التعليق على تفسير القرطبي - سورة العنكبوت (03)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذه مجموعة من الأسئلة منها ما يتعلق بالسؤال عن أشخاص وهذا لا يجاب عليه، والسؤال الثاني رؤيا وكذلك أنا لا أعبر الرؤى.

السؤال الثالث يقول ما هو حكم الصلاة في الثوب الذي به نجاسة ولم يعلم بها صاحبها؟

الصلاة صحيحة، إذا لم يعلم بها فالصلاة صحيحة لأن النبي -عليه الصالة والسلام- صلى بنعليه وبهما نجاسة فلما علم بها خلعهما ولم يستأنف.

يقول غسل الأطفال هل ينقض الوضوء؟

غسل الأطفال المقصود به غسل عوراتهم وجاء الحديث «من مس ذكره فليتوضأ» وعلى هذا فلا وضوء على من يغسل وينظف الأطفال.

طالب: أحسن الله إليك، تغسيل الطفل...

الحديث «من مس ذكره».

طالب: .. من باب أولى؟

لا، ما هو من باب أولى لأن مس الذكر يثير الشهوة إذا مس ذكر نفسه أثار الشهوة مع أن الحديث المعارض من حديث طلق بن علي «إنما هو بضعة منك» هذا يدل على عدم الوضوء وشيخ الإسلام يرى أن الوضوء على سبيل الاستحباب جمعًا بين الدليلين وهذا له وجه.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

"قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37)} [العنكبوت : 36 ، 37] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} أَيْ وأرسلنا إلى مدين. وقد تقدم ذِكْرُهُمْ وَفَسَادُهُمْ فِي الْأَعْرَافِ وَهُودٍ. {وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} وَقَالَ يُونُسُ النَّحْوِيُّ: أَيِ اخْشَوُا الْآخِرَةَ."

{وإلى مدين أخاهم شعيبا} هذه القصة قصة مَدْيَن مع نبيهم شعيب تقدمت مرارًا وهي قصة أخرى غير مدين التي وردها موسى -عليه السلام- وصاحبهم غير صاحب مدين المذكور في هذه الآية عند جمهور المفسرين لأن الزمن بعيد بين مدين المذكور هنا مع نبيهم شعيب وبين مدين التي وردها موسى -عليه السلام- الزمن طويل جدا لأن هؤلاء قريبون من قوم لوط في الزمن وموسى بعيد جدا عنهم ومن يرى أن القصة واحدة وصاحب مدين هو شعيب النبي -عليه السلام- المذكور في هذه الآية والأعمار في تلك الأحقاب تحتمل الطول إلى هذا الحد لكن الأكثر على أنها قصة ثانية.

طالب: ......

مكان مدين ماء مدين معروف.

طالب:...الجمع بينهم....

المكان قد لا يختلف المكان لكن النبي يختلف.

"{وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} وَقَالَ يُونُسُ النَّحْوِيُّ: أَيِ اخْشَوُا الْآخِرَةَ الَّتِي فِيهَا الْجَزَاءُ عَلَى الْأَعْمَالِ."

فالرجاء من إيش؟ من الأضداد يُطلَق ويراد به الرجاء الذي هو الرغبة في الشيء ويُطلَق ويراد به الخشية التي هي الرغبة عن الشيء.

"{وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أَيْ لَا تَكْفُرُوا فَإِنَّهُ أَصْلُ كُلِّ فَسَادٍ. وَالْعُثُوُّ وَالْعِثِيُّ أَشَدُّ الْفَسَادِ. عَثِيَ يَعْثَى وَعَثَا يَعْثُو بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقِيلَ {وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} أَيْ صَدِّقُوا بِهِ فَإِنَّ الْقَوْمَ كانوا ينكرونه."

ولا يمنع أن يكون الرجاء على بابه يعني {وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} يعني ارجو الثواب الموجود في اليوم الآخر.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعاداً وَثَمُودَ} قَالَ الْكِسَائِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ رَاجِعٌ إِلَيَّ أَوَّلِ السُّورَةِ، أَيْ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَفَتَنَّا عَادًا وَثَمُودَ. قَالَ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يكون معطوفا على {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}."

لأنه أقرب.

"وأخذت عادا وثمودا. وزعم الزجاج: أن التقدير وأهلكنا عادا وثمودا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَاذْكُرْ عَادًا إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ هودا فكذبوه فأهلكناهم، وثمود أَيْضًا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ صَالِحًا فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِالصَّيْحَةِ كَمَا أَهْلَكْنَا عَادًا بِالرِّيحِ الْعَقِيمِ. {وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ} يَا مَعْشَرَ الْكُفَّارِ {مِنْ مَساكِنِهِمْ} بِالْحِجْرِ وَالْأَحْقَافِ آيَاتٌ فِي إِهْلَاكِهِمْ فَحذفَ فَاعِلُ التَّبَيُّنِ."

ما الذي تَبيَّن من مساكنهم؟ الآيات والعلامات الدالة على عظمة الرب وبطشه بمن خالف أمره.

"{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ} أَيْ أَعْمَالَهُمُ الْخَسِيسَةَ فَحَسِبُوهَا رَفِيعَةً. {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} أَيْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ. {وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ فِي الضَّلَالَةِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَالثَّانِي: كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ بِظُهُورِ الْبَرَاهِينِ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ فُلَانٌ مُسْتَبْصِرٌ إِذَا عَرَفَ الشَّيْءَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانُوا عُقَلَاءَ ذَوِي بَصَائِرَ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ بَصَائِرُهُمْ، وَقِيلَ: أَتَوْا مَا أَتَوْا وقد تبين لهم أن عاقبتهم العذاب."

يعني عصوا الله على بصيرة عصوا الله على بصيرة فاستحقوا العقاب لا على جهل وإن كان كل عاصٍ فهو جاهل لكن فرق بين من يعرف أن هذا محظور وهذا ممنوع وبين من لا يعرف وإن كان الكل في حيِّز الجهل.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ} قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنْ شِئْتَ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى عَادٍ، وَكَانَ فِيهِ مَا فِيهِ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ عَلَى {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}."

إذا قيل أن هذا القول فيه ما فيه هذه كناية عن ضعفه كناية عن ضعفه.

طالب: مأخوذة من شيء يا شيخ؟ فيه ما فيه هل ترمز إلى شيء معيَّن؟

يعني فيه ما فيه من الضعف هذا الأصل عندهم.

"وَإِنْ شِئْتَ كَانَ عَلَى {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} وَصَدَّ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ. وَقِيلَ: أَيْ وَأَهْلَكْنَا هَؤُلَاءِ بَعْدَ أَنْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ} عَنِ الْحَقِّ وَعَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ. {وَما كانُوا سابِقِينَ} أَيْ فَائِتِينَ. وَقِيلَ: سَابِقِينَ فِي الْكُفْرِ بَلْ قَدْ سَبَقَهُمْ لِلْكُفْرِ قُرُونٌ كَثِيرَةٌ فَأَهْلَكْنَاهُمْ. {فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ} قَالَ الْكِسَائِيُّ:" فَكُلًّا" مَنْصُوبٌ بِـ" أَخَذْنا" أَيْ أَخَذْنَا كُلًّا بِذَنْبِهِ."

منصوب بالفعل نفسه المذكور أو بفعل محذوف يفسِّره المذكور؟ {فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ} يقول هو منصوب بأخذنا فهل هو منصوب بأخذنا المذكور أو بفعل محذوف يفسِّره المذكور فأخذنا كُلًّا أخذنا.

طالب: .....الفعل .....

