كتاب بدء الوحي (057)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
قد انتهينا من الكلام على سند الحديث، فما مناسبة الحديث للترجمة "بدء الوحي"؟ "يقول العيني: وجه مناسبة إيراد هذا الحديث في هذا الباب"، تقدم الكلام، هل هو باب أم كتاب؟
طالب:...........
هل هو "كتاب بدء الوحي" أم "باب بدء الوحي"؟
طالب:.............
نعم.
طالب:.........
لا، هو في الغالب يريده مقدمة، مقدمة للكتاب وليس بكتاب. لذلك ابن حجر تكلمنا في هذا وبسطنا القول في الدروس الأولى، ولذا "يقول العيني: وجه مناسبة إيراد هذا الحديث في هذا الباب، هو: أن فيه إشارةً إلى أنَّ ابتداء نزول القرآن كان في رمضان. وجه مناسبة إيراد هذا الحديث في هذا الباب، هو: أن فيه إشارةً إلى أنَّ ابتداء نزول القرآن كان في رمضان. فكان جبريل –عليه السلام- يتعاهده في كل سنة، فيعارضه بما نزل عليه، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه به مرتين، كما ثبت في الصحيح، عن فاطمة –رضي الله عنها- وعن أمِّها وزوجها، وصلى الله وسلم على أبيها، وكان هذا من أحكام الوحي"، يعني: نزوله في رمضان حكم من أحكامه، نزول الوحي في رمضان، نزول القرآن وهو الوحي في رمضان، حكمٌ من أحكامِهِ والباب في الوحي. هذا كلام العيني.
"يقول الحافظ ابن كثير –رحمه الله تعالى- في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]" فيه كلام كثير لأهل العلم في هذه المسألة وفي شيء من الإشكال، فننتبه لهذا، "يقول الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} الآية: يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم، وكما اختصه بذلك فقد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء". الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء. يعني: في رمضان، يعني ليس هذا من خصائص القرآن، بل جميع الكتب الإلهية كانت تنزل في رمضان. كلام مستقيم أم غير مستقيم؟ معوَّل هذا الكلام على حديث ضعيف ذكره الحافظ ابن كثير –رحمه الله تعالى- "قال الإمام أحمد –رحمه الله-: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عمران أبو العوَّام عن قتادة عن أبي فليحٍ عن واثلة بن الأسقع، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «أُنزِلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاثة عشرة خلت من رمضان، وأنزل الله القرآن لأربعٍ وعشرين خلت من رمضان»" لأربع وعشرين خلت من رمضان، يعني ليلة القدر في تلك السنة هي ليلة خمسة وعشرين، "وأنزل الله القرآن لأربعٍ وعشرين خلت من رمضان". وهو حديث ضعيف، هذا من التعليق على كلام ابن كثير، أقول: هو حديث ضعيف تفرد به عمران والقطان أبو العوام، وهو ممن لا يحتمل تفرده، وضعفه أبو داود والنسائي والعقيلي وابن معين في رواية، ثم قال الحافظ ابن كثير: "أما الصحف والتوراة والزبور والإنجيل فنزل كلٌّ منها على النبي الذي أُنزل عليه جملة واحدة". مع أن بعضهم يناقش -كما ذكر السيوطي في "الاتقان"- هذا الكلام، وأنه لا دليل عليه. ولا مانع أن يكون منزلًا كالقرآن. منجمًا كالقرآن. فيه ما يرده؟
نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
ماذا يقول؟
جملة واحدة، لكن ما فيه تعرض للمسألة.
طالب:.......
موسى ما يحتاج أنزل عليه الألواح مرة واحدة.
طالب: استغرب الكفار العهد الذي كان يعرفونه أنه ينزل منجمًا، قالوا: ...
موسى نزل بالألواح، من عند الله –جل وعلا- موسى الكليم جاء بالألواح.
قال: "أما الصحف والتوراة والزبور والإنجيل فنزل كل منها على النبي الذي أنزل عليه جملة واحِدَة، وأما القرآن فإنما نزل جملةً واحدة إلى بيت العزَّة، من السماء الدنيا، وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه. وأما القرآن فإنما نزل جملةً واحدة إلى بيت العزَّة، من السماء الدنيا، وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه كما قال –جل وعلا-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]."
طالب:......
إلى السماء الدنيا، وكان ذلك أنما أُنزل.
"فإنما نزل جملة واحدة إلى بيت العزة": يعني: الذي هو جزء من السماء الدنيا، ما فيه ما يمنع.
"وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، وقال: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3]"، مع أن المفسرين في هذه الآية جمعٌ منهم يقول: الليلة المباركة هي: ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان. مع أنه لا يوجد دليل يدل على أنها ليلة النصف، وإنما الدليل القطعي دلَّ على أنَّهُ نزل في ليلة القدر، ونزل فيها سورة مستقلَّة. وأنزل القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] فالقول بأنها ليلة النصف من شعبان هذا لا يعضده دليل، بل هو مردود، وإن كان في كلام الدهلوي –على ما سيأتي- ما يشير إلى شيء من هذا.
