التعليق على الموافقات (1429) - 06

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: أحسن الله إليك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

استكمالاً في كتاب الموافقات للإمام الشاطبي تحت النوع الرابع في بيان قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة: "المسألة الخامسة: العمل إذا وقع على وفق المقاصد الشرعية، فإما على المقاصد الأصلية، أو المقاصد التابعة".

"المقاصد الأصلية"، يريد المؤلف بها ما لا حظ فيه للمكلف، و"التابعة" ما له فيها حظ، له فيها حظ، يعني: ما كان تعبدًا محضًا فهذا مقصد أصلي، وأما ما كان فيه حظ للمكلف فهذا مقصد تابع.

طالب: "وكل قسم من هذين فيه نظر وتفريع، فلنضع في كل قسم مسألة، فإذا وقع على مقتضى المقاصد الأصلية بحيث راعاها في العمل، فلا إشكال في صحته وسلامته مطلقًا، فيما كان بريئًا من الحظ وفيما رُوعي فيه الحظ؛ لأنه مطابق لقصد الشارع في أصل التشريع، إذ تقدم أن المقصود الشرعي في التشريع إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدًا لله".

يقول: "فيما روعي فيه الحظ"، أحيانًا يكون الأصل أنه لا حظ فيه لمكلف، ثم لا يلبث هذا المكلف أن يتلذذ بما لا حظ فيه، فيكون له فيه حظ؛ لأنه في الأصل أن الجنة حفت بالمكاره، وعلى هذا التكاليف المحضة الشرعية، العبادات وما أشبهها هذه لا حظ فيها للمكلف، حظًّا عاجلًا.

 المقصود وإن كان الحظ الآجل هو الأعظم، لكنه يتكلم عن الحظ العاجل. لكن بعض هذه التكاليف قد يكون فيها له فيها حظ، يكون له فيها حظ إذا تعدى مرحلة المجاهدة إلى التلذذ لا شك أن هذا حظه في الدنيا وجنته في الدنيا، يكون له فيها حظ، لكن لا يسمى من مقاصد الشرع، حظه من العبادات المحضة ليس من مقاصد الشرع، بمعنى أنه قد يصلي مثلاً إمامًا بأجرة له فيها حظ، لكن كونه إمامًا بأجرة فهذا ليس من مقاصد الشريعة، أيضًا قد يصلي هربًا من غريم، هذا يلحظ فيه حظ، لكن ليس هذا من مقاصد الشرع من هذه العبادة.

طالب: "لأنه مطابق لقصد الشارع في أصل التشريع؛ إذ تقدم أن المقصود الشرعي في التكليف إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدًا لله، وهذا كافٍ هنا".

نعم، هذه الحكمة من إيجاد الخلق: تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، بحيث يتجرد لهذا الهدف. طالب: "وينبني عليه قواعد وفقه كثير، ومن ذلك أن المقاصد الأصلية إذا رُوعيت أقرب إلى إخلاص العمل وصيرورته عبادة، وأبعد من مشاركة الحظوظ التي تُغير في وجهٍ محض العبودية.
وبيان ذلك أن حظ الإنسان ليس بواجب أن يراعيه من حيث هو حظه، على قولنا: إن إثبات الشرع له وإباحة الالتفات إليه إنما..."
.

نعم، حظ الإنسان له أن يتنازل عنه، ولا يجب عليه أن يراعيه من حيث هو حظه، أما من حيث تعلق حقوق الآخرين به، فلا بد من ملاحظته، فنهى عن إضاعة المال لو القصد نفسه وما يقوم به الأمر إليه لا يعدوه، لكن هذا المال الذي بيديه تتعلق به حقوق آخرين، فيجب عليه مراعاته وعدم تضييعهم من هذه الحيثية.

طالب: "على قولنا: إن إثبات الشرع له وإباحة الالتفات إليه، إنما هو مجرد تفضل امتن الله به؛ إذ ليس بواجب على الله مراعاة مصالح العبيد، وهو أيضًا جارٍ على القول بالوجوب العقلي، فمجرد قصد الامتثال للأمر والنهي أو الإذن كافٍ في حصول كل غرض، فالمتوجه إلى مجرد خطاب الشارع العامل على وفقه ملبيًا له بريء من الحظ، وفعله واقع على الضروريات وما حولها، ثم يندرج حظه في الجملة، بل هو المقدم شرعًا على الغير".

نعم، هو المكلف فيما له فيه حظ هو إنما يراعي حظه بالدرجة الأولى، ومقدم على جميع الحظوظ؛ ولذلك إذا ملك مالاً لا يكفيه هو ومن يمون، هل نقول: ينفقه على زوجته، ينفقه على ولده، ويموت جوعًا، أو يبدأ بنفسه، ثم من يعول؟ نعم، عليه أن يبدأ بنفسه ثم من يعول.

