا مما يشمله الفائدة الثَّالثَة، لكن الاستدلال على، مثل ما ذكرنا سابقًا، ويمكن أن يجيء الآن، على اقتران بعض الكواكِب وانفصالها، وافتراقها، واجتماعها، على حدوثِ بعض الأشيَاء.
طالب:....
نعم.
طالِب:...
يعني مثل: طلوع الثُّريَّا لأَمْن العاهةِ في الزَّرع، يعني: جاء به النَّص، فيحتمل أن يكونَ في كتُبِهم المُنزَّلَة قبل التَّحريف أو ممَّا بقيَ ممَّا لم يحرَّف، أنَّه: إذا اقترن كذا بكذا من النُّجوم ظهر ما أُشير إليْهِ في الحديث.
طالب:.... سلمان الفارسي
هذا بالمقدِّمات، بالمقدِّمات، يعني: مِثْل ما تعرِف علامات السَّاعة، تعرف أنَّ أظلكم..، أوْ بَقِيَ عليه ما بقي.
طالب:....
هذا استدلال بمقدِّمات شرعيَّة على نتائج شرْعِيَّة.
لا لا.
طالب:...
"فلما جاء الإسلام منع منه فلا يجوزُ لأحدٍ اليومَ أن يقضيَ بشيءٍ منهُ، وكانَ علمُ النُّجوم قبل الإسلام على التظنين والتَّبحيث، يصيبُ مرةً ويخطئُ كثيرًا، فاشتغالٌ بما فيهِ، فاشتغالهم بما فيه الخطأ الغالب ضلالٌ، فبعث الله نبيه محمدًا –صلى الله عليه وسلَّم- بالوحي الصحيح، ونُسِخ، ونسخ ذلك العناء الذي كانوا فيهِ من أمرِ النُّجوم، وقال لهم: نحنُ أمَّة أمية لا نحسبُ ولا نكتب، نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتُب".