هذا الأصل عندهم وكثيرًا ما يقدرون مثل هذا ومنهم من يقول إننا لا نحتاج إلى تقدير وتقديم المفعول جائز لكن الذي يُشكل عليه دخول الفاء هنا يشكل عليه دخول الفاء مثل إذا، عندهم {إذا السماء انشقت} {إذا السماء انفطرت} لا بد من تقدير فعل يفسره المذكور لأن إذا ما يعمل ما بعدها فيما قبلها.

"{فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً} يَعْنِي قَوْمَ لُوطٍ. وَالْحَاصِبُ رِيحٌ يَأْتِي بِالْحَصْبَاءِ وَهِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ. وَتُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ عَذَابٍ {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} يَعْنِي ثَمُودًا وَأَهْلَ مَدْيَنَ. {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ} يَعْنِي قَارُونَ {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا} قَوْمَ نُوحٍ وَقَوْمَ فِرْعَوْنَ."

لو قال قوم نوح وفرعون وقومه لأنه أغرق معهم لأن السياق يدل على أنه نجا، اللهم إلا نجاة البدن إن كان المراد نجاة البدن فنُجِّيَ بدنه وإلا مات بالغرق.

"{وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} لِأَنَّهُ أَنْذَرَهُمْ وأمهلهم وبعث إليهم الرسل وأزاح العذر."

 طالب: يقول بعض الذي يهتمون بكتب الاستشراق.. ما ذكر إسماعيل -عليه السلام- في القصص في القرآن.. مثل ما ذكر في موسى وعيسى..

يعني ما جاء ذكره أنه نبي؟

طالب: لا، يقول ما أتانا... قصص..

{مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر : 78] ومنهم من قُصَّت أو ذُكِرَت قصته بالتفصيل ومنهم من ذكرت على سبيل الإجمال فكونها ذكرت أو ما ذكرت ليس إلينا هذا إلى الله -جل وعلا-.

طالب: لكن يا شيخ ما يرد عليهم أن يقال إسماعيل... اتبعه الناس...

لا، هذا كله إلى الله -جل وعلا- يعني ما جاءنا سمعنا وأطعنا ما لم يأتنا ما نبحث عنه والله -جل وعلا- بيَّن أن منهم من قص علينا قصته ومنهم من لم يقصص وغير إسماعيل غير إسماعيل يعني ذكر في القرآن خمسة وعشرون من الأنبياء هل كلهم ذكرت قصصهم؟ لا.

طالب: ..............

كيف؟

طالب: ... ذِكر قصص هؤلاء؟

القصص التي يُحتاج إليها وينتفع بها المسلمون تُذكَر لذا قصة موسى أطول القصص هل معنى هذا أنه أفضل من غيره؟! أفضل الأنبياء؟! لا يلزم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ} قَالَ الْأَخْفَشُ:" كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ" وَقْفٌ تَامٌّ، ثم قَصَّ قِصَّتَهَا فَقَالَ: {اتَّخَذَتْ بَيْتًا} قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ" اتَّخَذَتْ بَيْتًا" صِلَةٌ لِلْعَنْكَبُوتِ، كَأَنَّهُ قَالَ: كَمَثَلِ الَّتِي اتَّخَذَتْ بَيْتًا، فَلَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى الصِّلَةِ دُونَ الْمَوْصُولِ، وَهُوَ بمنزلة قوله:" كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً" فيحمل صِلَةٌ لِلْحِمَارِ وَلَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى الْحِمَارِ دُونَ يَحْمِلُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ."

هذه الجملة اتخذت، ويحمل، هذه جمل بعد معارف أو نكرات؟

طالب: معارف.

معارف إذًا إعرابها أحوال أو صفات؟

طالب: صفات.

لا، بعد المعارف أحول وبعد النكرات صفات لكن العنكبوت هنا والحمار هل يُقصَد به عنكبوت بعينها لتبيَّن هيئتها وحمار بعينه تُبيَّن هيئته أو المقصود جنس فهو في حكم النكرة وحينئذ يكون بحاجة إلى الوصف أكثر من حاجته إلى بيان الهيئة فهي صفات.

"قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ كَمَا أَنَّ بَيْتَ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَقِيهَا حَرًّا وَلَا بَرْدًا. وَلَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى الْعَنْكَبُوتِ، لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء، فَشُبِّهَتِ الْآلِهَةُ الَّتِي لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ بِهِ."

لأن المقصود بالتشبيه البيت المقصود بالتشبيه البيت هو المتحدَّث عنه {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت} وليس المقصود بالتشبيه العنكبوت وقد يقال أن المقصود العنكبوت مع بيتها المقصود بالتشبيه العنكبوت مع بيتها {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أهون البيوت} يعني الصورة الكاملة من العنكبوت وبيتها يشبهها من اتخذ إلهًا غير الله -جل وعلا- هو مع اتخاذه.

"{وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ} أَيْ أَضْعَف الْبُيُوتِ {لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}. قَالَ الضَّحَّاكُ: ضَرَبَ مَثَلًا لِضَعْفِ آلِهَتِهِمْ وَوَهَنِهَا فَشَبَّهَهَا بِبَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ. {لَوْ كَانُوا يعلمون} " لو" متعلقه ببيت الْعَنْكَبُوتِ. أَيْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ كَاتِّخَاذِ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ الَّتِي لَا تُغْنِي عَنْهُمْ شيئا، وأن هذا مثلهم لما عبدوها، لا أنهم يَعْلَمُونَ أَنَّ بَيْتَ الْعَنْكَبُوتِ ضَعِيفٌ."

هل يخفى عليهم أن بيت العنكبوت ضعيف؟ هل يخفى عليهم أن بيت العنكبوت ضعيف؟ يخفى على أحد؟ ما يخفى على أحد أن بيت العنكبوت ضعيف لكنه يقول وأن هذا مثلهم لمَّا عبدوها لا أنهم..

عندكم كذا؟

طالب: ..............

هم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف لكن العلم الذي لا ينفع ليس بعلم وقد يقال أنهم لا يعلمون وجه الشبه بين ضعف حجتهم وبين ضعف بيت العنكبوت ولو علموا وجه الشبه بينهما لما فعلوا لأنه لا يمكن أحد أن يستظل ببيت مثل بيت العنكبوت فكيف يتديَّن بدِيْن هو في الحقيقة كبيت العنكبوت.

طالب: ... كجهل العنكبوت ببيته..

يعني جهلهم..

طالب: كجهل العنكبوت بأنه بيته ينفعه..

حينما تبني البيت، المقصود أن وجه الشبه هنا جهلهم مثل جهل العنكبوت ولو علموا أن دينهم هم يعلمون أن بيت العنكبوت لا يقي لكنهم جهلوا أن دينهم ينفع ظنوه نافعًا كما جهلت أو ظنت العنكبوت أن بيتها يقيها لكن الفرق أن العنكبوت ليس عليها تَبِعَة ليس عليها تبعة لأنها ليست بإزاء التكليف وأما بالنسبة لهم فعليهم التبعة جاءتهم النُّذُر وقامت عليهم الحُجَج فيؤاخذون بهذا.

طالب: ................

أين؟

طالب: البيت والعنكبوت..

هو الصورة مجتمعة الصورة مجتمعة يعني كمثل العنكبوت التي اتخذت بيتًا لا يقيها لا حر ولا برد ولا مطر ولا.. كما أن هذه الديانة لا تنفع ولا تضر.

