التعليق على تفسير القرطبي - سورة الحاقة (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

قوله تعالى:           الحاقة: ١٩ - ٢٤  قوله تعالى:      الحاقة: ١٩  إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة، وقال ابن عباس: أول من يُعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس، قيل له: فأين أبو بكر؟ فقال: هيهات هيهات زفته الملائكة إلى الجنة، ذكره الثعلبي، وقد ذكرناه مرفوعًا من حديث زيد بن ثابت بلفظه ومعناه في كتاب التذكرة، والحمد لله."

من خرّجه؟ تخريجه.. الثعلبي يقول..

طالب: ...........

لا، هو خرجه على أنه موقوف من كلام ابن عباس، وقد ذكرناه مرفوعًا من حديث زيد بن ثابت.

طالب: ...........

فيه تخريج عندكم أم..؟

طالب: ...........

نعم، حتى الموقوف على ابن عباس الأول له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا ما يقال بالرأي، فعلى هذا يلزم تخريجه.

طالب: ذكر الثعلبي دليلًا على تضعيفه؟

نعم دليل على أنه لا شيء، يعني إذا استقل به، لكن لا نقول إنه من خلال كلام القرطبي أن الثعلبي تفرد به؛ الكتب المشهورة ... تخفى على القرطبي؛ لأن بضاعته ضعيفة في الحديث.

"      الحاقة: ١٩  أي يقول ذلك ثقة بالإسلام وسرورًا بنجاته؛ لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح، والشمال من دلائل الغم، قال الشاعر:

أبيني أفي يمنى يديك جعلتني

 

فأفرح أم صيرتني في شمالك

ومعنى هاؤم تعالوا، قاله ابن زيد، وقال.."

لا شك أن الذي ينجو يفرح ﮰﮱ آل عمران: ١٨٥  وأي فرح بنجاته من النار الآن وهو شاهد هذا في الحال والواقع، لو عندك ولدان أخذا شهادات، واحد ناجح، وواحد راسب، الذي نجح ما يجلس على الأرض كل من جاء قال: شف، والذي رسب تجده إما يمزق الشهادة وإما يخفيها عن غيره، ما يريها أحدًا، هاؤم اقروا كتابيه، هاكم اقرؤوا كتابيه خذوا كتابي اقرؤوه، والله المستعان، وأين النجاح في هذه الدنيا من نجاح الآخرة؟ هذا إذا تجاوزنا وقلنا إنه نجاح، الله المستعان.

" وقال مقاتل: هلم وقيل: أي خذوا، ومنه الخبر في الربا «إلا هاء وهاء» أي يقول كل واحد لصاحبه: خذ، قال ابن السكيت والكسائي: العرب تقول: هاء يا رجل اقرأ، وللاثنين هاؤما يا رجلان، وهاؤمُ يا رجال، وللمرأة هاءِ بكسر الهمزة، وهاؤما وهاؤمن، والأصل هاكم، فأبدلت الهمزة من الكاف، قاله القتبي، وقيل: إن هاؤم كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح، روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناداه أعرابي بصوت عالٍ فأجابه النبي- صلى الله عليه وسلم-: «هاؤم» يطوِّل صوته."

هذا ما خرّج؟

طالب: ...........

سهل..

طالب: ...........

نعم.

" وكتابيه منصوب بهاؤم عند الكوفيين، وعند البصريين باقرؤوا؛ لأنه أقرب العاملين، والأصل كتابي فأدخلت الهاء."

تنازعه عاملان هاؤم يعني خذوا كتابيه، أو اقرؤوا كتابيه، وسواء هذا وهذا فالمعنى لا يختلف، فالمأمور بأخذه هو الكتاب، والمأمور بقراءته هو الكتاب، فمثل هذا في باب التنازع لاسيما وأن المعنى لا يختلف، أما إذا كان المعنى يختلف فلا بد من تقدير مفعول للفعل الثاني بع واشتر الكتاب، البيع شيء، والشراء شيء آخر، أما خذ واقرأ فما فيه تنافر اللهم إلا إذا قلنا إن المراد بالبيع بالثمن الرخيص والشراء أو الشراء بالثمن الرخيص والبيع بالثمن الغالي من أجل المكسب بع واشتر الكتاب يمكن يتجه إلى شيء واحد وإلا فالأصل أن الذي يُباع غير الذي يُشترى، وأما هاؤم اقرؤوا هاكم كتابي خذوه اقرؤوا كتابيه لا يلزم تقدير مفعول ثانٍ؛ لأنه يمكن تسليط الفعلين على المفعول الواحد.

" والأصل كتابي، فأدخلت الهاء لتبين فتحة الياء، وكان الهاء للوقف."

يعني هاء معروفة يسمونها هاء السكت، هاء السكت موجودة في كتب النحو.

" وكذلك في أخواته حسابيه وماليه وسلطانيه، وفي القارعة: ماهيه، وقراءة العامة بالهاء فيهن في الوقف والوصل معًا؛ لأنهن وقعن في المصحف بالهاء، فلا تترك، واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ويوافق الخط، وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد ويعقوب بحذف الهاء في الوصل وإثباتها في الوقف فيهن جَمْعٌ ووافقه حمزة في ماليه وسلطانيه وماهيه في القارعة، وجملة هذه الحروف سبعة، واختار.."

يعني التي اقترنت بها هاء السكت.

" واختار أبو حاتم قراءة يعقوب ومن معه اتباعًا للغة، ومن قرأهن في الوصل بالهاء فهو على نية الوقف إني ظننت."

