كتاب بدء الوحي (064)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 قال–رحمه الله -: "حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود –رضي الله عنه-، أن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره: أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش" "هرقل، بكسر الهاء، وفتح الرَّاء على المشهور. بكسر الهاء وفتح الراء على المشهور، هكذا: هِرَقْل، وحكى جماعة إسكان الراء وكسر القاف، إسكان الراء وكسر القاف، هِرْقِل، كخِنْدِف، ولم يذكر القزاز غيره، وكذا صاحب "المُوعَب".

 القزاز صاحب "الجامع" مر اسمه كثيرًا في شروح الحديث وغيرها، يعتنون به، يعتني به شراح الحديث؛ لأنه كتاب لكن مع الأسف إلى الآن ما طبع، يعني كتابان يدوران في كتب الشروح كثيرًا ومع ذلك لها نسخ وما طُبعت، "الجامع" للقزاز، و"المطالع" لابن عرقول، "مطالع الأنوار، تدور كثيرًا. " الطالع" تم تحقيقه لكنه إلى الآن ما طبع، أصله "مشارق الأنوار" مطبوع، لكن اعتماد الناس على "المطالع" أكثر من اعتمادهم على "المشارق" ومع ذلك "المشارق" مطبوع مرارًا وحُق له أن يطبع؛ لأنه كتاب عظيم، وإن كان كثيرٌ من الطلاب لا يعرفه، وقد لا يستفاد منه؛ بسبب اختلاف ترتيب الحروف على طريقة المغاربة، لكن "المطالع" لأهميته يكثر دورانه في الشروح، وقد مر معنا ومرَّ أيضًا مرارًا. قال الجوهري: "هِرْقِل ملك الروم على وزن خنجِف، على وزن: خِنْجِف، ويقال: هِرَقْل على وزن: دِمَشْق" شوف الآن اعتمد عن الجوهري هِرْقِل، ويقال أيضًا، يقال: تضعيف أم ما هو بتضعيف؟
طالب: .....
لا لا، انتبهوا.
طالب:....
ماذا؟
الآن في هذا السياق، ويقال: هِرَقْل.
طالب:.....
ماذا؟
طالب:.....
لا، ما هو، في سياق نقل ليس في سياق نقل يضعِّفُه، يعني وينطق بكذا، يعني ننتبه هذه دقيقة من الدقائق، يعني: الناس يقولون، عموم الناس يعرفون أنه إذا سيق القول مع حذف فاعله وبنائه للمجهول سيق التضعيف، لكن هنا قال: ويقال هرَقل على وزن دمَشق، ويقال، هذا نقل، ليس بنقل، يعني: ويُنطَق بكذا، فليس تضعيفًا هذا، نعم تقديمه هرْقِل، يدل على أنه هو الأصل عنده، لكن يُنطَق، ينطقه بعض الناس كذا، لكن ليس هذا من باب التضعيف. واضح أم ليس بواضح؟ نعم؛ لأن...
طالب:.....
المقصود أننا، استقر في أذهان طلاب العلم أن القول إذا صيغ أو سيق بصيغة البناء للمجهول، إذا غُيَّرت صيغته فمعناه أنه تضعيف للقول، الآن ليس هذا نقلًا للقول، إنما هذا نقلٌ للنطْق، يعني: ويُنطق كذا. صاحب "المحكم" وهو ابن سيده، لما ذكر بيت لبيد بن ربيعة الذي شطره الأخير:

..................

 

وكما فعلنا بِتُبَّعٍ وبِهِرْقِلِ

قال: أراد هِرَقْل، قال: أراد هرَقْل فاضطر فغيَّر، يعني التغيير ضرورة اضطره إليها الشعر، والهِرْقِل: المنخل، غربال، وفي "التهذيب" للأزهري، "هرَقْل: من ملوك الروم، وهو أول من ضرب الدنانير وأول من أحدث البيعة، وأول من أحدث البيعة". ما المراد بالبيعة؟
طالب:....
ماذا؟
طالب:.....
نعم.
طالب:.....
وأول من أحدث البيعة.
طالب:.....
يعني: بيع، البيعة واحدة البيع ما عرفت إلا في عهده، يعني في عهد النبي –عليه الصلاة والسلام-؟
طالب:.....
{لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ} [الحج:40] يعني: هل هذه التي أحدثت في وقت التنزيل؟
طالب:.....
ماذا؟
طالب:...
أو أن الملوك –ملوك الروم- يأخذون الملك بالغلبة أو بالإرث من غير بيعة؟ احتمال، لكن يبعد أن يُراد بالبَيْعَة هذه محل العبادة.
طالب:....
البيعة الجمع.
"وأمَّا ديْرُ الهِزقِل، فهو بالزاي، وأما دير الهزقل فهو بالزاي"، كذا في "التهذيب" للأزهري. قال ابن الملقِّن: "ولا ينصرف للعلميِّة والعُجْمة، ولا ينصرف للعلمية والعُجمَة. وزعم الجواليقي أنه عجميٌّ تكلَّمت به العرب، عجمي تكلمت به العرب" يعني: توافقت عليه اللغتان. وما كان هذا شأنه، يصرف أم يُمنع؟
طالب: يصرف.
يُصرف؛ لأن الجواليقي له كتاب اسمه "المعرَّب" "المعرَّب" من أنفس ما كُتِب في "الباب" وازدادت نفاستُهُ لمَّا حققه الشيخ أحمد شاكر، وأضاف إليه وأضفى إليه من علمه وسعة اطَّلاعه، أضفى إليه أهميَّة فوق أهميَّته، وإلا فهو من أهمَّ ما كُتب في الباب. الجواليقي، أبو منصور اسمه موهوب من أئمة اللغة، وله كتاب "شرح أدب الكاتب" لابن قتيبة وكلاهما مطبوع.