طالب: ما يقال إن الهمزة زائدة هنا لأنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف؟

 لكنها موجودة في كل النسخ وعلى كل حال يمكن توجيهها يمكن توجيهها لا أنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف هم يعلمون بالفعل لكن صنيعهم مثل صنيع العنكبوت نزلهم منزلة الجهال ببيت العنكبوت.

"وَقَالَ النُّحَاةُ: إِنَّ تَاءَ الْعَنْكَبُوتِ فِي آخِرِهَا مَزِيدَةٌ، لِأَنَّهَا تَسْقُطُ فِي التَّصْغِيرِ وَالْجَمْعِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ تَذْكِيرَهَا وَأَنْشَدَ:

عَلَى هَطَّالِهِمْ مِنْهُمْ بُيُوتٌ

 

كأن العنكبوت قد ابتناها

ويروى:

على أهطالهم مِنْهُمْ بُيُوتٌ

 

.......................................

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْهَطَّالُ: اسْمُ جَبَلٍ. وَالْعَنْكَبُوتُ الدُّوَيْبَّةُ الْمَعْرُوفَةُ الَّتِي تَنْسِجُ نَسْجًا رَقِيقًا مهلهلا بين الهواء. ويجمع عناكيب وعناكب وَعِكَابٌ وَعُكُبٌ وَأَعْكُبٌ. وَقَدْ حُكِيَ أَنَّهُ يُقَالُ عنكب وعنكباة قَالَ الشَّاعِرُ:

كَأَنَّمَا يَسْقُطُ مِنْ لُغَامِهَا

 

بَيْتُ عنكباة على زمامها

وَتُصَغَّرُ فَيُقَالُ عُنَيْكِبٌ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ أَنَّ الْعَنْكَبُوتَ شَيْطَانٌ مَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: نَسَجَتِ الْعَنْكَبُوتُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَلَى دَاوُدَ حِيْنَ كَانَ جَالُوتُ يَطْلُبُهُ، وَمَرَّةً عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلِذَلِكَ نَهَى عَنْ قَتْلِهَا، وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: طَهِّرُوا بُيُوتَكُمْ مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ فَإِنَّ تَرْكَهُ فِي الْبُيُوتِ يُورِثُ الْفَقْرَ، وَمَنْعُ الْخَمِيرِ يُورِثُ الْفَقْرَ."

ضعيف ضعيف هذا، ضعيف جدًّا.

طالب: يا شيخ يقول عن يزيد بن مرثد قال في النسخ يزيد بن ميسرة وهو تحريف.

حُكِيَ عن يزيد بن ميسرة تحريف؟

طالب: عن يزيد بن مرثد قال في الحاشية في نسخ يزيد بن ميسرة وهو تحريف.

الحين في النسخ كلها يزيد بن ميسرة ويكون تحريف؟! ما الذي اعتمد عليه في التصحيح؟ ما اعتمد على شيء في التصحيح؟

طالب: ما ذكر شيء.

ما ينفع ما ذكر شيء ما ينفع لا بد أن يستند على شيء إذا أراد أن يصحح.

طالب: .........

مقتضى كونها ممسوخة أنها مذمومة لكن هل هي فويسقة؟ تضر؟ تلسع؟ سامة؟ هل هي مؤذية أم غير مؤذية؟

طالب: تعتبر نافعة في صيد الذباب...

على كل حال على حسب ما جُبِلَت عليه إن كانت تضر وتؤذي تقتل وإلا فلا.

طالب: لكن ما ثبت شيء يا شيخ؟

لا ما يُعرف نُهيَ عن قتله ماذا قال عندك؟ خَرَّجه؟

طالب: .............

ماذا يقول نُهي عن قتلها إذا قال نُهي عن قتلها فهو مرفوع.

طالب: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره..

أيهم؟ أيهم؟

طالب: نُهِيَ عن قتلها.

ماذا يقول؟

طالب: قال أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره دون قوله ولذلك نُهِيَ عن قتلها.

هذا هذا المقصود أما كونها نسجت نسجت معروف هذا مستفيض أما الحكم الشرعي في النهي عن قتلها هذا الذي يحتاج إلى عناية.

طالب: السام منها يا شيخ؟

المؤذي يُقتَل المؤذي يُقتَل.

طالب: ألا يؤخذ يا شيخ بالنقيض لأن السام أبرص لأنه نفخ على الخليل فيقتل وهذه العكس يعني نسجت على النبي فلا تقتل.

هو الكلام على الأصل أنها ما خلقت إلا لحكمة فقتلها إلغاء لهذه الحكمة اللهم إلا إذا كانت مؤذية فكل مؤذٍ يُقتَل والفواسق تُقتل في الحل والحرم.

الثاني قال: طهروا بيوتكم...

طالب: ما خرَّجه.

نعم.

طالب: النسج أحسن الله إليك.

ماذا به؟

طالب: حديث النسج ضعفوه.

النسج لا هذا مستفيض في السِّيَر مستفيض في السِّيَر عندهم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} " مَا" بِمَعْنَى الَّذِي وَ" مِنْ" للتبعيض، ولو كانت زائدة للتوكيد لانقلب الْمَعْنَى، وَالْمَعْنَى: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ضَعْفَ مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ:" يَدْعُونَ" بِالْيَاءِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ، لِذِكْرِ الْأُمَمِ قَبْلَهَا. والْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ."

طالب: أورده وضعفه حديث العنكبوت شيطان مسخها...

ضعفه ظاهر.

"قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها} أي هذا المثل وغيره مما ذكر في" البقرة" و" الحج" وغيرهما {نضربها} نُبَيِّنُهَا لِلنَّاسِ {وَمَا يَعْقِلُهَا} أَيْ يَفْهَمُهَا {إِلَّا الْعَالِمُونَ} أَيِ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ، كَمَا رَوَى جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «الْعَالِمُ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ فَعَمِلَ بطاعته واجتنب سخطه»."

يعني ذُكِر من الأمثال في البقرة البعوضة وذُكِر في الحج الذباب وأمثال القرآن الواردة كثيرة جُمعَت في مؤلفات والعناية بها من أهم المهمات لأنه لا يعقلها إلا العالمون ما يفهمها إلا العارفون فينبغي لطالب العلم أن يُعنى بها ليدخل في هذه الزمرة ولو ضرب في جميع فنون العلم وغفل عن هذا الباب لصار في علمه خلل لصار في علمه خلل لأن هذا منصوص عليه أنه من أبواب العلم ونفيه ينتفي معه العلم يعني كمال العلم الخاص بهذا الباب، وعلى كل حال أمثال القرآن لا بد من العناية بها.

طالب: حديث جابر صحيح أحسن الله إليك؟

«العالم من عقل...» واهٍ، واهٍ جدًّا.

طالب: كتب لهذا الباب.

يوجد أمثال القرآن لابن القيم -رحمه الله- نافع جدًّا.

ماذا يقول عنه؟

طالب: قال الحديث أخرجه داود في كتاب العقل..

داود بن المُحَبَّر هذا واهي موضوع ذا معروف.

طالب: قال متروك فيما قاله الدار قطني في الضعفاء والمتروكين ونقل ابن الجوزي في الموضوعات عن الدارقطني أنه قال: كتاب العقل وضعه أربعة أولهما ميسرة بن عبد ربه ثم سرقه منه داواد بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة وسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء وركبه بأسانيد أخر ثم سرقه سليمان بن عيسى فأتى بأسانيد أخر.

طالب: ظلمات..!