طالب: "فإذا اكتسب الإنسان امتثالاً للأمر، أو اعتبارًا بعلة الأمر، وهو القصد إلى إحياء النفوس على الجملة وإماطة الشرور عنها، كان هو المقدم شرعًا: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول»، أو كان قيامه بما قام به قيامًا بواجب مثلاً، ثم نظرُه في ذلك الواجب قد يقتصر على بعض النفوس دون بعض، كمن يقصد القيام بحياة نفسه من حيث هو مكلف بها، أو بحياة من تحت نظره، وقد يتسع نظره فيكتسب ليحيي به من شاء الله، وهذا أعم الوجوه وأحمدها وأعودها بالأجر؛ لأن الأول قد يفوته فيه أمور كثيرة، وتقع نفقته حيث لم يقصد، ويقصد غير ما كسب، وإن كان لا يضره فإنه لم يكل التدبير إلى ربه.

وأما الثاني، فقد جعل قصده وتصرفه في يد من هو على كل شيء قدير، وقصد أن ينتفع بيسيره عالَمٌ كبير لا يُقدر على حصره، وهذا غاية في التحقق بإخلاص العبودية، ولا يفوته من حظه شيء. بخلاف مراعاة المقاصد التابعة، فقد يفوته معها جل هذا أو جميعه؛ لأنه إنما يراعي مثلاً زوال الجوع أو العطش أو البرد أو قضاء الشهوة أو التلذذ بالمباح مجردًا عن غير ذلك، وهذا وإن كان جائزًا، فليس بعبادة، ولا رُوعي فيها قصد الشارع الأصلي، وهو مُنْجَرٌّ معه، ولو رُوعي قصد الشارع لكان العمل امتثالاً، فيرجع إلى التعلق بمقتضى الخطاب كما تقدم، فإذا لم يُراعِ، لم يبق إلا مراعاة الحظ خاصةً؛ هذا وجه".

يعني على سبيل المثال: العقود من بيوع وأنكحة وغيرهما من سائر العقود، تتفاوت وتتباين أنظار الناس إليها: منهم من ينظر إليها بتحقيق مصلحة واحدة، يتزوج المرأة من أجل التلذذ من غير نظر إلى شيء آخر، فإن استحضر أثناء العقد أو أثناء الطلب أنه يؤجر على هذا التلذذ حصل له مقصوده، وإن انضاف إلى ذلك أمر آخر من وجود الولد الذي يعينه في أمور دينه وديناه، ومن وجود الولد الذي يتحقق به العبودية، ويتحقق به بقاء النوع، وجود الولد الذي يعز به الله الإسلام والمسلمين، وجود الولد الذي ينفع الله به الأمة في علم أو غيره. إذا استحضر هذه الأمور وغيرها من الأمور، كان له الحظ الأوفر من المصالح المرتبة على تشريع هذا العقد. وإن استحضر شيئًا دون شيء حصل له نصيبه منه دون غيره. يعني لو أن الإنسان تزوج وقال: والله أنا أريد الولد، ولدًا يعينني في أمور دنياي، هل أجره مثل من تزوج يريد ولدًا ينفع الله به الإسلام والمسلمين؟

لا، الأمور بمقاصدها. فالناس يتفاوتون في هذه المقاصد وتحقيق هذه المصالح، وقصد هذه المصالح الشرعية.

طالب: "ووجه ثانٍ: أن المقاصد الأصلية راجعة إما إلى مجرد الأمر والنهي".

يعني الذي يشتري سلعة من السوق، ذهب إلى السوق؛ ليشتري تمرًا مثلاً، ويقصد بذلك أن هذا التمر هو بحاجة إليه، وباعتباره نوعًا من أنواع الغذاء، ولا يمكن أن يستغنى عنه غير ناظر إلى أمر آخر ألبتة. هذا حقق مصلحة من مصالح تشريع العقد الذي هو البيع. لكن لو إلى ذلك، ونظر إلى أنه يضعه في فيِّ امرأته، ويطعم منه ولده، ويطعم منه المسكين، ويدعم المزارع الذي تعب على هذه الزراعة، يعني انظر من وجوه متعددة، وأجره حسب ما نوى، «وإنما لكل امرئ ما نوى»، والناس يتفاوتون، ولا شك أن هذا من توفيق الله -جل وعلا- أن ينظر الإنسان إلى تحقيق جميع المصالح الشرعية المرتبة على هذه العقود. جميع الناس يُهرعون إلى الأسواق قبيل دخول رمضان؛ لشراء ما يكفيهم خلال الشهر، بعضهم يقول: بدلاً من أن أذهب إلى السوق في يوم ثمانية وعشرين أو تسعة وعشرين شعبان أذهب إذا أعلن الشهر، لماذا؟