يعني: هل اعتمادهم على علمِ التّنجيم الذي هو في الأصلِ على تظنين وأوْهَام لا تَصِل إلى حدِّ أنْ تكونَ احتمالًا راجِحًا يُقاربُهُ ما يُدْرِكُهُ الشَّيْطان ويسترِقُه من السَّمع، فيخطِف الكلمَة، يخطَفُ الكلِمَة ويكذب معها مائة كذْبَة، هل هذا من هذا النَّوْع؟ لكِن مِن خلالِ كلامِهم أنَّ دلالة النُّجُوم على ما يُريدون منها أقْوَى من دلالةِ ما يخطَفُه الجِنَّي، الجِنِّي قد يخطف كلمة ويضيف إليها مائة، قد يصدق في هذه الكلمة، ومع ذلك ماذا يُقال له؟ كذبْتَ.
هذه الأمُور التِي دلَّ الدليلُ على أنَّها فيها فوائد، النُّجوم تنفَع –بإذن الله جلَّ وعلا- في الأمور الثَّلاثَة، ويُمكِن أن يُفرَّع على الأمورِ الثَّلاثة مثل ما سمعنا آنِفًا، وقدْ يكون هذا متلقَّى من كُتُبِهِم، إذا كان متَلَقَّى من كتبهم فلا يُمكن طَرْدُه إلَّا بما جاءَ عندَهم، ونحنُ مأمورونَ ، بل منهيُّونَ عنِ النَّظر في كتُبِهِم حتَّى نقل السَّخاوي الإجماعَ على تحريمِ النَّظر فِي التَّوراةِ والإنجِيل، في كتابٍ أسماه "الأصلُ الأصيل في نقلِ الإجماع على تحريمِ النَّظر في التوراة والإنجيل". طيب حديث الخطِّ، «كان نبي من الأنبياء يخطُّ فمن وافقَ خطُّه خطَّهُ»  بقية الحديث، «فذاك» –يعني: أصاب- طيب، هذا في شرع ذلكَ النَّبيِّ ويُقال: إنَّهُ...
طالب:...
ويقال: إنَّ النبيَّ إدريسَ، قالوا إدريس نعم، لكنْ لمَّا قُطِعَت الوسائل المُوصلة إلى ذلك الحق، ذلك الخطِّ قُطِعَ الطَّريقُ إليهِ، فلا تجوزُ المحاوَلَة من أجلِ الموافَقَة، لا تجوزُ المحاوَلة من أجلِ الموافقة. طيب، نأتي إلى «من وافق تأمينه تأمينَ الملائكة غُفِر له»، هل يمكن أن تطَّلِع على تأمين الملائكة لتوافق؟ يعني: السِّياق سياق مدح، وفي شرعِنَا.
طالب:....
نعم.
طالب:....
لكن ما نوع الموافقة؟
طالب:...
نعم، الأقوال كثيرة في نوع الموافقة، وأقول: هذا مدرَك بالاقتداء به –صلى الله عليه وسلم- وتحرِّي أن يصلي المسلم كما صلَّى النبي –عليه الصلاة والسلام- فيوافق لمثل هذا التأمين، أمَّا ما جاء في شرع مَن قبلنا من خطٍّ وغيرِهِ فلا يُوجَدْ على ظهْرِ الأرضِ مُنذَ أنْ بعث الله محمدًا– عليه الصلاة والسلام- إلى قيام السَّاعة سند متَّصل بنبي من الأنبياء أيًّا كان سوى نبينا –عليه الصلاة والسلام- واتَّصالُ الأسانيد من خصائص هذه الأمَّة.
يقول: قد يُقال: إنَّ التَّنجيم لا يؤدي إلى شيءٍ صحيح إلَّا صُدفة، أو أن يُجريَ الله الحقَّ فيهِ مع أنَّهُ بالأصلِ لا فائدة فيها، مثل: الاستقسام بالأزلام، فلا يشك عاقلٌ أنَّه لا يفيد، لكن الله أجرى الحقَّ في استقسامِ سُراقة مرَّتَيْن فيكونُ هذا –آية على خلاف العادة- من أجل إظهار نبوة النبي –صلى الله عليه وسلَّم-.
والله نحتاج إلى قصَّة سُراقة هذه، ومَنْ خرَّجها، ولا أذكرها الآن.
في شرح ابن بطَّال قال: "وقال أبو المعتزّ في كتاب الأدب، أو ابن المعتَزّ" أبو المعتز أم ابن المعتز في كتابِ الأدب؟ والله أنا ما حرَّرتها، لكنَّه موجود في شرح ابن بطال، وقال: أبو المعتز، والذي يغلب على ظنِّي –الآن- من غيرِ بحث أنَّهُ ابنُ المعتز، وله مؤلَّفات، وقال أبو المعتزّ في كتابِ الأدبِ: "لا يصلحُ لذين عقلٍ ودين، لا يصلحُ لذي عقلٍ ودين تَعَاطي علمَ النُّجوم؛ لأنَّه لا سبيلَ إلى إيصالِ الصَّوابِ منه، والذي يُشبُه الصَّواب مِنْها إنَّما يتهيأُ بالاتِّفاق، إنَّما يتهيَّأُ بالاتفاق". الذي هو الصُّدْفَة الذي أشَار إليه كاتبُ الورَقَة. " إنَّما يتهيأُ بالاتِّفاق، وكيفَ يرضى العاقلُ من نفسِهِ أنْ يكذبَ مرَّة ويصدُقَ أُخرى؟ وكيفَ يرضى العاقلُ من نفسِهِ أن يكذب مرَّةً ويصدُقَ أخرى؟ وإنَّما عمرُ الإنسانِ كالسَّاعةِ التي لا ينبغي أنْ يُنْفَقَها إلَّا في علمٍ يزدادُ بالإيغالِ فيهِ بُعْدًا من الباطِلِ، وإنَّما عُمر الإنسانِ كالسَّاعةِ التي لا ينبغي أنْ يُنْفقها إلَّا في علمٍ يزدادُ بالإيغالِ فيهِ بُعْدًا من الباطِلِ وقُرْبًا من الحقِّ، ولَوْ أمكنَ ألَّا يخطِئ النَّاظِرُ في علمِ النُّجومِ لكان في ذلكَ تنغيصُ العيشِ، لكان في ذلكَ تنغيصُ العيشِ وتكديرٌ لصفْوَه".