نعم لأنهم يقولون كيف نذكر هاء السكت وهاء الوقف ونحن لسنا بساكتين، يعني ينافي مقتضى وجودها قراءتها في الدرْج هي أصلها هاء السكت، لكن إثباتها في المصحف اتفاق المصاحف عليها والقراء هذه من المصاحف التي أرسلها عثمان-رضي الله عنه- كلها فيها هذه الهاء، وأما من خالف فيها من القراء المذكورين، فلأن المعنى لا يناسب وجودها في الوصل؛ لأنها هاء السكت، فكيف تذكر في الدرج؟ درج الكلام؟ قال: واختار أبو حاتم يعني السجستاني قراءة يعقوب وما معه اتباعًا للغة الأصل أن اللغة ما فيها هاء كتابي، حسابي، مالي، سلطاني، كلها بدون هاء، هذا الأصل، فإذا وقف عليها ألحق بها هاء السكت، لكن يجب اتباع ما في المصحف ورسمه ولو خالف اللغة، ولو خالف المقرر في قواعد اللغة، الذي في المصحف يجب اتباعه، ولذلك فيه أشياء الجواب عنها على مقتضى قواعد العربية فيه شيء من التكلف، ويدعو الإنسان ما الذي حذف الواو؟            ﭸﭹ الكهف: ٦٤  ما الذي حذف الياء؟ ما فيه مقتضى للحذف من حيث اللغة، لكن هذا الرسم.

طالب: ...........

ما وجد وجه لكن لا بد أن يوجد ولو لم نطلع عليه، لا بد أن يوجد ولو لم نطلع في القرآن هذا شيء متفق عليه، هذا شيء مُجمع عليه أنه لا بد أن يوجد، وإذا ما وجد بعد الاستقراء التام ولا.. فالمعول على ما في القرآن، الكلام في الحديث، لو وجد ما يخالف العربية في الحديث ولم يوجد له وجه، الخلاف معروف عند أهل العربية في الاحتجاج بالحديث باعتبار أنه تجوز روايته بالمعنى.

طالب: ...........

أننا نثبت العربية بالقرآن، والقرآن يلزم أن يكون يوافق العربية، لكن في النهاية لا بد من الإذعان للقرآن.

طالب: ...........

نعم لا بد أفصح الكلام.

" إني ظننت أي أيقنت وعلمت، عن ابن عباس وغيره، وقيل: أي إني ظننت.."

شف فهو على نية الوقف من قرأها في الوصل فهو على نية الوقف، لكن هل النية تكفي في مثل هذا؟ هي هاء الوقف هاء السكت من أجل تمشية الكلام وإجرائه على مقتضى القواعد يلجؤون إلى مثل هذا الكلام الذي هو مخالف للواقع، أقول إقامة أصلها إقوامة تحركت الواو وتوهم انفتاح ما قبلها كلام؛ لأنه إذا تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، لكن ما تحرك ما فتح الذي قبلها، ماذا يقولون؟ تحركت الواو وتُوهم انفتاح ما قبلها، كل هذا من أجل تمشيتها على القواعد، فلذلك يجب أن يقال إن هذه القواعد أغلبية وليست كلية، ومذهب الكوفيين أكثر مرانًا من مذهب البصريين.

طالب: ...........

يرونها أصلًا ما له لزام تقول توهم أو ما توهم، ومثل هذا يقال هي هاء السكت وقد تقال في الوصل وينتهي الإشكال.

طالب: ...........

فيه باب وفيه مؤلفات القياس في العربية، هل يقال أو ما يقاس، المسألة خلافية بين أهل العلم.

" وقيل: أي إني ظننت أن يؤاخذني الله بسيئاتي عذبني فقد تفضل علي بعفوه ولم يؤاخذني بها، قال الضحاك: كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين، ومن الكافر فهو شك."

لأنه لا يكفي الظن الاصطلاحي في هذا الباب، بل لا بد من اليقين والاعتقاد الجازم الذي لا يساوره أدنى شك، ولا يحتمل النقيض بأي وجه من الوجوه، والظن الاصطلاحي هو الاحتمال الراجح يحتمل النقيض البقرة: ٤٦،   الحاقة: ٢٠  فهذا هو اليقين، ولذا يقال: إن الظن يطلق ويراد به اليقين كما هنا، ويطلق ويراد به الاحتمال الراجح، ويطلق ويراد به الشك، ويطلق ويراد به الوهم، ويطلق ويراد به أكذب الحديث «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»، فله إطلاقاته في كل مقام ما يناسبه من المعاني.

" وقال مجاهد: ظن الآخرة يقين، وظن الدنيا شك. وقال الحسن في هذه الآية: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل، الحاقة: ٢٠  أي في الآخرة، ولم أنكر البعث يعني أنه ما نجا إلا بخوفه من يوم الحساب؛ لأنه تيقن أن الله يحاسبه فعمل للآخرة الحاقة: ٢١  أي في عيش يرضاه لا مكروه فيه، وقال أبو عبيدة والفراء: راضية أي مرضية، كقولك ماء دافق أي مدفوق، وقيل: ذات رضى أي يرضى بها صاحبها مثل.."

لابن وتامر.

" مثل لابن وتامر أي صاحب اللبن والتمر، وفي الصحيح عن النبي.."

يأتي اسم الفاعل ويراد به اسم المفعول كما هنا راضية وماء دافق، ويأتي اسم المفعول ويراد به اسم الفاعل عكس هذا الإسراء: ٤٥  يعني ساترًا.

" وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم يعيشون فلا يموتون أبدًا، ويصحون فلا يمرضون أبدًا، وينعمون فلا يرون بؤسًا أبدًا، ويشبون فلا يهرمون أبدًا الحاقة: ٢٢  أي عظيمة في النفوس.."

يعني مرتفعة وعلوها لا شك فيه أن أهل الجنة في جهة العلو في السماء فتعظيمها في النفوس لا إشكال فيه أيضًا، لكنه إن كان يُشم منه نفي العلو جهة العلو والارتفاع فهذا مُشكل لا يقبل مثل هذا الكلام، وأما إذا كان ممن يثبت أن الجنة في جهة العلو وفي السماء، ومنها ما هو في السماء السابعة، ومنها ما هو فوق ذلك وسقفه عرش الرحمن، فإذا كان يثبت هذا فتعظيمها في النفوس متفق عليه.

طالب: ...........

لا، هذه جنة آدم التي أُخرج منها.

طالب: ...........

نعم لكن المتقرر عند أهل العلم أنها في السماء.

طالب: ...........

نعم بلا شك، ولذلك لما قال عظيمة في النفوس كأنه يريد أن يثبت هذا المعنى، نعم.

" الحاقة: ٢٣  أي قريبة التناول، يتناولها القائم والقاعد والمضطجع على ما يأتي بيانه في سورة الإنسان، والقطوف جمع قِطْف بكسر القاف، وهو ما يُقطف من الثمار، والقطف بالفتح المصدر، والقطاف بالفتح والكسر وقت القطف، كلوا واشربوا أي يقال لهم ذلك هنيئَا لا تكدير فيه ولا تنغيص، بما أسلفتم: قدمت من الأعمال الصالحة."

وحذف القول كثير في النصوص آل عمران: ١٠٦  يعني يقال لهم: أكفرتم، وهنا يقال لهم: كلوا واشربوا.

" في الأيام الخالية أي في الدنيا، وقال لهم: كلوا بعد قوله: فهو في عيشة راضية؛ لقوله: فأما من أوتي، ومن يتضمن معنى الجمع، وذكر الضحاك أن.."

يعني يعاد الضمير على من بالإفراد باعتبار اللفظ، ويعاد عليها بالجمع باعتبار المعنى.

" وذكر الضحاك أن هذه الآية نزلت في أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، وقاله مقاتل، والآية التي تليها في أخيه الأسود بن عبد الأسد في قول ابن عباس والضحاك أيضًا، قاله الثعلبي، ويكون هذا الرجل وأخوه سبب نزول هذه الآيات، ويعم المعنى جميع أهل الشقاوة وأهل السعادة، يدل عليه قوله تعالى: {كلوا واشربوا}، وقد قيل: إن المراد بذلك كل من كان متبوعًا في الخير والشر، فإذا كان الرجل رأسًا في الخير يدعو إليه، ويأمر به، ويكثر تبعه عليه دُعي باسمه واسم أبيه فيتقدم، حتى إذا دنا أُخرج له كتاب أبيض بخط أبيض في باطنه السيئات، وفي ظاهره الحسنات، فيبدأ بالسيئات فيقرؤها فيشفق ويصفر وجهه، ويتغير لونه، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذي سيئاتك وقد غفرت لك، فيفرح عند ذلك فرحًا شديدًا، ثم يُقلب كتابه فيقرأ."

ثم يَقلب.

" ثم يَقلب كتابه فيقرأ حسناته، فلا يزداد إلا فرحًا حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه حسناتك قد ضوعفت لك، فيبيض وجهه، ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه، ويُكسى حلتين، ويحلى كل مفصل منه، ويطول ستين ذراعًا، وهي قامة آدم -عليه السلام-، ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم وبشِّرهم أن لكل إنسان منهم."

نعم طول أبيهم ستون ذراعًا، هذا ثابت في الصحيح، والعرض سبعة، وهذا ليس في الصحيح، لكنه في المسند، ومناسب للطول.

" ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم وبشرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا، فإذا أدبر قال:      الحاقة: ١٩ - ٢٠ . قال الله تعالى: الحاقة: ٢١  أي مرضية قد رضيها. الحاقة: ٢٢  في السماء قطوفها ثمارها وعناقيدها دانية أُدنيت منهم، فيقول لأصحابه: هل تعرفوني؟ فيقولون قد غمرت كرامة من أنت؟ فيقول: أنا فلان بن فلان، أبشر كل رجل منكم بمثل هذا الحاقة: ٢٤  أي قدّمتم في أيام الدنيا، وإذا كان الرجل رأسًا في الشر يدعو إليه ويأمر به، فيكثر تبعه عليه، نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه، فيخرج له كتاب أسود بخط أسود، في باطنه الحسنات، وفي ظاهره السيئات، فيبدأ بالحسنات فيقرؤها ويظن أنه سينجو، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه، هذه حسناتك وقد رُدت عليك فيسود وجهه، ويعلوه الحزن، ويقنط من الخير، ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته، فلا يزداد إلا حُزنًا، ولا يزداد وجهه إلا سوادًا، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك أي يضاعف عليه العذاب ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل، قال: فيعظم للنار، وتزرقّ عيناه، ويسودّ وجهه."

نعم... الحسنات تضاعف، وأما بالنسبة للسيئات فالمعروف أنها تُعظّم، إذا ازداد الذنب فإنها تعظم ولا تضاعف، الحسنة بعشر أمثالها والسيئة واحدة.

طالب: ...........

نعم

..

