شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (267)

 

المُقَدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 أيُّها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم" شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح". مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المُقَدِّم: لازلنا في الحديث مائة واثني عشر بحسب المختصر، مائة وسبعة وثلاثين في الأصل، حديث عبد الله بن زيد الأنصاري- رضي الله عنه-، توقفنا عند لفظة «شَكَا» من ألفاظ الحديث.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد،

في الحديث « أنَّهُ شَكَا» الضمير يعود إلى العم في السند عبد الله بن زيد، « شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- الرَّجُلَ»، وتقدم الخلاف في إعرابه، وفي لفظ: « شَكَا» هل هو بالبناء للفاعل، أو بالبناء للمفعول؟ « الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ»، «الرَّجُلَ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ» الذي وصف، للرجل، «يُخَيَّلُ إِلَيْهِ» بضم أوله وفتح المعجمة وتشديد الياء الأخيرة المفتوحة «يُخَيَّلُ»، وأصله من الخيال، والمعنى يظن، والظن هنا أعم من تساوي الاحتمالين، أو ترجيح أحدهما على ما هو أصل اللغة من أنَّ الظن خلاف اليقين، قاله الحافظ، نحن لسنا بحاجة إلى إعادة الظن والتساوي هذا انتهينا منه.

وفي المصباح: خُيِّلَ له، كذا بالبناء للمفعول من الوهم والظن، وخَيَّلَ الرجل على غيره تخييلًا، مثل لبَّسَ.

المُقَدِّم: تلبيسًا.

تلبيسًا وزنًا ومعنًا، يعني معنى خَيَّلَ لبَّسَ، تخييلًا تلبيسًا، إذا وجه الوهم إليه، والخيال كل شيء تراه كالظل، وخيال الإنسان في الماء، والمرآة صورة تمثاله، خيال الإنسان في الماء صورة تمثاله، وكذلك خياله في المرآة صورة تمثاله، وربما مرَّ بك الشيء يشبه الظل فهو خيال، وكله بالفتح، وتخيل لي خيالة، والخيال ما نُصب في الأرض ليعلم أنَّه حمىً فلا يُقرب، الخيال، يعني يوضع شيء على هيئة إنسان، يُقال له: خيال في حدود الأرض المملوكة أو المحمية، وكثيرًا ما يفعله المزارعون، يضعون خشبًا.

المُقَدِّم: نعم.

تُشبه هيئة الإنسان في الجملة، ويضعون عليها ثوبًا، يلبسونها ثوبًا.

المُقَدِّم: صحيح.

نعم؛ ليُخيَّل للناظر أنَّه رجل.

المُقَدِّم: بعضهم يسميها مخيال.

بنفس الكلام، فلا يُقرب، وفي الكرماني: الذي يُخيل صفة الرجل، وأنَّ مع الاسم والخبر مفعول ما لم يسمَّ فاعله، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ «أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ» الجملة « أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ» هذه الجملة هي مفعول ما لم يسمَّ فاعله، يعني نائب عن الفاعل، ويحتمل أن يكون الذي يُخيل مفعول « شَكَا»، شَكَا الذي يخيل، وفي بعضها شُكِيَ بصيغة المجهول، وفي بعضها بدون لفظ الذي، وأمَّا « يخيل» فهو مجهول مضارعه التخيل، ومعناه يشبه ويخايل، وفلان يمضي على المخيل، أي ما خيلت له، أي شبهت، يعني على غرور من غير يقين. يعني يتخيل الشيء حقيقة، يتخيل كل شيء يُذكر له حقيقة، فيمضي على ما خيل له، فيمشي على غرور من غير يقين، يوجد من هذا النوع، يوجد من هذا النوع من يصدق كل شيء، ألا يوجد؟

المُقَدِّم: بلى.