 يعني: تصوَّر إنْسَانًا في كلِّ ليلة إذا غابت الشمس راقب هذه النُّجوم، راقب هذه النُّجوم، طيِّب، الآن بدون هذهِ الأمُور وهوَ يمشِي في حياتِهِ ويزاولُ الأسبَاب والأعْمال ويعاشِر الأهل والأصحاب ويعبدُ الله –جلَّ وعلا- حياة مطمئنَّة، لكن إذا علَّقَ أمورَه وسعادَته وشقاءَه بالنَّظر في هذه النُّجوم، تنغيص، فتحَ على نفسِهِ باب شرّ هو في غُنيةٍ عنه، ولذا قال: "وإنَّما عُمر الإنسانِ كالسَّاعةِ".  كلام نفيس. " كالسَّاعةِ التي لا ينبغي أنْ ينفقها إلَّا في علمٍ يزدادُ بالإيغالِ فيهِ بُعْدًا من الباطِلِ"، والإيغَالُ في علم النُّجوم قرب من الباطل أم بُعد منه؟ قرب، علمُ الكتابِ وعلم السُّنَّة الإيغال فيه قُرْب من الحقِّ وبعد من الباطِل، "وقُرْبًا من الحقِّ ولو أمكنَ ألَّا يخطِئ النَّاظِرُ في علمِ النُّجومِ لكان في ذلكَ تنغيصُ العيش وتكديرٌ لصَفْوِه". لماذا؟

لأنه قبل أن تغرب الشمس يقول: الله يعين ماذا يصير؟ تجد الألم يعتصر قلبه ماذا يصير بالليل؟ "ولو أمكنَ ألَّا يخطِئ النَّاظِرُ في علمِ النُّجومِ لكان في ذلكَ تنغيصُ العيش وتكديرٌ لصفوه، وتضييقٌ لمُنْفَسِحِ الآمالِ". يعني افترض أنَّه رأى ليلة من الليالي لمَّا غابت الشَّمْس، نظر في النجوم فإذا فيه قُرْب أَجل، هذا لو قدِّر أنَّه يصدُق، ماذا يستفيد؟ الذي يستفيد الاستعداد إذا أراد أن يستفيد من الاستعداد فليقرأ {أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ} [النَّحْل:1]، «كُنْ في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل»، هذا إذا أراد الاستعداد عليه بعلمِ الكتاب والسُّنَّة الذي درج عليه سَلَفُ هذه الأمَّة وأئمتها وأفْلَحوا، "وتضييقٌ لمنفسح الآمالِ التِي بِها قوَّةُ الأنْفُسِ وعمارةُ الدُّنيا ولم يفِ ما يُرْجَى من الخيرِ بما يُتَوقَّعُ من الشر؛ لأنَّ بعض النَّاس لو علمَ أنَّه يموتُ إلى سَنَة، لو علم أنَّه يموت إلى سنة لمْ ينتفع بشيءٍ من دُنياهُ". سنة كل يوم يمضي يوم خلاص انتهى، كأنه يقرض بدنه بالمِقْرَاض، " لو علم أنه يموت إلى سنة لمْ ينتفع بشيءٍ من دُنياهُ، وهذا لا يشبه بفضل الله وإحسانه ورأفتِهِ بخلْقِهِ، ولو علم النَّاظر فيها أنه يعيشُ مائة سنة، ولو علم النَّاظر فيها أنَّهُ يعيشُ مائةَ سنة في صحةٍ وغنى لبَطَر". تكبَّر وتجبَّر وغمَطَ النَّاس وبطَر الحق. "لبطر وما انتهى عن فاحشةٍ ولا تورَّعَ عن محرَّم".

هذه الحكمة الإلهية من إخفاء النهايات العامَّة والخاصَّة، "وما انتهى عن فاحشةٍ ولا تورَّع عن محرَّمٍ، ولا أَتَى حتْفًا هاجِمًا ولزالت نعَمُهُ، ولفسدت الدنيا بإهمال النَّاس لو تركوا أمره ونهيه". أنت لو تصوَّر النَّاس كلَّهم على هذه الحالة، كلُّهم يموتون بعد مائة سنة، وكلهم تكالبوا على هذه الأوصاف، ما هو ميت إلَّا بعد مائة سنة يزاول من الجرائم والمنكرات والسرقات والقتْل والنَّهب والسَّلب، ماهو ميت إلا بعد مائة سنة، وكلهم بهذا الوصف ما تكون حال الدُّنيا؟ لكن كل إنسان يترقَّب أنه يموت الآن، ولا يمكَّن من هذه المعصية، أو لا يمكَّن من التوبة من هذه المعصية، تجد الإنسان يرتدع.