"ثم نزل بعده مفرَّقًا بحسب الوقائِع على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هكذا رُوِي من غير وجه، عن ابن عباس". يعني: يثبت عن ابن عباس أنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة، للسماء الدنيا، هذا يثبت عن ابن عباس، لكن هل هو من قوله؟ وهل فيه مجال للاجتهاد؟ لكن الإشكال في هذا أنه يقتضي أن القرآن لم يكن الكلام به من قِبَل الله –جل وعلا- على حسب الحوادث. يعني: في مثل قوله –جل وعلا- {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] نزلت في بيت العزَّة في أول البعثة، في أول رمضان من البعثة. وهذا يؤثِّر على مذهب عامَّة سلف الأمة: أن الله –جل وعلا- كلامه قديم النوع لكنه متجدد الأحاد. يتكلم– جل وعلا- متى أراد كيفما أراد متى شاء. كون القرآن نزل كاملًا من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة يرِد على قول الجمهور –عامة السلف هذا قولهم- وهل يعضد قول من قال: إن الله –جل وعلا- تكلم في الأزل ولا يتكلم، فكلامه قديم غير متجدد الآحاد؟
طالب:.....
نعم
طالب:.....
لماذا؟
طالب:.....
الكتابة شيء وتكلَّم به، لكن جبريل –عليه السلام- ينزل به على النبي –عليه الصلاة والسلام- من المكتوب المنزل إلى بيت العزة في السماء الدنيا أو من كلام الله –جل وعلا- مباشرة؟
طالب: من كلام الله.
إذًا فما يعني كتابته كاملاً وإنزاله إلى بيت العزة؟
طالب:......
نعم؟
طالب:.....
ماذا؟
طالب:......
يعني في لوح محفوظ، هل المقصود أن القرآن المجيد كله مكتوب في اللوح المحفوظ من الأزل؟
نعم؟
طالب:............
لكن الكلام ماذا ينص عليه، المسألة مسألة صيانة مذهب سلف هذه الأمة، يعني: ما أجمع عليه سلف هذه الأمة من أن الله –جل وعلا- يتكلم متى شاء إذا شاء، وينزِّل على حسب الحوادث ما يخصُّها، مثل ما قلنا في {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1]، يعني عائشة ما تسمع المجادلة، فأنزل الله –جل وعلا- حكم المسألة.
طالب:.........
وهي مكتوبة؟
طالب:............
يعني ما في علم الله –جل وعلا- هذا ما أحد ينكر أن الله –جل وعلا- يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن، مراتب القدر معروفة.
طالب:.........
نعم.
طالب:........
نعم.
طالب:........
طيب، هل يطلع عليه الملك قبل وقوعه وقبل أن يأمر الله به؟
طالب: لا.
المسألة مسألة إنزال القرآن كاملًا من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة، هذا كلام ابن عباس معروف ليس بمرفوع إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- ولذلك العلماء يختلفون فيه.
طالب:........
هذا قول، ذكره أو شأنه في اللوح المحفوظ هذا قول يعني.
طالب:..........
نعم؟
طالب:.......
سيأتي كلام شيخ الإسلام، سيأتي، خلونا نرى ماذا قال أهل العلم، "ثم نزل بعده مفرقًا بحسب الوقائع على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هكذا رُوِيَ من غير وجهٍ عن ابن عباسٍ كما قال إسرائيل عن السدّي عن محمد ابن أبي المجاهد، عن مقسم عن ابن عباس أنه سأله عطية بن الأسود فقال: وقع في قلبي الشك"، يعني: قوله -جل وعلا-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3]، "وقد نزل في شوال، ونزل في ذي القعدة، وفي ذي الحجة، والمحرم، وصفر". يعني نزل في أيام متفرقة من السَّنَة، يعني: كونه نزل على النبي– عليه الصلاة والسلام- جملةً، هذا مُجمع على عدمه، إنما نزل منجمًا، لكن الكلام في كونه نزل إلى بيت العزَّة في السماء الدُّنيا، وصح عن ابن عباس، لكن هل هو من رأيه؟ أو نقول: هذا لا يدخله الاجتهاد، فله حكم الرفع؟ وقد نزل "وقد أنزل في شوال وفي ذي القعدة، وفي ذي الحجة، وفي المحرم، وصفر، وشهر ربيع. فقال ابن عباس: أنه نزل في رمضان في ليلة القدر في ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أُنزل على مواقع النجوم ترتيلًا في الشهور والأيام". يعني: أنزل إلى بيت العزة مكتوبًا، ثم أنزل ترتيلًا منجَّمًا في الشهور والأيام. "رواه بن أبي حاتم، وابن مردويه، وهذا لفظه، وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أنزل القرآن في النصف من شهر رمضان".
أشغلتنا جوالات الحاضرين.
علينا أن ننتبه للدرس، إما أن يوضع الجوال على الصامت أو يغلق أو شيء من إن كان هناك ضرورة، يعني الإنسان ينتظر خبرًا يقلقه ويشغله، يمكن أن يجعل الرنة خفيفة، ما تؤثر على أحد.
"عن ابن عباس قال: أنزل القرآن في النصف من شهر رمضان إلى سماء الدنيا، فجُعل في بيت العزَّة، ثم أنزل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في عشرين سنة". يعني: الإشكال في كون جبريل ينزل به منجمًا على حسب الحوادث والوقائع، هل كان جبريل يأخذه من هذا المنزل إلى بيت العزة، أو من الله –جل وعلا- يتكلم به مباشرةً فينزل جبريل بما يخص هذه الحادثة؟
طالب:......
يعني: إذا قلنا من عند الله مباشرة، فما فائدة إنزاله إلى بيت العزة؟
ذكر السيوطي فوائد كثيرة في "الإتقان".
طالب:......
كيف؟
طالب:.....
نعم.
طالب:......
كيف؟
طالب:........