لأن النفقة في رمضان أفضل من النفقة قبل رمضان، هذا شهر فاضل، تضاعف فيه الحسنات خلها تضاعف، هذا مقصد من المقاصد. إذا ذهب للسوق من أجل أن يحقق المصالح الشرعية المرتبة على هذا العقد من أكل وإطعام وإنفاق وجميع ما يتعلق به من وجوه الخير، يختلف عمن اشترى هذه السلع لمجرد أن يقال: اشترى، وأن يكون مثل الناس، وأنه... فعلى كل حال الموفق ينظر إلى هذه الأمور مجتمعة.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

لا، لكن كونه يستحضر هذه النية ويقول: إن لم أشترِ أنا وفلان وفلان؛ لأنه يمكن أن يستغني عن التمر، لكن يقول: لو أترك التمر أنا والثاني والثالث ما زُرع التمر، والناس بحاجة إليه، أو خُففت زراعة التمر، أو خسر المزارع، ولم يتشجع لأمور أخرى.

طالب: "ووجه ثانٍ: أن المقاصد الأصلية راجعة إما إلى مجرد الأمر والنهي".

يعني مثل هذه المقاصد موجودة وجودًا وسلبًا، يعني إيجابًا وسلبًا، يعني تشتري من مزارع مسلم تدعمه، تقاطع مزارعًا كافرًا لتضعفه، كل هذا تؤجر عليه.

طالب: "أن المقاصد الأصلية راجعة إما إلى الأمر والنهي".

أيضًا لو وُجد مثلاً صاحب محل تجاري عُرف بالاستقامة والوقوف عند حدود الله ومحارمه، وآخر متساهل متراخٍ في بعض العقود، متساهل في بيع بعض الأشياء المشتبهة، كونك تذهب إلى هذا، لا شك أنك مأجور بهذه النية، كونك تقاطع هذا، وتهجر هذا أيضًا أنت مأجور بهذه النية؛ لكي يرتدع، وهذا نوع من أنواع الصلة والهجر.

طالب: .......

جزاهم الله خيرًا، هذا أيضًا.

طالب: .......

الدعاية: أنت الآن ... من الذي دعا إلى هذه السلعة، أو دعا إلى هذا المحل، أو أعلن عن هذا المكان؟ هل صاحبه الذي يكتسب منه مادة؟ لا، إذًا ما هي بدعاية. يعني أحيانًا يجيئنا في الإعلانات، إعلانات الدروس الإعلان بدعم مؤسسة كذا، بعضهم يقول: ما يجوز هذا؛ لأنه نشر ودعاية لهذه المؤسسة. نقول: هل صاحب المؤسسة هو الذي يوزع الإعلانات؟ لا.

طالب: .......

المقصود أنه ليس هو من يوزع، وليس من أجله وُضع، إنما وُضع من أجل الدروس، وهذا ثبت تبعًا، ما ثبت استقلالاً.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

لكن من يثبت أن هذه السلعة التي يريدها النبي -عليه الصلاة والسلام- عند واحد من المسلمين، ظروف المسلمين متقاربة، يعني اشترى شعيرًا من يهودي، لعل كل المسلمين بحاجة للشعير، هذا ما يلزم، هذا أمر مقرر شرعًا: التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان.

طالب: "ووجه ثانٍ: أن المقاصد الأصلية راجعة إما إلى مجرد الأمر والنهي من غير نظر في شيء سوى ذلك، وهو بلا شك طاعة للأمر، وامتثال لما أُمر لا داخلة فيه، وإما إلى ما فهم من الأمر من أنه عبد استعمله سيده في سخرة عبيده، فجعله وسيلةً وسببًا إلى وصول حاجاتهم إليهم كيف يشاء. وهذا أيضًا لا يخرج عن اعتبار مجرد الأمر، فهو عامل بمحض العبودية، مُسقِط لحظه فيها، فكأن السيد هو القائم له بحظه، بخلاف العامل لحظه، فإنه لما لم يقم بذلك من حيث مجردُ الأمر، ولا من حيث فهم مقصود الأمر، ولكنه قام به من جهة استجلاب حظه أو حظ مَن له فيه حظ، فهو إن امتثل الأمر فمن جهة نفسه، فالإخلاص على كماله مفقود في حقه، والتعبد بذلك العمل مُنتفٍ، وإن لم يمتثل الأمر، فذلك أوضح في عدم القصد إلى التعبد، فضلاً عن أن يكون مخلصًا فيه، وقد يتخذ الأمر والنهي عاديين لا عباديين، إذا غلب عليه طلب حظه، وذلك نقص".