"ولفسدت الدنيا بإهمال الناس لو تركوا أمره ونهيه، ولأكل الناس بعضهم بعضًا، ولعلَّ بعضَهم كان يؤخر التوبة إلى يومِ أو ساعة أو سنة قبل موتِه متحاذقٌ على ربِّه ويَدْخلُ الجنَّة بتوبته، وليس هذا بحكمة الله وصوابِ تدبيرِه، ولا شكَّ أنَّ الخيرَ فيما اختاره الله لنا من طيِّ ذلك عنَّا، فلله الحمد على جميلِ صُنعه ولطيفِ إحسانِه".
هذه ثلاثة أسئلة تسأل عن كتب أبي حيان التوحيدي.
 مطبوع له أكثر من كتاب "الصائر" و "الذخائر" و "الإمتاع" و "المؤانسة" هي كتب أدب مثل كتب المعري: "سقطُ الزَّند" وغيره، هذه كُتُب لا تتعرَّض لمسائِلِ الاعتقاد، وفيها ما في كُتِبِ الأدبِ مِنْ إثْرَاء للُغَةِ الإنسانِ وبيَانِهِ، فلَا يظهَر وجه للمنع منها إلَّا من بابِ هجْرِ الكاتِب، وعندَ غيره ما يغني عنْهُ، هناك أيضًا للمعرِّي كتاب اسمه: "الفصول والغايات"، كتاب "الفصول والغايات" كتاب فيه ثَرْوَة أدبيَّة ولُغَويَّة، والمطبُوع باسم في "مواعِظِ البريات" في "مواعظ البريَّات" وإن كان بعض مَنْ  ترْجمَ له، يقول: إنَّه الأصل أنَّه "فصول الغايات في معارضة الآيات"، إن كان هذا الاسم، هذا قبيح شنيع –نسأل الله العافية- إلحاد.
فعل كل حال: هناك ما يُغني عن هذه الكُتب هجرًا لمؤلِّفيها، وَمَن أراد أن يطَّلع عليها باعتبارها كتب أدب وليس فيها شيء ممَّا شِين به ذلك الرَّجل أو ذاك فلا مانِع منه كما يُقرأ لأدباءِ العصر ممن وُصِمُوا بشيءٍ من المُخالفات والطَّوَام العظيمة، يعني: بعضهم يصل إلى حد الإلحاد، ومع ذلك يُقْرَأ لهم في مجالٍ لا يؤثِّر فيه على الاعتقادِ، يعني: في المجال الذي أشرنا إليه، في مجال إثراء اللغة والثروة الكلاميَّة.
"فقال لهم حين سألوه: إني رأيتُ الليلة حين نظرتُ في النُّجوم ملك الختان، أو مُلك الختان قد ظهر". فقال: يعني هرقل. لهم، أي: لبعض بطارقته الذين تقدَّمَ الإشارةُ إليهِم، تقدَّم ذكرهم فالضمير يعود إليهم، فالقائل هو: هرقل، والمقول لهم: بعضُ البطارِقَة. "حين سألوه"، أي: سأل البطارقةُ هرقلَ عن ما أنكروهُ، "فقال بعض بطارقته: قد استنْكرنا هيئتك، قدِ استنْكرنا هيئتك، قال ابن النَّاظُور.. إلى آخرِهِ"، "حين سألوه قد استنكرنا هيئتك" يعني: فما السبب؟ "أي: سأل البطارقة هرقلَ عما أنكروه أي: من سبب تغيِّر الهيئة والخُبث كما قال الكرماني، قال: إنِّي رأيتُ الليلة، إني رأيتُ الليلة". الليلة في العُرف تُطْلق على ماذا؟ القادمة، كيف يقول رأيت الليلة وهي ما بعد جاءت الليلة؟ أوَّلًا: الليل معروف يقابِلُ النَّهار، واحدُهُ: ليلَة، وجمعُهُ: ليالٍ، بزيادة الياءِ على غيِر قياس، والليلةُ: من غروبِ الشَّمسِ إلى طلوعِ الفجْرِ، مِنْ غروبِ الشَّمسِ إلى طلوعِ الفجْرِ، هذا بالنِّسْبَةِ لعُرْفِ المُتشرِّعَة، أمَّا في عُرف أرباب الهيئة والفلك وغيرهم: إلى طلوع الشمس، من طلوعها إلى غروبها هذا النَّهار، ومن غروبها إلى طلوعها هذا الليل.
قدْ يَرِد في بعضِ النُّصوص، المُراد بالليلِ: لا مِنْ غُروبِ الشَّمْسِ، فمثلًا في حديثِ صلاةِ داود، «ينامُ نصفَ الليل»، وقد جاء الحثُّ عليه وذكرُه على سبيلِ المدحِ، ينام نصف الليل، هل نقول نوم من غروب الشمس نصف الليل، أو نقول: إن المراد بالليل في مثلِ هذا الحديث من صلاةِ العشاءِ؟ فتنام نصفَ الليل ونصف ما بين صلاةِ العشاءِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ هذا الوقْت المُحدَّد إذا قُلْنا: أنَّ الليل يبدأ من صلاةِ العشاء في الحثِّ على قيامِ داود يتَّفِق مع قِيامِ في أحاديثِ النُّزول في ثلثِ الليل؛ لأننا نحسب في حديث النزول ثلث الليل الأخير من غروبِ الشَّمْسِ، وقيَام داود مِنْ صلاةِ العشاء، فيلتقِي الحديثان، كما قرَّر ذلك شيخُ الإسلامِ.
"والليلةُ من غروب الشَّمس إلى طلوع الفجر، وقياس جمعها: ليلات، مثل: بيضة وبيضات، وقيل: الليلُ، الليلُ مثلُ الليلة، كما يقال: العشيُّ والعشيَّة، وعاملته ملايلةً، أي: ليلةً وليلة، مثل: مُشاهرَة ومياوَمَة، وأيضًا: معاوَمَة". نعم، "أي: شهرًا وشهرًا، ويَوْمًا ويَوْمًا، وليلٌ أليل: شديدُ الظُّلمة، وليلٌ أليل: يعني شديد الظُّلمة.

