شرح منظومة الزمزمي في علوم القرآن (05)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اجعلنا وشيخنا والحاضرين والمستمعين من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، يا وهاب يا كريم يا ذا الفضل العظيم.

قال الناظم: العقد الثاني: ما يرجع إلى السند وهي ستة أنواع، النوع الأول والثاني والثالث: المتواتر والآحاد والشاذ.

سبعة القراء ما قد نقلوا

 

فمتواتر وليس يعمل

بغيره في الحكم ما لم يجرِ

 

مجرى التفاسير وإلا فادرِ

قولين إن عارضه المرفوع

 

قدمه ذا القول هو المسموع

والثاني الآحاد كالثلاثة

 

تتبعها قراءة الصحابة

والثالث الشاذ الذي لم يشتهر

 

مما قراه التابعون واستطر

وليس يقرأ بغير الأول

 

وصحة الإسناد شرط ينجلي

له كشهرة الرجال الضبط

 

وفاق لفظ العربي والخط

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-: في العقد الثاني: وهو ما يرجع إلى السند، يقول: (وهي ستة أنواع)، (ما يرجع إلى السند وهي ستة أنواع): (هي): يعود إلى (ما)، ما يرجع إلى السند، و(هي)، يعني: ما يرجع إلى السند ستة أنواع.

الأنواع: جمع نوع، والنوع والقسم والصنف والضرب ألفاظ متقاربة، والنوع مذكر، والإخبار عن المذكر عن المؤنث: (وهي أنواع)؛ غير مرضٍ، إلا أنه باعتباره جمع تكسير فيجوز تذكيره وتأنيثه، باعتبار الجمع والجماعة.

النوع الأول والثاني والثالث من الأنواع الستة: المتواتر والآحاد والشاذ.

في تقسيم الأخبار عندهم يجعلونها قسمين: متواتر وآحاد، فالشاذ يدخلونه في الآحاد، فهو قسم من الآحاد وليس بقسيم له في الأخبار.

فالمتواتر عندهم: ما يرويه عدد أو جمع يستحيل في العادة تواطئهم على الكذب، عن مثلهم، ويسندونه إلى شيء محسوس، يكون مصدره الحس لا العقل، شيء مدرك بالحواس، إما: بالسمع، أو بالبصر، المصدر الأصلي مدرك بالحواس؛ إما أن يكون مسموعًا، أو مبصرًا، أو ملموسًا، أو مشمومًا، المهم يدرك بالحواس لا بالعقل، هذا هو المتواتر في حدهم.

والبحث في القراءات، المتواتر من القراءات عنده ما يرويه السبعة فقط، بحيث لو روى غيرهم بالجمع المذكور فإنه لا ينطبق عليه الحد، عرّف المتواتر بأنه: قراءة السبعة فقط، والتعريف بمثل هذا، التعريف بالأقسام، أو تعريف بلفظ كاشف، قال:

سبعة القراء ما قد نقلوا

 

...................................

يعني: قراءة السبعة المتواتر، أو المتواتر قراءة السبعة فقط، إذا قيل: عرف المتواتر؟ تقول: قراءة السبعة، هو يحصر المتواتر في قراءة السبعة، والحصر، التعريف بالحصر نوع معروف أو قسم معروف في الحدود عندهم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما سئل عن الإسلام والإيمان أجاب بالأركان المحصورة، التي لا يمكن الزيادة عليها.

فهذا المتواتر لو بحثت عن أسانيد هؤلاء القراء السبعة، بحثت عنهم –يعني- في المدونات، بحث عن أسماء من قرأ على هذا، ومن قرأ عليه هذا، وأردت أن تجمع عددًا يحصل به العلم الضروري القطعي قد يعوزك مثل هذا، لكن هناك تواتر غير منقول، وهو تواتر الطبقة، يعني: لا يشك أحد أنه قرأ على ابن مسعود –رضي الله عنه- جمع غفير من الناس، ومن قرأ على ابن مسعود –رضي الله عنه- قرأ عليهم جمع غفير، هكذا، يحصل العلم بقراءتهم، ولو لم تذكر أسماؤهم، تدون أسماؤهم بحيث لو بحثنا عنهم وجدناهم.