ما يظهر، ما يظهر، لا، يتفقون على أنه يأخذه مباشرة من الله –جل وعلا- يتكلم به مباشرة يسمعه جبريل، ثم يقرئه جبريل للنبي –عليه الصلاة والسلام-.
"ثم أنزل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في عشرين سنة، لجواب كلام الناس. قال: وفي رواية عكرمة عن ابن عباس، قال: أنزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر، إلى هذه السماء الدنيا جملة واحدة، وكان الله".
يقول: هل يصح أن يقال: إنه أنزل إلى بيت العزة كاملًا، وفيه ما سيتكلم الله به بأحايينه؟
هذا هو محل الإشكال، هذا هو محل الإشكال في المسألة، لا، الذين يثبتون يتبنون هذا القول هم جماهير أهل العلم، الذين اعتمدوا هذا القول ليس ابن عباس، وسلموا، وشيخ الإسلام –رحمه الله- يرى أنه ليس فيه معارضة، كونه أنزل إلى بيت العزة ليس فيه معارضة لما عليه سلف هذه الأمة وأئمتها من أن الله –جل وعلا- يتكلم متى شاء إذا شاء كيفما شاء. "وكان الله يحدث لنبيه ما يشاء، ولا يجيء المشركون بمثل يخاصمون به إلا جاءهم الله بجوابه، وذلك في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}" [الفرقان:32]، كذلك: يعني أنزلنه كذلك منجمًا.
"{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان:33]، ثم قال –رحمه الله- الحافظ ابن كثير في تفسير آية الدخان، {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3] قال: ومن قال"، قرر أنها ليلة القدر؛ لأنها مبهمة هنا، بُيِّنَت في سورة، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، وهي أخص من قوله –جل وعلا-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]، ولا تعارض بينها، الكلام العامّ وليلة القدر فرد من أفراد ليالي رمضان، يعني: داخلة في شهر رمضان، يصح أن يُقال: أنزل في شهر رمضان؛ لأن ليلة القدر منه، وليلة القدر ليلة مباركة، فيصح أن يقال: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3] وهي ليلة القدر.
"قال: من قال: إنها ليلة النصف من شعبان كما رُوي عن عكرمة فقد أبعدَ النَّجعة؛ فإن نص القرآن أنها في رمضان، والحديث رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس، قال: إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى» فهو حديث مرسل، ومثله لا يُعارض به النصوص"، ما علاقة الحديث: «تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان» بآية الدخان؟ وأنه يصلح أن يكون تفسيرًا لها لقوله بعد ذلك: {فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ} [الدخان:4] يعني: تقطع فيها الآجال، وعامة الناس يسمونها ليلة الكتب والمحو، يسمونها ليلة النصف من شعبان، اعتمادًا على مثل هذا الخبر الضعيف المرسل، ومما يستغرب جدًّا ما ذكر الدهلوي في "حجة الله البالغة" ماذا يقول؟
يقول: اعلم أن ليلة القدر ليلتان. –يعني في السنة-. كلام ما يخطر على البال. "يقول: اعلم أن ليلة القدر ليلتان، إحداهما فيها يفرق كل أمر حكيم، وفيها نزل القرآن جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك نجمًا نجمًا، وهي ليلةٌ في السَّنة، ولا يجب أن تكون في رمضان". كيف وصريح القرآن يقول: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]. يقول: "إحداهما فيها يفرق كل أمر حكيم، وفيها نزل القرآن جملة واحدة". يعني كأنه على هذا ينزِّل آية الدخان، "وفيها نزل القرآن جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك نجمًا نجمًا وهي ليلة في السَّنَة، ولا يجب أن تكون في رمضان". نعم، رمضان مظنّة غالبة لها، واتفق أنها كانت في رمضان عند نزول القرآن، ما فائدة هذا الكلام؟
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.....
نعم لكن أصل الكلام، وكونها ليلتين، وهذه الليلة ما يلزم أن تكون في رمضان، وفيها أنزل القرآن. ما الفائدة منه؟
يقول: "واتفق أنها كانت في رمضان عند نزول القرآن". يعني الليلة تدور في السنة ووافقت أنها في رمضان، هذه الليلة المباركة. ما الداعي لمثل هذا الكلام؟
طالب:.....
هي ليست بليلة القدر؛ لأنها غير التي سيتكلَّم عليها، الثانية؛ لأنها ليلة غير ليلة القدر التي اتفق عليها المسلمون.
طالب:...........
ليست خاصة برمضان.
طالب:........
"والثانية: -يعني ليلة القدر الثانية عنده- يكون فيها نوعٌ من انتشار الروحانية ومجيء الملائكة إلى الأرض". التي ليلة القدر التي يعنيها المسلمون، ويفهمونها من السورة التي نزلت خاصةً بها.
"والثانية: يكون فيها نوعٌ من انتشار الروحانية ومجيء الملائكة إلى الأرض فيتفق المسلمون فيها على الطاعات، فتتعاكس أنوارهم فيما بينهم، ويتقرب منهم الملائكة، ويتباعد منهم الشياطين، ويستجاب منهم أدعيتهم وطاعتُهم، وهي ليلةٌ في كلِّ رمضان، في أوتار العشر الأواخر تتقدَّمُ فيها وتتأخر فيها ولا تخرج منها. فمن قصد الأولى قال: هي في كل سنة، ومن قصد الثانية قال: هي في العشر الأواخر من رمضان".