 وفي "التهذيب" للأزهري: إلى نصف النهار تقول: فعلتُ الليلة". يعني: إلى الزَّوال تقول: الليلة. تتحدَّث عن شيءٍ حصل في الليلة الماضِيَة قبلَ زوالِ الشَّمس تقول: رأيتُ الليلة في منامي –مثلًا- وبعدَ الزَّوالِ تقول: البارِحَة. قال: "إلى نصف النَّهار تقول فعلتُ الليلة، فإذا زالت الشَّمس، قلتُ: فعلتُ البارحة لليلة التِي مضت. "وعن أبي زيدٍ: العربُ تقول: رأيتُ اللية في منامي مذْ غُدْوَة إلى زوالِ الشَّمس، فإذا زالت الشَّمْسُ، قالوا: رأيتُ البارحَةَ في منامِي". وفي "الصحاح" للجوهري: الليل واحد، بمعنى: جمع، واحدته: ليلة، مثل: تمر وتمرَة، وقد جُمِعَ على ليالي، فزادوا فيها الياء على غيرِ قياسٍ ونظيره: أهلٌ وأهالٍ".
يعني: الليالي وأهالي، أصلُها: ليالٍ وأهالٍ؛ لأنَّ المنقُوصَ في حالِ الرَّفعِ والجرِّ تُحذَفْ ياؤُه، إذا لمْ يقترن ب (أل)، وفي حالِ النَّصْب تَظْهَر، عُدْنَ لياليا، في الشِّعر المنسُوب لفاطِمَة –رضي الله عنها-:

صُبَّتْ عليَّ مصائبٌ لو مثلُها

 