 "أنه عجمي تكلمت به العرب، وهو اسم علمٍ له، وهو اسم علمٍ له، ولقبه: قيصر. ولقبه: قيصر، وكذا كل من ملك الروم يقال له: قيصر. كل من ملك الروم يقال له: قيصر، كما أن من ملك الفرس يقال له: كسرى، ومن ملك الترك يقال له: خاقان، خاقان. والحبشة: النجاشي، والقبط: فرعون. قالوا: والزنج: عَانَة". من بعض هذه الألفاظ التي ما هي بدارجة، وإنما تتلقى من الكتب، يعني كسرى دارج، قيصر دارج، فرعون دارج، النجاشي لكن غيرهم مصر العزيز والقبط فرعون، ومصر العزيز، وحمير تُبَّع، والهند دهمة، وفغفور، والزنج: عانة، إلا ما، الذي يتلقى من الكتب احتمال أن يكون فيها تصحيف.
طالب:.....
لا، يقولون: عانة. بالعين.

قال: "واليونان بطليموس، بطليموس، بلفظ الفيلسوف المعروف، واليهود فطيون، أو مالخ، ورأس جالوت لمن كان ملكًا منهم من بني داود خاصَّة، ومن ملك الصابئة يقال له: نمرود. والتبابعة ملوك اليمن من بني قحطان. قالوا: وجالوت لمن ملك البربر، والإخشيد لمن ملك فرغانة. والنعمان: لمن ملك العرب من قبل العجم، يعني: ما هو ملكه مستقل، وإنما هو مولى من قبل العجم. قالوا: وجرجير لمن ملك إفريقية. ورتبيل: لمن ملك الخزر، وكابل لمن ملك النوبة، وماجد: لمن ملك الصقالبة". في هذا أسماء كثيرة من هذا النوع عند أهل العلم، في الشروح، لكن بعضها لا يسلم من التصحيف.

 يقول ابن الملقن وغيره، كلهم ذكروا هذا، يقول: "ومعنى قيصر البقير، البقير، والقاف على لغتهم غير صافية، وذلك أن أمه لما أتاها الطلق به ماتت فبقر بطنها، لما أتاها الطلق به ماتت فبقر بطنها عنه فخرج حيًّا، وكان يفخر بذلك؛ لأنه لم يخرج من فرج، واسم قيصر في لغتهم مشتقٌّ من القطع؛ لأن أحشاء أمه قُطعت حتى أخرج منها؛ لأنها لما ماتت عندما اشتد بها الطلق بقي الولد يضطرب في جوفها، فشقوا جوفها وأخرجوه" وما زالت التسمية باقية إلى الآن، يعني إخراج الولد من بطن أمه بالعملية يقال لها قيصرية، قيصرية نسبة إليه.
طالب:....
نعم، يقال لها قيصرية، الأسلوب مستعمل، لكن ما الرابط بين القيصر وبين بقر البطن؟ كأنه أخرج قصرًا.
طالب:...
قالوا: "وكان شجاعًا جبارًا مقدامًا في الحروب كما نبه على ذلك ابن دحية في "مرج البحرين"، وقال الكرماني: هو صاحب حروب الشام، ملك إحدى وثلاثين سنة، وفي ملكه مات النبي– صلى الله عليه وسلم-".
طالب:.....
نعم، لكن ما يلزم أن يكون هذا الذي خرج من أمه بالعملية، يمكن الأول خرج من بطن أمه، قالوا: قيصر هذا سبب التسمية، فلعل أول من تسمى بهذا الاسم وبهذا اللقب .. هذا وصفه، أن تريد أن تجعل الربط بين التسمية وبين هرقْل مثل البيعة اللي ذكرناها، يعني خاصة به وسُم به.. ولقب بقيصر من كان قبله من ملوك الروم، فكيف يسمى من قبله بلقبٍ يختص به، هو سببه! لا، ليس هذا.
"أن هرقل أرسل إليه في ركب" أرسل إليه: يعني إلى أبي سفيان "في ركب من قريش" رَكْب -كما يقول ابن حجر وغيره -: "جمع راكب، كصحب وصاحب، وهم أولوا الإبل العشرة فما فوقها، العشرة فما فوقها" "والمعنى: أن هرقل أرسل إلى أبي سفيان حال كونه في جملة الركب، حال كونه في جملة الركب، وذلك لأنه كان كبيرهم، فلهذا خصه وكان عدد الركب ثلاثين رجلًا، كان عدد الركب ثلاثين رجلًا". رواه الحاكم في "الإكليل" ولابن السكن : "نحو من عشرين". "وسمي منهم: المغيرة بن شعبة، المغيرة بن شعبة في "مصنف بن أبي شيبة" بسند مرسل. يقول ابن حجر: "وفيه نظر؛ لأنه كان إذ ذاك مسمًا، فيه نظر؛ لأنه كان إذ ذاك مسلمًا" والعيني يتعقب ابن حجر في هذا أنه لا يمنع أن يكون مسلمًا ويكون معهم، وسيأتي. وفيه نظر؛ لأنه كان إذ ذاك مسلمًا، ويحتمل أن يكون رجع حينئذ إلى قيصر ثم قدم المدينة. يعني: أسلم عام الخندق ثم رجع إلى بلاد الشام؛ لأن الواقعة كانت بعد الحديبية في السنة التي فيها الهدنة، ثم قدم المدينة مسلمًا.
طالب:.....
نعم.
طالب:...
نعم، لكنها بعد الحديبية، بعد الحديبية القصة، القصة بعد الحديبية، وإسلامه قبل ذلك.
طالب:....
نعم. المغيرة ثقفي، والحديث في ركب من قريش.
طالب:....
نعم؟
طالب:....
هذا الحكم للغالب، إن صح وجوده معهم فالحكم للغالب، سيأتي ما في كلام ابن حجر من التعقب، وقد وقع ذكره أيضًا في أثرٍ آخر في كتاب السير لأبي إسحق الفزاري، وكتاب "الأموال" لأبي عبيد من طريق سعيد بن المسيب قال: "كتب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى وقيصر الحديث، وفيه: فلما قرأ قيصر الكتاب، قال: هذا كتاب لم أسمع بمثله، ودعا أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعب وكانا تاجرين هناك، فسأل عن أمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-".