يعني ما قيمة هذا الكلام، يعني: هل نحن بين نصوص صحيحة صريحة متعارضة لنحتاج أن نحمل بعض هذه النصوص على ليلة، ونحمل النصوص الأخرى على ليلة أخرى، كما يفعله كثيرٌ من أهل العلم عند التعارض، يحملون الأمر على التعدد؟
نعم.
طالب:...................
كلامه إن كان معوله على الحديث الضعيف وانتهى، يخشى أنه مجرد عقل يُرائي يريد أن يوفق بين آية الدخان مع ما جاء في {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، في جواب؟
يعني ما اطلعت على شيء من أقواله في هذا الباب؟ أقول: هذا كلام لا يدل عليه دليل، ولم يُسبق إليه الدهلوي فلا عبرة به، ولا يلتفت إليه. ولا يلتفت إليه.
السيوطي في "الإتقان" يقول: "اختلف في كيفية إنزال القرآن من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال:
يقول: أحدها وهو الأصح الأشهر":
السيوطي ما عنده إشكال في كون القرآن أنزل جملة واحدة؛ لأن الله تكلم –جل وعلا- تكلم به دفعة واحدة، على طريقتهم الأشاعرة هذا مذهبهم، فلا يستشكلون مثل هذا، بل يقولون عليه الاتفاق.
طالب:...........
طيب، سنرى.
يقول: "اختلف في كيفية إنزال القرآن من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال:
أحدها وهو الأصح الأشهر: أنه نزل إلى سماء الدنيا في المطبوع من "الإتقان" ليلة البدر، كذا قال، ولعلها ليلة القدر"، إلا إذا قلنا إنه أنزل في النصف من رمضان، فيصح أيضًا.
"جملة واحدة، ثم بعد ذلك نزل منجمًا في عشرين سنة، أو ثلاث وعشرين أو خمسٍ وعشرين، على حسب الخلاف في مدَّةِ إقامتِهِ –صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد البعثة.
الثاني: أنه نزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة"، في عشرين ليلة. في عشرين ليلة قدر، مدَّة بعثته –عليه الصلاة والسلام- في مكة والمدينة، في كلِّ ليلة قدر من كل سنة ينزل ما سينزل خلال السنة كاملة، إلى ليلة القدر الثانية.
نعم.
طالب:......
كيف؟
طالب:........
الإشكال وارد، لكنه يخفف من مسألة أن الله تكلم به مرة واحدة.
طالب:...............
نعم؟
طالب:............
بلى.
يخفف هذا الإشكال.
قال: "الثانية: أنه نزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة قدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، في كل ليلة ما يقدر الله إنزاله في كلِّ السَّنة، ثم نزل بعد ذلك منجمًا في جميع السنة.
قال: وهذا القول ذكره الإمام فخر الدين بحثًا". يعني: احتمال فخر الدين الرازي كما هو معروف، "بحثًا. فقال: يحتمل أنه كان ينزل في كل ليلة قدرٍ ما يحتاج الناس إلى إنزالِه، إلى مثلها من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا".
"ثم توقف، هل هذا أولى أو الأول؟" هل هذا أولى أو الأول؟
وإذا أراد الإنسان أن يرجح بين هذا أو الأول، هذا جاء به احتمال. "وهل إنزاله في ليلة القدر يقتضي أنه أُنزِل في لية واحد من ليالي القدر أو في كلِّ ليلة من ليالي القدر؟ قال: في ليلة، في ليلة القدر"، هل المراد ليلة واحدة، أول ليلة من ليالي القدر في البعثة أو أن المراد جنس ليلة القدر؟ الأول يوافق القول الأول، والثاني يوافق القول الثاني.
قال ابن كثير:" وهذا الذي جعله الرازي احتمالًا نقله القرطبي عن مقاتل بن حيان. نقله القرطبي عن مقاتل بن حيان. وحكى الإجماع على أنه نزل جملةً واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة في السماء الدنيا". القرطبي حكى الإجماع على أنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا.
تُلقي الخبر عن ابن عباس، الخبر تُلقِّي عن ابن عباس، وصححه الأئمة عن ابن عباس، لكن مثل هذا الخبر عن ابن عباس لا يوجِد عند هؤلاء المفسرين إشكالًا، لا يوجِد إشكال.
طالب:.......
تفسير الصحابي حجة أم ليس بحجة؟
الحاكم قال: حجة، الحاكم أبو عبد الله في مواضع من "المستدرك"، قال: تفسير الصحابي حجة. وعامَّةُ أهل الحديث قالوا:...
طالب: ليس بحجة.
إن المراد بكلام الحاكم ما يتعلق بأسباب النزول.
وعدُّوا ما فسره الصحابي رفعًا فمحمول على الأسبابِ
يعني: على أسباب النزول؛ لأنها لا بد أن يكون الرسول –عليه الصلاة والسلام- طرف فيها؛ لأنه هو الذي ينزل عليه القرآن، وما عدا ذلك فقد يجتهد الصحابي، ولذلك اختلفوا في تفسير بعض الآيات وبعض الكلمات، فلا يكون قولهم حجة على بعض. قال السيوطي: "ومن قال بقول مقاتل الحليمي والموردي ويوافقه قول ابن شهاب: آخر القرآن عهدًا بالعرش آية الدَّين. آخر القرآن عهدًا بالعرش آيةُ الدَّيْن". يعني الأمة لا تختلف في أن القرآن فيه أول ما نزل وفيه آخر ما نزل، فلم ينزل دفعة واحدة، نزل منجًما. لا يختلفون في هذا، ويذكرون أول ما نزل وآخر ما نزل، تقدَّمَ الخلاف في أول ما نزل، عرفنا أنه القول المعتمد المرجح والذي تدل عليه النصوص الصحيحة الصريحة أنه: {اقْرَأ} [العلق:1] كما مرَّ بنا، قول جابر أنه المدثِّر فمحمول على ما بعد {اقْرَأ} بعد فترة الوحي.