صُبَّتْ على الأيَّامِ عُدْنَ لياليا

رأيتُ قاضيًا، في حالتي الرَّفْعِ والجرّ تُحْذَف، لماذا قالوا: بالياء على غيرِ قِيَاس؟ نعم؛ لأنَّ الأصل: الخلو عن العوامل، فإذا خلا عن العوامِل، ولا يُوجَد ناصِب، نعم يُعامَل على أنَّهُ بدونِ ياء، طيب: أحيانًا يكون ب (أل) وتُحْذَف الياء: الكبِيْر المُتعال، عمرو بن العاص، ما تجدهم يقولون: العاصي، وإن كانتِ القاعدة: العاصي بالياء؛ لأنَّ فيهِ (أل). قال: "وقد جُمَع على ليالي فزادوا فيها الياء على غير قياسٍ ونظيرُه: أهلٌ وأهالٍ، ويقال: كان الأصلُ فيها: لَيْلات فحُذِفَت؛ لأنَّ تصغيرها: لُيَيْلَة". كيف حُذِفَت؟ حُذِفَت الألِف، حُذِفَتِ الأَلِف؛ "لأنَّ تصغيرها: لُيَيْلَة". هل المبرِّر لحذف الألف كون التصغير: لُيَيْلَة ، أو أنَّ الألف قُلبَت ياءً؛ لأنَّ أصلها: لُيَيْلَة أصلها ياء ثم بعد ذلك بعد قلبها اجتمع ثلاثة ياءات فحذفت الأخيرة تخفيفًا؟