الآن ابن حجر يقول: الركب من عشرة فما فوق، هم أولو الإبل العشرة فما فوق، في شرح النووي، "الركب: جمع راكب، وهم أصحاب الإبل في السفر الثلاثة فما فوق. قاله بن السكيت. الثلاثة فما فوق قاله ابن السكيت وغيره، قالوا: والركبَةُ بفتح الراء والكاف أقل منه، والأركوب بالضم أكثر منه وجمع الركب أركب"، ويأتي.. نعم.
"«والثلاثة ركب» «والثلاثة ركب»". هذا يؤيد ما قاله النووي، النووي لو قاله من تلقاء نفسه. قلنا: كلامه يؤيده الحديث، لكنه نقله عن ابن السكيت، نقله عن ابن السكيت، لو أن النووي –رحمه الله-  ابتدأ الكلام، أو لم يعزوه لأحد على الأقل قلنا كلام النووي صحيح ويؤيده الحديث، «والثلاثة ركب»، طيب في "عمدة القارئ" الركب: بفتح الراء جمع راكب، كتجر وتاجر، وقيل: اسم جمع كقوم وذود وهو قول سيبويه. وهم أصحاب الإبل العشرة فما فوقها، العشرة فما فوقها. قاله ابن السكيت وغيره. العيني ينقل عن ابن السكيت أنهم العشرة فما فوق، وما الذي يحل الإشكال؟ الرجوع إلى... "اصطلاح المنطق" لابن السكيت الذي يحل الإشكال "اصطلاح المنطق" لابن السكيت لكن الوقت، وإلا عندي نسخ من الكتاب وطبعات متعددة ومختصرات كلها عندي، الوقت ما أسعفني أن أرجع إلى نفس الأصل رجعت إلى "تهذيبه"  للخطيب التبريزي، وسيأتي كلامه -إن شاء الله تعالى- المقصود أن النووي ينقل عن ابن السكيت أنهم ثلاثة فما فوق، والعيني ينقل عنهم أنهم العشرة فما فوق. وابن حجر: إشارة، أشار سابقًا إلى أنهم العشرة فما فوق.

 وقال ابن سيده: "أرى أن الركب يكون للخيل والإبل"، وقال ابن سيده: "أرى أن الركب يكون للخيل والإبل. وفي "التنزيل": {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال:42]. فقد يجوز أن يكون منهما جميعًا، وقول عليٍّ –رضي الله عنه-: ما كان معنا يومئذٍ. وقول علي –رضي الله عنه- ما كان معنا يومئذ فرس إلا فرس عليه المقداد بن الأسود"، كلهم، الركبان كلهم أصحاب إبل إلا المقداد بن الأسود معه فرس. "ودخل في قوله: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال:42] ولذلك قال ابن سيده: أرى أن الركب يكون للخيل والإبل. ثم ساق الآية، وقول عليٍّ –رضي الله عنه- ما كان علي يومئذ فرس إلا فرس عليه المقداد بن الأسود، يصحح أن الركب ههنا ركاب الإبل". فقط، ولَّا يدخل معه الخيل؟ يعني قول علي يصحح أنه يدخل فيه الخيل، لكن كلام العيني الذي نقله عن ابن سيده، قال: وقول علي -رضي الله عنه- ما كان معنا يومئذٍ فرس إلا فرس عليه المقداد بن الأسود يصحح أن الركب ههنا ركاب الإبل.
طالب:......
لكنه دخل في العموم.
طالب:......
ويدخل في الركبان الإبل والخيل والحمير والبغال وكل شيء والسيارات والطائرات والبواخر. على كل مركوب. يأتي، ثم قال بعد أن ذكر ما قاله ابن حجر من أن من الركب المغيرة، "وفيه نظر؛ لأنه إذ ذاك كان مسلمًا". تعقبه العيني بقوله: "ولكن إسلامه لا ينافي مرافقتهم وهم كفار إلى دار الحرب، ولكن إسلامه لا ينافي مرافقتهم وهم كفار إلى دار الحرب". يعني: قلتُ: "لكن يُنافي ذلك سكوتُهُ على بعضِ ما جاءَ في المحاورة"، يعني إسلامه ينافي سكوته على ما جاء في المحاورة، المحاورة المذكورة في الحديث، مع أنه هذا الكلام الذي قلته ذكره القسطلاني فيما بعد، قال: "وفي القسطلاني نقلاً عن البلقيني أنه اعترض على وجود المغيرة بسبق إسلامه، فإنه أسلم عام الخندق فيبعد أن يكون حاضرًا، ويسكت مع كونه مسلمًا".
في "تهذيب إصلاح المنطق" للخطيب التبريزي، يقول: "الركب جمع راكب، وهو صاحب البعير خاصَّةً، الركب جمع راكب، وهو صاحب البعير خاصة، ولا يكون الركب إلا أصحاب الإبل، لا الدواب. ثم قال: الركوبُ أو الرَّكوب: ما يركبون، يقول الله -جل وعلا-: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [يس:72]، أي: في منها ما يركبون. ثم قال صاحب "التهذيب" "تهذيب إصلاح المنطق": ويقال مر بنا راكبٌ إذا كان على بعير، والرَّكب أصحاب الإبل وهي العشرة فما فوقها. والركب أصحاب الإبل وهي العشرة فما فوقها. والأركوب أكثر من الركب، والرَكَبَةُ أقل من الرَّكب. والركاب: الإبل، واحدتها: راحلة، لا واحدة لها من لفظها" وخطَّأ النووي في "تهذيب اللغات" صاحب "الوسيط" في قوله: "لو قال: أنا وركبانُ السفينة، أنا وركبان السفينةِ ضامنون، فقال: هو منكر، والمعروف في اللغة أن يُقال فيهم: ركَّاب السفينة، والمعروف في اللغة أن يقال فيهم: ركاب السفينة. قاله أهل اللغة".