أليس في الرواة من يقبل التلقين، وفي الشهود من يقبل التلقين، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ، ويُلبَّس عليه ثم بعد ذلك يجزم به، فيمشي على غرور من غير يقين؛ ولذا يقول بعضهم: إنَّ بعض الناس وإن كان فيه طيبة قلب، وصلاح ظاهر، إلا أنَّه ليس عنده من الضبط والإتقان ما يعتمد على خبره، وتقبل شهادته، يُمكن أن يُقال: يحضر هذا الشخص أكثر من جلسة مع شخص يريد زجه في شهادة غير صحيحة، فيقول في الجلسة الأولى لهذا الرجل أنا اشتريت الأرض الفلانية، فيقول له: مبارك هذه أرض طيبة وموقعها جيد، ثم في الجلسة الثانية يقول: دفعنا القيمة، ولله الحمد، ثم في الجلسة الثالثة يقول له: أنا متردد هل أبنيها سكنًا، أو أبنيها مشروعًا تجاريًّا، أو أتكسب من ورائها من غير تعب، أبيعها بمكسب أو شيء من هذا، ثم في الجلسة الرابعة يتحدث عن هذه الأرض وأنَّها كذا، وأنَّها سيمت بمبلغ كذا، ثم في الجلسة الخامسة يطلب منه أن يشهد معه للإفراغ، هذا الشخص من كثرة ما سمع من هذا الرجل استقر في قرارة نفسه أنَّ الأرض، أقول هذا الشخص من طيبة قلبه وتصديقه للناس مع عدم تحليه بالضبط والحذر والإتقان الذي ينبغي أن يكون في الشاهد الذي يجب أن يكون في الشاهد، يُمكن أن يذهب فيشهد معه، وهذا موجود في الناس، موجود من هذا النوع في الناس، فهذا الذي قيل فيه: إنَّ فلانًا يمضي على المخيل، أي ما خيلت له أي شبهت يعني على غرور من غير يقين، يعني مثل هذا لا بد من التنبه له، يعني ما يكفي أن صاحب الشأن يكرر عليك الكلام حتى...

المُقَدِّم: تحفظه.

تحفظه وتصدق من كثرة ما قيل لك، « أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ» أي الحدث، خارجًا منه، وصرح به الإسماعيلي ولفظه: « يُخَيَّلُ إِلَيْهِ في صلاته» أي يخرج منه شيء، وفيه العدول عن ذكر الشيء المستقذر بخاص اسمه إلا للضرورة، قاله الحافظ.

«يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ» يعني حدث، ما يلزم أن يقول كذا وكذا، لكنَّ أبا هريرة لمَّا اضطر، قيل له: ما الحدث يا أبا هريرة؟

المُقَدِّم: الحديث قبل السابق.

نعم نعم، اضطر أن يفسر بالصريح، « فِي الصَّلاةِ»، «أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ» تمسك به بعض المالكية، أقول: تمسك بعض المالكية بظاهره فخصوا الحكم بمن كان داخل الصلاة، وأوجبوا الوضوء على من كان خارجها، يعني تمسكوا بظاهر اللفظ، ورأوا أنَّ« فِي الصَّلاةِ» لفظ مؤثر له مفهوم، ظنوا أنَّ قوله:« فِي الصَّلاةِ» في صلاته له مفهوم، فتمسكوا به وقالوا إنَّ من يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الشيء خارج الصلاة أنَّه يجب عليه أن يتوضأ.

المُقَدِّم: أن يتوضأ.

وفرقوا بالنهي عن إبطال العبادة، قالوا: الفرق بين الأمرين أنَّه مادام خارج الصلاة يلزمه الوضوء؛ لأنَّه لا يلزم على ذلك إبطال العبادة، لكن داخل الصلاة.

المُقَدِّم: يلزم إبطال العبادة.

يلزم عليه إبطال العبادة

 المُقَدِّم: لابد من يقين.

نعم، مع أنَّ النص جاء فيه الصلاة، فظنوا أنَّ له مفهومًا، قال ابن حجر: والنهي عن إبطال العبادة متوقف على صحتها، النهي عن إبطال العبادة التي تذرع به المالكية، متى نقول: إنَّ العبادة أُبطلت؟

المُقَدِّم: إذا تيقن.

إذا كانت صحيحة.

المُقَدِّم: إذا...

إذا كانت صحيحة.

المُقَدِّم: نعم.

النهي عن إبطال العبادة متوقف على صحتها، أمَّا الصلاة الباطلة، هل نقول: إنَّ إبطالها منهيٌ عنه؟

المُقَدِّم: لا.

لا، فلا معنى للتفريق بذلك؛ لأنَّ هذا التخيل إن كان ناقضًا خارج الصلاة، فينبغي أن يكون كذلك فيها، يعني داخل الصلاة كبقية النواقض، كلام ابن حجر واضح.

المُقَدِّم: صحيح.