 

الفريقان هم المؤمنون والكفار، ومسكوت عن الفساق، وابن حزم في مقدمة المُحلّى ذكر أن المؤمنين يأخذون الكتاب باليمين، والكفار بالشمال، والفُسّاق من وراء الظهر، يعني على حسب ما جاء في آية الانشقاق.

طالب: ...........

ماذا فيه؟

طالب: ...........

المقصود أنها مكتوبة حتى الخبر كله ترى في بعض ألفاظه نكارة.

طالب: ...........

هو في متاجرة دائمة مع الله -جل وعلا-.

طالب: ...........

هو في متاجرة وتقديم الثمن وتأخير المثمن الذي هو السلم محل اتفاق بين أهل العلم كنظيره الذي هو الدين، هذا جائز، وهذا جائز، والمتاجرة مع الله -جل وعلا- معروفة فاطر: ٢٩           الصف: ١٠  هذه هي التجارة الرابحة، ما هي رحت وقال: كسبت عشرة بالمائة أو عشرين بالمائة حتى ولا مائة بالمائة ألف بالمائة، أقل شيء الحسنة بعشرة أمثالها إلى أضعاف كثيرة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فضل الله واسع، وجاء في خبر لكنه مضعف عند أهل العلم، يقول: «إن الله ليضاعف لبعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف حسنة» إلى مليونين، وهل يمكن أن يقال في مثل هذا شيء، يعني لو صح الخبر، فضل الله لا يحدّ، وخزائنه لا تنفد، ومثله حديث «من بكّر من غسل واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب» عند من يصححه بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها، لكنه أيضًا مُضعّف عند أهل العلم، ولا يمكن أن يقال هذه الأمور ما الدواوين التي تحتمل كتابتها؟ وما المسافات التي تحتوي على أجرها وما أعد لأصحابها؟ هذا الكلام ما هو بصحيح، يعني إذا كان آخر من يدخل الجنة يخرج من النار ويدخل الجنة يقال: له تمنَّ، في الصحيح، فيقال له: تمنَّ يقول: تنقطع به الأماني ما يدري ما يقول، يعني من باب أنه ما هو بكفؤ أنه يتمنى، توه طالع من النار ماذا يتمنى؟ تنقطع به الأماني فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك أعظم ملك في الدنيا؟ فيقول: إي وربي، فيقال: لك ومثله ومثله ومثله عشرة أضعاف، ما يقال: من أين المساحات؟ فعرضها السموات والأرض، المحتج قال: أجل، والنار أين تصير إذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض؟ إذًا ما هنا نار على حد تفكيره الضعيف المسكين. سئل ابن عباس عن هذا قال: إذا جاء الليل، أين يذهب النهار؟ إذا جاء النهار أين يذهب الليل؟ المقصود أن مثل هذه الأمور التي لا يحتملها العقل لا يسترسل فيها الإنسان بقدر ما يأخذ منها من عظمة الخالق.

" قال: فيعظم للنار، وتزرقّ عيناه، ويسودّ وجهه، ويُكسى."

لكن يطول المؤمن حتى يكون طول أبيه ستين ذراعًا في سبعة أذرع العرض، وهذا يعظم ضرس الكافر مثل الجبل العظيم مثل جبل أحد، الضرس، نسأل الله السلامة والعافية،   طه: ١٠٢.

" ويُكسى سرابيل القطران، ويقال له: انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا، فينطلق وهو يقول:                  الحاقة: ٢٥ - ٢٧ ، يتمنى الموت الحاقة: ٢٩  تفسير ابن عباس: هلكت عني حجتي، وهو قول مجاهد وعكرمة والسدي والضحاك، وقال ابن زيد: يعني سلطانيه في الدنيا الذي هو الملك، وكان هذا الرجل مطاعًا في أصحابه، قال الله تعالى الحاقة: ٣٠  قيل: يبتدره مائة ألف ملك ثم تجمع يده إلى عنقه وهو قوله -عز وجل-: {فغلوه} أي شدوه بالأغلال. ﯿ الحاقة: ٣١  أي اجعلوه يصلى الجحيم. الحاقة: ٣٢  الله أعلم بأي ذراع، قاله الحسن، وقال ابن عباس: سبعون ذراعًا بذراع الملك، وقال نَوف: كل ذراع سبعون باعًا، وكل باع أبعد ما بينك وبين مكة، وكان في رحبة الكوفة، وقال مقاتل: لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص. وقال كعب: إن حلقة من السلسلة التي قال الله تعالى: الحاقة: ٣٢  إن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا، {فاسلكوه} قال سفيان: بلغنا.."

لا شك أن هذه أمور مهولة وعظيمة، لكن مثل هذه التفصيلات الدقيقة التي تنقل عن نوف البكالي وكعب الأحبار يعني متلقّاة من شرع من قبلنا من أهل الكتاب، فلا بد من ثبوتها في شرعنا، وإن كانت في الجملة تدل على معنى متفق عليه، وهو عظمة الخالق، وعظمة النعيم لأهل الجنة، وشدة العذاب على أهل النار.

" قال سفيان: بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه. وقاله مقاتل، والمعنى ثم اسلكوا فيه سلسلة وقيل: تدخل عُنقه فيها ثم يجر بها، وجاء في الخبر أنها تدخل في دبره وتخرج من منخريه، وفي خبر آخر: تدخل من فيه وتخرج من دبره، فينادي أصحابه: هل تعرفوني؟ فيقولون: لا، ولكن قد نرى ما بك من الخزي، فمن أنت؟ فينادي أصحابه: أنا فلان بن فلان، لكل إنسان منكم مثل هذا، قلت: وهذا التفسير أصح ما قيل في هذه الآية يدل عليه قوله تعالى: ﮥﮦ الإسراء: ٧١ ، وفي الباب حديث أبي هريرة بمعناه خرجه الترمذي، وقد ذكرناه في سورة سبحان، فتأمله هناك.."