القول الثالث، القول الثالث ننتبه له: أنه ابتُدِئَ إنزاله في ليلة القدر. أنه ابتُدِئَ إنزاله في ليلة القدر. في النونية –نوينة القحطاني- قال:
.................. |
| وبداية التنزيل في رمضان |
وبداية التنزيل في رمضان
هذا تقدَّم في شرح حديث الأول. الثاني، في شرح حديث الثاني تقدم هذا، أنه أنزل عليه.
يعني: كونه بُعِث في ربيع ولم ينزل عليه إلا في رمضان قلنا إن الستة الأشهر الأولى كانت هي الرؤيا الصالحة، "أنه ابتدئ إنزاله في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك منجَّمًا في أوقاتٍ مختلفَة من سائر الأوقات، وبه قال الشعبي".
يعني: إذا كان الابتداء، إنزال القرآن إذا كان ابتداؤه في رمضان صح أن يقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، وصحَّ أن يُقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]، يعني: ابتدأ إنزال القرآن فيه، وبهذا يرتفع الإشكال، إذا قلنا: ابتدئ به، في مجموع فتاوى شيخ الإسلام –رحمه الله- بعد كلامٍ طويل حول القرآن، حقيقة القرآن، نزول القرآن، وكثير مما يتعلق بالقرآن، قال –رحمه الله-: "وهذا لا ينافي ما جاء عن ابن عباس وغيره من السلف، وهذا لا ينافي ما جاء عن ابن عباس وغيره من السلف في تفسير قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، أنه أنزله إلى بيت العزَّةِ في السماء الدنيا ثم أنزله بعد ذلك منجمًا مفرَّقًا بحسب الحوادث، أنه أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم أنزله بعد ذلك منجمًا مفرقًا بحسب الحوادث، ولا ينافي أنه مكتوبٌ في اللوح المحفوظ". يعني: كما أن ما حدث وما سيحدث إلى قيام الساعة كله مكتوب في اللوح المحفوظ، ويتحقق وقوعه في الأعيان ووجوده إذا حصل، وهو مكتوب قبل ذلك، "ولا ينافي أنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله كما قال –جل وعلا-: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} [البروج:21-22]، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:77-79]، يعني: اللوح المحفوظ".
"وقال –جل وعلا-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ *مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس:11-16]، وقال –جل وعلا-: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:4] فإن كونه مكتوبًا في اللوح المحفوظ وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة لا ينافي أن يكون جبريل، يقول: فإن كونه مكتوب في اللوح المحفوظ". كامل أم مفرق؟
طالب: كامل.
كامل. مكتوب في اللوح المحفوظ وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة لا ينافي أن يكون جبريل نزل به من الله سواء كتبه الله قبل أن يرسل به جبريل أو بعد ذلك. سواء كتبه الله –جل وعلا- قبل أن يرسل به جبريل أو بعد ذلك، وإذا كان قد أنزله مكتوبًا إلى بيت العزة جملة واحدة في ليلة القدر فقد كتبه كله قبل أن يُنزله. المقصود: أن الإشكال الذي قد يقع في قلوب بعض الناس مثل ما وقع الشك من الذي سأل ابن عباس، يزول بنظائره، بما كتبه الله –جل وعلا- وقضاه وقدَّرَهُ قبل أن يخلق الخلق بكم؟
طالب:...
بخمسين ألف سنة، ولذا لما تحاج آدم وموسى، لما قال موسى لآدم –عليهما السلام- قال: «أنت آدم أبو البشر، خلقك الله بيدِه، وأسجد لك ملائكته، أخرجتنا ونفسك من الجنة» هذه الكرامات يخلقك الرحمن –جل وعلا- بيده، ويُسجِد لك الملائكة، ثم تعصِي وتتسبب بإخراج نفسِك وذريَّتك من الجنة إلى دار الشقاء، إلى دار التكليف، إلى دار التعب والعناء؟ فقال آدم– عليه السلام-: «كم تجد ذلك مكتوبًا قبل أن أُخلَق» موسى نبي؛ يعرف مثل هذه الأمور بعد التأمل والمراجعة يعرفها. قال: «قبل أن تُخلق بخمسين ألف سنة»، «فحجَّ آدم موسى» يعني الإشكال إذا نظَّرناه ببقية ما كُتب في اللوح المحفوظ من الوقائع التي ستنزل فيما بعد لا إشكال، ويبقى أن الله –جل وعلا- يتكلم بالقرآن متى شاء وإذا شاء، وأن جبريل يتلقى الوحي من الله –جل وعلا- مباشرةً، ويلقيه إلى محمد –عليه الصلاة والسلام-.
يقول: ألا يحل الإشكال بأن الله نزله مكتوبًا من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة ثم تكلم به كلامًا وقت كل حادثة؟
نعم. الآن لما نورد مثل هذا الإشكال، ونبحث عن حلٍّ له؛ لأن طالب العلم خالي الذهن من هذا الكلام لو ناقشه أشعريّ أو غيره من مَن يرى أن الله –جل وعلا- تكلم في القِدَم في الأزل، ولا يتكلم بعد ذلك، وأورد عليه أن القرآن نزل جملة واحدة قد لا يستحضر الجواب.