نعم كله مبني على هذا وكله موضوعات ظلمات موضوعات، لكن سرقة الحديث تشبه في صورتها الاستخراج لأنه يعمد إلى كتاب كتاب العقل هذا فيذكر أحاديث بأسانيده هو ما هو أسانيد الأصل سرقة يعني ليس بصحيح يركِّب أسانيد.

طالب: النص صحيح؟

لا لا، باطل النص، لا لا، موضوع.

طالب: استخرج بأسانيده هو؟ بأسانيد موضوعة؟

بأسانيده التي يركب هو تركيب ما هو يروي بها، سرقة الأحاديث سرقة الأجزاء بهذه الكيفية. يعني حينما يقولون فلان يسرق الحديث بهذه الطريقة يأخذ الحديث الذي يرويه فلان ويركِّب له إسناد ويرويه من طريقه ويرويه من طريقه هو.

طالب: المتن حديث فلان ويركِّب له إسناد...

نعم ولو كان من أصح الأحاديث يكون مسروق الحديث ليس معنا هذا أنه يَعْمَد إلى كتاب من الكتب فيسرقه من صاحبه ويقول.. لا ليس هذا.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}"أَيْ بِالْعَدْلِ وَالْقِسْطِ. وَقِيلَ: بِكَلَامِهِ وَقُدْرَتِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً} أَيْ عَلَامَةً وَدلَالَةً {لِلْمُؤْمِنِينَ} الْمُصَدِّقِينَ. قوله تعالى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {اتْلُ} أَمْرٌ مِنَ التِّلَاوَةِ وَالدؤُوبِ عَلَيْهَا. وَقَدْ مَضَى فِي" طه" الْوَعِيدُ فِيمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا، وَفِي مُقَدَّمَةِ الْكِتَابِ الْأَمْرُ بِالْحَضِّ عَلَيْهَا. وَالْكِتَابُ يُرَادُ به القرآن."

والمراد بالكتاب كتابه التفسير مقدمة الكتاب الأمر بالحض عليها ذكر في مقدمة التفسير القراءة وآداب القراءة وما جاء فيها.

"الثانية قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ} الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُمَّتِهِ. وإقامة الصلاة أداؤها في أوقاتها بِقِرَاءَتِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَقُعُودِهَا وَتَشَهُّدِهَا وَجَمِيعِ شُرُوطِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي" الْبَقَرَةِ" فَلَا معنى للإعادة. الثالثة قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ} يُرِيدُ إن الصلاة الْخَمْسَ."

يعني جنس الصلاة.

"هِيَ الَّتِي تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهَا مِنَ الذُّنُوبِ."

يعني كما جاء في الحديث: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفرات لما بينها ما اجتنبت الكبائر».

"كَمَا قَالَ -عَلَيْهِ السَّلَام-: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شيء" قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قَالَ:" فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا» خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ فِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الصَّلَاةُ هُنَا الْقُرْآنُ."

 الحديث مُخرَّج عند.. ما هو عند مسلم؟

طالب: في الصحيحين.

في الصحيحين نعم، وتخريجه من الترمذي نزول.

"وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الصَّلَاةُ هُنَا الْقُرْآنُ. وَالْمَعْنَى: الَّذِي يُتْلَى فِي الصَّلَاةِ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وعن الزنى وَالْمَعَاصِي قُلْتُ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» يُرِيدُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْكَلْبِيُّ: الْعَبْدُ مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ لَا يَأْتِي فَحْشَاءَ وَلَا مُنْكَرًا، أَيْ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى مَا دُمْتَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذِهِ عُجْمَةٌ وَأَيْنَ هَذَا مِمَّا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ فَتًى مِنِ الْأَنْصَارِ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا يَدَعُ شَيْئًا مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالسَّرِقَةِ إِلَّا رَكِبَهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إن الصلاة ستنهاه» فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ تَابَ وَصَلُحَتْ حَالُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ؟!»."

 الحديث جاء بغير هذا اللفظ ذُكِرَ للنبي -عليه الصلاة والسلام- الرجل يصلي من الليل وإذا أصبح سرق قال «ستنهاه صلاته» ماذا يقول عندك؟ مُخَرَّج؟

طالب: قال لم نقف على من أخرجه من حديث أنس وأخرجه أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال إن فلانًا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق! قال «إنه سينهاه ما تقول».

والمراد بالصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة التي تؤدى على الوجه الشرعي وتترب عليها أثارها أما الصلاة التي لا يخرج صاحبها من أجرها إلا بالعُشر أو ما دون العُشر أو فوق العُشر المقصود أن مثل هذه الصلاة لا  تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذا نجد في واقع المسلمين من المسلمين المصلين أهل جرائم وأهل منكرات لأن صلاتهم لا تنهاهم عن الفحشاء والمنكر للخل الموجود فيها والعبادات إذا لم تُؤدَّ على الوجه الشرعي لا تترتب عليها آثارها  تجد الإنسان يصوم رمضان ثم بعد ذلك لا تتحقق العلة التي من أجلها شرع الصوم {لعلكم تتقون} ومثله يحج ولا يحج على الوجه المأمور به ولا تترتب عليه الأثر وهو رفع الإثم عنه فلا إثم عليه المقصود أن العبادات التي تترتب عليها أثار هي التي تؤدَّى على الوجه المشروع شيخ الإسلام يقول الرجل الذي يصلي صلاة لا يخرج من أجرها إلا بالعُشر إن كفرت نفسها بركة يكفي.

طالب: .. الصلاة تنهاه عن المنكر لأن المنكرات درجات.

على كل حال من الوجه المأمور به الإقبال إذا عقل منها ما عقل.

طالب: الناس متفاوتون..

هم يتفاوتون لكن مع ذلك هو يأتي من الجرائم بقدر إعراضه عن الصلاة.

طالب: بالنسبة للتخريج قال ذكره البغوي في تفسيره بقول روي عن أنس الحديث وقال الحافظ في تخريج الكشاف لم أجده انتهى وورد من حديث أبي هريرة بنحوه أخرجه أحمد والبزار وصححه ابن حبان وقواه الشيخ شعيب وأخرجه البزار عن جابر وقال الهيثمي رجاله ثقات.

حديث أبي هريرة معروف حديث أبي هريرة في المسند معروف الرجل الذي يصلي من الليل ثم يسرق بالنهار هذا معروف حديثه.

طالب: ..............

ماذا فيه؟

طالب: .... قال النبي -عليه الصلاة والسلام-..

قال «إن الصلاة ستنهاه» هو الأصل الخبر ما له أصل من الأصل من الأساس.

"وَفِي الْآيَةِ تَأْوِيلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ الْمُحَقِّقُونَ وَقَالَ بِهِ الْمَشْيَخَةُ الصُّوفِيَّةُ وَذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ، فَقِيلَ الْمُرَادُ بِـ{أَقِمِ الصَّلَاةَ}."

"والذي ارتضاه المحققون" إن كان المراد بالمحققين الذين يعتمدون على النصوص ويصدرون عنها فنعم وإلا فهذا اللفظ يستعمله كثير من الناس ويصف به من يوافقه على رأيه ويؤيد بهذه الكلمة رأيه تجده يقول قال أهل التحقيق قال المحققون هذه المسألة لا شك أنها نسبية بالنسبة إلى القائل وكلٌ على مذهبه ومشربه الأصلي والفرعي فتجد الأشعري يقول قال المحققون يعني أئمته من الأشعرية والمعتزلي كذلك والأثري كذلك والحنفي كذلك والمالكي كذلك الموافق هو المحقق عند كثير ممن يلوك هذه الكلمة وأما الصوفيون الذين ذكرهم التصوف فإن كانوا من أهل التصوف وأهل الشطحات وأهل الابتداع في الدين الذين يعبدون الله بغير ما شرع فهؤلاء لا عبرة بهم ولا يذكرون في خلاف ولا وفاق وإن كان مراده بالمشيخة الصوفية الذين هم أهل العمل الذين يزيد عندهم العمل على العلم ويقضون غالب أو جُلَّ وقتهم في العمل والعبادة والعلم عندهم علم لكنه لا يوازي عملهم فهؤلاء إن شاء الله على خير ما لم توجد المخالفات ومنهم من يعبد الله بغير ما شرع والأصل أن يكون التوازن بين العلم والعمل فما عَلِم عَمِل به وما جهله لا يبتدع في دين الله ما لم يشرعه.