سبقت الإشارة إليه أنه يُدعى إذا كان له أثر في قومه وله تبع وهو من هذه الحيثية إمامهم ومقدمهم، فرعون يقدم قومه، المقصود أن كل إمام متبوع يُدعى بين يدي قومه، ويقرر بما ذكر، ويعطى كتابه، ويذهب إلى قومه يبشرهم بما حصل له من نعيم أو عذاب، والمراد بإمامهم هو الإمام المعروف المتبوع، وليس المراد به هو الأم، كما قال بعض المفسرين، قال يدعى بأمه، ذكر بعض العلل التي منها أنه تشريف لعيسى ابن مريم وسترًا على أولاد الزنا الذين لا يُعرف لهم آباء، ولكن هذا الكلام ليس بصحيح.

"        الحاقة: ٣٣ - ٣٤  أي على الإطعام كما يوضع العطاء موضع الإعطاء، قال الشاعر:

أكفرًا بعد ردّ الموت عني

 

وبعد عطائك المائة الرتاع

أي بعد إعطائك."

اسم المصدر ينوب مناب المصدر، وقد يوضع مكانه   ﭿ نوح: ١٧  والا مصدر أنبت إنباتًا، وهنا المراد إطعام المسكين، وأقيم مقامه اسم المصدر.

" أراد بعد إعطائك فبيّن أنه عذب على ترك الإطعام وعلى الأمر بالبخل، كما عُذِّب بسبب الكفر والحض: التحريض والحث، وأصل طعام أن يكون منصوبًا بالمصدر المقدر، والطعام عبارة عن العين، وأضيف للمسكين للملابسة التي بينها، ومن أعمل الطعام كما يعمل الإطعام فموضع المسكين نصب، والتقدير على إطعام المطعِم المسكين فحذف الفاعل."

لما أضيف المصدر أو اسمه كما هنا إلى اسم المفعول جُر، وإلا فالأصل أنه مفعول ينصب؛ لأنه مطعم المسكين مطعَم.

" فحذف الفاعل، وأضيف المصدر إلى المفعول. قوله تعالى:   الحاقة: ٣٥  خبر ليس. قوله: له ولا يكون الخبر قوله هاهنا؛ لأن المعنى يصير ليس هاهنا طعام إلا من غسلين، ولا يصح ذلك؛ لأن ثم طعامًا غيره، وهاهنا متعلق بما في له من معنى الفعل، والحميم هاهنا القريب أي ليس له قريب يرق له ويدفع عنه، وهو مأخوذ من الحميم، وهو الماء.."

متعلق بما في له الجار والمجرور من معنى الفعل الظرف والجار والمجرور يقولون إنه شبه جملة، والسبب في ذلك أنه لا يخلو من متعلَّق كائن أو مستقر لا بد له من متعلق.

" وهو مأخوذ من الحميم، وهو الماء الحار، كأنه الصديق الذي يرق ويحترق قلبه له، والغسلين فعلين من الغسل، فكأنه ينغسل من أبدانهم، وهو صديد أهل النار السائل من جروحهم وفروجهم، عن ابن عباس، وقال الضحاك والربيع بن أنس: هو شجر يأكله أهل النار، والغِسل بالكسر ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره، وقال الأخفش: ومنه الغسلين وهو ما انغسل من لحوم أهل النار ودمائهم وزيد فيه الياء والنون."

الغُسل بالضم الاغتسال، والغَسل: التنظيف بما دون الاغتسال، والغِسل ما يغسل به من صابون وشامبو وما أشبههما؛ لأنه قال: من الخطمي وغيره، يعني عندهم الخطمي، وعندهم الأشنان يغسلون به، وهذا قبل الصابون، تعرف الأشنان؟

طالب: ...........

والله أبو عبد الله مطأطئ .. أنت يوم طلعت والمسألة صعبة كلها صح؟ أبا عبد الرحمن ما تعرف الأشنان؟ مادة تغسل بها الأواني، ويغسل بها الثياب وغيره مثل الصابون، لكن يذكره أهل العلم في كتبهم.

طالب: ...........

نعم أظنه نباته..

طالب: يبدو أنه ورق شجر من أوراق الشجر

 نعم ما هو بعيد من الخطم...

طلعت العلوم، أنكر قبل؛ لئلا يظن به الكبر، ثم بعد ذلك لما تحدث الشيخ، ومعروف أنه أصغر منه... الله المستعان.

" وزيد فيه الياء والنون كما زيد في عفرين، وقال قتادة: هو شر الطعام وأبشعه. وقال ابن زيد: لا يعلم ما هو ولا الزقوم. وقال في موضع آخر: ﭿ الغاشية: ٦  يجوز أن يكون الضريع من الغسلين، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: فليس له اليوم هاهنا حميم إلا من غسلين، ويكون الماء الحار، {ولا طعام} أي وليس لهم طعام ينتفعون به.   الحاقة: ٣٧  أي المذنبون، وقال ابن عباس: يعني المشركين. وقرئ الخاطيون بإبدال الهمزة ياءً، والخاطون بطرحها، وعن ابن عباس: ما الخاطون؟ كلنا نخطو، وروى عنه أبو الأسود الدؤلي.."