نزول القرآن باللوح المحفوظ مكتوبًا أو من اللوح المحفوظ، مكتوبًا كاملاً فماذا عن الآيات المنسوخة لفظًا، هل نقول بأنها مُحيت من اللوح المحفوظ؟
لا ما يلزم، ما يلزم أن تكون مُحِيَت.
طالب:.............
سمع الآن السماع حصل.
طالب:.............
يعني كون الماضي يُعبَّر به عن المستقبل، {أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل:1]، هذا موجود، فيكون من هذا الباب قبل وقوعه وعلى حقيقته بعد وقوعه.
طالب:...........
كيف؟
طالب:...........
نعم؟
يعني ما الفرق بين الكتابة والكلام؟
وكُتب في اللوح المحفوظ، وهذه مرتبة من مراتب القدر، يعني: هل يلزم من كتابته في اللوح المحفوظ وإنزاله إلى بيت العزة مكتوبًا كاملًا، هل يلزم من ذلك أن الله –جل وعلا- تكلم به؟ مقصود أنه صدر منه –جل وعلا- بالكتابة وكونه نطق به أو لا ما.. أمر مغيَّب عنَّا، لكن كونه تكلم به بكلامٍ مسموع سمعه جبريل، ونقله إلى محمد هذا محل اتفاق، بين سلف هذه الأمة وأئمتها.
طالب:........
نعم.
طالب:......
نعم.
طالب:.....
نعم.
طالب:......
ماهي بواضحة، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر:1] مقتضى ذلك كله.
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] مقتضى كله، لكن الكلام في كلام ابن عباس مع الواقع، مع واقع التنجيم والتنزيل منجمًّا، هو الذي يورد مثل هذا الإشكال فقط، وإلا فكلام ابن عباس ماشٍ مع الآيات ما فيه إشكال، ما فيه تنافر.
ننظر في بقية الكلام –كلام شيخ الإسلام- قال: "وكونه مكتوبًا في اللوح المحفوظ لا ينافي أن يكون جبريل نزل به من الله سواء كتبه الله قبل أن يرسل به جبريل أو بعد ذلك. وإذا كان قد أنزله مكتوبًا إلى بيت العزَّة جملةً واحدة في ليلة القدر فقد كتبه كلَّه قبل أن يُنزِلَه. والله تعالى يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون". كونه –جل وعلا- يعلم ما كان، وما يكون، هذا ما فيه إشكال، لكن ما لا يكون لو كان كيف يكون، يعني: هل المعدوم شيء يمكن أن يُعلَم؟
طالب:...........
نعم، الأدلة على هذا ظاهرة لكن الكلام في التقعيد، وهذا ينبني على أنَّ المعدوم شيء أم ليس بشيء؟ شيخ الإسلام يقرر أنه ليس بشيء، لكن الله –جل وعلا – يقول: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام:28]، {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} الله –جل وعلا- يعلم أنهم لو أخرجوا من النار {وَهُمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون:107] الله –جل وعلا- يقرر أنهم لو ردوا لعادوا، هل لهذا ما يشهد له؟ نعم، شخص تتحطم الطائرة وهو فرد من أفرادها، وينكسر كل عظم في بدنه، ويمكث في العلاج سنين طويلة، ثم يعافى بعد ذلك ويعود أسوأ مما كان، وأمة تخرج من بلدها ثم يرجعون كما كانوا.
الله –جل وعلا- إذا قضى وأبرم الأمر، فلا مرد له، الأمة الآن ترى الأخطار محدقة، محيطة بها من كل جانب، ومع ذلك يستمرون على ما هم عليه، والرجلان يمضيان في المعصية فيمسخ أحدهما خنزيرًا ويمضي الآخر إلى معصيته، يعني ما نستغرب أن هؤلاء بعد لفح النار لهم أنهم لو ردوا لعادوا، ما نستغرب مثل هذا، وشواهد الأحوال قريبة من هذا، والله المستعان.
طالب: اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك
طالب:... محل الإشكال.
كيف؟
طالب:.... جملة واحدة، وجواب على مذهب السلف.
لا انحل الإشكال، مثل المقادير التي كتبت وهي ما بعد حصلت، كتبت في اللوح المحفوظ.
طالب: قضية الآحاد أن الله –جل وعلا- يتكلم كلامًا قديمًا في الأزل.
كونه نزل جملة واحدة لبيت العزة، لا يعني ولا يلزم منه أن لا يكون جبريل يتلقاه مباشرة في الحوادث، النبي.. الله –جل وعلا- يتكلم عليه في كل حادثة بما يناسبها.
طالب:....
كما جاء عن ابن عباس ونتعرض لتفصيل.
نعم.
يعني ذكره.
طالب:.....
لا، لابد أن يكون ذكره، لا يمكن أن يكون القرآن كاملاً فيما أنزل على الأنبياء من قبل.
طالب:............
هذا غريب.
طالب:....ما تقوله السورة...
نعم؟
طالب:............
لا لا، إذا قررنا، نشوف كلام شيخ الإسلام الآن، يقول: "الله تعالى يعلم ما كان وما يكون، وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، وهو –سبحانه- قدر مقادير الخلائق، وكتب أعمال العباد قبل أن يعملوها. والله قدر مقادير الخلائق، وكتب أعمال العباد قبل أن يعملوها، كما ثبت ذلك في صريح الكتاب والسنة، وآثار السلف. ثم إنه يأمر الملائكة بكتابتها بعد ما يعملونها.