الأمة بكاملها ممن له نظر في العلم كلهم يقرؤون القرآن على شيوخهم، وشيوخهم عن شيوخهم وهكذا، فمثل هذا يسمى: تواتر الطبقة؛ كتواتر قراءة المسلمين للقرآن، جمع غفير يروونه عن، يسمعونه، أو يقرؤونه على جمع غفير وهكذا، القراء السبعة قراءتهم هي التي حصرها الناظم بالمتواتر.

 الآحاد: ما دون المتواتر، وهذا الآحاد يقسمونه إلى أقسام: مشهور وعزيز وغريب؛ تبعًا لتعدد رواته، ومن هذه الأقسام ما هو محفوظ، ومنها ما هو شاذ، فالشاذ من أقسام الآحاد، وهنا جعل الشاذ قسيمًا للمتواتر والآحاد، يعني: هل يوجد في القراءات قراءة ضعيفة؟ قراءة معلة؟ قراءة مضطربة؟ يعني: مثلما يرد في الحديث، يوجد وإلا ما يوجد؟ أو إما أن نقول: القراءة إما متواترة وهي قراءة السبعة، قراءة آحاد وهي قراءة الثلاثة، وما عدا العشرة شاذة، ماذا نقول؟

يعني: هذا اصطلاح، يعني: القراءات يمكن حصرها بالثلاث فقط دون سائر الأخبار، على هذا جرى المؤلف، ويأتي ما في كلامه.

(والسبعة القراء): وهم: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ولكل من هؤلاء السبعة راويان، فيروي عن نافع: قالون وورش، وعن ابن كثير: البزي وقنبل، وأبو عمرو البصري يروي عنه: الدوري والسوسي، وابن عامر يروي عنه: هشام وابن ذكوان، وعاصم يروي عنه: شعبة وحفص، وحمزة يروي عنه: خلف وخلاد، والكسائي يروي عنه: أبو الحارث وحفص الدوري.

الثلاثة الذين يأتي ذكرهم، من أهل العلم من يجعل قراءتهم متممة للسبعة فيجعل العشرة كلهم من المتواتر، وهم: أبو جعفر المدني، ويعقوب البصري، وخلف البزار، وأبو جعفر يروي عنه: ابن وردان وابن جماز، ويعقوب يروي عنه: رويس وروح، وخلف يروي عنه: إسحاق وإدريس.

هؤلاء القراء الذين نقلت قراءاتهم بالتواتر، وتلقيت به، وتلقوها كذلك.

والسبعة القراء ما قد نقلوا

 

فمتواتر........................

متواتر، أما بالنسبة لتلقي هذه القراءات عن الأعداد الغفيرة والجموع المتكاثرة هذا لا إشكال فيه، تلقي المقروء، لكن كيفية الأداء، ما كان من قبيل الأداء هل يكون متواترًا أو غير متواتر؟ كيفية الأداء هل هو من قبيل المتواتر أو من قبيل المسكوت عنه الذي لا يدرى؟ يعني: الأداء؛ كالمد والإمالة وغيرها، وأن هذا الحرف يمد ست حركات، وهذا أربع حركات، وهذا يمد حركتين، هذا من المتواتر أو غير المتواتر؟ نعم؟

طالب:.........

نعم، متواتر من أفواه الشيوخ، لكن عندهم مسجلات بحيث كل واحد يسمع ما قرأه الأول والآخر؟ يعني: لو قيل لواحد منا: كيف ينطق الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((سمع الله لمن حمده))، يستطيع أعلم الناس أن ينطقها كما نطقها الرسول، في الأداء؟ لا أقول: في الحروف، الحروف كلٌ ينطقها.