نعم كل بني آدم خطاء، لكن خير الخطائين التوابون، من أهل العلم من يفرق بين الخاطئ والمخطئ، الخاطئ متعمد، والمخطئ غير متعمد.

" وروى عنه أبو الأسود الدؤلي: ما الخاطون؟ إنما هم الخاطئون، ما الصابون؟ إنما هم الصابئون. ويجوز أن يراد الذين يتخطون الحق إلى الباطل، ويتعدون حدود الله -عز وجل-. قوله تعالى: الحاقة: ٣٨ - ٣٩  المعنى: أقسم بالأشياء كلها ما ترون منها وما لا ترون ولا صلة.."

يعني لن تخرج عن هذين القسمين، إما أن تكون مرئية أو غير مرئية، فيدخل فيها كل شيء، ما فيه شيء يخرج عن الإبصار وعدم الإبصار، لكن لو أقسم بما تبصرون، بقي ما لا يُبصر، ولو أقسم بما لا يُبصَر بقي ما يُبصر، فعم القسمين الحاصرين.

طالب: ...........

إذا نظرنا إلى عظمة الخالق، فالبعوضة والجمل والإبل واحد في هذا الباب، وفي البعوضة من الأسرار ما لا يوجد في الجمل، وفي الجمل من الأسرار ما لا يوجد في البعوضة.

" و(لا) صلة، وقيل: هو رد لكلام سبق، أي ليس الأمر.."

لا أقسم إنه لقول رسول كريم، هل لا، نافية للقسم، مع أنه أثبت جوابًا له؟ وفي الواقعة: فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم، هل يمكن أن تكون لا، نافية؟ مع أنه أثبت جواب القسم هنا، وأثبت القسم هناك! يقولون: لا، هذه صلة وزيادتها مع عدم احتمال الاضطراب في المعنى والشك فيه وعدم اللبس لا مانع منه، {ما منعك أن تسجد}، و{ما منعك ألا تسجد} في قراءة للحسن البصري ما جعل لا زائدة، جعل الهمزة زائدة، وجعل اللفظ فلأقسم بما تبصرون، فلأقسم بمواقع النجوم يعني تأكيد وقد تزاد الألف أو لأذبحنه ما فيه ألف زائدة؟ في المصحف ما فيه ألف زائدة؟ فيه ألف زائدة، وقد تزاد الألف في الرسم، لكنها لا تنطق، والحسن البصري يجعل هذا مثل أو لأذبحنه، ألف زائدة في الرسم، لكن القراء كلهم على خلاف قوله.

طالب: ...........

فلأقسم؟ تأكيد، نعم.

" وقيل: هو رد لكلام سبق، أي ليس الأمر كما يقوله المشركون، وقال مقاتل: سبب ذلك أن الوليد بن المغيرة قال: إن محمدًا ساحر، وقال أبو جهل: شاعر، وقال عقبة: كاهن، فقال الله- عز وجل-: فلا أقسم، أي أقسم، وقيل: لا هاهنا نفي.."

 (لا) نافية لما قاله أولئك، (لا) يعني ليس الأمر كذلك، وأؤكد هذا النفي بأقسم بما تبصرون وما لا تبصرون، فالنفي تقول (لا نافية) مسلطة على ما دار بينهم من خلاف في النبي -عليه الصلاة والسلام- من كونه ساحرًا أو شاعرًا أو مجنونًا أو كذا وكذا كل هذا لا، أقسم قد يكون في الكلام حذف وطي، ويقولون إن هذا منه.

" وقيل: لا، هاهنا نفي للقسم أي لا يحتاج في هذا إلى قسم؛ لوضوح الحق في ذلك، وعلى هذا فجوابه كجواب القسم إنه يعني القرآن لقول رسول كريم يريد.."

يعني نفى القسم؛ لأن ما سيق من أجله لا يحتاج إلى قسم، ولا يحتاج إلى استدلال، هو واضح، ما يحتاج إلى أن يؤكَّد بقسم، ولذلك متى يحتاج إلى المؤكدات التي منها القسم؟ عند وجود الشك والتردد، أما مع خلو النفس عن الشك والتردد والتكذيب، فإن الكلام يجري كما هو في سورة يس في أول الأمر قالوا إنا إليكم مرسلون ثم قالوا بعد ذلك لما وُجِد تردد: إنا إليكم لمرسلون، فالكلام الذي يواجه قلبًا خاليًّا ونفسًا ما فيها تردد لا يحتاج إلى تأكيد ولا قسم ولا لام القسم ولا لام التأكيد ولا نون التوكيد ولا شيء، لكن إذا وُجد شيء من التردد جيء بمؤكد واحد، ثم إذا زاد التردد جيء بمؤكِّد ثانٍ، وهكذا، وهذا منه على هذا القول أنه لا يحتاج إلا قسم، فنُفي القسم، طيب الجواب إنه لقول رسول كريم، يقولون جواب القسم المنفي مثل جواب القسم المثبَت.

"           الحاقة: ٤٠  يريد جبريل، قاله الحسن والكلبي ومقاتل، دليله:              التكوير: ١٩ - ٢٠  وقال الكلبي أيضًا والقُتَبي."

هنا إنه لقول رسول كريم هو المراد بما جاء في آية      التكوير: ١  التكوير هو المراد هنا وهناك؟

طالب: ...........

هناك جبريل وهنا محمد -عليه الصلاة والسلام-.