يعني الناس يتفاوتون في تنفيذ الأوامر من المسؤول مثلاً، أنت في دائرة من الدوائر، أو عمومًا ولي الأمر العام يصدر أوامر، والناس يتفاوتون: بعضهم ينفذه خوفًا منه، وبعضهم ينفذها تعبدًا لله -جل وعلا- بطاعة من أمر الله بطاعته، فهم يتفاوتون، وبعضهم يمكن أن ينفذها لا عن قصد لا هذا ولا هذا مثل الناس، ففرق بين أن ينفذ هذه الأوامر استجابة لأمر الله- جل وعلا- الذي أمر بطاعة ولي الأمر، وبين أن ينفذ؛ خوفًا من السلطان لا تعبد لله -جل وعلا- بتنفيذ هذا الأمر، وبين من لا هذا ولا هذا، يرى الناس ينفذون ينفذ معهم، والله المستعان.

طالب: "ووجه ثالث وهو أن القائم على المقاصد الأُوَل قائم بعبء ثقيل جدًّا، وحملٍ كبير من التكليف، لا يثبت تحته طالب الحظ في الغالب، بل يطلب حظه بما هو أخف، وسبب ذلك أن هذا الأمر حالة داخلة على المكلف شاء أم أبى، يهدي الله إليها من اختصه بالتقريب من عباده؛ ولذلك كانت النبوة أثقل الأحمال وأعظم التكاليف، وقد قال تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: 5]. فمثل هذا لا يكون إلا مع اختصاص زائد، بخلاف طالب الحظ، فإنه عامل بنفسه، وغير مستويين فاعل بربه وفاعل بنفسه، فالأول محمول، والثاني عامل بنفسه؛ فلذلك قلما تجد صاحب حظ...".

"محمول"، يعني معان؛ لأنه يعمل ابتغاء وجه الله، فهو محمول، يعني معان من قِبل الله -جل وعلا- على ذلك. "والثاني عامل بنفسه"، يوكل إليها.

طالب: "فلذلك قلما تجد صاحب حظ يقوم بتكليف شاق، فإن رأيت من يدعي تلك الحال، فاطلبه بمطالب أهل ذلك المقام، فإن أوفى به فهو ذاك، وإلا علمت أنه متقول، قلما يثبت عند ما ادعى".

نعم؛ لأن بعض الناس عندهم دعاوى عريضة أنه يفعل ويترك ويقوم ...، وهو في الحقيقة لا شيء من ذلك؛ لأن ما يدعيه أقل من مردوده الكسبي المصلحي عليه، أقل، ولذلك من الحمق مثلاً أن يتعب الإنسان في نقل صخرة يأخذ عليها أجرًا مثل أجر من يحمل عشر هذا المقدار، من أجل ماذا؟ أن يقال: إنه يحمل الأثقال! هذا ليس فيه له مصلحة، ليس له فيه مصلحة، وكلامه ودعواه أنه يحمل هذا هو مجرد دعوى لا حقيقة لها، لماذا؟

لأن الناس يوازنون بين المصالح والمفاسد، اللهم إلا من كان في عقله شيء، فمثل هذا أمره آخر، لكن الأسوياء من الناس لا تجده يُخير بين أمرين إلا اختار الأيسر، لا سيما إذا كان المقابل مساويًا، أما إذا كان أكثر احتمل الأعظم. ولذلك يقول: "وقلما تجد صاحب الحظ يقوم بتكليف شاق، فإن رأيت من يدعي تلك الحال فاطلبه بمطالب أهل ذلك المقام"، يعني لو قال لك مثلاً، جاء شخص وقال: تركب أو تحمل هذا المكيف، تركبه في هذا المكان بعشرة، أنا أركبه بعشرة عادة بنفسي أركبه للناس بعشرة، فقال: هيا ركبه، يوافق أم ما يوافق؟ هو ما يركب إلا بمائة؟ ما يمكن أن يوافق، يكون مجرد دعوى، لماذا؟ لتمرير مصلحته، ولذلك يقول: "فاطلبه بمطالب أهل ذلك المقام، فإن أوفى به فهو ذاك"، يعني يكون صادقًا في أنه يركبه بعشرة، لكن إذا تنصل، قال: لا اليوم أنا مشغول، ما عندي وقت، عرفت أنه مدعٍ، كلامه لبس صحيحًا.  

طالب: "وإذا ثبت أن صاحب المقاصد الأُوَل محمول، فذلك أثر من آثار الإخلاص، وصاحب الحظ ليس بمحمول ذلك الحِمل إلا بمقدار ما نقص عنده حظه، فإذا سقط حظه ثبت قصده في المقاصد الأُوَل، وثبت له الإخلاص، وصارت أعماله عبادات".