ترى مسألة مهمة جدًّا، الجملة: ((سمع الله لمن حمده))، و{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا...}[المجادلة:1]، لكن كيف نطقها وأداها الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ هل تجزم بأن هذا أداء الرسول؟ نقل إلينا القرآن بالتواتر، وما بين الدفتين اتفق عليه الصحابة وأجمعوا عليه إجماعًا قطعيًّا بحيث لو أنكر منه حرف واحد كفر، ولا عندنا تردد في هذا، لكن كيفية الأداء؟ بعض العلماء يستثنيه من التواتر، بدليل الاختلاف فيه، حرف يختلف قارئ عن قارئ، واحد يقول: ست حركات، واحد يقول: أربع، يعني: لو كان متواترًا -ويستحيل التواتر في مثل هذا؛ لأنه ما هناك مسجلات يتداولها الناس-، نعم، أنت تسمع صوت شيخك، وتؤدي مثلما يؤدي شيخك، لكن هل تؤديه مائة بالمائة؟ كلنا سمعنا الشيوخ الكبار والصغار، لكن هل نحن في أدائنا لقراءتنا عليهم، هل نقلدهم في كيفية الأداء؟ عامة من يبحث في علوم القرآن ومن يوجب التجويد، القراءة بالتجويد يقول: إنه متواتر؛ لفظه وأداؤه، وهكذا تلقي، كلٌّ يتلقاه عن شيخه، وشيخه عن شيخه، بل يتلقاه الطلاب -الجموع الغفيرة من الطلاب- عن الجموع الغفيرة من الشيوخ، وهكذا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى جبريل إلى رب العزة، فما يرجع إلى الأداء. نحن نجزم بأن: (من كذب) متواتر، أحد يشك في هذا؟ ما نشك في هذا، لكن كيف نطق به النبي -عليه الصلاة والسلام- الله أعلم، نطق بهذه الحروف وهي حروف عربية، وكل إنسان يستطيع النطق بها، لكن ..

طالب:.........

يعني: الرسول قرأها مرة بأربع ومرة قرأها بثلاثة؟ سندها صحيح إلى ابن مسعود، على أساس أنها قرآن رددناها، وهو يرفعه على أنه: وفي قراءة ابن مسعود كذا، هذا الثابت عنه، رددناها باعتبار أنها قراءة، نقبلها على أساس أنها تفسير، خالف الحكم الذي تضمنه هذا التفسير تفسير مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، حكم يتضمن حكمًا، حديث يتضمن حكمًا مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ماذا نقدم؟ يقول: قدم المرفوع، لماذا؟ لأن المرفوع مقبول من غير تردد، وهذه مقبولة من وجه مردودة من وجه، فما كان فيه القبول حتم، يختلف عما كان فيه القبول من وجه دون وجه، ظاهر ولا ما هو بظاهر؟

يقول: (ما لم يجر مجرى التفاسير)، يعني: فيقبل، ويعمل به على أساس أنه تفسير.

.............................

 

................. وإلا فادر

قولين إن عارضه المرفوع

 

............................

يعني: هل تقدم هذه القراءة الصحيحة الثابتة عن الصحابي؟ الصحابي ما جايب القراءة من عنده، وفي حرف ابن مسعود كذا، وقرأ علي كذا، ابن عباس قال كذا، قراءات تشتمل على زيادات خارجة عن مصحف عثمان، وهي ثابتة صحيحة إليه، وتتضمن حكمًا، ويثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بحديث منفصل عن القرآن، حديث نبوي يتضمن حكمًا يخالف ما جاء في هذه القراءة.