" وقال الكلبي أيضًا والقُتبي: الرسول هاهنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لقوله: {وما هو بقول شاعر} وليس القرآن قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إنما هو من قول الله -عز وجل-."

نعم إثبات أنه قول الرسول هنا وقول الرسول هناك؛ لأن الكلام يُنسب إلى من نطق به حقيقة، وإلى من قاله ابتداءً، هذا الأصل فيه، وقد يُنسب إلى من حمله عمّن قاله إلى الواسطة، لكن حقيقته ومصدره ومنه بدأ وإليه يعود، الكلام كلام الله -جل وعلا-.

" ونسب القول إلى الرسول؛ لأنه تاليه ومبلّغه والعامل به، كقولنا: هذا قول مالك. قوله تعالى:   ﭳﭴ الحاقة: ٤١  لأنه مباين لصنوف الشعر كلها، ولا بقول كاهن؛ لأنه ورد بسبِّ الشياطين وشتمهم ،فلا يَنزلون شيئًا."

فلا يُنزلون.

" فلا يُنزلون شيئًا على من يسبّهم، وما زائدة في قوله: الحاقة: ٤١ قليلاً ما تذكرون."

بعض أهل العلم يتلطف في العبارة ولا يقول زائدة، إنما يقول صلة؛ لأن القرآن مصون من الزيادة والنقصان، وهي من حيث إنها لو حذفت استقام المعنى يصح أن يقال: إنها زائدة، لكن لا شك في أن لوجودها أثرًا في الكلام والتوكيد، فليست زائدة من كل وجه، إنما يستقيم الكلام بدونها، لكن لا يكون معناه في القوة مثل معناه حال وجودها.

طالب: ...........

ﭿ الحاقة: ٤٢ قليلاً الذي تؤمنون به، قليلاً الذي تتذكرون به تصير موصولة.

طالب: ...........

نعم، لكن الموصول هل يعمل ما بعده فيما قبله؟ يعمل؟

طالب: ...........

إذا كان ما يعمل أجل كيف نصبت قليلاً وهي موصولة حائلة بين العامل والمعمول؟!

طالب: ...........

بعد؟! لا، تطول المسألة لا، ما يصلح.

" والمعنى: قليلاً تؤمنون، وقليلاً تذكرون، وذلك القليل من إيمانهم هو أنهم إذا سُئلوا: من خلقهم؟ قالوا: الله، ولا يجوز أن تكون ما مع الفعل مصدرًا وتنصب قليلاً بما بعد ما؛ لما فيه من تقديم الصلة على الموصول؛ لأن ما عمل فيه المصدر من صلة المصدر، وقرأ ابن محيصن وابن كثير وابن عامر ويعقوب: ما يؤمنون ويذّكرون بالياء، والباقون بالتاء؛ لأن الخطاب قبله وبعده، أما قبله فقوله: تبصرون، وأما بعده: فما منكم... الآية."

كله خطاب متجه للمخاطب الذي يناسب التاء تاء الخطاب.

" قوله تعالى: تنزيل أي هو تنزيل من رب العالمين، وهو عطف على قوله:               الحاقة: ٤٠ أي إنه لقول رسول كريم، وهو تنزيل من رب العالمين. قوله تعالى:         الحاقة: ٤٤ تقوّل أي تكلف وأتى بقول من قِبَل نفسه، وقرئ: ولو تُقوِّل على البناء للمفعول الحاقة: ٤٥ أي بالقوة والقدرة أي لأخذناه بالقوة."

وكأن وجه هذه القراءة: لو تُقوِّل أنه معصوم من التقوُّل على الله -جل وعلا-، لكن قراءة الجماعة تقوَّل متجهة أنها على سبيل التنزل، وأنه لو حصل كذا لكان كذا مع أنه لن يحصل.

طالب: يؤيده لأخذنا منه.

نعم المقصود أن مثل هذا ما ينكر؛ لأنه على سبيل التنزل والافتراض، وأنه لو وجد هذا لكان كذا..

طالب: ...........

نعم، المقصود أن مثل هذا ما فيه أدنى إشكال.

" وعبّر عن القوة والقدرة باليمين؛ لأن قوة كل شيء في ميامنه قاله القتبي، وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد، ومنه قول الشّمّاخ:

إذا ما راية رُفعت لمجد

 

تلقّاها عرابة باليمين

أي بالقوة، عرابة اسم رجل من الأنصار من الأوس، وقال آخر:

ولما رأيت الشمس أشرق نورها

 

تناولت منها حاجتي بيميني

وقال السدي: والحكم باليمين بالحق قال: تلقاها عرابة باليمين أي بالاستحقاق. وقال الحسن: لقطعنا يده اليمين، وقيل: المعنى لقبضنا يمينه عن التصرف، قاله نفطويه، وقال أبو جعفر الطبري: إن هذا الكلام خُرِّج مخرج الإذلال على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقَب، كما يقول السلطان لمن يريد هوانه: خذوا يديه أي لأمرنا بالأخذ بيده وبالغنا في عقابه.      الحاقة: ٤٦."

يعني لو حصل هذا، لو حرف امتناع لامتناع، تمتنع العقوبة لامتناع القول، لكن لو وجد القول لوجدت العقوبة.

" ثم لقطعنا منه الوتين يعني نياط القلب أي لأهلكناه، وهو عرق يتعلق به القلب إذا انقطع مات صاحبه، قاله ابن عباس وأكثر الناس.

إذ بلغتني وحملت رحلي

 

............................