"فَقِيلَ الْمُرَادُ بِـ{أَقِمِ الصَّلَاةَ} إِدَامَتُهَا وَالْقِيَامُ بِحُقوقِهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى صَاحِبَهَا وَمُمْتَثِلَهَا عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمَوْعِظَةِ. وَالصَّلَاةُ تَشْغَلُ كُلَّ بَدَنِ الْمُصَلِّي، فَإِذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي فِي مِحْرَابِهِ وَخَشَعَ وأخبت لربه وادَّكر أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ وَيَرَاهُ، صَلُحَتْ لِذَلِكَ نَفْسُهُ وَتَذَلَّلَتْ، وَخَامَرَهَا ارْتِقَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَظَهَرَتْ عَلَى جَوَارِحِهِ هَيْبَتُهَا، وَلَمْ يَكَدْ يَفْتُرُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى تُظِلَّهُ صَلَاةٌ أُخْرَى يَرْجِعُ بِهَا إِلَى أَفْضَلِ حَالَةٍ. فَهَذَا مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُؤْمِنِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. قُلْتُ: لَا سِيَّمَا وَإِنْ أَشْعَرَ نَفْسَهُ أَنَّ هَذَا رُبَّمَا يَكُونُ آخِرَ عَمَلِهِ، وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ وَأَتَمُّ فِي الْمُرَادِ."

يعني إذا كانت صلاته صلاة مودِّع إذا كانت كل صلاة يدخل فيها يظن أنه لا يعيش بعدها.

"فَإِنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ لَهُ سِنٌّ مَحْدُودٌ، وَلَا زَمَنٌ مَخْصُوصٌ، وَلَا مَرَضٌ مَعْلُومٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ ارْتَعَدَ وَاصْفَرَّ لَوْنُهُ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقَّ لِي هَذَا مَعَ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَكَيْفَ مَعَ مَلِكِ الْمُلُوكِ. فَهَذِهِ صَلَاةٌ تَنْهَى وَلَا بُدَّ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَمَنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ دَائِرَةً حَوْلَ الْإِجْزَاءِ، لَا خُشُوعَ فِيهَا وَلَا تَذَكُّرَ وَلَا فَضَائِلَ، كَصَلَاتِنَا -وَلَيْتَهَا تَجْزِي- فَتِلْكَ تَتْرُكُ صَاحِبَهَا مِنْ مَنْزِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ."

يعني لا يستفيد منها، لا يستفيد منها ولذا نَجِد المواسم تَمُرُّ بالمسلم وتَمُرُّ بطالب العلم أيضا فإذا خرجت هذه المواسم لا تجد أي فرق في الحال قبل وبعد فتجده على ما كان عليه، يمر رمضان ويقبل على الله -جل وعلا- ثم إذا خرج عادت حاله إلى ما كان عليه في شعبان وأخص من ذلك تجده يعتكف فإذا أُعلِن عن انتهاء الشهر فإذا كانت صلاته تفوته قبل الاعتكاف في الغالب أن صلاة العشاء من ليلة العيد تفوته أو يفوته شيء منها بقدر ما كان يفوته هذه العبادات تَمُرُّ وتترك الإنسان على هيئته السابقة للخلل الموجود فيها، للخلل الموجود تجده يحج ويتعب ويروح ويحرص على الحج ويتابع الحج ثم يعود كما كان للخلل الموجود في العبادة وكذلك يقول المؤلف -رحمه الله- ماذا؟ "ومن كانت صلاته دائرة حول الإجزاء" يعني يأتي بشروطها وأركانها وواجباتها غافلا عن لُبِّها "لا خشوع فيها ولا تذكُّر ولا فضائل كصلاتنا وليتها تُجزي فتلك تترك صاحبها من منزلته حيث كان" على ما كان وتجدون كثيرًا من الناس على وتيرة واحدة  منذ أن شبَّ إلى أن شاب وهو على وتيرة واحدة ما زاد لا في الخير ولا في الشر ومع ذلك يصلي الصلوات ويتصدق ويصوم النوافل ويقوم الليل ومع ذلك هو في مكانه وتجدون بعض الناس -ما شاء الله- في لحظة من اللحظات تتغير حاله إلى أحسن وتجدون العكس أيضا وكل هذا مرده إلى القلب الذي يتعامل مع الله -جل وعلا-.

"فَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ مَعَاصٍ تُبْعِدُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَرَكَتْهُ المعاصي."

تركته الصلاة.. تركته الصلاة..

"تركته الصَّلَاةُ يَتَمَادَى عَلَى بُعْدِهِ. وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَن وَالْأَعْمَش قَوْلُهُمْ: مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرُ لَمْ تَزِدْهُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا."

قوله: "قولهم" يعني موقوف عليهم وليس بمرفوع.

"وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ أَرْسَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحِ السَّنَدِ."

لأن مراسيل الحسن في غاية الضعف شبه الريح.

طالب: أرسله يقول عن النبي-صلي الله عليه سلم-..

أرسله يعني يرويه عن الحسن قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن ضعيف مراسيل الحسن أضعف المراسيل.

"قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ سَمِعْتُ أَبِي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- يَقُولُ: فَإِذَا قَرَرْنَا وَنُظِرَ مَعْنَاهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ نَفْسَ صَلَاةِ الْعَاصِي تُبْعِدُهُ مِنَ اللَّهِ حَتَّى كَأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي تَقْرِيبِهِ مِنَ اللَّهِ، بَلْ تَتْرُكُهُ عَلَى حَالِهِ وَمَعَاصِيهِ، مِنَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبُعْدِ، فَلَمْ تَزِدْهُ الصَّلَاةُ إِلَّا تَقْرِيرَ ذَلِكَ الْبُعْدِ الَّذِي كَانَ سَبِيلهُ، فَكَأَنَّهَا بَعَّدَتْهُ حِيْنَ لَمْ تَكُفَّ بُعْدَهُ عَنِ اللَّهِ. وَقِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ فُلَانًا كَثِيرُ الصَّلَاةِ فَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَنْفَعُ إِلَّا مَنْ أَطَاعَهَا. قُلْتُ: وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ بِالْحَدِيثِ: لَمْ تَزِدْهُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا وَلَمْ يَزْدَدْ بِهَا مِنَ اللَّهِ إِلَّا مَقْتًا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُرْتَكِبَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَا قَدْرَ لِصَلَاتِهِ، لِغَلَبَةِ الْمَعَاصِي عَلَى صَاحِبِهَا. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَيْ لِيَنْتَهِ الْمُصَلِّي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. وَالصَّلَاةُ بِنَفْسِهَا لَا تَنْهَى، وَلَكِنَّهَا سَبَبُ الِانْتِهَاءِ. وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ" وَقَوْلُهُ {أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً} فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ، الرابعة قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أَيْ ذِكْرُ اللَّهِ لَكُمْ بِالثَّوَابِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْكُمْ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِكُمْ لَهُ فِي عِبَادَتِكُمْ وَصَلاتِكُمْ."