 الركاب ركاب السفينة، والركبان راكبوا الإبل خاصَّةً، والركبان راكبوا الإبل خاصةً. وبعضهم يقول: راكبوا الدواب. راكبوا الدواب. الآن هل نقول إن النووي وقف على نسخة من نسخ "إصلاح المنطق" فيها الثلاث فما فوق؟ أو يكون هذا من محفوظه واستحضر الحديث «الثلاثة ركب»، يعني حفظه، حفظه عن ابن السكِّيت ولما طالت به المدَّة ما استحضر كلام ابن السكيت بدقَّة الذي يخالف فيه الحديث؟ وعلى كل حال: كلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول –عليه الصلاة والسلام- مادام الخبر ثابتًا في الثلاثة أنهم ركب، «والثلاثة ركب» «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب» الآن لو سافر شخص بمفرده على سيارته أو على دابته في طريقٍ مسلوك، ذهب بسيارته من هنا إلى مكَّة منفرد بسيارته على الخطِّ الذي يسلكه الناس كلهم، وفيه أكثر من ثلاثة يمشي مع هذا الطريق، هل نقول: شيطان ولا معه غيره (ركب)؟
طالب:....
نعم، ركب، لكن لو قدِّر أنه في هذا الوقت، أو في جزء من الطريق طال أو قصر لم يسلكه غيرُهُ، ما سلكه غيره، الناس وقفوا، وليس في الطريق غيرُه، المسألة من أجل أن يحتاط الإنسان لنفسه؛ لئلا يوصف بأنه شيطان، قلنا: إذا كان الطريق مسلوكًا ومعه آخرون ركب؛ لأنه حتى لو نظَّرناه بالإبل معروف أن «والثلاثة ركب» ليسوا كلهم على بعير واحدة، كل واحد على بعير، لا يلزم أن يكونوا على بعير واحد، ولذا لا يلزم أن يكون الثلاثة في سيارة واحدة. لكن لا يسلك الطريق غير المسلوك بحيث يتفرَّد فيه، تفرَّد في هذا الطريق المسلوك في وقتٍ من الأوقات مائة كيلو مثلاً بين الرياض ومكة ما فيها أحد إلا هو، ماذا نقول: شيطان أم ركْب؟
طالب:....
ماذا؟
طالب: الأصل عموم الطريق، ما يقطع....
نعم؟
طالب: ثلاثة لو خرج شخص يحتطب أو كذا نقول ..
الآن السبب في التَّحذير من السفر –سفر الإنسان بمفرده- نعم لئلا يهلك، وإذا كان في طريقٍ مسلوك، وإذا كان في طريقٍ مسلوك فإنه يُؤمن من العلَّة التي جاء التحذير من أجلها.
طالب: أحيانا ما يكون....
نعم.
طالب:.....
طريق مسلوك معبد يسلكه الناس كلهم.
طالب:....
هذا نادر لا حكم له، يعني يحصل في وقت اختلال الأمن مثلاً، ولو كانوا جماعة، ولو كانوا مائة يُغار عليهم ويقتلون.
طالب:....
ماذا؟
طالب:....
يعني: قد ينعس وهو في سيارته، صح أم لا؟ هذا الذي يخشى منه؟
طالب:....
هذا الذي يخشى منه؟
كم نعس من سائق والسيارة مملوءة بالركاب، وأهلكهم كلهم؟ وإذا نام واحد نام الباقي، لا ما هو بهذا، ما هو بهذا، وإذا اختل الأمن –نسأل الله السلامة والعافية- ولو كانوا مجموعة، لكن في الغالب أن الذي يسير وحده يتعرض لعطش، يتعرض لضياع، فيموت بسبب ذلك، لكن إذا كانوا مجموعة لا شك أن هذا الخطر مأمون في الغالب، ولذلك لا يسافر الإنسان وحده في طرقٍ غير مسلوكة، أما الطرق المسلوكة التي يسلكها الناس كلهم ومعمورة بالمسافرين مثل هذا تنتفي فيه العلة، ويشاركه في الطريق من يرفع عنه الوصف، من يرفع عنه الوصف بأنه شيطان.
طالب:.....
التنفير، التنفير والغالب أن الشيطان يسير وحده.
طالب:
نعم.
طالب:....
ما ينتهي؟ لا ينتهي، ... لا هو حسب حسابه أن بينه وبين البلد الذي يُريدُه أسبوعًا، وأخذ زاد أسبوع، لكنه ضلَّ الطريق، أنت تتصور أن الطرق مثل ما هي عليها الآن؟
طالب:......
كيف؟
طالب:....
على كل حال يساعدونه على الرأي واحد يجلس، واحد يذهب واحد يمينًا وواحد يسارًا .. أحسن من الواحد.
طالب: إذا عطلت الدابة يا شيخ؟
نعم؟
طالب:.....
الهلكة الآن موجودة مع هذه الطرق؛ لأن بعض الناس يجتهد فيختصر الطريق، أعرف شخصًا ضاق عليه الوقت وهو يريد أن يدرك الدوام في بلد في يوم الأربعاء فاختصر الطريق بدلاً من أن يمشي مائة كيلو إلى جهة الغرب ثم يتجه يمينًا مثلها، قال: أختصر، الذي يمشي على طريق مستقيم هو الذي يصل، أقرب طريق يصل بين نقطتين، بدل أن يكون متعرجًا، فاته دوام السبت، وهو يريد أن يدرك دوام الأربعاء، نعم يضل الطريق، يحصل له ما حصل، فالمسألة يعني هذه الطرق نعمة من الله –جل وعلا- تعبيد هذه الطرق من أعظم الخدمات للمسافرين. 
كان الناس يتتبعون الموارد، وطريق الحاج من البصرة، أو من العراق، أو من الشرق، واحد إلى مكَّة، توضع عليها موارد المياه، ويندُر أن يضلّ أحد إلا إذا اجتهد، وليست عنده خبرة ولا معرفة بالنجوم ولا الطرق، ولذلك تجدونهم في كتب البلدان يحددون بهذه الطريقة، فيقول: موضع كذا بين البصرة ومكة، كم بين البصرة ومكة؟ لكن إذا سلكت الطريق المسلوكة بين البصرة ومكة لا بد أن تقع عليه، ما هي بفوضى وإلا كان.. كلامًا عبثًا.