نعم، لو أن إنسانًا قيل له: ما بين صلاتي المغرب والعشاء ساعة، اجلس هذه الساعة في المجلس، ويصرف لك راتبًا ألف ريال شهريًّا، على أن تجلس في المسجد تحفظ قرآنًا وتقرأ في كتب العلم، بعض الناس لا يطيق مثل هذه الجلسة ولو أُعطي أضعاف ما يعطاه في أمور الدنيا، يعني من باب الاختبار: شخص اختبر ولده، قال: تجلس في معرض تكتب مبايعات بين المغرب والعشاء، ويعطيك صاحب المعرض ألفًا؟ قال: ما فيه مانع، أبدًا ما فيه مانع، يعني المغرب ساعة ورايحة في المعرض، ويكتب مبايعات. قال: اجلس بالمسجد وأعطيك ألفين. هل نقول: إن هذا محمول رفضه. لكن لو كان هناك إخلاص صار محمولًا على هذا العمل ومعان عليه يمكن أن يقول: خمسمائة تكفي. يعني فرق بين ما فيه حظ عاجل وبين ما فيه حظ آجل، يعني مع الإخلاص يُحمل ومع عدمه فإنه حينئذٍ لا يعان.

نأتي إلى وضعنا من معلم ومتعلم، يعني تجد الإنسان ما فيه إشكال يأتي زميله ويقول: بعد صلاة العصر أمرك نطلع نتمشى ننظر أماكن السيول والغدران، يصير هذا من أخف الأمور إليه. لكن لو قال: نذهب بعد صلاة العصر إلى الدرس الفلاني، والمغرب إلى العشاء، صعب، إلا إذا كان محمولًا، يعني معان بعناية إلهية يتلذذ بطلب العلم فإنه يكون أفضل بكثير من ذلك الشخص الذي طلع ذهب للنزهة، والله المستعان.

طالب: "فإن قيل: فنحن نرى كثيرًا ممن يسعى في حظه وقد بلغ الرتبة العليا في أهل الدين، بل قد جاء عن سيد المرسلين أنه كان يحب الطيب والنساء والحلواء والعسل، وكان تعجبه الذِّراع، ويُستعذب له الماء، وأشباه ذلك مما هو اتباع لحظ النفس؛ إذ كان لا يمتنع مما يشتهيه من الحلال، بل كان يستعمله إذا وجده، وقد بلغ الرتبة العليا في أهل الدين، وهو أتقى الخلق وأزكاهم، و«كان خلقه القرآن»، فهذا في هذا الطرف".

يعني لا يعني أن الإنسان المخلص لربه العابد المحقق لما خُلق له أنه يعزف من الدنيا بالكلية، ولا يتناول ما أباح الله له من الطيبات، لا، النبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل الخلق، ويتناول هذه الطيبات، لكن من وجوهها الشرعية، ويصرفها في وجوهها الشرعية؛ هذا الشأن، وإلا تحريم ما أحل الله مثل تحليل ما حرم الله، ولما سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال عن الثوم والبصل: «إنهما شجرتان خبيثتان»، قيل: أحرام هما يا رسول الله؟ قال: «أنا لا أحرم ما أحل الله».

 فمثل هذه الأمور يتناولها الإنسان وهو مرتاح. لكن يبقى أنه لا يكثر منه؛ا لئلا تجره إلى الشبهات؛ لأن هذه الأمور وإلفها له ضراوة تجعل النفس تجعلها جبلة، فإن حصل له ما يريده من وجه مباح وإلا طلبه من الوجوه الأخرى، إلى أن يصل إلى طلبه في الأمور من الجهات المحرمة، وإلا فالله -جل وعلا- يقول: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]، ولا يمكن تحقيق العبودية إلا بالالتفات إلى شيء من هذه الدنيا من وجوهها المباحة.

طالب: "ونرى أيضًا كثيرًا ممن يُسقط حظ نفسه، ويعمل لغيره أو في مصالح العباد بمقتضى ما قدر عليه صادقًا في عمله، ومع ذلك فليس له في الآخرة من خلاق".

نعم. بعض الناس يسعى في مصالح العباد، ويسقط حظ نفسه، وتجد، يضيع نفسه، ويضيع مصالحه، ويسعى في مصالح العباد، وهو في الآخرة ليس له من خلاق، إنما يسعى ليقال أو ليكتسب بذلك، ويقتنص أمور خفية لا يدركها الناظر والرائي، إنما الناظر ليس له إلا الظاهر، هو يسعى في مصالح الخلق والناس يدعون له، ويشكرونه على هذا، لكن الله أعلم بنيته، والله المستعان.