 على كل حال: "قال الجوهري: وذكر قومٌ أنَّ الليل: ولدُ الكروان، والنَّهار: ولدُ الحُبارى، أنَّ الليل: ولدُ الكروان، والنَّهار: ولدُ الحُبارى، وقد جاء ذلك في بعضِ الأشْعار، وذكر الأصمعيُّ في كتاب "الفرق" ذكر النهار ولم يذكرِ الليل".
طيب: عندنا ولد الحُبَارى، وولد الكروان، وولد الثعلب، وولد كذا، وولد، وأنثى الأسد، تريدُ أنْ تبحث عن أسمائِهَا، تبْحَثْ في أيِّ كتاب؟ في "لسان العرب"، في "القاموس"، في "الصحاح" في "التاريخ"، تجِد؟
طالِب:.....
معك معنى من المعاني تنظر ما معنى هذا، ماذا يُطلق على هذا المعنى من الأسماء في اللغة، إلى كتب "فقه اللغة"، أنفع ما صنف في هذا الباب "المخصِّص" لابن سيده، و "فقه اللغة" للثعالبي وغيره، يقول لك: ولد الثعلب كذا، يجيء لك المعنى ثمَّ يذكُر ما يُطلَق عيهِ، وإذا كان عندَكَ اللَّفْظ: هِجْرِس –مثلاً- يقول لك: لفظ هِجْرِس ، ما معنى هِجْرِس ؟ تأتي إلى كتب فقه اللغَة أم تأتي إلى كتب متن اللغة، كتب اللغة التحليلية، مثل: القاموس، ومثل: الصحاح، ومثل: لسان العرب، وغيرها، تأتي إلى هذه الكتب، فتجدهم يقولون: الهِجْرِس ولد الثعلب. فرق تبحث هنا أو تبحث هنا؟
"فقال لهم حين سألوه: إني رأيت اللية حينَ نظرتُ في النجوم". حين سألوه، وحين نظرتُ، حين نظرت في النجوم، في "الصِّحاح"، يقول: "الحين: الوقت، الحين: الوقْت، والحينُ أيضًا: المدَّة، ومنه قوله –جل وعلا-: {هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ} [الإنْسَان:1]، وحان له أن يفعل كذا يحِين حينًا أي: آنَ، وحانَ حينُهُ، أي: قرُبَ وقتُهُ، وفلانٌ يفعلُ كذا أحيانًا، وفي الأحايين، وتحيَّن الوارِشُ: إذا انتظر وقتَ الأكل ليدخل، إذا تحيَّن وقت الأكلِ ليدْخُل. الوارش ما هو؟
طالب:....
"تحيَّن الوارِشُ: إذا انتظر وقتَ الأكل ليدخل" هو من المعنى، أعتقد أنَّهُ من المعنى لا مِن أصلِ الكلمة، يعني من السِّيَاق.
نعم، لكن نحن نريد كلامًا يعتمد على ... المجلَّد الثَّانِي، ورَشَ الطَّعامَ: يقول: "ورَشَ الطَّعَامَ يرشُهُ وروشًا: تناولَهُ وأكل شديدًا، شديدًا حريصًا وطمِع، وسفَّ لمداقِّ الأمور، وورش: لقب، توريش تعريش، وورشان. المقصود في الأوَّل: يقول: "ورش الطعام يرشه وروشًا: تناوله، وأكل شديدًا حريصًا وطامِعًا". إنَّه مثل الطفيلي هذا الذي يأتي إلى الناس من غيرِ دَعوة؛ لأنَّه لو دخلَ قبْلَ تقديم الطعام تطولُ المُدَّة فيمكن أن يُنتبَه لهُ أنَّه ليسَ من أهلِ البيت ولا المدعوِّيْن، فإذا كان مجرَّد ما يُقدَّم الطعام يدخل، ما فيه فرصة أن يُنتَبَه لهُ وهو الذي يدلُّ عليْهِ السِّياق.
"ملِك أو مُلْك الختان قد ظهَر"، "قال النووي: هذا قد ضُبط على وجهين: أحدهما: مَلِك: بفتح الميم وكسر اللام، والثاني: مُلْك: بضم الميم وإسكان اللام، وكلاهما صحيح، وكلاهما صحيح، ومعناه: رأيتُ المُلْكَ، رأيتُ المُلْكَ قَدْ صارَ لطائِفةٍ تختَتِن". هذا كلامُ النووي، ونقلَه الكِرْماني بحرُوفِهِ، ثمَّ قالَ الكرماني: "الختانُ: بكسر الخاء، اسمٌ من الخَتْن: وهو قطع الجلدة التي تواري الحَشَفَة، وهو قطعُ الجلدة التي تواري الحَشَفَة". التَّيْمِي: "ملك الختان: هو النبيُّ –صلى الله عليه وسلَّم- وإنَّمَا عُنِيَ به؛ لأنَّ النَّصارى لا يخْتَتِنون، فالمُلكُ ينتَقِل منهُم إليْهِ، قال: ودَخَلَ رجلٌ على عمرَ، على عبد العزيز بن مروان –والد عمَر- ودخل رجلٌ على عبد العزيز بن مروان فشكى خَتَنَهُ، فقال: مَنْ خَتَنَك؟" انظروا أهميَّة العربية، "فقال له: من خَتَنَك؟ فقال: ختَنَنِي الختَّان، ختَنَنِي الختَّان، فأقبل عبد العزيز على كاتِبِه فقال: ما أجابني، فقال: إنَّهُ لم يعرِف كلامك، كان ينبغي أنْ تقول: ومَنْ خَتَنُك، فيقول: ختَنِي فلان".

"فشغل عبد العزيز نفسَهُ بتعلُّم الإعْرَاب". الوليد بن عبد الملك فيما يُذْكر في كتب التواريخ على المنبر قال: يا ليتُها كانتِ القاضيَة، قال: وكان عمر بن عبد العزيز حاضرًا، قال: ياليتَهَا. ما أدْرِي يصحِّح له أو يتمنَّى.
البنت التي قالت لوالِدِها: أي بنيّتي، الجواب كان: أي بنية نجومها، قالت: ما أحسنُ السمَاء، قال: أي: بنية نجُومُها، ولو كانت تريد التعجُّب لقالت: ما أحسَنَ السماء!

 وقال ابنُ حجر: "كُلْك: بضم الميم وإسكانِ اللام، وللكشميهني: بفتح الميم وكسْرِ اللام، قد ظهرَ: أيْ غلب، يعني دلَّهُ نظرُهُ في حكمِ النُّجوم على أنَّ مُلْكَ الختان قد غلب، يقول: ابن حجر: وهو كما قال".
وهذه هي اللفظة المُشْكِلة التي تحتاج إلى مزيدٍ من البيان، ويكون إن شاء الله تعالى في الدَّرْس القادم.
واللهُ أعلم.

 وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

"