 إذا سلكت الطريق المعروف للحاج بين البصرة ومكة لا بد أن تقف على هذا المكان، وهذا هو السبب وإلا الواحد يمكن، كلام دراويش هذا، .. البصرة ومكة، آلاف الكيلوات تحدد لي بآلاف الكيلوات، الكلام دقيق إلى حدِّ ما باعتبار أن الطريق المسلوك واحد، وأنت الآن مادام أنك حددت بلدًا غير معروف مثلاً، في الطريق بين الرياض ومكة، تبحث لتجد لوحة تدلك عليه، وإلا فأين؟ ألف كيلو بين الرياض ومكة أو أقل بقليل، فالتحديد بهذه الطريقة لأنك ستمرُّ به لا محالة، أما لو كانت الطرق اجتهادية، وكل واحد له طريقه، كل واحد يسلك ما شاء، ما تكثر الناس؛ لأنه ليس كل الناس يعرفون الطرق، بعض الناس يسير عنده معرفة بالطرق، ومعرفة بالنجوم التي يُهتدى بها، لكنه قد يجتهد فيخطئ، أو يكون هناك ما يحول بينه وبين النجوم، يستدلون على  ذلك بعلامات كثيرة، ويتفاوتون في ذلك تفاوتًا كبيرًا، الناس يتفاوتون، في وصف ابن أريقط: وكان هاديًا خريتًا، يعني: يعرف الطرق مضبوطة. وبعض الناس مجرد ما يطلع عن البلد يضيع، خرج مجموعة يريدون الشام من نجد، ويمشون الليل كله إلى أن أصبحوا هم على حدود بلدهم، وينظرون الأنوار كأنهم وصلوا الشام، يدورون حول أنفسهم. فالناس يتفاوتون، ونحمد الله– جل وعلا- على هذه النعم التي يسرت من وسائل المواصلات والنقل والطرق التي مُهدت ويُسِّرت، هذه من أعظم نعم الله علينا، يعني في ساعات تصل إلى مكة، بعد أن كانت بأشهر، وتقضي وتُؤدِّي هذا النسك العظيم ركن من أركان الإسلام في أربعة أيام، وقبل سنتين أو ثلاث رجل مُقعَد ونظر إلى الناس وهم ينصرفون من عرفة إلى مزدلفة، وهو صائم يوم عرفة بين أولاده، لما رآهم بكى، قال ولده: ما الذي يبكيك؟ قال: الناس ينصرفون يحجون تغفر ذنوبهم، وأنا جالس، قال: اركب، ويفرش له المرتبة الثانية بالسيارة، ويذهب ويدرك الحج، يعني: أي يُسر وسهولة أشد من هذا!