طالب: "ككثير من رهبان النصارى وغيرهم ممن تزهد وانقطع عن الدنيا وأهلها، ولم يلتفت إليها ولا أخطرها بباله، واتخذ العبادة والسعي في حوائج الخلق دأبًا وعادةً، حتى صار في الناس آيةً، وكل ما يعمله مبني على باطل محض، وبين هذين الطرفين وسائط لا تحصى تقرب من الفريقين. فالجواب من وجهين؛ أحدهما: أن ما زعمت ظواهر، وغائبات الأمور قد لا تكون معلومةً، فانظر ما قاله الإسكاف في فوائد الأخبار في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «حبّب إليّ من دنياكم ثلاث»".

من "الإسكاف" هذا؟ كتاب "فوائد الأخبار" معلق عليه أم شيء عندكم؟ نعم.

طالب: "في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «حبّب إلي من دنياكم ثلاث»".

كلمة "«ثلاث»" لا تثبت، إنما: «حبّب إلي من دنياكم النساء الطيب»، من الدنيا اثنتان «وجعلت قرة عيني في الصلاة»، والصلاة ليست من أمور الدنيا.

طالب: "يلح لك من ذلك المطلع خلاف ما توهمت من طلب الحظ الصرف إلى طلب الحق الصرف، ويدل عليه أنه جعل من الثلاث: الصلاة، وهي أعلى العبادات بعد الإيمان، وهكذا يمكن أن يقال في سواها".

وهذا الكلام مبني على أن على رواية "«ثلاث»"، وهي ليست ثابتة.

طالب: "وأيضًا، فإنه لا يلزم من حب الشيء أن يكون مطلوبًا بحظ؛ لأن الحب أمر باطن لا يُملك، وإنما يُنظر فيما ينشأ عنه من الأعمال".

لا يلزم، لا تلازم بين الحب والحظ، اللهم إلا إذا قصد به الحظ المعنوي، أما الحظ الحسي فقد يوجد من الحب ما يترتب عليه أضرار، يوجد مما ينشأ عن الحب ما يترتب عليه أضرار، فيكون ليس من الحظ؛ نقيض الحظ.

طالب: "فمن أين لك أنه كان -عليه الصلاة والسلام- يتناول تلك الأشياء لمجرد الحظ، دون أن يتناوله من حيث الإذن؟".

يعني استعمال لما أباحه الله -جل وعلا-.

طالب: "وهذا هو عين البراءة من الحظ، وإذا تبين هذا في القدوة الأعظم ، تبين نحوه في كل مُقتدًى به ممن اشتهرت ولايته".

لكن الظاهر أن الإنسان إنما يتناول المطعومات إنما هو من جهة الحظ، يعني يأكل الحلوى ويأكل العسل لا شك أنه من جهة الحظ الذي هو التلذذ به، وأما كونه يتناولها لا لحظه، لحظ غيره، أو لأنه أُذن له في تناوله، لا شك أن مثل هذا يحتاج إلى دليل، والواقع لا يشهد له. يعني المباح مستوي الطرفين، ما الذي جعله يرجح طرف على طرف؟

طالب: النية.......

لا، الذي جعله حظه الذي جعله يرجح، يعني أمامك طعام مباح تأكل أم ما تأكل؟ إن تركت فلحظك، وإن فعلت فلحظك. إن تركت خشية أن يضرك، وإن أكلت من أجل أن ينفعك وتتلذذ به. ولذلك يقول شيخ الإسلام: إنه لا يوجد أمر مستوي الطرفين من كل وجه، يعني يمكن أن يوجد ترجيح بغير مرجح؟

طالب: لا.

نعم، يقول شيخ الإسلام: كالبدء بأحد الرغيفين وسلوك أحد الطريقين، عندك طريق، وطريق آخر كلاهما يؤدي إلى الغاية، وما فيه مزية لهذا على هذا، فكيف ترجح هذا على هذا؟ يقول: ما يمكن أن ترجح إلا بمرجح، يعني أقل الأحوال أن تقول: والله هذا يمين، واليمين أفضل من الشمال. البداءة بأحد الرغيفين، عندك رغيفان من مصنع واحد، وشكلهما واحد، ونضجهما واحد ومادتهما، لماذا بدأت بهذا قبل هذا؟ ولو لم يكن إلا لقرب هذا وبعد هذا. إذًا لا بد من مرجح، لا يمكن أن تفعل شيئًا بدون مرجح. قد يوجد تردد أبدًا بهذا وهذا، مما يدل على شدة التقارب بين الأمرين، لكن في النهاية إذا رجحت فلا بد من مرجح.

طالب: "وأما الكلام عن الرهبان، فلا نسلم أنها مجردة من الحظ، بل هي عين الحظ، واستهلاك في هوى النفس؛ لأن الإنسان قد يترك حظه في أمر إلى حظ هو أعلى منه".