وهو –سبحانه وتعالى- قدر مقادير الخلائق، وكتب أعمال العباد قبل أن يعملوها كما ثبت ذلك في صريح الكتاب والسنة وآثار السلف، ثم إنه يأمر الملائكة بكتابتها بعد ما يعملونها". هذه الكتابة العامة في اللوح المحفوظ قبل، والكتابة بعد، هذه كتابة إما له وإما عليه في صحف هذا المكلف.
طالب: بمنزلة الشاهدين.
نعم.
"ثم إنه يأمر الملائكة بكتابتها بعد ما يعملونها فيقابل بين الكتابة المتقدمة على الوجود والكتابة المتأخرة عنه فلا يكون بينهما تفاوت. هكذا قال ابن عباس وغيره من السلف وهو حق، فإذا كان ما يخلقه بائنًا عنه، قد كتبه قبل أن يخلقه، فكيف يستبعد أن يكتب كلامه الذي يرسل به ملائكته قبل أن يرسلهم به!؟ وإذا كان ما يخلقه بائنًا عنه" يعني: من أفعال العباد، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96] ف"إذا كان ما يخلقه بائنًا عنه، قد كتبه قبلَ أن يخلقه، فكيف يُستبعد أن يكتب كلامَه الذي يرسل به ملائكته قبل أن يرسلهم به!".
الشوكاني في "فتح القدير" ذكر الأقوال باختصار شديد في إنزال القرآن، يقول: "قوله: {أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} قيل: أنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم كان جبريل ينزل به نجمًا نجمًا، وقيل: أنزل فيه أوله"، الذي يكون بداية التنزيل في رمضان، وبعد ذلك في أوقات متفاوتة متباينة على حسب الوقائع. "وقيل: أُنزل فيه أوله. وقيل: أنزل في شأنه القرآن، فيكون أُنزل فيه" يعود إلى القرآن أم الشهر؟ يعود إلى الشهر. "ولا يكون إنزال القرآن في الشهر". القرآن الذي هو حقيقة القرآن، "وإنما شأن الشهر أنزل في القرآن. قال: وهذه الآية أعمُّ من قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3]، يعني: ليلة القدر".
طالب: شيخ.
نعم.
طالب: ما نقول إنه لفي زبر الأولين، ونزل إلى السماء الدنيا أنه ليس بكامله ولا بتفصيله ولا بجميع أحكامه، ألا يقال هذا يا شيخ حتى؟
لا، لكن ما عليه دليل، الأصل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} يعني: القرآن كامل، خلاص.
طالب: الآن استبعدت كلام شيخ الإسلام.
لا، قلنا إنه احتمال أنه يكون بداية التنزيل في شهر رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة، أول ما نزل على النبي –عليه الصلاة والسلام- في رمضان وفي ليلة القدر، لكن ما بعد ذلك هذا إذا حكمنا على عدم الحكم على خبر ابن عباس بأنه مرفوع، أما إذا كان الاجتهاد منه، وفهم من ابن عباس للتنزيل وأنه أنزل جملة؛ لأن مقتضى أنزلناه، أنزل فيه، أنه كامل. هذا ظاهر اللفظ، والقول بأن بداية التنزيل فيه لتتمشى النصوص مع الواقع، وأن الواقع أنه ما أنزل جملة واحدة وإنما أنزل منجمًا، لكن تلتئم النصوص إذا قلنا: إن قول ابن عباس: أُنزل إلى بيت العزة كاملاً، وأنزل منجمًا حسب الوقائع، والإشكال يَرِد على قول المبتدعة إذا قلنا: إنَّ جبريل يأخذ من هذا المنزل إلى البيت المعمور، ما يأخذ من الله –جل وعلا- يتكلم به مباشرة، ويتلقاه جبريل عنه، ولا فيه ما يمنع من هذا أنه ينزل كاملًا ويتلقاه جبرل.
طالب:........
أين؟
طالب:....
لا هم إذا قالوا: نزل، تكلم الله –جل وعلى- به جملة واحدة، على ما قعدوه وأصلوه، وأن الله– جل وعلا- منزه عن حلول الحوادث. معروف قولهم في القرآن، وأنه تكلم به دفعة واحدة، والقرآن والتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف موسى، كلها شيء واحد. إنما تختلف حقائقها باختلاف لغاتها. وتقدم هذا.
طالب:.....
لا، نحن نلزمهم بهذا، إن الله –جل وعلا- أنزل هذه الآية وتكلَّم بها، وتلقاها جبريل من أجل هذه الحادثة المتأخرة، يعني: تأييد بدعتهم من كلام ابن عباس لو كان جبريل يأخذ من هذا المنزل إلى لبيت العزة، نعم. نقول: إنه خلاص تكلم في الأزل ولا يتكلم، وسطر في اللوح المحفوظ وسطر في صحفٍ نزل بها إلى بيت العزة، لكن إذا قلنا: إنه أنزل في بيت العزة، ومكتوب قبل ذلك في اللوح المفوظ.
نعم.
طالب:...
لكن جبريل ينزل به منجمًا على حسب الوقائع يأخذه من كلام الله –جل وعلا- بكلامٍ يُسمع، يسمعه جبريل وينقله إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- فيكون الله –جل وعلا- يتكلم به متى شاء.
طالب:.........
ذكر السيوطي مجموعة من الحكم، لعلنا نحضرها في الدرس اللاحق إن شاء الله.
طالب: في آية الواقعة.. القرآن..
نعم.