ولا شك أن {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل:4]، نظيره شخص واحد، ثانٍ، لكن هذا قبل غروب الشمس، هذا من أول النهار يوم فجر عرفة، بكى قال: أريد أن أحج اليوم عرفة وجمعة وكذا، قال: اركب نذهب بك، وراحوا إلى النقل الجماعي، وما درى أين أنزله النقل الجماعي وضاع، وما أدرك الحج بهذا، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل:4]، يعني فرق بين هذا وهذا يا أخي، إن كان ما أنت بمستعد تذهب به خله بمكانه، فالمسألة مسألة تيسير، ولله الحمد.
الآن يمكن أن يُفطر، يفطر مع أهله وذويه يوم عرفة ويدرك الحج؛ لأن الحج لا يفوت إلا بطلوع الفجر من يوم النحر قبل الوقوف، فإذا طلع الفجر انتهى الحج، فات الوقوف انتهى الحج. لكن مادام يدرك –والحمد لله- الوسائل الآن أمورها ميسرة حتى السيارات تدرك الآن، ما يقال الطائرات فقط، السيارات تدرك، الطريق بعض الناس عنده ست ساعات الطريق، لا سيما إذا كان ليل شتاء، يدرك.
طالب:.....
لا، هو دقيق إلى حدٍّ ما، لكن بعض الناس قد لا يحسن استعماله.
إذا كان..
هذه من العلل، يعني اشتراط أمن الطريق الذي يُذكر في المناسك يعني ما جاء من فراغ؛ فالطرق، وقطاع الطرق فيهم كثرة على مر التاريخ، والأمن الذي نعيشه وعشناه خلال ثمانين عام
ًا في هذه البلاد يمكن لو تصفحت التاريخ ما وجدت بقدر هذه المدَّة مثل هذا الأمن، بقدر هذه المدة يعني: ما يقرب من قرن، أمن يسير الراكب ويقطع الفيافي والقفار ولا يخاف إلا الله –جل وعلا- هذا أمن في تقديري ومن خلال مطالعاتي للدول المتعاقبة على مرّ الدهور، ما مر نظيره، مع طول المدة، والأمن الحقيقي الذي عشناه مع أنه في الأيام الأخيرة تسلّل من خلال الحدود الجنوبية أناس مفسدون، يريدون أن يفرضوا عقائدهم الفاسدة على أهل التوحيد في هذه البلاد، لكن الله –جل وعلا- كفانا شرَّهم ودحرَهم، وقُضي عليهم إلى حدٍّ كبير –ولله الحمد- فالمطلوب من الجميع الآن رعاة ورعيَّة من جميع الفئات المحافظة على هذا الأمن، ... كيف نحافظ على هذا الأمن الذي نعيشه؟ وإلا الأمن موجود ومتحقق وعشناه ونعيشُه، وأدركناه وأدركه آباؤنا من قبل، علينا أن نسعى جادِّين بجميعِ فئات من يعيش على هذه البِقَاع من مسؤولين ومن رعيَّة، من علماء، من عامة، من كبار، من صغار، أن يسعَوْا إلى تثبيت هذا الأمن، ويثبتُ هذا الأمن بتحقيق التوحيد، ونشر التوحيد، ومحاربة الشِّرك والبِدَع، {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:55]، وما عشناه من الأمن إنما هو ثمرة من ثمرات التوحيد، الذي رفعت رايته هذه الدولة من عهدها الأوَّل، ثمَّ الثاني ثم الثَّالِث، مناصرةً ومؤازرةً لدعوةِ الإمام المجدد –رحمه الله-، لكن إذا تخلينا عن هذه الدعوة، وتخلينا عن هذا التوحيد لا فرق بيننا وبين غيرنا، والله المستعان.
"في ركبٍ من قريش" من قريش: يقول النووي في أوائل شرحه، في نسب النبي –صلى الله عليه وسلم-: "والنَّضرُ هو أبو قريش، في قول جمهور العلماء، وقيل: فهر، وقيل: غيره"، وقال هنا في هذا الموضع وهو يشرح الحديث، قال: "الأكثرون على أنهم –يعني قريشًا- ولدُ النَّضر، وقيل: ولد فهر بن مالك. وقيل: ولد إلياس بن مضر، وقيل ولد مضر بن نزار، وهذان غريبان حكاهما أبو القاسم الرافعي". "واختلف في سبب تسميتهم قريشًا، واختلف في سبب تسميتهم قريشًا، فقيل: من القَرْشِ وهو الكسب، من القَرْشِ وهو الكسب، والجمع: يقال: قرش يقرِشُ بكسر الراء، قاله الفراء وآخرون".

يعني: العملة المتداولة التي دون الريال عندنا يعني ما جاءت من فراغ، الإنسان لو يبحث عن أصلها القِرْش، عندنا ما دون الريال يسمى قرشًا، والريال عشرون قرشًا، وقيل: "سموا به لتجمعهم بعد التفرق، وقيل: سموا باسم دابةٍ في البحر، من أقوى دوابِّه". الذي يسمونه سمك القرش. "من أقوى دوابه سموا به؛ لقوتهم، والنسبةُ إلى قريش قرشِيّ، ويجوز قريشي على الأصل، فإن أردتَ بقريش الحي صرفته، وإن أردت القبيلة لم تصرفْهُ، يقول النووي: وأنشد الجوهريُّ بيتًا في تركِ الصرْف، والفصيح الصرف وبه جاء القرآن الكريم".
وفي "الصحاح" "قَرَش، مادة قَرَشَ، القرشُ الكسبُ، جمع وقد قرش يقرشُ، قال الفراء: وبه سميت قريش، وهي قبيلة، وأبوهم النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فكل من كان من أولاد النضر فهو قرشي دون ولد كنانة ومن فوقه، وربما قالوا: قريشي وهو القياس. قال الشاعر:

لكلِّ قريشيًّ عليه مهابةٌ

 

سريعٌ إلى داعي الندى والتكرُّمِ

فإن أردت بقريش الحي صرفته، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه، قال الشاعر في ترك الصرف:

غلبَ المسامحَ الوليدُ سماحةً

 

.................

يعني: الوليد بن عبد الملك.