نعم. طلب الشرف والجاه عند الناس واقتناص الدنيا بالدين مثل فعل هؤلاء الرهبان، يعني أحيانًا الإنسان يكفيه أن يقال فعل كذا وفعل كذا، وما شاء الله على فلان قال... يكفي بعض الناس هذا، يعني بعض الناس يستدل على إخلاص الراقي بكونه لا يأخذ، يجلس منقطعًا في بيته أو في مسجده يرقي الناس، ويقول: هذا دليل على إخلاصه، هذا برهان لإخلاصه، وعلامة على إخلاصه، وتكتب له براءة وتزكية من أجل هذا، وهذا ليس بصحيح، يكفيه أن يقول: شفى الله على يدي كذا، يكفي، يعني ليس بأعظم ممن يقدم مهجته ليقال: شجاع، يعني يكفيه أن يقال: والله ما شاء الله فلان نفع الله به، وشفى الله على يديه كذا مريضًا، ومشى على يديه كذا مقعدًا، وأبصر على يديه كذا أعمى، يعني أين هذا؟

 هذا في عرف بعض الناس أعظم من الملك. ولا شك أن حب الشرف قاتل، بل هو أعظم من حب المال عند كثير من الناس: و«ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأضر لهما على دين المرء من حب الشرف والمال»، وابن رجب -رحمه الله- له شرح على هذا الحديث، حديث «ما ذئبان جائعان» في غاية النفاسة.

طالب: .......

يعني هي قرينة، ممكن أن تكون قرينة لكن المسألة ليست بجزم؛ لأنه وُجد من هذا النوع الذي لا يأخذ وُجد عنده مخالفات كبيرة أعظم من كونه يأخذ، وبعض الناس يقال له: خذ أفضل لك من أن تترك؛ لأنه إذا ترك اشرأب إلى مدح الناس، وأنه لا يأخذ وكذا وقد يمدح نفسه، وقد تعرض لأمور هي في غنية عنها.

طالب: "كما ترى الناس يبذلون المال في طلب الجاه؛ لأن حظ النفس في الجاه أعلى، ويبذلون النفوس في طلب الرياسة؛ حتى يموتوا في طريق ذلك، وهكذا الرهبان قد يتركون لذَّات الدنيا للذة الرياسة والتعظيم، فإنها أعلى، وحظ الذكر والتعظيم والرياسة والاحترام والجاه القائم في الناس من أعظم الحظوظ التي يُستحقر متاع الدنيا في جنبها؛ وذلك أول منهي في مسألتنا، فلا كلام فيمن هذا شأنه، ولذلك قالوا: حب الرياسة آخر ما يُخرَج من رؤوس الصديقين. وصدقوا.

والثاني: أن طلب الحظوظ قد يكون مبرءًا من الحظوظ، وقد لا يكون كذلك، والفرق بينهما: أن الباعث على طلبه أولاً إما أن يكون أمر الشارع أو لا، فإن كان أمر الشارع فهو الحظ المبرأ المنزه؛ لأن نفسه عنده تنزلت منزلة غيره، فكما يكون في مصالح غيره مبرءًا عن الحظ، كذلك يكون في مصالح نفسه، وذلك بمقتضى القصد الأول، وهذا شأن من ذُكِرَ في السؤال، ولا يعد مثل هذا حظًّا ولا سعيًا فيه بحسب القصد؛ لأن القصد التابع إذا كان الباعث عليه القصد الأصلي كان فرعًا من فروعه، فله حكمه، فأما إن لم يرتبط بالقصد الأول، فإنه سعي في الحظ، وليس ما نحن فيه هكذا. وأما شأن الرهبان ومن أشبههم، فقد يتفق لهم هذه الحالة، وإن كانت فاسدة الوضع، فينقطعون في الصوامع والديارات، ويتركون الشهوات واللذات، ويُسقطون حظوظهم في التوجه إلى معبودهم، ويعملون في ذلك غاية ما يمكنهم من وجوه التقرب إليه، وما يظنون أنه سبب إليه، ويعاملونه في الخلق وفي أنفسهم حسبما يفعله المحق في الدين حرفًا بحرف، ولا أقول: إنهم غير مخلصين، بل هم مخلصون إلى من عبدوا، ومتوجهون صدقًا إلى من عاملوا".

يعني لا يستطيع أحد أن يعامل شخص يعمل كعمل غيره بناءً على أن النية مختلفة، النية أمرها إلى الله، ولا يمكن أن يُحكم على هذا بأنه مخلص، وذاك غير مخلص إلا من خلال ما يبدو من تصرفاتهم التي تدل على شيء من ذلك، ولا يقال: واللهِ هذا قاضٍ مخلص يزاد في أجره، وهذا قاضٍ غير مخلص ينقص من أجره إلا ببرهان مبين قاطع يدل على ذلك من خلال التصرفات، أو هذا عالِم باذل مخلص، وذاك عالم باذل، لكن الله أعلم بنيته، كما أن الطلاب أيضًا عند الشيخ سواء، ولا يجوز له أن يحرم أحدًا لما يظهر له من عدم صحة نيته كما يقرر أهل العلم؛ بل عليه أن يبذل له ويقسم ما قسم الله له، والنيات عند الله -جل وعلا- هو الذي يثيب عليها.