وصلواتكم.

" أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِكُمْ لَهُ فِي عِبَادَتِكُمْ وصلواتكم قَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو قُرَّةَ وَسَلْمَانُ وَالْحَسَنُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ. وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْن عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ في قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} قَالَ «ذِكْرُ اللَّهِ إِيَّاكُمْ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِكُمْ إِيَّاهُ» وَقِيلَ: ذِكْرُكُمُ اللَّهَ فِي صَلَاتِكُمْ وَفِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أفضل من كل شيء، وَقِيلَ: الْمَعْنَى، إِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ أَكْبَرُ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْفَحْشَاءِ والمنكر."

 وقال الضحاك: ولذكر الله عندما يُحْرِّمُ فَيَتْرُكُ."

عندما..

طالب: يُحرِم أو يَحرُم؟

طالب: عندما يَحْرُم.

نعم مكتوب يَحْرُم لكن المقصود يُحرِم بالصلاة أو يُحْرِم..

طالب: عندما يَحْرُم فيُترَك..

طالب: عندما يحرم الشيء، يحرم..

طالب: مضبوطة يُحْرِم.

واضحة يُحْرِم يعني يدخل في العبادة أو في الصلاة أو في الذكر ظاهر ووقوفه عند المحرمات أيضا عظيم.

طالب: عندما يَحرُم...

نعم الوقوف عند المحرمات يعني ذكر الله عند الوقوف عند المحرمات من أجل الله.

"وقال الضحاك: ولذكر الله عند ما يَحْرُمُ فَيَتْرُكُ أَجَلَّ الذِّكْرِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَذِكْرُ اللَّهِ لِلنَّهْيِ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ أَكْبَرُ أَيْ كبير، وأكبر يَكُونُ بِمَعْنَى كَبِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَقَتَادَةُ: ولذكر الله أكبر من كل شيء أَيْ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا بِغَيْرِ ذِكْرٍ. وَقِيلَ: ذِكْرُ اللَّهِ يَمْنَعُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّ مَنْ كَانَ ذَاكِرًا لَهُ لَا يُخَالِفُهُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَعِنْدِي أَنَّ الْمَعْنَى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَيْ هُوَ الَّذِي يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، فَالْجُزْءُ الَّذِي مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الِانْتِهَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ذَاكِرٍ اللَّهَ مُرَاقِبٍ لَهُ. وَثَوَابُ
ذَلِكَ أَنْ يَذْكُرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا فِي الْحَدِيثِ «مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» وَالْحَرَكَاتُ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي نَهْيٍ، وَالذِّكْرُ النَّافِعُ هُوَ مَعَ الْعِلْمِ وَإِقْبَالِ الْقَلْبِ وَتَفَرُّغِهُ إِلَّا مِنَ اللَّهِ. وَأَمَّا مَا لَا يَتَجَاوَزُ اللِّسَانَ فَفِي رُتْبَةٍ أُخْرَى."

يعني هل يلزم من الأذكار التي ورد عليها ورُتِّب عليها الأجور هل من شرطها أن يتواطأ القلب مع اللسان؟ أو يكفي مجرد الذكر الذي يتحقق به الشرط؟ من قال كذا والقول يحصل بمجرد اللفظ من أهل العلم من يري أن الذكر إذا لم يتواطأ القلب مع اللسان أنه لا قيمة له وأنه عبث ومنهم من يقول أن الأجور رُتبت على القول فلا يلزم من ذلك تواطؤ القلب مع اللسان وإذا تواطأ القلب مع اللسان فهو بمنزلة ذكر القلب وذكر اللسان ففيه مزيد الأجر فيه مزيد الأجر وبعض الناس يجعل بعض الأذكار التي تطول يجعلها في الأوقات التي يقضي بها غرضًا من أغراضه لأن الوقت في تقديره ضايع ولا يَعمُد إلى وقت مناسب لهذه الأذكار بحيث يستحضر بها القلب ويتواطأ مع اللسان ويهتم بالذكر لأنه ذكر أعظم مذكور فينبغي أن يُحتاط له ويهتم به يعني يلاحَظ بعض الناس أن الذكر لا يوليه عناية بل يجعله في وقت من الأوقات الضائعة عنده نعم ينبغي أن يكون اللسان رطب بذكر الله -جل وعلا- باستمرار وأن يكون المسلم لاسيما طالب العلم ديدنه الذكر وألا يفتر من ذكر الله -جل وعلا- قياما وقعودا وعلى جنبه كما قال الله -جل وعلا- عن أولي الألباب لكن الأذكار التي رُتِّبَت في أوقات معيَّنة لا بد أن يُهتم بها ويُعتنَى بها لتترتب عليها آثارها فتجد الإنسان في أذكار النوم لا يهتم لأذكار النوم تجده على أي حال يقولها وهو يلهج بذكر الله -جل وعلا- الذي هو أعظم مذكور والله -جل وعلا- يقول: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» وقد جاء في حديث السبعة «ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» مَن ذَكَر في ملأ ذُكِر في ملأ كما جاء في الحديث ولا شك أن الذكر في السِّر أفضل من الذكر في العلانية ما لم يترتب عليه قدر زائد على مجرد الذكر كالاقتداء مثلا لأن بعض الناس وإن كان من أهل العلم لا يُعرَف من حاله شيء كل أموره في السر فكيف يقتدي به العامة كيف يتعلم العامة من عمله ويقتدون به فمثل هذا لو جهر في بعض الأمور وعمل بعض الأعمال جهرا ورآه الناس واقتدوا به له مثل أجورهم الآن لو قيل لشخص من الأشخاص أننا في مجلس عند الملك البارحة أو الوزير الفلاني أو الأمير الفلاني فأثنى عليك خير يمكن والله أعلم ما يجيه النوم الليلة هذه يمكن ما يجيه النوم؟ طيب ومن الذي أثنى عليه؟ أثنى عليه احتمال أن يكون سمع كلامًا عنه وهو ليس بصحيح أيضًا فيكون ليس لثنائه موقع ويبخل على نفسه بأن يذكر الله -جل وعلا- فيذكره الله سواء كان في نفسه أو في ملأ خير من الملأ الذين ذكرهم فيه -والله المستعان- هذا تفريط «سبق المفردون الذاكرون الله كثيرا والذاكرات» وجاء في فضل الذكر وفوائد الذكر ما يحسن أن يطالَع عليه الوابل الصيب لابن القيم-رحمه الله-.

طالب: حديث: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» يظهر منه أن الذكر في الملأ أفضل من الذكر في النفس؟

لا، على حسب ما يترتب عليه لأنه قد يعتريه الذكر في الملأ قد يعتريه ما يعتريه من رياء فالأصل السر لكن إن ترتب على الذكر في الملأ الاقتداء هذا له أجر زائد قدر زائد.

"وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ هُوَ إِفَاضَةُ الْهُدَى وَنُورِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ ثَمَرَةٌ لِذِكْرِ الْعَبْدِ رَبَّهُ."

 لا، هذا تأويل ذكر الله تعالى للعبد هو إفاضة الهدى ونور العلم عليه لا يلزم هذا قد يكون من لازم ذكر الله -جل وعلا- للإنسان في نفسه أو في الملأ فالذكر أصله القول بالكلام سواء كان القول سرًّا أو جهرًا وهذا تابع لمسألة الكلام والله -جل وعلا- موصوف بالكلام حقيقة فهو يتكلم، تكلم في الأزل ويتكلم متى شاء إذا شاء كيف شاء -جل وعلا-.

"قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} وَبَاقِي الْآيَةِ ضَرْبٌ مِنَ الْوَعِيدِ وَالْحَثِّ على المراقبة."

يعني باقي الآية هو قوله {ويعلم ما تصفون} يعني حث على المراقبة لا تظن أنك تغفل تغيب عن الله –جل وعلا-.

طالب: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فيه فليراجع صلاته فإن في صلاته نظر.

لا، هذا كلام فقهاء هذا.

طالب: لكن معناه يا شيخ.

معناه قد يكون المعنى صحيح، نعم معناه صحيح ما فيه إشكال.

"قوله تعالى: {وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ} فَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ مُحْكَمَةٌ فَيَجُوزُ مُجَادَلَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ لَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالتَّنْبِيهِ عَلَى حُجَجِهِ وَآيَاتِهِ، رَجَاءَ إِجَابَتِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ، لَا عَلَى طَرِيقة الْإِغْلَاظِ وَالْمُخَاشَنَةِ. وَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}."

يعني الدعوة إنما تكون بالإسلوب المناسب الذي يحقق المصلحة ولا يترتب عليه مفسدة إلا الذي ظلموا منهم الذي يظلم ويتجاوز يُردَع.

"وَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} مَعْنَاهُ ظَلَمُوكُمْ، وَإِلَّا فَكُلُّهُمْ ظَلَمَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا تُجَادِلُوا مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُؤْمِنِينَ كَعَبْدِ اللَّهِ بن سَلَامٍ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ. {إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أَيْ بِالْمُوَافَقَةِ فِيمَا حَدَّثُوكُمْ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ أَوَائِلِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ."

الموافقة فيما يوافق شرعنا يعني ما لم يأتِ شرعنا بخلافه.

"وَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} يُرِيدُ بِهِ مَنْ بَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ مِنْهُمْ، كَمَنْ كَفَرَ وَغَدَرَ مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْآيَةُ عَلَى هَذَا أَيْضًا مُحْكَمَةٌ. وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ قَوْلهُ تَعَالَى: {قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} قال قَتَادَةُ."

ولا تنافي بين الأمر بالقتال والأمر بالجدال والمجادلة والدعوة بالتي هي أحسن فالدعوة تسبق الجهاد إذا دُعُوا ولم يستجيبوا وطلب منهم الجزية ولم يدفعوها يقاتَلون.

"{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} أَيْ جَعَلُوا لِلَّهِ وَلَدًا، وَقَالُوا: { يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وَ{ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} فَهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ نَصَبُوا الْحَرْبَ وَلَمْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ فَانْتَصرُوا مِنْهُم، قَالَ النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ: مَنْ قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ احْتَجَّ بِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قِتَالٌ مَفْرُوضٌ، وَلَا طَلَبَ جِزْيَةٍ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ حَسَنٌ، لِأَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُقَالُ فِيهَا إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ إِلَّا بِخَبَرٍ يَقْطَعُ الْعُذْرَ، أَوْ حُجَّة مِنْ معقول. واختار هذا القول ابن العربي."

نعم إنما يُلجأ إلى القول بالنسخ إذا وجد المعارض الذي لا يمكن دفعه وعُرِف التاريخ وهنا يمكن التوفيق بين الآية الموجودة آية المجادلة وآية السيف.

"وَقَوْلُهُ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} مَعْنَاهُ إِلَّا الَّذِينَ نَصَبُوا لِلْمُؤْمِنِينَ الْحَرْبَ فَجِدَالُهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُؤْمِنُوا، أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ، لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ» {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}."

الذي أنزل إليهم لا يدخل فيه المحرف والذي أنزل إلينا القرآن والذي أنزل إليهم من التوراة والإنجيل غير المحرف لأن المحرف لم يُنزَل إليهم.

"وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الكتاب عن شيء فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ وَإِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ»."

من رواه؟ من رواه؟

طالب: قال أخرجه عبد الرزاق في مصنفه والطبري من طريق حريث بن ظهير عن عبد الله بن مسعود موقوفًا وحريث بن ظهير مجهول قلنا وقد روي مرفوعا كما في مسند أحمد من حديث جابر بن عبد الله وفي إسناده مجالد بن سعيد الهمداني وهو ضعيف.

نعم المرفوع ضعيف.

"وَفِي الْبُخَارِيِّ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ."

الكلام في كعب الأحبار عند أهل العلم معروف لكن المتجه أنه مقبول يعني ما فيه إن شاء الله إشكال من حيث الجملة وأما كونهم يبلون عليه الكذب أنه قد يُخطئ والخطأ في لغة قريش يُطلق عليه الكذب.

"قوله تعالى: {وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ} فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ} الضَّمِيرُ فِي "قَبْلِهِ" عَائِدٌ إِلَى الْكِتَابِ وَهُوَ الْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَيْ وَمَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ تَقْرَأُ قَبْلَهُ، وَلَا تَخْتَلِفُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، بَلْ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ فِي غَايَةِ الْإِعْجَازِ وَالتَّضْمِينِ لِلْغُيُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يَقْرَأُ كِتَابًا، وَيَخُطُّ حُرُوفًا {لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ} أَيْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ لَهُمْ فِي ارْتِيَابِهِمْ مُتَعَلَّقٌ، وَقَالُوا الَّذِي نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا أَنَّهُ أُمِّيٌّ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ وَلَيْسَ بِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَجِدُونَ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَخُطُّ وَلَا يَقْرَأُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ النَّحَّاسُ: دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّتِهِ لِقُرَيْشٍ، لِأَنَّهُ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ وَلَا يُخَالِطُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَهْلُ الْكِتَابِ فَجَاءَهُمْ بِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ وَزَالَتِ الرِّيبَةُ والشك.

الثَّانِيَةُ ذَكَرَ النَّقَّاشُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَا مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَتَبَ. وَأَسْنَدَ أيضا حديث أبي كشة السَّلُولِيِّ، مُضْمَنُهُ: أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ صَحِيفَةً لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَأَخْبَرَ بِمَعْنَاهَا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا كُلُّهُ ضَعِيفٌ، وَقَوْلُ الْبَاجِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْهُ."

الباجي معتمِد على هذا الخبر وأثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يكتب ويقرأ يعني في آخر عمره كان يكتب ورد عليه أهل العلم وشنَّعوا عليه وشدَّدوا في المسألة والقول لا شك أنه باطل، والخبر الذي ذكر ما مات النبي –عليه الصلاة والسلام-حتى كَتَب ماذا قال عنه عندك؟

طالب: هذا الحديث منقطع وفي رواية جماعة من الضعفاء والمجهولين.

نعم في غاية الضعف ولا يثبت فيبقي وصف النبي-عليه الصلاة والسلام- وصف الله -جل وعلا- أنه أمي ووصف النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أمته أنها أمة أمية لا نقرأ ولا نحسب.