يقول: (قدمه): قدم المرفوع، لماذا؟ لأن قبوله مطرد، ما في أحد يرده، أما هذه القراءة فيشوش على قبولها باعتبارها تفسير ردها باعتبارها قرآن، وهي إنما سيقت على أساس أنها قراءة، فإذا رددناها من وجه بقي الوجه الثاني فيه شيء من الضعف واحتمال الرد، ظاهر وإلا مو ظاهر؟ يعني: المقبول باضطراد، مثل الذي يقبل من وجه دون وجه، يعني: من أين أتى الضعف لهذه القراءة الصحيحة بالسند الصحيح وقد يكون الإسناد هو هو؟ يعني: خبر صحيح سنده كالشمس، ما في إشكال، لكن متضمن جملتين، وكل جملة لها مدلول حكمي، لها ما يستنبط منها من حكم، فالجملة الأولى لها ما يشهد لها من أدلة أخرى، الجملة الثانية لها ما يخالفها مما هو أقوى منها، فنقبل الجملة الأولى باعتبار ما يشهد لها، ونرد الجملة الثانية باعتبار أنها مخالفة، لو جئنا متكون من جملتين؛ جملة لها معارض راجح، وجملة لا يوجد ما يشهد لها ولا ما يردها، وإيش اللي  يغلب على الظن؟ الجملة الأولى مردودة بلا شك؛ لوجود المعارض الراجح، الثانية، الجملة الثانية نقبلها وقد رددنا بعض الخبر، أما إذا كان هناك جملة لها ما يشهد لها فنقول: إن الراوي حفظ بعضًا ولم يحفظ البعض، بدليل أن هذا ووفق عليه وهذا لم يوافق عليه، لكن إذا كان هناك شيء معارض من راجح وجملة أخرى لم يوافق عليها ولم يعارض عليها، فكوننا نرد بعض الحديث ونقبل بعضه المسألة فيها ما فيها، وقل مثل هذا في القراءة المردودة، مروية على أساس أنها قراءة، فهي مردودة لمخالفة المتواتر، هي أيضًا باعتبار سندها صحيح إلى الصحابي فنحملها على أنه جاء به من تلقاء نفسه تفسير، لكن إذا عورضت هذه الجملة -التي جاء بها من تلقاء نفسه- على أنها تفسير عورضت بحديث نبوي ما فيه شوب قراءة، صحيح ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أنه حديث من قوله -عليه الصلاة والسلام-؛ ولذا يقول:

قولين إن عارضه المرفوع

 

 قدمه ذا القول هو المسموع

(والثاني): من الأنواع: (الآحاد كالثلاثة).

والثاني الآحاد كالثلاثة

 

......................................

أبو جعفر ويعقوب وخلف، هذه آحاد، وبعضهم يقول: هم تتمة السبعة، العشرة كلها متواترة.

....................................

 

تتبعها قراءة الصحابة

 يعني: ما ثبت عن الصحابة آحاد، كالقراءات الثلاث.

(تتبعها): أيش معنى تتبعها؟ يعني: أنها تتبعها في الحكم، تكون آحاد، والتعبير بقوله: (تتبعها) على ترجيح قراءة الثلاثة على ما ثبت عن الصحابة، مما لم يقرأ به العشرة؛ لأنه قال: (تتبعها)، ظاهر من اللفظ وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه يقول:

والثاني الآحاد كالثلاثة

 

...................................

أبو جعفر ويعقوب وخلف، على رأيه أن هذه آحاد ليست متواترة، ليست كالسبع، ومن أهل العلم من يرى أنها تتمة للسبعة، فالقراءات المتواترة عشر، ولكن الذي معنا يقول:

والثاني الآحاد كالثلاثة

 

..............................

مشى على أن الثلاثة آحاد وليست متواترة، مشى على هذا، ثم قال:

..............................

 

تتبعها قراءة الصحابة

 قراءة الصحابة إذا صح عن ابن مسعود وعارضه قراءة أحد الثلاثة قدمنا الثلاثة؛ لأنه يقول: (تتبعها)، وما دام قراءة الثلاثة آحاد، والمروي عن ابن مسعود –رضي الله عنه- آحاد، لماذا قدمت قراءة الثلاثة على قراءة ابن مسعود –رضي الله عنه-  مما ليس في العشرة؟ تقدم قراءة الثلاثة لأنها دائرة بين الآحاد والمتواتر؛ لأن من أهل العلم من يرى أنه متواتر، فما دامت دائرة بين المتواتر والآحاد فهي مقدمة على ما اتفق على أنه من الآحاد، ظاهر وإلا ما هو بظاهر الآن؟

(والثالث الشاذ الذي لم يشتهر)، الشاذ في عرف أهل الحديث والآثار:

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة

 

فيه الملا فالشافعي حققه

يعني: إذا تضمنت المخالفة -القراءة أو الحديث- مخالفة لمن هو أرجح وأوثق حكمنا عليها بالشذوذ، وحكمنا على الراجح بأنه هو المحفوظ، وهو يقول:

والثالث الشاذ الذي لم يشتهر

 

مما قراه التابعون....

(لم يشتهر)؛ إما لمخالفته، أو لضعف إسناده، إما لغرابته وشذوذه ومخالفته، أو لطعن في إسناده.