طالب: "ولا أقول: إنهم غير مخلصين، بل هم مخلصون إلا من عبدوا ومتوجهون صدقًا إلى من عاملوا، إلا أن كل ما يعملون مردود عليهم، لا ينفعهم الله بشيء منه في الآخرة؛ لأنهم بنوا على غير أصل".

نعم. هؤلاء الرهبان قد يكونوا مخلصين، والإخلاص وحده يكفي أم ما يكفي؟

طالب: لا يكفي.

لا يكفي، بل لا بد من توفر الشرط الثاني، وهو المتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك يقول شيخ الإسلام: إنه قد يوجد في طوائف البدع من هو مخلص، ذكر أنه قد يوجد من عوام الإسماعيلية من هو مخلص، قد يوجد من عوام أهل البدع الأخرى من هو مخلص، وينصر ما يراه حقًّا، لكن لا بد من مطابقة الحق.

طالب: "لأنهم بنوا على غير أصل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 2 - 4]، والعياذ بالله. ودونهم في ذلك أهل البدع والضلال من أهل هذه الملة، وقد جاء في الخوارج ما علمتَ من قوله -عليه الصلاة والسلام- في ذي الخويصرة: «دعه، فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم»، الحديث، فأخبر أن لهم عبادةً تُستعظم وحالاً يُستحسن ظاهره، لكنه مبني على غير أصل، فلذلك قال فيهم: «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، وأَمَرَ -عليه الصلاة والسلام- بقتلهم، ويوجد في أهل الأهواء من هذا كثير".

يعني العلماء يختلفون في تكفيرهم في تكفير الخوارج بناءً على الفهم لهذا الحديث: "«يمرقون من الدين»"، "«يمرقون»" يعني: يخرجون "«من الدين كما يمرق السهم من الرمية»"، ومنشأ الخلاف في المراد بـ"«الدين»" هل هو الإسلام فيكون خروجهم منه كفر، أو هو التدين، فيكون الخروج منه والمروق منه فسق؟ هذا هو سبب الخلاف. وجمهور السلف لم يكفروا الخوارج ولا عاملوهم معاملة الكفار كما حصل بينهم وبين علي، قاتلوهم قتلوهم، لكنهم لم يسبوا نساءهم ولا ذراريهم، ولا تبعوا منهزمهم ولا، ما عاملوهم معاملة الكفار. ومنهم من يقول: هم كفار بنص هذا الحديث. وعلى كل حال شيخ الإسلام ينقل عن جمهور السلف أنهم لم يكفروهم، جمهور الصحابة ما كفروهم.

طالب: .......

لا، ما يلزم من الطالب الإخلاص، لكن هذا قد يكون قد يكون في إخلاصه شيء، ولو كان مخلصًا لشعر بالراحة التي هي علامة الإعانة. يعني تجد معلمًا أو تجد اثنين من أهل العلم منذ ثلاثين عامًا وهم يدرسون، وهذا يتلذذ بهذا التدريس، وهذا أثقل عليه التدريس من جبل، ومع طول الوقت هذا يزداد تلذذًا، وهذا يزداد صعوبة. فهل نقول: إن هذا هو المخلص، وذاك غير مخلص؟ الله أعلم بالنيات، لكن يبقى أنه كون الإنسان يتلذذ لا شك أنه فيه نوع من الإخلاص، والإعانة ظاهرة، والآخر كونه لا يتلذذ، ويشق عليه التعليم، وكل درس يحتاج إلى جهاد، هذا الله أعلم بنيته، لكن ليس بقاطع.

على كل حال أسأل الله -جل وعلا- أن يعفو عن الجميع.

طالب: "وعلى الجملة، فالإخلاص في الأعمال إنما يصح خلوصه من اطراح الحظوظ، لكنه إن كان مبنيًّا على أصل صحيح كان مُنجيًا عند الله، وإن كان مبنيًّا على أصل فاسد فبالضد، ويتفق هذا كثيرًا في أهل المحبة، فمن طالع أحوال المحبين رأى اطراح الحظوظ وإخلاص الأعمال لمن أحبوا على أتم الوجوه التي تتهيأ من الإنسان. فإذن، قد ظهر أن البناء على المقاصد الأصلية أقرب إلى الإخلاص، وأن المقاصد التابعة أقرب إلى عدمه، ولا أنفيه".

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.