"قُلْتُ: وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ: «اكْتُبِ الشَّرْطَ بَيْنَنَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ تَابَعْنَاكَ -وَفِي رِوَايَةٍ بَايَعْنَاكَ- وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَمَرَ عليا أن يمحوها، فقال علي: والله لا أمحاه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَرِنِي مَكَانَهَا» فَأَرَاهُ فَمَحَاهَا وَكَتَبَ ابْنُ عَبْدِ الله، قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَحَا تِلْكَ الْكَلِمَةَ الَّتِي هِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، وَكَتَبَ مَكَانَهَا ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِأَظْهَرَ مِنْ هَذَا. فَقَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكُتَّابَ فَكَتَبَ، وَزَادَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى: وَلَا يُحْسِنُ أَنْ يَكْتُبَ. فَقَالَ جَمَاعَةٌ: بِجَوَازِ هَذَا الظَّاهِرِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَتَبَ بِيَدِهِ، مِنْهُمِ السمنَانِيُّ وَأَبُو ذَرٍّ وَالْبَاجِيُّ، وَرَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي كَوْنِهِ أُمِّيًّا، وَلَا مُعَارضَ بِقَوْلِهِ.."

يعني أن كتابة كلمة أو شبهها لا تخرج الإنسان عن كونه أمي وأوضح من هذا أن يقال إنه أمر بالكتابة -عليه الصلاة والسلام- أمر بها والآمر بالشيء هو كأنه فاعل له كما يقال فعل الأمير وقد أمر بذلك.

طالب: قال في التخريج عن الشعبي أنه قال... في مثل هذه المواطن قال ابن كثير-رحمه الله-في تفسيره هذا ضعيف لا أصل له وما زعمه الباجي أنه كتب يوم الحديبية غير صحيح بل هو مخرج أنه أمر رجلا فكتب وإنما أراد الباجي فيما يظهر عنه أنه كتب ذلك على وجه المعجزة لا أنه يحسن الكتابة.

على كل حال الكتابة منفية عنه بالدليل القطعي وما ورد مما يُشعِر بها محمول على أنه أمر بها.

"وَلَا مُعَارضَ بِقَوْلِهِ: {وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} وَلَا بِقَوْلِهِ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ» بَلْ رَأَوْهُ زِيَادَةً فِي مُعْجِزَاتِهِ، وَاسْتِظْهَارًا عَلَى صِدْقِهِ وَصِحَّةِ رِسَالَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَتَبَ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ لِكِتَابَةٍ، وَلَا تَعَاطٍ لِأَسْبَابِهَا، وَإِنَّمَا أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِهِ وَقَلَمِهِ حَرَكَاتٍ كَانَتْ عَنْهَا خُطُوطٌ مَفْهُومُهَا ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِمَنْ قَرَأَهَا، فَكَانَ ذَلِكَ خَارِقًا لِلْعَادَةِ، كَمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ وَلَا اكْتِسَابٍ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي مُعْجِزَاتِهِ، وَأَعْظَمَ فِي فضائله. لا يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الْأُمِّيِّ بِذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّاوِي عَنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: وَلَا يُحْسِنُ أَنْ يَكْتُبَ. فَبَقِيَ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُمِّيِّ مَعَ كَوْنِهِ قَالَ كَتَبَ. قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ.."

القرطبي صاحب المفهم.

"وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا كَثِيرٌ من مُتَفَقِّهَةِ الْأَنْدَلُسِ وَغَيْرِهِمْ وَشَدَّدُوا النَّكِيرَ فِيهِ، وَنَسَبُوا قَائِلَهُ إِلَى الْكُفْرِ."

نسب قائله إلى الكفر لمخالفته للدليل القطعي والله يقول: {ولا تخطه بيمينك} وهم يقولون كتب فهذه معارضة للنص القطعي ومن قال بذلك له تأويله وله دليله مما جاء في الصحيح أنه كتب ابن عبد الله وهذه من باب المعجزة ولا يخرجه عن كونه أميًّا أن يكتب كلمة واحدة لا يخرجه عن كونه أميًّا لا يخرجه عن هذا الوصف وتخريجه على أنه أمر بالكتابة أظهر.

"وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ، وَعَدَمِ التَّوَقُّفِ فِي تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَتَفَطَّنُوا، لِأَنَّ تَكْفِيرَ الْمُسْلِمِ كَقَتْلِهِ عَلَى مَا جَاءَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ، لَا سِيَّمَا رَمْيُ مَنْ شَهِدَ لَهُ أَهْلُ الْعَصْرِ بِالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالْإِمَامَةِ، عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً، بَلْ مُسْتَنَدُهَا ظَوَاهِرُ أَخْبَارِ آحَادٍ صَحِيحَةٍ، غَيْرَ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يُحِيلُهَا. وَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ قَاطِعٌ يُحِيلُ وُقُوعَهَا."

طالب: ماذا يقصد بقوله العلوم النظرية؟

وذلك دليل على عدم العلوم النظرية الناتجة عن نظر وتفكر وتأمل.

"قُلْتُ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ هِيَ آيَةٌ خَارِقَةٌ، فَيُقَالُ لَهُ: كَانَتْ تَكُونُ آيَةً لَا تُنْكَرُ لَوْلَا أَنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِآيَةٍ أُخْرَى وَهِيَ كَوْنُهُ أُمِّيًّا لَا يَكْتُبُ، وَبِكَوْنِهِ أُمِّيًّا فِي أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ قَامَتِ الْحُجَّةُ، وَأُفْحِمَ الْجَاحِدُونَ، وَانْحَسَمَتِ الشُّبْهَةُ، فَكَيْفَ يُطْلِقُ اللَّهُ تَعَالَى يَدَهُ فَيَكْتُبُ وَتَكُونُ آيَةً، وَإِنَّمَا الْآيَةُ أَلَّا يَكْتُبَ، وَالْمُعْجِزَاتُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَدْفَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَإِنَّمَا مَعْنَى كَتَبَ وَأَخَذَ الْقَلَمَ، أَيْ أَمَرَ مَنْ يَكْتُبُ بِهِ مِنْ كُتَّابِهِ، وَكَانَ مِنْ كَتَبَةِ الْوَحْيِ بَيْنَ يَدَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ كَاتِبًا. الثَّالِثَةُ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: «أَلْقِ الدَّوَاةَ وَحَرِّفِ الْقَلَمَ وَأَقِمِ الْبَاءَ وَفَرِّقِ السِّينَ وَلَا تُعَوِّرِ الْمِيمَ وَحَسِّنِ اللَّهَ وَمُدَّ الرَّحْمَنَ وَجَوِّدِ الرَّحِيمَ» قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا وَإِنْ لَمْ تَصِحِّ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرْزَقَ عِلْم هَذَا، وَيُمْنَعَ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ."

مُخَرَّج هذا؟

طالب: .............

واضح واضح الذي ما يعرف الكتابة كيف يوصي بهذه الدقائق الذي لا يعرفها إلا المهَرة من الكُتَّاب.

"قُلْتُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبَابِ أَنَّهُ مَا كَتَبَ وَلَا حَرْفًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا أَمَرَ مَنْ يَكْتُبُ، وَكَذَلِكَ مَا قَرَأَ وَلَا تَهَجَّى. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ تَهَجَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فقال: «مكتوب بين عينيه ك ا ف ر» وَقُلْتُمْ إِنَّ الْمُعْجِزَةَ قَائِمَةٌ فِي كَوْنِهِ أمِّيًّا، قال الله تعالى: {وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ} الْآيَةَ وَقَالَ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ» فَكَيْفَ هَذَا؟ فَالْجَوَابُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَالْحَدِيثُ كَالْقُرْآنِ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا. فَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ «يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ» فَقَدْ نَصَّ في ذلك على غير الكُتَّاب مِمَّنْ يَكُونُ أُمِّيًّا. وَهَذَا مِنْ أَوْضَحِ مَا يكون جليًّا."

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلم...

"