طالب: معنى هذا أنه كلام الله، ثم أشكل هذا .. كلام شيخ الإسلام،..
وهو القرآن، ما المانع؟ هو القرآن الذي في اللوح المحفوظ هو القرآن، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ} [الواقعة:77-78].
طالب: .. الله تكلم ..
نعم.
طالب: شيخ الإسلام يرى أن الله كتبه في اللوح المحفوظ.
الله -جل وعلا- كتب كل شيء في اللوح المحفوظ، كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ من حوادث تقع إلى قيام الساعة مكتوبة، لكن فرقٌ بين ما في علم الله –جل وعلا- الذي لا يتغير وبين ما في بين أيدي الملائكة التي يمكن فيها التغيير {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد:39] الذي عند الله –جل وعلى- لا يتغير، لكن الذي يتطلع عليه الملائكة هذا يمكن تغيره، لذا يقول عمر: اللهم إن كنت قد كتبتني شقيًّا فامحني واكتبني سعيدًا، فإنك.. تمحو ما تشاء وتثبت. وأيضًا: الزيادة في العمر، والذي حصل فيها الكلام الكثير لأهل العلم، «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أجله، فليصل رحمه» طيب العمر مكتوب، الأجل مكتوب، والرزق مكتوب، وهو في بطن أمه حينما يرسل إليه الملك، ومكتوب قبل ذلك في اللوح المحفوظ، قبل أن يخلق بخمسين ألف سنة.
طالب:...
فكيف ينسأ له في أجله؟ مكتوب في اللوح المحفوظ خمسون سنة عمره، ستون، سبعون سنة، وصل رحمه يزيد، أم لا؟ قالوا: الذي في أيدي الملائكة يمكن أن يزاد فيه وينقص، أما ما في علم الله –جل وعلا- فلا يتغير، ولا يتجدد له –جل وعلا- علم جديد، خفي عليه قبل، فإنه يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون.
طالب:... النسخ، نسخ الأحكام.
ماذا؟
طالب: النسخ نسخ الأحكام..
نعم، ولذا يجنح بعض أهل العلم إلى أن المراد في زيادة العمر، في زيادة الرزق أنها بالبركة، يعني مكتوب لك ستون سنة ما تزيد، {لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:34] ما تزيد ولا ساعة، ولا لحظة عما كتب لك، لكن هذه الستون سنة تعادل من عمر شخصٍ آخر لم يصل رحمه ضعف المقدار، أو أكثر أو أقل على حسب قوة هذه الصلة وضعفها، فالزيادة هذه مقصود بها: البركة.
طالب:............
نعم.
طالب:.....
في ماذا؟
طالب:...... .... ......
كيف؟
طالب:......الآن هذا الشخص لو لم يصل رحمه عمره ...
نعم.
طالب:... أصبح له بركة ..
لا، هو الكلام في أجل خمسون سنة، ستون سنة، وصل رحمه، كيف تكون هذه الزيادة؟ قالوا: إذا وصل رحمه يُعطى من العمر ما كُتب له، ما يزيد ولا يَنقص إلا أنه ينجز في هذا العمر ما ينجزه في ضعف المدة. ولذلك تجدون من مات وعمره ثلاثين سنة وعلمه يُستفاد منه إلى قيام الساعة، أفضل مما لو عاش مائة وخمسين سنة، وتجدون ابن عبد الــهادي تسعًا وثلاثين سنة، إمام من أئمة الحديث، النووي كم؟ وغيره وغيره، وتجدون من يعيش مائة وزيادة و.. ثم. ينتهي بلا شيء. منهم من يقول: إنه يُكتب العمر وزكاة العمر، احتمال أن يعيش ستين، عمرًا بدون زكاة، وبزكاته يعيش إلى ثمانين، فإن وصل رحمه ثبتت له هذه الزكاة وإن لم يصل رحمه لم تثبت له. فعاش ما قدر له.
طالب:...
ماذا؟
طالب:....
هي أسباب، هي أسباب بلا شك، للزيادة لكن هل الزيادة حقيقية، أو معنوية؟
طالب:....
نعم.
طالب:....
كيف؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:....
ما هو بواضح.
طالب:.....
نعم.
طالب:.....
لا لا، هو مثل «وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها» والعكس، المقصود أن المكتوب وما قدر والآجال كتبه الله –جل وعلا- في اللوح المحفوظ، هذا في علم الله –جل وعلا- لا يتغير شيء، وأما ما في علم الملائكة فقابل...
طالب:....
هذا الله أعلم بتفاصيل ذلك، لكن هذا ما قرره أهل العلم بحيث يرتفع الإشكال. من يقول: إن الزيادة حقيقية ومن يقول: الزيادة معنوية، وبالبركة، هذا .. واضح.
طالب:....
نعم.
طالب:....
كيف؟
لا، نكمل بحث المسألة، بعض ما أورد يعني مثل الحكمة ومثل كلام شيخ الإسلام في مواضع أخرى، {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء:196]، أيضًا نرى، أذكر أن الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- له كلام، وأنه تابع شيخ الإسلام مدة وأنه انفصل عنه.
طالب:....
ماذا؟
طالب:....
سماعًا أم قرأت؟
طالب:.....
إشكال كبير هذا.
طالب:...
هذا إشكال كبير، يعني يوافق إلى حدٍ ما قول من يقول: إن كلام الله واحد، إلا بحسب اللغات، وهذا قول باطل.
على كل حال: لو نجيء بكلام الشيخ بحروفه. لو يؤتى به بحروفه تأملناه.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
"