نعم، فقال- أي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا يَنْفَتِلْ» بالفاء واللام، من الانفتال وهو الانصراف، يقال: فتله فانفتل، يعني انفتل يقال له فعل إيش؟ مطاوع، ما معنى مطاوع؟ جذبته فانجذب، فتلته فانفتل، أي صرفه فانصرف، يُقال: فتله فانفتل أي صرفه فانصرف، وهو قلب لفت، وروي مرفوعًا بأنَّه نفيٌ « لا يَنْفَتِلْ» تقول: لا، نافية، ومجزومًا بأنَّه نهي، يعني « لا يَنْفَتِلْ» قاله الكرماني.

« أَوْ لا يَنْصَرِفْ» في الحديث « لا يَنْفَتِلْ، أَوْ لا يَنْصَرِفْ» هو شك من الراوي، وكأنَّه من علي، من علي؟

المُقَدِّم: أحد الرواة.

هنا أول الرواة، حدثنا علي شيخ البخاري وهو ابن المديني، وعلي هذا المراد به شيخ المؤلف ابن المديني؛ قال ابن حجر؛ لأنَّ الرواة غيره رووه عن سفيان بلفظ «لا يَنْصَرِفْ» من غير شك، وقال الكرماني: الظاهر أنَّه- يعني الشك- من عبد الله بن زيد، ولم يبدِ...

المُقَدِّم: سببًا.

دليلًا على ذلك، وهذه عادته في التجويز العقلي، ابن حجر مرارًا يرد عليه بأنَّ الاحتمالات العقلية التي لا تستند إلى دليل لا مدخل لها في هذا الفن، يعني الظاهر أنَّه من عبد الله بن زيد، لماذا؟ ما الدليل على ذلك؟ ابن حجر لما قال من علي، كأنَّه من علي ولم يجزم بذلك، لكنه برهن على ذلك، قال لأنَّ الرواة غيره رووه عن سفيان بلفظ « لا يَنْصَرِفْ» بغير شك.

وقال العيني: قلت: ويجوز أن يكون ممن دونه، يعني ممن دون عبد الله بن زيد من الرواة، ووقع في كتاب الخطابي «وَلا يَنْصَرِفْ» بحف الهمزة، أمَّا عندنا إيش؟ «لا يَنْفَتِلْ»...

المُقَدِّم: «أَوْ لا يَنْصَرِفْ».

«أَوْ لا يَنْصَرِفْ».

المُقَدِّم: يمكن « وَلا يَنْصَرِفْ»؟

نعم، قال الخطابي، ووقع في كتاب الخطابي« وَلا يَنْصَرِفْ» بحذف الهمزة وفي رواية البخاري «لا يَنْصَرِفْ» من غير شك.

« حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا» أي من مخرجه، «أَوْ يَجِدَ رِيحًا» أو هذه للتنويع، أو للتنويع؛ لأنَّه تأتي لمعانٍ.

خير أبح قسم بأو وأبهمِ

 نعم قسِّم، التقسيم هو التنويع.

يقول الخطابي في أعلام الحديث: يريد أنَّه يمضي في صلاته ما لم يتيقن الحدث، ولم يرد بذكر هذين النوعين من الحدث تخصيصهما، وقصر الحكم عليهما حتى لا يقع نقض الطهارة بغيرهما، يعني قوله: «لا يَنْصَرِفْ حَتَّى» هل الإسلوب أسلوب حصر؟

المُقَدِّم: لا، مثال.

نعم، على سبيل التمثيل، ولم يرد بذكر هذين النوعين من الحدث تخصيصهما، وقصر الحكم عليهما حتى لا يقع نقض الطهارة بغيرهما، وإنَّما هو جواب خرج على حدود المسألة التي سأل عنها السائل، وقد دخل في معناه كل ما يخرج من السبيلين من غائط وبول ومذي وودي ودم ونحوها.

السائل سأل عن ماذا؟

المُقَدِّم: «يُخَيَّلُ إِلَيْهِ»، سأل عن الشيء الذي...

على حدود المسألة التي سأل عنها السائل.

المُقَدِّم: «يُخَيَّلُ إِلَيْهِ».

يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنَّه يجد فِي الصَّلاةِ، والغالب الذي يكون فِي الصَّلاةِ.

المُقَدِّم: الريح.

الريح، أو ما معه صوت، هذا الغالب، وأمَّا إذا خرج منه ما لم يكن مبتلى غير...

المُقَدِّم: السلسل مثلًا.

هذا ما هو تخييل، هذا في الغالب إذا لم يكن مبتلى يكون حقيقيًّا.

المُقَدِّم: نعم.