(مما قراه التابعون واستطر)، استطر، يعني: كتب في كتب التفاسير وفي كتب القراءات، وهذا موجود، وعند الحاكم أشياء من هذا.

(وليس يُقرأ بغير الأول)، المتواتر، وهو قراءة السبعة.

وليس يقرأ بغير الأول

 

وصحة الإسناد شرط ينجلي

هذه الشروط التي تشترط لقبول الرواية، وهي قريبة من شروط ابن الجزري وسماها أركانًا، ابن الجزري سماها أركانًا، وهنا شروط.

وليس يقرأ بغير الأول

 

وصحة الإسناد شرط ينجلي

لا بدّ أن تكون القراءة صحيحة السند.

(له كشهرة الرجال الضبط)، ولو قلنا: إنها مجرورة على تقدير حرف الجر، مع أنه إذا نزع الخافض تنصب، (كشهرة الرجال)، يعني: بالضبط، كاشتهار الرجال بالضبط، المقصود يقول: (وفاق لفظ العربي والخط)، هذه الشروط الثلاثة: صحة الإسناد، وموافقة لفظ العربية، وموافقة الخط موافقة الرسم، هذه شروط لقبول القراءة، شروط لقبولها قراءة وإلا قرآن؟

طالب: ... قرآن.

لأنه في القرآن اشترط أن يكون متواترًا، وهنا اكتفى بصحة السند، وصحيح السند يدخل فيه الآحاد، فإن قلنا: إنه يقبله على أساس أنها قرآن قلنا: اختلف كلامه الثاني مع الأول، وأما ابن الجزري فهو يقبلها قرآنًا:

فكل ما وافق وجه النحوي

 

وكان للرسم احتمالًا  أو يحوي

وصح إسنادًا هو القرآن

 

فهذه الثلاثة الأركان

وهي شروط وليست بأركان، شروط لقبول القراءة.

وحيث يختل ركن أثبت

 

شذوذه لو أنه في السبعة

فالشاذ، هو قال: الشاذ قراءة التابعي مما دون، والشاذ عند ابن الجزري: ما اختل ركن من أركانه الثلاثة.

 

أثابكم الله.

النوع الرابع: قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- الواردة عنه.

وعَـقَـدَ الحَـاكِمُ  في المُسْتَدْرَكِ

 

بَـابًا لـها ، حَيـْثُ قَرَا بِمَلِكِ

كذَا الصّـِراطُ ، رُهُنٌ ،  نُنْشـِزُ

 

كذاكَ لا تَجْزِي بِـتا يَا مُـحْرِزُ

أَيْضـًا بِفَتْـحِ يَـاءِ أَنْ يَـغُـلاَّ

 

والعَيـْنُ بِالـعَيْنِ بِرَفْعِ   الأُوْلَى

دَرَسْتَ ، تَسْتَطيعُ  ، مِنْ أَنْفَسَكُمْ

 

فـَتْحِ فَا مَـعنَاهُ مِنْ أَعْظَمِـكُمْ

أَمَامَـهُمْ قَبْـلَ مَلِـكْ صَالِـحَةِ

 

بَعـْدَ سَفـينةٍ وهَـذِيْ  شَذَّتِ

سَكْرَى  ومَا هُمُ بِسَـكْرَى أَيْضا

 

قُـرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَـمْعٍ تُمْـضَى

واتَّبـَعَتْـهُمْ بَـعْـدَ  ذُرِّيَتـِهِمْ

 

رَفـارِفَـًا عَبَـاقِـرِيَّ جَمْعُهُمْ

نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في النوع الرابع مما يرجع إلى السند، القراءات التي تلقيت بالسند، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ووردت عنه. والحاكم في المستدرك عقد لها بابًا، وذُكر في الصحيحين والسنن وسائر كتب السنة قراءات نسبت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- متفاوتة الأسانيد.

ولذا يقول: (وعقد الحاكم في المستدرك)، يعني: أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن ربيع الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك.