غلبَ المسامحَ الوليدُ سماحةً

 

وكفى قريشَ المعضلات وسادها

                                               وكفى قريشَ المعضلات وسادها"
هذا البيت الذي أنشده الجوهري في عدم الصرف، الذي أشار إليه النووي في قوله: وأنشد الجوهري بيتًا في ترك الصرف، والفصيحُ: الصرف. وبه جاء القرآن الكريم.
وكانوا،
ماذا عندكم ضبطه بالكتاب، تِجَارًا، فيها تشديد، ما فيها تشديد "وكانوا تِجَارًا بالشام" انظر الفروق تُجَّارا من غير اليونينية، أما اليونينية ففيها: تِجارًا بالتخفيف، "تِجَارًا، فيه لغتان: كسر التاء وتخفيف الجيم، كصاحب وصحاب، وضم التاء وتشديد الجيم تُجَّار"، قاله الكرماني –رحمه الله- "فيه لغتان: كسر التاء وتخفيف الجيم، كصاحب وصحاب، وضم التاء وتشديد الجيم تُجَّار قاله الكرماني. وقال النووي: ويقال أيضا تَجْرٌ".
 قال: "وأما الشَّام فهو إقليمنا، يقول النووي: وأما الشام فهو إقليمنا المعروف، ديار الأنبياء– صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- وقد دخله نبينا –صلى الله عليه وسلم-  مرتين قبل النبوة، ودخله بعد النبوة مرتين، ودخله بعد النبوة مرتين: إحداهما"، متى؟ "ليلة الإسراء، والثانية: في غزوة تبوك، وهو مهموز الشأم، مهموز كرأس، ويخفَّف كراس" شام كراس، "ونظائره، وفي لغة شآم، بفتح الشين والمد، وهو مذَكَّر".
طالب:....
نعم، من ولاة الشام.
يقول الجوهري- يتحدث عن الشام-: يذكَّر ويُؤنث والنسبة إليه شامي، وشآمي بالمد على وزن فعالِي، وشئَّامي بالمد والتشديد، حكاهما الجوهريُّ عن سيبويه وأنكرها غيره" وأنكرها غيره؛ لأن الألف عوَض عن ياء النسب فلا يُجمع بينهما. الأصل على وزنِ فَعَالِ بدون ياء، شئامي مثل ثماني، وأما شآمي أو شآامي بالمد والهمز مع إثبات الياء هذه أنكرها غيره، حكاه الجوهري عن سيبويه وأنكرها غيره؛ لأن الألف عوض عن ياء النسب فلا يُجمع بينهما، يعني مثل ما قلنا في يمانيّ بتشديد الياء، ياء النسب، وفي يمانِيْ؛ لأنه لا يُجمع بين العوض والمعوض. قال النووي: "والصواب جوازه؛ لأن سيبويه إمام الفن فإذا نقلها قُبَلت، ولكن غيرها أشهر. وحد الشَّام من العريش إلى الفرات، من العريش إلى الفرات"، العريش من بلاد مصر. نعم في سيناء. "إلى الفرات من بلاد العراق، هذا من الشرق إلى الغرب وقيل: إلى بالِس، وفي اشتقاقه: وسبب تسميته اختلاف طويل"، هذا كلام النووي في شرحه على "بدء الوحي والإيمان" من "صحيح البخاري".

قال: "وفي اشتقاقه وسبب تسميته اختلاف طويل قد أوضحته في كتاب "تهذيب الأسماء واللغات" وليس هو مهمًّا فحذفته هنا"؛ لأنه مختصر جدًّا، شرحه على البخاري فحذفه. "في تهذيب الأسماء واللغات" قال: "الشام إقليمنا المعروف -حماه الله تعالى، وصانه وسائر بلاد الإسلام وأهله-". قال صاحب "المطالع": "وأباها –يعني شآم- بالمد، أكثرهم، وأما سبب تسميته شأمًا أو شآما فذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر –رحمه في أول "تاريخ دمشق"، "تاريخ دمشق" من أطول التواريخ التي تؤرخ للبلدان، "تاريخ دمشق" طبع في ثمانين مجلدًا، وطبع في أربعين، موجود النسخ الخطية في عشرين، أو تقرب من عشرين،  المقصود أنه: تاريخ مطول لا يستغني عنه طالب حديث؛ لأن فيه من تراجم الرواة ما لا يوجد في كتب الرجال، فيه من تراجم الرواة مثل "تاريخ بغداد" ومثل "تاريخ جورجان"، ومثل "تاريخ أصبهان"، التواريخ هذه يعتني بها طالب العلم؛ لأن فيها من الرواة المنتسبين لهذه البلدان ما لا يوجد في كتب الرجال.

"تاريخ نيسابور" للحاكم، كذلك يعني من شيوخ الحاكم ما لا يوجد له ترجمة، من شيوخ الأئمة المتأخرين شيوخ البيهقي ما تجد له إلا في مثل هذه الكتب، أو شيوخ الطبري أو ما أشبه ذلك، أو شيوخ الطبراني، يعني من تأخر من أهل العلم تجد في أسانيدهم من لا ترجمة له في كتب الرجال، إلا في هذه التواريخ؛ لأنه متأخرة نوعًا ما، ومؤلفوها من علماء الحديث، مؤلفوها محدثون يعتنون بالرجال.

 فذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر –رحمه الله تعالى- في أول "تاريخ دمشق" بابًا في ذلك فروى فيه عن الكلبي أنه قال: "سمي شامًا؛ لأن قومًا من بني كنعان بن حام تشاءموا إليها، وعن ابن الأنباري أنه قال: فيه وجهان، يجوز أن يكون مأخوذًا من اليد الشومى، وهي اليسرى، ويجوز أن يكون فعلاً من الشؤم يقال: أشأم إذا أتى الشام، أشأم إذا أتى الشام". يقبل هذا الكلام أم لا؟
طالب:.....
فعل من الشؤم، يقال: أشأم إذا أتى الشام.
طالب:....
لا لا، لا أرمي إلى شيء آخر، يعني أخذنا الشام من قولنا: أشأم إذا أتى الشام؟
طالب:...
ما يلزم عليه دور. يلزم عليه الدور، يعني: لو أن شخصًا سميت به محلة أو بلدة، ثم قيل هذا الشخص سمي بكذا؛ لأنه من أهل كذا.
طالب:....
والبلد سمي؛ لأنه سكنه فلان واسمه كذا.
طالب:.....
نعم؟
طالب:
أنت إذا عرفت الأصل انتهى الإشكال، لكن إذا لم تعرف الأصل؟ يلزم عليه الدور إلى ما لا نهاية، يعني مثل ما يقال البيضة من الدجاجة والدجاجة من البيضة.
طالب:......
نعم.
هذا يلزم عليه الدور سميته الشام لماذا؟ من الشؤم يقال: قد أشأم فلان إذا دخل الشام، فهل الفعل مأخوذ من المكان أو المكان مأخوذ من الفعل؟
طالب:....

لولا مشيبي ما جفا

 

لولا جفاه لم أشب

نعم...
ما السبب الحقيقي؟
طالب:.....
أيهما السبب الحقيقي؟ ما فيه سبب. نعم. إلى ما لا نهاية، وعن ابن فارس قال: "فعل من اليد الشومى"، التي هي اليسرى. لكن وقوع هذا البلد في هذا المكان في هذه الجهة هل يعتبر يسارًا؟ مناسب لليد الشومى، ومتى يكون يسار
ًا؟ إذا استقبلنا الشرق، أما إذا استقبلنا الغرب صار يمينًا، هو في جهة الشمال، والشَّمال غير الشِّمال، يعني لو في جهة الشِّمال قلنا تبعًا لليد الشومى التي هي اليسرى، لكنه في  الشَّمال، ويقابله اليمن في الجنوب، ولا يعني هذا أنه في الشِّمال المقابل لليمين. وعن ابن فارس: "أنه فعل من اليد الشومى، يقال، قال قوم: هو من شَوْم الإبل أو من شُوم الإبل وهي سودها".
طالب:....
نعم، أصحابها، أهل الشام لما كانوا روم
ًا عجمًا ماذا يسمونها؟ يعني: هل الشام ترجمة لاسمها عند أهلها، أو هذا اسمها عند أهلها؟
طالب:.....
نعم.
طالب:...
الروم الروم.
طالب:....
طيب، إذًا هذا اسمها من الأصل، أنت عندك "خطط الشام" لكرد علي تراجع المسألة، لأنه .. مضبوط.
طالب:......
نعم.
طالب:....
هذا كلام يمكن أن يحل الإشكال. يقول: "لما وقعت في مقابل اليمن المأخوذ من اليمن، أطلق عليها شام لتؤخذ من الشؤم الذي يقابل اليُمن"، هذا ينفع في هذا المجال وإن لم يقطع بالسبب.
ماذا؟
طالب:......
نفس الكلام معك، كل يوم تجيء به.
يقول: إن هذا الكلام ذكره السجستاني في "غريب القرآن" عند ماذا؟
طالب:....
نعم، طيب.
طالب:......
لا، هم -على كلامهم- يكون إذا كان قُبُلها، ليس أنت من تستقبل، إذا كان وجه الكعبة جهة الباب فالشام شمال الكعبة. شِمال.
طالب:....
لا، هم يعتبرون الكعبة هي لها قُبُل ودُبر.  
خلاص إذا كان لها قبل وقبلها الباب فالشام عن يسارها.
 قال قوم: هي من شوم الإبل وهي سودها. وعن ابن المقفع: "سميت شامًا بسام بن نوح، سميت شامًا بسام بالسين بن نوح، واسمه بالسريانية شام. وعن ابن كلبي: سمي شامًا بشامات له سود وحمر وبيض" يعني سام سميَ شام
ًا؛ لأن فيه شامات، يعني: ألوان من الحبوب سود وحمر وبيض. وقال غيره: سميت شامًا؛ لكونها عن شمال الأرض. نعم كونها شَمال، أما كونها شِمالًا؟ إلا إذا قلنا إن قبل الكعبة، قبل البيت هو الباب.

وقال: "وروينا في تاريخ دمشق أن الشام دخله عشرة آلاف عينٍ رأت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- دخله عشرة آلاف عين رأت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-" كم شخصًا؟
الطلاب: خمسة آلاف.
خمسة آلاف صحابي
طالب:...
الشخص أم..؟
طالب:....
نعم؟
طالب:.....
الشخص الواحد يعبر عنه بالعين
أم...
طالب:...
يعني كما يقال من باب المعاياة، آية فيها مائة وأربعون عين
ًا، فيها مائة وأربعون عينًا.
طالب:.....
تذكرها؟
{
وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف:155] مائة وأربعين.
طالب:....
بعض الناس يُغرب في مثل هذه الأمور ومقرئ يختبر الطلاب يقول: اقرأ من آية ثلاث لمونات، ثلاث لمونات، بلهجتهم، ما يقول: ليمون، يقول: لمون، صح؟
ثلاث لمونات أيُّ آية هذه؟ {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} [النساء:104].
 اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

"