والمبتلى له حكمه كما سيأتي، وقد يخرج منه الريح، ولا يسمع لها صوتًا، ولا يجد لها ريحًا، ماذا يصنع؟ التعليق في الحديث، تعليق الحكم على وجود...

المُقَدِّم: الصوت أو الريح.

أو الريح، سمع صوت ووجود الريح، قال الخطابي: وقد يخرج من الريح، ولا يسمع لها صوتًا، ولا يجد لها ريحًا، فيكون عليه استئناف الطهارة، إذا تيقن ذلك، هو قد يكون بأذنه وقر لا يسمع معه الصوت، وقد يكون أخشم فلا يجد الريح، والمعنى إذا كان أوسع من الاسم كان الحكم للمعنى، ننتبه، والمعنى إذا كان أوسع من الاسم كان الحكم للمعنى، وقد روي عن النبي- عليه الصلاة والسلام- أنَّه قال: « إذا استهل الصبي ورث، وصلي عليه»، ولم يرد به تخصيص الاستهلال الذي هو رفع الصوت دون غيره من أمارات الحياة، من حركة، وقبض، وبسط في عضو ونحوها من الأمور التي لا تتأتى إلا من حي، يعني مما يدل على الحياة المستقرة، جاء الخبر« إذا استهل» يعني صاح، طيب غيره من العلامات مما يدل على أنَّ الحياة مستقرة؟

المُقَدِّم: تدخل فيها جزء.

تدخل بلا شك؛ لأنَّ المعنى أوسع من اللفظ، وحينئذٍ يكون الحكم للمعنى.

الحديث الذي قال فيه روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال:« إذا استهل الصبي ورث» مخرج عند الدارمي عن جابر وابن عباس، ورواه الحاكم عن جابر أيضًا، وصححه على شرط الشيخين.

يقول البغوي: معنى ذلك أنَّه لا يَنْصَرِفْ حتى يتيقن الحدث، لا أنَّ سماع الصوت، أو وجود الريح شرطٌ، يعني إذا كان أصم لا يسمع، أو أخشم لا يشم وغلب على ظنه أنَّه خرج منه شيء، وهو في الواقع يقين، يقين لكن لم يصل إلى هذا اليقين؛ لأنَّ وسيلة تحصيل هذا اليقين مفقودة عنده، هل يلزمه أن يسأل من بجاره، وإلا ماذا يصنع؟

المُقَدِّم: لا يسأل.

طيب ماذا يصنع؟ ما يسمع، أصم، والحكم في الحديث معلق على السمع، نقول: أحدث أو ما أحدث ما فيه فرق عنده؟

المُقَدِّم: السماع جزء من علامات المعرفة ليست ضرورة السماع التيقن، يتيقن أحيانًا بدون سماع.

إذا تيقن بدون سماع، لكن كيف يتيقن؟ لأنَّ الرجل يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنَّه خرج منه شيء، كيف يصل إلى التيقن؟ فهل يسأل جاره فيقول: خرج شيء أم ولا؟ شممت شيئًا أم لا؟

المُقَدِّم: لا، يكون هو أدرى بحاله.

من خلال طيلة عمره وحياته، كيف يعرف أنَّه خرج منه شيء في خارج الصلاة، فتكون هذه الوسيلة التي يعرف بها خروج هذا الأمر هي الوسيلة التي يعرف بها.

المُقَدِّم: داخل الصلاة.

يصل بها إلى اليقين داخل الصلاة.

المُقَدِّم: لكن الواضح المقصود في الحديث التضييق على مسألة أن يأتي إنسان مثل هذه الشبهات.

الوساوس نعم، الوساوس، في شرح ابن بطال يقول: على هذا جماعة العلماء، أو جماعة من العلماء، على هذا جماعة من العلماء أنَّ الشك لا يزيل اليقين، ولا حكم له، وأنَّه مُلغى مع اليقين، وقد اختلفوا في ذلك، فروى ابن القاسم عن مالك أنَّ من شك في الحدث بعد تيقن الطهارة فعليه الوضوء، لكن هل هذا يدل على الحديث، أو يخالف الحديث؟ شك في الطهارة، شك في الحدث، أنَّ من شك في الحدث بعد تيقن الطهارة فعليه الوضوء، هذا..

  المُقَدِّم: مخالف.

مخالف للحديث، وروى عنه ابن وهب، يعني عن مالك.

المُقَدِّم: لكن المالكية قبل قليل إذا كان خارج الصلاة، نعم.