(بابًا لها)، يعني: القراءات الواردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

(حيث قرأ بملك)، في سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:2-4]، قرأ: {ملك يوم الدين}، الآن ونعود إلى كيفية الأداء، وأنا قرأت الثلاث الآيات من سورة الفاتحة، هل أنا آثم بقراءة هذه أو لا؟ وهل جميع القراء الذين يرتلون ويجودون، وبعضهم يتنطعون في الركعتين الأوليين من الصلاة يؤدون القراءة في الركعتين الأخيرتين كما قرؤوا في الركعتين الأوليين؟

طالب: ...

خلهم، من أشد الناس تجويدًا ولا يفوت شيء في القراءة الجهرية؛ لكن إذا قرأ في السرية يسوي مثل الركعتين؟ يأثم وإلا ما يأثم على قوله؟

المسألة يا إخوان عظيمة، السواد الأعظم من الأمة آثم على هذا.

 (ملك) قراءة من؟ قراءة أبي عمرو، وابن عامر، وحمزة، وابن كثير، ونافع، نعم، ما عدا عاصم والكسائي قرؤوا: (مالك)، والفرق بين القراءتين: "مالك" و"ملك" لكل قراءة ما يرجحها من حيث المعنى، لا نطيل بذكر الفروق والمرجحات في تفسير الفاتحة، أو التعليق على تفسير الجلالين من سورة الفاتحة مفصل هذا، قرأ بـ"ملك"، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام-.

وكذا قرأ -صلى الله عليه وسلم- (الصراط) وقراءة الجمهور، وقرئ أيضًا بالسين والزاي، كذلك (رهن) عندهم الشاطبية نصوص يستدل بها.

طالب: ... ألفية العراقي.

ما علي من ألفية العراقي، دعنا من ألفية العراقي، أنا ما أقول الدليل قول العراقي، ما يمكن أقول هذا الكلام، والدليل على ذلك قول العراقي أبدًا، لكن أهل التجويد يقولون هذا، والدليل على ذلك قول الشاطبي.

(ننشزها)، قرئت أيضًا بالراء.

(كذا لا تَجزي)، في قراءة تُجزي، (بتا يا محرز)، المحرز: الذي يأخذ الشيء لنفسه ويضمه إليه، فهو يتوسم في طالب العلم أنه يحرز العلم ويضمه إليه، وهذا هو الأصل في طالب العلم.

(أيضًا بفتح ياء أن يغلا)، يَغل ويُغِل في قراءة ثالثة؟، هاه.

طالب: ..........

الاثنين، طيب وبالفك يغلول؟

طالب: ..........

إيه، لكن المقصود الآية المدغمة هنا، ما هي بالآية المفكوكة.

(وأن يغلا، والعين بالعين)، العين بالعين: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ...}[المائدة:45]، لأن العين معطوفة على النفس، والنفس اسم أن فهو منصوب، هنا قرئ: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ متى يجوز العطف على اسم إن بالرفع؟

طالب: ..........

لا، متى يجوز تقول: إن زيدًا وعَمرًا قائمان؟، هل يجوز أن تقول: إن زيدًا وعمروٌ قائمان؟ لا يجوز بحال.

طالب: ..........

هاه؟

طالب: ..........

قائمان.

طالب: ..........

لا، لو قلت: إن زيدًا قائم وعمرو، أو وعمرًا جاز، بعد الاستكمال.

وجائز رفعك معطوفًا على

 

منصوب إن بعد أن تستكملا

يعني: إذا استكملت الخبر ما في إشكال، لكن الإشكال قبل أن تستكمل الخبر، والآن استكملت وإلا ما استكملت؟ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}؟ هاه.

طالب: ..........

وين الخبر؟

طالب: ..........

يعني النفس كائنة بالنفس، أو مجازاة بالنفس، أو مقابلة بالنفس، والعين كذلك، والعين وأما النصب فلا إشكال فيه.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك.

وجاء في القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ...}[البقرة:62]، وجاء في موضع آخر.

طالب: ..........

وايش تخرجه عليه؟

طالب: ..........

أيش تخرج عليه؟

طالب: ..........

يعني لا بدّ من تقدير.

(والعين بالعين برفع الأولى، درست).

الطالب: ..........

أيش قرئت أيش؟ دارست.

طالب: نعم.