إذا بلغتِني وحملت رحلي

 

عرابة فاشرقي بدم الوتين

وقال مجاهد: هو حبل القلب الذي في الظهر وهو النخاع، فإذا انقطع بطلت القوى ومات صاحبه، والموتون الذي قطع وتينه، وقال محمد بن كعب: إنه القلب ومراقه وما يليه."

ومراقُّه بالتشديد.

" إنه القلب ومراقُّه وما يليه، قال الكلبي: إنه عرِق بين العلباء والحلقوم، والعلباء عصب العنق وهما علياوان.."

علباوان.

" وهما علباوان بينهما ينبت العرق، وقاله عكرمة إن الوتين."

وقال.

سم.

وقال عكرمة.

" وقال عكرمة: إن الوتين إذا قطع لا إن جاع عرف ولا إن شبع عرف."

هذا إذا قدّر أنه يعيش إذا قطع منه الوتين يكون هذا وضعه، لا يعرف هل هو جائع أو شبعان، لكن هذا أيضًا يحتاج إلى دليل عليه من الواقع أو من..

" قوله تعالى:       الحاقة: ٤٧ ما نفي، و(أحد) في معنى الجمع، فلذلك نعته بالجمع، أي فما منكم قوم يحجزون عنه كقوله تعالى: ﮫﮬ البقرة: ٢٨٥  هذا جمع؛ لأن (بين) لا تقع إلا على اثنين فما زاد، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لم تحل الغنائم لأحد سود الرؤوس قبلكم» لفظه واحد، ومعناه الجمع."

 (لأحد) لفظه واحد (سود) أحد سود وصف بجمع اللفظ مفرد ومعناه الجمع.

" لفظه واحد، ومعناه الجمع، ومِن زائدة."

زيدت لتأكيد النفي.

" والحجز المنع، وحاجزين يجوز أن يكون صفة لأحد على المعنى كما ذكرنا، فيكون في موضع جر، والخبر: منكم، ويجوز أن يكون منصوبًا على أنه خبر، ومنكم ملغى، ويكون متعلقًا بحاجزين، ولا يمنع الفصل به."

يعني لا يكون خبرًا، يكون الخبر حاجزين، ومنكم: جار ومجرور متعلق به.

" ولا يمنع الفصل به من انتصاب الخبر في هذا كما لم يمتنع الفصل به في إن فيك زيدًا راغب. قوله تعالى: وإنه يعني القرآن الحاقة: ٤٨ أي للخائفين الذين يخشون الله، ونظيره: فيه هدى للمتقين على ما بيناه أوّل سورة البقرة، وقيل: المراد محمد -صلى الله عليه وسلم- أي هو تذكرة ورحمة ونجاة."

ولا شك أن التقي الصالح إذا رآه الناس تذكروا، فهو تذكرة، وخير الناس من إذا رآه الناس ذكروا الله.

" قوله تعالى:       الحاقة: ٤٩ قال الربيع: بالقرآن، وإنه لحسرة يعني التكذيب، والحسرة: الندامة، وقيل: أي وإن القرآن لحسرة على الكافرين يوم القيامة إذا رأوا ثواب من آمن به، وقيل: هي حسرتهم في الدنيا حين لم يقدروا على معارضته عند تحديهم أن يأتوا بسورة مثله."

القرآن يعني من كفر فهو في حسرة في الدنيا والآخرة، ومن أعرض عنه ولو آمن به وصدق به فهو في حسرة حينما يرى الذي يلزم القرآن ويقرأ القرآن ويهتم بالقرآن يتحسر، ومن هجره أيضًا يتحسر إذا رأى من يعتني به، وهكذا فهو حسرة على كافة المستويات، وهو على الكافرين أشد حسرة، وهذا هو الحسار الذي لا وراءه حسرة، يعني كل واحد منا إذا دخل المسجد أو أي مكان ووجد واحدًا بيده مصحف، وأنت مضى عليك وقت وأنت ما قرأت القرآن، ألا تجد في نفسك شيئًا؟ ما تجد شيئًا من الحسرة في قلبك؟ تقول: مضى علي هذا الوقت وأنا ما قرأت القرآن؟ وأما بالنسبة لحسرة الكافرين التي لا وراءها حسرة، نسأل الله العافية.

"     الحاقة: ٥١ يعني أن القرآن العظيم تنزيل من الله -عز وجل- فهو لحق اليقين، وقيل: أي حقًّا يقينًا ليكون ذلك حسرة عليه يوم القيامة، فعلى وإنه لحسرة أي لتحسُّر، فهو مصدر بمعنى التحسر، فيجوز تذكيره، وقال ابن عباس: إنما هو كقولك: لعين اليقين ومحض اليقين، ولو كان اليقين نعتًا لم يجز أن يضاف إليه، كما لا تقول: هذا رجل الظريف، وقيل: أضافه إلى نفسه؛ لاختلاف اللفظين.      الحاقة: ٥٢ أي فصلِّ لربك، قاله ابن عباس، وقيل: أي نزِّه الله عن السوء والنقائص."

لأن فيه علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين، أيها أقوى؟

طالب: ..العين ......

حق اليقين؛ لأن علم اليقين إذا بلغك عن شيء بما لا يوجد أدنى تردد هذا علم اليقين، جاءك من يخبرك جمع من الثقات أن العسل موجود في السوق، هذا لا تتردد فيه، وعندك يقين بوجوده في السوق، لكنه علم، ثم ذهبت إلى السوق فرأيته، هذا عين اليقين، ثم أخذت منه بأصبعك أو بملعقة ثم لعقته، وراء هذا شيء؟ ما وراه شيء.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"