يفرقون بين داخل الصلاة وخارج الصلاة، رواية ابن القاسم مطلقة، من شك في الحدث بعد تيقن الطهارة فعليه الوضوء، وروى عنه ابن وهب أنَّه قال: أحب إليَّ أن يتوضأ، وروى ابن نافع عن مالك أنَّه لا وضوء عليه، يعني كقول الجمهور، وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي: يبني على يقينه وهو على وضوء بيقين، قالوا: وكذلك يبني على الأصل حدثًا كان أو طهارة، قالوا: والأصول مبنية على اليقين كقوله- عليه السلام-: « إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أصلى ثلاثًا أو أربعًا فليبن على يقينه» وهذا الحديث في مسلم، وهو عند مالك، لكنه مرسل عند مالك، موصول عند مسلم.

وكذا لو شك هل طلَّق أم لا، لم يلزمه الطلاق؛ لأنَّه على يقين نكاحه، وكذا لو شك هل أصاب ثوبه أو بدنه نجاسة أم لا فإنَّه يبني على يقين طهارته، يبني على الأصل، والذي يرفع هذا الأصل مشكوك فيه لا حكم له، ولا اعتبار به.

الحجة لرواية ابن القاسم، رواية ابن القاسم عن مالك أنَّ من شك في الحدث بعد تيقن الطهارة فعليه الوضوء، الحجة لرواية ابن القاسم عن مالك أنَّه قال: قد تُعبِّدنا بأداء الصلاة بيقين الطهارة، فإذا طرأ الشك عليها فقد أبطلها، يعني ما عندنا يقين طهارة الآن، أبطل هذا اليقين إذا وجد الشك؛ لأنَّ من لازم الشك في النقيض الشك في نقيضه، أنت لما شككت في الحدث فيقينك في الطهارة السابقة هو على حاله؟

المُقَدِّم: لا، دخله شك.

دخله شك، نعم، يقول: والحجة لرواية ابن القاسم عن مالك أنَّه قال: قد تُعبِّدنا بأداء الصلاة بيقين الطهارة، فإذا طرأ الشك عليها فقد أبطلها، كالمتطهر إذا نام مضجعًا، فإنَّ الطهارة واجبة عليه بإجماع، وليس النوم في نفسه حدثًا، ويأتي ما في هذا الإجماع في مسألة النوم، كالمتطهر إذا نام مضجعًا، فإنَّ الطهارة واجبة عليه بإجماع، وليس النوم في نفسه حدثًا،وليس النوم في نفسه حدثًا، وإنَّما هو من أسباب الحدث الذي ربما كان وربما لم يكن، وكذلك إذا شك في الحدث فقد زال عنه يقين الطهارة، إذا شك في الحدث. يعني لو جئنا إلى حديث «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا قبل أن يُدخلها الإناء..، فلا يدخلها الإناء حتى يغسلها ثلاثًا فإنَّه لا يدري أين باتت يده» هل هناك يقين بأنَّ طهارة اليد ارتفعت؟

لا يقين؛ لأنَّه لا يدري، لكن وجب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء لمجرد هذا الشك، وهذا لو لم يكن..، لو لم يرد حديث الباب لكان قول المالكية له وجه؛ لأنَّ يقيننا بالطهارة اختل لوجود الشك، ويقول الحافظ العراقي في هذا: ما ذهب إليه مالك راجح؛ لأنَّه احتاط للصلاة وهي مقصد، وألغى الشك في السبب المُبرئ وغيره، وألغى الشك في السبب المبرئ، وغيره احتاط للطهارة وهي وسيلة، مالك احتاط للصلاة وهي مقصد، غيره احتاط للطهارة وهي وسيلة وألغى الشك بالحدث الناقض لها، والاحتياط للمقاصد أولى من الاحتياط للوسائل.

يقول ابن حجر: وجوابه أنَّ ذلك قوي من حيث النظر

 المُقَدِّم: نعم، لكن من حيث الدليل.

لكنه مغاير لمدلول الحديث؛ لأنَّه أمر بعدم الانصراف إلى أن يتحقق، يعني لولا حديث الباب لقلنا إنَّ رأي مالك راجح.

المُقَدِّم: صح.

ويأتي بقية مسائل الشك في الحدث، أو الشك في الطهارة.

المُقَدِّم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، ونفع بعلمكم، أيُّها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإيَّاكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب" التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، لقاؤنا بكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة، وأنتم على خير، شكرًا لطيب متابعتكم، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.