قرئت دارست بالألف، (تستطيع ربك)، (هل تستطيع ربَك) الأصل في سورة المائدة: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ..} [المائدة:112]، قرئت: {تستطيع ربَك}، الأصل مفاد القراءة، ومعناها: أنك هل تستطيع يا عيسى أن تسأل ربك ينزل علينا مائدة من السماء، (تستطيع ربك).

(من أنفَسكم): {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ...}[التوبة:128]. هذا الأصل، هذه القراءة المعروفة، جاءت وقرئت: {من أنفَسكم}، (بفتح فا)، بفتح الفاء، معناه: من أعظمكم.

(أمامهم قبل ملك صالحة)، وكان أيش؟ في آخر الكهف، {وَكَانَ وَرَاءهُم..}[الكهف:79]. معناها: أمامهم، والوراء من الأضداد، (قبل ملك): {ملك يأخذ} أمامهم، يعني: هل قرئ أمامهم بدل وراءهم؟ لا، لكن المراد صالحة، كل سفينة صالحة.

(بعد سفينة وهذي شذت)، لماذا حكم عليها بالشذوذ؟ نعم، خالفت الرسم، فتخلف فيها شرط، نعم، صالحة هي اللي شاذة.

(سكرى) كعطشى، (سكرى وما هم بسكرى أيضًا)، يعني: في مطلع سورة الحج: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى...} [الحج:2]، قرئت: {سكرى وما هم بسكرى}.

(أيضًا قرات أعين لجمع تمضى)، أي: قرأها ممن مضى من المتقدمين بالجمع: (قرات أعين)، في سورة السجدة: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ..}[السجدة:17]، قرأها بعضهم بالجمع.

 (قرات أعين لجمع تمضى، واتبعتهم..).

طالب: ..........

قرأت  بالألف، الألف يحتملها الرسم.

طالب:..........

نعم، لكن التاء: (قرة أعين) هل كتبت بالتاء المفتوحة وإلا بالمربوطة في الأصل؟

طالب: ..........

{فلا تعلم نفس} بالآية، إيه، جاء بعض التاءات التي على صورة الهاء المضمومة هذه مربوطة: (قرة أعين)، إذًا لا يحتملها الرسم؛ لأنه لو كانت التاء هذه غير مربوطة لاحتملها الرسم؛ لأن الألف هذه سهلة، المجلس والمجالس يحتملها الرسم عندهم.

(تمضى، واتبعتهم بعد)، يعني: اللي في سورة الطور: {واتبعتهم بعد ذريتهم}، قرأ أبو عمرو: {وأتبعناهم ذرياتهم}.

(رفارفًا عباقري جمعهم)، في سورة الرحمن: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ}[الرحمن:76]. قرأه السبعة بالإفراد، وبالجمع رويت عن عثمان -رضي الله تعالى-، عنه والجحدري وابن محيصن: (رفارف وعباقري) بالجمع (جمعهم).

والسبعة القراء ما قد نقلوا

 

متواتر بغيره لا يعمل

أعني بذا في الحكم ما لم يجر

 

مجرى التفاسير وإلا فادرِ

يقول: ألا يحمل قول ابن الجزري:

الأخذ بالتجويد حتم لازم

 

من لم يجود القرآن آثم

على اللحن الجلي الذي يحيل المعنى؟

لا، هم يريدون غير هذا، والله إن كان التجويد من مقتضى القراءة المأمور بها، يعني: على الوجه المأمور به من الترتيل، فالأصل في الأمر {ورتل} أنه للوجوب، ومع ذلك جاءت القراءات على وجوه مختلفة، منها الحدر، وأهل العلم يجيزون الهذّ أيضًا، وإن اختلفوا فيه؛ ولكن: ((اقرأ وارق ورتل كما كنت تقرأ هذًّا كان أو ترتيلًا))، هذه رواها الإمام أحمد والدارمي بإسناد حسن.

طالب: ...

مثل هذا، القرآن رسمه يختلف عما اعتاده الناس، فقراءة الشخص بمفرده قد يضل بسبب هذا، لا بدّ من التلقي ...

 

*( الذي يظهر أن هناك نقص في نهاية الملف الصوتي )

"